رواية هويت رجل الصعيد الجزء الثاني2الفصل الاول1الثاني2 بقلم نورا عبد العزيز
___بعنـــوان "غيــرة" ___
أستيقظ “نوح” صباحًا على صوت “عهد” تناديه ويدها تداعب لحيته بدلال وتقول:-
-حبيبى
أجابها بصوت نائم بعد أن فتح عينيه قليلًا:-
-أمم
تبسمت “عهد” بعفوية ليرى بسمتها أول شيء أمامه وكانت مُرتدية بنطلون جينز وتي شيرت بنصف كم فوق قميص نسائي مفتوح بكم فضفاض وكانت مُستعدة للخروج فقالت:-
-أنا هنزل لعليا عشان نروح نجيب الفستان وهنجيب شوية حاجات ناقصانى وهرجع
هز رأسه بالموافقة لها ثم قال:-
-ماشي بس خلى بالك من نفسك
هزت رأسها بالموافقة له ثم وضعت قبلة على وجنته وغادرت ليعود إلى نومه، نزلت من شقتها ورأت “عليا” تقف بسيارتها أمام المنزل فصعدت معها ورأت “ليلى” تجلس بالخلف فضحكت وهى تقول:-
-متجمعين دايمًا
أجابتها “ليلى” وهى تأكل الطعام قائلة:-
-ساعتين يا هانم
ألتفت “عهد” إليها وهى تضربها بقوة قائلة:-
-خلى في أكل يا مفجوعة انتِ
ضحكت “عليا” وهى تقود السيارة وتقول:-
-دا اول ما نزلت من بيتها أول حاجة عدي على ماك عشان أكل
ألتفت “عهد” للجلوس بأعتدال تقول:-
-طبعًا أنتِ هتقوليلى على ليلى، جايلك قلب تأكلي يا طفسة وأنتِ مغضبة الواد
مسحت “ليلى” فمها بضيق ثم قالت:-
-نكدتِ عليا يا رب تسكتى بقى نفسي أتسدت خلاص
ضحكت “عهد” وأختها على هذه الفتاة العنيدة وذهب إلى الأتيليه ليحضروا الفستان أولًا ثم ذهب إلى أحد المولات التجارية وبدوا في شراء الكثير من مساحيق التجميل وبدأت كلاهن في اختيار الكثير من الفساتين ويرتدوه للتجربة ثم أشترت كل واحدة منهن ما تريده وعادوا بعد يوم طويل، دخلت “عهد” إلى شقتها وكانت هادئة جدًا فوضعت كل الأغراض على أقرب مقعد وذهبت تبحث عن زوجها فوجدته أخيرًا بغرفة المكتب جالسًا داخل مقعد عش العصفور الأرجوح ويقرأ كتابها فتبسمت وهى تخلع قميصها المفتوح وجلست جواره ثم رفعت قدميها داخل الكرسي ووضعت رأسها على كتفه وقالت بعفوية:-
-وصلت لفين؟
وضع فاصل الكتب بين الأوراق وأغلق الكتاب وهو يذهب بنظره إلى زوجته وقال:-
-لحد أسس أي علاجة ونجاحها وأكتشفت جانب جديد فيك
تبسمت وهى تتطلع به قائلة:-
-جانب جديد
أومأ لها بنعم ثم تابع حديثه وهو يضع الكتاب جانبًا ثم ألتف إليها يقول:-
-اممم جزء جديد في عجلك ولما أخلص الكتاب هجولك رأيّ لكن دلوجت تعالى أنتِ جوليلى رأيك
ذهبت معه بتعجب من حديثه وأخذها للمطبخ فدهشت عندما رأت الطعام مطهو على الطاولة فقال:-
-أجعدى على ما أسخن اللى برد
جلست تتابعه بنظراتها وهو يقلب الطعام على النار ولم تصدق أن من يقف أمامها هو كبير عائلته الآن ويقف بالمطبخ يطهو لها دون حرج فذهبت لكى تقف خلفه ولفت ذراعيها حول خصره من الخلف، لف “نوح” رأسه جانبًا وقال:-
-حصل حاجة!!
أغمضت عينيها بهدوء وتنفست بأسترخاء ثم بدأت تتحدث قائلة:-
-مفيش يا نوح تعبانة بس شوية
أتلف "نوح" لها بلهفة وقلق ثم مسك ذقنها بأنامله يتطلع بملامحها قائلًا:-
-مالك؟! حاسة بأيه؟
تبسمت "عهد" بعفوية على لهفته ثم قالت بدلال:-
-مفيش يا نوح أنا كويسة قدامك اهو، كل ما فى الموضوع أني تعبت من اللف شوية
أومأ لها بنعم ثم بدأ يجهز الطعام وجلسا معًا على السفرة فوضع القليل من الطعام فى طبقها وأنتظر أن تأكل فأخذت القليل بملعقتها فحدق بها قليلًا وقال بلطف:-
-أيه رأيك؟!
