
رواية خطوبة بعقد ايجار الفصل الحادي عشر11 والثاني عشر12بقلم صابرين شعبان
لم تعرف هدية ماذا تفعل أو كيف تتصرف عندما خطر على عقلها فبحثت على هاتفه النقال في جيب سترته فهو كان يتحدث به قبل أن يرحلا أخرجت هاتفه تبحث بين الأرقام ..لا تستطيع الإتصال. بأخيها ليأتي فسيعلم ما حدث و هى لا تريد ذلك و لا تستطيع الإتصال بوالده فهو كبير في السن و لا تستطيع صدمة في ولده وجدت رقم حازم فأجرت الإتصال به و هى تنتظر أن يجيب بفارغ الصبر و لكنه لم يخيب ظنها و أجاب بعد الرنة الثانية سمعت صوته الهادئ يقول بهدوء ..« سيدي »
قالت بلهفة فزعة .. « حازم هذه أنا هدية » لم تدعه يستفسر عن سبب إتصالها مكملة ..« أرجوك حازم تعال بسرعة لقد أصيب عامر و ينزف أخشى أن يموت أرجوك أسرع »
هدئها حازم ..« آنستي أهدئي و أخبريني أين أنتما »
قالت بحيره ..« لا أعرف أين حازم نحن في شقة في الساحل »
هدئها مرة أخرى ..« لا تخشي شئ لقد علمت المكان و الآن أخبريني عن مدى أصابة السيد »
أجابته ببكاء هستيري ..« لا أعلم هو فقط ينزف من رأسه و فاقد الوعي أن أنفاسه ضعيفة للغاية و وجهه محتقن »
فقال يطمئنها ..« حسنا أهدئي آنستي فقط ضعي منشفة على الجرح و أضغطي لتوقفي النزف و أنا في طريقي مع الطبيب »
هزت رأسها بخوف و كأنه سيرى حركتها تلك و أغلقت الهاتف و هى تنهض لتتجه لخزانة ملابسه في الغرفة لتبحث عن منشفة أخرجت واحده صغيرة و عادت إليه ترفع رأسه لتضعها على قدميها و تضع على الجرح المنشفة و تضغط عليه بقوة و هى ترى شحوب وجهه الذي يذداد و صعوبة تنفسه كانت تبكي بحرقة خوفاً و قلقا عليه تخشى أن تكون سبباً في موته أو أذيته أكثر من ذلك مر الوقت بطيئا ظنته لا يتحرك و هى تدعوا الله أن يأتي حازم بسرعة سمعت صوت الباب يفتح فهتفت بصراخ ..« حازم تعال بسرعة أرجوك نحن هنا في الداخل »
دخل حازم للغرفة ينظر حوله بدهشة بلمحة فهم بما يمكن أن يكون حدث كان معه الطبيب رجل كبير السن يرتدي نظارة طبية و شعره أبيض و يحمل حقيبته أتجه حازم إلى عامر يرفعه ليضعه على الفراش ليعاينه الطبيب ..قام الطبيب بتعقيم جرحه و أعطاه حقنه مسكنه ثم قام بفتح قميصه ليرى الكدمه و الجرح على صدره فهى عندما ضربته بكعب حذائها فقد أخترقت لحمه و أحدثت به جرح صغير و ليس خطيرا التفت الطبيب قائلاً لحازم بعملية ..« لديه ضلع مكسور سيحتاج لجبيرة من الأربطه و سيشعر بضيق في التنفس في الفترة القادمة و يجب أن يرتاح أسبوع في الفراش على الأقل حتى يلتئم ضلعه أما الجرحين في رأسه و صدره فهما ليسا خطيران و سيشفيان سريعا » كانت تضع يدها على فمها فزعا و خوفاً و هى تستمع لما يقول الطبيب أنها فعلته به شكر حازم الطبيب الذي أنصرف بعد أن خط بعض الأدوية عاد حازم للغرفة بعد إنصراف الطبيب وجدها تقف مسمرة تبكي من الخوف فقال بعطف مهدئا ..« آنستي أهدئي سيكون بخير »
هزت رأسها نافية ..« لقد كدت أن أقتله حازم »
نفى حازم أتهامها لنفسها ..« لا آنستي لم تفعلي و هو سيكون بخير السيد عامر قوي و سيتخطى الأمر و الطبيب أخبرني أنه سيفيق في الصباح لذا عليكي العودة إلى المنزل و أنا سأطمئنك عليه »
هزت رأسها و هى تتحدث بقلق ..« لا ..لا ..لا أستطيع تركه هكذا »
قال حازم بتأكيد ..« بل عليكِ سيدي كان سيريد ذلك صدقيني حتى لا يقلق أخيك ..سأرسل معك أحدهم لإيصالك للمنزل و لكن عليك أولاً تنظيف ملابسك قبل الرحيل حتى لا يقلق أخيك »
نظرت لملابسها الملوثة بدماء عامر و عينيها مليئة بالدموع أومأت برأسها بصمت فقال حازم ..« أنا سأنتظر في الخارج ريثما تبدلين ملابسك بشئ من ملابس السيد هنا و أنا سأقوم بتنظيفها بسرعة لا تقلقي » خرج ففعلت ما قاله و بدلت ملابسها و أعطتها له فقام بوضعها في غسالة الملابس أنتظرت بجانبه في الغرفة تدعوا الله أن يفيق قبل أن ترحل لتطمئن و إلا ستموت قلقاً طرق حازم الباب فأذنت له بالدخول قال و هو يتطلع عليها بشفقة ..« كيف حالك آنستي هل أنت بخير »
أومأت برأسها بصمت فهى مازالت على صدمة مما حدث فقال ..« هيا معي لقد أعددت لك بعض الطعام في الخارج لتهدئي قليلاً »
أجابت بصوت متحشرج ..« لا حازم لا أريد شئ لا أستطيع أبتلاع شئ »
قال بهدوء حازم و هو يشد يدها بحنان ليخرجها من الغرفة ..« بل ستأتين معي و تتناولي الطعام هل تريدين أن يقلق أخيك إذا رأى شحوب وجهك هكذا الطعام سيساعدك و يعيد بعض اللون لوجهك هيا معي » خرجا من الغرفة وجدته قد أعد بعض الأطعمة الخفيفة و بعض عصير الليمون ليهدئ أعصابها أجلسها بحزم حان ذكرها بسيف فى مرعاته لها نظرت إليه بحيره و هو يضع بعض الطعام أمامها فسألته ..
