
رواية جمال الاسود الفصل التاسع عشر 19والعشرون20 بقلم نورا عبد العزيز
تناول "جمال" طعامه فى صمت وعينيه تحدق فى وجهها العابس وشرودها حتى أنها لم تضع لقمة واحدة فى فمها، ترك الملعقة من يده ومسح فمه بالمنشفة الصغيرة ثم قال:-
-ما لك يا مريم؟
نظرت إليه بتوتر وحيرة ثم قالت:-
-مفيش! كمل أكلك
نظر "جمال" إلي طبقه الذي أنهاه بالفعل لكنها لم تنتبه وقال بهدوء شديد:-
-أنا كلت
وقفت "مريم" من مقعدها ببسمة مُزيفة ثم قالت:-
-هعملك القهوة
كادت أن ترحل من أمامه لكنه استوقفها عندما مسك يدها بيده القوية يمنعها من الرحيل فنظرت إليه بهدوء ليقول بجدية:-
-حنان هتعملها، أنا زعلتك فى حاجة؟
هزت رأسها بلا بسرعة تقتل أفكاره الخاطئة ثم قالت:-
-لا محصلش
وقف من مكانه ليحدق فى عينيها الحزينتين والقلق يحتلهم، نظر إليها بحيرة من معرفة ما حدث بها، مُنذ قليلًا كانت تبتسم بسعادة وتركته بفرحة تغمرها لكن أين كل هذا ليقول:-
-الورد معجبكيش
-لا والله جميل ورائحته طيبة وجميلة
قالتها ببسمة خافتة، أستسلم لصمتها لكنه يعلم جيدًا بأن هناك شيء حدث معها فسأل من جديد:-
-أنتِ زعلانة عشان منفذتش وعدي وسفرتك، أنا عندي بكرة أجتماع مهم من لجنة من الحكومة وأخلصه وأستلم المشروع ونسافر زى ما تحبي وأنا هسيب الشغل لـ شريف لكن مقابلة بكرة ضروري أكون فيها
هزت رأسها بنعم فى صمت وهدوء على غير عادتها ثم قالت:-
-مش زعلانة، ولو عندك شغلك بلاش السفر أنا مش هحبلك الخسارة أو أسببلك أذي فى شغلك
ترك يدها بثقة من أن هناك أمر حدث بها فهى من كانت تصرخ وتأمره بالسفر معها ليقول:-
-أنا متأكد أن فيكي حاجة، أنا مش لسه بتعرف عليكي يا مريم وعمومًا براحتك، لما تحبي تتكلمي أنا موجود وهسمعك، خلي حنان تجبلي القهوة فى المكتب
تركها ودخل للمكتب مُستاءًا من صمتها وهى تخفي عنه الأشياء بينما نظرت إليه وهو يبتعد عنها بحزن، جهزت لكل شيء من الصباح لتبقي معه طيلة الليل وتصنع الذكريات الجميلة معه، أرادت أن تجعله يبتسم بقدر بسمتها التى لاحقتها مع خبر نجاحها، لكن هذا الغبي دمر كل سعادتها بأتصاله، تعجبت "حنان" من كلمتها وقالت:-
-القهوة فى المكتب!!، معلش سامحيني على تطفلي والله مش قصدي أدخل بينكم لكن ضروري أسأل عشان قبل ما أدخل أواجهه جوا... أنتوا أتخانقتوا؟
خرجت تنيهدة من "مريم" مُعبأة بالخيبة والحزن ثم قالت:-
-لا، أنا طالعة أنام
أستوقفتها "حنان" بسؤالها قبل أن تخرج من المطبخ:-
-طب والتورتة مش هتأكلوها
لم تجيب عليها "مريم" بكلمة واحدة وصعدت للأعلي حيث غرفتها وجلست مقابل المرآة تنزع حلق أذنها بشرود فى هذا الأتصال الذي جاء لها من شخص تناساها كل هذه السنوات، نظرت للمرآة على إنعكاس صورتها وبدأت تلوم نفسها على فعلتها، أخبرته أن يأتي لأجلها مُسرعًا ولا يتأخر، دخلت للمطبخ وبدأت تصنع له الطعام تحت إشراف الطباخ لأجل "جمال" وأتصلت بصالون التجميل حتى يأتوا الفتيات ويساعدوها فى التجمل حتى تظهر أمامه جميلة ومُختلفة كيومها وهى بالنهاية ماذا فعلت دمرت كل شيء بسبب توترها وخوفها من القادم فقالت بندم مُعاتبة صورتها المُنعكسة:-
-خايفة من أية وجمال معاكي يا مريم؟
تركت حلق الأذن على التسريحة وهرعت للأسفل حيث تجده، دلفت للمكتب دون أن تطرق الباب لتراه يجلس على الأريكة الجلدية السوداء ويرتشف قهوته وبين سبابته والوسطي سيجارته، رمقها فى صمت لا يعلم ماذا يقول لكنه غاضبًا بعد أن خاب أمله بها، طيلة اليوم وهو يفكر لماذا تنتظره وماذا ستفعل؟ إلغاء كل مواعيده وهرب من عمله الذي يُدمنه لأجلها وهى ماذا فعلت؟ دمرت كل شيء بصمتها وحزنها الغامض، أقتربت منه ليري فستانها يزحف على الأرض معها بعد أن نزعت كعبها العالي وهكذا الحُلي ليبتسم بخفة بعد أن تذكر كيف أخبر "أصالة" اليوم عن حُريتها وكرهها للتقييد، جلست جواره فى صمت ليقول:-
-قررتي تقولي مالك؟
هزت رأسها بلا لتراه يطفيء السيجارة التى أشعلها للتو لأجلها رغم غضبه لكن يهتم بصحتها، فقالت بنبرة خافتة:-
-قررت أثق فيك
أدار رأسه إليها بأندهاش من كلمتها فقال بحيرة وعدم فهم لكلمتها:-
-أنتِ حد قالك حاجة عني؟
أخذت يده فى راحتي يديها بلطف شديد ونظرت إليهم ثم رفعت نظرها إليه ورأت عيني "جمال" تحدق بيده التى أحتضنتها للتو بأندهاش لفعلتها ثم رمقها بحيرة وحيرتها تظهر فى عينيه بوضوح حتى لو لم يتفوه لسانه بها لتقول بنبرة خافتة:-
-أنا مُتأكدة أنك معايا ومش هتسبني صح؟
لم يُجيب على كلمتها لتتابع بنبرة هامسة رغم دفئها لكنها تحمل الخوف الذي تحمله فى طياتها:-
-متسبنيش يا جمال، أنا مطلبتش منك أى حاجة ولا أنك تضغط على نفسك عشاني ولا عايزة منك حاجة وقبلتلك وحبيتك زى ما أنت وطلبي الوحيد أنك متسبنيش مهما كان اللى هيمر علينا خليك معايا أنا بقوى وبتشجع بوجودك لكن لو سبتني مليون حاجة ممكن تدوس عليا وتقتلني، أنا ضعيفة أوى من غيرك وبشجعني بيك
ترك فنجان القهوة من يده الأخري ثم لمس وجنتها بلطف وقال:-
-بالله عليكي يا مريم قوليلي ما لك؟ مين اللي قالك أنى هسيبك أو أيه اللى مخوفك أوي كدة، أنا شايف الخوف والحيرة فى عينيك ودا مش من فراغ
حدقت بعينيه بصمت لكن عينيها أخبرته بألا يضغط عليها أو يجبرها على التحدث وهى تسعي جاهدة للشفاء من أوجاعها ليقول بضيق شديد من نظرتها التى قرأها جيدًا:-
-مريم متجبرنيش أعرف بطريقتي، أنا مسافة ما غيرت هدومي كأنك بقيتي حد تانية فى دقائق، متجبرنيش اسأل جين؟
-تحت أمرك يا سيدي
قالها "جين" فور سماع اسمه بصوته الألي ليزيد من ربكة "مريم" وهى تعلم أن هذا الأختراع الألي يملك المكبرات الصوتية ويمكنه الولوج لهاتفها وربما يملك تسجيل المكالمات أيضًا، إذا أمره "جمال" بمعرفة ما حدث سيخبره بالتفاصيل دون أن يهمل شيء لتقول:-
-جمال
-أنا مقصدش التطفل ولا أنى أضغط عليكي لكن حالتك وزعلك دول قلقوني عليكي....
