رواية عشق الجمال الفصل الثالث3والرابع4 بقلم نورا عبد العزيز

رواية عشق الجمال الفصل الثالث3والرابع4 بقلم نورا عبد العزيز


ظلت "مريم" تحدق بوجه "ورد" التى تقف خارج سيارتها وتريد التحدث 
إليها بإصرار، تنحنحت بخفوت ثم ترجلت من السيارة بضيق وما زالت غاضبة مما حدث ولا ترغب بالتحدث إلى هؤلاء، تبسمت "ورد" بعفوية وقالت بلطف:-
-ممكن أتكلم مع حضرتك شوية!!

تأففت "مريم" بأختناق مُتذمرة بحيرتها لا تعلم ماذا تفعل؟ خصيصًا أن جمال بالداخل الآن ويتحدث بما حدث، هدأت "مريم" قليلًا ثم قالت بزمجرة:-
-أتفضلي

أخذتها "ورد" إلى أقرب مطعم وجلسوا هناك فتبسمت "ورد" بحماس وقالت:-
-أسمحي لي أقولك يا مريم كدة من غير ألقاب، لأنك صغيرة جدًا على الألقاب بس دا ميمنعش أنك جميلة

رفعت "مريم" حاجبها بفضول من هذه الفتاة العفوية وحديثها الجميلة، قالت بجدية:-
-هههه أنتِ بكاشة أوي على فكرة، قولي يا مريم مش مهم أنا مبهتمش بالألقاب أصلًا ... أتفضلي أنا سامعكي

ضحكت "ورد" بتلقائية على حديثها وقالت:-
-بصراحة أنتوا الاتنين مفيش منكم، عملتوا من مشكلة صغيرة حاجة كبيرة وكارثة أقتصادية فى البلد، لا جوازك هيعدي اللى حصل وبصراحة أكبر ولا تيام هيتنازل ويعدي اللى حصل، يعنى قصدي كل واحد فيهم عنده مكانته ووضعه

أومأت "مريم" بالإيجاب موافقة على حديث "ورد" ثم قالت:-
-عندك حق، جمال مستحيل يعدي اللى حصل بدليل أني طلبت منه نمشي وخلاص لكن هو قرر أن لازم يأخد موقف والله يستر من الموقف اللى ممكن يأخده جمال، أخر مرة أشتكيلته من المدرسة أشتراها عشاني ولما حصلي مشكلة فى القناة وأتوقف البرنامج بتاعي قرر يعملي قناة فضائية ليا وبأسمي.. الله يستر وميشترتش المكان دا بالأجبار... وبصراحة أنا كمريم مراته بخاف من وشه التاني وبس يقول يا عاشور معناه أن فى كارثة جاية

أبتلعت "ورد" ريقها بصعوبة من تخيل الموقف ورد فعل "جمال" الآن، تمتمت بلطف:-
-طب يعنى دا معناه أن كلامي صح، أنا مبقولش أنك تعدي اللى حصل بس على الأقل خليها بينا إحنا كستات زى بعض، ليه ندخل الرجالة فى الموضوع، مسك طيبة والله هى بس أتربت على حياة الجيش والقوة والقتال يعنى مش أكتر

أومأت "مريم" إليها بنعم مُحاولة فهم طريقة "مسك"، قالت بلطف:-
-حصل خير، أنا هعدي الموقف بس لأنها حامل وأكيد عصبيتها من الحمل، عن أذنك

وقفت "مريم" من مقعدها وسارت نحو باب المطعم لكنها شعرت بدوران فى رأسها فتوقفت قدميها عن السير ورفعت يدها اليمنى إلى جبينها بتعب وعيني المشوشة تنظر فى ساعة معصمها وكانت تطلق إنذار وضوء أحمر ينذر بأنخفاض ضربات القلب وضغط الدم وقبل أن تدرك الأمر أو تفعل شيء فقدت على الأرض فاقدة للوعي، ألتفت "ورد" على صوت صراخ الجميع وصُدمت عندما رأت "مريم" على الأرض...

______________________ 

تحدث "جمال" بنبرة هادئة مُخيفة وقال:-
-وبالطريقة دى بتعاملوا نزلاء الفندق، ليكون فى علمك أنا مستحيل أتهون فى حق مريم وأهانتها

تحدث "جابر" بنبرة لطيفة قبل أن يغضب "جمال" أكثر قائلًا:-
-مستحيل نكون قصدنا الإهانة الفكرة كلها أن دكتورة مسك أتفزعت من الفرسة، الموضوع بسيط
ردت "مسك" بنبرة قوية دون أن تخشي هذا الرجل قائلة:-
-هى اللى غلطت، أنا كنت بشوف الحصان ومعرفش أنه بتاعها وهجم عليا وفوقها كمان جت المدام وقالت أن همجية وبطلجية

حد "جمال" من عينيه بسخرية من هذه المرأة التى تتعال عليه فى الحديث وقال بغضب مكبوح وهو يكز على أسنانه:-
-وهو طبيعي أن لما حضرتك تتناقشي مع حد تقرري تضربيه

نظر "تيام" إلى "مسك" لطالما أخبرها أن تستعمل لسانها والحديث فى التعبير عن غضبها قبل تستعمل يدها وقبضتها، تحدث "تيام" بهدوء قائلًا:-
-فى كل الأحوال الأتنين غلطوا يا جمال بيه ومسك حاولت تضرب المدام والمدام أهانت مسك بالكلام ومع ذلك الفندق مستعد يعوض مدام مريم بأي طريقة تحبيها كأعتذار مننا على سوء الفهم اللى حصل

أقترب "جمال" من المكتب بنصفه العلوي وأنزل قدمه عن الأخري بغضب ناري وتحدث بتهديد واضح:-
-أعتذار!! تفتكر أن أعتذارك كافي لكرامة مراتي، أنا بإشارة مني أهدم المكان دا على رؤوسكم وبكلمة واحدة مش هتلاقي سايح واحد هنا.. كان لازم تسأل عن جمال المصري ما دام قبلته نزيل عندك...

