رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الثاني عشر12والثالث عشر13 بقلم فاطيما يوسف


رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الثاني عشر12والثالث عشر13 بقلم فاطيما يوسف

البارت الثانى عشر
العبارات صادمة والقلوب ترتعش والعيون تنظر بغموض والنفس الأمارة بالسوء بدات تتناول تفكيرها ،

وبعد تلك العبارات ايضا اصبحت الأنفاس متسارعة والأفكار متضاربة والجسد مشتعل والهواء بدأ ينعدم كل ذلك شعر به مالك وقسمه إلى أشلاء بدأت تمزق داخله وخيوط عقله بدأت تتزاحم وتفكر فيما مضى وترتب لما هو آت والذي لا يبشر بالخير ابدا ،

فسأل مالك الطبيب وهو في دهشة :

_ ماذا تقصد بكلامك الآن ؟

وأشار بيده إلى حاله وهو يكمل بصدمة :

_ أتقصد أني كنت أتناول عقاراً يسبب العقم علي مدي السنين !

أجابه الطبيب بكل عملية وهو يعيد نظره الي التحليل مرة أخري بتأكيد :

_ التحاليل صائبة مئة بالمئة والذي قلته لك صحيحاً وبالتأكيد أن تلك التحاليل بعينها لك ولم نخطأ بها .

تبدلت فرحته بشفائه إلي نار وصار جسده ينتفض دمارا من تأكيد الطبيب ،

اما هي فكانت تنظر له بدعم وتحاول أن تبثه الهدوء ،

انتهو من جلسه الطبيب وخرج مالك بقلب متعب وروح مدمرة وبات يسأل داخله:

_لما كل ذلك الدمار الذي يحاوطني من كل مكان؟

لما تصفعني الحياة بصفعة أشد من ذي قبل بعد ان تبرأت من شدة ألمها ؟

فاق من شروده على تلك اللمسات التي حاولت بها جوليا ان تهدئه بها وهي تنطق باستجواد :

_من الأفضل إنك تنسى الجانب السيء اللي سمعته من الدكتور وتركز في الجانب الايجابي  وانسى اللي فات طالما انت بقيت كويس .

ابتسامة ساخرة خرجت من بين شفتيه بعدما استمع الى رأيها ثم نظر اليها وتحدث باستنكار:

_بالبساطة دي عايزاني انسى اللي الدكتور قاله؟

واسترسل حديثه وهو يضرب مقود السيارة بغضب ناطقا بتوعد:

_ما بقاش مالك الجوهري ان ما كنت احاسب اللي عمل فيا كده حساب عسير ومش ههدي  الا لما اعرف ويا أنا يا هو او هي والزمن طويل .

احست بوجعه وكأنها تعرفه عمرا بأكمله وليست من ايام بسيطة تبادلت الأحاديث بطلاقة معه ،

وتحدثت وهي تتسائل باندهاش :

_انا مش عارفه مين اللي جاله قلب يعمل فيك كده؟

مين معدوم الضمير والإحساس اللي يديك حبوب ودوا يسبب لك العقم معقولة تكون طليقتك؟

اخذ يضرب كفا بكف وهو يعصر تفكيره عصرا ويجوب بعقله ويطويه طيا لكي يصل لطرف الخيط وبعدها ستنقلب النار على من أشعلها وليكن ما يكن ،

استمع الى استفسارها بتعمق واجابها بتعب مغلف بالحيرة:

_مش عارف ومش قادر أفكر دلوقتي مش الصدمة اللي وقعت على دماغي مين بالظبط اللي يقدر يعمل كده،

الحكاية دي عايزه صبر وعايزه هدوء وعايزه  دماغ علشان اقدر افكر  كويس. 

تنهدت بهدوء ثم اعتدلت في جلستها ونظرت اليه وهي تمد يدها وتوجه وجهه مقابلا لوجهها وتعمقت بالنظر داخل عيناه مرددة :

_طيب ممكن تنسى اللي حصل وتبتسم وتحاول تدي لنفسك "positive energy"

علشان مش حابه اشوفك وانت تعبان ومتضايق كده .

كان يشعر بأنه ينسحب الى عالمها رويدا دون ان يشعر ودون ان يخطط او يرتب،

زفر انفاسه بتعب وهتف وهو ينظر داخل عيناها بإرهاق :

_انسى ازاي وانا الهم محاوطني من كل مكان وفي كل سنيني.

توجع قلبها لأجله وهتفت وهي تحاول ان تخرجه من همومه :

_خلي عندك ثقه دايما ان انت قلبك طيب وبيحب الخير للكل علشان كده هتبقى بخير .

كان كالغريق الذي يتعلق في سفينه نجاه وكانت جوليا بالنسبة له سفينة النجاه التي تخفف وجعه وخاصة انها كانت شاهده على جرحه فتحدث بامتنان وهو يمسح وجهه بكفاي يديه :

_انا بجد بشكرك انك موجوده معايا دلوقتي وانك بتحاولي تخففي عني وسايبه كل مسؤولياتك وخاصة في وقت صعب زي ده .

بابتسامة عذب هتفت بامتنان مماثل:

_انا اللي بشكرك انك موجود هنا وجنبي وانك مديني مساحة في حياتك الخاصة وسمحت لي بيها .

طريقة حديثها ولمعة عينيها وحزنها لأجل حزنه وعدم مفارقتها له في اشد لحظه مرت في حياته جعلته يفكر لماذا تفعل معه ذلك ،

فنطق لسانه دون قصد:

_ليه بتعملي معايا كده؟

_انا حابه وجودك هنا وحابه اني ابقى جنبك في لحظة حزنك قبل فرحك ..... كلمات خرجت من فمها بنبرة حالمة واسترسلت حديثها وهي تستفسر بحيرة:

_انت متضايق من وجودي معاك او اني تطفلت في حياتك ؟

أشار برفض براسه وكلتا يديه مجيبا برفض قاطع:

_لا خالص انت لو ما كنتيش معايا دلوقتي وخففتي عني في حالتي كان زماني جرى لي حاجه بجد من اللي سمعته من الدكتور .

انطلق بسيارته لكي يوصلها الى مكان عملها وهو بقلب حائر دقاته تزداد كل حين عن الآخر في حضرتها وبات يتساءل داخله بتيهة :

_أيعقل دقات قلبي تلك في وجودها وان اكون احببتها!

ام ماذا أفسر تلك الدقات اهي انبهار أولي بهدوئها ورقتها !

أم هي العوض والجبر الذي أتعافي به من مر العمر !

ولكن لا نحكم ابدا على مشاعرنا وقت الغضب الشديد ،الفرح الشديد ،الشده العاصفه ،
فعلي أن أصبر فترة للتعافي ،

"اذا بحثت عن الحب ليعوضك عن فشل علاقة سابقة ، أو فشل علاقتك بأهلك فاعلم جيدآ أن هذا الحب ربما يفشل لأنه كان لغرض تعويض نقص تحتاجه وستتجاهل لا إراديآ إن كان هذا الشخص مناسبآ أم لا ، تمهل ...
ولتعلم الحب الأول القوى له تأثير صعب جداً على استقرار الزواج، فللأسف قد يظل هذا الحب مؤرقاً لكلا الزوجين بسبب أنهما تزوجا قبل أن يندمل جرح الحب الأول لأحدهما أو لكليهما! 
فنصيحتى عدم الزواج إلا بعد استقرار القلب!
فلا تعرّض أصبعك المجروح للملامسة إلا بعد الشفاء، وإلا سيكون وجعك أشدّ!
فلا تهدموا الأسرة بالتسرع في الزواج قبل اندمال الجراح خصوصاً من هذا النوع!

كلمات راجي عماد الدين "

_____________________________

في منزل زاهر الجمال عصراً حيث تجلس هند أمام مرآتاها وهي تضع مساحيق التجميل كي تتجمل لزوجها فهي قررت من الآن أن تهتم بحالها كي تنسيه فكرة الزواج من تلك الريم ،

فهو دائما يطالبها أن تهتم بشكلها الذي دوماً تهمله وأن تهتم بجميع شؤنه وخصوصياته وهي كانت تضرب بمتطلباته عرض الحائط وتنفضها عن راسها كي لاتسبب له الصداع ،

انتهت من جلسة التجميل النادرة وهي تنظر علي حالها بانبهار وتردد :

_ والله أنا زي القمر وأحلي من مليون ريم ،

ثم لوت شفتيها وأكملت حديثها بامتعاض :

_ أنا مش عارفه أصلاً ايه إللي عاجبهم فيها ام دم يلطش دي عالم مبتفهمش .

وظلت تردد مع حالها ذاك الحديث الذي بات يشغلها كثيرا أو بالأصح لاتفكر في أشياء أخرى غيره ،

الي أن أتي زوجها ودلف الي المنزل وجده يعم بالهدوء والنظافة الغير معتادة ،

ظل يدور بعينه في المكان يبحث عن زوجته ولم يجدها فانطلق إلي حجرة النوم وعندما رآها انصدم مما رأي ،

انطلقت من شفتاه علامة سخرية واستهزاء وليست علامات انبهار وهو يردد بسخرية :

_ ايه هو العيد جه عندك النهاردة ولا أنا مش واخد بالي يا أم البنات ؟

اشتعل داخلها بجم الغضب وبات يغلي من استهزائه وسخريته بها والآخر ينعتها بأم البنات ، جلست علي تختها وهي تنظر له بغضب وأجابت بسخرية مماثلة:

_ ومالهم البنات ماهم بذرتك إللي انت زرعتها وأنا مجرد ماعون مش أكتر ولا أقل .

