
بحث "جابر" بكل مكان ممكن أن يجدها به ولم يعثر عليها حتى مر النهار كاملًا وغابت الشمس عن سماءها فلم يبقي بعقله ذرة عقل واحدة وجن جنونه من غيابها، كان يعلم أنها بخير لكنها هربت وحدها بعيدًا عن الجميع، لن يصيبها شيء، تنهد بغضب مكبوح بداخله وهو يتذكر كيف رحلت معه حافية القدمين وبملابس بيتها فماذا إذا كانت كما هى حتى الآن فى الطرقات، ألمه الكثير من الغصات فى قلبه على فراقها وجنونها، تذكر كيف أعترفت بالحب له وكانت على أستعداد على القفز من الأعلي بتهديد فهذه الفتاى التى فتن بها مجنونة كليًا ولا تخشي الموت لطالما كانت توقع نفسها فى الخطر للحصول على ما تريده، وصل إلى قاعدتها فى الجيش لكن رجال الجيش لم يسمحوا له بالدخول مهما كانت مكانته فعاد إدراجًا يكاد يفقد صوابه.......
__________________________________
خرجت "غزل" من غرفتها فى القاعدة الخاصة بالجيش وقد بدلت ملابسها المبللة من المطر بزي الجيش الرسمي فأت إليها صديقها وقال:-
-فى حد سأل عليكي على البوابة
أعطاها الهاتف لترى تسجيل الكاميرات فرأت وجه "جابر" بوجهها العابس لتقول مُتجاهلة حديثه:-
-أبعت حد البيت يجيب عربيتي
أخد المفاتيح منها وأنطلق يلبي طلبها فرغم أنوثتها لكنها ما زالت القائدة لقسم الهندسة والجميع تحت قيادتها، سارت وحدها بعيدًا للخارج رغم البارد القارس الذي يصاحب الشتاء وشردت فى حديث والدها ثم قالت:-
-خلينا نشوف مين الأقوي......
____________________________________
فتحت "فريدة" عينيها بتعب شديد فى رأسها لتُصدم عندما رأت وجه "جمال" أمامها، أعتقدت أنها لن ترى هذا الوجه الذي عشقته مرة أخري بعد دخولها للسجن فقالت:-
-جمال
تبسم بخبث شديد ثم قال ببرود قاتل مُرعب:-
-أفتكرتي أن السجن ممكن يحميكي مني أو يمنعني عنك، معقول عقلك المريض وصلك فكرة أنى ممكن أرحمك ومريم عايشة فى كوابيس بسببك، بسبب جريمتك واللى عملتيها فيها مراتي ببتفزع من نومها كل ما تغمض عينها، تخيلي أنا ممكن أعمل فيكي أية؟
أنتفضت من حديثه بعد أن أدرجت أنه هربها من السجن لكي يقتلها ويكمل أنتقمه بطريقته فقالت بتمتمة:-
-هتقتلني، هتقتل بنت
ضحك بسخرية على كلماتها وقال بتهكم:-
- بنت!! أنتِ حية ولازم يقطع رأسك وأوعى تفكري أنك ممكن تخرجي من هنا حية ولا أنك تشوفي نور الشمس مرة تانية، أنتِ لعبتي فى النار لما قربتي من شرف مراتي، كنتِ متخيلة أنك هتستخبي وتخربي فى بيتي كدة ومش هأخد بالي منك
لم تتحمل هذا العشق الأبدي القائم بقلبه لأجلها ورغم ما عانت منه فى السجن بسبب "مريم" ألا أنه يراها ملاك فتحدثت بصراخ:-
-واشمعنا مريم، فيها أيه مريم ؟ جمال أنا بحبك ولو رجع بيا الزمن هعمل اللى عملته من غير ما أتردد لحظة، مريم مش ملاكي زى ما أنت فاهم مريم.....
صفعها بقوة على وجهها صارخًا بها :-
-ملعون أبو دا حب يخليكي تقتلي روحي وتلوثي شرف بنت زيك، حب أيه دا ؟ دا حتى نفسك معرفتيش تحبيها لأنك لو حبيتي نفسك كنتي خوفتي عليها من اللى هعمله فيكي
تحدثت بأنهيار تام ودموعها تبكي بغزارة قائلة:-
-حبيتك أكثر من نفسي يا جمال، أموت على أنك أشوفك مع مريم
تعجب من هوسها به رغم ما قضته فى السجن لكنها ما زالت تتحدث عن حٌبها له فقال بسخرية منها:-
-لا أنتِ مجنونة تمامًا، تخربي بيتي وعايزة تسرقيني من مراتي وبنتي
رفعت عنقها للأعلي بقوة تشير له بأن ينحر هذا العنق وتقول:-
-أقتلني يا جمال لأنك لو مقتلتنيش أنا اللى هقتل مريم لأنها اللى فى طريقي ليك، أصلًا أنا مستحيل أتمنى حاجة قد أنى أموت على أيدك وتكون أخر حد أشوفه فى الدنيا دى
مسكها من شعرها بقوة وسحبها للأعلي كي تقف أمامه على قدميها وقال بتهديد واضح مُرعب:-
-وحتى أمنتيك دى مش هحققهالك، أنا هخليكي تعيشي اللى عيشتي لمريم، العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم، الخيانة والشرف دول عقابك ونارك اللى هتحرقك يا فريدة
أبتلعت لعابها برعب تملكها من نظرة عينيه والجحيم الذي رأته فى عينيه الخضراء، ألقي بجسدها على الأرض بقوة ثم غادر المكان تاركها مع رجاله ........
