
رواية بين الحقيقة والسراب الفصل الثامن8والتاسع9 بقلم فاطيما يوسف
البارت الثامن
بعد مرور اسبوعان على تلك الأحداث في منزل راندا المالكي عصرا حيث تجلس هي وابناؤها يتحدثون في أمور سفرهم الى أبيهم وتجلس أوسطهم،
مهاب على يمينها وسما على يسارها تتحدث اليهم بتوضيح :
_شوفوا ياحلوين انا خلاص قررت ان احنا نسافر لباباكم اونكل باهر الله يرحمه ميت بقى له شهر خلاص مش بإيدينا حاجه نقدمها لخالتو ريم ربنا يديها الصبر يارب ،
واستطردت بنبرة حماسية لأخذها قرار السفر إلي زوجها وحبيب روحها:
_عايزين نسافر لباباكم من غير ما نقول له نعملها له مفاجأة وهو مش هيصدق نفسه، فاكرين من كذا سنه لما عملنا له المفاجأة دي وما كانش مصدق نفسه ان احنا جينا ،
ها إيه رأيكم هتبقوا معايا ولا هتبوظها لي ؟
صفقت سما بيديها كعلامة على فرحتها السفر الى والدها ثم احتضنت والدتها مردده بحماس مماثل :
_واو فكرة جميلة يا مامي إنتي عارفة انا بعشق جو المفاجآت ده واكيد بابي هيطير من الفرحه لما يشوفنا ووعد مني هعمل وضع السايلنت ومش هتكلم نهائي الدور والباقي على الأستاذ مهاب اللي ممكن يبوظ لك الخطه .
قالت سما تلك الكلمات وهي تخرج لعابها لأخيها كعلامه على استفزازها له على سبيل المداعبة ،
اما مهاب قام بإلقاء الوسادة في وجهها مرددا بنبرة اعتراضية :
_شوفي بقى يا ماما البنت دي حطاني في دماغها وهي اللي بتبدا معايا بالاستفزاز الأول اهو علشان خاطر تكوني عارفة وكل حاجه قدامك ،
وأكمل وهو الآخر يخرج لعابه لها ردا على استفزازها :
_لعلمك بقى يا ست سما انا كمان مش هتكلم ولا هفتح بقي علشان خاطر انا نفسي اعمل المفاجأة دي انا كمان لبابا .
أشارت هي بكلتا يديها الى الاثنين مرددة بنفي لأولادها وموضحه عدم رضاها على طريقتهم في الحوار :
_بذمتكم انتم الاتنين ده طريقه حوار ما بين ولد وبنت راقيين خريجين مدارس خاصه ؟!
وتابعت بعتاب لكلتاهما :
_شوفوا بقى انتوا الاتنين إن ما انظبطوش في طريقة الكلام مع بعض مش هنسافر خالص،
ينفع لما تروحوا عند بابي وتبقوا بالمنظر ده قدامه يقول عليا ايه ما عرفتش أربي مثلا !
زمت سما شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحزن ممزوج بإعتذار وتحدثت بنبرة حزينة مفتعلة :
_بالله يا ماما ما تزعليش احنا بنهزر انا ومهاب مع بعض هو في احسن من تربيتك لينا يا ست الكل ،
ثم نظرت الى أخيها وأكملت مرددة بتأكيد على حديثها :
_ صح ولا أنا غلطانه يابيبو ياأحلي أخ في الدنيا ؟
اجابها مهاب وهو يعدل من لياقة قميصه مرددا بنبره إطرائية مسلية :
_ايون انا فعلا احسن اخ في الدنيا بارك الله فيكي يا اخت سما ،
ويا ريت تفضلي على النمط ده على طول علشان احبك واجيب لك شيكولاته وصندل بينور .
ما ان استمعتا الاثنتان الى تلك الكلمات التي خرجت من فاهه حتى انخرطا في الضحك من طريقته المسليه والمضحكه ،
فردت سما قائله بابتسامه :
_مقبوله منك يا بيبو التريقه دي وكل يهون علشان خاطر ست الحبايب ترضى عننا بس وتخلينا نسافر الى دبى بسلام وأمان .
اخذتهم رندا بين احضانها الحنون وتحدثت اليهم بفخر واعتزاز على تربيتها لهم :
_شوفوا يا حبايبي انا عارفه انكم متربيين كويس جدا بس لازمن ما اعديش اي موقف كده ما بينكم الا وأصلحه وقتي حتى لو كنتم بتتكلموا على سبيل الهزار دوري كأم اني اراقب هزاركم وخناقكم وحزنكم وفرحكم لأني انا هنا اللي بقوم بدور الأب ودور الأم ،
وتابعت حديثها باستجواد:
_وانا عارفه كويس انكم ولاد حلوين ومطيعين بس لازم انبهكم اول باول لاني مش عايزين نحس انا وبابا ان عمرنا ضاع هو في الغربه وانا هنا في وسطكم بين الحقيقه والسراب فعايزاكم تعرفوا ان احنا بنضحي بسعادتنا علشان كلنا نبقى مرتاحين فهمتوني يا حلوين .
احتضن مهاب والدته واجابها بنبره محبة وجادة :
_عارفه يا ماما إنتي بالنسبه لي اعظم ام في الدنيا علشان انت فانيه حياتك لينا انا وسما وبابا بكل السبل وبابا كمان اعظم اب في الدنيا علشان عمره ما حسسنا ان احنا ناقصنا حاجه فبالتالي لازم انا وسما نطلع نموذج مشرف للعظماء اللي ربونا وتعبوا علينا .
تنهدت بارتياح مما استمعت اليه من حديث ولدها الذي أثلج عن صدرها ونزل على قلبها كالبرد والسلام الذي نزل على ابراهيم حين كان محاطا بالنار وتحدثت قائله بحنان نابعا من قلبها الجميل لابنائها :
_ربنا يخليكم ليا يا حبايبي ويخلي باباكم اللي تعبان وشقيان في الغربه علشان خاطر يعيشنا في المستوى اللي احنا عايشين فيه ده والحياه ما هي الا تضحيه من جميع الاطراف علشان السفينة مقاديفها ما تنكسرش ونغرق كلنا ،
واسترسلت حديثها وهي تمسك هاتفها لكي تهاتف والدتها مردده :
_انا هكلم تيتا دلوقتي علشان اعرفها على كل اتفاقنا وهخليها طبعا تبلغ جدو جميل وتبلغ خالو رحيم ان الموضوع يبقى في غايه السر والكتمان وكدة يبقي تمام ،
واثناء حديثها استمعت الى رد والدتها عليها قائله باطمئنان:
_ازيك يا امي عامله ايه ؟
وحشتيني جدا يا حبيبتي .
اجابتها والدتها بحب :
_الله يسلمك يا ام مهاب انا كويسه يا حبيبتي وفي نعمه وفضل من الله .
ابتسمت الأخرى وتحدثت باستفاضه شارحه ما تريده من والدتها :
_بصي يا ماما احنا قررنا ان احنا نسافر انا والأولاد لإيهاب علشان نلحق نقضي شهر الاجازه بتاع الترم الاول ونرجع تاني على طول ،
بس احنا حابين نعملها له مفاجأة مش هنقول له ان احنا مسافرين له علشان نشوف رد فعله هيبقى عامل ازاي لما يلاقينا قدامه مره واحده ،
وتابعت حديثها وهي تتخيل شكل زوجها عندما يراهم فجاه قائله بنبره حماسيه :
_بجد يا امي مش عايزاكي تجيبي سيره خالص لو ايهاب كلمك في اي وقت وتنبهي على بابا ما يجيبلوش سيره عشان عارفاه قلبه طيب وممكن يبوظ لنا المفاجأه وكمان تنبهي على رحيم باشا لا يقع بلسانه وبرده يبوظ لنا الدنيا.
ابتسمت فريده من حديث ابنتها وعلى جنونها في الفكر واجابتها باستفسار :
_طب ليه يا بنتي ما تعرفيهوش علشان يستقبلكم في المطار علشان ما تتبهدليش إنتي والأولاد سيبيكي من الافكار المجنونه بتاعتك دي انا كده هبقى خايفه عليكم وطول الطريق مش هبقى مطمنه لحد ما توصلوا،
المره اللي فاتت كنت حاطه ايدي على قلبي وكل شويه اكلمكم .
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وأجابتها بتوضيح:
_بجد يا امي انا نفسي اعملها له مفاجأه وبعدين المره دي الأولاد كبار ومش هيتعبوني ولا تخافي علينا زي المره اللي فاتت وبعدين بسم الله ما شاء الله حفيدك مهاب بقى راجل في الثانويه اهو وما تقلقيش علينا احنا متعودين على السفر وتقريبا حفظنا الطريق بس امانه عليكي يا امي تنبهي على بابا ومش عايزه إيهاب يحس خالص ان احنا رايحين له .
واستمرت في الحديث مع والدتها تسألان كل منهن عن الأخرى باطمئنان على حالهما ثم اغلقا الهاتف ونظرت الى ابنائها وهي تتحدث بنبره سعيدة :
_خلاص يا ابنائي الأعزاء تيته اخذت الفرمان وهتنفذه ونتوكل على الله نجهز الشنط ونحجز التذاكر كمان عايزاكم بقى تبقوا نحله كده وانتم بتجهزوا حاجتكم ومش عايزه اي غلطات انتوا عارفيني مش بحب المفاجآت الصادمه وقت الساعات الأخيرة في السفر .
قفز ابنائها من السعادة العارمه وطمئنوها انهم لن ينسوا شيئا وانهم سيستعدون للسفر على قدم وساق وأن لا تقلق روحها .
