رواية منتصف تشرين
الفصل الرابع عشر14
بقلم منة ممدوح البنا
_سافرت
قالها بجمود، كان قاعد على الكرسي في مكتبه، في حين رافع رجليه الاتنين وحاطتهم على بعض فوق الترابيزة، بين صوابعه سيجار عريض بينفخ دخانها في الجو ببرود، وشه خالي من الحياة تمامًا كإنه بلا مشاعر، ولكن اللي يركز معاه هيلمح الألم والعذاب اللي كانوا في عيونه
كان قاعد قصاده على الناحية التانية أمجد اللي كان بينفخ دخان سيجارته هو كمان وبيراقبه بتمعن وقال_كان بإيدك تمنعها
_مش عاوز
رد ببرود أكتر، في حين بيمد إيده وبيطفي السيجار اللي كانت خلصت، وطلع واحدة تانية يولعها قصاد عيون أمجد اللي اتنقلت نظراته بين الطفاية المليانة وبين اللي بيولعها
أيوب بيحرق نفسه مش بيحرق السيجار، جواه نار مشتعلة مش عارف يطفيها ودي حاجة مضايقاه، فاتنهد أمجد وقال_كان ممكن تدوا فرصة لبعض
هز رأسه في حين باصص للسقف بشرود وقال_كده أحسن لينا
أنا مش بتاع جواز
ودخلت طريق مش طريقي من البداية
أول مرة حسيت نفسي ضعيف على إيديها هي
وأنا مش من عادتي الضعف
أيوب القديم كان لازم يرجع
مط امجد شفايفه بضيق، دخول ياقوت لحياة أيوب شقلبها، وفوق ده طلعت مزقوقة عليه، ودي إهانة كبيرة في حد ذاتها لأيوب، يمكن فعلًا الأنسب إنهم يبعدوا عن بعض، يمكن هما من البداية مجرد محطات في حياة بعض
ولكن كان مكتوب لكل ده إنه ينتهي زي ما بدأ
اتعدل أيوب وطفى السيجارة، اخد موبايله ومفاتيحه واتحرك وخرج من المكتب تحت أنظار أمجد
كان رغم الجمود اللي ظاهره إلا إنه كان بيتعذب من حواه، لأول مرة يحس إنه مكسور، إنه ناقصه حاجات كتيرة من غيرها
واللي واجعه أكتر إنها بعدت
والمسافات بينهم زادت
رجع لبيته وطلع على أوضته، حاسس إنه فاقد الشغف ناحية اي حاجة
وده مسببله غضب كبير إن ليها تأثير ملحوظ عليه
مينفعش يفضل ضعيف كده
أيوب الحسيني لازم يرجع...
صباحًا
اتحرك للنيابة بعد ما وصله اللي حصل، كان حابب يتأكد إذا كان ليها يد في القبض على عبدالوهاب وشادية فعلًا ولا لا
خاصة وإنه عرف إنها راحتلهم تاني
كان قاعد في مكتب وكيل النيابة مستني حضورهم، لحد ما لقى الباب بيتفتح ودخلوا عليه وهما الاتنين متكلبشين، جريت ناحيته شادية ودموعها مغرقة وشها وباين عليها الإنهيار، واتوسلته وهي بتقول_مش قولت لو متكلمناش مش هتئذينا؟
خلتها تدسلنا مخدرات في البيت ليه؟!