تحدث بجدية صارمة بخوف عليها لكنه صمت فور أعترافه بهذا الخوف بأرتباك لتبتسم "مريم" بتلقائية وهذه المرة كانت بسمة حقيقة لا تزيفها وهو حقًا بدأ يعترف شيئًا فشيئًا ويتخلي لسانه عن عقدته لتقول:-
-قلقان عليا
تنحنح بحرج من كلمته وقال بحزم:-
-مريم متغيريش الموضوع، طب أنا زعلتلك فى حاجة فوق، مقنعنيش أن مسافة ما نزلتي السلم زعلتي لوحدك، أنا زعلتك؟
تبسمت بلطف هائمة بعشق هذا الرجل الذي يكره عبوسها وحزنها ثم تركت يده التى أحتضنتها مُطولًا ورفعت يدها إلى لحيته الناعمة تداعبها بأناملها الدافئة وقالت:-
-معقول أزعل منك! لا مُستحيل...
-بس..
قالها مُعترضًا على حديثها لتقول بنبرة أكثر دفئًا وحنانًا وعينيها ترمق عينيه الخضراء بنظرة ثابتة كالعناق الدافيء:-
-بيسألوني أنا أزاى قدرت أحبك؟ قولي لو محبتش راجل بيكره زعلي وبيخاف يكون زعلني من غير قصد، راجل مبيهونش علي زعلي ولا سكاتي هحب مين؟، مرة قولتلي أن خرابك هيتعبني وهيوجعني، طيب أنا أزاى بلاقي سلامي وأماني فى خرابك دا يا جمال، إذا كان كل الحب اللى بتعاملني بيه وبتقدمه ليا خراب فالصلاح عامل أزاى، أنا راضية أكون فى خرابك ومعاك على أني أكون فى الجنة مع غيرك
وضع يده على يدها الموجودة على لحيته بحنان وضربات قلبه تصعق ضلوعه الصلبة المُتجحرة أمام هذا الحب الذي يتلقاه من هذه الفتاة وقال بلطف رغمًا عن قوته وجبروته:-
-أنا مستحيل أسيبك لغيري يا مريم
أندهش من رد فعلها عندما جذبت يدها من يده وعانقته بحنان وتعلقت بعنقه بقوة كأنها لا تريد الرحيل من بين ذراعيه مأواها الوحيد بهذا العالم القاسي الذي يخفي لها الكثير من الوجع وقالت:-
-ودا كفاية عليا والله يا جمال، كفاية أنك متسبنيش
طوقها بذراعيه بدفئ مُشتاقًا لهذا العناق الذي لطالمًا تمناه ولا يريد أن يترك أسرها بين ذراعيه ولو أمكنه سيشق صدره الصلبة ويخفيها بداخله حتى تظل معه للأبد، تبسمت عندما شعرت بيديه تستقر على ظهرها بحنان وهمست فى أذنيه بنبرة ناعمة كاد أن يسمعها وأنفاسها الدافئة تداعب أذنه:-
-أنا بحبك يا جمال وهفضل أحبك لحد أخر نفس فيا وهفضل أقولك بحبك بعدد أنفاسي ولو يسمح ليا العالم هصرخ لكل الناس وأقولهم أنى بحب الراجل دا
تبسم علي دفئها وكلماتها التى أطلقت العنان لضربات قلبه حتى تهزمه وأوشك على نطق هذه الكلمة وقال بخفوت:-
-مريم... أنا بــ....
توقف لبرهة من الوقت وعقله الأحمق يتذكر الماضي ويضربه بقسوة أفكاره، تسللت "مريم" من بين ذراعيه وحدقت بعينيه وهي تعلم أنه اوشك على النطق بها، نظر إليها فى صمت بضيق من تلجم لسانه الذي عقده عقله وأفكاره فتبسمت بخفة من محاولته وقالت:-
-متضغطتش على نفسك يا حبيبي أنا مش عايزة أسمعها دلوقت
قبل جبينها بإمتنان لتفهمها حالته وتحجر عقله لكنه واثقًا أن "مريم" ستنتشله من تحجر عقله كما أنتشلت قلبه من تصلبه وأذبت الجليد عنه لتعيد له الشعور بالحب من جديد، تبسمت إلى هذه القبلة بأمتنان كأنها تكفيها منه ولا تطمع بالكثير الآن، وعدت قلبها بأن تكون صبورة معه حتى تحصل على جائزتها الكبري عندما ينطق بهذه الكلمة....
__________________________
ذهب "جمال" بصحبة "شريف" إلى مقر الحكومة التى سيتقابلا فيه وكان مُرتدي بدلة ثمينة للغاية وحذاء أسود يلمع وكأنه أراد أن يظهر قوته وهيبته فى هذا اللقاء من أجل عدوه اللدود، جلس على اليمين وبجواره "شريف" يحدقان بـ "نادر" الذي على اليسار مُقابلهم ويحدق بهما ببسمة خبيثة ليقول "شريف" بهمس:-
-فى حاجة غلط، نادر فيه حاجة غريبة النهار دا، أول مرة ميكنش قلقان وهو قاعد قصادك
-يمكن جوازه من رقاصة قوي قلبه
قالها بسخرية ليقاطعهم صوت الرجل الذي أنهي للتو تفقد العرضين من الشركتين وقال:-
-بصراحة العرض مُغري جدًا ويليق بالمشروع والخطة اللى حاطاها الوزارة وبما أنكم قدمته نفس العرض فخلينا نراجع للشئون المالي
أتسعت عيني "جمال" من كلمته وحدق إلى "نادر" الذي تبسم بمكر شيطانية وقاال بتلعثم:-
-نفس العرض
أومأ الرجل له بجدية وقال:-
-ايوة نفس العرض بنفس المميزات وحققي دا معجزة أننا نخلق شقق سكانية تساعد المُصابين بالشلل أو ذو الإعاقة كالمكفوفين والأصمة عن طريق التكنولوجيا
كز "جمال" على أسنانه بضيق شديد من سرقة عرضه وقد فهم للتو سر هذه البسمة الماكرة وقوة قلب "نادر" وجرأته أمامه فهو سرق مُخططه لصنع شقق تساعد ذو الإعاقة، خرج الرجل بالأوراق قليلًا ليقول "جمال" بسخرية:-
-شقق لذي الإعاقة، من نادر تيجي أزاى دى
-أنا طول عمري رجل أعمال بيساعد المحتاجين يا جمال مش جديدة عليا
قالها "نادر" بسخرية من "جمال" وحالة الغضب التي تملكته للتو فقال "جمال":-
-فعلًا بس يا تري فكرة أنك ترشي حد من شركتي ويبيعلك مشروعي كانت فكرتك ولا فكرة الرقاصة مراتك، أصلها فكرة عوالم شوية
أتسعت عيني "نادر" وهكذا مساعده "تامر" بمعرفة "جمال" بخبر زواجه من "سارة" ليقول بتلعثم:-
-أنت!!