تبسمت "عهد" له ورفعت يدها للأعلي ثم قالت:-
-ممتاز تاخد عشرة على عشرة
ضحك "نوح" عليها ثم قال بلطف:-
-ولسه كمان
مسك هاتفه ثم أشغل الموسيقي ووقف من مكانه ليأخذ يدها فى يده ووقفت معه ليلف يده حول خصرها والأخرى فى يده ليرقصا معًا، تبسمت "عهد" وهى تحدق بعينيه ليقول بعفوية:-
-ما أحلاكي يا عهدي
تبسمت "عهد" على حديثه ووضعت رأسها على صدره بأرتياح فسألها "نوح":-
-أنتِ زعلانة يا عهد عشان معملتكيش فرح زين وفرحتك اتسرجت منك
ضحكت عليه ثم قالت بحب:-
-أنت فايق أوى يا نوح وأنا تعبانة وجعانة نوم لو ممكن أتعبك معايا تودينى السرير
تبسم وهو ينحنى قليلًا ثم حملها على ذراعيه لتغمض عينيها وهى تلف ذراعيها حول عنقه، سار بها إلى الغرفة لتقول بصوت مبحوح:-
-أنت فرحتي يا نوح اللى عمرها ما هتتكسر أبدًا ولا هتتسرق منى
توقفت قدميه عن السير لتشعر بتوقفه ففتحت عينيها إليه وقالت:-
-أنا بحبك يا نوح وحُبك مالهوش مثيل ولا ممكن حاجة تكون أحلى منه ولا تفرحنى قداك عشان كدة يا نوح متفكرش التفكير دا تانى
أدخلها إلى غرفة النوم فرأت الغرفة مُضيئة بالشموع وهناك ورد أحمر مرسوم على الفراش مكون قلب كبير وهناك فستان زفاف أبيض اللون مُعلق على الحائط وبالونات منفوخة بغاز الهيليوم مرفوعة بسقف الغرفة وردي اللون، أنزلها "نوح" بمنتصف الغرفة لتنظر حولها بذهول والفرحة تغمرها من أفعال زوجها الرومانسي رغم صارمته وحنان رغم قسوته، ألتفت له وقالت ببراءة:-
-نوح...
قطعها عندما وضع سبابته على شفتيها ثم قال:-
-أنا مش ناسي أمنية واحدة من أمنياتك وهحججهم كلهم يا عهدي وأكتر كمان، ودلوقت ههملك ربع ساعة بس تغيرى هدومك بسرعة
أومأت له بنعم ليغادر الغرفة فقفزت بسعادة لكن سرعان ما توقفت عندما تذكرت حملها وهذا الطفل الذي تحمله بداخلها، بدل "نوح" ملابسه بالغرفة الأخرى ووقف ينتظرها أمام الغرفة مُرتدي بدلة رمادية وقميص أسود، فتح باب الغرفة فأستدار لها ليراها تحمل الفستان بيديها الأثنين مُحاولة الخروج من الغرفة من ضخامة فستانها فأسرع لها يساعدها فكادت أن تسقط لتتشبث بذراعه، مسكها بأحكام ثم نظر بعينيها وكانت جميلة كعادتها وجملت وجهها بمساحيق التجميل وحددت شفتيها بلون الكرز، خرجت من الغرفة ثم وقفت أمامه يتأملها بعفوية وعينيه تتلألأ حُبًا لأجلها فأقترب ليضع قبلة على جبينها وقال:-
-حورية جنتي وأرضي
تبسمت "عهد" بلطف وهى تتطلع بعينيه ثم قالت وهى تهندم ملابسه بيدها:-
-أنت أحلى عريس يا نوح وعمرى ما هنسي أول مرة شوفتك بالبدلة كنت متلخبطة أزاى من وسامتك
قهقه "نوح" ضاحكًا بعفوية ثم مسك يدها ليُديرها حولها مرات متتالية فضحكت بلطف ثم قالت:-
-نوح كفاية يا حبيبى أنا دوخت
أوقفها "نوح" ثم نظر بعينيها وقال:-
-الأبيض بيحليكي يا عهد وكأنك جطعة حلوى سجطت على قلبي تخدره بسكرها
أخذها "نوح" وخرج معًا للصالة فدهشت عندما وجدت أحد المصورين بشقتها، ألتقط الكثير من الصور لأجلهما وبعد ساعتين من الوقت، غادر المصور ومساعده وكانت "عهد" على وشك السقوط من قلة نومها، دخل "نوح" للغرفة ليرى زوجته نائمة بمنتصف القلب بهذا الفستان الضخمة وشعرها مسدول على كتفيها فضحك وهو ينزع سترته ثم سار إلى الفراش وجلس خلفها يرفع شعرها للخلف وقال بنبرة لطيفة:-
-عهدي.. يا حبيبة قلبى
ألتفت له بصعوبة من هذا الفستان وقالت:-
-اممم يا حبيبي
أخفضت رأسها بين صدره ليضمها إليه وقال بحب:-
-هتنامي بعد كل دا، أنا عملت كل التحضيرات دى عشان تسيبنى وتنامى فى الاخر
لم تُجيبه بل غاصت فى نومها غارقة به ليقول "نوح":-
-أمرى لله...