قاطع تهديده عندما خرج صوت "جين" الإلي من هاتفه الشخصية يقول:-
-لقد فقدت مريم الوعي بسبب أنخفاض ضربات القلب

أتسعت عينيه على مصراعيها وحدق بالهاتف الذي ينقل له حالتها عبر الساعة الإفلكترونية الخاصة بها وهرع إلى الخارج تاركًا الجميع، تتبع الساعة حتى وصل إلى بهو الفندق وكانت "مريم" على الأريكة وبجوارها "نانسي" و"فريدة"، جلس قربها بذعر قوي وقال بقلق:-
-مريم!!

لم تجيبه وكانت جسدها هزيلًا لا تشعر بشيء، جاء "جابر" و"تيام" خلفه وفور رؤية "مريم" بحالتها تناست "مسك" ما حدث وحسها الطبي دفعها إلى الأمام، ابعدت "جمال" عن "مريم" وجلست قربها، نظرت إلى ساعة يدها التى تقيص مؤشراتها الحيوية وقالت:-
-حاجة بسيطة متقلقش

جملها "جمال" على ذراعيه وأخذها إلى المنزل فى حين ان "مسك" أحضرت حقنة طبية من غرفتها وجاءت إليهم، جلست قرب "مريم" على الفراش وأعطتها الأبرة فى وريدها، وعلقت لها محلولًا طبي وأثناء فحصها فتحت "مريم" عينيها لتري وجهها أمامها، تبسمت "مسك" بعفوية وقالت:-
-متقلقش دا هبوط طبيعي من قلة الأكل ونسبة السكر فى الدم، أنا علقت ليها محلول وأديها حقنة هتخليها تمامًا...

كتبت بعض الأدوية فى ورقة وجدتها جوارها وتابعت الحديث بلطف:-
-دى شوية فتيامينات عشان صحتها وهرجع أقولك مفيش حاجة تقلق، دا إغماء طبيعي بيحصل

أخذ "جمال" الورقة منها بهدوء وأعطاها إلى "عاشور" لتغادر "مسك" الغرفة، أقترب "جمال" من زوجته وجلس جوارها بلطف، أحتضن وجهها بين يديه وقال بهدوء وأريحية بعد أن أطمئن عليها:-
-سلامتك يا روحي، مش قولتلك تهتمي بأكلك يا مريم وصحتك

تبسمت بلطف وعفوية فى وجهها وقالت:-
-حاضر يا حبيبي، معلش قلقتك عليا

تبسم "جمال" بأندهاش من كلمتها وقال بلطف:-
-معلش!!! معقول يا مريم اللى بتقوليه دا، يا حبيبتي أنا خايف عليكي وعلى صحتك، سهرك بليل مع مكة وقلة النوم وكمان تزويدي عليها قلة الأكل هيضرك يا مريم وأنا مقدرش أستحمل أشوف ضرر فيكي ولا أشوفك تعبانة

هزت رأسها إليه بنعم وتذكرت "مسك" التى أنقذت حياتها للتو بعلاجها وقالت:-
-صحيح، جمال عدي اللى حصل وأديك شوفت أنتِ مدينة لهم بحياتي ولو عليا أنا عادي خلاص الموضوع عدي

هز رأسه بنعم إليها وقال بجدية:-
-بس عشان مدينة بحياتك واللى عملته معاكي يا مريم

خرج من الغرفة وترجل للأسفل ليرى "عاشور" أحضر الأدوية التى كتبتها "مسك" إلى زوجته فأخذها "جمال" وقال بنبرة هادئة:-
-روحلهم يا عاشور أنا مش هرجع بمريم القاهرة وهى تعبانة وقولهم أن دا مش كرم منى بس عشان أنا مدينة بحياة مراتي للي أسمها مسك دى

أومأ "عاشور" إليه وذهب للخارج ليوقف أجراءات الرحيل، تبسم "زين" بسعادة على بقاء "جمال" فى قريتهم وكأن القدر جعل "مسك" تصلح ما أفسدته بمهارتها فى الطب...