انزعج كثيراً من ردها المفعم بالغلظة المعتادة عليها منها فهي دائماً سليطة اللسان ،

فهو ماكان يقصد مافهمته وما وصل إليها من مقصد حديثه فهو يعشق بناته ويعززهم جداً ولن يسمح بإهانتهم أبدا ،

فرد علي سخريتها بفقدان امل :

_سبحان الله يا هند هتفضلى طول عمرك كده دبش عمرك ما هتتطوري ابدا ،

واسترسل وهو يشاور بيداه على جسدها باندهاش :

_يعني بعد كل اللي إنتي عاملاه ده اي واحد يدخل يشوف مراته عاملة كدة ينبسط لكن بمجرد ما اتكلمت معاكي كلمه واحده قفلتني منك كالعادة وقفلتيني من ام الليلة بحالها وادي الأوضه ليكي اتهني بيها  .

استشاطت غضبا من حديثه لقد اطلق كلماته اللاذعة وتركها تتآكل بنار مولعة اشتعلت في جميع جسدها فقد كانت منتويه ان تغير من طريقتها الحادة وتهدأ من صلاتة لسانها ،

لكنها افلتت كالعادة وحدثت حالها وهي تجز علي أسنانها وتدور في الغرفة حول نفسها قائلة باستشاطة:

_يا بختك الاسود يا هند  هتفضلي طول عمرك كده حظك منيل بسبب طوله لسانك اللي موديكي في داهيه ،

وتابعت حديثها وهي تفكر:

_طيب اروح وراه؟
ايوه اروح ده جوزي ومش هسيبه بعد كدة وهركب علي أنفاسه وهبقي وراه زي ضله.

وبالفعل خرجت كالإعصار من الغرفة وذهبت اليه ودون ان تدق الباب دلفت اليه ووجدته في الحمام الملحق بالغرفة مالت على التخت بجسدها تنتظره كي يخرج ،

وما هي الا دقائق معدودة حتى خرج مرتديا رداء الحمام وجدها امامه فقال لها بملامح جادة مكفهرة:

_خير ايه اللي جاب الست هانم لحد الأوضه عندي ،

واستطرد متهكما:

_في حبه نكد وتلقيح جاية تخلصيهم هنا تاني ولا ايه بالظبط؟

لم يعجبها تهكمه عليها ولكن هدات من حالها وقامت واحتضنته من ظهره قائلة بدلال :

_في ايه يا حبيبي مالك بتتعامل معايا بقسوة كدة ليه بتستغل نقطة ضعفي ان انا بحبك يعني ؟

نزع يديها من عليه وأدار وجهه اليها قائلا باستغراب:

حبيبي وبحبك في جملة واحده ومن هند والله ما مصدق نفسي لا وكمان حضن وحنيه !

وتابع استغرابه بتساؤل :

_مالك يا هند فيكي حاجه النهاردة ؟
ده انا كنت لسه معاكي وما شاء الله عليكي سديتي نفسي كالعاده ايه بقى اللي تغير فيكي فجأة يكونش عندك انفصام في الشخصية؟

ابتسمت على كلامه واجابته وهي تحاوط رقبته بكلتا يديها :

_وفيها ايه يعني لما ادلع عليك وانت تستحملني مش الراجل واجب عليه ان هو يستحمل مراته بكل تقلباتها؟

رفع حاجبه باندهاش وهتف بتأكيد :

_اه طبعا الراجل مطالب ان هو يستحمل مراته لكن مش اي راجل يستحمل اي ست واذا كانت الست دي إنتي يا هند يبقى ما حدش مستحملك في الدنيا دي قدي ولا حد هيستحملك غيري  .

حزنت بداخلها من طريقته المقللة لأنوثتها دائما وهتفت بجبين مقطب:

_ليه يعني يا باهر انت محسسني اني عامله زي امنا الغوله اللي ما حدش يطقها ابدا ليه بتتعامل معايا كده؟

_اهو جايه للنكد وهتبداي النكد من اول وجديد اتفضلي روحي على اوضتك احسن يا هند عشان انا تعبان وعايز انام ٠٠٠٠٠ كلمات اعتراضية اجابها بها على طريقتها المعتادة التي لم تتغير ابدا .

تنهدت بتعب من طريقتهم التي من الواضح انها لن تتغير ابدا وردت على حديثه بنبره متأثرة بالحزن :

_ارجوك يا زاهر انا جيت لك ولا عايزه نكد ولا عايزه خناق كل اللي عايزاه حضن جوزي حبيبي ابو بناتي ومش عايزه اكتر من كده .

رأى زاهر الحزن في عينها والاستسلام على معالم جسدها فزفر انفاسه بتعب واخذها بين احضانه فهي زوجته ومن الواجب عليه احتوائها مهما كانت طريقتها .

__________________________________

بعد مرور ثلاثه اسابيع على تلك الأحداث حيث تطورت علاقه مالك بجوليا واعترف الاثنان لبعضهم بالاعجاب وكل تلك المدة لن ينسى مالك ما قصه عليه الطبيب ومنتظرا انتهاء الأسبوع الأخير حتى يعود الى بلدته وتبدا رحله عنائه مع من اقترف هذا الجرم في حقه ،

اما عن ريم فهي في هدنه قررت ان تاخذها ولم تفكر في كلام والدتها ولا رايها الصادم لها وعزمت ان تهتم بأبنائها ولن تشغل بالها بذلك الموضوع الا وقت عاصفته والا ستخسر كل شيء ،

اما عن الحبيبين رحيم ومريم فقد ازداد قربهما ببعض وصارت ارواحهم تعشق كل منها الاخرى بعد اعتراف رحيم والذي ماإن انبأها عما في قلبه وعن شعوره تجاهها اصر عليها واحاطها من جميع الجهات حتى سمع اعتراف محبتها له تلك الاخرى ،

وتلك الشمطاء مي علمت المكان المتواجدة به مريم بعد يومان من خروجها من الدار ولكن تركتها كي تخطط لها تخطيطا عازمة على نجاحه تلك المرة وتحسب للخطأ قبل النجاح ألف مرة ولكنها تمهلت لأنها أحست بأنها انكشفت وأمانها أصبح مهدداً وفضلت أن تأخذ هدنة كي تعيد بها حساباتها

_______________________________

بعد ثلاثة اسابيع اعادت راندا بأبنائها الى بلدها محطمة القلب بائسة يائسة مما حدث لها وقلب حياتها راسا على عقب فقد فضلت المكوس هناك حتى تفكر بعيدا عن والديها دون ان يؤثروا على قرارها وعادت اليوم وها هي الآن تجلس معهم تحاكيهم عن ما حدث لها منذ وصولها حتى الان ،

وما ان استمعوا الى حديثها حتى فتحوا افواههم استغرابا مستنكرين ماقالت،

وبعد ان انتهت ضربت فريده على صدرها مردده بنواح:

_ياميلة بختك في بناتك يا فريده !

واحده حرقت قلب جوزها ومات في لحظتها والتانية قعدنا نتحايل عليها جوزها يرجع لما اتجوز عليها ،

وكادت ان تكمل نواحها الا ان استوقفها جميل مرددا باستغراب:

_ايه الكلام اللي إنتي بتقوليه ده يا فريدة مين دي اللي حرقت قلب جوزها وموتته ،

تقصدي ريم ؟

زاغت أعينها وابتلعت ريقها بصعوبة بالغة مما تفوهت به في لحظة غضب ولن يتركها جميل حتى تفهمه مقصد حديثها وبالفعل الح عليها في الكلام حتى قصت عليه كل شيء بخصوص ريم ،

ماإن  استمع جميل الى كلام زوجته حتى احترق داخله وباتت علامات الغضب على وجهه تقص للجالسين مدى احتراقه وغضبه ،

حتي هتف لفريدة بحدة بالغة :

_وكنتي عارفه الكلام ده من اسابيع وسايبه الطرطور اللي قاعد في البيت ما تعرفيهوش اي حاجه ولا كأن له لازمه ،

واستطرد بحزن شديد:

_والله عال  يا ست فريدة يا اللي مش معتبره وجودي من الأساس وسايباني زي الأطرش في الزفة .

كانت فريدة جالسة مرتعبة من حالة الغضب التي بدت على معالم جميل فهو في غضبه ينطبق عليه المثل المعروف "اتق شر الحليم إذا غضب "

قام من مكانه وهو ينظر إليهم مرددا بأمر:

_ خلي موضوع ريم ده علي جمب وأنا هعرف أتصرف فيه بمعرفتي ونتحاسب بقي انك ازاي تخبي عليا موضوع زي ده .

كادت ان تتحدث الا انه اشار اليها بكلتا يديه ان تصمت ونظر الى راندا مرددا بملامة مغلفة بالحدة:

_جايه دلوقتي تبكي بعد ما حذرتك من سنين وقلت لك بدل المره عشرين كفاية كده غربه على جوزك وبرده كان اللي في دماغك في دماغك ،

واستطرد حديثه بتهكم:

_اشربي بقى نتيجة انك فضلتي الفلوس علي راحة جوزك في وجوده جنبك انتي واولادك ،

ياما قلت لك هيجي لك اليوم وهتندمي انه كل مره يبص لك ويطلب منك وكأنه بيترجاكي انك تقولي له اقعد وما تسيبناش وتمشي ما بيلاقيش منك كده بل بالعكس كان بيلاقي منك تشجيع السفر وانه يسيبكم علشان يروح يبني لك المستقبل ويجيب لك الملايين اللي عمرها ما كانت هتكفيكي يا بنتى.

كانت تستمع الى كلماته بدقات قلب عنيفه فلم يأتي بمخيلتها ان يعنفها والدها بتلك الكلمات التي مزقت روحها،

ثم تنهدت بثقل وألم نفسي انتابها جراء كلماته وأردفت باندهاش:

_معقوله انت بتلومني انا يا بابا!