______________________
كان الجميع فى عجلة من أمره ثم قالت "عليا":-
-هو التوتر دا طبيعي ولا ايه يا بنات
ضحكت "ليلى" بعفوية والفتاة تلف لها الحجاب وقالت:-
-هو حضرتك أنتِ اللى أتجوزتي قبل كدة مش إحنا
ضحكت "عهد" وهى تقول:-
-والله أنا يوم فرحى هربت من العريس بالفستان....
نظرت الموظفات لها بدهشة لتصحح "عهد" جملتها وهى تقول:-
-لا اتجوزت أمال الحمل دا ايه انتفاخ
ضحكوا عليها جميعًا، لتقف "عهد" من مكانها وتقول:-
-أنا هروح اشوف نوح خلص ولا لا
أستوقفتها "ليلى" بحديثها قائلة:-
-استني يا عهد خدينى معاكي أجيب حاجة من أوضتي
خرجا معًا من الغرفة تاركين "عليا" فى الداخل تتجهز من أجل زفافها ليغادرا الغرفة، كانت تسير "عهد" معها فى الرواق لكنها رأت "عطيه" يخرج من الغرفة فتنحنحت "عهد" بحرج بعد ان رأهما "عطيه"، وقفت" ليلى"بصمت أمامه ليتطلع بها بعينيه مُتفحصها من الرأس لاخمص القدم وهى ترتدي فستانها الوردي تلف حجابها الوردي وكعب عالي، تبسم بلطف مُتجاهلًا خصامهما وقال:-
-طالعة كيف البدر
تبسمت "ليلى" بخجل من نظراته وغزله لها ثم قالت بلطف:-
-وأنت كمان يا عطيه حلو فى البدلة
تبسم "عطيه" بلطف ثم سألها بغيرة شديدة:-
-وأنتِ هتنزلى الفرح اكدة وسط الناس وكل الرجالة اللى تحت دول
نظرت لملابسها بتعجب وقالت باستغراب:-
-كدة أزاى لا مؤاخذة!!
مسك يدها لكى يجذبها إليه لترتطم بصدره بقوة فخرجت شهقة قوية منها وعينيها تحدق بعينيه ورفع يده الأخرى إلى وجهها ومسك فكها به ثم قال بنبرة قوية:-
-هتنزل تحت بالجمال دا كله، اجري يا بت اغسلي وشك دا
قهقهت ضاحكة وهى تفلت يدها من قبضته وتعود خطوة للخلف ثم قالت:-
-لا أنت أكيد بتهزر، وبعدين مفيش راجل هيعاكسنى وأنا ماشية معاك يعنى دا يبقي عبيط ومُغفل
رفع حاجبه إليها بخفوت من حديثها الماكرة وكأنها تقنعه بطريقتها فضحكت بلطف عليه فتبسم كأنه قبل فخها التى اعدته إليه....