وهكذا حال المسافر حين يشتاق لأحضان الغائب بل يبات ويصبح بلحظة اللقاء ويمني قلبه ببهاها وعينه برؤياها ويستشعر مذاقها قبل أن يصل إليها ببضع أوقات .
_______________________________
في منزل زاهر الجمال تجلس تلك الشمطاء التي خططت كيف توقع بريم وان تتغذى بهم جميعا ولن تنتظر حتى ينفوها او يجعلوها كأي قطعه أثاث لا قيمه لها ،
انتظرت تلك الأسبوعان الماضيان وهي تعيد وترتب وتنظم كيف ومن اين تبدا المعركه والتي حتما ستفوز بها كما في مخيلتها ،
وحدثت نفسها بانتشاء :
_دلوقتي انا اديتها فرصه اسبوعين انها تاخد بعضها وتمشي وهي بجحه وعيونها قويه ولا كأني قلت لها اي حاجه ولا اتهزت حتى لما عرفتها اني عارفه بخناقتها هي وجوزها ولا فكرت تغور وتمشي من هنا ،
واستطردت حديثها وهي تضع المشروب البارد كبرود اعصابها على فمها قائله بنبره مفعمه بالشر :
_كده بقى نضرب على الحديد وهو سخن وانزل للكباره اللي تحت واقول لها وافضي لها كل حاجه وأهو نعيش عيشه فل يا تخرب على الكل .
كان ذلك تفكير تلك التافهه التي لم يكن يشغلها شيئا طيله حياتها غير المكائد لريم فحتما هي تكرهها ،
فقد قالوا في المثل ان العين لا تكره الا من هو احسن وافضل منها فلنرى اذا كان صادقا ذلك المثل مع تلك البغضاء ،
ارتدت ثيابها وانتوت النزول الى الطابق التي تسكن فيه والده زوجها مستعده لالقاء القنبله وليحدث ما يحدث ،
هبطت الى الأسفل وفتحت الباب ودخلت كعادتها دون استئذان ،
كانت اعتماد تجلس امام مصحفها تقرا بعض ايات القران الكريم على فقيدها الغالي فهي الى الان داخل قوقعه الحزن كطبيعه اي ام تفقد عزيزها مهما كانت قوتها وشدتها ،
فتحدثت هند باطمئنان مزيف :
_اخبار صحتك ايه يا ماما يا رب تكوني اتحسنتي على العلاج اللي الدكتور ادهولك .
اغلقت المصحف ونظرت اليها بعيون حزينه مردده بلا مبالاة:
_اهو العلاج ده زي اللي فات كلها مسكنات بتسكن الألم اللي في جسمنا لكن ما فيش علاج يشفي الم الروح والحزن على الغاليين اللي فاتوا وسابونا ولا عمرهم هيتعوضوا ولو بكنوز الدنيا .
كانت الاخرى تستمع الى حديثها بلا مبالاه تفكر كيف تبدا حديثها المضوى بالنار ،
تفكر كيف تشعل الفتيله الأولى وبعدها تنطلق،
ثم فركت يديها وقلبت عينيها لكي توضح لتلك الماثله امامها انها تخبئ شيئا فالأخرى بارعه في تمثيل النظرات التي توحي ان ورائها امر ما ،
راتها اعتماد بهذا الشكل فهي تعرف طباعها جيدا لانها تمتلك بضعا من تلك الطباع مردده بتساؤل :
_مالك يا هند بتفركي في ايدك كده ليه وعماله تبصي يمين وشمال شكل ما يكون إنتي عارفه حاجه ومخبياها عليا ،
واسترسلت وهي تضرب علي فخذها :
_ قولي ياهند إللي عندك مبقاش حاجة تزعلني ولا تقهرني ولا تأثر فيا بعد موت الغالي الله يرحمه ويحسن إليه.
شبكت الأخرى يديها وتحدثت بنبره ممتثله بالمكر بعد ان جعلت التي امامها تلقي لها الشباك كي تصطاد بمهاره مرددة بحزن مزيف :
_في حاجه حصلت ولازم تعرفيها ويكون عندك علم بيها وضميري بيأنبني ان انا ما قلتهالكيش لحد دلوقتي ولا قلتها لزاهر ،
واستطردت وهي تومئ برأسها للأسفل بنفس النبرة المصطنعة للحزن :
_الحاجة دي تخص باهر الله يرحمه ولازم تعرفيها ويكون عندك علم بيها ،
علشان لما تعرفي إني كنت علي علم بيها ومقلتلكيش متزعليش وإنتي عارفة كله إلا إنك تزعلي مني .
احست اعتماد بالقلق الشديد وجذبت انتباهها الى تلك الهند بشده ثم تحدثت وهي قاطبه جبينها بتساؤل مغلف بالقلق :
_في ايه اللي إنتي تعرفيه عن باهر؟!
طريقه كلامك قلقتني انطقي بسرعه .
اجابتها تلك الشمطاء وهي مرتبه لحديثها الكائد بطريقه بارعه :
_شوفي انا هحكي لك كل حاجه اعرفها بس امانه عليكي ما تجيبيش سيره لريم ان انا قلت لك حاجه ولا تجيبي سيره لزاهر علشان لو عرف ممكن يطلقني فيها لازم توعديني الاول .
ضربت اعتماد كفا بكف ثم رددت بنفاذ صبر:
_ما تخلصي يا بنتي قلقتيني ورعبتيني اتكلمي وانا مش هقول لحد خالص ومن امتى وانت جيتي فضيتي اللي عندك وانا رحت حكيته لحد خلصي بقى .
تنهدت بارتياح مصطنع واجابتها بهدوء مزيف :
_باهر الله يرحمه في الليله اللي صبح ميت فيها كان بيتخانق هو والست ريم خناقه كبيره هي كانت عايزه تنزل تشتغل في مصنع ما اعرفش ايه تقريبا طالبها بالاسم ،
والخناقه اشتدت ما بينهم جامد لأنه طبعا رافض انها تخرج تشتغل كالعاده وهي النوبه دي كانت راسها والف سيف انها تنزل الشغل وان هو كده بيحجر على موهبتها والحوارات الهبله اللي انت عارفاها دي ،
واسترسلت حديثها وهي مدعيه الحزن :
_المهم كلمه منها على كلمه منه ومش عايزه اقول لك صوتهم كان عالي قد إيه لدرجة فزعونى وأنا نايمة ،قال لها يا أنا الشغل والاولاد ،
اختاري تهدي البيت او نفضل زي ما احنا حياتنا مرتاحين بعيد عن مشاكل الشغل اللي هيجي من وراها اهمال للبيت وللأولاد وليا انا شخصيا وانا مرضاش بكده ،
قامت هي ردت بكل جبروت يا ماما وقالت له هختار الشغل يا باهر ولو مش عاجبك اشرب من البحر .
قالت تلك الكلمات بحرفيه معلم ممتاز يعرف كيفيه توصيل المعلومه لدى طلابه بامتياز ،
مما ادى ذلك الى انصعاق الاخرى التي فقدت النطق لوهله مما استمعت اليه وتكاد تكذب اذنها وتهدئ من تشتت روحها متسائله بهدوء ما قبل العاصفه :
_كلام ايه اللي إنتي بتقوليه ده يا هند انتي عارفه ان الكلام بتاعك ده هيعمل ايه هيخرب البيت وهيجيب عليه واطيه فلو لعبه من الاعيبك اللي طول عمرك بتشتغليها عليا وفاكره انها بتدخل عليا وان انا بشتريها يبقى ورب الكعبه لا هتشوفي اللي عمرك ما شفتيه في حياتك هوريكي الويل ويلات لو طلع الكلام اللي انت بتقوليه ده مش حقيقه .
انزعجت الأخرى باصطناع ونظرت إليها مردده بثقه وتأكيد :
_تشكري يا ست الكل على تكذيبك ليا بس هاتي لي مصحف دلوقتي واحلف لك عليه ان اللي انا قلته لك ده هو اللي حصل هو انا مش عارفه ان الكلام ده خطير وهاتيها ونقعد قدام بعض كده وهي تحلف وانا احلف ان اللي انا قلته ده ما حصلش وساعتها هتتأكدي اني بتكلم صح وجد الجد هو انا عبيطه يعني علشان أخرب بيتي بايديا ،
وتابعت حديثها بنبرة صوت حزينة :
_ما كانش العشم تكدبي مرات ابنك الكبير هو انا ليا غرض ورا الكلام ده يعني كل اللي انا عايزه اقوله لك واوضحه لك اني سمعت حاجه بمحض الصدفة ولازم تعرفي بيها لأن دي مش حاجه سهله ولا قليله .
قامت اعتماد من مكانها بغضب عارم وكأن الشياطين الجن والانس تجمعوا امامها وعزمت على ان لا تمرر الامر مرور الكرام وستنتقم لعزيز عينها ان صدقت تلك الماكره الكائده في حديثها ,
فتحت باب شقتها ونادت بعلو صوتها مرات متتالية:
_ريييييييييم إنتي يارييييييييييم انزلي لي هنا حالا .
______________________________
في منزل مالك الجوهري عصرا
حيث يهبط مالك الدور حاملا حقيبه السفر في يده وكان بالأسفل والدته واخيه يتطلعون اليه باستغراب فرددت والوالدتهم باستفسار :
_ايه شنطه السفر ديت يا مالك وانت رايح فين هو ميعاد سفرك النهارده ياحبيبي ؟
استمع الى سؤاله واجابها بابتسامه مهذبه وهو يضع حقيبه يده ارضا ممسكا بيديها مقبلهما بحب :
_اه يا حبيبتي قدمت الميعاد وعندي طياره بالليل بس هروح على المصنع الاول فيه شويه حاجات اظبطها هناك وبعدين همشي من بره بره على طول ادعي لي يا امي ربنا يوفقني في سفريتي دي وارجع منها مجبور .