أنفجر "جمال" ضاحكًا بسخرية على تلعثمه ثم قال:-
-ههههه، أنت فاكر أن فى حاجة بتستخبي على جمال المصري، بس السؤال بقي هل اللجنة ممكن تديك مشروع زى دا بعد خبر جوازك من رقاصة
كز "نادر" على أسنانه بضيق ولا يملك جواب عليه، كاد "تامر" أن يتحدث لكن أوقفه دخول الرجل الذي يقول:-
-مُتأسف جدًا يا أستاذ جمال، بما أنكم قدمتوا نفس العرض كأن لازم نبص على المالية وشركة نت ورك الخاصة بأستاذ نادر قدمت ميزانية أقل من حضرتك ب10 مليون
نظر "جمال" بأندهاش من قرار اللجنة وغادر غاضبًا بعد خسارته أمام "نادر" بينما تبسم "نادر" بسعادة لفوزه وأنطلق فى سيارته مع "تامر" الذي يقول:-
-مش كتر 10 مليون ندفعهم من جيبنا عشان خاطر جمال
ضحك "نادر" بعفوية ثم قال:-
-ما تصحح كدة يا تامر هو أنا هدفع حاجة من جيبي كلها فلوس سارة، متنساش أن العقد بيقول لو أنا خدت المشروع دا مش هرجع جنيه واحد من الخمسين وأنا كنت عايز أكسر مناخير جمال وأديني حققت الهدفين بضربة واحدة، أدفع الـ 10 مليون من فلوس سارة ويبقي كدة المكسب لينا 40 مليون جم كدة من الهواء وأنتصرنا على جمال دا غير المكسب اللى هيعود علينا من المشروع، أنا أستغفلت جمال وسارة واللجنة ... بذمتك مستاهلش حفلة النهار دا
ضحك "تامر" بعفوية ونظرة خبيثة ثم قال:-
-بصراحة تستاهل على المجهود اللى عملته يا ريس، تحب أتصل بواحدة من حبايبك تيجي تسهر معاك
هز رأسه بلا ويديه تخرج هاتفه من جيبه ويتصل بـ "سارة" ثم جعله ينظر إلى أسمها وقال:-
-لا فى الوقت الحالي معايا أجملهم، لكن لو كنت تعرف النهار دا بالذات تجيبلي الفرسة البرية اللى عند جمال كنت غرقتك دلع يا تامر
وضع الهاتف على أذنه ينتظر أن تجيبه عليه فقال "تامر" بمكر شيطانية:-
-ههه بلاش النهار دا يصعب عليا يخسر شغله وخطيبته مرة واحدة
ضحك "نادر" بسخرية وسعادة تغمره حتى اجابت "سارة" عليه ليقول:-
-وحشتيني يا وش السعد.... لا بقولك أيه مفيش شغل النهاردة أنا عندي ليكي خبر ب50 مليون جنيه...... ههههه متستعجليش يا حياتي على زرقك هبعتلك عنوان تعدي عليا بعد ساعة فيه لكن خلي بالك محدش يشوفك... سلام يا روحي
_________________________________
كاد أن يجن جنونه من خسارته أمام هذا الرجل الخبيث فقال بغضب سافر:-
-أعرف ليا مين اللى عملها يا شريف، أنا مش هرحم حد
أومأ "شريف" له بنعم بينما يجلس فى الأمام بجوار "صادق" فضرب "جمال" قبضته فى النافذة بضيق شديد من الغضب الذي يكمن بداخله فى الحال، قاطعه رنين هاتفه بأسم "سلمي" ليقول:-
-ألو
-مالك شايط ليه؟
قالتها بقلق بعد أن سمعت صوته ليجيب "جمال" بنبرة أكثر هدوءًا:-
-مفيش مشاكل فى الشغل، عملتي أيه؟
-حجزتلك طيارة خاصة بليل وتحت قيادتي وبعتلك الورق وجواز السفر على الشركة
قالتها بلطف ليؤمأ إليها بنعم وأغلق الهاتف وسيارته فى طريقها للمنزل لا يعلم كيف سيقابلها بهذا الغضب والآن لا يريد السفر حتى يرد المكر إلى "نادر" لكنه وعدها بأن يذهب معها اليوم ....
_________________________________
"قصـــــر جمـــــال المصــــري"
كانت "مريم" جالسة فى الردهة على الأريكة تبحث فى هاتفها عن أماكن يجب أن تزورها فى فرنسا حتى قاطعها صوت "حنان" تقول:-
-فى واحد أسمه ياسين على البواب عايز يقابلك بيقول أنه ابن عمتك
رفعت نظرها عن الهاتف بصدمة ألجمتها وصمتت قليلًا تفكر ووضعت يدها على فمها بقلق ثم قالت بحيرة:-
-ماشي دخليه وأنا هطلع اغير هدومي
صعدت للأعلي بقلق وأرتدت بنطلون جينز وتي شيرت أبيض اللون وخف من الفرو ونظرت فى المرآة ثم قالت:-
-متقلقيش يا مريم أنتِ فى القصر مستحيل يأذيكي وأنتِ فى ملك جمال
ترجلت للأسفل لتراه جالسًا فى الصالون الموجود قرب الدرج وأمام بوابة القصر ويرتشف العصير الذي قدمته "حنان" له، كان كما هو لم يتغير به شيء رغم مرور السنوات، شاب يكبرها بثلاثة سنوات، شعره الأسود القصير وخفيف من الجانبين بدون لحية لكنه يملك شارب أسود فوق شفتيه، حاجبين كثيفين وعينيه أسفلهما باللون البني الداكن جدًا يميل للأسود، بشرته سمراء بجسده العريض رغم أنه بطولها تقريبًا، مُرتدي بنطلون جينز أزرق وتي شيرت سماوي اللون، سارت نحوه وهو يتطلع بها هذه الفتاة التى كبرت عن قبل لم يراها مُنذ خمس سنوات وعندما تشاجر مع زوجها "مُختار" تغيرات كثيرًا من فتاة مراهقة إلى فتاة شابة ناضجة، فتاة قروية فوضوية لفتاة كعارضة أزياء رغم بساطة ملابسها، زاد جمالها مع سنوات عمرها، وقف فور رؤيتها وقال:-
-أحلويتي يا مريومة
جلست أمامه دون ان تصافح يده الممدودة ليتعجب طريقتها، قبل اليوم كانت تعانقه عندما تراه فقال بسخرية:-
-لا وأتغيرتي كمان
جلس بعد جملته فسألته بجدية ولهجة صارمة تعلمتها من "جمال":-
-جيت ليه؟
-مكنش ينفع أعرف أنك أتخرجتي ونجحتي ومجيش أبارك وكمان على الخطوبة، معقول متعزمنيش
قالها بسخرية ونبرة غليظة لتضع قدم على الأخري بضيق من كلماته ثم قالت:-
-وعرفت كل دا منين بقي؟ أو خليني اسأل السؤال الصح؟ جبت رقمي منين؟
نظر لها فى صمت لتتابع بضيق شديد:-
-من حمزة!! هو اللى أدهولك مش كدة، ويا تري هتساعده فى أيه المرة دى ما هو مش جديد عليك مساعدته
نظر لها بأندهاش من كلمتها وأرتجفت يده التى تحمل كوب العصير لتتابع بحدة وضيق شديد:-
-مستغرب ليه؟ أنا عارفة أنك ساعدته فى التخلص من الجثة
سقط كوب العصير من يده بصدمة ألجمته من كلماتها فعندما ذهب للمزرعة كي يطمئن عليها بعد شجار "مُختار" وجده جثة هادمة وهى فاقدة للوعي ليخبره "حمزة" بأنه حاول أغتصاب أبنته فقتله وتخلصا من الجثة معًا لكن "مريم" كانت فاقدة للوعي حينها، على عكس "مريم" التى تبسمت بسخرية على صدمته ونظرت للعصير المسكوب على الأرض بعد أن ساعدها الطبيب النفسي فى تذكر التفاصيل المفقودة فى عقلها وربما هذا ما جعلها ترتجف خوفًا من الأمس وبعد أتصاله لتقف من مكانها بضيق شديد وقالت:-
-أمشي يا ياسين ومتجيش هنا تاني ومتحاولش أنت وحمزة تضايقوني لأن معنديش أستعداد أعاني لوحدي، وأقسملك انى ممكن أبلغ البوليس عنكوا وهو يخلصني منكم
نظرت للجهة الأخري وكادت أن تقف لكن أوقفها "ياسين" الذي هرع إليها بخوف مما تتحدث به ومسكها من ذراعيها بقلق مُحدثها:-
-مريم أنا عملت كدة عشانك مش عشان اساعد حمزة، أنتِ عارفة أني بكرهه وبكره أذيته ليكي، ساعدته عشان بس أحميكي من أذية مُختار
صرخت به بأنفعال وهى لا تتحمل كلماته التى ألحقت بها للجحيم قائلة:-
-لو مكنتش ساعدته وبلغت البوليس كانوا قدروا يثبتوا أني أتخدرت ومكنش حمزة أبتزني ولا عذابي وأوهمني أني قاتلة، مكنتش شوفت كوابيس وشكل الدم اللي ملازمني دايمًا، مكنش كل دا حصل... لكن جاي تقولي عشاني أنت بتكدب علي نفسك الكذبة وعايزني أصدقها...
