رواية زهرة الاقحوانة البيضاء الفصل الثالث3بقلم دعاء سعيد


رواية زهرة الاقحوانة البيضاء
 الفصل الثالث3
بقلم دعاء سعيد





أسرعت زهرة بالساعة خلف أسعد وقد أذهلها الأمر...عندما رأته يجلس مع والده بالسيارة وهو يبكى بكاءا شديدا يصل لدرجة النحيب....فعلى الرغم من انها لم تقترب كثيرا من السيارة إلا انها استطاعت سماع صوت بكائه لعلو الصوت وهدوء الشارع فقد حل الظلام.....
تجمدت زهرة فى مكانها ولم تتقدم خطوة أخرى محدّثة نفسها....
(((إيه ده انا عمرى ماشفت أسعد بيبكى قبل كده!!! ....
(((ازاى شاب عنده ١٧ سنة بيبكى بالشكل ده كأنه طفل صغير........)))
ثم تراجعت للخلف عائدة إلى الفيلا دون أن يراها أسعد ووالده ....
وأخذت الأفكار المتلاحقة تطيح برأسها من شدة التفكير...
(((أنا عارفة إن اللى حصل لأسعد بسبب أمه مش بسيط ...بس انا عمرى ما كنت أتخيل ان أسعد جواه كل المشاعر الحزينة دى وبالشكل ده....الظاهر إن كتر ضحكه وهزاره واستهزاؤه بكل شئ طول الوقت كان قناع بيخبى وراه حزن وقهر محدش يقدر يتحمله أبدا......)))
كانت زهرة متعلقة بأسعد تعلقا شديدا وتنجذب نحوه دائما...
ولكن ما رأته اليوم ولم يكن فى ذكرياتها جعلها ترق لحاله وتزداد تعلقاً به ......فهى تشعر بحاجته إليها أكثر من ذى قبل ......
ذهبت زهرة لأبيها كى تجلس وتتحدث معه فى غرفة مكتبه ....فما إن استأذنت ودخلت عليه لتتحدث معه...حتى وضع صورة أمها التى كان ينظر إليها جانبا وابتسم لها قائلا......
(((زهرة حبيبتى ، تعالى... هاه عايزة تتكلمي فى ايه؟؟؟))
اجابته...
(((بابا ، انا حاسة ان حضرتك ع طول زعلان من ساعة وفاة ماما ...الموضوع عدى عليه شهور ..وحضرتك مبقتش بتحاول تعمل اى حاجة من الحاجات اللى كنت بتحبها زى زمان...!!!!)))
نظر إليها والدموع تلمع فى عينيه...
قائلا....
((( زينب ماتتنسيش فى شهور ولا حتى فى سنين ...
انتى لسة صغيرة يازهرة .....أكيد انتى زعلانة ع ماما ومفتقداها ممكن زيى او اكتر كمان ......
بس اللى ماتعرفهوش ان فراق حد كان بيسكن روحك ..... بياخد معاه جزء من روحِك ...الجزء ده مهما حاولتى مش بيرجع أبدا.......)))
بكت زهرة من كلمات والدها .....وأحست بألم فى صدرها كأنما عاشت هذه المشاعر من قبل وشعرت بهذا الألم سابقا ولكنها لاتتذكر متى ؟!!!.......
اقترب منها والدها واحتضنها حضنا أشعرها بقليلٍ من الآمان والاطمئنان......
ثم اصطحبها إلى غرفتها وهو يحاول اضحاكها قائلا...
(((هاه قولى لى بقى أخبار روايات زهرتي ايه؟؟؟!!
لسة بتكتب حكايات مشاكس ومشاكسة  وبترفع المنصوب وتضم المكسور...!!!)))
ضحكت زهرة مع والدها ...فقد كانت بارعة فى الكتابة مثله حيث اعتاد أن يسجل أفكاره ومشاعره فى دفتره الخاص ويحتفظ به فى درج مكتبه ولا يُطلِع عليه أى أحدٍ مهما كان........
ثم تركها والدها فى غرفتها بعد أن قبّل جبينِها لتغيِّر ملابسها وتنام فقد تأخر الوقت.......
جلست زهرة فى سريرها وهى تفكر فيما قاله لها والدها وتسترجع جملة ...(((تضم المكسور....تضم المكسور)) 
وقد أسقطتها فى عقلها ع حال أسعد وانه يجب عليها احتواءه بعد أزمته وبعدما رأت مابداخله من الم.....
ثم غلبها النعاس ....
لتستيقظ فى تمام التاسعة صباحا كالمعتاد ....ولكن هذه المرة ع صوت منبه عالٍ كان بجوار سريرها ...
وما إن استفاقت زهرة حتى أخذت تبحث عن الزهرة البيضاء ع وسادتها ولكنها لم تجدها ع الوسادة.....فنهضت من سريرها كالمعتاد متجهة نحو المرآة لترى هل تغير عمرها أم مازالت فى الرابعة عشر......
فما إن بلغت المرآة حتى وجدت الزهرة البيضاء ...
فنظرت للمرآة وابتسمت وهى تشير لنفسها فى المرآة
 قائلة...
(((أقدِّم لكم الآنسة زهرة ذات الواحد وعشرين ربيعا....)))
 ثم ذهبت لتغسل وجهها وترتدى ملابسها وتستعد لكى تعيش ذكرياتها مرة أخرى، ولكن بشكلٍ مختلف.
كانت زهرة قد اعتادت الأمر ولهذا لم تفزَع مثل اليومين السابقين بل ع العكس ابتسمت عندما نظرت فى المرآة ووجدت انها أصبحت فى الحادى والعشرين من عمرها فهى تتذكر أنها عاشت أجمل أيام حياتها فى هذ العمر......
نزلت زهرة من غرفتها لتتناول الإفطار مع والدها والابتسامة تعلو وجهها ..وما ان رأته حتى طبعت قبلة ع جبينه قائلة....
(((صباح الخير ، يا أحلى بابا فى الكون...)))
رد قائلا.....
(((صباح الخير يا زهرة))) 
كان ردَّهُ مقتضبا كأن هناك شيئاً يضايقه منها.....
ثم أكمل قائلا...
(((أنا فكرت فى الكلام اللى قلناه امبارح ...قرارى نهائي مفيش نقاش تانى فى الموضوع ده ولا يتفتح من أساسه......)))
إندهشت زهرة من كلام والدها .......
فهى لاتتذكر عن أى موضوع يتحدث!!!!.....
وتعلم انه لم يحدث اى نقاش فعلى بالأمس..
فهى بالأمس كانت فى الرابعة عشر.....
واليوم فى الحادى والعشرين من عمرها ....
فظلت صامتة لاتدرى بما تجيبه فهى لاتتذكر عما يتحدث !!!!! .................


تعليقات



<>