« كيف أتيت هكذا بسرعة حازم أنا لقد ظننت أنك ستأتي متأخرا كثيرا»
خجل حازم فهو أتى في الصباح الباكر و لم يرحل ليعود لمنزله ..« أنا كنت هنا آنستي في الجوار »
تناولت بعض اللقيمات الصغيرة و سألته ..« هل كنت في إجازة »
نفي بهدوء ..« لا بل في العمل آنستي »
تطلعت هدية إليه بحيره فلم يشأ أن يخبرها أن سيده طلب منه أن يأتي بأحدهم لتنظيف الشقة فهو لم يكن يعلم بنيته على إيه حال أخفضت رأسها و قالت بخفوت ..« هل تعلم عن سيف حازم »
أومأ برأسه فقالت ..« هل أنت متأكد أنه أخي من فعل هذا »
حازم أكد ما يعلمه ..« نعم آنستي فهذا شئ جدي لا مزاح فيه »
فتسألت ببكاء و خوف ..« برأيك ماذا سيفعل عامر معه حازم »
صمت طويلاً يتطلع إليها بشفقة مما ذاد قلقها فقالت من وسط بكائها ..
« يا إلهي أخي ماذا سأفعل » صمت حازم مشفقا فهو ليس لديه إجابة كانت تبكي بحرقة أمامه لتفرغ ما يعتمل في صدرها من قلق و رعب على أخيها تركها لعلها تهدأ قليلاً بعد ذلك خفت صوت بكائها و لم يسمع سوى صوت شهقاتها نهض حازم قائلاً ..« سأرى أن جفت ملابسك حتى تستطيعين الرحيل حتى لا يقلق أخيك »
قالت بقلق ..« و عامر »
هدئها ..« لا تقلقي سيكون بخير سنخبر سيد شهاب أنه أتت له سفره خارج المدينة لذلك رحل و أنت أخبري أخيك بذلك حتى نرى ماذا سيقول حين يفيق »
وضعت كفيها على وجهها و هى تعود للبكاء مرة أخرى فقال حازم ..« يكفي آنستي أطمئني كل شئ سيكون بخير »
قالت بصوت باك و هى تمسح وجهها بيدها ..« هل أستطيع أخذ رقم هاتفك لأطمئن عليه »
هز رأسه موافقا ..« بالتأكيد آنستي و لكن أنا من سأحادثك حتى لا تثيري شك أخيك حسنا »
أعطته رقم هاتفها و نهضت لترتدي ملابسها بعد أن وجدها حازم قد جفت أتصل بأحدهم يخبره أن يأتي و يوصلها للمنزل دخلت الغرفة لترى عامر قبل أن ترحل الذي كان مازال نائما وجهه شاحب و ملامحه مسترخية أقتربت منه و هى تبكي قائلة ..« أنا أسفة أسفة لم أقصد إيذائك صدقني » قبلته على رأسه قبل أن تخرج من الغرفة مسرعة حتى لا تضعف و تصر على البقاء وجدت حازم ينتظر ليخرج معها و يتحدث مع رجله الذي سيوصلها قالت له هدية قبل أن ترحل ..
« عندما يستيقظ عامر أخبره أني موافقة » نظر إليها بحيره فقالت بتأكيد « لا تنسي حازم فقط قل له هدية موافقة »
أومأ برأسه فصعدت السيارة التي أنطلق بها السائق و هى تنظر للخلف و كأنها تودعه أو ستراه واقفا ينظر إليها و هي ترحل وصلت للمنزل مرهقة فتعجب سيف ..« حبيبتي ماذا بك » أجابته هدية بهدوء ..
« لا شئ حبيبي أنا بخير »
فسأل بريبة ..« أين عامر ألم يأتي معك »
أجابته و هى تدعي المرح ..« لا لقد أتت له سفره فأضطر أن يرحل و تركني ليجلبني السائق لهنا أنا سأدخل غرفتي لتبديل ملابسي أخي هل تريد شئ مني قبل أن أدخل »
هز رأسه متعجبا مرتابا ..« لا حبيبتي أذهبي فأنت تبدين متعبه »
دخلت غرفتها ألقت بنفسها على الفراش و هى تبكي بصمت و عقلها يستعيد كل ما حدث منذ الصباح حتى غرقت في نوم مرهق قلق ...
★
تحرك بوهن و هو يهم بالنهوض فأندفع إليه حازم يوقفه بحزم ..« سيد عامر لا تتحرك فالطبيب أوصى بالراحة »
هتف بخفوت متألم و هو يضع يده على صدره المغطى بالأربطة البيضاء ..« هدية .. هدية »
أبتسم حازم فهو بعد كل شئ قلق عليها ..« أطمئن سيدي لقد أوصلتها لمنزلها و هى بخير »
حاول النهوض مرة أخرى و هو يتنفس بصعوبة ..« أريد أن أرها فلتأخذني إليها حازم أريد الحديث معها »
أرجعه حازم للفراش ..« لا سيدي لن تستطيع فأنت لديك ضلع مكسور و لن تقدر على الحركة صدقني »
أشاح بيده و بصوت يأس ..« و لكني أريد أن أرها للضرورة فقط ساعدني»
فهدئه حازم ..« لن تستطيع سيدي فهى قد أخبرت أخيها أنك في سفر خارج المدينة »
أبعد يد حازم التي تحاول تكبيله عن الحركة و ينهض مترنحا ..« أذن خذني لمنزلي و أتي بها إلي »
قال حازم بشئ من الحده فهذا الرجل عنيد للغاية « لن تستطيع أيضاً سيدي فالسيد شهاب لديه علم بسفرتك و أنا لا أستطيع أن أخذك إليه هكذا ليصاب بصدمة أو يتوعك »
قال عامر بغضب و هو يلهث من المجهود الذي يبذله في الحديث ..
« إذن خذني لمنزلك حازم و أت بها إلي أرجوك حازم »
تنهد حازم بضيق ..« حسنا سيدي و لكنك ستتألم حتما من مشقة الطريق »
هز رأسه موافقا..« لا يهمني حازم المهم أن أكون هناك بجوارها أنت لا تعلم أنا ماذا فعلت بها»
تنهد حازم فهو لديه فكرة عما حدث مما رأى من حطام في الغرفة ..
« حسنا فلتسترح اليوم و لنذهب غداً »
هز رأسه معترضا ..« لا الآن حازم هيا ساعدني على النزول للأسفل »
زم حازم شفتيه و هو يساعده ليخرج من الشقة التي أغلقها خلفه و هو يساعده لينزل من على الدرج كان متعرق الوجه من شدة الألم و لكنه لم يشتكي إلي أن أجلسه حازم في السيارة و جلس بجواره خلف عجلة القيادة أسند رأسه على المقعد يغمض عينيه و قد شحب وجهه و ضاق تنفسه مع الحركة أنطلق حازم بالسيارة على مهل حتى لا يزيد حالته سوءا و مع ذلك كان يخرج من بين شفتيه تأوه من حين لآخر زفر حازم بضيق فهو رأسه يابس كالثور هذا الرجل قال حازم ليلهيه قليلاً عن الطريق ..« سيدي آنستي قد أخبرتني قبل أن ترحل أن أبلغك أنها موافقة »
التفت لحازم بقوة و سرعة مما سبب له ألما شديدا فقال و أنفاسه تخرج لاهثة متحشرجة ..« حقاً... حقاً قالت ذلك حازم »
حازم بتعجب للهفته ..« أجل سيدي لقد أكدت لي أن أبلغك بالأمر ما أن تفيق» تنهد عامر و عاد برأسه للمقعد و هو يغمض عينيه و يغرق في النوم و كأنه قد أستنفد طاقته ..