غصبا عنها انسدلت الدموع من مقلتيها على سفر عزيزها الغالي قائلة بنبره حزينه :
_طب ليه ما قلتليش يا مالك ان انت مسافر النهارده؟
ينفع كده تقول لي وانت ماشي والله انا زعلانه منك بجد .
عندما رأى دموعها تهبط على وجهها كعاده كل مره يسافر فيها الى الخارج قبل يديها وتركهما وجفف دموعها بأصابع يديه بحنان لتلك الأم الحنون مرددا :
_علشان دموعك اللي بتنزل دي يا امي كل لما اجي مسافر كل مره بعرفك من قبلها بكذا يوم وتفضلي تعيطي وتوجعي في قلبك واعصابك وكده خطر عليكي وعلى صحتك فانا قررت من الأفضل اني ما اقولكيش غير وانا ماشي ،
واستطرد حديثه بمحايله :
_رجاء يا ماما ما تعيطيش بقى وتفضلي تعمليها مناحه لحد ما ارجع كلها شهر وراجع هحضر الأتيليه السنوي ،
وهتابع مع الدكتور اللي انا قلت لك عليه وهرجع لك على طول يا ست الكل وبعدين الفيديو كول ما سابش حاجه دلوقتي وما خلاش حد بيوحش حد .
زمت شفتيها باعتراض على كلامه وتحدثت باعتراض:
_لا يا حبيبي انا ما بقتنعش بالفيديو كول والحاجات اللي انت بتتكلم عنها دي ،
انت عارف ان ما كنتش اتصبح بوشك كل يوم والمسك واخدك في حضني ما استريحش تروح وتيجي بالسلامه يا نور عينيا وخلي بالك من نفسك وبإذن الله ترجع من هناك منصور والشفاء يبقى ملاحقك يا حبيبي .
وظلا يودعان كل منهما الاخر بحراره الام وولدها ثم انتهوا من الحديث ناظرا مالك الى اخيه قائلا له :
_بقول لك ايه يا مازن انت دلوقتي اتدربت كويس على الشغل بقى لك فترة اهو عايزك تكون واخد بالك جدا من المصنع وركز انا بقول ايه من المصنع مش من بناته وخلي بالك السكة اللي انت بتحوم حواليها دي وما تفكرنيش نايم على ودني ومش دريان باللي بيحصل تبقى بتستهون بدماغ اخوك .
ابتلع مازن لعابه بخوف مرددا باستنكار:
_انت تقصد ايه بالكلام اللي انت بتقوله ده يا مالك انا راجل بشوف شغلي واظن بيوصل لك تقرير يومي عني سكة ايه بقى اللي انت تقصدها ؟
ابتسم مالك ابتسامه ساخره من حديث أخيه الذي ينم عن مدى تهوره مجيبا بنظره مفعمه بالتهديد :
_انت عارف كويس انا بقول ايه وإن ما تراجعتش عن الطريق ده انا مش هسكت وهعمل اللي هيزعلك مني ويخليك تفكر ميت مره قبل ما تعمل حاجه انا منبهك انك تاخذ بالك منها ،
واستطرد حديثه بتهكم :
_انت بقيت كبير كفايه انك تخلي بالك من تصرفاتك وتبقى راجل وتتحكم في افعالك كفايه عليك زهوه الشباب اللي واخداك لحد دلوقتي ومخلياك غشيم ومش عارف انت بتعمل ايه .
كاد مازن أن يفقد وعيه من تلميحات اخيه الذي يعرف مقصدها جيدا ولكنه ادعى الانكار خوفا منه وردد بلجلجه :
_والله يا مالك انت فاهمني غلط وعموما يا سيدي كلامك اوامر بالنسبه لي وتروح وترجع بالسلامه .
انتهى الحديث بينهما بعدما نظر اليه مالك نظره مطوله محتواها يعني لا تخالف فانا مراقبا لأفعالك وراصدها رصدا ،
ودعهما مالك واصطف سيارته ذاهبا الى المصنع لكي ينهي بعض الاعمال الملزم بها قبل ان يغادر ،
وبعد مده غادر مالك البلاد ذاهبا الى ايطاليا لكي يبدا رحله عمله وعلاجه في آن واحد ،
ولكن هل سيعود مالك كما غادر؟
احيانا نختار طريقا نظن انه بدايه جديده لنا ولكن اثناء العوده نكتشف يوما ما بل ونتمنى ان لن نخوضه وخاصه ان كان هذا الطريق مليئا بالأشواك التي تفقد روحنا طيبتها وتبدلنا من راضيين الى ناقمين وتزهق داخلنا الروح الطيبه .
______________________________
في دار الايتام ليلا وتحديدا في الساعه التاسعة حيث يأج المكان بالزائرين وتقف عاملات الدار وادارتها على قدم وساق لتلك الحفل الذي يحضره عدد من قامات الدوله ،
فتحدثت مديره الملجأ الى الفتيات وهي تتمشى امامهم مدليه عليهم بعض الأوامر الصارمه قائله بجديه :
_شوفوا يا بنات مش عايزه غلطه نهائي عايزه كل واحده فيكم اللي اتدربت عليه في الاسبوعين اللي فاتوا دول تنفذوا النهارده بحرفيه عايزه كل الناس اللي قاعدين واللي هم اصلا مش شويه ناس كبيره في البلد وليهم وزنهم يحلفوا بمدى صلاحيه اداره الدار وتاخد الجوده زي كل سنه ،
واسترسلت حديثها موجهه كلامها الى مريم قائله بتنبيه :
_وانتي يا مريم مش عايزه الخجل والكسوف يسيطر عليكي زي كل مره انا عايزاكي تبقي واقفه بثقه وتأدي مهمتك وإنتي مرتاحه علشان الحفله يعتبر نص نجاحها عليكي انتي ،
مش عايزه اعرفك ان ده هيبقى في فايده ليكي كبيره جدا قدام اللي انت هتوقفي قصادهم ،
جاهزه ولا مش جاهزه؟
كانت تلك الواقفه تستمع الى حديثها بآذان صاغيه كعادتها الهادئه المتريثة مجيبه بهدوء :
_ما تقلقيش يا ابله ان شاء الله اشرفك النهارده إنتي عارفه اصلا ان هوايه الغنا دي اكتر هوايه محببه لقلبي ولما اكون بأديها بأديها بكل مشاعري واحاسيسي ما تقلقيش وباذن الله الحفله هتكسر الدنيا وباذن الله الدار هتاخد الجوده .
انتهت المديره من القاء التعاليم والارشادات عليهن وذهبت لكي تشرف على باقي التجهيزات البسيطه ثم خرجت براس مرفوعه لكي تستقبل الزائرين والمدعوين بكل شموخ ،
بعد ان خرجت مريم من حجره المديره امسكت هاتفها وذهبت الى مكان هادئ وقامت بالاتصال على صديقها الذي اصبح بئرا لاسرارها ومنبعا لارتياح قلبها الى ان جائها الرد قائلا بعفويه :
_يا هلا بصاحبه الصوت الفيروزي العذب الذي يطرب الآذان .
ابتسمت ابتسامه هادئه وطبيعه شخصيتها واجابته بعتاب لطيف :
_شكلك كده بتتريق على مريم الغلبانه لكن هثبت لك النهارده ان انا فعلا صوتي فيروزي وحلو واخطف العقل والقلب كمان ،
واسترسلت بحماس :
_انا النهارده مختاره اغنيه حساها شبهي قوي وهغنيها من كل قلبي بس يا ريت انت تكون جاي في الطريق وما تتاخرش علشان وجودك هيفرق معايا جدا يا دكتور .
ضحك الآخر برجوله على حماسه حديثها وردد بمداعبة لطيفه:
_طب لما نشوف يا ست مريم وإياكي ما تطلعيش في الآخر بق على الفاضي ونسمع نشاز .
رفعت حاجبيها باستنكار الحديثه وتحدثت بتحدي :
_طب ماشي انا مستنياك اهو وما تتأخرش علشان نشوف هطلع كلام ولا لا ويا ريت تبقى قاعد في الصف الأول ،
واسترسلت بنبره صوت خائفه من شيء ما يأتي الى هواجسها دون ان أي دليل :
_وجودك جنبي بيحسسني ان لي عيله وناس وان في حد قوي ساندني وواقف جنبي بجد وجودك شيء مكملني .
عندما استمع الى اخر كلماتها بات قلبه يدق الطبول من رقة حديثها الذي استوطن قلبه ولا يعرف لما السبب مرددا بكلمات بثت الطمأنينة داخلها :
_مش عايزك تبقي ضعيفه كده ولا تستقلي بحالك ولا تسيبي الدنيا تمطوحك على كيفها يمين وشمال،
صدقيني يا مريم الزمن عايز اللي يخربش ويدافع عن حقه ووجوده بكل قوته خاصه لما يكون ماشي صح يبقى يدافع وهو قلبه جامد وما يخافش طالما ربنا معاه وطالما ماشي في الطريق الصح ،
ودايما افتكري كلام ربنا سبحانه وتعالى "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"
واسترسل حديثه بتشجيع لها :
_انتي النهارده لازم تفضي دماغك خالص من اي نكد ومن اي حوارات تعكر عليكي الحفله اللي يعتبر حاجه بتروحي بيها عن نفسك ،
يلا بقى علشان انا سايق عايزك النهارده المبدعه مريم عماد في ابهي حالاتها .