بالله عليك طلعنا من هنا إحنا مش قد السجون
بصلها بقوة وقال_وهي ياقوت كانت قد السجون برضه لما غدرتوا بيها؟
لطمت شادية على وشها وهي بتبكي بجنون وبتقول_ندمنا، والله العظيم ندمنا
كان زلة شيطان
طمعنا وفوقنا بالله عليك خرجنا من هنا
نفض إيديه عنها بإشمئزاز لما مسكتها تتوسله، في حين نقل نظراته على عبدالوهاب اللي كان جامد تمامًا من صدمة اللي حصله، عدل أيوب من هدومه وقال_كده كده كان لازم تجربوا اللي دوقتهولها
بس كويس إنها سبقتني لإني مكنتش هرحمكوا
قالها وسابهم وخرج في حين إنهارت شادية في الأرض وهي بتصوت وتلطم على مستقبلها اللي ضاع بعد ما التهمة بقت لابساهم كده كده
قفل أيوب الباب وراه وهو سامع نحيبها، ولكن غصب عنه شقت ابتسامة فخر ثغره، وكإنه بيقول جوا نفسه
هي دي ياقوت اللي يعرفها
طلع تليفونه من جيبه وطلب رقم معين لحد ما جاله الرد جمدت نظراته واتمحت الابتسامة على وشه وهو بيقول_جهزت كل حاجة؟
اتوحشت نظراته واظلمت أكتر وهو بيقول_عايزها قرصة ودن من غير ارواح
نفذ اللي قولتهولك بالظبط...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان قاعد في صالون بيته، في حين كان فيه بنت شبه قاعدة في حضنه
صوت قهقاتهم مرتفع
أكواب وزجاجات النبيذ حواليهم من كل حتة
اجواء غير أخلاقية تمامًا
_نوح بيه
الحق يا باشا
قاطع قعدتهم الغير شريفة اقتحام واحد من رجالته المكان
رمى نوح الاكل اللي في إيده وهو بيزفر بضيق وبصله وهو بيقول بعصبية_عايز إيه يا زفت؟!
كان باين على وشه الرعب وكإنه مش عارف هيقولهاله ازاي
حس نوح إنه فيه حاجة غلط من نظراته، فبعد البنت من حضنه وقام وقف واتجه ناحيته وهو بيقول بحذر_ما تنطق يلا!
بلع ريقه بارتباك وقال_المخزن اللي في العاشر ولع بالحاجات اللي فيه
_إيه!!
صرخ بيها برعب واتبدلت نظراته تمامًا، خد مفاتيحه وجري لبرا ورجله وراه بيحاول يلحق خطواته
ركب عربيته واتحرك بيها لبرا وسط أنظار واحد من رجالته اللي كانوا واقفين واللي كان باين على نظراته الخبث
كان ماشي على سرعة عالية جدًا، ومن لحظة للتانية بيتابع التطورات اللي حصلت، والده لو عرف باللي حصل ممكن ينهي حياته
المخزن ده يعتبر من أكبر المخازن، ده غير الأجهزة اللي فيه تساوي ملايين
وللأسف والده بيكمل شغله برا ومسلمه زمام الأمور هنا
فشله في حاجة زي دي معناها نهايته
اتصبب وشه بقطرات العرق وهو بيحاول يركز في الطريق
داس على الفرامل عشان يخفف السرعة، ولكن لوهلة ملقاش الفرامل شغالة
برق برعب وهو بيحاول يخفف السرعة بأي طريقة ولكن من غير فايدة
_يا نهار اسود!!
صرخ بيها بهلع وهو مش عارف يتحكم في عربيته
الفرامل كإنها مقطوعة
واللي زاد هلعه أكتر عربية النقل اللي كانت واقفة بعرض الطريق
وقبل ما يستوعب كان دخل فيها بعربيته في حادث اصطدام قوي اتهشمت عربيته على أثرها....
كان واقف في جنينة بيته حاطت إيديه الاتنين في جيوبه وباصص قدامه بشرود، اتلفت نص لفته لما حس إن حد من رجالته وراه، فرجع بص قدامه تاني وقال_مات؟
اتكلم من وراه_لا في المستشفى متكسر
ابتسم باستهزاء وسأل ببرود_والمخزن
_كل اللي فيه اتصفى في النار، وهاشم رزق نزل من السفر وخارب الدنيا
زادت ابتسامته العابثة وتمتم_كويس
انحنى رجله وسابه ومشي رغم إنه ملتفتش ليه أصلًا، أما أيوب ففضل واقف مكانه شوية
مكانش هيسيب حقه نهائي
خاصة بعد الضربه الأخيرة اللي اتسددتله واللي صابت قلبه تمامًا
نوح بقاله فترة بيلعب على شغله، ولكن المرادي كان عايز شغله وسمعته كمان
الأول كان بيقول واحد وحزين على اخته اللي مش هينكر إنه كان سبب في حالتها
ولكن الموضوع ده عدى عليه ٥ سنين واتقفل بعد حوارات كتيرة جدًا!