★
فتح حازم باب شقته و هو يساعد عامر على الدخول ..« تفضل سيدي »
أستند عامر إليه فهو حقا يشعر بأن روحه تكاد تزهق و لا يستطيع أخذ أنفاسه أجلسه على الأريكة و هو يسمع صوت زوجته يقول ..« حازم يا وحشي هل أتيت »
أبتسم عامر بوهن فقال حازم مسرعا لتنبيهها ..« أجل عزيزتي و معي السيد عامر »
بعد دقيقتين أتت زوجته شابه في الخامسة و العشرون تصغر حازم بتسع سنوات بشرتها بيضاء ملامحها رقيقة كانت ترتدي ثوب طويل و حجاب طويل تنظر لحازم بتساؤل و هى ترحب به ..« كيف حالك عزيزتي » أبتسم حازم لمعشوقته ..« أنا بخير شيماء السيد عامر متعب قليلاً هل لك أن تحضر غرفة الضيوف عزيزتي »
نظرت لعامر المغمض العينين و يتفصد من جبينه العرق فهزت رأسها موافقة و أتجهت لتنفذ ما طلبه منها زوجها أعدت له الغرفة و أبلغت زوجها أن يساعد عامر على الخلود للفراش كان حازم قد ساعده في تبديل ملابسه بمنامه من عنده فكانت تظهر واسعة عليه قليلاً قال بهدوء ..« و الآن أسترح سيدي ريثما أعد لك بعض الطعام »
أشار عامر بالنفي ..« لا حازم لا أريد فقط سأنام قليلاً حتى تأتي لي بهدية »
رد حازم ..« لا ليس اليوم سيدي فنحن ليلا الآن إذا لم تلاحظ و لا أستطيع جلبها اليوم غداً غداً سيدي أعدك »
زفر عامر بضيق و هو يغمض عينيه قائلاً ..« أسف لإزعاجك و زوجتك حازم »
أبتسم حازم بهدوء مطمئنا ..«لا عليك سيدي أنت فقط أسترح »
و كأن عامر في إنتظار كلمته تلك حتى غرق في النوم خرج حازم مغلقا الباب خلفه بهدوء ينظر للواقفة في الخارج تكتف يديها أمام صدرها تنظر إليه بهدوء تقدم منها مبتسما يقبل رأسها بحنان ..« كيف حال أحبائي اليوم » وضع يده على بطنها الصغيرة فقالت موبخة ..« أنت لم تعد صباحاً كما أخبرتني و تأتي الآن و معك مديرك مريض للمنزل هيا هيا أخبرني كل شئ حازمي و إلا ستتلقى ما لا يسرك »
ضحك حازم و هو يحتضنها ..« هيا إذن عزيزتي لغرفتنا فأنا أريد تلقي بعض حنانك قبل تلقي عقابك لي »
قالت بتذمر .. « حازم قلت أخبرني بما حدث قبل تلقي أي شيء و إلا أن تتلقى سوى غضبي فهمت »
ضحك بمرح ..« حسنا شيمائي سأخبرك فلندخل غرفتنا أولا حتى لا نزعج السيد »
أومأت برأسها و هو يغلق الباب خلفهم ...
أتسعت عينيها بصدمة و دهشة و هو يخبرها بما يظن أنه قد حدث فقالت بضيق ..« و أتيت به هنا حازم أقسم لولا مرضه لألقيت به في الخارج لما فعل بالفتاة المسكينة ..»
أجابها مبتسما بدهاء .. « و لكنه لم يفعل شئ شيمائي هو فقط كان يريد أخافتها أعتقد »
كررت بغضب ..« تعتقد تعتقد حازم أنت قلت أنها كانت منهارة فما أدراك أنه لم يفعل شئ »
ضحك حازم بمكر ..« لأن سيد عامر ليس من هذا النوع صدقيني أنا أعمل لديه منذ سنوات طويلة فقد كنت أذهب إليه في الخارج بأمر من والده و أظل معه لأشهر و أعود هو ليس معوج السلوك كشباب أثرياء كثيرون يجعلون ما يملكون من مال سببا للإنحراف و المجون و لكنه لم يكن هكذا أما ما أعتقد أنه سبب لإنهيار هدية هل ستصدقين أن أخبرتك أنها كانت منهارة خوفاً عليه ظنا منها أنه سيموت فهى ما أن رأتني حتى ظلت تردد ..لقد كدت أقتله حازم لقد كدت أقتله و عندما علمت أنها كسرت له ضلع كادت تفقد الوعي خوفاً و قلقا عليه لقد كانت تريد البقاء معه لولا أن صممت على رحيلها حتى لا يقلق أخيها عليها »
قالت شيماء بتساؤل ..« ماذا يريد منها حازم لماذا لا يتركها فقط و مما أخبرتني به فهى لا تناسبه »
تنهد حازم و قال بأقرار أمر واقع ..« يحبها شيماء يحبها و لذلك لا يستطيع تركها رغم حديثك عن أنها غير مناسبة له و لكنه يعتقد غير ذلك و لذلك يريدها بأي ثمن حتى لو كان تغاضية عن ما فعله أخيها ما بدر منه هو فقط صرخة أستنكار لما علمه »
ثم أبتسم بحنان ..« هل تتذكرين ما حدث معنا و كيف أرتبطنا ببعضنا البعض »
أبتسمت تمسد وجنته الخشنه بشعيراتها القصيرة و هى تعود بذاكرتها لذلك اليوم ..كانت قد ذهبت للتسوق لجلب بعض الأشياء عندما أصتدم بها و أسقط جميع ما تحمل كان يقف بجسده الضخم أمامها فشعرت بأرتجافة خوف من مظهره المتوحش لملمت أشيائها مسرعة لتهرب من تواجده و هو مسمر ينظر إليها بتفحص بدون أن يعتذر أو حتى يساعدها بجمع ما أسقط من يدها بعد جمعها لحاجياتها أسرعت بالهروب من أمامه كانت تهم بالنزول من على الدرج عندما وجدته يتبعها كانت نظراته مسلطة عليها وقف أمامها على الدرج ليحادثها فشعرت بالخوف و قامت بدفعه ليسقط و تكسر ساقه أصر من رأى الحادث أن يبلغ الشرطة فهى تعدمت دفعه أخذته للمشفى في بادرة حسن نيه منها و أنها لم تقصد أن تؤذيه و لكن الشرطة قد أبلغت فعلا و عند سؤاله قال أن خطيبته كانت تمازحه و لم تقصد أن تؤذيه و من وقتها و هو ظل يطاردها إلى أن وافقت على الخطبة والزواج منه
« لا حبيبي لم أنس و لكن وضعهما يختلف عنا في السابق »
ضمها لصدره و هو يجيب ..« فيما يختلف شيماء صدقيني إذا أحب السيد هذه الفتاة فلن يقف شئ في طريقه للوصول إليها تماماً كما حدث معنا حبيبتي »
« هل ستأتي بها حقا غداً كما طلب منك » قالتها و هى تستند برأسها على صدره و تضم خصره بيديها ..فأجابها ..« أجل فهى أيضاً تريد الأطمئنان عليه بالتأكيد ..عندما ترينهما ستفهمين ما أتحدث عنه صدقيني أنا أعتقد أنهما يحبان بعضهما و لكنه فقط العناد هو ما يحركهم » قبل رأسها و هو يقربها منه قائلاً ..« كفى حديثا عن قصة حب السيد و لنتحدث في قصة حبنا نحن فاتنتي »
ضمته بحب .. « يال قلبي من حديثك الحلو هذا يا وحشي و لكنك معاقب يا سيد و لن تتلقى مني شيئاً اليوم لوجود مديرك هنا »
أجاب بتذمر ..« و لم العقاب » أمسكت أذنه تشد عليها ..« لقد أخبرتني أنك أت في الصباح و لكنك لم تأت »
حازم بهدوء ..« حمدا لله أني لم أن شيماء و إلا ماذا كان سيحدث للسيد عامر و تلك المسكينة لقد كان من حسن الحظ أني كنت في الجوار و إلا كانت سأت الأمور أكثر ..هيا أستريحي من قلق اليوم »
أخذها بجواره يحتضنها ليستمع لتنفسها الهادئ ..