_______________________ 

تمتم "حسام" بقلق شديد مما سمعه للتو وقال:-
-أنت قُلت أيه يا عاشور؟

نظر "عاشور" حوله بقلق وقال بنبرة خافتة وحذر حتى لا يستمع له أحد:-
-زى ما سمعت يا حسام، حازم هنا فى الغردقة وزاد وغطي أن البيه نازل فى الفندق هنا، أنا أتاكدت من دا بنفسي وربنا يستر بقي هو ناوي على أيه؟

جلس "حسام" جواره بأندهاش مما يسمعه وعودة "حازم" رغم كل ما فعله "جمال" معه وقال بجدية مُتعجبًا:-
-معقول يطلع واطي للدرجة دى، دا جمال هو اللى ساعده وخلص حبيبته من ايد امه، دا كانت بتبيعها زى السلعة وتكسب من وراها فلوس ومالاقش حد يقف جنبه ولا يساعده غير عمه جمال ودلوقت بعد ما مد له أيده وساعده راجع عشان ينتقم للى حصل فى أمه، دا هو أكتر واحد أتأذي من امه بعد مريم

تنهد "عاشور" باختناق سافر وقال بحزم:-
-اهو قلة أصل، وفى الأول وفى الأخر هى أمه ومهما تعمل فيه هتفضل امه، أنت ناسي أنه حاول يتهجم على مريم قبل كدة وجمال كان هيموته بأيده، دا من دم مختار وسارة عايزه يطلع أيه ولا هيعرف الأصل منين؟ المهم إحنا نعمل اللى علينا ونفتح عينيا كويس جدًا، مدام مريم متغبش لحظة واحدة عن عينيكم يا حسام، متنساش أن هى نقطة ضعف جمال بيه وممكن أى عدو يستغل دا ومكة كمان، أما على جمال بيه ما دام مراته وبنته فى أمان مش هيقلق وهنعرف نحل أى حاجة

أومأ "حسام" له بنعم وخرج من حديقة المنزل ليلًا...

__________________ 

جلس جوارها على الفراش ويُطعمها بيديه بسبب قلقه على حالتها الصحية التى تسوء، تبسمت "مريم" على دلاله ونظرت إلى عينيه ثم قالت بخفوت:-
-ربنا يخليك ليا يا جمال، تعبت نفسك 

حمل الصينية ووضعها على الطاولة بعيدًا عن الفراش مُجيبًا علي كلماتها العبثية:-
-أيه الكُلف دا يا مريم، تعبتني أيه؟ طب ما تتعبني براحتك أنتِ مراتي وحقك عليا أنى أخلي بالك من صحتك وحياتك وكل تفاصيلك

عاد للجلوس جوارها عن قرب وقال:-
-يا ريت كل تعب الدنيا فى تعبك يا مريم وأنا باكلك، مكنش هيبقي فى هموم ولا حمل تقيل يقصف العمر

ربتت "مريم" على يده بخفة وقالت:-
-بعد الشر عنك يا حبيبي من أى شر، عارف يا جمال.. أنا كنت خايفة من الجواز كنت فاكر أن الحب والحنية نهايتهم الجواز والحياة بعد الجواز مجرد مسئولية بيت وأولاد، بس أنت غيرت كل أفكاري 

تبسم إليها بسعادة من تفكيرها وتخيلاتها الغريبة ثم قال:-
-ليه يعنى؟ أنتِ فاكرة أن الواحد ممكن يبطل يحب مراته بعد الجواز، بالعكس بقي دا بيحبها أكتر بعد الجواز، الجواز بيسمحهم لهم يكون قطعة واحدة وروحين كانوا مفصلين بالجواز بيندمجوا من تاني فى روح واحدة، كنز العالم كله مبتساواش حاجة فى مقابل أن الراجل يرجع شقيان وتعبان من شغله ويلاقي حضن دافئ وأيد تطبطب عليه، واحدة قاعدة مستنية طوال اليوم وبتعمله أكل بحب كأن حضنه ليها جايزتها ومكافاتها أخر اليوم على الجهد اللى عملته طول اليوم، الحياة أسهل من كل التعقيدات دى يا مريم بس محتاجة راجل عاقل وست ناضجة، لا هى تقف على الواحدة ولا هو يبقي فاهم أن البيت دا هو مكان يخرج بيها طاقته السلبية ويطلع فى مراته اللى مديره عمله فيه، بالعكس لو فهم الأثنين أن البيت دا هو سكن وسكينة وسبيلهم للراحة بالمودة واللين مش بالعصبية ولا مكان يفرض هو سيطرته ودراعه فيه

تبسمت "مريم" بعفوية على حديثه وقالت:-
-عشان كدة أنا حبيتك يا جمال من أول لحظة شوفتك فيها، عشان فاهم ومدرك معنى وقيمة كل حاجة فى الحياة، عارف أن الشغل بجهده ومشاكله مكانه هناك فى الشركة وأوضة مكتبك وبمجرد ما بتخرج من الأوضة دى أنت بتكون فى بيت وعارف يعنى أيه بيت، حبيتك لأن رغم كل حاجة وقسوتك وكبريائك ألا أنك دافئ ولين بحنيتك 