لو كانت تمنت اخ من الزمن حقيقيا ما كان يأتي عوضا مثل ذلك الرحيم،
لو كانت تمنت قلبا يسند ضعفه ما كان ياتي عوضا مثل ذلك الشهم ،
آه يا تلك الدنيا كم إنتي غير منصفه لنفوس بريئه تعيش في ظلم بين نفوس كالذئاب ،
بعد ما استمعت الى حديثه باتت روحها اكثر اطمئنانا ورددت بامتنان الى ذلك الخلوق :
_مش هقول لك غير كلمه واحده بس يا دكتور ربنا يديمك في حياتي سند وصاحب وقلب يطبطب على جروحي يا احسن صدفه بعتها لي القدر ليا .
_اه بتستغلي بقى انك فنانه واحساسك عالي وان احنا مش هنقدر نوصل لطريقة كلامك العميقه دي لواحد غلبان زيي ما بيعرفش يتكلم زيك كده ..... جمله دعابيه نطقها ذلك العاشق المنتظر لتلك الرقيقه المقهوره .
اغلقت الهاتف مع من تعتبره حديث الروح وطبيب الجروح ورددت مع حالها بانتشاء :
كيف لي ان لا اضعف في حضرة تلك الكلمات المحببه الى روحي،
كيف لي ان امرر كلماته التي عبرت الروح وطيبت جروح زماني ،
ولكن هل يتركني زماني ان احلم بأماني واسبح بخيالي واطمئن على سلامي ،
هل سيأتي يوما واشعر بكياني ويأخذني عقلي في رحله بعد استرداد أمن أوطاني.
#خاطرة_مريم_عماد
#بقلمي_فاطيما_يوسف
استعدت مريم وارتدت ابهي ثيابها فهي تحبذ الاطلالة الهادئه وكم تصبح فيها جميله تعبر القلوب برقتها ،
ابتدأ البرنامج الذي اعدته منظمات الحفل بايات من الذكر الحكيم لتلك الفتاه المعروفه بعذوبه صوتها في القران الكريم ،
ولنقف هنا عند نقطه معينه قد تشعر ارواحنا بالحرمان الشديد من شيء ما ونبات نجزم اننا مقهورين ولم نأخذ من زماننا ما يجعلنا نتأكد اننا لم نكن محرومين يوما ما،
فبكل تأكيد أردد اننا خلقنا في هذه الحياه بحقوق متساويه ولكن لنرى ونضع نصب اعيننا تلك النعم التي يغمرنا بها رب العباد ،
فينشأ الشاكر الذي يشعر بأهميه نعمته وينشأ الناقم الذي مهما وجد العوض يشعر بفقدان النعمه وينشأ الذي ينظر لنعمته بعين ناقصه ويشعر بانه ليس له وجود وان من حوله دائما افضل منه ،
ولكن اذا تعمقنا داخل قوقعه الحياه الدنيا نجد اننا محاطين بنعم الله التي لا تعد ولا تحصى فيجب ان نحافظ عليها بكل قوتنا حتى نكتب من الشاكرين الحامدين ولا نكتب من الناقمين الماكرين ،
انتهت الفقرات الأولى من الحفل والآن تعلن منظمه الحفل عن فقره الموسيقى والغناء والتي ستؤديها مريم عماد التي تمتلك صوتا ملائكيا تذهب به عقول من يسمعها ،
صعدت مريم الى الحفل في توتر شديد فهي خجوله جدا وفي يدها مكبر الصوت وجالت بأعينها في المكان تبحث على من يشعرها دائما بالطمانينه والسكينه وما ان لمحته عينيها انطلقت في تلك الأغنيه بسلاسة ،
فكانت تلقيها بكل احساس نابع من روحها لأنها تشعر ان كلماتها تعبر عن حالها ،
فكانت تلك الكلمات :
_أوقات بيجي الصح في الوقت الغلط
والقلب زي السهم لو شده فلت
أَوََقَاتَ بيجي الصح فِي الْوَقْتِ الْغَلَطَ
وَالْقُلَّبُ زِيّ السَّهْمِ لَوْ شَدَهٌ فَلَتَ
وبصراحة الدنيا بتغيرنا بالراحة
وما بين شعور بالذنب والراحة كله إختلط
وَبِصَرَاحَةِ الدُّنْيَا بِتَغَيُّرِنَا بِالرَّاحَةِ
وَمَا بَيْنَ شُعُور بِالذَّنْبِ وَالرَّاحَةِ كَلَهُ إختلط
بقا عادي ناس يختارو صح ويتأذوا
والحب مش محكوم بحاجة تميزه
مش أي إحساس بالسعادة بيتقبل
ولا أي وعد بناخده سهل ننفذه
وَبِصَرَاحَةِ الدُّنْيَا بِتَغَيُّرِنَا بِالرَّاحَةِ
وَمَا بَيْنَ شُعُور بِالذَّنْبِ وَالرَّاحَةِ كَلَهُ إختلط .
كانت تسرح مع كلمات تلك الأغنيه وتؤديها ببراعه وصوت يكاد يكون يشبه مالكه تلك الاغنيه والذي أدعي ذلك الى انتباه الجميع لها وسحبتهم الى صوتها وجعلتهم منبهرين بالقائها ومن بين تلك المدعوين ذلك الحبيب بل العاشق الذي في بدايه عشقه المولود بقوه ناظرا اليها بعيون تود لو ان يسحبها الى عالمه ويسقيها من عشقه ولكن الظروف ،
في نفس المكان يردد صوتا قائلا بتنبيه صارم :
_مش عايزه اي غلطه تحصل النهارده وإلا ورب الكون ما هيطلع عليكم صبح ،
عايزه شغل عالي واعملوا حسابكم ان الغلطه اللي هتحصل هتضيع تخطيطنا والعصفور هيطير من بين ايدينا والحجر اللي بنضرب بيه هيصد في وشنا تعملوا حسابكم ان الغلطه معايا بألف ومش هعديها بسهوله .
اجابها ذلك لك الرجل الواقف وهو يومئ راسه للاسفل مرددا بطاعه :
_ان شاء الله كل حاجه هتحصل زي التعليمات واكتر يا فندم ومفيش حاجه هتقف قدامنا مفيش داعي للقلق علشان خاطر ننفذ ببراعه زي المطلوب مننا بالظبط .
علامات الاستحسان من تلك الكلمات بانت على ملامح تلك الآمر قائلا بنبره صوت شامته :
_احب أنا الثقة بالنفس دي لما نشوف هتنجحوا ولا لا وساعتها الحلاوه بتاعتكم هتبقى اضعاف المبلغ اللي انا قلت عليه .
صفق المدعون بحراره على تلك البارعه التي انشدت امامهم بصوت عذب جعلت اذانهم تستشعر الاندهاش من تلك الموهبه التي تدفن بين جدران تلك الدار ،
اما ذلك العاشق لم تنزل اعينه من عليها مرددا مع حاله:
صغيرة انتي حبيبتي على عشقي الذي سيخفيكي داخل احضانه حانياً ،
رائعه انت جميلتي بكلماتك التي عبرت خلاياي واستوطنت كياني وتمناكي لاهثاً ،
اليوم سأعترف لكي وانا بكامل قوايا بامتلاكك يامالكة روحي اعتراف واثقاً ،
خاطرة رحيم المالكي
انتهت مريم من القاء اغنيتها وهبطت الى الاسفل وجلست بجانب الفتيات وهي تشعر بالفخر من اطراء الجميع على القائها الذي عبر قلوبهم بسلاسة ،
ثم صعدت مديره الملجأ بقامة شامخة قائله بكل ثقه :
_انا النهارده اتشرفت بحضور الجميع والدار زادها الفخر والاعتزاز بالقامات اللي حضرت ودلوقتي هعرض على حضراتكم على شاشه العرض ملخص الانشطه اللي عملتها الدار طول السنه موثقينها صوت وصوره علشان خاطر يوم زي ده ،
واسترسلت حديثها وهي تنظر الى الاخصائيه مردده بأمر :
_اتفضلي يا هانم شغلي الشاشه علشان خاطر الموجودين يتفرجوا على العرض .
استمعت تلك الأخصائيه الى حديثها وقامت من مكانها واشغلت الشاشة وابتدا العرض ،
لفت الجميع انظارهم الى الشاشه كالعاده واتسعت عيونهم هولا مما رأوا....
البارت التاسع
في منزل باهر الجمال كانت ريم تجلس مع أبنائها تحمل علي فخذيها الصغير وتحتضن الكبير بيديها وتنظر لهم بعيون ممتلئة بالدموع ،
وهي تفكر في الواقع الأليم الذي تعيشه هي وأبنائها وقلبها ينفطر حزنا على مافات وعلي ماهو آت ،
كانت تغوص بأفكارها في كيفية الحياه بدون زوجها وحبيبها وكانت تتحسس شعر الصغير بكل حنان وتهدهد على ظهر الكبير لكي تشعره بالامان ،
وفجأة استمعت الى صوت عالي ينادي باسمها،
ولم يكن الا صوت ام زوجها وضعت الصغير في تخته ثم نظرت الى الكبير قائله له :
_خلي بالك من اخوك يا حبيبي عقبال ما أشوف تيتي عايزة ايه .
ابتسم الطفل ببراءة وردد بطاعة:
_حاضر يا مامي ما تقلقيش على اخويا انا بحبه جدا وهلعب معاه عقبال ما تيجي .
خرجت ونظرت من أعلى الأدراج قائلة بتساؤل :
_ نعم يا ماما محتاجه حاجه مني انزل لك .