★
نهض صباحاً يتأوه بضعف و هو يضع يده على صدره يريد أن يضغط لعل هذا الألم يذهب شعر بتنفسه يضيق مع الحركة فعاد و أستلقى مرة أخرى .. دخل حازم وجده على حالته تلك فقال بقلق ..« هل أنت بخير سيد عامر » كان يحمل صينية عليها بعض الطعام و كوب من العصير و أخر من الماء ليتناول دواءه وضعها على الكمود بجوار السرير و هو يساعد عامر ليجلس و يستند بظهره على الوسائد التي رصها حازم خلفه قال عامر بخفوت ..« أنا بخير حازم هل تحدثت مع هدية »
هز حازم رأسه ..« ليس بعد سيدي فالوقت مازال باكرا تناول فطورك سيدي لتأخذ دواءك »
هز عامر رأسه ..« لا لا أريد حازم فقط أريد الحديث مع هدية أرجوك »
أجابه بحزم ..« إذا تناول فطورك سيدي و تأخذ دواءك حتى تستطيع مقابلتها و أنت بصحة جيدة حتى لا تقلق و ترتعب لمرأك ضعيفا »
تنهد بضيق ..« حسنا حازم و لكن أعطاني هذا العصير و الدواء فقط »
لم يرد حازم إجباره فنفذ له ما أراد ثم بعد أن تأكد من تناوله دوائه قال بحزم ..« أسترح الآن ريثما أتحدث معها » عاد عامر ليستلقي على الفراش و قد شعر بالنعاس أخذ حازم ما جلب و خرج لشيماء القائلة ..
« ألم يأكل أيضاً » هز رأسه ..« لا أعتقد أنه متوتر في إنتظار لقائها لم أستطع الضغط عليه لعلها حين تأتي تقنعه بتناول البعض منه »
سألته بشك ..« لما أنت متأكد هكذا أنها تهتم به »
أجابها بخبث ..« ستعلمين فيما بعد و ليس الآن و كفي عن أسئلة المحققين تلك ريثما أتحدث معها على الهاتف .»
★
أسرعت بإلتقاط هاتفها ما أن رن حتى فتحت بلهفة تجيب المتصل ..
« حازم هذا أنت »
أبتسم حازم بمكر و عيناه تلمع بالنصر ينظر لزوجته ..« أجل آنستي هذا أنا حازم »
قالت بلهفة ..« كيف هو حازم هل هو بخير أجبني أرجوك »
كاد ينفجر ضاحكا و هو حقا يتأكد من ظنه .. حقاً هذان الإثنان يحبان بعضهما ..« أجل آنستي هو بخير و يريد رؤيتك »
قالت بأمر ..« تعال و خذني فوراً حازم ستجدني في إنتظارك في الأسفل ما أن أبلغ أخي أني ذاهبه لموعد مع صديقة »
قال ..« حسنا بعد نصف ساعة سأكون عندك »
قالت بقلق ..« لا لا تتركه وحيد حازم أبعث لي بأحد رجالك فأنا لا أعرف أن أعود هناك مرة أخرى وحدي »
هدئها حازم ..« آنستي السيد هنا في منزلي و هو قريب من هنا لا تخشي شيئاً لن نتأخر عليه»
تنهدت براحة ..« حسنا في إنتظارك أقفلت معه و بدلت ملابسها و أستأذنت من أخيها المتعجب من حالها منذ الأمس و خرجت تنتظر حازم ليقلها رأته يقف بالسيارة على الجانب الآخر من الطريق فأسرعت إليه و هو يفتح لها باب السيارة لتجلس بهدوء و هو يقود مسرعا قليلا متجها لوجهتهم فتح حازم الباب و هو يقول ..« تفضلي آنستي هو هنا في تلك الغرفة » سمعت صوت زوجته تناديه ..« حازم هل أتت هدية معك » أبتسم حازم بيأس .. قائلاً بمرح ..« زوجتي شيماء و تعرف انك خطيبة السيد و أتيه لتريه تفضلي »
كانت شيماء تخرج مسرعة من الداخل لترى من يقول حازم أنها سارقة قلب مديره قالت بمرح ..« أنت هدية أليس كذلك
أبتسمت هدية ..« و أنت شيماء أليس كذلك »
ضحكت شيماء ..« يبدو أن وحشي أخبرك تفضلي بالدخول عزيزتي »
دخلت هدية و شيماء تقول ..« تريدين تناول بعض العصير قبل لقاء خطيبك »
هزت رأسها نافية ..« لا أريد أن أرى عامر أولاً أرجوكي هل أستطيع »
أجابت شيماء مبتسمة برقه ..« أكيد حبيبتي تفضلي هذه الغرفة هناك »
دلفت هدية للغرفة بقلق تاركة وراءها الباب مفتوح عندما وقعت عيناها عليه ...