__________________________________
وصلت "مسك" إلى شقة "غزل" لتُصدم بشاب وفتاة يرتدوا زي الجيش يخرجان من العمارة ويحمل الشاب حقيبة سفر ثم فتحت الفتاة سيارة أختها لتهرع إليها بصدمة وقالت:-
-أنتِ مين؟
ترجم الأثنين أن هذه توأم قائدتهما بسبب الشبه القائم بينهما فقالت الفتاة:-
-إحنا من فريق القائد غزل وجينا نأخد عربيتها وبعض الأغراض عشانها بأمر منها
أبتلعت "مسك" لعابها بتوتر ثم قالت بقلق على أختها التى أختفت:-
-غزل في الجيش؟!
أومأت إليها الفتاة بنعم ثم قالت:-
-أه وأستلمت مهمة جديدة عشان كدة جينا نأخد حاجاتها ضروري وبالمناسبة بعت لحضرتك رسالة
أعطتها الفتاة ظرف مُغلق فنظر "مسك" إليه مُطولًا وقالت:-
-عن أذنك
غادرت بسيارة "غزل" دون أن تعطي فرصة إلى "مسك" لتمنعها، فتحت "مسك" الرسالة وقرأتها بحزن وبدأت دموعها تنهمر على وجنتيها
(لأول مرة يا مسك أختار حاجة بأرادتي، جابر الحاجة الوحيدة اللى اخترتها بكامل أرادتي ورغبتي وكالعادة السيد الوالد منعني عنها ورفض لكن أنا مستحيل أقابل أن يقرر مصير حياتي، طول عمرى بعمل اللى هو عايزه، حرمني منك ورامني لأمي وقبلت، قرر يدخلني الجيش عشان أكون قوية وقبلت حتى مفكرش يسألني أنا أحب أكون أيه؟ لكن المرة دى أنا مستحيل أقبل أنه يقرر خطوة جوازي كمان، المرة دي يا مسك أنا اللى همشي بأرادتي قبل حتى ما يفكر يرمينى أو يقرر حاجة نيابة عني، المرة دي خلينا نشوف مين الأقوي أنا ولا السيد الوالد، من اللحظة دى ياريت تعتبروا غزل ماتت لأني مش هرجع لحياتكم مرة تانية، المرة دى أنا اللى هخرج وامشي يا مسك وحتى جابر همشي بعيد عنه لأنه مقدرش يقف قصاد الدكتور العظيم ويقوله أنه هيتجوزني حتى غصب عنه ولا أنه بيحبني وكويس لأن بفضله أنا هقدر أتخطاه وأنسكوا زى ما أنت نسيتوا مين غزل.... سامحيني يا مسك )
جهشت "مسك" باكية فى الطريق بعد أن أدركت أن أختها لن تذهب إلى مهمة جديدة بل غادرت حياتهم جميعًا للأبد، جلست على الأرض تبكي وبداخلها بركان من الغضب بسبب تصرف والدها و"جابر" الذي خذل قلبها، نظر المارة عليها من صوت بكاءها وجلسوها على الأرض بأنهيار تام......
______________________________________
" قصــــر جمــــال المصــــري"
كانت "مريم" جالسة على الأريكة تطعم الطفلين فأخذ "يوسف" قطعة من اللحم وأعطاها إلى "مكة" فضحكت "مريم" بعفوية وقالت:-
-كل يا يوسف أنت، أنا هأكل مكة
تبسم "يوسف" ومسك بيد "مكة" ثم قال ببراءة طفولية:-
-أنا حايز أكلها بأيدي
تبسمت "مكة" بسعادة إلى أمها ووضعت رأسها على كتف "يوسف" بدلال ثم قالت:-
-شوفتي يا مامي يوسف بيحبني أزاى
أتسعت عيني "مريم" على الأطفال وقالت بدهشة:-
-بيحبك!!