اتنهد بعمق وابتدى ألمه يظهر على ملامحه، حاسس بفراغ رهيب بيتملك منه
فراغ بقى جديد عليه رغم إنه عاش سنين بيه
ولكن وجودها في حياته كان مخليه حاسس إن كل علاقاته السابقة هي صفر على الشمال جنبها
رفع عيونه اللي لمعت بحزن للسما وهو بيتنهد
لازم ينساها
لازم يرجع أيوب القديم
علاقتهم مكتوب عليها الفشل من بدايتها لما قرروا فجأة يتجوزا من غير ترتيبات أو حسابات
لذا كان طبيعي ينكتب عليها الفشل..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"برلين، ألمانيا بعد ما يقارب من السنة ونصف"
هل البعيد عن العين بعيد عن القلب؟
سؤال بسأله لنفسي كل يوم
ولكن!
الأيام بقت أسابيع والأسابيع شهور
حاجات كتيرة اتغيرت
إلا حبه في قلبي!
بل كل ما يزيد البُعد والمسافات بتزيد لهفتي ليه
مطالبة قلبي بقربه
وشوقي إليه!
إذن فالبعيد عن العين مستوطن القلب
عمره ما كان بعيد...
دونت الكلمات دي في الدفتر اللي محتفظة بيه بقالها سنة ونص وهي بتتنهد بحزن وبتضمه لقلبها، يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي بتصبرها على الغربة
أيوب بالنسبالها زي اللعنة اللي ملاحقاها
رغم إن عدى وقت كبير جدًا ولكن مازالت بتتمنى قربه!
متعرفش حاجة عنه
ومبتحاولش تدور وراه عشان متضعفش
بتشغل نفسها عنه وعن تفكيرها فيه
ولكن بمجرد ما ييجي الليل وتبقى لوحدها بتتعاد كل الذكريات والليالي الحلوة اللي بينهم قصاد عينها
حطت الدفتر في درج الكومودينو اللي في أوضتها واتحركت لدولابها طلعت فستان قصير سادة باللون باللون الاسود، في حين سابت خصلات شعرها الداكنة مفرودة على ضهرها
اتغيرت؟
بالفعل كتير عن الأول
مسابتش أي أثر لياقوت القديمة
حتى خصلاتها اللي كانت مخلياها مميزة فردتهم وغيرت لونهم
رغم معرفتها بحب أيوب ليهم
ولمظهرهم الغجري
ولكنها كانت قاصدة تمحى اي ماضي يفكرها بيه
الغريبة إن برضه فاكراه!
حطت ماكياچ خفيف وخرجت من شقتها ومنها لبرا العمارة الأنيقة اللي عايشة فيها
ركبت عربيتها الصغيرة وساقت لوجهتها
سرحت في ذكرياتها قبل سنة ونص
لما باعت عربيتها ودهبها وكل حاجة كانت تملكها واتوجهت لكندا
كانت عارفة إن وجودها هناك مش أمان ليها
سواء من ناحية أيوب أو نوح اللي سهل يوصلولها لمعرفتهم بجواز السفر اللي معاها حاليًا
ومن هناك قدرت تجهز أوراقها لألمانيا
أيام عدت عليها وهي تايهة ومحتاسة مش عارفة تتصرف، وجودها في بلد غريبة عنها لا تعرفها ولا تعرف لغتها صعب عليها حاجات كتير
كانت عاملة زي الغريق اللي بيتمسك في قشاية
لحد ما قابلت ليلى بالصدفة...
ركنت عربيتها قدام المكان اللي هتسهر فيه، شافت ليلى وياسين مستنيينها من بعيد
اعطت مفتاح عربيتها للسايس واتجهت ناحيتهم بثقة وهي بتعدل من خصلات شعرها
سلمت على ليلى اللي مدحتها بمرح وهي بتغمز وبتتأملها من فوق لتحت_دي حاجة ١٧ خالص!