______________________
دخلت "عهد" غرفتها وبحثت عنه لتراه يقف امام المرآة يصفف شعره، عقدت "عهد" ذراعيها بلطف أمام صدرها ثم قالت:-
-أنا خلصت قبلك يا بيه
نظر "نوح" إليها ليراها تقف أمامه بعد أن أنتهت من تجهيزاتها بفستانها الورد الضيق وفوقه قطعة اخرى تلف حول خصرها فضفاض وطويلة من الخلف وبأكمام فضفاض وتركت شعرها مسدول بحرية كما يحبه زوجها ورفعته من الجانب بدبوس شعر كبير فضي على هيئة طاووس، سار نحوها بذهول مسحورًا بجمالها وضربات قلبه تتسارع بلطف، فهمت نظراته لتزدرد لعابها الجاف بحلقها بخجل شديد وهى تعود بخطواتها للخلف حتى وصلت للحائط وأصطدمت ظهرها به، هتفت "عهد" بتلعثم من قُربه عندما توقف أمامها قائلة:-
-أتحشم يا واد حد يشوفنا
خرجت من "نوح" ضحكة ساخرة على جملتها ثم وضع يده على الحائط يحاصرها وقال:-
-أنتِ ليه محسسانى أنى شاجطك يا عهد وخايف من الناس لتشوفنى وياكى ورب العزة أنا جوزك وأنتِ مرتى.. نفسى تفهمى دا ولا أجبلك القسيمة بلاش القسيمة بطنك دى أيه الحمل دا مش عاجبك يعنى
أزدردت لعابها الواقف فى حلقها بخجل شديد من قُرب وهو يحاصرها بيديه فى الحائط دون أن يترك لها مجال للهرب منه ثم قالت بتلعثم شديد:-
-أنا عارفة يا نوح والله أنى مراتك بس أنت بصراحة يعنى قليل الأدب
اتسعت عينيه بذهول تام من كلمتها الأخيرة ثم قال بعناد:-
-أنا جليل الأدب، وأنتِ ايه يا مرتى بلسانك دا ها
ضحكت "عهد" بأرتباك منه ثم رفعت يدها إلى صدره على قلبه الهائم فى عشقها داخل هذا الصدر الصلب وكأنه تعمدت أن تنقل له ربكتها، نظر "نوح" إلى يدها بتوتر ثم عاد بنظره إلى عينيها لكنه شعر بشي خبيث بيهما فتابعت "عهد" الحديث بغضب متحول:-
-عارف لو شوفت زراير قميصك دول مفتوحين كدة تانى هعمل فيك أيه يا نوح؟
شعر بيديها تغلق أزرار قميصه مع حديثها ونبرتها الغليظة ليضم شفتيه بقوة للداخل مُحاولًا كبح ضحكاته على غيرتها الشديدة وأومأ إليها بنعم لتبتسم إليه بعفوية مُتنازلة عن غيرتها ثم وضعت قبلة على وجنته أغمرته بسحرها لتفر هاربة منه فتبسم عليها وهو واقفًا أمامه ثم ضرب الحائط بيده والتف مُتمتمًا:-
-صعبة المنال، لما نشوف اخرك فين يا عهدي!!
هندم ملابسه بمكر ثم غادر الغرفة متواعدًا لها بالكثير من الانتقام على أفعالها وهروبها منه....
الفصـــل الثاني (2)
___ بعنـــوان "مغلوب القلب" ___
داخل قاعة الزفاف كان البعض في حالة من السعادة القصوى والبعض يجتاحهم الكثير من الغضب والحقد، تحدث “على” وهو جالسًا على طاولة خاص بعائلته ببسمة طيبة:-
-عجبال ليلتك يا أسماء
لم تُجيبه “أسماء” وظلت صامتة تحدق بـ “نوح” الواقف بعيدًا مع زوجته المُبتسمة وكأنها ملك توجت على عرش العالم بأسره بوجودها بجانبه، تحدث ذهنيًا:-
-أشمعنا أنا اللى لازم أتجوز من واحد مبحبهوش ولا طايجة، لا أنا ما هجبلش بالبيع دا ومهملكيش سعيدة يا عهد بعد ما خدتى حبيب جلبى مني، أفرحي كيف ما تحبي عشان الفرح دا مهيطولش كتير
نكزتها “فاتن” في ساعدها بخفوت ثم قالت:-
-سرحتى فى أيه يا بنت بطنى
تأففت “أسماء” بضيق ثم قالت وعينيها تحدق ببطن “عهد” رغم أنها لم تنتفخ كثيرًا بحملها التي لم تكمل منه سوى شهرين:-
-مفيش يا ماما
على الجهة الأخرى كان “نوح” يقف بجوار “عهد” كلاهما مُبتسم لكن حديثهما على خلاف مع بسمتهم فقالت “عهد” ببسمة مُصطنعة:-
-يعنى أنا عميت يا نوح مكانتش البهيمة دى بتبص ليك وغمزت لك