أعتدل فى جلسته قربها وبسمته لا تفارق وجهه فرفع ذراعه حول أكتافها وأصبح على قرب شديد منها ونظر بعينيها مباشرة وأنفاسها الدافئة تضرب عنقه من قربهما، تبسمت "مريم" بخجل شديد من نظراته ثم قالت بلطف:-
-جمال
تبسم "جمال" ويديه تمر على ذراعها حتى وصل إلى يدها وتشابك الأصابع معها بهيام ثم قال:-
-قوليها يا مريم!!
ضحكت "مريم" على كلمته بدلال مُفرطة، ضربات قلبها تتسارع بجنون من هذا العشق الكامن بداخلها وحرارته تسير فى أرجاء جسدها وأغلقت قبضتها على يديهما المُتشابكة وقالت بهمس:-
-بحبك يا جمال، أقسم أني محبتش ولا هحب حاجة قدك ولا حتى نفسي ولا بنتي، أنا بعشقك بجنون وكأن قلبي فتح لك كل أبوابه وبعدها قفل عليك ورمي المفتاح فى البحر مستسلم لعشقك وجنونه اللى جوايا
وضع "جمال" جبينه فوق جبينها الصغير ليشعر برجفة جسدها من العشق وقشعريرتها التى تجعلها تنتفض بالحُب، توردت وجنتيها من الخجل وحرارة العشق التى نشبت نيرانيها مُشتعلة بداخلها للتو من قربهما، همس إليها بنبرة دافئة:-
-وأنا بحبك يا دنيتي وعمري كله
أخرجت يدها من أصابعه التى تحتضنها ورفعتهما إلى صدره تستكين يديها عليه، أغلقت أناملها بهيام على ملابسه ويدها الأخري تسلل إلى عنقه تداعبه بحب ونعومة ثم قالت:-
-يا روحي، جمال .. 
قاطعها بقبلته الناعمة؛ ليتذوق طعم الهوي الساكن بداخلها، ضربات قلبه التى جن بعشقها تمامًا، مسحورًا بنبراتها النعامة عندما تنطق أسمه بهذا الدلال والدفء فتغلبه هذه النبرة وهى بمثابة المُخدر الذي يلقي على عقله وقلبه لأجلها....

___________________________ 

خرجت "جميلة" من المطار بزيها الرسمية لقيادة الطيران وانطلقت بسيارتها مُسرعة إلي القصر من أجل طفلها "يوسف" الذي لم ينهى من عمره 8 أشهر، وصلت للقصر لتستقبل "حنان" مديرة المنزل قائلة:-
-حمد الله على السلامة يا....

قاطع حديثها ركوض "جميلة"  إلى البهو عندما رات الخادمة تمسك بيد طفلها الذي يحاول الوقوف على قدمه ليخطي أول خطواته، جلسه على الأرض بركبتيها وضمته إليها بسعادة فبدأت تنهل على وجهه بقبلاتها الناعمة وشوقها إلى طفلها الذي يزداد دومًا فى كل رحلة طيران تذهب إليها، جاءت "حنان" خلفها وقالت ببسمة:-
-أحضرلك الغداء

تبسمت "جميلة" وهى مُتشبثة بطفلها ثم قالت بحماس:-
-لا، حضري لي الشنطة أنا هأخد يوسف وأطلع على الغردقة، حسام وحشني جدًا

أومأت "حنان" لها بنعم وأمرت الخادمة بأن تجهز الحقيبة من أجل "جميلة" وطفلها الرضيع.....

________________________ 

وقفت "فريدة" الفتاة التى تبلغ من العمر أثنين وعشرون عامًا خلف الباب الزجاجي للمنزل من الخلف وتختبئ فى الستائر وهى تراقب "جمال" الذي يسبح صباحًا فى حمام السباحة الخاص بالمنزل، عينيها تتلألأ ببريق الإعجاب بهذا الرجل الذي قلب القرية رأسًا على عقب لأجل زوجته وشجارها السخيف مع "مسك"، لم تصدق أن هناك رجل قد يفعل كل هذا لأجل زوجته، سمعت صوت طقطقة أقدام على الدرج فهرعت إلى الداخل قبل أن يراها أحد وهى تختلس النظر إليه، وصلت "مريم" للطابق الأول ورأت زوجها من خلال الزجاج وهو يسبح فدلفت إلى المطبخ لكي تعد كوب من الشاي بلبن دون أن تفيق "نانسي" التى سهرت طوال الليل مع ابنتها الباكية، خرج "جمال" من حمام السباحة مع صوت هاتفه ورأي "فريدة تقترب منه بمنشفة كبيرة، أخذها دون أن يكترث لشيء أو يرفع نظره بها، بل مد يده إليها وعينيه  تنظر إلى شاشة الهاتف، تبسمت "فريدة" بعفوية وإعجاب يظهر بوضوح فى عينيها وقالت:-
-أعمل لحضرتك حاجة؟

-لا 
قالها "جمال" وهو يرتدي تي شيرته وأخذ الهاتف وأتجه نحو المنزل ليري "مريم" على وشك الخروج إليه وتحمل فى يدها كوبين من الشاي بلبن وقالت بحب:-
-صباح الخير يا حبيبي

قبل رأسها قبلة الصباح المعتادة ورد مُجيب عليها:-
-صباح النور يا روحي، هأخد حمام وأغير هدومي على ما فريدة تجهز الفطار

أومأت إليه بنعم فأخذ منها الكوب الخاص به ببسمة، لم ينتبه الأثنين إلى هذه الفتاة التى أشتعلت الغيرة بقلبها من "مريم" التى تملك كل شيء وحُب "جمال" لها، فى حين أن "فريدة" لا تملك شيء مقارنةً بـ "مريم" وتضرب قدميها بالأرض من الغيظ الشديد الذي تملكها.....