ضحكت ياقوت واتجهت لياسين تسلم عليه اللي مسك إيديها وطبع قبلة على ضهرها وهو بيقول بنظرات لامعة_كل مرة بتبهريني يا ياقوتة حياتي!
لوهلة ارتبكت واتوترت نظراتها لما لاح في ذاكرتها أيوب
كان الدلع المحبب لاسمها
واللي كان بيطلع منه بشكل تاني
صادق
مليان مشاعر جربتها على إيديه هو بس
شدت إيديها من إيده وهي بتعدل شعرها وبتبتسم بارتباك
رغم محاولاتها المستميتة لنسيانه إلا إن كل حاجة بتفكرها بيه برضه!
اتحركوا مع بعض ودخلوا للمكان اللي كان عبارة عن مطعم كبير بطاولات أنيقة
اتجهوا لترابيزة معينة فشدلها ياسين الكرسي فابتسمتله بامتنان وقعدت
وبعد أحاديث طويلة ومليانة مرح، سندت ليلى على إيديها وهي بتنقل نظراتها عليهم بعيونها البنية وقالت_ها يا حلوين
ناويين تعملوا الفرح امتى بقى؟
ارتبكت ياقوت ولوهلة حست بنفسها بتختنق من الأكل، ففضلت تكح بقوة لدرجة إنها دمعت ووشها بقى شديد الاحمرار
اداها ياسين كوباية الماية بسرعة فخدتها منه وشربتها مرة واحدة وهي بتحاول تلقط أنفاسها وسط نظرات الخوف من ليلى وياسين اللي حط إيده على ضهرها وهو بيقول_بقيتي تمام؟
هزت راسها ليه وهي بتبصله بتوتر، أما هو وجه نظراته لـ ليلى وهو بيقول_والله لو عليا نتجوز بكرا، بس لما تحن علينا الاستاذة ياقوت الأول!
ضحكت ليلى وقالت بنظرات خبيثة_دي على السيرة بس كانت هتروح فيها، شايف الكسوف!
ابتسمت ياقوت بارتباك عشان متحاولش تبين حاجة وقالت_مش حابة بس نستعجل يعني إحنا مخطوبين بقالنا شهرين بس
صححلها ياسين وهو بيقول_وعارفين بعض بقالنا سنة و٣ شهور، يعني جو الخطوبات ده المفروض مش لينا ولا إيه؟
هزت ياقوت راسها ليه وهي حاسة إنها وقعت نفسها ومش عارفة تهرب، ولكنها زفرت براحة لما ليلى قالت_برضه يا ياسين أنتَ عارف إن الجواز مسئولية وخطوة جريئة خاصة بعد تجربتها من جوازتها الأولى اللي اتغصبت عليها، خليها تاخد راحتها
ابتسم ياسين واحتوى إيديها بين كف إيده وقال_لو عليا استناها العمر كله مفيش مشكلة
نهى جملته ورفع كفها طبع عليه قبلة عميقة، فشاكلته ليلى بمزاح_سيدي يا سيدي على الرومانسية!
خليكوا انتوا حبوا في بعض وسيبوا الشركة تضرب تقلب علشان زيارة بكرا
ده بابا هيكهربنا كلنا!
ضحك ياسين وقال_صحيح معرفتوش هيوصل امتى؟
مطت ليلى شفايفها وقالت في حين ماسكة كاس فيه مشروب بين إيديها وبتشرب منه_تقريبًا طيارته هتوصل الساعة ٣
تابعتهم ياقوت باهتمام وقالت_لحد دلوقتي لسة محددناش هيمولنا بقد إيه
ريح ياسين ضهره على الكرسي وقال_بعد ما نحدد الفندق اللي هنبنيه هيحتاج كام طن حديد
لسة لحد دلوقتي مخلصناش الشكل النهائي للفندق كل اللي حددناه يدوب المساحة
كل ده بقى هنشوفه لما الضيف اللي شريف بيه العمري طالع بيه السما ييجي
_ده شريف بيه العمري هيعلقنا كلنا لو روحنا الشغل متأخر بسبب سهرتنا دي!