تبسم "يوسف" مُتشبثًا بيد "مكة" ثم قال:-
-أكيد يا طنط مريم، أنا بحبها وقررت أتجوزها لما نكبر
لم تستطيع أستيعاب ما سمعته فأنفجرت ضاحكة عليهما وفصلت يديهما عن بعض وحملت "مكة" لتجلسها بالجهة الأخري وتبقي "مريم" فى المنتصف بينهم ثم قالت:-
-قال أتجوزها قال، ناقصني مصايبكم أنتوا كمان... نانسي
جاءت "نانسي" إليها فقالت "مريم" وهى تمسك هاتفها بقلق:-
-خدي الولاد كملي أكلهما ومتقعدهمش مع بعض ... قوموا من وشي
حاولت الأتصال بـ "مسك" كثيرًا فهي لم تستطيع الوصول إليها منذ يومين، وكالعادة مؤخرًا لم تجيب عليها فزاد قلق "مريم" عليها فصعدت للأعلي كي تستعد للخروج وأرتدت تنورة بيضاء وقميص أحمر بكم ووضعت البلطو الأبيض فوقهما وخرجت من غرفتها وهى تنظر فى الهاتف، ركضت "مكة" مع "يوسف" من الغرفة وهو يقذف الكرة خلف "مكة" لكن هذه المرة لم تصل إلى "مكة" بل ضربت الكرة بطن "مريم" ليسقط الهاتف من يدها وصرخت بألم شديد فى بطنها وبسرعة البرق فلتت قدمها عن الدرج لتسقط من فوق وصرخت "مكة" مع "يوسف" وخرجت "حنان" ونانسي" وبقية الخدم على صوت صراخها وأرتطم جسدها على الدرج ليُصدم الجميع عندما وصلت "مريم" لمنتصف الدرج فاقدة للوعي، هرعت "حنان" مع الخدم إليها وقبل أن تناديها لجم لسانها بقوة حين رأت بركة الدماء التى لوثت تنورتها بغزارة من بين قدميها فقال "حنان" بذعر مما حدث وخصيصًا عندما يعلم "جمال":-
-مريم
-مامي
قالتها "مكة" بخوف وبكاء طفولي بطريقة هستيرية عندما رأت والدتها تسقط أمامها، هرع "يوسف" إلى غرفته وأختبي فى خزينة الملابس بخوف من مشهد سقوط "مريم"....
____________________________________
خرج " جمال" من غرفة الأجتماعات مع "شريف" وقال:-
-فكرة أننا هنستلم مشروع بالضخامة دى من الحكومة مش خطوة سهلة يا شريف، لازم تباشر العمل خطوة بخطوة بنفسك وأختار المهندسين اللى هيشتغلوا على المشروع دا بدقة ، دى خطوة مهمة للشركة تثبت للبلد كلها قيمة الذكاء الأصطناعي .....
قاطعه رنين الهاتف فأخرجه من جيبه وكانت "حنان" فتعجب من أتصالها ليقول:-
-حنان، روح أنت يا شريف، تعال يا عاشور أنا عايز
أستقبل الأتصال وهو يفتح باب المكتب وقال:-
-ألو.....
توقف على الحديث عندما سمع صوت إنذار سيارة الأسعاف القريب جدًا فقال بهدوء:-
-حنان
أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته عندما وقع الخبر على مسمعه فدفع "عاشور" بقوة وخرج بسرعة البرق من المكتب، ركض "عاشور" خلفه وهو لا يفهم شيء، لم يصدق أن "مريم" قد أصابها شيء وبهذه الخطورة، قاد "عاشور" السيارة بسرعة جنونية و"جمال" يضع الهاتف على أذنه مع "حنان" فقالت:-
-لسه الدكاترة عندها
قلبه لم يتوقف عن الأنقباض بقوة من الخوف عليها وقبل أن يصل كان قد أنتشر خبر أصابة "مريم" على الأنترنت بسبب شهرتها مما زاد خوفه وغضبه من تصرف البشر مع نقل الأخبار بهذه السرعة، الجميع يبحث عن الشهرة ومواكبة الأخبار قبل أن يطمئنوا على المصاب، وصل للمستشفي وكانت "حنان" وحارس أمام غرفة "مريم" ففتح الباب بخوف دون أن ينتظر شيء وكان الطبيب على وشك الأنتهاء من فحصها وهى غائبة عن الوعي، ألتف الطبيب له بوجه عابس ثم قال:-
-ممكن نتكلم برا
أرتعب "جمال" من كلمته وألقي نظرة على وجه محبوبته ثم خرج مع الطبيب فقال:-
-للأسف الجنين نزل
أغمض "جمال" عينيه بحزن خيم على قلبه من فقد محبوبته وما تعيش به من مصائب ثم نظر للطبيب بهدوء وقال:-
-مش مهم قدر الله وما شاء فعل المهم مريم؟
تنحنح الطبيب بخوف مما يحمله فى جبعته وقال بجدية:-
-هى كويسة وشوية وهتفوق بس..