قلبت الأخرى عينيها بنظرة مرتعبة وأجابتها بحدة :
_ايوه انزلي لي حالا في حاجه مهمة انا عايزاكي فيها وخلي الأولاد عندك .
ارتعب داخل الأخرى من هيئه تلك السيدة ودخلت الى أبنائها مرددة باستعجال وهي ترتدي حجاب رأسها :
_انا هشغل لك التلفزيون علشان خاطر تتفرج عليه واخوك عينيه راحت في النوم اهو ما تجيش ناحيته خلي بالك منه بس وانا هشوف تيتي عايزه ايه وهطلع لك تاني ماشي يا حبيبي .
أماء لها الصغير بموافقة ثم نزلت الى الأسفل ورأت على وجوههم ما لا يسر فرددت في حالها قبل ان تلقي السلام :
_مالهم دول وشهم ما يبشرش بالخير استر يا رب .
ثم نظرت اليهم مرددة السلام باحترام :
_صباح الخير يا ماما صباح الخير يا هند .
وأثناء القائها الصباح كان قد دلف اليهم زاهر مرددا السلام ثم نظر الى والدته قائلا باستفسار :
_في ايه يا ماما جبتيني على ملى وشي من الشغل في حاجه حصلت ولا ايه قلقتيني ؟
نظرت اليه والدته نظره ارتياح كأنها تقوي حالها في وجوده وكأنه هو بات مصدر الأمان والراحة بعد فقدان عزيزها وأجابته بتوضيح :
_اقعد بس دلوقتي وهتسمع كل حاجه علشان يبقى كله على نور ،
واسترسلت حديثها وهي تنظر الى تلك الريم قائلة بتساؤل مريب :
_قولي لي يا ريم هو إنتي اتخانقتي إنتي وباهر الله يرحمه في الليله اللي هو مات فيها خناقة كبيرة؟
ماإن استمعت ريم الى سؤالها حتى هوى قلبها بين قدميها رعبا وهلعا ثم استفاقت من ترديد السؤال مرة أخرى لها وأجابت بعيون تتلفت يمينا ويسارا حرجا بلجلجة :
_عادي خناقة عادية بين اي زوج وزوجة ما احنا ياما اتخانقنا ومحدش حس بينا ولا دري اشمعنا المرة دي يا ماما اللي بتسأليني ؟
ماإن استمع زاهر الى سؤال والدته حتى ردد اليها باستنكار :
_وايه لازمته السؤال ده يا أمي واحد ومراته هم حرين هم الاتنين ليه بتفتحي في القديم اللي ما لوش لازمة دلوقتي ؟
واستطرد حديثه بإبانة :
_وبعدين باهر الله يرحمه وريم عمرهم ما حد سمع لهم صوت في البيت وحتى لما بيكون ما بينهم مشكلة محدش كان بيتدخل ما بينهم خالص وده كان بطلب من باهر .
ابتسامة سخرية خرجت من فمها عقب حديث ولدها الأكبر واشارت اليه ان يصمت مكملة تساؤلاتها وهي تنظر الى ريم :
_متأكده انها خناقة عادية يا ريم؟
وتابعت حديثها الذي أصدم الواقف المدافع بينهم عنها :
_الست هانم اللي انت بتدافع عنها في الليلة اللي جوزها مات فيها كانت بتطلب منه انها تروح تشتغل مع مصنع من اللي بتتعامل معاهم ولما اشتد الحوار ما بينهم قال لها تختاري الشغل يا البيت والأولاد ،
وهي بجبروتها قالت له يبقى هختار الشغل وكسرت قلبه وخلته مصدوم من قرارها ونام ومات من القهره انها فضلت الشغل عليه هي وولادها ،
واسترسلت حديثها بغضب عارم:
_حصل الكلام ده ولا ما حصلش يا ست البرنسيسة والمصممة العالمية؟
انقلب وجهها لألوان الطيف مما استمعت اليه،
ألم يكفيها عذاب الضمير التي تعيش به كل يوم ،
ألم يكفيها الصراع الذي تعيشه منذ أن مات زوجها،
الم يكفيها انها تؤنب حالها ولا تكاد تشعر بلحظة راحة منذ فراقه ،
جمعت الحروف على لسانها اجبارا واجابتها بتوتر :
_دي مش اول مرة اتكلم انا و باهر في موضوع الشغل ومش اول مرة نتخانق على اني عايزه اخرج اشتغل واني من حقي اكلل موهبتي قولا وفعلا واني ما ينفعش اني افضل مغمورة جوه تصاميمي ومحدش يعرف عنها حاجة .
كانت تلك الهند تقف وعلى وجهها علامات السعادة لو طالت ان تهلل وتطير من كثرة البهجة على وقوف ريم كالمتهم في القفص وامامه القاضي والوكيل يجلد به جلدا،
وترفع لها حاجبها بكيد ومكر ،
اما ذلك الواقف مصدوما مما حدث ومما استمع اليه وعلامات الدهشة تعلو وجهه،
فنظر الى ريم وتحدث باستنكار :
_بقى إنتي يا ريم اللي كنت بقول عليكي هادية وما بتطلعش العيبة منك تعملي كده ؟
بقي إنتي اللي كان جوزك بيجي طيران وما بيرضاش يتغدى مع اخوه ولا يوم من الأيام وطول عمره بيتكلم عليكي بالخير ومهنيكي ومخليكي برنسيسة تقهريه وتموتيه مقهور ؟!
واسترسل حديثه بوعيد :
_انا والله العظيم ما مصدق اللي وداني سمعته دلوقتي بس ورب الكون لا هتشوفي على ايدي وفي البيت ده مرار قد الهنا إللي عشتيه،
يعني كنت مفكرك اصيلة وطلعتى بتاعه نفسك في الاخر .
انتفضت ريم ناظرة إليهم جميعا واحست انها وحيدة شريدة بينهم،
قوت حالها ونظرت اليهم جميعا مرددة بقوه:
_مرار ايه اللي انت هتوريه لي يازاهر إنت ملكش عليا حكم ولا كلمة أصلاً !
اللي هيفكر فيكوا يجي ناحيتي او ناحيه ولادي والله ما هتشوفوا ريم الغلبانة بوشها الطيب ومش هتشوفه مني الا وش ذئب مستعد ياكل اللى قدامه ويتغدي بيهم قبل مايتعشوا بيه .
اتسعت هند عيناها بذهول
ورفعت احدي حاجبيها متعجبة ورددت :
_انتي ايه يا شيخه الجبروت اللي فيكي ده ولسه لك عين تنطقي كمان بعد اللي عرفوه ده إنتي طلعتي ميه من تحت تبن .
قاطعت ريم حديثها المغلول وهدرت بها بنظرة غاضبة:
_وانتي مالك تدخلي في الموضوع ليه اصلا يا اللي تموتي في الفتنة وتشعليليها وتقعدي تتفرجي،
مفكره اني كده شطارة منك ،مش هقول لك غير حاجه واحده بس حسبي الله ونعم الوكيل فيكي .
واسترسلت حديثها وهي تذكرها بعقوبة ذنبها وما فعلت بها :
_انتي ما تعرفيش ان ربنا سبحانه وتعالى قال"
ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا "
فنظرت ريم إلي زاهر وتلك الأم الذي ينشعل قلبها نارا من عدم إنكار ريم لتلك الكلمات التي أودت بفقيدها الغالي في لحده ،
وتابعت حديثها وهي تشير بكفاي يداها إلي تلك الحية التي تتلون جميع الألوان :
_الست هانم اللي بلغتكم باللي هي اتصنتت بيه بيني انا وجوزي الله يرحمه جت وساومتني إني اسيب البيت أنا وولادي ياإما هتبلغكم باللي حصل وإني أخرج من بيت جوزي إللي لسه مكملش ٣ شهور علي وفاته ،
وهددتني وأنا طبعاً معملتش حاجة أخاف منها علشان اسيب بيت جوزي وأخرج منه .
كادت هند أن تموت رعباً من تصريحات ريم عن تهديداتها ولكن حدث مالا يحمد عقباه واطمئنت مما رأته وارتسمت علامات المكر والكيد علي وجهها مما أثلج صدرها وجعلها الي الآن في موقف المحارب المنتصر ،
_______________________________
في دار الايتام وبالتحديد في الحفلة المقامة فيها ،
استمعت تلك الأخصائيه الى حديثها وقامت من مكانها واشغلت الشاشة وابتدا العرض ،
لفت الجميع انظارهم الى الشاشة وكانوا ينظرون الى تلك الشاشات بصدمة تعتلي وجوههم وفاهٍ مفتوحه على تلك المعروض أمامهم ولم تكن الا عباره عن فيديوهات لتلك الفتاة التي كانت تغني أمامهم وهي في اوضاع مخله ،
كانت مديرة الملجأ في موقف حرج لا تحسد عليه ونظرت اليه الاخصائية ورددت وهي تجز على اسنانها بحده بصوت لا تكاد تسمعه الاذان :
_ايه يا زفتة المعروض ده إنتي مش مركزة خالص ازاي يحصل كده إنتي المسؤولة عن اللي حصل ده قدامي يومكم كلكم مش فايت النهاردة واقفلي بسرعة الزفت ده .
كانت تلك الماكرة الكائدة تربع يديها على صدرها وتقف في موقف مفرح لقلبها المريض الذي جعلها تفعل هذه الفعلة الشنعاء في تلك اليتيمة الأبية التي رفضت ان تسلك مسالك الشيطان ،
وهي تضع سماعات الأذن وتتحدث مع شخص ما قائلة له بأمر سريع :
_يلا يا ابني اعمل اللي انا قلت لك عليه بسرعه ومش عايزه اي غلطه والا انتم حرين .