قالتها ليلى بضحك فضحكوا كلهم عليها
شريف العمري هو والد ياسين وليلى، والدهم صاحب شركة مقاولات واستقر هنا في ألمانيا ولكن لسة بيدير مشروعات في مصر، زي مشروع الفندق اللي محتاجله تمويل
اشتغلت في الوقت ده اغنية هادية، فقام ياسين وقف وهو بيعدل من چاكيت بدلته الرصاصي وبيمد إيده لياقوت وهو بيقول_بما إننا كده كده هنتهزأ
فاسمحيلي استمتع باللحظات الأخيرة قبل التهزيق
ضحكت ليلى وياقوت بشدة، ولكن في النهاية إديته ياقوت كفها وقامت معاه واتحركوا لوسط الناس اللي قاموا يرقصوا مع الاغنية
كانوا قريبين من بعض، في حين ياسين محتويها ومقربها منه، نظراته كان الحب واضح عليهم، من أول يوم شافها وهي جذبته
شخصيتها العنيدة ووالقوية رغم الحيرة والتوهة اللي كانت فيها لما ليلى عرفتهم عليها
ولكن حس إنها مش هتبقى شخص عادي
عيونه البنية كانت بتلمع وهي بتبصلها، أما هي كانت حاسة بارتباك وتوتر ملحوظ
رغم إنها وافقت على خطوبتهم
ولكنها كانت محاولة تنسيها أيوب بعد ما يأست من إنها تنساه
ولكن مكانتش مدركة إنها بالفعل غرست ومتقدرش تخرج من الوضع اللي حطت نفسها فيه وإلا هتخسر كل حاجة
وفين أيوب؟
مش موجود
ومتعرفش ممكن يشوفوا بعض امتى تاني
ومدركة إن حتى لو شافوا بعض فاستحالة يرجعوا بعد كل الاحداث اللي حصلت وسابت ندوب فيهم
إذن لا مانع من الاستقرار حتى لو قلبها ملهاش سلطان عليه
جذبها من خصرها أكتر ليه وقال بصوت ناعس_مش ناوية ترجعي شعرك الأشقر تاني؟
ابتسمت وهي بتحاول تخلي مساحة بينهم وقالت_حابة البني عليا أكتر
رفع إيده وملس على شعرها ومنها لمساته اتجهت لخدها وهو بيقول_أنتِ حلوة في كل حالاتك
بلعت ريقها بتوتر، حاسة بالذنب قصاد الحب اللي شايفاه في عيونه وتصرفاته، ولكن ما باليد حيلة
كالعادة بترجع تفوق متأخر ومبتتعلمش من غلطاتها
انتهت الرقصة في الوقت ده، فبعدت عنه أخيرًا وهي بتصقف مع الناس، وكإن الدقايق اللي عدت في قربه كانت جحيم
مش قادرة تقرب لحد غيره
مش قادرة تتخيل نفسها لحد غيره ودي حاجة مسببالها غضب كبير من نفسها
اتحركت ليلى ناحيتهم وهي بتقول باستهزاء_مش يلا ولا إيه يا عصافير الحب
شريف بيه كلمني وقال هيصطادنا كلنا عصفورة عصفورة لو مروحناش دلوقتي وجهزنا لبكرا
ضحكوا على كلامها واتجهوا بالفعل لبرا، ودعتهم ياقوت وركبت عربيتها واتجهت لمكان سكنها اللي مكانش بعيد كتير عن المطعم اللي كانوا سهرانين فيه
طلعت شقتها وقلعت جذمتها اللي كعبها عالي وهي بترميها بإهمال وحدفت شنطتها على الأرض واترمت على السرير وهي باصة للسقف بتوهة
كل ما بتحاول تعيش ذكراه بتنغص عليها حياتها
مش عارفة تعيش من غير ما يكون هو في بالها
رغم عنها حست بدموعها بتسيل على وشها