معقوله اكون انا الغلطانه في وجهه نظرك وهو اللي طعني طعنة غدر !

واسترسلت باعتراض صارم :

_قد كده مش قادر تفرق مين فينا اللي جرح التاني مش اي جرح؟

اجابها متهكما بكلمات خرجت من بين أسنانه بحدة:

_هو اه جرحك جرح كبير بس إنتي اللي اديتي له السكينة وناولتيها له في ايديه وما صعبتش عليكي نفسك هتصعبي إنتي عليه؟

واستطرد بملامح وجه مكفهرة متسائلا:

_والمطلوب مني دلوقتي ايه يا ست راندا اني اعمله لك؟

قسوه والدها عليها ما كانت تتوقعها ابدا في اثناء رجوعها كانت تحصي الأيام كي تاتي الى امانها وحضنها الدافي الذي ستجد فيه الراحه والسكينة حضن والدها جميل،

لم تتخيل رده على ما حدث لها ان يكون بتلك الشدة والحدة فهو دائما حنونا عطوفا محتويا لهم في شدائدهم،

فنظرت له بعيون تلتمع الدموع داخلها هاتفه باستغراب :

_كنت متوقعه اني لما اجي اقول لك اني اتخانت مين اللي امنت له واديته عمري وشبابي واستحملت الغربه معاه علشان خاطر نبني مستقبل اولادنا وفي الآخر غدر بيا انك تاخد موقف حاسم معاه مش معايا انا ليه بتعمل فيا كده يا بابا؟

استوعب سؤالها واردف بنبرة جادة متجنبا حزنها ولمعة عينيها بالدموع :

_علشان انا عارفك يا بنتي كويس جدا زي ما انا ما عارف ايهاب اكتر منك بكتير كان دايما بيبص لك وهو ماشي ومستنيكي تقولي له اقعد وما تسيبنيش وهعيش معاك بأقل امكانيات بس تفضل في حضننا وما لقيهاش منك ولا مره ولقاكي انتي مبسوطة بكده ،

غصب عنه ضعف واحتاج للي اي راجل ما يقدرش يستغنى عنه ولقى قدامه فرصة لواحده جميلة عندها فرصه تبقى جنبه لدرجة انها خلته في سنينه الأخيره ما بقاش يطلب ولا يترجى ان هو يقعد وبالرغم من انه متجوزها من خمس سنين وإنتي كنتي بتروحي كل سنة الا انك ما حسيتيش ،

واسترسل بنصح وارشاد :

_وانا بنصحك نصيحة لوجه الله وبالرغم من ان انا عارف ان انتي مش هتقبليها ولا هتعملي بيها حاجه لكن واجبي عليكي كأب خايف على بنته انك طالما ما حسيتيش يبقى ما تفكريش وما تخربيش بيتك واولادك واصفحي وسامحي وخليكي كريمه زي ما انا دايما مربيكم .

عثت في جوفها حرباً أشد من أن تتحكم بها ومن أن تقاومها بسبب كلمات والدها التي لم تتوقعها بالمرة فبدلا من ان يخفف عنها المها بل زاد الجرح جرحا وضغط عليه جعلها صرخت صرخة عالية مرددة بتصميم:

_عايزني اسامح في اللي خاني واتجوز عليا اتجوز عليا انا راندا !

ده لو جالي راكع مش هسامح وهتطلق وهحرق قلبه وهخليه يندم على اللي عمله معايا بدل المره ألف مره وهندمه على كل لحظة غدر وخيانة عملها فيا .

صفق بيديه مرددا بسخريه :

_برافو برافو إنتي كده البنت اللي هي اللي عرفت تجيب حقها من جوزها ابو عيالها ،هو إنتي ناسيه ان انتم بينكم بنت وولد في سن حرج وما ينفعش اللي إنتي بتعمليه ده خالص ولا ايه بالظبط؟

واسترسل حديثه بحدة :

_لتاني مره هنصحك نصايحي اللي عمرك ما بتاخدي بيها ابدا و هقول لك ما تمشيش في طريق الخراب علشان إنتي اول المتدمرين بس المره الجايه الدمار هيوجعك لانه هيبقى في اعز ماليكي وساعتها هتقولي يا ريتنى سمعت كلامك زي ما قلت لك نفس الكلام ده كل مره جوزك بيرجع ومسافر فيها واللي في دماغك في دماغك فكري في كلامي مره واتنين وعشره وساعتها هتعرفي ان الراجل الكبير اللي واقف قدامك ده نصيحته ونظرته لقدام في محلها ،

كل ذلك وفريدة صامته ولكن استفزها حديث جميل مع ابنته بعد ان قصت له خيانه زوجها لها مرددة باعتراض :

_كلام ايه اللي انت بتقوله ده يا جميل يعني خانها واتجوز عليها وفي الآخر بتطلعها هي اللي غلطانه ده يغور في ستين داهية الصنف اللي زي ده .

لم ينصدم جميل من رايها فهي دائما قوية الشخصية رغم انها تقف بجانب الجميع دائما ولكن لن ولم تسمح لاحد في يوم من الأيام ان يهين ابنائها ،

ربع ساعديه حول صدره ونظر اليها نظرات لوم مرددا بتنبيه :

_عيب الستات إنهم عاطفيين وبيبصوا تحت رجليهم ما بيبصوش للمستقبل ويشوفوه هي لو كانت بصت للمستقبل من زمان وحطته قدام عينيها ما كانش جرى لها ،

واسترسل حديثه وهو يعطيهم ظهره مرددا بإبانة :

_ وطالما ده رايك انتي كمان انا هسيبكم تحلوا المشكله مع نفسكم وتعملي اللي على كيفك يا راندا بس بعد كده ما تجيش تقولي الحقني يا بابا علشان اللي إنتي رايحه له طوفان بدل ما تغرقي بيه جوزك لوحده هتغرقي معاهم انت والمساكين ولادك اللهم بلغت اللهم فاشهد .

نظرت راندا بانكسار وحيرة الى والدتها والدموع تكسو وجهها كالشلالات لم تعرف ماذا يقصد اباها ،

امن الممكن ان تعود للذي ذبحها مرة اخرى وكانه لم يفعل شيء؟

ايقصد ابيها ان تعود اليه لأجل ابنائهم وتهدم كرامتها بل وترميها عرض الحائط!

لا والأدهى من كل ذلك انها المخطئة والجانية في نظره وليس المجني عليها!

لا ياأبي لا تفعل بي هكذا كنت اود منك الحضن الدافئ والاحتواء لقلبي المكسور والانتقام لكرامتي المهدورة وليس كل ما فعلت بي ،

حدثت نفسها بتلك الكلمات وهي تنظر الى والدتها بدموع غزيرة حكت عن حالها دون ان تنطق ،

هناك مواقف في حياة الإنسان يكون التنازل فيها هو عين الحكمة وكمال العقل، وهناك أخرى يكون التنازل فيها هو المهانة بعينها، و الخسارة الذي لا يمكن رفع الرأس بعدها
ولتعلموا مشكلة التضحيات أنها تولد في الخفاء وتموت في الخفاء حيث لا يعلم عنها من بذلت لأجله، 
ومتى سلطت عليها النور أظلمت لربما ألبستها ثياب المنة وأنت لا تشعر فكتب  عليها أن تكون في الخفاء وأما جزاؤها فلا يليق به إلا أن يكون في السماء .

________________________________

يجلس ايهاب جالساً على أريكته وواضعا رأسه بين يديه حزينا شريدا مدمرا ،

فقد دمر الاثنتين زوجته الحبيبة وعشق السنين وزوجته الجديدة ونيسة الأيام،

لم يرى منها الا كل تضحيه وخير وسلام نفسي،

كما انه لم يرى من راندا الا كل الحب والوقوف بجانبه طيلة السنين دون ان تكل او تمل لكنها الغربه وما ادراكم ما الغربه ،

فمن ورائها اكتسب الأموال لكنه خسر الغالي والنفيس وضاع في طريقه امرأتان الأولى يعشقها حد النخاع والثانية احب عشرتها ولم ولن يظلمها فحدثها له وهو ساندا على منكبيه

قائلا بندم :

_ شفتي ياغربة وصلتي بيا لفين غصب عني جرحت اتنين ،

ولا دي ليها ذنب ولا دي ليها ذنب ولا أنا كمان ليا ذنب ،

واستطرد حديث النفس وهو يناجي ربه :

_ يارب حلها من عندك ودبرني أعمل إيه وأتصرف إزاي ياااااارب .

واثناء جلسته وهو يعاتب حاله دق جرس الباب فقام بروح منهكه ليرى من الطارق،

وعندما فتح رآها امامه دقات قلبه المختلفة الشعور دقت جسده وجعلته متخبطا فاقدا النطق الى ان استمع اليها تردد بشجن :

_يا ترى ادخل ولا اخد بعضي واروح وكأني ما جيتش لو انت مش قابل وجودي؟

افاق من حالة التخبط التي اعترت عقله وقلبه واجابها وهو يفسح لها المكان كي تدلف مرددا باستفسار:

_ ما انتي معاكي مفتاح ما دخلتيش ليه على طول يا فيروز ؟

دلفت بقلب متعب وروح هالكة تتفقد المكان باشتياق وتنظر الى كل ركن فيه وكأنها تودعه واجابته بشرود وهي تلتفت يمينا ويسارا :

_ما بقاش ينفع بعد اللي حصل استخدم اللي مش من حقي ،

وتابعت كلماتها وهي تمد يدها بالمفتاح قائله بحزن :

_اتفضل المفتاح يا ايهاب  مبقاش له لزوم معايا بعد الله حصل .