____ الفصـــــل الرابـــع (4) ____

على طاولة زجاجية فى حديقة المنزل كان "جمال" جالسًا جوار "مريم" تأكل طعامها فى صمت وهو ينظر فى التابلت الخاص به يباشر عمله فتأففت بضيق من عمله الذي يلازمه دائمًا حتى فى إجازته وقالت بجدية:-
-وبعدين يا جمال حتى فى الإجازة بتشتغل، صحتك ونظرك اللى بقي بيعملك دائمًا صداع بسبب اللابتوب والشاشة 

تبسم "جمال" بعفوية على قلقها عليه بعد أن رفع نظره إلى زوجته وقال بلطف:-
-حبيبتي كل حاجة وليها عيوبها، أكيد الشغل فى المجال دا لازم يكون له عيوبه زى النظر اللى بيكون فى ذمة الله والقاعدة على الكرسي طول الوقت بتتعب، محدش بيشوف دا، الكل بيبص على دا معاه كام وراكب عربية عاملة أزاى وتمنها كام، وعمومًا متقلقيش عليا يا مريم 

مط "مريم" شفتيها للأمام بأستياء من حديثه وقالت:-
 -أنت كدة بطمني يعنى، ممكن تسيب اللي بتعمله دا بقي ووقت الإجازة يكون إجازة نهائيًا وترتاح فيه

أومأ إليها بنعم ثم أغلق التابلت وبدأ يتناول طعامه بلطف، جاءت "فريدة" إليهما بهدوء وقالت:-
-مدام مريم، مكة مبطلتش عياط وأنا مش عارفة أعملها أيه؟

نظر "مريم" إلى زوجها ببسمة عفوية ووقفت من مكانها قائلة:-
-أنا هجي أشوفها

ذهبت إلى المنزل لتري ابنتها الرضيع فتبسمت "فريدة" بحماس من بقائه وحده لتقول بلطف:-
-أعملك حاجة يا جمال بيه

أشار لها بلا بعد أن مسح يديه بالمنشفة الصغيرة وذهب خلف زوجته فتأففت "فريدة" بضيق من حُبه الشديد إلى "مريم" حتى أنه لا يقوي على فراقها لدقائق وطالما هى معه بنفس المكان يكون جوارها كأنه ظلها من شدة عشقه له......

_________________________ 

فتح الحارس باب المنزل ودُهش عندما وجد سيارة "جميلة" أمامه ففتح الباب لها، دلفت بسيارتها إلى ساحة المنزل ودُهش "حسام" من قدوم زوجته إلى هنا، أسرع نحوها بغضب سافر قائلًا:-
-جميلة!! أيه اللى جابك هنا؟

أتسعت عينيها من سؤاله وقالت بأستياء:-
-مش دا الريأكشن اللى أنا متخيلة لما تشوفني، يعنى أيه.. أيه اللى جابك هنا؟

نظر حوله بحرج من فعلتها المتهورة ثم نظر إليها بضيق مكبوح بداخله وقال:-
-طبيعي أسأل مراتي أيه اللى جابها مكان شغلي؟ 

-شغلك!!
قالتها بأندهاش شديد من كلماته فتابع بحدة صارمة قبل أن يخرج "جمال" من الداخل ويراها:-
-أه شغلي، ولا أنتِ ناسية أنى شغال بودي جارد عند مستر جمال، وأنا هنا فى شغل مش بصفتي جوز أخته، واحد جاي يفسح مراته وواخد إجازة ليهم، أنتِ جاية ليه؟ عشان يحرجني ويقولي روح خلي بالك من مراتك وابنك وأسيب شغلي ولا تفسدي رحلتهم بوجودك

لم تتمالك أعصابها أمام غضب زوجها وبدأت عينيها تتجمع الدموع بها من حديثه الحاد كالسكين الذي جرح سعادتها التى تملكتها فى قدومها إلى هنا، تمتمت بضيق شديد:-
-أنا جيت عشان وحشتني، عشان مشوفتكش بقالي أسبوعين مش عشان توجعني بكلامك ولا عشان بأذيك فى شغلك زى ما بتقوله... وعمومًا أنا أسفة لحضرتك جدًا يا أستاذ حسام

ألتفت إلى سيارتها وصعدت مرة أخري لكي ترحل من أمامه لكن أستوقفهما صوت "جمال" الذي جاء من الخلف يقول:-
-جميلة

نظر إلى أخاها من النافذة وعينيها تبكي بحسرة تعتصر قلبها من خذلان زوجها إليها وأنطلقت بسيارتها كالمجنونة خارج هذا المكان، ألتف "حسام" إلى "جمال" الذي يشتعل غضبًا من كل هذا الأمر وما رآه للتو من زوج أخته فى معاملته إليها ببرود كالثلج، تنحنح "جمال" إليه بهدوء وأشار بسبابته بمعنى أن يقترب منه، ذهب "حسام" إليه بهدوء وبدأوا يسيرون فى صمت، "حسلن" مُنتظر أن يتحدث "جمال" بينما الآخر يفكر بهدوء شديد فقال:-
-أنا ماليش أدخل بين راجل ومراته يا حسام، بس فى نفس الوقت مينفعش أشوف أختي بتتهان قصادي وأسكت