تبسم بلطف ويديه تمسح على رأسها بحنان بعد أن أهدأ من روعته وقال:-
-مريم أنا عملت دا عشان بحبك وخايفة عليكي
أتسعت عيني "مريم" على مصراعيها من الصدمة التى أحتلت عقلها للتو برؤيته أمامها، يمسكها من ذراعيها ونظرة الإعجاب تتطاير من عينيه بوضوح، دفعته "مريم" بأنفعال شديد من قربه الزائد منها وقالت:-
-أبعد عني أنت فاكراني لسه مريم الهبلة اللى اتربت فى الأسطبل، بص ليا كويس أنا أتغيرت وبقيت حد تاني يا ياسين مبقاش يضحك عليا بكلمتين
نظر إليها بدهشة بعد أن دفعته بقوة بعيدًا عنها ولأول مرة تعامله بهذه القسوة فقال بسخرية:-
-لا أزاى بقيتي مريم هانم اللى كبرت فى القصور ودخلت الكلية وشافت الناس، بقيتي إعلامية
تأففت بضيق من سخريته لها وصمتت ليقطع صمتها صوت سيارة "جمال" التى وصلت للتو ووقفت من مكانها بذعر وقالت:-
-شوفها زى ما أنت عايز، حتى لو بقيت أنا الشريرة فى نظرك لكن ممكن تمشي من هنا، جمال لو شافك هنا هيقتلك ويقتلني
أخذ خطوة نحوها لتبتلع لعابها بخوف من نظرات هذا الشاب وعقلها لا يصدق بأن هذه التصرفات والنظرات تخرج من أخ لأخته، لمس وجنتها بلطف مُعجبًا بجمالها الذي زاد وبزغ مع سنين عمرها التى مرت وقال:-
-خايفة على مشاعره، طب ومشاعري أنا، أنا يا مريومة، ياسين حبيبك، أغلي حاجة عندك مش أنتِ اللى قولتي كدة وقولتي أنك بتحبني، أنا كمان بحبك يا مريم
قالها وأقترب منها على سهو مُحاولًا تقبيلها لتصرخ بذعر منه وهى تقول:-
-أنت أتجننت، أبعد عنى يا ياسين..
دفعته بعيدًا عنها بأنفعال وهى تقول بنبرة غليظة قوية:-
-أنا بحبك اه لكن..
كادت أن تخبره أن حبها له أخوي لكنها ابتلعت كلماتها عندما رأت "جمال" يقف أمامها يشاهد فى صمت وأستمع لهذه الكلمة التى تفوهت بها للتو، تبسم "ياسين" بمكر إلى "جمال" الذي يشتعل من مكانه ووجهه يظهر به الخنق، عقد حاجبيه بغل وبرزت خطوط عريضة فى جبهته وعينيه تحدق بها، أغلق قبضته بأحكام قبل أن يقتلها للتو بعد أن سمعها تلفظ بهذه الكلمة مع رجل أخر وهو لا يعرف من هذا الشاب لكنه سمع أخر كلمات حديثهم، أبتلع "ياسين" لعابه خوفًا من نظرة "جمال" إليه التى كادت أن تقتله، لو كانت النظرات تقتل لكانت نظرة "جمال" كالسهم الذي خرج من عينيه واستقر فى رأس "ياسين" فى الحال، أقترب منها ليضع قبلة على جبينها بلطف وقال:-
-هنكمل كلامنا بعدين...
ألتف لكي يغادر لكنه تلقي لكمة من "جمال" قوية أسقطته على الأريكة وتحمل الغضب الذي تملكه من "نادر" وغيرته التى أحرقته مما رأه، أقترب لكي يكمل نفاث غضبه بهذا الشاب لكن أستوقفته "مريم" بذعر وهى تقول:-
-لا يا جمال
نظر إليها بصدمة ألجمته وهى تمنعه عن معاقبة هذا الشاب على لمسها وكأنها تقبل بهذه القبلة، تابعت بنبرة خافتة:-
-عشان خاطري متأذهوش
رحل "ياسين" بخوف مُستغلة فرصة أنشغال "جمال" بالنظر إليها فصعد إلى غرفته غاضبًا منها وألقي بجوازي السفر على الفراش بضيق ويخرج تنهيدة قوية، نزع رابطة عنقه وسترته بأنفعال ثم شق قميصه شقًا لتتساقط الأزرار على الأرض ويظهر صدره العاري من كم الغضب الذي يحمله، قاطعه طرقات على الباب ثم ولجت "مريم" دون أن يأذن لها، أعطاها ظهره قبل أن يفقد أعصابه بها فقالت بنبرة خافتة:-
-دا ياسين أبن عمتي
أدرج للتو هوية هذا الرجل وتذكر حديثها عن تربيتها معه وتراه كأخًا لها فأستدار صارخًا بها وهو يقول:-
-لكنه مش أخوكي يا مريم، معقول تكوني هبلة لدرجة أنك مش شايفة الحب والإعجاب فى عينيه، نظراته ليكي نظرات رجل لست مش أخ لأخته
أومأت إليه بنعم بأسيتاء شديد ثم قالت:-
-عارفة...
توقفت عن الحديث عندما هرع إليها غاضبًا وهى تخبره بانها تعلم أن هذا الرجل يحبها ويريدها لكنها سمحت له بتقبيلها أمامه ورفع يده أمام وجهها لكي يصفعها ويعاقبها على هذا الخطأ وقال:-
-أنا قولتلك أنى مبغفرش الخيانة!!!
نظرت بخوف إلى يده المرفوعة أمام عينيها وكاد أن يصفعها بحق لكنه لم يفعل ولم يقوي على ضربها ليصرخ بغيظ وهو يستدير إليها وقال:-
-اااااه ، للمرة التانية أعجز عن ضربك يا مريم، امشي من وشي قبل ما أعمل حاجة نندم عليها إحنا الأثنين
لم تفعل كما طلب منها لكنها أقتربت منه مخالفة أمره وألتفت حوله حتى وقفت أمام نظره ليراها ثم قالت:-
-جمال، أنا .....
صرخ بها بغضب سافر وهز صوته جدران القصر بأكمله:-
-أنتِ عارفة أنه بيحبك وعايزاك وسمحت له يلمسك لو مكنتش دى خيانة ليا تبقي أيه يا مريم، كلكم زى بعض... رغم كل اللى فيا لا كفيتها زمان ومليت عينها ولا كفيتك دلوقت ومليت عينيك، زيك زيها فأمشي من وشي قبل ما يكون مصيرك نفس مصيرها
دمعت عينيها بصدمة ألجمتها مما تسمعه وهو يصفها بالخائنة ويقارنها بزوجته التى عاشرت أخاه وهى زوجة له بكل وقاحة لتجيب عليه بحزن وسط دموعها التى تساقطت أمامه ولا تقوي على كبح:-
-أنا مش خاينة يا جمال ولا زي حد، أنا مريم وأنت عارفني كويس
مرت من أمامه بأنهيار وغضب أحتلها من كلماته وقبل أن تخرج قال بسخرية كأنه يسكب البنزين على النار القائمة بداخلها:-
-أنا برضو كنت عارف ليلي كويس
كبحت ألمها منه وغادرت جاهشة فى البكاء بأنهيار تام لينظر إلى جوازي السفر الخاصة بهما ورحلتهما التى يجب أن يذهبوا إليها مساءًا معًا لكن الآن قد حل الفراق بينهم وقطع الوصال حباله عن قلوبهما.....