امسك يدها بين كفاي يديه واطبق المفتاح داخلهما وردد بتعب :

_من فضلك يا فيروز ما تزيديش على اوجاعي وجع انا فيا اللي مكفيني والفترة دي لازم تستحملي كل حاجه معايا لحد ما نرسي لبر الامان كلنا .

_بر الأمان!  انت شكلك مش عارف انت بتتعامل مع مين ... جمله انهزامية نطقتها تلك الفيروز معبره عن حالتها ،

وتابعت حديثها وهي تتطلع للأمام بعقل ناضج فهي رغم رقتها وهدوئها إلا أن سرعة استيعابها وفهمها للاشخاص حاصله عليها بدرجة امتياز :

_انت داخل على حرب كبيره قوي يا ايهاب لأن راندا مش من الساهل انها تسامح وتغفر دي هتقلبها معركه وكلنا هنضيع .

رفع منكبيه باستكانة وبنبرة تقطر ألما تحدث شارحاً:

_انا عارف كل كلمه قلتيها وانا سبتها لحد ما تهدى لانها اكيد عايزه مساحه للغضب والوجع اللي انا وجعته لها الكبير عشان تلملم فيه نفسها واثق ومتأكد انها هترجع عن قرارها .

 زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحزن  وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :

_يبقى بتتكلم عن واحده تانيه انا واثقه ومتأكده من نظره عيني لعينها انها لا يمكن تغفر ،

واسترسلت كلماتها باستفسار :

_ولو حتى طلعت وجهة نظرك سليمة يا ترى هتعمل اللي هتطلبه منك معايا واللي اكيد هتطلبه؟

_ تقصدي ايه بكلامك مش فاهم .... أجابها إيهاب باستفسار عما ماتقصد ؟

ضيقت نظرة عينيها ثم رمقته بنبرة هادئة :
 

_ يعني باختصار شديد اول حاجه هتطلبها منك انك تطلقني وتسيبني بعد عشره خمس سنين بينا ما شفتش منهم مني غير كل محبة واخلاص ووفاء ،

واكملت استفسارها وهي تمسك يداها بين يديه وتنظر داخل عيناه كي تستمد منهما الإجابة قبل أن تنطق :

_ يا ترى ايه موقفك ساعتها علشان اجهز نفسي من دلوقتي واعدها للفراق التاني إللي هيكويني وهيعلم فيا أكتر من الأول ؟

هنا سكت الكلام على لسانه والنقطه التي كلما جالت بباله نفضها ولم يفكر بها حتى لا يزداد هما فوق همومه ،
وهربت الكلمات من على لسانه فكيف يعطيها اجابه سؤال لم يفكر به ولا يريد أن يتذكره لأنه دمار لثلاثة قلوب عاشقه حائرة وبالتأكيد سيخرج الجميع بندوب قلب تلزمه إلي نهاية عمره 

_______________________________

في منزل باهر الجمال حيث صعدت عبير الى الطابق التي تمكث به ريم ودلفت بعدما فتحت ريم لها الباب وبعد أن زفرت أنفاسها بتعب من درجات السلم نظرت اليها مردده بجمود:

_يا ريت تكوني فكرتي وعقلتي ووزنتي الامور كويس قوي يا ست ريم .

فكرت ريم ان تجاريها وتعترض لكنها فضلت ان تمثل انها لم تعرف ماذا تقصد ورددت باندهاش مفتعل :

_فكرت في ايه يا ماما بالظبط انا مش فاهمه تقصدي ايه؟

اتكأت بيدها على فخذها ونطقت باستنكار:

_شوفي بقى ما تستعبطيش عليا انتي عارفه انا اقصد ايه كويس جدا ،

واسترسلت بتنبيه:

_سيبيكي بقى من شغل السهوكه والسهتنه بتاعك ده وتعالي معايا دوغري يا ريم علشان الصبر نفذ وسايباكي بقالك شهر بحاله ما بسألكيش ولا باجي ناحيتك سايباكي تفكري في مصلحتك ومصلحه ولادك كويس جدا .

استفزتها بكلماتها وجعلتها تنتفض وغشاوه الدموع التمعت في عينها وباتت تفرك يدها بتوتر وعندما وجدت اصرارها فكرت ان تستعطفها بكلمات نطقتها لها :

_يعني إنتي يرضيكي يا ماما اتجوز واحد غير باهر الله يرحمه ؟

يرضيكي اسمي يتكتب على حد تاني هان عليكي باهر هان عليكي ابنك ؟

لوت فمها وأجابتها بنبرة ساخطة:

_شوفي بقى ما تحاوليش تمثلي عليا الاخلاص علشان اللي عرفناه وضح لي انك ما عندكيش بربع جنيه  ذره وفاء لنور عيني الله يرحمه ،

واستطردت تهكمها علي تلك المسكينة:

_ اللي مات ابني واللي هتتجوزيه باذن الله ابني برده مش هتروحي لحد غريب واعملي حسابك ولاد ابني مش هيخرجوا بره البيت ده ولا هيتربوا بعيد عن حضني ويانا يا انتي في الموضوع ده .

 هنا امتنعت عقارب الساعة عن الدوران إجلالاً لما نتج من تحدي العناد أمام جيوش الغضب ،

وهتفت ريم بتصميم مغلف بالكبرياء:

_وانا بقول لك يا طنط لو انطبقت السما على الأرض مش هتجوز ابنك ولا حد هيقدر ياخد مني ولادي علشان شرعا انا الوصيه عليهم طالما ما اتجوزتش  ،

واسترسلت بقوه اكتسبتها طيلة الشهر الذي مكثته تفكر كيف تتعامل مع هؤلاء الاشخاص مرددة بجمود:

_وشوفي بقى انا كنت بعمل لك قبل كده احترام حتى لما كنتي بتأذيني بالكلام علشان خاطر باهر الله يرحمه لكن دلوقتي ما تفكريش اني وحيده فتستضعفيني وتقولي دي بنت هبله وهتلين انسي يا طنط .

اتسعت مقلتيها بذهول من تلك المكشوفة الوجه من وجهة نظرها ،

قامت من مكانها وذهبت مقابلتها 

 ثم قبضت علي معصمها بقوة وعنفتها بصوتها المملؤ بالجبروت:

_يبقى تجهزي نفسك على القضية اللي هرفعها بضم الأولاد ليا واني اكون الوصيه عليهم ده اولا ،

ثانيا اسكندريه كلها هتعرف اللي حصل بينك وبين جوزك ومش بس كده انا ام ابنها مات وقلبه محروق هنزل فيديو هدفعله الافات وهخليه يلف العالم كله وهفضحك وهاخد رد فعل الناس معايا في ملف القضية ،

وثالثا ان شاء الله بعد ما اخذ الوصيه بتاعه الاولاد مش هخليكي تشوفي وشهم وهكرهم فيكي وهخليهم يعيشوا طول عمرهم وهم عارفين ان امهم كانت السبب في موت ابوهم .

 انتفضت أعينها بحدة وهي تطالع تلك السيدة الظالمة لها ولكن استجمعت قواها وردت بعيون تنطق قوة ظاهرة لها عدم الخشية منها :

_شوفي بقى هتدخلي الحرب معايا هكشف وش القطه المخربشه اللي مستعده تهبش اللي يقدم لها او يقدم لعيالها ،

وهتضر.بي هضر.ب وهتك.سري هك.سر والبادي اظلم يا طنط ،

واسترسلت وعيدها بشراسة مماثلة:

_ما تفتكريش ان انا وحيده ما ليش اهل انا لي اب له معارف تبلعك انت وابنك بس انا لحد دلوقتي مش عايزه اسوأ سمعتكم قدامهم

فخليكي جده طيبه لاولاد ابنك اللي مات وحنينه على مراته اللي مش عارفه تحزن حتى عليه بسببكم علشان انا مش من النوع اللي بيستسلم ولا الضعيف زي ما انتم فاكرين انا اقوى مما تتخيلوا وهقف قصادك الند بالند ونشوف بقى نفس مين الاطول .

اعتدلت بوقفتها وانتصبت وهو تنظر داخل عيناها مرددة بجحيم :

_ يبقي على الدنيا السلام وهوريكي إللي عمرك ما شفتيه وهقطع لك لسانك يابنت المالكي .

فجرت كلماتها وتركتها وخرجت بحدة صافعة الباب خلفها وهي تتمتم بكلمات تهديد ووعيد ولن تكل ولن تمل .


البارت الثالث عشر
في منزل باهر الجمال ليلاً

حيث عاد زاهر  إلي منزله منهك من عمله ووجد والدته تقف علي أعتاب شقتها تنتظره وهي على أحر من الجمر وما إن رأته حتى اشارت اليه بيديها ان يدلف بعلامات وجه لا تبشر بالخير ابدا ،

أطاعها ودلف الى الداخل فقامت هي بإغلاق الباب والنوافذ حتى لا يسمعهم احد اما هو فضاق ذرعا فهو عائدا من العمل منهك ومتعب جدا ،

فنظر اليها وتحدث وهو يمسح على شعره بارهاق بدا على معالم وجهه:

_في ايه يا ماما ايه اللي حصل يا ترى مخليكي واقفالي على الباب ومستنياني كده لما ارجع يا رب ما يبقاش في مصيبه اصل البيت ده من ساعه باهر ما مات والمصايب ما بتبطلش فيه ؟

اتأكت علي فخذيها بغل وأجابته بنبرة صوت حادة وهي تجز أسنانها بعنف :

_ هو انت إيه ملكش دور خالص في الحوار إللي إحنا فيه ده ولا أنا إللي هحارب السهونة دي لوحدي !

واستطردت حديثها بصدمة لما استمعت إليه من تجبر تلك الريم :

_ دي البت طلعت قوية وحربوقة من الدرجة الأولى ووشها مكشوف أووي. 