انكمشت على نفسها في وضع الجنين وهي بتنحب بألم لحد ما راحت في النوم وهي على وضعها...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخلت الشركة وهي بتبص حواليها باستغراب، الوضع بالفعل مقلوب، الموظفين بيجروا حوالين بعض عشان يقدروا ينهوا كل حاجة
وقفت مكانها تبص ليهم باستغراب، لحد ما شافت ليلى بتقرب منها وهي بتقول_لا صحصحي كده مش وقت استغراب
شريف بيه مولع على الآخر
بصتلها وهي بتبلع ريقها بتوتر، فكملت ليلى بأسف_سأل عليكي ٣ مرات
رفعت ياقوت إيديها في وشها بدهشة_٣ مرات؟
ردت ليلى بضحك_٣ مرات يا سيد
استلمي بقى
سابتها ليلى وجريت تكمل في وشها، فاتوجهت ياقوت بقلق ناحية أوضة الاجتماعات اللي كان قاعد فيها، خبطت على الباب كذه مرة بارتباك لحد ما سمعت صوته بيأذنلها تدخل، فتحت الباب بتوتر ولكن انتفضت برعب لما لقته بيزعقلها_ما لسة بدري يا هانم
مسئولة العلاقات العامة جيالي الساعة ١٢ الضهر!
نقلت نظراتها بينه وبين ياسين اللي كان قاعد منكمش وبيحاول يكتم الضحك، بصتله ياقوت بتوعد فضحك وهو بيقول علشان ينجدها من عصبيته_معلش يا بابا ا....
اتوجهت نظرات شريف لابنه وهو بيقول بحدة_أنتَ تسكت خالص، أكيد تأخيرها ده أنتَ السبب فيه مفيش حد غيرك هيفسدها!
بصتله ياقوت بشماتة فجز ياسين على اسنانه، دخلت ياقوت وحطت شنطتها على الترابيزة وهي بتقول برقة_قلقان ليه بس يا شريف بيه ما لسة طيارته هتوصل الساعة ٣!
رد عليها شريف بتريقة_٣!!
ده مين الحمار اللي قالك كده
دخلت ليلى في الوقت ده وهي سامعة إهانتها وهي بتقول_انا الحمار
اتعصب شريف أكتر وقال بحدة_طبعًا ما أنا مشغل عبط
واحدة مقضياها أكل ومرعى وقلة صنعة
والتانيين ناقص اجيبلهم شجرة واتنين لمون!
كان ياسين من وراه منهار في الضحك في حين ليلى وياقوت بيتوعدوله، أول ما اتلفت ليه شريف اتعدل واتنحنح متصنع الجدية، وجه شريف كلامه لياقوت_الممول وصل ألمانيا من ساعة يا هانم وفي طريقه لهنا
اتفضلي جهزي نفسك عشان تستقبليه من تحت!
هزت ياقوت راسها بسرعة وجريت على برا كإنها ما صدقت خلصت منه
وسابت ليلى وياسين ياخدوا دورهم من التهزيق
جهزت نفسها وعدلت من شكلها قصاد المراية
كانت لابسة ميني چيب وعليها بليزر تحته شميز أبيض، رابطة شعرها ديل حصان
لفت حوالين نفسها قصاد المراية تتأكد من هيئتها اللي مفقدتش رونقها
لسة ملفتة زي ما هي!
وبعدين اتجهت لبرا وهي بتشاور لعدد من الموظفين يلحقوها
نزلت لتحت قدام الشركة في نفس الوقت اللي وصل فيه حوالي ٣ عربيات ضخمة
رسمت على وشها ابتسامة رسمية ووقفت بتأهب وهي شايفة باب العربية بيتفتح وبينزل منه وهو بيخلع نضارته الشمس وللحظة اتجمد لما وقعت عينه عليها
اتمحت الابتسامة اللي كانت على وشها واتوسعت عينيها بصدمة
ومع اضطراب دقات قلبها من شوفته رددت بهمس_أيوب....