الفصــــل العشــــــرون ( 20 )
زجاجتين من الخمر على الطاولة الزجاجية أمامه وكأسه يلازم يده ليقاطعه صوت جرس الباب ففتح "تامر" الباب لأجلها وبعد أن دخلت "سارة" غادر هو وأغلق الباب خلفه، سارت للداخل حتى وقع نظرها عليه ورأته جالسًا هناك فى أنتظارها بشوق لتبتسم بسعادة، رمقها "نادر" بنظرات إعجاب والفرح تغمره اليوم، تقف أمامه ببسمتها الجميلة مُرتدية عباءة سوداء وتحمل حقيبتها فى يدها، وقف من مكانه ويده تحمل الكأس بها حتى وصل إليها وأعطاها الكأس فى يدها بعد قبلته الناعمة التى تذوق بها جمال أحمر الشفايف الخاص بها، تبسمت بسعادة تغمرها هى الأخرى وقالت:-
-أطلب أى حاجة النهار دا
ضحك بخبث شديد وعينيه تكاد تمزق عباءتها بعد أن علم أنها تسعى خلف "جمال" لسبب غير مجهول ليقول:-
-بيقولك عدو عدوي حبيبي، ما بالك لما تبقي كمان مراتي
ضحكت بعفوية وهى ترفع يديها إلى عنقه وتدلل إليه بحب ثم قالت:-
-بيعجبني فيك يا حياتي أنك مش فضولي
ضحك بسخرية علي كلمتها وهو حقًا لا يرد سوى كرهها إلى "جمال" بغض النظر عن السر الغامض الذي تخفي بطياتها، شعرت بيده تسلل إلى عنقها لتفتح سحاب عباءتها ويبعدها عن اكتافها فسقطت أرضًا ويظهر فستانها الأحمر الذي يليق بسهرتها اليوم وأحتفالها بهزيمة "جمال" أمامهم، تتطلع بهذا الفستان المُثير الذي يظهر من جسدها أكثر مما يخفي عبارة عن مثلث ملقوب بدون أكمام ويكاد يخفي مؤخرتها، عاري الظهر كاملًا وكعبها العالي الأسود فتبسم بأعجاب وهو يحيط بيده خصرها ويستكشف نعومة ظهرها بأنامله قائلًا:-
-والله أنا قولت أن سهرتي معاكي الأجمل
تبسمت وهى تجذب رأسه بيدها إليه وتهمس بدلال مُفرط قائلة:-
-ولسه يا حياتي، أنا النهار دا هخليك تعيش ليلة بألف ليلة وليلة، ليلة تمنها 50 مليون جنيه
قالتها وهى تسحبه للداخل من لياقة قميصه حتى وصلوا للأريكة لينهل على عنقها بقبلاته لكنها أستوقفته عندما وضعت إيصالات الأمان الذي وقعها أمام عينيه وقالت:-
-بتستاهل الـ 50 مليون
تبسم إلى هذه الاوراق بسعادة وأشعل بها النار ثم تركتها تحترق على الطاولة وأحرق هذه المرأة بقبلته لكل أنش وسعادة تغمرهما معًا لتحقيق أنتصارهما....
____________________________
خرجت "سلمي" من غرفة القيادة بزيها الرسمي للطيران كي ترحب بهما فى هذه الطائرة الخاصة التي ستأخذهما إلى فرنسا وأندهشت مما رأته عندما رأت "جمال" يجلس على اليسار وحده و"مريم" تجلس على اليمين حزينة وتنظر من النافذة، تنحنحت بحرج وقالت:-
-أتمني لكم رحلة سعيدة وأمانة
لم يجيب أى منهما عليها والغضب والحزن يحتل وجههما، عادت إلى غرفة القيادة لتنطلق بقيادتهما وبعد أن أستقرت الطائرة فى الجو سمعت صوت "جمال" يطرق باب غرفة القيادة ففتحت لأجله وقالت:-
-أتخانقتوا؟
تأفف بضيق وكاد أن يشعل سيجارته لتقول بحزم:-
-ممنوع التدخين، لكن فى المقابل خرج غضبك فيا وقولي حصل أيه، على حد علمي أن الرحلة دى هديتك لنجاحها وخطوبتكم يعنى مناسبة سعيدة؟ مع أني مش شايفة أى سعادة فى الموضوع
تمتم بضيق شديد مما يحدث ثم قال:-
-أنا وعدتها ولازم أوفي بوعدي
نظرت إليه بسخرية من تحجره وقالت:-
-لكن وعدك ملهوش لازمة وأنت مزعلها
حدق بهذه الفتاة وغادر الغرفة غاضبًا ليعود إلى مقعده ووقع نظره عليها، تحدق من النافذة بحزن شديد بعد أن أتهمها بالخيانة وأبكاها لكن قسوته لم تكتفي بذلك بل أجبرها على السفر معه، جلس فى مقعده بأستياء وقبلة "ياسين" لها لا تفارق مُخيلته فنظر بهاتفه لعل هذه الأفكار تتركه وترحل، نظرت "مريم" إليه بضيق من تصرفاته لم يعتذر على كلماته القاسية لها وبحقها لكنه أجبرها على الصعود على متن هذه الطائرة فقالت بتمتمة غاضبة منه:-
-فاكرني هفرح بهديتي بعد اللى عملته؟
سمع كلماتها ليقول بجدية ولهجة صارمة:-
-متفرقش يكفي أنى وفيت بالوعد اللى قطعته ولو عايزة سلمي تلف وترجع بينا مفيش مانع، مش هموت وأفضل هنا على كل حال
كزت على أسنانها منه ونظرت للنافذة لا تملك مهرب منه الآن سواها، وصلت الطائرة لأرض فرنسا فترجل "جمال" أولًا لا يعري أهتمامًا بها فسارت خلفه كي تنزل الدرجات الخاصة بـالطائرة لكن أخرهم كانت بعيدة عن الأرض لتنظر إليه وهو يصعد إلى سيارته دون أن يهتم بأمرها فتنحنحت "سلمي" بلطف ومدت يدها إلي "مريم" لتساعدها فى النزول، تنهدت بأختناق منه وذهبت خلفه بضيق حتى وصلا للفندق وهو لا يتحدث معها نهائيًا حتى وصل أمام الغرفة وفتح الباب لها فتأففت بضيق من جبروته وقالت:-
-أنا لو مخطوفة مش هتعامل كدة
دلفت للغرفة ليغلق الباب خلفها وذهب إلى الغرفة المقابلة لها ودلف حيث غرفته، دخلت "مريم" غرفتها بضيق شديد يتملكها ولا تعلم كيف أمس كان سيخبرها بحبه ويعترف لأجلها واليوم يعاملها كخائنة له، كانت الغرفة عبارة عن جناح لتدخل إلى غرفة النوم بأختناق من هذه الرحلة لها، دُهشت عندما رأت الغرفة مُزينة بالبلالين وهناك قلب مصنوع من الورود الحمراء على الفراش الأبيض فأتسعت عينيها على مصراعيها من الدهشة التى اصابتها ووضعت يديها على فمها بسعادة أغمرتها كأنه أنتشل كل هذا الغضب الذي بداخلها وأعتذر بفعلته عما قاله صباحًا، أقتربت من الفراش ووجدت دمية على شكل عروسة جميلة كبيرة تتوسطه كأنها هدية من أجلها، حملت العروسة بين ذراعيها بلطف وضمتها إليها بسعادة....