اندهش زاهر من غضب والدته ومن حديثها وألقي مفاتيحه بعن.ف وأردف متسائلاً باستغراب:

_ ليه ياأمي الكلام ده هي عملت ايه ؟

دي محدش بيسمع لها صوت ولا كأنها موجودة في البيت أصلا .

أخرت من بين أسنانها أصوات استنكار لما قال وتحدثت بفم مملوء بالعبارات التي أدلتها عليها ريم وانتهت بسرد كلماتها الأخيرة بقلب ينفض حقدا :

_ لا وتقول لي إيه كمان هتض.ربي هض.رب هتك.سري هك.سر وشادة حيلها عليا علي الأخر بنت المالكي ،

وتابعت آمرة إياه وهي تشير بإصبعها بأوامر صارمة :

_ عايزاك تطلع للبت دي وتميل دماغها وتحاول تلين معاها وتدخل لها في  سكة حنية وأنا أشد وإنت ترخي مش عايزين نشد الحبل إحنا الاتنين حواليها فتفكر في الخروج من هنا ،

لازم تحس بحنيتك وانك عايزها فعلاً وانك مش هتأذيها وهتبقي أمان ليها ولولاد أخوك الله يرحمه .

قطب جبينه وهز رأسه بعدم فهم وتسائل متعحبا:

_ يعني ايه ياماما معني كلامك ده!

إنتي عايزاني أشاغل مرات أخويا الله يرحمه وأدخل لها دخلة الحبيب وهي فاضل لها شهر لسه في عدته !؟

قاطعت حديثه بحدة وهدرت به بنظرة غاضبة:

_ أخوك الله يرحمه مات وساب ولدين من صلبه وأنا عمري ماهسيبهم يخرجوا برة البيت ولا يتربوا بعيد عني كدة مش هيبقي مرتاح في تربته واللي بنعمله ده مجبورين عليه ،

إحنا يابني بنعمل الصح إللي هيخليه يرتاح في نومته ان ولاده مخرجوش برة بيته ،

واسترسلت حديثها وهي تضغط علي كتفيه مكملة حديثها بتشجيع :

_ يابني الضرورات تبيح المحظورات والبت دي بجحة وعينيها قوية ولو معرفناش نسيطر علي الأمور وهي لسه في عدتها وأول ماتوفيها نكتب علطول مش هنعرف نعمل معاها حاجة .

كان في حيرة وتردد من أمر وحكم والدته ولكنه انصاع إلي طلبها وهتف بطاعة خشية أن تغضب منه ويصيبها مكروه وأومأ بموافقة:

_ حاضر يا أمي هطلع لها دلوقتي وهحاول معاها وربنا يهديها وتلين معايا .

_ عين العقل يابني ربنا معاك ..... كلمات تشجيعية خرجت من فمها وهي تربت بيداها علي ظهرها ،

خرج زاهر من عندها قاصداً شقة ريم لكي ينفذ ماأملته عليه والدته دون أن يفكر مالعواقب ،

وصل إلي الطابق الثالث وضغط زر الجرس وماهي ثوانٍ معدودة حتي فتحت ريم الباب مرددة أمامه باستغراب :

_ زاهر ! هي طنط حصل لها حاجة ؟

ابتسم بسماجة وتحدث موضحاً لها:

_ لا ماما بخير متقلقيش ، أنا بس جاي لك عايز أتكلم معاكي شوية ممكن أدخل ؟

لوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة:

_ تدخل فين يازاهر أنا هنا لوحدي ومش معايا غير طفلين لاحول ليهم ولا قوة ،

واسترسلت وهي تشير إليها بكفاي يديها بامتعاض :

_ هو إنت ينفع تدخل عندي وأنا لوحدي ونتكلم مع بعض في مواضيع ،

إنتم مفكرني ايه بالظبط إنت وطنط علشان تتعاملوا معايا بالسذاجة دي !

ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت علي معالم وجهه الذي تصبب عرقا من تعنيفها :

_ ليه الكلام ده كله هو أنا هاكلك ولا حاجة !؟

دول كلمتين هنتكلمهم والباب مفتوح والبيت مليان ناس فوق وتحت متستكبريش أوي كدة ياريم ،

واستطرد بدفاع عن موقفه:

_ وبعدين إنتي عايشة معانا بقالك سنين عمرك شفتي مني حاجة وحشة لاسمح الله تخليكي خايفة ومش مطمنة لي بالشكل دة ؟

رفعت حاجبيها وأردفت باستنكار  وهي تغلق باب شقتها وتحدثه خارجا وهم علي درجات السلم :

_ انت متعرفش الحديث اللي بيقول "إياكم والحمو فالحمو الموت " بمعني إن الحمو ده أخو الزوج ومينفعش يقعد مع مرات أخوه في مكان لوحدهم أبداً ،

واسترسلت وهي تنجز في الحديث معه الذي لافائدة منه من الأساس :

_ اتفضل معنديش مانع تقول إللي إنت عايزه هنا علي السلم علي البسطة دي اتفضل أنا سامعاك.

أحس بالحرج الشديد من كلامها ومن حدتها معه في الحديث وأمسك منديله الورقي وجفف حبات العرق الظاهرة علي وجهه من كلماتها التي ألقتها عليه ،

وتحدث مرددا بنبرة صوت حنونة :

_ ممكن أعرف إنتي رافضة مبدأ الجواز مني ليه بعد ما تنتهي عدتك وصدقيني ياريم كدة أفضل لينا كلنا لماما وللولاد وليكي إنتي كمان ،

وأنا والله العظيم ماهضايقك أبدا وكل تهديداتي إللي أنا هددتك بيها كانت من حرقة قلبي علي أخويا .

فتحت أعينها علي وسعهم من كلامه وبنبرة صوت عالية أسمعت من تحت فهي كانت تشعر بوقوفها منذ البداية مرددة بكلمات حادة لاذعة وهي تضرب كفا بكف:

_ صحيح اللي اختشوا ماتوا وبايني الرجاله ماتت في الحرب !

إنت إزاي يابني أدم انت تفكر ويجي لك الجرأة تطلع تطلب مني كدة وأخوك بقاله تلت أشهر ميت وأنا لسه في العدة ؟

كان واقفا أمامها ويعلم أن موقفه مخجل ومهين له لكنه رأي أعين والدته بالأسفل توحي له أن يكمل ولا يلقي بالا لغضبها ،

وأردف بنبرة صوت فيها بعض الحدة :

_ معلش بلاش تشبيهاتك اللي متصحش دي ،
أنا طالع في الخير وقاصد الستر ليكي إنتي وولادك اللي هما ولاد اخويا فعايزك تهدي وتفكري كويس قبل ما يصدر منك أي رد فعل تندمي عليه .

كانت عيناها تشع غضبا ووجهها من شدة الافتعال يشع احمرار وكأنه نارااا وفي لحظة قلبت المنضدة الموجودة بالمكان من شدة غضبها وخرجت الكلمات من بين أسنانها وهي تنظر لتلك الحماة من أعلي مرددة بغضب عارم :

_ والله عال ياماما عبير ياست كمل إنتي وشورة أمه اللي واقف قدامي مبقاش عندكم ولا دين ولا أخلاق ولا خشا من أي حاجة ،

ولا حتي احترمتوا العادات والتقاليد ده انتوا عديتوا ليفل البجاحة بمراحل .

وتابعت حديثها بحدة بالغه للغاية بتحذير لكل منهما :

_ شوفي بقي وربنا إللي في السما ده ومش هحلف بيه كذب لو مالميتي تعابينك إنتي وابنك بعيد عني لا خليلكم البيت مليان عقارب وان ماسبتونيش أنا وولادي في حالي لهخلي المنطقة كلها تتفرج عليكم وعلي بجاحتكم وعينكم المكشوفة دي ، 

ويكون في معلومك جواز مش هتجوز ولو قلبتي قرد وعملتي المستحيل ماهخلي شرابة الخرج الدلدول دة يلمس شعرة مني ،

وإن وصلت تبقي ياقاتل يامقتول وولادي هسيبهم للي هيربيهم أحسن مني ،

فاشتري عمرك بدل مانا إللي هقلبها لك جحيم انا مش قليلة ولا ضعيفة ولا مكسورة الجناح زي ماظاهر لكم أنا وقت إللي يتعدي حدوده معايا أجيبه تحت رجلي ولا يهمني ،

أنا هنا عايشة في حالي وكافية خيري شري ،

ونظرت إلي زاهر مرددة بتحذير:

_ وحسك عينك تهوب ناحية باب الشقه دي تاني والله العظيم هندمك المرة الجاية أنا تربية جميل المالكي إللي عمرها ماتغضب ربها ولا عمرها بردوا هتوطي راسها.

كانت تلك الحماة تنتفض غلا يزداد كلما استمعت إلي حديث تلك الريم ولم ترد عليها بكلمة واحدة فقط نظراتها لها كانت كفيلة انها فهمتها .

________________________________

في دار الأيتام دلف رحيم الي الداخل قاصدا مكتب المديرة وأوصلوه إياها ، 

ألقي السلام باحترام وتحدث إلي المديرة برجاء :

_ أنا جاي أطلب من حضرتك ملف الآنسة مريم من الدار علشان ربنا كرمها واشتغلت ولقت مكان كويس هتقعد فيه .

تحركت بكرسيها يمينا ويسارا وهي تمسك القلم بكلتا يديها وسألته باستفسار مغلف بالاستهزاء:

_ إيه لقيت لها مكان تقعد فيه من شغل الحرام بتاعها إللي بتكسبوا من ورا فيديوهات العري إللي بتقدمها ؟

أمسك رابطة عنقه يحركها يميناً ويسارا بإحراج مما استمع إليه وأجابها بنفي:

_ حضرتك فاهمة غلط يافندم مريم محترمة جداً وعمرها ما تعمل كدة هي اتضحك عليها وحد هكر موبايلها وهو إللي عمل فيها كدة ولعب في الفيديوهات لحد ماوصلت لكم بالبشاعة دي .