قاطعه "حسام" بهدوء شديد قائلًا:-
-مش إهانة، أنا مقدرش أهين جميلة مش خوف بس هى متهونش عليا، أنا بس كنت عايز أفهمها أن لازم تفصل بين حياتنا الشخصية وبين شغلي معاك، وأنك مش بس جمال أخُ مراتي وكمان رئيسي وأنا بشتغل عندك، جميلة لازم تقدر تفرق بين الأتنين دول كويس

توقف "جمال" عن السير وألتف لكي ينظر إليه بهدوء شديد ورغم موافقته لرأي "حسام" لكنه ضد القسوة التى عامل أخته به حتى تعود من الغردقة إلي القاهرة غاضبة منه وتبكي على الطريق وحدها مع طفلها، قال بجدية:-
-يبقي براحة يا حسام مش بالقسوة، على الأقل كنت أمشي معاها ومتسبهاش تمشي من هنا وترجع القاهرة لوحدها زعلانة أو غضبانة وبتعيط

أومأ "حسام" إليه بنعم فربت "جمال" على كتفه بجدية ونظراته يتطاير منها الشر القاتل لهذا الرجل وقال بحزم:-
-أنا لما جوزتك جميلة وعدتني أنك مش هتنزل دموعها يارب تفضل فاكر الوعد دا لأن أنا لو ساكت فى ساكت لأن ماليش أدخل بينكم وأتمني أن مدخلش عشان أنت أكتر واحد عارف هيحصل أيه لو جميلة جت تشتكي لي منك فبلاش يحصل دا ...

غادر "جمال" بغضب سافر بعد أن قدم تهديده بوضوح إلى هذا الرجل رغم علاقتهما وثقة "جمال" به لكن رؤية دموع أخته ألمت قلبه وجعلته يرغب فى الوقوف أمام هذا الرجل حتى يدرك من تكن زوجته...

_______________________________ 

وصلت "مريم" على المركز التجاري الخاص بالفندق وكان معها "نانسي" وحدها وبدأت تتجول بين المحلات العالمية وتختار بعض الأشياء ذات العلامة التجارية العالمية حتى وقفت أمام محل المجوهرات ودلفت لتختار عقدًا رائعًا فأشارت عليه بحماس بسبب بساطته ورقته وقالت:-
-ممكن أشوف دا 

بنفس اللحظة التى سمعت بها صوت "مسك" تقول نفس جملتها، وقف البائع حائرًا بين الأثتنين التى تقابلا الآن وتريد كلا منهما نفس العقد، ألتفت "مريم" إليها بضيق شديد وقالت بعبوس:-
-أنا اللى اختارته الأول

نظرت "مسك" إليها ببرود شديد وقالت:-
-أنا اللى أختارته الأول وأصلًا أنا اللى جيت لهنا قبلك

أبتلعت "مريم" لعابها بغيظ من هذه الفتاة القوية رغم جراءتها وكأنها لا تهاب شيء وقالت بأختناق:-
-أه وصلتي للمحل قبلي مبس مكنتش أختارتي العقد، أنا اللى أختارته الأول

نظرت "مسك" إلى البائع بتهديد واضح وقالت بعبوس:-
-أنا اللى أختارته ولو عندك رأي تاني يبقي أحب أسمع مع تيام

أبتلع البائع لعابه بخوف بعد أن هددته بمالك هذا المالك، نظرت "مريم" إلها بأندهاش وهذه المرأة تمارس سلطتها على الجميع بغرور وتغطرس، أعطاها البائع العقد لتأخذه "مسك" وتخرج فهرعت "مريم" خلفها بضيق وغضب يحرقها من الداخل، تمتمت "نانسي" بهدوء شديد قائلة:-
-خلاص يا مريم أختاري حاجة تانية وكفاية مشاكل معها

تمتمت "مريم" بعصبية وأنفعال سافر قائلة:-
-لا، دا العقد اللى عجب فريدة وأنا وعدتها أجبهولها فى عيد ميلادها يا نانسي

أتسعت عيني "نانسي" بصدمة ألجمتها من حديث "مريم" وقالت بتلعثم سافر:-
-هتهادي خادمة عندكم بسلسلة ألماظ، أنتِ بتفكري أزاى يا مريم كدة غلط وممكن تطمع بأكثر من كدة

نظرت "مريم" إليها بأندهاش ثم قالت بهدوء ونبرة خافتة:-
-غلط عشان مش عايزها تبص للى مع غيرها، بالعكس أنا فكرت فى كدة عشان ميغرهاش اللى حوالها وتأذي نفسها أو تعمل حاجة غلط عشان تحصل عليه، فريدة بتبص وأنا عارفة دا كويس، أن اه بديها حاجات من بتاعتي لكن دى هدية عيد ميلاد مينفعش تأخد حاجة مستعملة يا نانسي

تحدثت "نانسي" بوجه عابس من تصرف "مريم" وقالت:-
-ولو أنا برضو ضد أنك تديها حاجة غالية أوى كدة ممكن لو عايزة تجيبي حاجة قيمة كانت تبقي ساعة غالية شزية أو سلسلة دهب وتبقي كتير كمان لكن مش سلسلة ألماظ

لم تبالي "مريم" لهذا الحديث حين رأت "مسك" تسير فى ردهة الفندق وأسرعت نحوها بغضب شديد وقالت:-
-أستني