تبسم وهو ينظر للماريين من جوارهما وقال:-
-غمزت يا عهد أرتاحتى أكدة، بس هعمل أيه هروح أمسك عينيها واحدة مُنفلتة أنا صالحى أيه دلوجت
أخذت يده في يدها ومن يراهما يرى الحب بينهما بينما في الواقع كانت “عهد” تضغط بأظافرها في يده بغضب ناتج من حريق قلبها التي أشعلته الغيرة ثم قالت:-
-لا يا روحى متروحش أنت وخليها عليا
كادت ان تذهب للفتاة فمسك يدها بأحكام قبل أن تفتعل شجار وتخرب زواج أختها بجنانها ثم قال:-
-أهدى يا حبيبتى بس كدة عشان صحتك
ضحكت “عهد” بسخرية من جملته وقالت:-
-ها صحتى، خايف أوى على صحتى وأنا أصلا محدش هيموتنى ناقص عمر غيرك
ذهبت من أمام ليبتسم ضاحكًا على زوجته المُدللة وحتى فى غضبها تشبه الطفلة المُدللة، مرت “عهد” من جوار “ليلى” الواقفة مع “عطيه” تقول بجدية:-
-أنا مرت اللى حصل بمزاجي يا عطيه
ضحك “عطيه” بلطف عليها ثم قال:-
-كمان أنتِ اللى زعلانة يا ليلى
لفت بنظرها إليه بتعجب من جملته فقال ببسمة هادئة:-
-خلاص أنا غلطان يا ست البنات وحجك على رأسي بس ممكن متكشريش أكدة وأنتِ كيف الجمر
تبدل غضبها لضيق طفولى أكثر ثم قالت بجدية مُتذمرة على حديثه:-
-لا بقولك أيه لما أكون بتخانق تنسي ثلاث حاجات يا عطيه عشان حياتنا تستمر على خير
تعجب “عطيه” من جديتها فى الحديثها ونبرتها القوية فسأل بفضول شديد:-
-أيه هم يا ليلى
أقتربت خطوة منه فكادت ان تلتصق به فتمتم “عطيه” بقلق قائلًا:-
-أنتِ هتضربى ولا أيه؟
-واحد تنسي أى كلام حلو ممكن تقوله، أتنين بلاش معاكسات عشان أنا قلبى ضعيف وبيضعف ها، ثلاثة
ضربت يده التى تمسك يدها وقالت بأنفعال:-
-متلمسنيش وتحاول تضعف موقفى فى الخناقة مش أكمنى بحبك تستغل دا
تبسم بعفوية فى وجهها لتشعر بضربات قلبها تتسارع من هذه البسمة فتابعت قائلة:-
-أربعة ودى جديدة متبتسمش خالص عشان غمازاتك دى بتسحرنى
لم يتبع “عطيه” تعليماتها فتبسم أكثر لتحتل البسمة كل ملامح وجهه فرُسمت بعفوية على شفتيه وظهرت غمازاتها عى وجنته وتلألأت عينيها اكثر فرحًا فتنهدت “ليلى” أكثر بضيق شديد لتقول بتذمر من هذا الرجل:-
-تبا لك يا عطيه
أخذ يدها فى يده وقال بحُب:-
-دا تبا لأى زعل يضيج الجمر دا ويخبي ضحكته
تبسمت “ليلى” بعفوية مُتجاهلة هذا الغضب أمام عفويته، وصل المأذون فذهب الجميع حوله وهو يعقد القران عليها وكانت “عليا” جالسة بجوار “عمر” ويمد يده إلى المأذون والأخرى يمسك بها يد “عليا” بحُب وبدأ يردد الكلام مع المأذون “عليا” تنظر إلى “عهد” التى تقف جوارها وتربت على كتفها بحب وسعادة تغمر قلبها وبعد أن رفع المأذون المناديل عن يديهما ألتف “عمر” إليها مُتجاهلًا الجميع ليعانقها بسعادة وهو يدور بها وتضحك بقوة و”عهد” تقف جوار “ليلى” وتبتسم على سعادة اختها فجاءها موظف الدار من الخلف وقال:-
-مبروك يا مدام عهد
ألتفت الأثنين إليه لتتبسم “عهد” بخفوت وهى تقرص “ليلى” فى ذراعها بعد أن قوست شفتيها بضيق للأسفل بعد رؤية هذه الفتاة، تحدث هذا الشاب بعفوية:-
-عقبالك يا ليلى
ضحكت “ليلى” بسخرية على هذا الشاب وأشارت على نفسها وهى تُحدث “عهد”:-
-هو بيكلمنى أنا؟! لا متقوليش
ضحكت “عهد” على تذمر هذه الفتاة ثم قالت:-
-خلاص يا ليلى، عقبالك أنت يا فريد
-والله ليكى واحشة يا مدام عهد وللمناقشات معاكي من بعد ما اتجوزتى الواحد مبقاش لاقى حد يناقشه ويأخد رأيه