اعتدلت من جلستها واستقامت وهتفت بنبره استهزاء:

_هي لحقت تفرمط لك دماغك انت كمان باين عليك ابن ناس ومحترم والأشكال اللي زي مريم دي ما ينفعش ان انت تنزل بمستواك وتيجي تتكلم عنها اصلا انا بنصحك نصيحه لوجه الله .

قطب جبينه وهز رأسه بعدم فهم وتسائل متعحبا:

_هو ليه حضرتك متجنيه عليها قوي كده؟

مش يمكن مظلومة فعلا لأني كنت معاها وقت الحفله وشفت فعلا اللي بيطاردوها وربنا نجانا منهم بأعجوبه ولولا اني كنت موجود كان زمانها ضاعت بس ربنا سترها معاها .

اندهشت من حديثه ونطقت باستفسار:

_يعني ايه مش فاهمه كنت معاها  ازاي ومين دول اللي كانوا بيطاردوكم؟

اخذ زفيرا قويا ونظر إليها بعيون راجيه متمنيه ان توافق على طلبه واجابها على استفسارها بصدر رحب:

_زي ما بقول لك كده يا فندم اللي عملت فيها كده واحده كانت صاحبتها زمان وكانت موجوده هنا في الملجا وهي اللي هكرت موبايلها وصلتها للمرحله دي لانها عايزاها تشتغل معاها ضمن شبكه الدعاره الالكترونيه اللي هي شغاله فيها ومريم رفضت جدا وبسبب رفضها ده عملت فيها مقلب الفيديو ده علشان تشوه سمعتها وتنطرد من الدار او تلحقها قبل ما الأحداث تاخدها وساعتها هتنفذ تهديدها .

اجتمعت الخيوط في مخيلتها واصبحت مدركه من يقصد ذلك الرحيم وقلبها بات مشتعلا من تلك الماكره التي استغلتها لتوقع بتلك المريم اليتيمه المسكينه فهي تحبذ المال جدا لكن عند الشرف واستغلال الفتيات واضاعه عمرهن في الوحل لن تصمت ابدا ،

وكان في علمها انها تزوجت من رجل اعمال ووافته المنية واستلمت إرثها واصبحت من ذوي الأموال  ،

ولكن ما استمعت اليه الان جعل قلبها ينفض رعبا من ان تكون تملكت من فتيات أخري من الدار ،

وسألته بعيون زائغه مما جال في خاطرها :

_طيب وعملتوا ايه مع البنت اللي بتطاردكم دي ؟

تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه مكفهرة ارتسمت رغما عنه :

_الموضوع ده حضرتك بقى له شهر بس هي مش بتبعت لها خالص من ساعه اللي حصل لكن تقريبا هي عرفت طريقها وخلاص الترم التاني من السنه الدراسيه ابتدى ولازم مريم هترجع الجامعه علشان كده متخوفين فانا جيت سألت هنا من اسبوعين وعرفت ان الدار عدت الموضوع على خير ونفت ان مريم تعمل كده واثبتت كده كمان بالدلائل لكن الخوف لو رجعت تاني هنا البني ادمه اللي لا عندها دين ولا اخلاق دي ترجع تاني تهددها وممكن تاخدها من جوه الدار كمان ،

واسترسل حديثه برجاء:

_علشان كده بقول لحضرتك ان انا محتاج ورقها وهي هتسكن في مكان امان ليها والجامعه مش هتروحها إلا على الامتحانات لحد ما تخلص او لحد ما نتصرف في الموضوع ده ونحل الازمه بتاعتها .

نظرت له بعيون الصقر وسألته السؤال الذي لم يتوقعه أبداً:

_هو انت ليه بتعمل معاها كده انا تقريبا اول مره اشوفك النهارده وما أخدتش بالي منك حتى في الحفله ؟

تنهد وأجابها باستجواد:

_انا عندي اختين ما اتمناش لواحده فيهم اي ضرر ولا سوء وما ينفعش اشوف طالبه عندي بتتهدد وحياتها معرضه للانقلاب وخاصه لما يكون من النوع ده واسيبها بابا ما ربانيش على كده .

دققت بالنظر داخل عيناه بترقب شديد لباقي كلماته ونطقت باستفسار:

_بس اللي انا شايفاه قدامي بيقول غير كده يا دكتور؟

أومأ باستغراب وسألها مستفسرا عن مقصدها :

_تقصدي ايه حضرتك مش فاهم معنى كلامك .

ابتسمت على بلاهته واجابته:

_خلاص ما تاخدش في بالك يا دكتور اهم حاجه انا عايزاك دلوقتي تجيب مريم هنا الدار علشان عايزه استفسر منها عن حاجات كتير وأوعدك انها هتخرج معاك بورقها،
 لازم احقق في الموضوع ده لان مستقبل بنات الدار في ايدي انا وهما امانه معايا. 

انتابه القلق الشديد من طلبها لان مريم كانت تحكي له عن قسوتها في معاملتهن وانها لم تحبها يوما من الايام لذلك كان شديد القلق ولكن فكر ان يعرض الأمر على مريم اولا ثم يقرر الرد عليها واجابها وهو يقوم من مكانه منتويا المغادره:

_تمام يا فندم هبلغها بطلب حضرتك وهرد عليكي لو هي وافقت او رفضت ،

بعد إذنك وفرصة سعيدة إني اتشرفت بمعرفة حضرتك .

ابتسمت له بحضور وما ان خرج من مكتبها حتى امسكت هاتفها تتصل برقم ما وما ان جاءها الرد حتى رددت بملامح وجه مبهمة :

_انا عايزاكي  تجي لي حالا وتسيبي كل اللي وراكي ما تتاخريش انا في مكتبي ومستنياكي .

بعد ان خرج رحيم ارتدى نظارته ودلف الى سيارته وارسل رساله الى مريم عبر الوتساب ان تسبقه الى المطعم الموجود جانب منزلهم،

وانه سيصل اليها في غصون النصف ساعه كان يقود سيارته بقلب منشغل وعقل يفكر،

طيله الطريق قلبه يدق وجعا وحيره على من سكنت قلبه ومن كل نساء العالم لم يختار قلبه غير ما وراءها الشقاء ولكن ما على القلب من سلطان   ،

وصل الى المطعم وهبط من سيارته ودلف إلى باحثا بعينيه عن مكان تواجدها وما ان راها حتى وصل اليها قائلا بمشاغبه:

_تصدقي المطعم كله نور بوجودك فيه يا ست البنات .

ابتسمت وادارت وجهها له  وهتفت بنبرة اعتراضية بنفس مشاغبته :

_بطل بقى البكش ده يا دكتور مش لايق عليك .

ضحك بصوت عالي على حركات وجهها وهي تتحدث وجلس على كرسيه في مقابلتها وأردف بحب :

_عارفه يا مريم اكتر حاجه بعشقها فيكي ايه؟
 هدوئك وجمال روحك وطيبتك بحس انك عامله زي الملايكه بالظبط .

دقات قلبها اعلنت الطبول من كلماته التي يثني عليها بها ،

والتي خرجت من قلبه صادقه وعلامات وجهه تدل على ذلك وهتفت بخجل:

_مش للدرجه دي يا دكتور انت رافعني لفوق قوي في منطقه تقريبا ما استحقهاش ،

وتابعت حديثها بحزن وشرود :

_خايفه احبك اكتر من كده وفي الاخر افوق على قلبي المجروح لما الزمن يفرقنا وما يرضاش بإن بنت الملاجئ تتجوز دكتور الجامعه اللي من عيله وابن ناس .

أحس بالحزن الشديد جراء كلماتها وقلبه بات يدق عنفا وحزنا على شعورها الدائم بالخوف واجابها بتاكيد لكي يطمئنها:

_مش انا اللي يحبك يا مريم وتملكي قلبه ويسيبك إنتي بالنسبه لي خلاص بقيتي المستقبل والحاضر وكنت اتمنى تبقي في الماضي ،

واسترسل حديثه وهو ينظر لها بعيون عاشقه حد النخاع:

_انا مش بس بحبك يا مريم انا بعشقك وحبي الأول اتولد على ايدك وقلبي ما دقش الا ليكي وما حسيتش بطعم حياتي الا لما دخلتيها،

واوعدك اني هواجه الدنيا كلها معاكي بحلوها وبمرها لحد ما نوصل انا وانتي لبر الأمان بس عايزك تطمني قلبك يا حبيبتي ،

ومش عايز اشوف لمعه الحزن دي في عينيكي ابدا علشان بتقطع فيا . 

أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وتابعت باستفسار:

_طيب والدك ووالدتك هيقبلوا ارتباطنا ببعض يا رحيم ؟

قطب جبينه وهز رأسه بعدم فهم وتسائل متعحبا:

_وايه اللي هيخلي ماما وبابا يرفضوا ارتباطي بيكي يا قلب رحيم .

اجاباته بتوضيح وهي تنظر إلي الكوب الموضوع أمامها :

_لازم نكون واضحين في مشاعرنا وعلاقتنا من البدايه وانا متوقعه الجرح قبل ما نوصل لنهايه الجبر في علاقتنا ومتوقعة الرفض ليا من كل اللي حواليك ومش هلوم عليهم لان حقهم انهم يختاروا لك المناسبه جدا من جميع ظروفها ،
لكن انا المستقبل معايا فيه خطر عليك ومش هرضى اني أظلمك معايا. 