ألتفت "مسك" بضيق من طريقتها ومسك ذراعها بهذه القسوة، نظرت إلى يدها التى تقبض على ذراعها فتركتها "مريم" بضيق وقالت:-
-أنا عايزة السلسلة دى ومستعدة أديكي ضعف المبلغ

رفعت "مسك" نظرها إلى "مريم" بعد أن أبعدت يدها عنها وقالت بحزم:-
-لدرجة دى عايزاها... عمومًا أنا مببعاش حاجة ولو مكنتش عايزاها مكنتش أشترتها من الأول

كزت "مريم" على أسنانها بضيق شديد ثم قالت بغيظ:-
-قصدك سرقتيها، أنتِ هددتيه أنك هدخلي جوزك 

أقتربت "مسك" منها بخطوة واحدة ووجهها يوحي بالكثير من الغضب والقسوة كأنها ستلتهم هذه الفتاة بنيرانها، وقبل أن تفعل جاء "تيام" من العدم وقال:-
-مسك

همهمت فى أذنه بنبرة غليظة قائلة:-
-حاولت أستخدم لساني معها بس هى مستفزها

مسك "تيام" يدي زوجته بسرعة جنونية قبل أن تلمس هذه الفتاة التى تصغرها في السن لكنها زوجة لـ "جمال المصري" ولن يمر جنون "مسك" على خير إذا طالها، تمتم "تيام" بنبرة خافتة:-
-اهدي يا مسك، والله ما ينفع دى تضرب ولا حتة تلمسها 

كزت "مسك" على اسنانها غيظًا وعينيها تمقن "مريم" بشرارة نارية تحرق كل ما يقابلها وقالت بنبرة حادة:-
-هضربها يا تيام لو على موتي، دى لسانها طويل ولا أنا مش هسكت 

تبسمت "مريم" بسخرية وعينيها ترمق "مسك" بلا مبالاة، واثقة أن مهما كان جنون هذه المرأة لن تجرأ على لمسها نهائيًا وقالت بتهكم ونبرة باردة كالثلج:-
-تصدقي خوفت وركبي خبطت فى بعض، والنبي سيبها تضربني ليطق لها عرق ولا يجيلها زبحة وجلطة تقصف عمرها 

دفعته "مسك" بغضب سافر من ردود هذه الفتاة وقالت بصراخ:-
-زبحة تشيلك يا بعيدة... والله لأضربها، لكمة واحدة عشان خاطرك يا تيام

حدت "مريم" من عينيها وهى تأخذ خطوة نحوها اكثر ولم يعد يفصل بينهم سوى "تيام" الذي يقف بالمنتصف وشبه حاملًا لزوجته على كتفه حتى يسيطر على جنونها، قالت بنبرة قوية:-
-واحدة لا خليهم عشرة عشان خاطري والنبس، أنتِ هبلة يا بت ولا مخك دا فيه حاجة، أنتِ عايزة تضربي حرم جمال المصري كدة عادي

-مريم!! 
أتاها صوته من الخلف، أستدارت "مريم" إليه بوجه عابس مُستاءة من هذا المكان وقالت بحزن:-
-جمال

أقترب أكثر منها ووضع ذراعه حولها بأندهاش من حزنها وسأل بقلق:-
-حصل أيه يا حبيبتي!! 

انزل "تيام" زوجته أرضًا ونظر إلى "جمال" بقلق مما سيفعله إذا تحدثت زوجته عن إهانة "مسك" لها وقال:-
-مفيش حاجة... 

رفعت "مريم" حاجبها إلى "مسك" بغرور كأنها تتحامي فى زوجها الذي ظهر للتو وقالت:-
-لا حصل يا جمال، اشترت عقد من محل المجوهرات وهى جت أخدته مني وقالت عاجبني، أقسم لك أن أنا اللى شوفته الأول 

صرخت "مسك" دون أن تخشي وجود "جمال" قائلة:-
-لا أنا اللى شوفته وطلبته الأول، واصلا أنا ليه اتخانق معاكي فى كل الأحوال أنا اللى خدته

اشارت "مريم" بغضب على "مسك" وأرتفعت نبرتها أكثر بانفعال وعيني تتطاير منها الشر:-
-اه لأنك مارستي سلطتك وقولتي مرات الرئيس، طبيعي يخاف الموظفين ويدوا ليكي... لا يا جمال وما اكتفت بدا عايزة تضربني... 

-اه هضربك 
قالتها "مسك" بغضب سافر ليقاطعها "تيام" عندما وضع يده على فمها بقوة يمنعها عن الحديث وقال بحرج من جنون زوجته:-
-لا والله، بتهزر... مسك بتحب تهزر مش اكتر 

حدق "جمال" بهما الأثنين وإشار إلى مساعده لكن قبل أن يأمر بشيء تبسمت "مريم" إليه بعفوية وتبأطئ ذراعه بدلال فقالت:-
-خلاص حبيبي متشلش هم، أنا مش زعلانة..خلينا نروح نأكل

جذبته من ذراعه بلطف ومرت من جوارهما وعندما التصقت بـ "مسك" همست أليها بعفوية وكبرياء:-
-لسه مخلصناش.. هنتقابل تاني يا قطة وخلينا نشوف مين اللى هتخربش التانية 