تبسمت “عهد” بتكفل على هذا الحديث فقرصتها “ليلى” فى ظهرها وهمست فى أذنها قائلة:-
-أتلمى بالضحكة اللى جاية من الودن للودن دى عشان جوزك لو جه هيساوى وشك بالمبتسم بالأسفلت
ضحكت “عهد” أكثر على حديثها ليربت “فريد” على كتفها بعفوية وهو يقول:-
-طب عن أذنك
لم يكمل كلمته عند أستوقفه بيد قوية تمسك يده الى لمست زوجته فنظرت “عهد” لتجد هذا الرجل الصعيدى فتحدث “نوح” بنبرة قوية والغضب يشتعل بداخله من الغيرة فقد تجاوز هذا الرجل كل الحدود بلمسه لها:-
-أنت عبيط ولا أيه
نظرت “عهد” للجميع وقد توقف الجميع عما يفعلوا عندما تحدث بنبرة قوية وبدأوا ينظروا عليهما فشعرت بحرج شديد وخوف من تخريب حفل زفاف أختها ثم قالت بهمس:-
-خلاص يا نوح
نظر “نوح” لها بغضب، نظرة كادت ان تحرقها فى التو من النيران التى تبث من عينيه بينما أزدردت “عهد” لعابها الجاف بقلق من نظرته وأنزلت يدها عنه من الخوف ليتحدث ”فريد” قائلًا:-
-مين الراجل المُهزق دا
ألتف “نوح” له بغضب أكثر وكأن هذا الشاب يسعى لموته الآن فـلم يتمالك غضبه أكثر فرفع ذراعه ولكم وجه هذا الشاب بقوة أسقطه على الطاولة وسقط الكأس من يده أرضًا ليتناثر الزجاج ونظر الجميع بدهشة، ألتف دون أن يكترث لأحد وأخذ يدها معه وسار خارجًا من القاعة، كانت تركض خلف خطواته المُسرعة دون أي مراعاة لخطواتها وكعبها العالي، فتح "نوح" باب السيارة وأدخلها بقوة ثم أغلق الباب وألتف ليصعد بمقعد السائق وأنطلق، أزدردت لعابها بخوف وأبتلعت كلماتها قبل أن تتفوه بها فى هذه اللحظة المشحونة بالصعقات الكهربائية وهو أشبه بسلك كهربائي عاري وكل من يلمسه يوشك على الموت، ضغط على المكابح فجأة فأرتطمت رأسها بيدها الموجودة على السيارة وتمسك الهاتف بها الذي أوشك على أقتلاع عينيها دون قصد، ترجل من سيارته غاضبًا ووقف بالخارج يشعل سيجارته فترجلت "عهد" من السيارة بقلق وقالت بخوف:-
-نوح..
لم يُجيب عليها فتابعت وهى تقترب بخطواتها نحوه:-
-أنا أسفة، عارفة أنى غلطت لما ردت عليه بس....
أستدار يصرخ بها وهو يلوح بيده أمامها تعبيرًا عن انفعاله:-
-لا يا عهد، أسفك مش مجبول لأنك مبتتعلميش من الغلط وبتتعمدي دايمًا تثيري غضبي، مش مقبول بالمرة يا عهد
توقفت قدمها فزعًا عندما صرخ بها وتصاعدت أنفاسها بقوة لكنها ظلت تحدق به بعيني خائفة فهو لا زال زوجها الذي تعشقه بجنونه، تابعت خطواتها بخوف ووثقت بصوت قلبها العاشق لتقف أمامه وعينيها تحتضن عينيه بضعف وتكاد تبكي ثم بدأت تُتمتم بحزن وندم:-
-أنا أسفة يا نوح، ممكن ترحم ضعفى لما أجيلك ندمانة وضعيفة ومتقساش عليا، متجيش عليا وأنا هشة ولا المفروض أطلع أجرى علي مين حتى لو غلطانة ما أنا لازم أجري عليك أنت، لأن أنت أنا ومحدش هيقبلنى غلطانة غيرك، أنت جوزى يا نوح مينفعش تكون اقسي الناس عليا، طب هو أعتذارى مش كفاية عشان تغفر غلطة غير مقصودة
كان يستمع لحديثها وعينيه تتطلع بها والدموع تسيل من عينيها، حدق بحاجبها الأيسر الذي تورم من أرتطم الهاتف برأسها وأصبح كدمة حمراء، رفع يده ببطي إلى حاجبها ووضع إبهامه علي كدمتها بلطف لترفع نظرها إليه فقال هامسًا:-
-بتوجع؟
أومأت له بنعم ولا زالت باكية فأنحني قليلًا ووضع قبلة على حاجبها ثم قال:-
-يتوجع العالم كله ويتأذي ولا أنك تتوجعي يا عهدي
ظلت تنظر بعينيه ليضمها إليه فى صمت وهو يلقي السيجارة من يده الأخرى بعيدًا......