اما عن مريم فكانت تضع يدها على فاهها وهي تكتم شهقاتها وعلامات الصدمة المفجعة تضرب بجسدها ،
وعلى الفور نظرت الى الجميع نظرات مرتعبة مما سيحدث لها ،
فقامت من مكانها آخذة حقيبة يدها وانطلقت مسرعة الى الخارج قبل ان ينفذوا عليها حكم الإعدام ،
مما أرعب تلك الواقفة فلم يكن بحسبانها ان تتحرك مريم بهذه السرعة فاعترضت طريقها كي تلهيها قائلة :
_على فين يا ربة الصون والعفاف ده الليله ليلتك وهيتحفل عليكي جامد النهاردة والأيام والسنين اللي جايه كلها ،
واسترسلت حديثها وهي تنظر اليها من اعلاها لأسفلها بعيون تنطق شرا :
_ما انا قلت لك تعالي من الآخر وما حدش هيدري ولا هيحس بيكي وما لكيش حد يسألك رايحه فين ولا جايه منين وركبتي دماغك وعملتي الغلط مع اللي ما ينفعش يتعمل معاهم الغلط ،
واثناء انشغالهم في الحديث انقطعت الكهرباء عن المكان بأكمله وباتت مريم اكثر رعبا واطمئنت تلك الشيطانة الواقفة أمامها على سير خطتها المحكمة ،
وفجأة احست مريم بالغدر فهي شديده الذكاء فانطلقت مسرعة من امامها الى الخارج واشعلت اضاءة هاتفها واختبئت في مكان خلف الدار لا يعرفه احد فهي تحفظها عن ظهر قلب ،
ثم ضغطت زر الاتصال علي منقذها الدائم الذي يرسله الله لها دون اي تخطيطات لكل منهما ،
وما ان اتتها الاجابه حتى قالت بصوت ملئ بالفزع تطلب منه انقاذها :
_الحقني يا دكتور انا في مصيبة ومش عارفة اعمل ايه اكيد حضرتك شفت الفيديو اللي اتعرض وده اللي انا كنت قايلة لك عليه وانا حاسه ان هي اللي ورا قطع النور ده وانها حاولت تعترض طريقي علشان مخرجش أو عايزة تعمل حاجة تانية أنا مش فاهماها .
ثم مشطت المكان بأعينها بخوف رهيب وهي تخشى ان تراها عيون تلك الحية التي تهاجمها من كل صوب وحدب ،
واسترسلت حديثها بعيناي كلها خوف ورجفة من القادم :
_انا عايزه امشي من هنا فورا انا جريت واستخبيت في مكان مش هيعرفوا يوصلوا لي فيه دلوقتي لكن مجرد خمس دقائق بالكتير هيكونوا قدامي لو دوروا يا ريت تيجي تاخدني علشان انا مرعوبة جدا .
بالفعل كان ذلك الرحيم يبحث عنها في كل مكان خاصه بعد انقطاع الكهرباء اللامناسب في ذاك التوقيت بالتحديد وعندما راى نقش اسمها على الهاتف اجابها على الفور وعندما استمع الى حديثها كان بالفعل خارج وركب سيارته منطلقا الى مكانها في بضع ثواني،
وفي الوقت ذاته كانت رجال تلك الحية عيونهم تبحث عنها في كل مكان حتى وجدوها تسرع مهرولة الى تلك السيارة ،
حاولوا اللحاق بها مهرولين بنفس السرعة لكن يشاء القدر ان تصعد السيارة وتغلقها وفورا في غصون ثواني انطلق رحيم مسرعاً بها ،
وفي ذات الوقت تواصلوا مع زعيمتهم عبر سماعه الهاتف مرددين بإحباط :
_ للأسف يامدام هربت في عربية أخدتها ومشيت والعربية دي كانت مستنياها ،
استمعت إلي حديثهم بغضب عارم وكورت يديها وسحقت علي اسنانها بغل مرددة علي عجالة بسخط :
_ وراها يابهايم في لمح البصر تكونوا لحقتوا العربيه ووصلتوا لها ومتعملوش اي خطوة إلا بأمر مني ،
الدار ملهاش غير طريق واحد بس يعني فرصة تسوقوا بأقصي سرعة وتجيبوهالي وإلا هتكونوا في قبوركم النهاردة.
اثناء إلقاء الأوامر إليهم كانوا بالفعل صعدوا السيارة وانطلقوا مسرعين وهي مازالت تلقي عليهم عبارات السباب اللاذع ،
وبالفعل استطاعوا الوصول إلى السيارة واصبحت في مرمي ابصارهم ،
اما داخل السيارة كانت تلك المسكينة تندب روعها وتندب خوفاً ورعبا مما ستتلقاه في الأيام المقبلة ،
وبجانبها رحيم مشفقا على حالتها وعلى روعها ويلقي عليها عبارات الإطمئنان:
_ممكن بقى كفايه دموع من ساعه ما مشينا وإنتي عماله تعيطي العياط عمره ما هيعمل لك حاجه بالعكس هيأثر في نفسيتك اكتر مش هيخليكي تعرفي تفكري ولا تركزي في اللي جاي ممكن تهدي بقى يا مريم علشان بجد دموعك زلزلتني .
القي عليها تلك الكلمات واعطاها منديلا ورقيا لكي تجفف دموعها اخذته من يده بيد مرتعشه ورددت بصوت متقطع أثر البكاء:
_ مش قلت لك انها بقت قويه جداً وواصلة ومش هتسيبني في حالي ،
واسترسلت حديثها بوجع وقلب ينبض ارتعابا:
_ عمرها ماهتنسي القلم اللي ادتهولها وأديها انتهت بفضيحة ليا ومستقبلي ضاع .
وأثناء حديثها رأي رحيم سيارتان تتبعاه من خلال انعكاس المرآة ،
ازداد قلقا عليها وبدا له ان الموقف لايحتمل طمأنة بالفعل ،
وزاد من سرعته بطريقة أرعبتها وجعلتها تلتفت يميناً ويساراً كي تري مالذي يحدث حولها ،
وما إن رأت تلك السيارتان حتي ازادادت هلعا ليس علي حالها فقط بل علي ذلك الجالس بجانبها يحاول بأقصى جهده كي ينقذها من براثينهم ،
ورددت وهي علي حالة التفاتاتها :
_ إنت كدة هتتأذي بسببي وأنا مارضاش ليك الأذية ممكن تنزلني وأنا ومصيري وإللي ربنا كاتبه لي هشوفه .
نظر إليها بغضب علي ماتفوهت به اثناء سيرانه السريع وردد بتصميم ومقاطعة لكلماتها التي لاتسمن ولا تغني من جوع:
_انتي متخيلة اني ممكن اسيبك في الليلة المهببة اللي ما يعلم بها الا ربنا دي !
ممكن تهدي بقى خلينا نركز نشوف هنفلت منهم ازاي لأنهم كتير والكتره تغلب الشجاعة ،
ومهما حصل انا مش هسمح لهم يقربوا منك .
اما على الجهة الأخرى كانت تتابعهم باستمرار مرددة بعصبية :
_طالما شايفينها يا بهايم انتوا هاجموها بسرعه قبل ما يطلعوا على الطريق العام وساعتها مش هتعرفوا تعملوا حاجه وعلى الله ما تخلصوش المهمة وتجيبوها لي لحد عندي سليمه ما فيهاش خدش واحد .
رد عليها واحدا منهم بتساؤل واستفسار:
_طب واللي معاها يا هانم نعمل فيه ايه؟
اجابته على الفور بأمر :
_انتم ليكم مهمة محددة تجيبوها لي لحد عندي وما لكوش دعوة باللي معاها انا مش ناقصه بلاوي ومصايب انتم قد التيران تاخدوها منه وتسيبوه من غير اي اذى لأي طرف انا مش عايزه غير هي وبس فاهمين ؟
استمعوا الى اوامرها بطاعه عمياء وفورا زادوا من سرعتهم الى اقصاها الى ان وصلوا الى سيارة رحيم وبقي بضع سنتيمترات فقط على مهاجمتهم ...
_________________________________
فلنعبر بخيالنا إلي إيطاليا
والتي تعتبر بإجماع الكثيرين وحسب آراء العديدين عاصمة الفن العالمية ،ولا شك أن ميلانو إحدى أهم المدن الفنية في العالم بالإضافة إلى أنها تنضح بالتاريخ المتمثل في كنيسة سانتا ماريا ديل جراتسي لليوناردة دافنشي، بل تحتوي على أعظم متاحف العالم على الرغم من أنها تعج بالمتاحف الشهيرة، لكن تُعتبر لوحة الموناليزا للرسام ليوناردو دا فينشي التحفة الفنية الأشهر في البلاد ،
كما انها بلد الأزياء العالمية وتقام فيها مختلف الفنون التشكيلية الجميلة ،
حيث وصل مالك إلي تلك البلدة متجهاً إلي ذاك الفندق الذي تم حجزه ،
وبدور عمال الفندق قاموا بإيصاله إلي جناحه المحجوز بعد إنهاء إجراءات الحجز والإتمام عليها ،
دخل الي ذلك الجناح بجسد منهك ومتعب أثر ساعات السفر ،
ألقي بحاله علي الفراش لكي يعطي لجسده مهلة من الراحة لكي يستعيد نشاطه ،
وما إن وضع رأسه علي التخت حتي ذهب في سبات عميق جراء ساعات السفر المرهقة له ،
وبعد مرور ثلاث ساعات من الراحة والاسترخاء قام من نومه وأخذ حماما دافئاً وتوضي وقام بآداء فريضة العشاء ثم ارتدي حلته الكاجوال وساعة يده ذات اللون الأسود المفضل لديه ثم خرج من الجناح وبيده حقيبته الخاصة منتظراً في مطعم الفندق موعده مع صاحبة دار أزياء مشتركة في العرض السنوي وتعتبر المستورد الأساسي لدى المالك جروب،
وصل إلي المكان وجلس في ركن هادئ بعيداً عن الضوضاء ثم طلب قهوته المعتادة وأمسك الهاتف وقام بإرسال رسالة لتلك السيدة بمكانه،
وقام بفتح حاسوبه يراجع أخر ماوصل إليه من تصميمات ،
وبعد مرور حوالي خمس عشرة دقيقة وصلت تلك السيدة وحددت مكانه لأنها تحفظ صورته عن ظهر قلب فهي ملمة بجميع المصممين والمصممات وخاصه المحترفين منهم في جميع أنحاء العالم عدا ذاك المالك فهى تحفظه عن ظهر قلب،
وصلت إليه ورددت بابتسامة مشرقة:
_ مالك الجوهري محتكر ماركة ريما ستور صح ولا انا غلطانة .