الفصل الثاني عشر
دلفت هدية للغرفة وجدت عامر غارقا في النوم كان يرتدي منامة زرقاء واسعة قليلاً تظهر رباط صدره الأبيض كان وجهه مازال شاحبا و يتنفس بصعوبة لمعت عينيها بالدموع و هى تتذكر ما فعلت به بالأمس أقتربت منه تجلس بجواره على الفراش تهمس بقلق ..« عامر »
شعر بوجودها و سمع همستها الخافته فتح عينيه بقوة و هو يعتدل في فراشه بسرعة ألمته و كادت توقف أنفاسه فتأوه بصوت عال و هو يمسك بصدره بألم غرق وجهها بالدموع و هى ترى معانته فقالت معتذره ..« أنا أسفة سامحني أرجوك أنا لم أقصد إيذائك صدقني و لكني شعرت بالرعب مما تنوي فعله بي لقد كان رد فعل طبيعي لما تفعل »
شعر عامر بضيق في صدره و هو يرى حزنها سب نفسه مرارا لتعريضها لهكذا موقف و هو يفكر هل كنت سأفعل هذا بها حقا هل كنت تماديت إذ لم توقفني وقتها كل ما يتذكره حقا هو رغبته بها و عدم قدرته عن الإبتعاد عنها أغمض عينيه بألم ناعتا نفسه بالغباء يا إلهي كنت ستصبح مغتصب معتدي عامر إذ لم توقفك هذه الصغيرة لم يستطع أظهار ندمه و ضيقه مما حدث أمامها ماذا ستفعل أن أعتذر منها و أبدى ندمه مؤكد ستتركه ستهرب بأقصى سرعة منه لا لا تعتذر عامر أتركها لتظن أنك مازلت غاضبا منها و من أخيها قال عامر بصوت خرج أجشا و هو ينظر لعينيها الدامعه ..« ستخبرين أخاكي أنك ستتزوجين بي الآن و لتقنعيه بذلك لأنه إذا لم يوافق فسيكون مصيره كما أخبرتك هدية هل فهمتي »
هزت رأسها بحزن و لم تستطع أن تنطق شاعره باليأس كيف وصل الحال بها هكذا خطيبة مؤجرة و زوجة مجبرة كيف ..؟؟
دخل حازم بالطعام و الدواء فزفر عامر بضيق فأبتسم حازم بمكر ..
« الطعام سيدي حتى تأخذ دواءك »
كتم عامر غيظه و هو يجيب ببرود ..« عندما ترحل هدية ليس الآن حازم فلتنتظر قليلاً »
رد حازم ..« لما لا تأكل معك سيدي لقد جلبت من الطعام ما يكفى لكليكما و أنت لم تتناول الطعام منذ الأمس سيدي و سيتأخر شفائك هكذا »
التفتت إليه هدية تعقد حاجبيها ..« ألم تتناول الطعام منذ الأمس لماذا»
أجابها بغلاظة ..« و ما شأنك أنت هذا شئ يخصني »
قالت بغضب ..« بل يخصني أيضاً فأنا من تسبب في ذلك و سأشعر بالذنب إذا ساءت حالتك » ثم أكملت موبخة كمعلمة توبخ تلميذ لها فاشل في الصف ..« هيا تناول الطعام أمامي قبل أن أرحل و كف عن غرورك و تعنتك و أقلاق الجميع فالكون لا يدور حولك »
قال من بين أسنانه ..« قلت لا أريد الا تفهمين و أنا لست مغرورا أو أتعمد مضايقة أحد »
أجابته بتصميم ..« فلتأكل أذن و كفى تتصرف كالأطفال فإن لم تتناوله بأرادتك ثق بأني سأجبرك على تناوله هل فهمت »
خرج حازم و أبتسامة نصر تزين فمه
الزفاف بعد شهر
« هدية هل أنت جاهزة »
قالها سيف بضيق فهو مازال غاضبا منها ..عاد بذاكرته قبل ثلاثة أسابيع عندما أتت إليه تطلب منه أن يوافق على زواجها من عامر الآن فهى قد علمت أن نتيجة إختباراتها كانت إيجابية و قد نجحت و أنتهت دراستها و ليس أمامها دراسة أخرى و أنها لا تريد أن تعمل على إيه حال و لم ترد أن تنتظر أكثر فهى تحب عامر و تريد البقاء معه حاول إقناعها بالتريث قليلاً لتتعرف عليه أكثر لعلها تعرف عنه ما يكفي و لكنها أبت أتي عامر بعد أسبوع ليحادثه و يحدد موعد الزفاف و لكنه رفض و ثار و قال إنها مازالت صغيرة لم يتعجل الأمور و لكنه أجابه بتصميم أن هديته موافقة و مستعدة للزواج الآن ..وجد أنه المعارض الوحيد بعد رؤيته لحماس عمه شهاب هو الآخر مؤكداً أن هدية ستكون بخير و أنه سيهتم بها و عامر معا لم يجد بدا من الموافقة كان قد تعرف على حازم و زوجته شيماء التي أتت لتساعد هدية في التحضير للزفاف فكانت تذهب و إياها لشراء كل ما يلزم هدية كانت أخته في واد أخر لا تأكل لا تنام شحب وجهها و نقص وزنها قليلاً فكان يهدء نفسه عن التغير الذي يحدث معها بأنه توتر ما قبل الزواج و هى لصغر سنها و عدم وجود أم تساندها و تأزرها و تنصحها ظن أن تكون تمر بوقت عصيب لذلك فكر كثرا أن يخبر هدية عن رؤى لتعلم من أي نوع من البشر زوجها المستقبلي و لكنه لم يستطع أن يكسر بقلبها و هو يعلم أنها تحبه و لم يرد أن يكون هو سبباً في نهايتها و حزنها لذلك كتم الأمر واعدا نفسه أنه سيكون قريبا منها أكثر ليساندها و يحميها كما يفعل دوما فليس أمامه حل آخر عاد من أفكاره على صوت فتح الباب و هى تخرج كان فستان زفافها الأبيض يحتضنها كالأم التي تضم صغيرها بذيله الطويل المزين و كتفه العاري و الآخر طويل ضيق بتطريزه الامع و خصرة الضيق كان شعرها الأسود لامع مزين بتاج من الزهور الماسيه على الجانب و زينة وجهها الهادئة التي أخفت شحوب وجهها كانت تبدو كأميرات الحكايات الخرافية التي يسمع عنها نظر لعينيها الدامعه فرفع أصبعه محذرا ..« لا تبكي » ألقت بنفسها بين ذراعيه تضمة بقوة و هى تؤكد لنفسها أنها تفعل الصواب و الأمر الصحيح فهى لا تقدر على تحمل أن يؤذى سيف أو يصيبه مكروه تذكرت حديث حازم عندما أخبرها أن عامر لا يؤذي أحدا ما لم يؤذيه أولاً و سيف فعل و لولا خشيتها من عواقب سؤالها لسألته لم فعل ذلك بعامر هل من أجل المال كما أخبرها عامر و لكن ..لا .. فأخيها ليس من هذا النوع و إلا كان وافق على العمل لتلك الجريدة الكبيرة عندما طلبوا منه و لكنه أخبرها وقتها أنها جريدة غير شريفة و تقوم على نشر الفضائح وقتها كان يستطيع أن يحصل على ما يريد من مال و ليس راتبه البسيط الذي يحصل عليه من جريدته و رغم ذلك كان يأتي براتبه كله و يعطيه إليها و لولا أنها تصر عليه ليحتفظ ببعض منه ما أخذ شيئاً قائلاً أن تنقلاته على الجريدة و لا يحتاج للمال في شئ لذلك كانت تحتفظ بالجزء الأكبر منه له حتي إذا أراد أن يتزوج يوما إذا ليس المال هو ما دفعه لفعل ذلك و لكن ما هو ..يا إلهي ساعدني ليطمئن قلبي عليه قالت هدية له ببكاء و هى تزيد من ضمه إليها ..« أحبك أخي كن متأكدا من ذلك » قال سيف بحنان و هو يضمها بقوة و دموعه تغرق وجهه ..