____________________
أخذها “عطيه” إلى شقتها بسيارته ثم أوقف السيارة ونظر إليها وقال بنبرة دافئة:-
-أطلعى يلا وأنا مهتحركش من أهنا غير لما تطمئنى أنك طلعتي فوج وتجفلى الباب وراكي زين
ضحكت “ليلى” وهى تلف بجسدها إليه وتتكأ بظهرها على الباب وقالت بعفوية:-
-لما كنت غضبان يا دوب نزلت وطيرت بالعربية دلوقت هتستنانى لحد ما أطلع وأكلمك
تبسم بعفوية وهو يأخذ يدها فى يده وقال بلطف:-
-سيبك من اللى فات، أطلعى وفكرى فى ميعاد للفرح وأنا مهغصبش عليكى فى أى ميعاد هسيبك تختارى الميعاد اللى تكوني جاهزة فيه يا ليلى بس للعلم بالشيء وأنتِ بتفكرى تكونى عارفة أنى عاوزه من ساعة فاتت قبل كمان ساعة
نظرت إلى يده التى تحتضن يدها بلطف ثم رفعت نظرت إليه ورأت عينيه تتلألأ فرحًا مع كل كلمة يتفوه بها وإذا كان الحب يحتل كيانه كاملًا فماذا ستحتاج أكثر للتفكير به، تمتمت بلطف قائلة:-
-للعلم بالشيء ولا بتضغط عليا باستعجالك
-مهنكرش أنى مستعجل بس برضو مجدرش أضغط عليكى يا ليلى
خرجت منها ضحكة عفوية تتراقص على أوتار أذنيه ثم قالت:-
-أنت مستعجل كدة ليه؟
نظر إلى وجهها يتطلع به لثواني معدودة صامتًا مما زاد من ربكتها فتبسمت بحرج وقالت:-
-أيه
-مستعجل عشان بتوحشك وأنتِ جارى ما بالك وأنتِ بعيدة عن عيني رغم أن عمرك ما كُنت بعيدة عن قلبى، مستعجل عشان فى كل مرة بشوف دموعك فيها ببجى عاوز اخبيكي جوا صدرى لكن مجدرش، مستعجل عشان صوت أنفاسك اللى بسمعه لما بتنام وإحنا بتحدد فى التليفون بجى امنية حياتى أنى أسمعه من غير تليفون، مستعجل عشان لما تزعلى منى أخرنا هنام على الكنبة فى نفس الأوضة مش هتسيبى له البلد كلتها وتجعدى فى محافظة غيرى دا إذا كان فى زعل أصلًا لأن حتى فى زعلك هيكون بين يدى، مستعجل عشان أنتِ حلمي ومين فين مبيستعجلش على حلمه
كانت “ليلى” تحدق به بعيني لامعة تتلألأ ببريق الحُب والدفء الذي يغمرها بسبب لهيب الحب المُتراقص على أوتار قلبها كالجيتار المصنوع من العشق، رفع يده الأخرإلى وجنتها ليدخل تلك الخلصة التى فرت من حجابها للداخل مرة أخرى وقال بنبرة هامسة:-
-مستعجلش عشان بحب يا ليلى
لم تجد كلام يصف ما تشعر به فى هذه اللحظة فقالت بلطف:-
-تصبح على خير
غادرت مع بسمة مُشرقة فظل واقفًا حتى صعدت للأعلى وأتصلت به فأجاب وهو يطلق بسيارته لكنه سرعان ما ضغط على المكابح عندما سمعها تقول:-
-أنا موافقة نتجوز
توقفت السيارة على سهو بعد أن صدمته بقرارها المفاجيء فأنتزع الهاتف من الحامل ووضعه على أذنه يقول:-
-أنتِ جولتى ايه؟
تبسمت “ليلى” بعفوية على دهشته ثم قالت:-
-حدد الميعاد اللى يعجبك يا عطيه حتى لو قولت ليا هنكتب الكتاب أنا موافقة لأن واثقة فى الراجل اللى معايا وفى أختيارى ومستعدة مش بس أتجوزك أنا مستعدة أسيب العالم كله وأجيلك لوحدك لأن فضلت العمر كله وحيدة لحد ما ربنا رزقنى بونس عوض عن كل اللى فاتت، أنت ونيسي يا عطيه
رفرف قلبه فرحًا على هذا الحديث ثم قال:-
-مش بجولك مجدرش أستن نصيحة منى أنا بجى أنسي كل الكلام الحلو لحد ما تبجى حلالى يا بت
ضحكت “ليلى” بعفوية ثم قالت:-
-حاضر خلى بالك من نفسك وأنت سايق
أومأ إليها بنعم م أغلق الخط وأنطلق إلى حيث الفندق الذي يسكن به هذه الأيام
__________________
عاد “على” للصعيد بصحبة عائلته ومعه “يونس” وكان مُتشبث بعنق “سلمى” حتى نام لتضعه بمنتصف فراشها فقال “على”:-
-عجبال ما تشيلى ولاد نوح يا سلطانة قلبى
ألتفت “سلمى” إليه ببسمة مُشرقة وقالت:-
-ربنا يجومها بالسلامة وتجيبلى بدل العيل خمس
قهقه “على” عليها ضاحكًا وهو ينزع عمته ثم جلس على الفراش وقال:-
-ههه خمس مرة واحدة
تبسمت “سلمى” وهى تجلس جواره بسعادة وقالت:-
-خمس عشان الحسد يا راجل، أنت معاوزش عزوة ليك
مدد “على” قدميه على الفراش وقال:-
-العزوة مش بكثر العيال يا حجة، أنا نوح عندى عزوة العالم كلته، ولد صالح واحد يكون ضهر لأبوه ويحفظ ماله ويراعاه بالدنيا وما فيها يا سلطانتى، ربنا يكرمه بخلف صالح وذرية صالحة تكون له سند وتكن سبيله للجنة ومهيفرجش عددهما كام نحمد الله أنه أنعم عليه بنعمة الخلف
-الحمد لله
قالتها “سلمى” ببسمة ثم قبلت يد زوجها وهى تقول:-
-كيف لما ربنا يرزجنى براجل صالح كيفك أكدة
مسح على رأسها بيده عاشقًا لهذه الزوجة التى مهما كبرت كبر حُبها بداخله....