فى الغرفة المجاورة، بدل ملابسه وأخذ حمام دافئ ثم خرج على صوت هاتفه الذي يرن بأستمرار وكانت "أصالة"، وقد توقفت عن الأتصال وأرسلت له الرسائل الكثيرة وكان محتواها:-
-أتمني الهدية تكون عجبتها
-أنا خليت المسئولين فى الفندق يبعتولي صورة السويت عشان أتاكد من كل حاجة بنفسي قبل وصولكم
لاحقت رسائلها صورة للجناح الخاص بـ "مريم" المزين لتتأفف بغضب وتذكر أنه طلب من "أصالة" أن تجهز لها الغرفة مع الحجز حين أخذ الأوراق منها، الآن ماذا ستفكر "مريم" هل ستعتقد أنه يعتذر على ما بدر منه رغم أنه لم يفعل، دق باب الغرفة ليفتح وكان موظفي الفندق جلبوا له العشاء كما طلب قبل صعودهما فرأى الصينية الأخري الخاص بها وقال الموظف باللغة الفرنسية:-
-هي لا تفتح هل نترك الطعام أم نعيده فى وقت أخر
نظر إلى غرفتها وأقترب ليدق الباب قليلًا لكنها لا تفتح فطلب منهم أن يفتحوا الباب لأجله وعندما دخل كانت غرفتها فارغة وهى لا أثر لها ليجن جنونه من إختفائها فى هذه البلد الغريبة وأخرج هاتفه وأتصل على "مريم" لكنها لم تجيب عليه..
_______________________________
ساءت حالة "حمزة" أكثر بسبب الإصابات الكثيرة والبالغة التى ألحقها "جمال" به فأتصل "عاشور" بالطبيب وجاء لفحصه ومعالجته وأخذ منه عينات الدم لتأكد من شيء ما ثم غادر المكان ...
______________________________
تجولت "مريم" فى كل مكان فى الشوارع باحثة عن هدية تقدمها له كي تعتذر هى الأخرى عما فعلته رغم أنه لم يترك لها المجال لو كان أنتظر قليلًا لرأها تصفع "ياسين" بيدها قبل أن يفعل على تقبيله لرأسها، أشترت قلم ثمين من أجله وجعلت الموظف يحفر له اسمه على القلم ثم دفعت بأموالها النقدية وغادرت، وقفت على الطريق تنتظر سيارة أجرة حتى تعود للقصر لكنه قاطعها بأتصاله فوضعت الهاتف على أذنه فسمعته يصرخ بانفعال شديد وقلق عليها واضح:-
-أنتِ فين؟
أخبرته بمكانها فأمرها بألا تتحرك من محلها وهو فى طريقه إليها، جلست على أحد المقعد تنتظره وتحمل فى يدها علبة سوداء بداخلها هديتها له، رأت سيارته التى كانت تنتظره من الفندق عند الطائرة تتوقف أمامها، ترجل "جمال" من مكانه بغيظ شديد وغضب يحتل وجهه ونظراتها المُثبتة عليه، وقفت من مكانها بصمت ليقول بضيق شديد:-
-أنتِ كويسة؟
أومأت إليه بنعم دون فهم لحالة قلقه الزائدة فصرخ بها بانفعال شديد هاتفًا:-
-أنتِ أزاى تخرجي لوحدك ومن غير ما تقوليلي ها؟ أنتِ غبية تعرفي أيه فى البلد دى عشان تخرجي لوحدك
دمعت عينيها بحزن شديد وضغطت بيدها على العلبة التى تحملها فى يدها من توبيخه به ونبرته القاسية التى جعلت الجميع ينظروا عليهما، تمتمت بضيق شديد:-
-غبية!! أه غبية يا جمال غبية لأني بفكر فيك
أعطته الهدية فى يده بضيق شديد وأتجهت إلى السيارة فتأفف بأغتياظ من تصرفاتها وفتح العلبة ليري قلم أسود جميلة ويحمل أسمه ومعه بطاقة صغيرة كتبت بها بخط يدها كلمات قليلًا (ممكن نعدي الزعل ونتصالح والله ما بحب غيرك) أغمض عينيه بضيق من كلماتها ليفهم أن ما وصل إليها من تزيين غرفتها أنه يعتذر فقررت أن تعتذر هي الاخري لكنه فى الحقيقة لم يفعل، صعد إلى السيارة وأنطلق بهما السائق فظل صامتًا يحاول ترتيب الكلمات فى عقله قبل أن يتحدث ويخبرها بأنه لم يعتذر عن شيء لكنها قاطعت شروده بكلماتها الهادئة:-
-سألتني لو كنت زعلتني أمبارح؟ لا مزعلتش منك... أنا جالي أتصال من ياسين
أدار رأسه لها بغضب سافر من حديثها عنه وكاد أن يتحدث لكنها منعته من الحديث عندما قالت بخفة:-
-أنت قولتلي وقت ما أحب أحكيلك هتسمعني
أبتلع كلماته بضيق شديد حتى يستمع إليها كما وعدها فطلبت من السائق أن يتوقف جانبًا ونزلت من السيارة وفتحت الباب له هذه المرة وقالت:-
-أنزل
ترجل من السيارة وهندم ملابسه مع تنهيدة قوية تخبرها بأنه لن يستمع إليها كثيرًا وربما يفقد عقله فى أى وقت لتسير معه فى الطريق وأخذت يده فى راحة يدها ثم قالت:-
-أنا مقصدتش أجرحك يا جمال، أنت عارف كويس دا وعارف أني بحبك، أه بحب ياسين....
قاطعها عندما توقف عن السير وسحب يده من يدها بقوة غاضبًا منها كأنها مُصرة بكل طاقتها وأنفاسها أن يفقد أعصابه عليها ويصفعها هذه المرة لكنها وقفت أمامه ونظرت بعينيه بهدوء وقالت:-
-أنا بحبه كأخ يا جمال، أتربيت معاه سنين عمري وكنا بنهزر ونضحك مفيش حساسية فى التعامل وعمري ما أعتبرته غريب لكن لما أتصل بيا أستغربت هو جاب رقمي منين، أنت جايب لي الرقم دا بنفسك والأسماء اللى على تليفوني محدودة أنت وحنان ونانسي وأصالة وحسام وشريف وبس، أنتوا بس اللى معاكم الرقم دا لكن ياسين وصله
-يمكن أديتهوله من غير ما تحسي
قالها بسخرية لترفع حاجبها إليه بضيق شديد وقالت:-
-أنا مش بهزر دلوقت يا جمال، أنا عارفة أنك جبت ليا دكتور نفسي عشان أتعالج بأى طريقة حتى لو كانت الطريقة هى الخوض فى الماضي والذكريات لكن مكنتش أعرف أن حتى ياسين أشترك فى الجريمة
تخلي "جمال" عن غضبه بعد جملتها الأخيرة وقال:-
-الجريمة!!