نظر "جمال" له بقلق شديد مما هو أتي داخل فمه وقال بتلعثم خائفًا:-
-بس أيه؟ كمل
-مدام مريم مش هتقدر تخلف
أتسعت عيني "جمال" على مصراعيها بصدمة قتل عقله للتو وهذا الطبيب يخبره أن زوجته أصبحت عقيمة لن تنجب له أطفال مرة أخرى وقال:-
-ليه؟ مريم ولدت قبل كدة، اللى حصل دا مجرد حادثة
تنهد الطبيب وأعطه التابلت التى أحضرته "حنان" ثم قال:-
-أنا بصيت على الفحوصات السابقة لمدام مريم، وأن دا مش اول جنين ينزل، والتحاليل القديمة اللى شوفتها هنا بتقول أنها اتعاطت دواء بيمنع الحمل ودا أثر على الرحم وبالفعل رحم مدام مريم دلوقت مش هيقدر يشيل جنين وكل حمل هينزل
نظر "جمال" على التابلت وخصيصًا ها التحليل الخاص بها الذي يتحدث عنه ليقع نظره على تاريخ التحليل وكان حين فقدت طفلها السابق بسبب "فريدة" وسرعان ما ترجم عقله أن "فريدة" من أعطتها هذا الدواء خلسًا دون أن تدرك "مريم" ما تشربه، أرتعب قلبه خوفًا على "مريم" حين تعرف بهذا الخبر فسأل بخوف قائلًا:-
-طب هو مالهوش علاج أنا ممكن أسفرها برا تتعالج وأحسن مستشفي فى العالم مش مهم، مهما كانت التكلفة من جنيه لمليار مش مهم
صمت الطبيب بحزن فتنهد "جمال" بيأس شديد، لا يعرف كيف سيخبرها بعقمها؟ أو كيف ستتقلب "مريم" الخبر؟ أرتعب من الخوف من حزنها ربما سيصيبها بالمرض النفسي من جديد او يفقدها فى هول الصدمة ألا يكفي خبر فقدها لطفل جديد .......
_____________________________________
ألقت "مسك" الرسالة فى وجه "جابر" بأستحقار لكي يقرأها فأتسعت عينيه على مصراعيها من هروبها وقال بتعلثم:-
-أنا متخلتش عنها...
-وهيفيد بأيه؟ أهي مشيت بسببك؟ أنت ملزم ترجعلي أختي زى ما ما مشيتها وألا يا جابر متلومنيش على اللى ممكن أعمله ..........
____ الفصـــــل الرابع والعشرون (24) ____
دلف "جمال" إلى الغرفة بتنهيدة وعينيه ترمقها هذه الفتاة الشاردة التى تقف أمام الشرفة تتطلع فى الخارج والفراغ، صمتها وهدوئها منذ الحادث يقتله ويفتت حال قلبه العاشق، تنحنح بهدوء ثم تقدم للأمام بعد أن أغلق الباب ونظر إليها ، أخذ فى يده الشال المصنوع من الكروشيه ثم وضعه على أكتافها بحنان لتنظر "مريم" إليه فى صمت فقال بلطف:-
-مريم متعبتيش من الوقفة هنا
عادت بنظر إلى الأمام حيث فرسها الجميل الذي يركض هناك فى العنان تحت ناظرها، نظر "جمال" للفرس الذي جلبه لها بعد وفأة إيلا ورغم ذلك لم يعوضها بفقدان فرستها الغالية، بل كان كأى فرس تراه لم تصعد على ظهره كثيرًا ولم تهرب من همومها للركوب عليه، رغم ذلك النظر إلى هذا الفرس يركض أمامها بحرية مُطلقة دون قيود ربما يعيد إليها بسمتها، تحدث "جمال" بلطف قائلًا:-
-مريم دى مشيئة ربنا، والحمد لله أن عندنا مكة ربنا يباركلي فيكم وأنتوا عندي بالدنيا كلها
دمعت عينيها بحزن خافت وألم قلبها لا يشعر به أحد غيرها، أدارها "جمال" إليها لينظر بعينيها الباكيتين رغم دموعها السجينة داخل جفنيها فقال بلطف:-
-قولى الحمد لله يا مريم، مهما كان اللي حصل أو اللى هيحصل خلينا نحمد ربنا على كل حاجة
اومأت إليه بنعم بحزن أكبر حتى تساقطت الدموع عن جفنيها تشق طريقها على وجنتيها الباردتين من البرد فجفف دموعها بأبهامه بحنان يكفى لشفاء جروحها وندوبها، أقتربت "مريم" منه بلطف ودفنت رأسها فى صدره ليشعر بيدها تلف حول خصره بأحكام كأنها تتشبث به بقوة حتى لا تسقط فى القاع المظلم مع أحزانها وأوجاعها، طوقها "جمال" بحب دافئ فسمعها تُتمم بين ضلوعه وصوتها مبحوح واهنًا:-
-أنت دافئ يا جمال، ياريت العالم كان عليا بدفئك، أنا بقول الحمد لله على دفئك
تركها بين ذراعيه تشعر بدفئه قدر ما تريد حتى تشعر بالأمان الذي تريده، شعر بجسدها يسترخي وتكاد تسقط منه فتشبث بها جيدًا وقال بقلق:-
-مريم
تحدثت بصوت واهن جدًا هامسًا:-
-جمال أنا عايزة أنام، أنام ومصحش يمكن النوم يكن راحتي ويخفف من أوجاعي
دمعت عينيه بحزن على ما ألت إليه الأمور والحزن الذي قضى على ما بقي من محبوبته وجعلها تتمني الموت للحصول على الراحة، أنحني قليلًا ليحملها على ذراعيه فسقط الشال عنها أرضًا، دلف للغرفة بها حتى وصل للفراش ووضعها به برفق، تبتسم رغم أوجاعه فى وجهها الملاكي ويده تداعب وجنتيها بلطف ثم قال:-
-أرتاحي يا مريم ونامي زى ما تحبي بس ما تطوليش لأني هنا مشتاقلك وواحشاني ماشي يا ملاكي
أومأت إليه بنعم وأغمضت عينيها كي يترك لها قبلة على جبينها وغادر الغرفة غاضبًا مما وصلت له محبوبته فأتصل بـ "عاشور" وفور أستقبله للأتصال قال بجدية وحدة:-
-أقتلها، لأني لو جيت ولاقيت فريدة بتتنفس هقتلها وأقتلكم كلكم
قاطعه "عاشور" بصدمة وهو لا يصدق أن "جمال" سيقتل أحد لكن "جمال" صرخ بعناد وترك العنان لغضبه الناري بأن يخرج:-
-من غير بس يا عاشور، أنا بسببها خسرت ولادي الأتنين، دى مستاهلش الشفقة والرحمة وهى نفسها مرحمتش عيالي اللى متخلقوش فى الدنيا، أنا بسبب فريدة أتحرمت من أنى أكون أب مرة تانية فى حياتي كلها وبسببها مريم مستحيل تكون أم لطفل ، قسمًا بربي اللى خلقني وخلقك لو ما أخدت روحها لأخد روحكم كلكم ومش هشفق على حد ................