____________________
خرج “نوح” من غرفته فجرًا بعد ان أستيقظ من نومه ولم يجدها جواره، رأى باب المكتب مفتوح فنظر من فتحة الباب ليراها جالسة على المكتب أمام اللأب ويديها تلعب على لوحة المفاتيح بمهارة دون النظر عليها وكأن أناملها تحفظ هذه اللوحة، بجانبها ثلاث أكواب فارغة وتضع نظارة نظر على عينيها وترفع شعرها الطويل للأعلى وتشبك به قلم رصاص خشبية وكانت في حالة عفوية، دخل “نوح” للمطبخ دون أن يزعجها
كانت أناملها تتراقص على لوحة المفاتيح وعقلها مُندمجة بهذا العالم الخيالي التي ترسم به أبطالها ولا تشعر بشيء على هذا العالم حتى كسر تركيزها الشديد يده وهى تضع كوب من الأعشاب على المكتب جوارها فرفعت نظرها لترى “نوح” يلف حول المكتب ويقول:-
-مهسألش ايه اللى جومك من النوم لأن واضح أنه الشغل المُتراكم عليكي
عادت بظهرها للخلف وهى تنزع النظارة عن عينيها وقالت:-
-أزعجتك ؟
تعجب من سؤالها فنظرت للوحة المفاتيح وأصواتها عندما تلعب يديها عليها وصوت الموسيقي الهادئة فتبسم "نوح" على تفكيرها ثم أقترب وهو يجلس على المكتب امامها ووضع قبلة على جبينها وقال:-
-لو العالم كله ازعجنى مستحيل أنزعج منك يا عهدي، بالعكس أنا ممكن اساعدك لو تحبي
تبسم بعفوية إليه، فجذب المقعد الأخر ذو العجلات من الأسفل وجعلها تجلس ليجلس هو أمام الشاشة واستعد للكتابة عوضًا عنها وهى فقط تخبره بما يكتب، أرتشفت الأعشاب وهى تسير فى الغرفة قليلًا من التعب وتتحدث بما يكتبه، جلست جواره وأخذت اللاب لها تنظر على ما كتبه فتتطلع بها بحب ثم رفع نظره للأعلى ليسحب القلم من شعرها فينسدل على الجانبين لتترك اللاب وتنظر به ليقول وهو يداعب خصلات شعرها بسبابته:-
-ما أجملك يا عهدي حتى فى عز أنشغالك جميلة
رفعت يدها على المكتب وأتكأت برأسها على يدها مُتطلعة به ببسمة دافئة، تاركة له المجال فى فعل ما يريد وهى تعلم كم يعشق النظر لوجهها وشعرها مسدولًا، وضع خصلات شعرها خلف اذنها ليقول:-
-حتى كلامك يخطف القلب والعقل
نظرت للاب وهو يقصد كلماتها للاى ساعد فى كتابتها من أجل كتابها الجديد فقالت:-
-طب مش هتكمل شغلك بقى
-مهتدفعش اجرتي ولا ايه؟
نظرت له بدهشة من طلبه فهل يطلب الآن ثمن عمله معها ومساعدتها، جذب مقعدها ذو العجلات بقوة لترتطم بجسده فحدقت به بحب شديد، رأته يقترب منها لتضع يدها على شفتيها تمنعه ثم قالت ويدها على فمها:-
-لما تخلص شغلك تأخد أجرتك
قالتها وهى تضع الورق له ببسمة خبيثة ليضحك عليها ثم تابع الكتابة من الورق، أنتهى من الكتابة وأرسال الملف للدار مع شروق الشمس ليراها نائمة على سطح المكتب وتتطلع بها بحب ثم حملها على ذراعيه وأخذها للفراش كل تنال قسط من الراحة بعد ليل طويل من العمل وقال:-
-مأخدتش أجرتي برضو
اجابته وهى نائمة بصوت مبحوح:-
-بكرة اضاعفهالك
دفنت رأسها فى صدره فتبسم على هذه الزوجة الطفولية وسرعتها فى النوم، أينما وضعت رأسها غلبها النوم بسهولة وفى أقل من دقيقتين....
شعرت "ليلى" بشخص يتجول فى شقتها لتفزع من فراشها فهى تسكن شقتها وحدها، تسللت على أطراف اصابعها نحو باب الغرفة وصُدمت عندما......
يتبع