أومأت بنظرها إليه وأخبرته أن "ياسين" ساعد "حمزة" فى التخلص من جثة "مُختار" ولهذا كانت خائفة عندما أتصل بها وتوترت كثيرًا من أن يكون "حمزة" من أرسله فألتزم "جمال" الصمت وهو لا يخبرها بأن مستحيل هذا ما دام "حمزة" معه وتحت رحمته وقبضته فقالت بحزن:-
-لما جالي القصر أقسمك يا جمال أني مكنتش أعرف أنه بيبصلي البصة دى لكني شوفتها فى عينيه وأترعبت من الخوف، اه خوفت... خوفت تفهمني غلط وتتهمني أني وحشة واللى خوفت منه حصل، وجعتني وأذيتني بكلامك مع أنك واثق أني مبحبش غيرك، أنا جيتلك أمبارح فى المكتب وقولتلك أنى واثقة فيك، قولتلك أنى بقوي بيك عشان أنت معايا وأنى من غيرك ضعيفة معقول محستش بصدق فى كلامي وفاكرني بكدب عليك، ما أنا مستحيل أخونك إلا لو مبحبكش لكن أنا ... أنا بحبك
كيف لقوته إلا تنهار أمامها وعينيها تلتهمه بالحب وتعانقه بالدفء، كيف له أن يكذب ما يراه الآن فى عينيها ويشعر به فى قلبه لأجلها، كيف تكون كاذبة وخائنة وهى تسحبه لقاع الحب وعالم العشق بحديثها، رفع يده إلى وجهها وهذه الهزيمة التى لحقت به، هزم العشق عقله المتمرد وأوقف لسانه السليط، لمس شعراتها بحنان ووضع خصلات شعرها خلف أذنها بلطف حادقًا بها وقال:-
-المرة دي بس!! عشان مريم وغلاوتها فى قلبي
تبسمت بسعادة وهو يخبرها بأنه سيتخلي عن غضبه هذه المرة لأجلها، فقط من أجلها سيصدق حديثها ويكذب كل أفكار عقله الخبيث الذي يتألم من ذكريات الماضي ولأجل فتاته التى تسكن قلبه سيضرب الماضي بقوته ويقتله وسيكون سلاحه هو "مريم" نفسها، أومأت إليه بنعم وسعادة تغمرها وتبدل حالها عن الفتاة التى كانت تحلق معه فى الجو من قليلًا لكنها عادت كفراشته الجميلة التى تبتسم ويتطاير شعرها مع نسمات الهواء فقال بصعوبة بالغة على غير عادته:-
-خليني أقولك أني وقسمًا بحياة مريم ومعزتها عندي ما قولتها لحد قبل كدة لكن المرة دى بس يا مريم، عشانك هقولها ..... أنا أسف مع أنك عارفة قد أيه هى صعبة
تبسمت إليه بحب شديد وهى تهز رأسها بنعم وتخبره بأن تعلم أن ليس من السهل عليه أن يعتذر لأحد ولم يفعلها من قبل لطالما كان يدهس أى شخص بقوته ويضرب الجميع بقسوته لكنه فعل لأجلها هي فقط فكيف لا تغفر له ما قاله هذه المرة وقلبها وعقلها يقدران هذه المحاولة الصعبة منه للأعتذار، قالت بنبرة خافتة سعيدة:-
-وأنا كمان أسفة.. والله لو كنت صبرت لكنت ضربته بالقلم قدامك على اللى عمله......
قاطعها عن الحديث على رجل أخري بغيرة تأكل قلبه بقبلة تسكت شفتيها عن الحديث لتبتسم بسعادة تغمرها وهى تتشبث بقميصه بحب وضربات قلبها تتسارع بجنون فى هذه اللحظة وأوشك على الأنفجار، كان الحب يغمرها بدفئه بقدر كافي جعل "جمال" لا ينتبه نهائيًا لهذا الرجل المُلثم الذي يلتقط لهما الصور فى هذه اللحظة وأنطلق بعيدًا.....
_____________________________
تبسم "شريف" بسعادة وهو يرد الضربة إلى "نادر" بنشر خبر زواجه من "سارة" على المواقع ومع الخبر نبذة بسيطة عن "سارة" وإدارتها إلى نادي ليلي، تمامًا كم خطط "جمال" فتبسم بسعادة وهو ينظر إلى الخبر فى التابلت ويتحدث فى الهاتف مع "شريف" الذي تحدث قائلًا:-
-دلوقت الصحافة كلها تدور وراء سارة وتعرف حقيقتها وأعمالها القذرة وميبقاش قصاده غير أنه يطلقها أو ينسحب من المشروع دا
أجابه "جمال" بنبرة جادة بينما ينظر إلى "مريم" التى تجلس معه على الطاولة فى المطعم وتتناول طعامها قائلًا:-
-أفتكر الأحتمال الأول هو اللي هيحصل
أومأ "شريف" له بنعم ليقول "جمال" بجدية:-
-عرفت الخائن اللى جوا الشركة؟
-قربت أوصله
قالها "شريف" بحزم ليجيب "جمال" عليه بحدة:-
-لما تعرف كلمينى ومتتصرفش من دماغك
أومأ إليه بنعم ثم أنهي الأتصال فنظر "جمال" إليها عندما قالت بتذمر:-
-حتى هنا مبتبطلش شغل
تبسم بخفة على كلماتها ثم قال:-
-أنا حذرتك من دا
هزت رأسها بنعم فهو أخبرها عن أدمانه للعمل وربما سيهملها لأيام من أجله وهي وافقت على هذا الشيء، أنهوا طعامها وخرجوا معًا تجولوا فى الطرقات وأكلا معاًا من طعام الشارع والمثلجات وضحكاتها لا تفارقها نهائيًا بينما هو يراقبها بنظراته مُستمتعًا برؤيتها سعيدة، ذهبا معًا إلى التسوق ومنه إلي ركوب المنطاد معًا وهى تنظر للأسفل بخوف لكنها تستمتع وتتشبث بيديه من خوفها، مر اليوم كاملًا وهم فى الشارع يفعل لها كل ما تطلبه دون أى اعتراض حتى قررت الذهاب إلى برج إيفل الذي تمنت رؤيته بصحبته، سار معًا حتى وصلًا إليه لتركض "مريم" للأمام بسعادة وهى تبتسم ببراءة وطريقة طفولية لتحقيق أمنيتها، توقفت وهى تضع يديها على فمها من الفرحة حتى شعرت به يعانقها من الخلف لتكبر بسمتها أكثر وقالت:-
-شكرًا
وضع رأسه فوق رأسها وهى أقصر منه بكثير وقال بلطف:-
-مبسوطة!!