_____________________________
وصلت "غزل" إلى شقتها الجديدة الذي أشترتها بعيدًا عن الجميع بعد أن هجرت الكل، ألقت بجسدها على الأريكة بتعب ثم أغمضت عينيها لترى صورته أمامها، ما زال عالقًا بداخلها، حتى رائحة عطره الرجولي تخترق أنفها فى الحال فتحت عينيها بحزن لكنها صُدمت عندما رأت "جابر" أمامها ورائحته لم تكن من ذكرياتها بل بسبب وجوده أمامها، وقفت بصدمة من وجوده وعينيها مُتسعة على مصراعيها من هول الصدمة فقالت:-
-أنت بتعمل أيه هنا؟ وعرفت مكاني منين؟
أجابتها بثقة وهو يقف واضعًا يديه فى جيوبه قائلًا:-
-أنا المكان الوحيد اللى ممكن تستخبي مني فيه هو الجيش ومش أكيد أني مقدرش أدخله
تأفف بغضب سافر وأشارت إلى باب الشقة وقالت:-
-أطلع برا، ومادام أنا مسمحتلكش تدخل بيتي يبقي متدخلهوش... برا
أقترب "جابر" منها أكثر مُتجاهلًا كلماتها لتقذف المزهرية الزجاجية بطريقه حتى تناثر الزجاج فى أرجاء الأرض فتوقف "جابر" مكانه ونظر للزجاج المنثور أسفل قدميه ثم رفع عينيه يحدق بها، تقدم للأمام هو يخطى علي الزجاج ولا يبالي بشيء مما جعل عينيها تتسع على مصراعيها من الصدمة وهو يأذى نفسه لأجلها، قال بهدوء:-
-همشي بعد ما تقوليلي مين اللى سمح لك تمشي؟
أبتلعت لعابها بتوتر شديد ثم قالت بجدية:-
-أنا وأنا مش محتاج أذن من حد
-حقك
قالها بهدوء ثم مسك ذراعها بقوة وجذبها إليه غاضبًا من تصرفها وعنادها ثم نظر بعينيها بأختناق وغضب وقال:-
-لكن مش من حقك تسرقي قلبي وتمشي، أديني قلبي ورجعني لحالي وأبطل أخاف وأقلق عليكي وبعدين أمشي
نظرت له فى صمت لا تملك جواب له، لا تعرف كيف ترد له قلبه وتجعله يتوقف عن عشقها فقالت بهدوء:-
-أنا أتنازلت عنك زى ما أنت أتنازلت عني من أول مواجهة
ترك يدها بصدمة من كلماتها ثم قال بهدوء:-
-عشان مقبلتش أتجوزك من غير موافقة أهلك يبقي أتنازلت عنك، عشان مقبلتش بإهانة أبوكي ليا وهو بيقولي خدوها ربيها يبقي أتنازلت عنك، كنتِ قابلة بإهانته ليا ولا كنتِ مستنية أنه يقولي ولما تخلف منها هتبقي أب وجد للطفل، مأخدتيش بالك من إهانته ولا مشوفتيش غير أنى مشيت عشان أحفظ كرامتي ولما أرجع أدور عليكي ألاقيكي هربتي مني كأنك أقتنعتي بكلامه وقبلتي وصدقتي كل كلمة قالها عني وأني منفعكيش... بس فعلا دا المنطق الوحيد لتصرفاتك أنكي قبلتي بكلامه كله .. براحتك يا غزل
ألتف لكي يغادر بعد أن قبل الطاولة عليها وجعلها هى من تخلت عنه، مسك يده بسرعة جنونية من صدمتها بحديثه وقالت بتلعثم غير مستوعبة تفكيره:-
-أنا مصدقتش حاجة ومقبلتش بإهانته ليك ، أنا هربت لأنك جبان خوفت تتجوزني في حين أن أنا نفسي قبلت أني أتجوزك من غير أذنه وأكون مسئولة عن نفسي لأني مش صغيرة وعارفة أنا بعمل أيه وبحبك أزاى
تقدم خطوة للأمام كي يرحل لكنها تشبثت بيده أكثر تمنعه من الرحيل أكثر بخوف من فقده بعد حديثه وأن يُصدق [أنها أقتنعت كليًا بحديث والدها عن فارق السن بينهم وتخلت عنه فقالت بتلعثم:-
-جابر متسبنيش.. دى أول مرة أتوسل لحد
أستدار إليها بهدوء وحدق بوجهها العابس وهى على وشك البكاء وصدق كلماتها تغلغل إلى قلبه وربت على روحه فقالت مُتابعة تشبثها بهذا الرجل:-