« و أنا أيضاً صغيرتي أحبك أكثر من روحي أنت حياتي هدية أختي و ابنتي و عائلتي فقط كوني سعيدة يا صغيرتي حتى يطمئن قلبي أرجوكي »
كان يقف يستمع لحديثهم و يرى تعلق هدية بعنقه كان يشعر بشعور حارق داخله لم بعد أن علمت ما فعله معه مازالت تفضله على نفسها حتى لقد قبلت الزواج به فقط لتحميه هو ود لو نزعها من بين ذراعيه و أخبره أنها أصبحت له له وحده و أنه سيكون من اليوم كل حياتها هم بأن يتقدم فأمسك والده بيده بقوة قائلاً بخفوت محذرا ..« أتركهم عامر فهذا صعب على كليهما دعهم يتخطون الأمر بدون تدخلك »
قبض على يده و تسمر و هو يشاهد تعلق هدية بأخيها أكثر فأكثر من يرها يظن أنها ذاهبه للموت و ليس لبدء حياة جديدة و كيف ذلك و أنت إبتززتها عامر سخر من نفسه و هو مازال واقفا بجوار أبيه ..
أبتعدت هدية عن سيف تنظر له فرفعت يديها تمسح دموعه عن وجهه بحنان وهى تقبله أسفل عينيه قائلة بتحذير مرح ..« لا أريد رؤية هذه مرة أخرى و إلا غضبت منك سمعت »
هز رأسه موافقا في مرح ليخرجها من حزنها ..« هيا يا عروس لقد تأخرتي على زوجك المستقبلي »
تقدم عامر في ذلك الوقت بعد أن ترك أبيه يده وقف أمامها يتطلع على ثوبها بذراعه العارية و يظهر عنقها زم شفتيه بضيق محذرا نفسه ..أهدء عامر ليس اليوم ليس اليوم فيما بعد عامر تخطي الأمر الآن حتى لا تسوء الأمور ..رفعت وجهها تنظر لملامح وجهه المغلقة ببذلته السوداء الأنيقة لا تعلم لم يرتدي العريس الملابس السوداء دوماً الا يوجد ألوان غيره كان جذابا و هو يقف أمامها بطوله الفارع و ينظر إليها بغموض أثار حفيظتها مما يضمره لها اليوم ..أمسك بيدها قائلاً ببرود ..« هديتي هل نذهب »
أنقبض قلبها و هزت رأسها بصمت و تحركت بجواره و هو يمسك بذراعها تقدم شهاب ينظر إليها بحنان فلمعت عيناها متذكره كل مواقفة و وقفاته معها فقد عوضها حنان والدها الراحل قالت هامسه ..« أبي » تقدم منها وضمها بحنان قائلاً ..« مبارك لك يا حبيبتي أتمنى لك كل السعادة »
تنحنح عامر بضيق قائلاً بنفاذ صبر ..« هيا أبي هذا يكفي لقد تأخرنا »
أبتسم شهاب بخبث ينظر لعامر المحترق غيره أولا من سيف و الآن منه ما به ولده قد أفقدته هدية عقله أبتعد شهاب ..« حسنا يا ولدي هيا بنا حتى لا نتأخر كما يقول عامر » غمز له بعينيه مبتسما بمكر مما جعل عامر يشيح بوجهه في ضيق و هم يتحركون للذهاب للقاعة من أجل الزفاف »
★
كان يقود السيارة صامتا ينظر إليها من وقت لآخر و هى تستند برأسها على المقعد مغمضة العينين متجاهلة وجوده كما تجاهلته طوال حفل الزفاف تبتسم في وجه أخيها و وجه والده و كل من يأتي مهنئا إلا هو كان يسيطر على أعصابه طوال الوقت و هو يراها تراقص أخيها تاره و أبيه تاره أخرى و لولا رفضه لرقصت مع نصف الحضور في الزفاف بثوبها هذا عاري الكتف و وشمها الذي ترسمه بالحناء من عنقها لأصابع يديها أنصرفا وسط دموعها و أحضانها لأخيها و كأنها لن تراه مرة أخرى زم شفتيه بغيظ فهى منذ أتت لرؤيته لدي حازم و هما لم يتحدثا معا فقط أخبرت أخاها بموافقتها و تركت له الباقي لينصرف و يرسل والده ليحدد موعد للزفاف تم كل شئ بسرعة تحديد الموعد و تجهيز حاجياتها و حجز قاعة الزفاف و تجهيز غرفته في منزل والده و تجديدها فهو أراد أن يمكث مع والده فترة حتى يتفاهما متحججا بعدم مقدرته لترك والده وحده و لكن السبب الأكبر أنها ستكون حذره في معاملته أمام والده و لن تستطيع أن تظهر له البرود الذي يراه في تصرفاتها تجاهه كلما تقابلا منذ أجبرها على قبول الزواج و إلا أدخل أخاها السجن ..سب نفسه بصمت و هو يضرب الموقد بخفه حتى لا يزعجها إذا كانت نائمة لقد أبتزها لتوافق على الزواج به ماذا كان ينتظر أن تأخذه بالأحضان و لكنه لم يكن لديه خيار آخر لتبقى معه فهى كانت ستتركه بعد مرور الأشهر الستة و لم يكن ليجازف و يتركها لتختار بين أن تكون معه أو تتركه ماذا كان سيفعل لم يجد غير هذه الطريقة و معرفته بأن سيف هو المسئول عما ينشر بقدر ما أزعجته و أحرقت أعصابه من شدة الغضب إلا أنها كانت له كطوق النجاه بالنسبة له حتى يجد سببا لإبقائها معه و لو بالقوة لعل مع مرور الوقت تتقبل الأمر و تحبه كما يحبها و تتقبله في حياتها متناسيه ما حدث منه فيما مضى و لكن ها هى لا تستطيع النظر في وجهه ..قال عامر بصوت حانق غاضبا من برودها ..« هدية هل أنت نائمة »