هزت رأسها مرات متتالية من الفرحة التى تغمرها والدفء الذي تشعر به:-
-جدًا، ربنا يخليك ليا يا حبيبي
ألتفت إليه بسعادة ليبعد خصلات شعرها عن وجهها بدلال ويحدق بعينيها مُنتظر أن تتحدث وتقول ما تحمله على لسانها وسريعًا ما تفوهت به قائلة:-
-أنا بحبك أوي يا جمال
هز رأسه بنعم بهدوء شديد أعتادت عليه من هذا الرجل ثم قال:-
-عارف
ضحكت بعفوية على ثقته من هذا الحب وقالت:-
-دا أغرب رد يترد بيه على كلمة بحبك
-عارف
قالها بجدية لتنفجر ضاحكة عليه وبدأت تلتقط الصور بهاتفها لهم معًا كثيرًا حتى قالت:-
-أديني تليفونك
نظر إليها بتعجب من طلبها لترفع حاجبها بجدية فأخرجه من أجلها واعطاه لها وهو يقول:-
-فى أيه
جعلته يفتح الهاتف لها وظلت تنظر به كثيرًا وأعطته له لينظر إلى الهاتف وكان يحمل فى خلفيته صورة لهما وقالت بتهديد صريحة:-
-مش مسموح تغيرها نهائيًا إلا بأمر مني
أعجبته الصورة جدًا فقال بهدوء:-
-حاضر
تبسمت بخبث شديد ثم غمزت إليه وقالت:-
-كمان غيرت أسمي على تليفونك
فتح خانة الاتصالات بسرعة من الدهشة التى أصابته وبحث عن أسمها لكنه لم يجد له أثر لكنه وجد اسم"حبيبتي" وبجواره قلب أحمر وخاتم فأتسعت عينيه على مصراعيها ونظر إليها:-
-برضو ممنوع نهائيًا تغيره مفهوم
وضع الهاتف فى جيبه وهو يسير بها فى الطريق ويقول:-
-حاضر على كل الأحوال محدش بيشوف تليفوني غيري
ضحكت بحماس شديد على هذا الأمر وقالت بخبث طفولي شديد:-
-لكني غيرت صورة بروفايلك بصورتنا وكتبت خطيب مريم
أندهش من أفعالها بعد أن أعلنت للجميع أنه ملك لها، كاد أن يتحدث ليقاطعه صوت أنذار الخطر يطلق من هاتفه فأخرجه من جيبه بقلق بعد أن أبتعد عنها وصدمت عندما كان الإنذار يخبره بوجود عطل فى تطبيق "جين" ليُصدم صدمة الجمته وجعلته يعود بها إلى مصر حتى أنه جعل الطائرة تهبط على سطح شركته وهي معه، طيل رحلته إلى مصر وهو مُنغمسًا فى اللابتوب الخاص به يحاول أصلاح الأمر ليعود "جين" العمل بطريقة مثالية، أنطلق بها للأسفل وأندهش الجميع من دخوله لهذا المصعد بصحبتها لطالما ذهب إلى هناك وحده بدون "شريف" حتى، ترك يدها وهو ينظر إلى شاشة التابلت الموجود فى يده والمصعد يهبط للأسفل، لم تقوي على قول كلمة واحدة أمام غضبه وقلقه وهو يحاول معرفة ما حدث، ووصل المصعد للطابق الأول بالشركة لكنها دُهشت عندما هبط طابق أخر للأسفل ثم توقف المصعد فى طابق تحت الأرض ففتح الأبواب مع الصوت الألي يقول:-
-أدخل كلمة السر
أقترب "جمال" قليلًا لهذا الباب الزجاجي وأدخل كلمة السر الخاصة به، ولج وهي تسير خلفه بأندهاش مما تراه فى باطن هذه الشركة، ردهة طويلة مظلمة رغم الإضاءات الخضراء المنبعثة من كم الأسلاك الأجهزة التى تشبه غرفة الطاقة بهذه الشركة ووصل إلى أحد الأجهزة وفصلها ثم إعاد تشغيلها وأوصل بها فلاشة صغيرة لتبدأ التحميل ببطيء شديد ثم تقدم بخطواته للأمام، سارت "مريم" معه وهى تستمع إلى حديث "جمال" يقول:-
-جدي كان من أكبر المقاولين فى البلد، رجل أبن بلد أستثمر كل فلوسه فى العقارات وكبرها، الجنية بيقي مليون وعلم أبويا المهنة وأشتغل معه كانوا أيد واحدة وعمل أبويا شركته الخاص فى العقارات وكبرها ولما جدي أتوفي ورث أملاكه وبقي من أعيان البلد كلها وكبارها وفضل يكبر فى العقارات ويشتغل فيها، أنا روحت أدرس فى أمريكا وهناك أكتشفت أن الثورة الحقيقة اللى جاية ثورة تكنولوجيا وألكترونيات ودرست الهندسة والبرمجيات وكل ما يتعلق بالتكنولوجيا بأنواعها وأشتغلت فى مختبرات وشركات لصناعة الروبرتات لحد ما أتوفي أبويا وورثت شركات العقارات، وقتها من غير ما أفكر للحظة واحدة بعت كل حاجة ورثتها وأستثمرت كل الفلوس فى شركة الجمال جى اند أم للألكترونيات
تابعته "مريم" فى صمت حتى وصل للنهاية الردهة وكان هناك غرفة زجاجية ليقول:-
-تعبت فى الشركة عشان أحقق حلمي وأكون من رواد التكنولوجيا مش فى مصر بل فى العالم كله، طول عمرى راجل طموح بحط حلم قصادي ولما بحققه بخلق حلم جديد لحد ما حققت دا... جين
نظرت "مريم" إليه بينما وضع يده على بصمة اليد لتفتح الغرفة ثم قالت:-
-جين!!
أومأ إليها بنعم ثم تابع الحديث قائلًا:-
-مرايتي، جين أول روبرت ذكي من تصميمي، هنا صنعته وصنعت كل ثغرة فيه، من خلاله كأني ببص على العالم كله ومرايتي بمعني الكلمة، خلقته فى 10 سنين وقعدت فى دراسته ثلاث سنين مع متخصصين فى أمريكا وعشانه كنت مشغول عن ليلي وبشوفها مرة كل شهرين ثلاثة لحد ما خانتني لو كانت أستحملت فترة أنشغالي عنها كانت هتلاقي النتيجة فى جين، من خلاله تقدر تعمل كل حاجة، لكنها كانت طماعة بدورها عايزة كل حاجة وفى نفس الوقت...
ألتف إليها ليحدق بوجهها وهى تنظر إليه فى صمت لا تعقب عن حديثه عن زوجته ليقول:-
-جين أتكلف مليارات يا مريم ومع ذلك ميغليش عليك
أتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها للتو وهو يخبرها بأنه سيهديها حلمه ومستقبله الذي اخذ سنوات من عمره وأطنان من ماله فقالت:-
-أنا!!
أقترب إليها بهدوء شديد ثم أخذ يدها فى يده بلطف ونظر بعينيها المصدومتين وقال بنبرة دافئة:-
-تتجوزيني؟
هربت الدماء من جسدها والكلمات من فمها وهو يعرض عليها الزواج الآن بهذه الغرفة ودون سابق أنذار دون أن يجلب لها وردة أو يعترف بحبه لكنه يرغب بالزواج منها وقدم "جين" هدية زواج لها، قالها بوضوح دون تردد أو خوف رغم أنه يصارع عقله من الداخل الذي يحذره من خوض التجربة مرة أخري لكن قلبه يريد ذلك ويريد أن يخوض هذه التجربة والحرب معها فقالت:-
-أنت قولت أيه؟
تبسم بحرج من نظراتها وهو يتصبب عرقًا من التوتر وقال:-
-أنا مش هقولها تاني
ألتفت بغضب مُصطنع تعطيه ظهرها غاضبة من جديته وقالت:-
-يبقي مش موافقة
عانقها من الخلف بدفء لتشعر بدف جسده وأنحنى إلى مستواها حتى يضع رأسه على كتفه فشعرت بقطرات العرق من تلامس وجنتيهما معًا ليقول:-
-أنا حاولت بصعوبة أقولها مرة يا مريم، أستحمليني وفى المقابل أنا هقولها مرة تانية عشانك لأني لأجل مريم وضحكة واحدة منها أنا مستعد أعمل أى حاجة
تبسمت بعفوية إلى هذه الكلمات وظلت ساكنة بين ذراعيه التى تحيط بها وهو يقف خلفها لكنها أدارت رأسها قليلًا لتنظر إليه وتقابلت عيونهما معًا، تسارعت نبضات قلبه أمام عينيها وهو يشعر بدفئها بين ذراعيه وأنفاسها تضرب وجهه وبسمتها تقتله بل تسلب هذا الرجل قلبه أسيرًا إليها بعد أن توجها ملكة على عرشه فقال:-
-تتجوزينى؟
تبسمت إليه بسعادة تغمرها وطفولية تحتل وجهها ثم وضعت يديها على يديه التى تحيط بها وقالت بنبرة هامسة ناظرة إليه:-
-وكأن عندي خيار تاني غير أني أتجوز حبيبي
تبسم بعفوية لأجلها، مرة أخرى تري هذه البسمة تعلو وجهه من أجلها لتضع قبلة رقيقة على وجنته بدلال وقالت:-
-بحبك
كاد ان ينطق بهذه الكلمة لأجلها لكن أوقفه صوت "جين" يتحدث بصوته الألي قائلًا:-
-لقد تم التحميل ورصد خلل فى النظام لكن تم تطهير النظام من الفيروس
أبتعد عنها بحرج لينظر إلى جهاز الحاسب الألي وبدأ يُعيد برمجة "جين" ومسح الفيروس لتبتسم بسعادة وهى تجلس جواره تراقبه أثناء العمل وأنغمس فى عمله بتركيز شديد....