-جابر أنا36 سنة يعنى مش صغيرة وكبيرة كفاية أنى أقول أنى عايزة أتجوزك والجواز قبول وأشهر وأنا قابلة بيك و مستعدة أقول للعالم كله أنى أخترت الراجل دا يكون جوزى وحبيبي ورجلي وسندي محتاج أيه أكتر من كدة يثبتلك أنى بحبك وعايزك ها ؟ أنا مستعدة أعمل كل حاجة وأى حاجة عشانك لكن أنت مش مستعدة أنك تقف قصاد مأذون وتقولي زوجتك نفسي
النظر لعينيها ووجهها كفيلان بأن يجعله يخضع لحديثها ورغبتهما فى الجمع تحت سقف واحد، تابعت الحديث قائلة:-
-أنا مبقولكش تعال نتجوز فى السر ولا عرفي، أنا عايزة أتجوزك قصاد....
قاطعها بنبرة دافئة وثقة كبيروة قائلًا:-
-تتجوزني ، دلوقتي ؟!
تبسمت بسعادة ودموعها تحولت لبريق لامع فى عينيها من العشق والسعادة التى غمرتها للتو ثم أومأت برأسها بنعم دون أن تفكر كثيرًا فى قرارها وقالت:-
-امممم
أخذها من يدها دون أن تغير ملابسها وذهب إلى مكتب المأذون لتُدهش "غزل" بوجود "مسك" و"تيام" كأن "جابر" كان مرتب لكل شيء قبل أن يذهب إلى شقتها وحتى والدتها "بثينة" موجودة ليعقد قرانه عليها واتفق أن بأخر الأسبوع سيكون حفل زفافهما وقال بجدية:-
-أنا عملت اللى عليا ودخلت البيت من بابه والفرح هيكون يوم الجمعة ، إذا حب دكتور غريب يحضر أنا مش همنعه لكن هو مالهوش حق الرفض لأن غزل دلوقت بقيت مراتي
تبسمت "مسك" بسعادة لرؤية بسمة أختها وعانقتها بسعادة ثم قالت بهمس فى أذنها:-
-عملتيها أزاى، جننت الراجل بيكي يا غزل... مبروك يا عروستي
تبسمت "غزل" مع كلماتها ونظرت إلى "جابر" الذي يُحدث والدتها على زفافهما فقالت بلطف:-
-دا الحب يا مسك أعتقد أنك جربتيه مع تيام
ضحكت "مسك" بعفوية وعينيها رمقت زوجها الذي بدل العشق حاله كليًا وقالت:-
-فعلا الحب لوحده بيغير
_________________________________
تحدثت "أصالة" عن مواعيد "جمال" بهدوء قائلة:-
-النهاردة عند حضرتك مزاد تابع لشركة بلص الساعة 5
تحدث "جمال" بهدوء وعينيه لا تفارق شاشة العمل قائلًا:-
-أبعتي شريف أو حد فى الشركة
أجابته "أصالة" بجدية ترفض أقتراحه الشديد قائلة:-
-هنعمل مشكلة مع رئيس الشركة وكمان رئيس المعروضات، هم حاببين وجود حضرتك كضيف شرف للمكان، وجود حضرتك هيعلى من قيمة الأسعار وكمان المعرض دا استثمار باسم حضرتك وزى ما إحنا بنعمل وهم متأخروش علينا فى حملة الإعلانات
تأفف بضيق ثم قال:-
-أتصرفي يا أصالة، أنا مش فى مود أنى أحضر حفلات نهائي
تأفف بضيق ثم ألتفت لكي تغادر لكن أوقفها فجأة قائلًا:-
-أقولك أنا هروح، أبعتي فستان لمريم على القصر عشان تجهز
تبسمت "أصالة" بسعادة ثم قالت:-
-حاضر فكرة حلوة جدًا وجود مريم فى المكان باسمها كإعلامية هيرحبوا بالفكرة جدًا
كادت أن تغادر بحماس شديد لكن أوقفها "جمال" ببسمة خافتة وقال:-
-ياريت الفستان يكون لونه أزرق يا أصالة
أومأت إليه بنعم ثم غادرت لينظر إلى صورة "مريم" التى تحتل طمكتبه وبجوارها صورة لـ "مكة" طفلته وقكانت بسمة "مريم" كفيلة بأن تثير نبضات قلبه وقال بهمس مُتمتمًا:-
-كأن الأزرق خلق ليكي يا مريم.....