انفعل  جدا من حديثها وثار من كلماتها وهتف بحده:

_ليه التشاؤم ده يا مريم هفضل كل يوم اقول لك خليكي متفائله وواثقه فيا شويه مش عيل صغير انا علشان ما دافعش عن حبي وقف وقفة محارب شجاع اطمني يا حبيبتي الوجع هنعيشه سوا والجبر برده هنعيشه سوا وانا وانتي راكبين نفس المركبه سواء كان ليها شراع يحمينا او احنا اللي هنخلق لها الشراع اللي هيحمينا لحد ما نوصل لبر الامان اطمني يا مريم .

تنهدت بارتياح من كلماته واحست ببضع من الامان ثم سالته باستفسار عن ما حدث في دار الايتام :

_ما قلتليش عملت ايه مع المديره واتكلمتوا في ايه؟

قص عليها ما حدث بالتفصيل الى ان عرض عليها في اخر حكواه طلب المديره  مكملا كلماته:
_ بصراحه ما رضيتش اديها وعود انك تروحي الا لما نتكلم مع بعض الاول وندرس المقابله او انت هتوافقي ولا لا ايه رايك يا مريم ؟

انا شايفها انصدمت لما حكيت لها كل حاجه وتقريبا كده اتعطافت معاكي .

فتحت مقلتيها على وسعهما واردفت باستنكار:

_انت عايزني اروح لها برجلي لحد الدار يا رحيم انت مصدق وش الملاك اللي هي بينته ده دي عمرها ما عملتنا بما يرضي الله وطول عمرها قاسيه علينا وانا عمري ما أروح لها ولا اعتب الدار دي تاني .

________________________________

في منزل جميل المالكي عصراً حيث تجلس رندا وابنائها ووالديها يتبادلون اطراف الحديث في موضوعات مختلفه واذا هم يستمعون الى زر الجرس يعلن عن وصول احدهم ،

ذهبت سما لتفتح الباب واذا بها تتفاجأ باأبيها وتلقائيا رمت نفسها بين احضانه وهي تشهق بصوت عالي مملوء بالفرحه:

_بابا حمد لله على السلامه وحشتيني قوي تعالي اتفضل .

ما إن علمت حضوره  حتي قامت من مكانها مستأذنه من ابيها:

_بعد اذنك يا بابا انا هطلع اوضتي .

قبل ان ياذن لها كادت ان تتحرك من مكانها الا انه اشار اليها بكلتا يديه ان تجلس مرددا بامر:

_ما تبدئيش معركتك بالهروب لازم تواجهي من البدايه علشان المواجهه مهما اجلتيها ومهما طنشتيها مسيرك هتقومي بيها اتفضلي اقعدي .

كادت ان تعترض على حديث والدها الا ان والدتها امسكتها من يداها واجلستها بجانبها مردده بصوت خفيض:

_اقعدي يا راندا واسمعي كلام باباكي عيب لما يقول لك على حاجه وما تسمعيش الكلام ما انتيش صغيره يا بنتي وبعدين هو يعمل لك ايه يعني ما احنا كلنا موجودين اهو .

تأففت بشده بسبب اصرار والديها على المكوث معه ،

ما كان في مخيلتها ان يأتي سريعا ورائها وما كان عندها اي استعداد للمواجهه ،

حضر ايهاب وقام بالقاء تحيه السلام وذهب الى جميل ومد يده واحتضنه وبدوره بادله السلام بحراره وهو يربت على ظهره ،

وذهب الى فريده التي ردت سلامه بفتور واحتضن ابنه مهاب بشده وبادله مهاب نفس حراره السلام كجده ،

اشار اليه جميل بالمكوث مرددا بترحيب:

_اتفضل اقعد يا ايهاب يا ابني حمد لله على سلامتك انت هتلاقيك جاي من السفر على هنا على طول وتعبان .

واسترسل حديثه وهو يطلب من فريده فنجانا من القهوة قائلا بهدوء:

_من فضلك يا ام رحيم اعملي لنا فنجانين قهوه عقبال ما تجهزي الغداء علشان ايهاب هيتغدى معانا .

اومأت بأهدابها بطاعه وذهبت الى المطبخ فالتحقت بها راندا مردده:

_استني يا ماما هاجي معاكي في حاجات كنت بعملها هاجي اخلصها .

تركها ابيها لانه كان يريد التحدث مع ايهاب منفردا في البدايه وطلب من سما وايهاب ان يتركوهم وحدهم ،

وما ان قاموا حتى نظر الى ايهاب مرددا بلوم مغلف بالحده:

_ما كنتش اعرف اني لما اديتك بنتي من 18 سنه وامنتك عليها هتعمل فيها كده وتخونها وتغدر بيها عمري ما كنت اتخيل منك كده يا ايهاب،
 اخر حاجه كنت اتوقعها في الدنيا انك تتجوز على بنتي .

أحس بالحرج الشديد من ملامات جميل فهو يحبه جدا ويعتبره في مقام ابيه ومنذ ان دلف الى ذاك المنزل وهو يتعامل معه بحب شديد وكذلك جميل بالمثل كالأب وابنه ونطق وهو يبتلع كلماته غصبا:

_انا معترف اني غلطان يا عمي والغلط راكبني من ساسي راسي ،

واسترسل حديثه بإبانة:

_انت كل كلمه قلتها ما اقدرش اراجعك فيها بس اللي حصل حصل وانا كان غصب عني لقيتني محتاج لحضن وقت ما كنت تعبان ومش لاقي اللي يداويني وهي جت قدامي ضعفت واستسلمت واتجوزتها لكن والله العظيم عمري ما حسست راندا بأي حاجه وكنت عارف ان هيجي يوم من الأيام وهتعرف بس ما كنتش حاسب غضبها بالشكل ده شكلي حسبتها غلط وكلنا هندفع التمن واولهم الاولاد .

شعر جميل بكل كلمه نطق بها انها حقيقه فهو لم يكذب ابدا طيله السنين الماضيه واصبح بين قاب قوسين او ادنى ايواسي رجل مثله استخدم حقه في الحياه وتزوج من ثانيه ام يواسي ابنته التي مكست تحافظ على عهد زواجها أبية وربت ابنائها كما ينبغي ان يكون وهنا كفه الميزان لا تعرف الى اي وجهه تميل ،

تنهد بحيرة وضيق وسأله:

_طيب هتحلها ازاي يا ايهاب هتطلق اللي انت وعدتها انك هتفضل معاها واتجوزتها هناك،

ولا هتفضل على ذمتك وتخسر راندا  انت يا ابني في موقف صعب جدا وبصراحه المسأله معقده على الآخر عايزه لها معادلات عشان تتحل .

كل كلمه تحدث بها حماه كانت منطقيه فهو منذ ان حدث التصادم بينهم وعلمت راندا واصبحت حياته بائسه مدمره كالصحراء الجرداء لا زرع بها ولا ماء ولكن الأمر اصبح واقعا ولابد للمعضل  ان يحل ،

ثم تنهد بثقل وألم نفسي انتابه جراء كلماته وهتف طالبا منه العون :

_انا بس بطلب منك يا عمي انك تقف جنبي وتحاول تلين دماغ راندا انها تلغي من فكرتها الانفصال علشان سما ومهاب هيتدمروا بسبب الانفصال ده وانا والله اللي هي عايزاه هنفذه كله بالحرف الواحد انا كنت اصلا متفق مع فيروز على الانفصال في اي وقت لو ما قدرتش اكمل من قبل ما بدأ معاها .

واثناء حديثهما اتت فريده بالقهوه وجلست معاتبه اياه وهي تناوله المشروب :

_انت عارف اخر حاجه كنت اتخيلها ان انت تتجوز على راندا حاجه عمرها ما جت في بالي ابدا يا ايهاب ليه عملت فيها كده وفي ولادكم وفي حياتكم ليه تسرعت .

اجابها جميل فضلا عنه مرددا:

_كلمه لو ملهاش لازمه دلوقتي خالص احنا دلوقتي قدام امر واقع لازم نحله بالعقل علشان جميع الاطراف تخرج مرضيه لو سمحتي اندهي راندا وخليها تجي لي هنا حالا.

قامت بالنداء عليها وبعد دقيقه خرجت وعلى وجهها علامات العبوس جلست بجانب والدتها تنطر ارضا الى ان استمعت الى حديث اباها يردد لها:

_ارفعي راسك يا بنتي الموضوع مش مستاهل ان انت تنزلي راسك للأرض الحاجه الوحيده اللي غلط فيها ايهاب ان هو ما قالكيش بجوازه علشان خاطر تختاري تكملي او توافقي وطالما هو جاي ومعترف بغلطه وعايز يصلحه يبقى لازم تدي له فرصه وتسمعيه .

غشاوه الدموع التمعت في عينيها ورددت بملامح حاده:

_اسمعه وهو بيقول لي ايه اني اتجوزت عليكي غصب عني !
طب ما انا كمان كنت هنا ام واب وكنت مستحمله وما فكرتش اخونه زي اللي بتخون جوزها طول سنين سفره ،

واسترسلت والدموع تنهمر علي خديها بغزارة من ألمها وجرحها مرددة برفض قاطع :

_مهما تقول يا بابا ومهما هو يقول ومهما تعمله انا برده اللي في دماغي في دماغي هتطلق يعني هتطلق .