فتحت عينيها التي نظرت له بشرود و كأنها لا تراه مما جعل عواصفه تثور ثم و كأنها أفاقت من شرودها فنظرت للظلام من حولها في الخارج و هى ترى الطريق يكاد يكون خاليا إلا من بعض السيارات القليلة الماره مسرعة بجوارهم ..« إلى أين تأخذني عامر » قالتها بضعف قلق و هى ترى إشارات الطريق المضائة لمكان وجهتهم قال لها بتأكيد لظنونها ..« ذاهبان لشقتي في الساحل هدية تعرفينها »
أصدرت صوت مستنكر تشعر بالغثيان يجتاحها فأخذت أنفاسها بعمق و هى تتذكر رحلتها الأخيرة إلى هنا و ما حدث وقتها تنفست بهدوء شهيق ..زفير حتى ذهب شعورها بالغثيان فقالت برجاء عندما أستجمعت بعض قواها ..« الا يمكن أن نذهب لفندق ما عامر أو حتى نعود للمنزل أرجوك لا أريد الذهاب إلى هناك »
خفق قلبه و شعر بالإشفاق عليها و لكنه قسى قلبه و هو يجيبها ببرود فهو يريد أن تتخطى هذا الوقت تحديدا الذي أرعبها فيه هناك و هذا هو الوقت المناسب لذلك فهو لا يستطيع أن يخطو أي خطوة في تحسين علاقتهم و التفاهم ما لم تنسي هذا الوقت و تسامحه عليه ..«لا لن نذهب لمكان آخر لما أذهب لفندق و لدي شقة تطل على الشاطئ و أمامها حديقة رائعة سنستمتع بالسير فيها سويا عند الظهيرة»
قالت ببعض اليأس ..« حسنا فلنذهب للمنزل عامر أنا لا أريد المكوث هناك رجاءا »
رد بحزم. محذرا أن تعترض على حديثه مرة أخرى ..« قلت لا أنا أريد البقاء معك وحدنا بدون مضايقة من أحد »
أرتجف جسدها و خفق قلبها و كاد يتوقف من حديثه المبطن و عقلها يهيئ لها صوراً و مشاهد مما يمكن أن يحدث لها هناك و هى معه وحدهما تجمدت في مقعدها صامته و لم تجادل فهو رأسه صلب و لن يستمع سوى لصوته .. توقفت السيارة فأستدار لفتح لها الباب يحسها على النزول و لكنها ظلت متجمدة في مقعدها فزفر بحنق و أمسك يدها بقوة يشدها لتهبط فخرجت بإستسلام أغلق الباب بعنف و هو يشدها خلفه للبنايه كالذبيحة رفعت ثوبها بيدها الحرة حتى لا تسقط على وجهها و هو يشدها بدون أهتمام بها فتح الباب و أدخلها و أضاء المصباح وقفت وسط الحجرة مسمرة لا تتطلع حولها خوفاً أن ترى ما حدث سابقآ أو تسمع ما قيل وقتها زجرها عامر فهو يعلم فيما تفكر الآن فهو ما يدور في عقله أيضاً ..« هدية لما أنت مسمرة هكذا هيا تحركي لتبدلي هذا الثوب الذي يعيق حركتك »
شحب وجهها و أهتز جسدها تكاد تسقط و هى تظن أسوء الأمور من خلف حديثه هذا ..سقطت عند قدميه ترجوه و هى تبكي بكاء هستيرى جعل قلبه يسرع في دقاته و هو ينظر إليها بذهول مصدوما مما يحدث كانت تمسك سرواله بيدها تقول برعب..« أرجوك عامر أرجوك أتركني اليوم لا تفعل بي هذا أرجوك أتوسل إليك ليس الآن عامر ليس الآن سأموت عامر صدقني »
كان ينظر بذهول لما تفعل و لسانه عاجز عن الحديث ..أنهضها من على الأرض و هو يشعر بالحزن لما يفعله بها و ما يوصلها إليه أحتضنها بقوة يهدئها و هى تقاومة في فزع تحاول إبعاده فهمس عند أذنها و هو يتشبث بها ..« أهدئي هديتي حبيبتي أهدئي لن يحدث شئ صدقيني أنا لن أؤذيك هدية أطمئني »
يا إلهي هو حقا ما كان ليؤذيها أو يجبرها على شئ رغم شوقه إليها ولكن أيضاً يعلم أنها صغيرة وتحتاج بعض الوقت ليتقربا من بعضهما و لكن يبدو أن عقلها المتعب صور لها أنه سينقض عليها ما أن ينفرد بها يا إلهي هل تراه وحشا لهذا الحد تراه مسخا لا يهمه سوى أرضاء رغباته كان جسدها ينتفض بين ذراعيه فضمها أكثر مهدئا ..« كفى حبيبتي أهدئي » سار بها تجاه غرفة النوم التي كان بها المرة الماضية و هو يقول بهدوء ..« أنت متعبه الآن فاليوم كان مرهقا فلتستريحي الآن و سوف نتحدث في الصباح أتفقنا »
همهمت بضعف و هى تسير معه تستند على جسده أجلسها على الفراش و قال ..« هل تستطيعين تبديل ملابسك ام ستنامين بثوبك »
أبتسم عندما وصله جوابها و هى تستلقي تعطيه ظهرها و تضع يدها أسفل وجنتها لتغمض عينيها و يهدء تنفسها فعلم أنها متعبه للحد الذي ليس بمقدورها تبديل ملابسها حتى.. رفع عليها الغطاء الخفيف ليدثرها أطفاء المصباح و أغلق الباب خلفه تاركا إياها تنعم بنوم هادئ لليوم على الأقل ..