________________________________
"قصر جمــــال المصــــري"
نزلت "مريم" من الأعلي مُنهكة و"مكة" تمسك يدها ببراءة وتتحدث كثيرًا عن يومها الأول فى الروضة وكيفية بكت كثيرًا لأنها تريد العودة للمنزل فقالت "مريم" بهدوء:-
-مش إحنا أتفقنا إنكِ تكوني بنت جميلة ومتعيطيش عشان أجبلك هدية
-كنت خايفة من الولاد هناك يا مامي والميس بتزعق كتير
قالتها "مكة بعبوس فى وجهها وحزن، فقالت "مريم" بعد أن وصلت للطابق الأول:-
-ماشي يا مكة بكرة أكلم الميس ، نانسي
جاءت "نانسي" لها فقالت بجدية:-
-خدي كوكى غيرلها الهدوم وأكليها حاجة
أخذت "نانسي" طفلتها من يدها فألتفت "مريم" خلف الدرج وتنظر فى هاتفها على رسالة من المحطة الفضائية بموعد التصوير للبرنامج كتذكر، كادت أن تكتب رسالة لهم لكن قاطعها صوت "ولاء" تقول:-
-أموت وأعرف عملتي أيه فى حياتك بتتعاقبي عليه فى كل فرحة تتكسر
رفعت "مريم" نظرها عن الهاتف بهدوء وأخذت تنهيدة قوية قبل أن تبدأ مشاحناتها مع "ولاء" وقالت:-
-وأنهي ذنب حضرتك عملتيه عشان تتحرمي من حب ولادك
قهقهت "ولاء" ضاحكة بسخرية ثم قالت:-
-مين اللى ضحك عليكي وقالك أن ولادي بيكرهوني ، أنا أم ومهما عملت أنا أمها وهفضل أمها.. الدور والباقي على واحدة أتقطع نسلها من الدنيا زى أمها تمامًا جابتها وأتقطع نسلها وعمرها كله من الدنيا
جاءت "حنان" مُسرعة بعد أن ذكرها "جين" بأجتماع الأثنتين بسبب أمر "جمال" لتسمع كلمات "ولاء" الحادة إلى "مريم"، تنهدت "مريم" بعيني دامعة من حديثها الذي جرحها وزاد من نزيف قلبها وروحها وظلت تمقن "ولاء" بعيني ثاقبة تتمنى لو تستطيع صفع هذه المرأة التى تقسو عليها بقوة بل تدهسها، تابعت "ولاء" ببسمة أنتصرت من رؤية غرغرة دموع "مريم" قائلة:-
-بس أنا ذنبي أبني أيه أنه يعيش فى الدنيا بطوله من غير عيل يتسند عليه لما يكبر، بسببك أبنى اتحرم من أنه يجيله حتة عيل يشيل أسمه ويكون سنده فى الدنيا ...
تمتمت "مريم" بقهرة وحزن شديد قائلة:-
-أسكت
تابعت "ولاء" بلا مبالاة هاتفة:-
-حتى لما أتوكستي وشلتيه عيل جت بت فقرية زى أمها .......
صرخت "مريم" بلا مبالاة لهذه المرأة ومن تكون، لا تهتم سوى لجرحها الذي فاق طاقتها فى تحمل وجعه للتو قائلة:-
-أسكتي قولتلك أخرسي.. مين أنتِ عشان تدوسي على أوجاعي، مين أنتِ عشان تدوسي على روحي ووجعي، بأي صفة ولا أى حق تتكلمي معايا كدة ها فاكرة نفسك مين، فوقي أنا مش ضعيفة ولا عاجزة أنى أرد عليك
تبسمت "ولاء" بسخرية من ثقة هذه الفتاة وقالت:-
-اكيد مش ضعيفة بعد ما أتجوزتي جمال المصري لكن قبل كنتِ مجرد حشرة تتداس بالرجل كان أخرك ويبقي أقصي أحلمك أنك تمسحي جزمتي
تحدثت "حنان" بهدوء وخوف من "جمال" عندما يعلم بحديث والدته مع "مريم" قائلة:-
-مدام ولاء بعد أذنك
تحدث "مريم" بغضب لا تشعر بشيء من إنشقاق قلبها المجروح :-
-حشرة!! قولتي حشرة، ليكون فى علمك أنا مريم العاصي الأعلامية رقم واحد فى البلد والوجه الأعلاني لأكثر من شركة وماركة تجارية وأنتِ وأمثالك ليكي الشرف أنك بتشوفني أصلًا لأن غيرك يتمني أنه بس يشوفني صدفة، وكل دا أنا وصلته بمذكرتي وتعبتي ومجهودي عشان كدة أياكي مرة تانية تفكري أنى قوية عشان مرات جمال المصري أنا قوية بأسمي ومجهودي ونجاحي اللى واحدة زيك موصلتش لأى حاجة غير أنها ولدت جمال المصري بس ويكون فى علمك أنا فاض بيا منك والنهاردة يا أنا يا أنتِ اللى هتبقي بالقصر وخلينا نشوف جمال هيختار مين تبقي.....