رفع عيناه لأعلي كي يرى من صاحبة الصوت الأنثوي الذي يتحدث المصرية بطلاقة ،
وإذا به تفاجأ بصاحبة العيون الفيروزية والبشرة الشقراء والوجه المستدير الذي تزينه الابتسامه الخلابة ،
إنها لحقا صاحبة الإطلالة الأجنبية في حيز الروح المصرية ،
ابتسم وقام من مكانه ملقيا عليها التحية بكل تهذب ومد يده قائلا:
_ أهلاً بصاحبة التصميمات المميزة وإللي كل سنه تصميماتها تكتسح العرض لأنها فعلاً مختلفة ومبهرة .
ذهب إلي مكان جلوسها ثم قام بإزاحة المقعد لكي تجلس في حركة منه تدل على مدي ذوقه في التعامل مرددا بلطف :
_ اتفضلي يافندم .
جلست علي المقعد بكل أريحية وشكرته بعيناها بامتنان علي لطفه معاها واستمعت إلي سؤاله الذي ينم عن سرعة بديهيته في التعامل مع الأشخاص مرددا:
_ بس إنتي بتتكلمي عربي كويس جداً مع إنك مش من أصل عربي علي ماأعتقد وبالتحديد طريقه كلامك زي المصريين بالظبط ؟
ابتسمت لسؤاله وأجابته باستفاضة قائلة :
_ صح جداً ده إنت طلعت بتفهمها وهي طايرة مش انتم المصريين بتقولوا كدة ؟
أشار اليها بضحكة وإشارة برأسه علامة على صحة حديثها ،
واسترسلت حديثها بعيناي تفيض حبا لمصر وأهلها :
_ شوف يا مستر ولو تسمح لي أتعامل معاك بدون رسميات ملهاش لازمة ،
أجابها بموافقة هاتفا بترحيب:
_ عادي جداً خدي راحتك يامدام جوليا.
أكملت حديثها بحب نابع لذكرياتها المحببة لقلبها عن أعظم بلد قامت بزيارتها العديد من المرات :
_ بابا كان دايما ياخدني زياره لمصر كل سنة وأنا طفلة صغيرة متتصورش الرحلة دي بالنسبه لي كانت من أحسن الرحلات إللي بابي كان بيطلعهالي في جميع أنحاء العالم ،
وكمان أنا واخدة كورس لغة عربية وكنت دايما بتابع الدراما المصرية وبعشقها جداً ولحد دلوقتي من أقرب الدراما لقلبي وميعديش عليا يوم إلا لازم أستمتع بفيلم أو مسلسل شدنى فباتالى بعرف أتكلم مصرى كويس وحافظة كتييير من إفيهات المصريين اللى بجد funny .
علامات الاندهاش بدت علي وجههه من حديثها الذي لم يكن بحسبانه ،
وحتي شكلها ككل لم يكن بحسابنه،
فقد كان عالقا في ذهنه ومتخيلا أن صاحبة تلك الإمبراطورية العظيمة سيدة ذات سنا أكبر من ذلك ،
ورد علي حديثها بإعجاب:
_ قد كده بتحبي مصر والمصريين من لمعة عينك وإنتي بتحكي عن زياراتك ليها .
_جدا بحبها وبحب هواها وناسها وكل معالمها ... جملة صادقه نطقتها تلك الجوليا ،
واسترسلت وهي تقوم بفتح حاسوبها :
_ نقدر بقي نبتدى شغل ،
إنت كنت قلت لي إنك عندك كذا تصميم مختلفين جداً ومبهرين ممكن أشوفهم ؟
قام بفتح الملف لتلك التصميمات ووجه الشاشة إليها مرددا بموافقة:
_ اتفضلي وعايز رأيك فيهم بكل عملية.
ما إن رأت التصميمات وجابت بها بأعينها مدققة النظر بها والتي لفتت انتباهها ببراعة حتي ظهرت علامات الانبهار بتلك التصميمات هاتفة:
_oh my good, it's wonderful,
إزاي التصميمات دي ما تعرضهاش في الاتيليه السنوي وتحتكرها جوه مصر بس ،
وخاصه ان الماركه دي بالذات رقيقه في تصاميمها وكمان فيها ميزه من تصاميم الشرق والغرب مع بعض ؟
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه متعجبة ارتسمت رغما عنه حين أُلقي علي مسامعه ذاك السؤال:
_شوفي إنتي إعجابك الشديد بالتصميمات دي وانها شدتك جداً وخلاكي منبهرة بيها خلاكي تتعجبي إزاي،
إحنا بقى كفريق عمل بنتعامل في التصاميم دي مع مجهول كل إللي يجمعنا بيه رقم تليفون وإيميلات بس ،
واسترسل حديثه بتعحب عن حالة مالكة التصميمات:
_ تصوري إنها رافضة رفض قاطع إنها تظهر للعلن وإن الناس تعرفها أو إحنا حتي نعرفها !
بدت علامات الدهشة علي وجهها من سمعته أذناها للتو وتحدثت باندهاش واستفسار:
_ إزاي كلامك ده يامستر مالك !
واحدة زي دي ماركتها مسمعة في الشرق الأوسط كله ومحدش يعرفها ،
واستطردت حديثها بتساؤل:
_ طيب ليه ماديتوهاش مكانتها إللي تستحقها وعرضتوا عليها عروض مغرية وتخلوها تظهر للعلن ؟
صدقني لو عملت كدة مؤسسة المالك فاشون هتعلي جداً.
بانت علامات الأسف علي وجهه وقام بوضع الكوب من يديه وشبك كلتاهما بالأخري معرباً بتأثر :
_ تفتكري إن إننا معملناش كل الكلام ده يامدام !
إحنا حاولنا كتير جداً وهي رافضة ومن غير ماتقولنا أسبابها خالص.
_طيب مش خايفين يجي يوم وتختفي وساعتها مؤسسة المالك إللي أكتر تصميماتها قايمة علي ريما ستور تنهار ! ... جملة تعجبية نطقتها بناء علي استغرابها الشديد لحالة صاحبه التصميم الغريبة التي لم تري مثلها من قبل .
تنهد مالك بثقل حينما ذكرته بالذي لم ينساه من الأصل فهو خائف جداً من تلك النقطة بالتحديد ،
ويحاول دائما بالبحث عن ماركة تشبه ماركة ريما ستور لكنه بالطبع لم يجد ولم يسعفه الحظ إلي الأن في تلك المسألة بالتحديد ،
وفي كل مرة ينفض تلك الفكرة عن باله معللاً بأن الخالق الذي رزقهم لن ينساهم ولن يضرهم أبدا ،
وتابع حديثه معها مرددا باقتناع :
_ والله أنا لحد أخر نفس في عمري هفضل وراها لحد ما توافق لازم الواحد لما يلاقي مجتهد وشاطر في شغله يتمسك بيه وميسيبهوش وعلشان كدة هفضل أسعي لحد ما تلين .
ثم تابعا حديثهما عن عرض الأزياء الذي سيقام بعد أسبوع بمناقشة تنم عن مدي اهتمامهم الشديد بذلك العرض ،
وأعطته بطاقة دعوية لذلك الحفل ودعته للحضور وأخذت منه موعداً أخر لكي يتبادلوا التصميمات وإكمال بقية أعمالهم وكل منهما معجبا بنمطية تفكير الأخر ونجاحه.
__________________________________
في منزل باهر الجمال حيث تنصب المحكمة التي أعدوها لتلك المسكينة التي لاحول لها ولا قوة مسنين سيوفهم عليها بدون رحمة لقلبها المتألم علي فراق زوجها الحبيب ،
كادت هند أن تموت رعبا من حديث ريم ولكن أثلج صدرها رد تلك العبير بقسوة :
_ أيون قولي أي كلام علشان تشوشي علي عملتك السودا وتطلعي نفسك الملاك البرئ إللي مبيغلطش وإنتي السبب في موت ابني وقهرته ،
واسترسلت وهي تبكي دموعاً غزيرة انسدلت من مقلتيها مرددة بدعاء:
_ منك لله وحسبي الله ونعم الوكيل فيكي ،
عمري ماهسامحك ليوم الدين علي كسرتك لقلب ابني بقوتك وجبروتك .