قرصت ذقن "مسك" بغرور وذهبت برفقة زوجها الشامخ، كزت "مسك" على أسنانها بضيق شديد من مواجهة "مريم" إليها وكادت أن تذهب وراءها كالبلهاء لكن منعها "تيام" وهو يقول:-
-أهدئي بقي يا مسك تعبتني

كاد أن تجيب عليه لكنها صرخت بألم شديد فى بطنها، نظر الجميع على صراخها وألتفت "مريم" بذعر فأتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها عندما رأت "مسك" على الأرض تصرخ من ألم بطنها وهى على وشك الولادة...
أخذها "تيام" إلى المستشفي وهى تحاول كبح ألمها بصعوبة فمسح على رأسا بلطف وقال:-
-أستحملي يا مسك لحد ما نوصل وتولدي على خير

جذبته من ذراعه بقوة وغيظ شديد ثم قالت بتذمر:-
-أولد، أنا مش هولد يا تيام، مستحيل أولد وأخليك أب وأنت مرضتيش تخلينى أضربها اااااه لا وكمان هى اللى دعت عليا قال يجيلي زبحةااااه أنا مش هولد رجعني لبيتي... لااا رجعني لبابا أنا مش موافقة أتجوزك

ضحك الجميع عليها عن أى زواج ترفض وهى بالفعل زوجة وتتجه غلى غرفة العلميات حتى تضع طفلهما، تبسم "تيام" علي عنادها وقال بلطف:-
-أولدي بس يا حبيبتي عشان ترجعي قوية وراشقة وتقدري تضربيها

صرخت من الألم الذي يمزج أحشائها وطفلها على وشك الخروج بالطريق دون أن ينتظر وصولها لغرفة لعمليات....

_____________________________ 

تسللت "فريدة" فجرًا إلى غرفة نوم "مريم" ولم تجدها بالفراش وكان "جمال" نائمًا بعمق ويضم وسادته إلى حضنه بين ذراعيه وجلست جواره تتأمله بسعادة ووجهه الملاكي وهدوئه أثناء نومه، كأنها أصبحت مهوسة بهذا الرجل وطريقة عشقه إلي "مريم"، ظلت تتخيل إذا أصبحت عشيقته كيف سيعاملها؟ رفعت يدها تمسح على رأسه بهيام ولا تصدق بأنها تلمسه الآن، سحبت الوسادة من بين ذراعيه لكي تسلل مكانها بداخله لكن توقفت عندما فتح باب الغرفة ودلفت "مريم" من الغرفة؛ لتهرع "فريدة" من الفراش وأختبأت أسفل السرير بخوف تملكها من أن تراها "مريم" وتكن نهايتها الطرد نهائيًا من هذا المكان ووضعت يدها على فمها تمنع صوت أنفاسها من الخروج من بين ضلوعها...
ظلت لساعة كاملة مُختبئة حتى غاصت "مريم" فى نومها وهربت إلى الخارج قبل أن يراها أحد....

_______________________________ 

ضربت "مريم" على صدره بلطف وقالت بهمس شديد:-
-جمال وبعدين بقي... غير هدومك بسرعة عشان منتأخرش

أقترب أكثر منها هائمًا بعشق هذه الفتاة التى تحتله من الداخل وتستحوذ على خلايا عقله كاملًا، عينيها الذهبيتين تأسره من الداخل وتغلب نبضاته قلبه المجنون بها كأنه خثلق بين ضلوعه؛ ليُتيم بها وحدها، تمتم بنبرة دافئة:-
-بلاش نخرج النهاردة وتعالي نقعد فوق أنا عايز أحكيلك موضوع مهم

ضربته على ذراعه بخفة وضربت قلبها تتسارع بجنون من رقة هذا الرجل ودفء كلماته كأنه بنبرته يُسحر قلبها وعقلها لكنها تقاوم هذا السحر بقوتها وقالت بهدوء سافر:-
-جمال بطل حجج، أطلع غير هدومك بسرعة ولما نرجع ممكن تبقي تحكيلي الموضوع المهم دا... يلا

تأفف بضيق شديد من حديثها وصعد إلى الأعلي وخرجت "مريم" للخارج تنتظره لكنها صُدمت عندما رأت الحرس يهرعون جميعًا إلى مكان "أيلا" بذعر، أقتربت بخطوات بطيئة من المكان خصيصًا مع صراخ "نانسي" و"فريدة" لتُصدم عندما رأت "أيلا" على الأرض غارقة فى دمائها بعد أن نحر عنقها بدم بارد وبلا رحمة من قاتلها، أتسعت عيني "مريم" على مصراعيها مما تراه وأقتربت أكثر منها وأنفاسها على وشك الأنقطاع من هذا المنظر البشع الذي تراه ومزق قلبها فى التو، هرعت "نانسي" نحوها بخوف شديد عليها وقالت:-
-مريم

تمتمت باسم فرستها دون أن تشعر بأي شيء أخر  ودموعها شقت طريقها على وجنتيها بقوة كالفيضان الذي ضرب جفنيها للتو قائلة:-
-أيلا

لم تصل إليها بقدميها فلم تتحمل رؤية ما تراه وفقدت فاقدة للوعي على الأرض أمام الجميع على العشب الأخضر ........

تعليقات



<>