___________________________________
أنهي عمله تقريبًا مُتأخرًا على موعده فأنطلق مع "عاشور" إلى المكان المحدد للحفل وأنتظر قدوم سيارة "مريم" التى وصلت بنفس اللحظة تقريبًا، فتح "عاشور" لها الباب لتترجل "مريم" مُرتديًا فستان أزرق طويلًا بأكمام وضيق يظهر نحافتها وبه رابطة من الخلف تحيط بظهرها وذراعيها ذات اللون الأبيض وتستدل شعرها البني على ظهرها مُرتديًا كعب عالي ليمد "جمال" يده إليها فوضعت يدها براحة يده لكنها دُهشت عندما قبل "جمال" يدها بلطف، مساحيق التجميل زادت من جمالها أكثر فلم تكن نجمة إعلامية فقط بهذا الحفل، بل كانت نجمة الحفل كاملًا بجمالها، رحب الجميع بهم ثم أخذهم المسئول لكي يعرض عليهم المعروضات قبل بدأ المزاد حتى وصلوا أمام قلم أسود لكاتب عظيم داخل صندوق زجاجي فتبسمت "مريم" أمام هذا القلم وتمنت لو أستطعت أن تترك أثر خلفها يُقدروا الجميع كهذا القلم، ذُهل "جمال" من ظهور بسمتها للتو بعد معاناة كبيرة ومحاولات كثيرة منه فى إعادة البسمة لوجهها فلم يسمع كلمة واحدة من الموظف ، بل شرد بجمال بسمتها التى ظهرت أمام هذا القلم الأسود الذى لا يقارن بأى قلم ثمين أشترته "مريم" من قبل، لم يري بسمتها البريئة منذ أن فقدت جنينها من جديد والآن قد لمعت بوجهها، تحدث "جمال" بخفوت فى أذنها:-
-عجبك؟
نظرت إليه بلطف وأومأت برأسها قليلًا، جلسوا على المقاعد المخصصة لهم ثم بدأ المزاد على الأغراض الموجودة حتى حان وقت القلم، تحدث رجل أخر عن السعر الذي بدأ بـ ١0٠٠٠٠ جنيه لتُدهش "مريم" عندما قال "جمال" بثقة:-
-٢٠٠ ألف
رفع الرجل سعره فمسكت "مريم" يدى زوجها بحرج ثم قالت:-
-جمال خلاص دا مجرد قلم
لكنه لم يتنازل عن القلم حتى وصل سعره إلى ٦٠٠ ألف وقد تخطي النصف مليون جنيه، أعطاها القلم بنظرة دافئة تلمع فى عينيه وقلبه لم يكن بحاله الطبيعي، بل جن جنونه فور رؤيته لبسمتها، همس إليها بحب قائلًا:-
-مش مجرد قلم يا مريم، دا رجعلي ضحكتك اللى أتحرمت منها وأنا ممكن أبيع العالم كله بكنوزه مقابل الضحكة دى منكِ
نظرت للقلم مطولًا ثم رفعت نظرها إليه وعقلها شاردًا بكلماته كيف لقلم يضحكها وينير وجهها ومعها رجل كـ "جمال" لا يقارن بأي شيء، بادلها النظرات فى صمت مُبتسمًا لتقترب "مريم" وتعانقه بهدوء بينما هو مُمتن لهذا القلم الذي أثار براءة زوجته الحزينة وخلصها من حزنها...
عاد للقصر معها فى السيارة الخاصة به لتقصى له ما حدث ما والدته وقالت بجدية صارمة:-
-أنا فاض بيا يا جمال، حقيقي أن حد يدوس على وجعي وميقدرش شعور بيوجع أكثر، قولي سبب واحد أو حاجة واحدة أنا عملتها عشان تكرهني الكره دا كله، بقالي أكثر من 8 سنين فى قصرك ولسه مش قادر تتقبلني، أنا معنديش مشكلة أنها تقاطعني أو تكرهني لكن متوجعنيش وتدوس على وجعي على الأقل تخليها فى حالها وأنا فى حالي وكأن العالم مشبعش من أوجاعي فى كل الناس فبعتلي الست الوالدة كمان
تنهد "جمال" بهدوء من تصرفات والدته وقال:-
-معلش يا مريم أنا هتصرف، حقك عليا أنا
أخذت نفس عميق بهدوء ثم قالت:-
-وأنت ذنبك أيه؟ أنا كل مرة كنت بسكت وبقول مش لازم أحكيلك ومعملش مشكلة مع الأم وابنها لكن صدقنى يا جمال وجعني وطاقتي منها فاضوا بيا لأني بشر ومن لحم ودم
قبل "جمال" جبينها بلطف لتضع رأسها على صدره بأسترخاء فأخذ يدها فى قبضته يعانقها لتبتسم "مريم" بعينيها التى تراقب أصابعه وهي تتغلغل بين أصابعها ......
يتبع