★
أستلقى على الأريكة في غرفة الجلوس شارد فيما حدث خلال الأيام الماضية ما بين علمه بأمر سيف لإجبارها على الزواج و الزفاف لم يتحدثا معا رغم أشتياقه إليها خشة أن يقابلها فيضعف و يتركها عندما يرى حزنها فحازم كان يبلغه بما يحدث معها أولاً بأول فزوجته شيماء و نادرة هن من ساعدنها لتجهيز كل شئ للزفاف أيضاً لم يواجه سيف بما علمه عنه حتى لا تبطل حجته في الزواج من هدية فهو يعلم أن سيف إذا علم بما عرفه عنه فهو لن يسمح له بالزواج من هدية لو تعفن في السجن و أزهقت روحه كان مرهقا للحد الذي غرق في النوم هو الآخر بدون تبديل ملابسه أو حتى تناول أي طعام منذ الصباح من شدة التوتر ... لا يعلم ما أيقظه فهب قائماً ليجد أن ضوء الشمس قد أغرق الغرفة من النافذة الزجاجية ..تلهف لرؤيتها و ما إذ كانت أستيقظت أتجه إليها وجدها مازالت نائمة فأغلق الباب بهدوء و أتجه للمطبخ يعد لها طعام الفطور حتى يستطيع أن يوقظها أتجه بصينية الطعام للغرفة و دفع الباب بقدمة وضعها على الطاولة بمنتصف الغرفة فهو قد أضاف للغرفة مقعدين مريحين و طاولة بجانب الغرفة حتى إذا أحبا الجلوس قليلاً قبل النوم .. جلس بجانبها على الفراش ينظر لشعرها المشعث و وجهها الملطخ بالزينه و حمرة شفتيها التي لطخت الوسادة البيضاء .. مال عليها يقبلها برقة على وشم الحناء على عنقها فتململت قليلاً و عادت للنوم فأبتسم و هو يعود ليدفن وجهه في عنقها يشتم رائحتها و شفتيه تمر على عنقها بشغف مارا على وجنتيها برقة واصلاً لشفتيها التي ما أن لمسهما فشعرت بوجوده فهبت صارخه فزعا بصوت خافت و هى تبتعد عنه لأخر الفراش فأبتسم قائلاً برقة مدعيا أنه لم ينتبه لفزعها منه ..« صباح الخير حبيبتي هيا هديتي لقد أعددت لك طعام الفطور و لكن تأكدي أنه سيكون الوحيد فأنا سأنتظر أن أتذوق طعامك أنت هديتي »
نظرت إليه بقلق خائفة من التحرك فينقض عليها و كأنه على علم بما يدور في خلدها فقال بمرح يطمئنها ..« هيا أنهضي لتذهبي للمرحاض و تبديل هذا الثوب فنظر لذراعها العاري بوشمه فقال بغيظ محذرا ...
.« أعلمي هديتي أن ملابسك ستكون من أختياري فأنا لن أدعك ترتدين مثل هذه الملابس الفاضحة أبداً »
أحمر وجهها فهى تعمدت أن ترتدي شئ عاري في الزفاف فقط لتضايقه رغم رفض شيماء و خالتها نادرة على ثوبها و لكنها أصرت أن ترتديه و لكنها تركت أختيار باقي الملابس لهم و لم تتدخل ..قالت بصوت متحشرج و هى تنتبه لمحيطها للمرة الأولى منذ قدمت فوجدت كل شئ قد تغير الغرفة السجاد الستائر كل شئ ليس كالمرة السابقة فتعجبت للأمر ماذا يقصد بهذا الفعل هل يظن أن بذلك سيخفف عنها سألته ..« أين ملابسي أريد أن أخذ منها لأبدل ثوبي »
أشار للخزانه الكبيرة قائلاً ..« هنا كل شئ مرتب خذي ما تريدين و أذهبي للمرحاض لتبديلها » و أشار للباب بجانب الغرفة أخذت بعض الملابس و أتجهت مسرعة للمرحاض أغلقته خلفها بقوة فأبتسم و هو يأخذ هو الآخر بعض الثياب و يخرج ليبدلها في الغرفة المجاورة و التي يعتقد أنها ستكون محل أقامته في الأيام القادمة لأنه لا يعتقد أنها ستسمح له بالمكوث معها في غرفتها و لكن فليحاول و لا يستبق الأمور لعلها تهدء و تعفو عنه أرتدى بنطلون بيتي و تيشرت و أتجه للغرفة مرة أخرى وجدها قد تحممت و بدلت ملابسها و أزالت زينة وجهها الملطخة و شعرها المبلل بخصلاته القصيرة المشعثة أرتدت فستان طويل مقفل بأكمام طويلة فشعر بالغضب فقال ساخرا ..« حبيبتي عندما أخبرتك أن ترتدي الملابس المحتشمة لم أقصد أن ترتديها أمامي »
كانت قد أستعادت بعض ثقتها تدرس نقاط قوتها و نقاط ضعفها حسنا نقطتيها الهامتين هما أولاً ... سيف ..هو لن يبلغ عن سيف أو يؤذيه و الأخرى هى والده لن يسمح لنفسه أن يكون السبب في خذلان والده عندما يعلم بصفقتهم من بدايتها و خطوبتهم المزيفة أو زواجها بالغصب و التهديد أما نقاط ضعفها فهى تتمثل في نقطة واحدة هى عامر نفسه أجل أنه نقطة ضعفها الوحيدة التي يمكن أن تكون سبباً في هزيمتها أمامه لا يجب أن يعلم أنها متعلقة به لا يجب أن يعلم أنها تحبه أجل تحبه فهى لم تعترف بذلك من قبل حتى لنفسها و ها قد جاء الوقت للأعتراف أجل تحبه منذ رأت صورته في أشياء أخيها تحبه منذ رأته و حدثته عندما أرسل لها رجالة ليجلبوها كالرهينه لأرهابها تحبه و هو يخبرها بصفقتهم التافهة تلك و التي وافقت عليها فقط لتكون بجواره هذا المبتز الحقير الذي أجبرها على الزواج هل يظن أنها قبلت لأجل وظيفة أو تحسين صورتها أمام فتيات كانت ستفترق عنهن بعد أشهر قليلة و لن تراهم مرة أخرى و هل من كل عقله ظن أنها طامعه في وظيفة غبية لديه و أن سيف سيسمح لها بالعمل لدي خطيبها السابق سخرت من نفسها ..يالك من مثيرة للشفقة هدية حتى تقعين في حب وغد مبتز كعامر ..كتفت يدها أمام صدرها تقول ببرود ..« أنا أرتدي ما أريد سيد عامر و ليس ما تريده أنت لقد أخبرتك من قبل أنك لن تتحكم في حياتي فهمت » و أكملت ساخرة ..« و الآن أنا جائعة و أريد تناول الفطور إذا سمحت بدون إزعاج »
أتجهت لطاولة الطعام تحت نظراته المندهشة تجلس براحة لتتناول الطعام بهدوء و هى تشير له أن يأتي ..« الن تأتي لتناول الطعام فأنا لن أعد أي طعام لأحد سوى نفسي و هذا ما سأفعله و إذا لم تعد طعامك بنفسك فلن تجد ما تأكله سمعت » حاول كتم ضحكته فهديته أظهرت مخالبها مبكرًا عما كان يتوقع ..حسنا هدية تريدين اللعب أتفقنا فأنا لاعب ماهر يا فتاة ألعب لأربح و لن أتراجع إلا إذا ربحت قلبك....