ود أن يذهب إليها ويأخذها بين أحضانه ويمسح دموعها بيداه ويعتذر ألاف المرات لكنه خشي رفضها وحدتها ،

وتحدث بكلمات معتذرة :

_يا راندا ما تهديش حب السنين والبيت اللي قعدنا نبني فيه انا وانت عمرنا كله ،

ولادنا اللي هيدفعوا التمن سما ومهاب يستحقوا مننا ان احنا نضحي علشانهم،

انا ما لحقتش اعيش معاكم ما لحقتش اتهنى بقربكم ما لحقتش سنين عمري اللي ضاعت وانا بعيد عنكم في الغربه على الأقل وهم كانوا قدامك اما انا كنت ببقى نفسي اخدهم في حضني ما بقدرش علشان بينا مئات الأميال،

كنت بتعب وفي عز تعبي كان نفسي تبقي جنبي إنتي واولادي وتخففوا عني وما كنتش بلقاكم ،سنين عشتها كل لحظه تعب مرت عليا علمت في جسمي لما كنت لوحدي ،

من سنين اترجيتك ارجع ونعيش بالموجود بس اكون وسطكم وسط عيلتي اللي بحبها وما اقدرش اعيش من غيرها وإنتي في كل مره تتحججي بالمستوى والمنظر وتقولي لي عشان خاطر ولادنا نضحي غصب عني ضعفت وغصب عني استسلمت لما لقيتها قدامي ما عندهاش مانع اننا نتجوز في السر زي ما هي ما عندهاش مانع دلوقتي اني اسيبها ونتطلق ،

رغم تعلقها الشديد به ورغم أنها تعشقه عشقا جما إلا أنها قامت من مكانها وربعت ساعديها وأعطتهم ظهرها مرددة وهي تمسح دمع عيناها بقسوة:

_ وأنا لا يمكن أعيش معاك أبداً ولو حتي طلقتها فدلوقتي حالا ترمي عليا اليمين لأني مش هرجع لك ياإيهاب مهما حاولت .

كان متوقع رد فعلها وقسوتها وأشار بعينه إلي والديها ان يتركوهم وحدهم لعل وعسى يقدر علي إقناعها بالرجوع إليه والإقلاع عن فكرة الطلاق ،

فهموا إشارته وانسحبوا إلي الخارج وبقيا وحدهم هو بانفطار قلبه عليها وهي بدمع عيناها اللتان كساهم لون الدم من شدة البكاء ،

ذهب إليها واحتضنها من الخلف وما إن لمس كتفيها قامت بنزع يداه علي الفور وأدارت وجهها إليه مرددة بجحيم :

_ وعهد الله ياإيهاب إن إيدك دي اتمدت عليا تاني إنت حر هعمل إللي مش هيعجبك واللي عمره ماصدر مني ،

واسترسلت بوعيد :

_ انسي إنك تلمس شعرايه مني بعد النهاردة انت خيبت ظني فيك .

قلب عينيه بتعب ثم زفر شهيقا قويا ينم عن مدى تعبه وارهاقه الشديد وعلى ما هو قادم اليه اصبح ليس لينا،

نظر اليها بعيون مترجيه مرددا:

_يا راندا الكلام اللي انت بتقوليه ده ما ينفعش احنا بينا اولاد هيتدمروا صدقيني انت مش بصه لقدام .

قطعت حديثه وهدرت به بحده:

_واشمعنا انت اللي ما بصيتش لقدام قبل ما تعمل عملتك دي ولا انت تغلط والمفروض اني اسامح واعدي علشان خاطر الاولاد ما عملتش انت حساب للاولاد ليه من البدايه قبل ما تقتلني ؟

رفع كلتا يديه في الهواء واخفضهما هاتفا بصوت عال بعض الشيء:

_جرحتك قتلتك!
اللي حصل حصل واحنا قدام امر واقع وانا جاي لك وللمره المليون بقول لك يا راندا ما تهديش البيت وللمره المليون بعتذر لك وللمره المليون فكري كويس علشان خاطر اولادنا اللي هيدفعوا التمن .

_تعتذر لي... عقبت بها بنبره استهزائيه واسترسلت بتصميم علي طلبها:

_اللي انت عملته ما ينفعش معاه الاعتذار ،
انت ما ضربتنيش قلم علشان خاطر اسامح واعدي انت مسكت سكينه تلمع وغرستها في قلبي وكنت مفكر انها هتجرحني بس لكن للاسف هي قضت عليا وجعتني من فضلك ارمي اليمين حالا لاني هتطلق يعني هتطلق .

_________________________________

اما في ايطاليا كان مالك راكبا السياره وذاهبا الى المطار مصطحبا جوليا التي اصرت ان تذهب معه زياره الى مصر وهي متشجعه الى تلك الخطوه،

انتهوا من الاجراءات وصعدوا الى الطياره جالسين جوار بعضهم ،

زفر مالك انفاسه بإرهاق ثم تحدث إليها بعيون تفيض ارتياحا :

_ما تتصوريش انا عايزه اشكرك قد ايه علشان خاطر وقفتك جنبي طول الشهر اللي احنا سافرنا فيه ،

بجد انت ليكي فضل كبير عليا جدا بعد ربنا في تحسن نفسيتي تسلمي لي يا جوليا .

ابتسمت اليه ابتسامتها المعتاده التي تظهر جمالها اكثر فاكثر وتحدثت بعيون تفيض عشقا:

_ليه بتشكرني يا مالك هو احنا لسه في بينا شكر !

احنا اتفقنا ان احنا هنبقى قلب واحد وعقل واحد ونخاف على بعض جدا وانا ما عملتش اكتر من كده .

اعتدل  من جلسته ونظر اليها قائلا بتساؤل:

_يا ترى ايه سر النظره الحزينه اللي شايفها في عينيكي دي يا جوليا ممكن اعرف سببها؟

 
لانت ملامحها وشعرت براحة اجتاحت روحها لتساؤل ذالك الحبيب الذي وصل لأعماقها وتوغل في روحها فهو حقا قرأ عيناها وفهم أنها مهمومة وأجابته بشرود :

_خايفه ان يكون اللي احنا عملناه ده غلط واتسرعنا فيه وفي الاخر هيتحكم علينا بالفشل .

حرك عينيه بهدوء وبنظرات طمأنتها وتحدث باستجواد :

_مش عايزك تقلقي خالص احنا مش صغيرين على الخطوه اللي احنا أخدناها وانا وانت مقتنعين تمام الاقتناع للخطوه دي وان شاء الله كل حاجه هتبقى تمام عايزك تهدي وتدي لنفسك سلام نفسي علشان خاطر لما نوصل تبقي في قمه الهدوء والارتياح .

اخذت نفسا عميقا ثم زفرته بانتعاش ونطقت بحب :

_انت عارف عمري ما شكيت لحظه ان انت ما تطلعش نفس الصوره اللي انا راسماها في بالي من زمان ليك .

رفع حاجبيه وتسائل بمكر:

_وايه بقى الصوره اللي كنت راسمها لي في بالك يا ست جوليا؟

واسترسل بمشاغبة :

_ده انا كنت ساكن عقلك من زمان وانا مش واخد بالي اتاريكي واقعه وانا مش داري .

ضحكت بشده على حديثه ومشاغبته وهتفت بصدق:

_اه كنت شاغل عقلي ومش بس كده ده قلبي كمان هكذب ليه يعني وهحور ليه ،

من زمان وانا متابعه شغلك ومتابعه صورك وطبعا كنت دايما براسلك على ايميلات الشركه لحد ما تعاملت معاكم وكنت بحاول دايما اكلمك كتير لو انت مش واخد بالك اني كنت دايما بطول معاك في الكلام اطول وقت علشان كنت مشدوده ليك جدا ولما كنت بتيجي الاتليهات السنين اللي فاتت  كنت بفضل باصة عليك من بعيد لحد بقى ما اشتغلنا مع بعض وتقابلنا النوبادي ما كنتش متوقعه ان احنا نوصل للمرحله اللي احنا وصلنا لها دي .

وبقيا يتناولان اطراف الى ان هبطت الطائره الى مطار القاهره فكانت فرحتها بوصولها الى مصر أرض الأمن والأمان لا تضاهيها فرحه فهي عاشقه لمصر ،

رأى الفرحه في عينيها وبعد أن انتهوا من الاجراءات ركبوا السيارة وذهبوا إلي الفندق التي حجزت به ووضعوا الحقائب الخاصة بها ،

ثم اصطحبها معه الي والدته والذي لم يخبرها بمجيئه وفضل أن يجعلها مفاجأة ،

وصلوا إلي المنزل وكانت تنظر إليه بانبهار فقد نال إعجابها جداً ولاحظ مالك ذلك فنطق باستفسار:

_ عجبك البيت بتاعي ؟

ابتسمت له وعيونها تدور حول المكان وأجابته :

_ جميييييل أوووي يامالك ذوقك تحفة .

أشار بيديه إليها أن تدلف هاتفا بابتسامه:

_ طيب يالا بينا علشان تسلمي وتتعرفي علي أطيب قلب في الدنيا .

دلفت معه ومشيت بجانبه وقلبها مملوءا بالسعادة الي أن فتح مالك الباب ودلف وراءه وأشار إليها أن تتبعه مرددا بنبرة سعيدة :

_ يابيرووو ياست الكل إنتي فين نحن هنا .

ما إن سمعت والدته صوته في المنزل دق قلبها لعزيز عينيها الغائب عنها شهراً وكأنه غائب منذ قرن ،

هرولت الى الخارج مسرعه تبحث بعينيها عن مكانه الى ان وجدته ولكنها لاحظت وجود ضيف معه فذهبت برتابه والقت السلام وهي تحتضنه مردده:

_حمد لله على السلامه يا نور عيني نورت مصر نورت بيتك ونورت الدنيا بحالها .

احتضنها بحب وقبلها من يداها وراسها وامسكها من يدها وهو يعرفها على جوليا قائلا بابتسامه :

_اعرفك يا ماما بجوليا  اتعرفت عليها في ايطاليا هي  fashion designer  وخطبتها هناك.

استمعت إلي أخر كلماته وفتحت فاهها علي وسعه مرددة بتلقائية مغلفة بالصدمة :

_ خطبتها 


تعليقات



<>