فتحت ريم أعينها علي وسعهما واهتز جسدها منتفضا بهلع حينما سمعت دعاء أم زوجها الراحل عليها مرددة وهي تنزل تحت قدميها تطلب منها السماح عن ذنب لم ترتكبه :
_ والله العظيم يا أمي أنا عمري ماقهرت باهر ولا كنت مسببة له قلق ولا كنت بنكد عليه ،
يعلم ربنا إني بحبه حب كبير وطول حياتي إللي عشتها معاه في البيت ده وأنا أتمني له الرضا ،
وهو كمان عمره مازعلني كنا زي النسمة مع بعض ،
بس بتحصل مشاكل زي مابيحصل مابين أي زوجين ويشاء القدر إن تحصل مشكلة في اليوم إللي ربنا كتب عليه الفراق ويروح لوجه رب كريم ،
واسترسلت وهي تقف تواليهم ظهرها وتضع يدها علي فمها تكتم شهقاتها التي تعلوا شيئا فشيئا من شدة تأثرها هاتفه بذعر :
_ ليه بتعملوا فيا كدة ومصممين تشيلوني الذنب؟
ليه مصرين تخلوني أتعذب وأنهار علي فكرة إني السبب في موته وتدمروني أنا وولادي .
ثم انهارت في البكاء بطريقه تدمي لها القلوب ولكن مع هؤلاء القاسيه قلوبهم لم يجدي نفعا ولم يتاثروا ببكائها ولو ببنت شفه ،
ثم استمعوا الى صوت تصفيق زاهر اخيه مرددا باستهزاء على حاله تلك المسكينه :
_برافوا برافو بتعرفي تمثلي كمان اهو علشان خاطر تصعبي علينا وإنتي في الحقيقه حيه كانت السبب في موت اخويا الوحيد ،
واسترسل حديثه بوعيد وتهديد:
_شوفي بقى يا اللي كنتي مرات اخويا الله يرحمه اللي عدى على وفاته شهر ونص باقي لك من العده تلت اشهر اعملي حسابك بعد انتهاء العده المأذون هيجي وهينكتب كتابنا ،
وعلى فكره ما عندكيش اي طريقه ترفضي بيها لانك مش هتخرجي من البيت ده واللي إنتي كان نفسك فيه عمره ما هيحصل وهخليكي تبطلي التصميم ده خالص اللي بسببه قهرتي اخويا وموتيه .
نزلت تلك الكلمات على هند كالصاعقة التي عصفت بمخالبها التي كانت تربيها لأجل تلك اللحظه وتحدثت بهجوم قبل أن تستوعب ريم مانزل علي سمعها :
_كلام ايه اللي انت بتقوله ده يا ابو البنات يا جوزي ولا عامل لي اي اعتبار بتطلب ايديها وانا واقفه ولا همك اي حاجه اعمل حسابك وجودي في البيت ده كوم ووجود البت دي كوم ومش هيحصل طول ما انا عايشة على وش الدنيا .
نظر اليها زاهر نظره ارعبتها ولكنها لم توضح ذلك واجابها بوعيد :
_انتي بالذات تخرسي ومش عايز اسمع صوتك تاني ده إنتي لسه حسابك تقيل معايا ،
واسترسل حديثه بتقليل من شأنها :
_اتفضلي اطلعي على فوق ليا كلام معاكي ومع ابوكي اللي هبعته يجي لي حالا علشان يبقى الكلام على نور اتفضلي.
قال كلمته الاخيره وهو يشير بكف يديه نحو الباب بصوت عالي مما جعلها تنتفض وتهرول الى الخارج على عجاله ،
أما ريم استجمعت قواها وقامت من مكانها مرددة وهي تتجه نحو الباب بكلمتين فقط :
_ علي جثتي ده في أحلامكم المريضة وعلى فكرة وقفتى قدامكم وتوسلى ليكم ودفاعى عن نفسى مش ضعف منى لاا ولا انى خايفة منكم ،
واسترسلت توضيحها برأس مرفوعة:
_ مش ريم المالكى اللي تسمح لحد أيا كان مين يؤمرها ويتحكم فيها أو يفرض عليها حاجة هى مش عايزاها ،
ومن الآخر جواز منك مش هتجوز ولو اتهدت الدنيا فوق دماغى .
وكادت أن تخرج إلا أنه نزل علي مسامعها بكلمات متتالية جعلتها فتحت أعينها علي وسعها من الصدمة وعادت إلى الداخل مرة أخري هاتفا ذالك الزاهر ...
_______________________________
في منزل راندا المالكي في نفس تلك الليلة
كانت تصعد سيارة والدها متجهين إلي المطار ،
فكانت تجاوره في المقعد الأمامي والدتها ،
وفي المقعد الخلفي تجلس هي وأبنائها ،
فتحدث جميل لأحفاده مرددا بحزن :
_ والله هتوحشوا جدكم ياحبايب جدوا طول الشهرين دول .
حزنت راندا لأجل فراق والديها كعادة كل سفر لزوجها كل عام مرددة بمواساة لحالها قبل أبيها :
_ والله يابابا أنا نفسي ولا أروح ولا أجي ،
نفسي نكون كلنا مع بعض في مكان واحد ومتفرقناش الظروف أبداً بس هنعمل ايه أدي الله وأدي حكمته .
تنهد والدها بثقل من حديثها الدائم عند فراقها ككل مرة قائلاً بنصح وإرشاد :
_كل سنه اقول لك يا بنتي كفايه كده غربه على جوزك وخليه يرجع تكملوا بقيه حياتكم وتلحقوا حبه من شبابكم وإنتي مصره ان هو يفضل هناك مع انه كل مره بيجي فيها بيبقى ناوي انه ما يرجعش وانتي اللي تصممي ان هو يرجع ،
واستطرد حديثه بإبانة :
_انا ابوكي وافهم اكتر منك في الدنيا وبقول لك انما للصبر حدود الفلوس مش كل حاجه ووجود جوزك في وسطك انت وولادك بالدنيا واللي فيها واديكم اتربيتوا تربيه كويسه ونضيفه من غير ما اتغرب واسيبكم .
ابتسمت لحديث والدها الذي دائما باله مشغول عليها وعلى حالها وحزين على حياتها بالرغم من عدم شكواها من سفر زوجها ولو لمره واحده واجابته باطمئنان :
_ما تقلقش علينا يا بابا انا وايهاب كويسين جدا مع بعض ومتفقين على حياتنا وهو عمره ما اشتكى من الغربة هو كمان زيي حابب يأمن مستقبل الولاد ، ده دايما بيقول لي وبيشفق عليا ان انا بتعب مع الاولاد وخلاص كلها كذا سنه ويرجع بعد ما نكون امنا مستقبل الولاد .
ابتسم ثم تنهد وتحدث عما يضيق بصدرها ومابات يؤرق روحها مؤخراً:
_ جوزك لمح لي كذا مره اني نفسه يبقى في وسط ولاده وبيته من كذا سنه لكن شايف انك كده مرتاحه وراضيه وقال لي طالما هي راضيه ومرتاحه انا مش عايز اكتر من كده معنى كلامه ده يا بنتي ان هو مش عارف يعيش في الغربه وعايز يجي وسط ولاده وبيته وإنتي اللي مش فارق معاكي عموما انا ياما نصحتك وبنصحك وهفضل انصحك كفايه كده من العمر بعزقه ولمي اللي باقي من حياتك وعيلتك وهاتي جوزك في ايدك وانتي راجعه العمر مش مضمون يا بنتي كتييير كانوا زيه والغربة أخدت شبابهم وفي الأخر رجعوا بأمراض الدنيا ومتهنوش بالفلوس اللى اتغربوا علشانها.
انتفض قلبها لحديث والدها ولأول مره تشعر بمدى صحته ووعدته انها ستفكر جيدا في ذلك الموضوع في تلك المره بالتحديد ثم تحدثت والدتها الى احفادها مردده بدعوات :
_خلي بالكم من والدتكم في المطار وخلي بالكم من نفسكم يا ولاد واول ما توصلوا طمنوني على طول علشان انا عارفه ان امكم اول ما تشوف ابوكم هتنسى اهلها وامها وابوها والدنيا واللي فيها .
ابتسموا جميعا على تلك السيدة التي لم تترك فرصة وتؤنب الجميع بتقصيرهم وردد مهاب بطمأنة لجدته :
_ما تقلقيش يا تيته اول ما نوصل هتلاقي مني فيديو كول لينا كلنا وده وعد من مهاب الراجل اللي مش هيرجع فيه ابدا وانتي عارفه .
قال كلماته الأخيرة وهو يستعرض نفسه بشجاعه علي سبيل الدعابة مما أدخل في صدورهم جميعاً الطمأنينة والسعادة ،
فهو دائما يخلق الابتسامه لكل من حوله بفكاهته المقبولة والتي تخرج بتلقائية منه دون تصنع ،
وأكملوا باقي حديثهم أثناء سيرانهم إلي المطار حتي وصلوا وهبطوا جميعا كل منهم يعرف مهمته ،
بعد نصف ساعة من إنهاء الإجراءات ودعت راندا وأبنائها والديها بدموع كالعادة وصعدوا إلي الطائرة بقلب شغوف مستعدين للقاء الحبيب من العام للعام في مفاجأة منهم لذالك الأب الحنون والزوج الراقي ،
بعد عدة ساعات وصلوا فيها إلي المكان المنشود وبالتحديد تحت مسكن والدهم صعدوا في هدوء تام لكي يفاجؤه فقد علمت راندا أنه بالبيت بذكاء منها عبر رسائل الواتساب ،
دخلوا المنزل بقلب يأن لرؤية حبيبهم وصعدوا درجات السلم بحذر كي يعطوا للمفاجأة روعتها ،
وعندما وصلوا إذا بهم يشاهدون أبيهم في حالة يُرثي لها ناطقين بصدمة وهم يضعون أيديهم على أفواههم :
_ بابا