رواية اشواك الورد الفصل الخامس عشر15والسادس عشر16 بقلم قوت القلوب رشا روميه
•• سأنتظرك ....!! ••
اليوم التالى ...
بإحدى الشركات الإيطالية جلس كلاً من "شريف" و"يوسف" ملتفين حول الطاولة الزجاجيه المستطيله مع عدد من نظرائهم الإيطاليين بالشركه يدرسون العقود بدقه ..
مال "يوسف" على صديقه مشيراً لأحد بنود العقد منبهاً إياه ...
يوسف: البند ده عايز يتغير يا "شريف" شوف ...
تمعن "شريف" بما كتب بالإنجليزية بهذا العقد محاولاً فهم المقصد من تلك الكلمات المتراصه ليردف بعدم إدراك ...
شريف: هو يقصد إيه بالكميه النوعيه ..؟!!!
يوسف: نوعيه إيه ؟!!!! .. ده إنت ضايع فى الإنجليزي ...!!!!
تلفت "شريف" حوله فهو حقاً لا يفهم شيئاً ثم إستكمل بصوت خفيض للغايه ...
شريف: شفت بقى عشان كده أصريت إن إنت تيجى معايا ... أمال قصدهم إيه ...؟؟
يوسف: دى مواصفات الجوده ..
أكمل "يوسف" موضحاً بالإنجليزيه أنه يطالب بتغيير صيغه هذا البند وبعض البنود الأخرى ...
تفهم بقيه نظرائه طلبه ليحددوا موعد بالغد لمناقشه ذلك بعد التعديل وأن يستكملوا إجتماعهم بالغد حتى يتم الموافقة على كل بنود العقد قبل إرساله للفرع الرئيسي بالقاهرة لتوقيعه ...
فور إنتهائهم من إجتماعهم إتجه نحوهم أحد مدراء الشركه لمصافحتهم داعياً إياهم بحضور حفل فى المساء يضم العديد من المهتمين بهذا المجال من العمل بإيطاليا ....
"عليكم بالحضور مساءً بهذا الحفل المميز ... سننتظركم بالتأكيد..."
إبتسم "يوسف" بدبلوماسيه ثم أومئ بخفه متحدثاً بإنجليزيه طليقه ...
يوسف : يسعدنى قبول دعوتك حقاً .. وسنرى لو كان بإمكاننا الحضور بالمساء لأننا متعبين للغايه ...
تقلبت نظرات "شريف" بين إثنيهما حتى تركهما مدير تلك الشركه ليتسائل بإستفهام وتعجل ...
شريف: انتوا بتقولوا إيه ... أنا مكنتش فاهم حاجه غير كلمه حفله ... هى حفله بجد ولا دى حاجه فى العقد ...؟!!!
يوسف: أيوة حفله ... بيعزمنا على حفله بالليل ...
دفع بكفه بصورة موازيه وهو يهتف بحماس مفرط ...
شريف: أنا رايح وش ...
يوسف: لا أنا ماليش فى وجع الدماغ ده ... روح إنت ..
شريف: إنت الخسران ... خليك إنت فى قمر الليالى بتاعك .. وأنا أروح أعيش فى إيطاليا بقى ...
تغاضى "يوسف" عن تلك الهراءات التى يتفوه بها صديقه ليردف متهكماً من ضعفه باللغه الإنجليزيه قائلاً ...
يوسف: يعنى إللى ملقتهاش فى مصر حتلاقيها فى إيطاليا وانت متعرفش كلمتين إنجليزى على بعض ..
أعدل "شريف" من وضع ياقته بخيلاء وهو يستكمل بنبرة مازحه ...
شريف: ودى حاجه محتاجه إنجليزى .. حروح أفرح وأنبسط وأكل أكله نظيفه ...
لم يتمالك "يوسف" نفسه من الضحك على صديقه فهو مازال لا يفكر إلا بالطعام حتى فى إيطاليا ...
____________________________________
بالمساء ...
تهندم "شريف" مرتدياً حُلة رماديه وقميص أبيض ليتباهى بمظهره بالمرآه محدثاً "يوسف" يحثه على التفكير بالذهاب معه مرة أخرى ...
شريف: يا إبنى تعالى معايا حتندم ...!!!
يوسف: لا يا سيدى مش حندم .. يلا إتكل أنت على الله وسيبنى فى حالى ...
شريف: أنت حر .. غاوى فقر ...
لم يكن مقر الحفل بعيداً عن هذا الفندق ليتجه نحوه "شريف" مباشرة تاركاً "يوسف" بالفندق ...
إتسعت عينا "شريف" بإنبهار بتلك الأجواء الصاخبه والموسيقى الحماسيه ، كذلك أعجب للغايه بمظهر هؤلاء المدعوين الذين يبدو عليهم الثراء والبذخ ...
وقف بأحد الزوايا يتناول أحد المشروبات بعد أن تاكد خلوها من الكحول وظل يتابع بأعين مشدوهه هؤلاء البشر من جميع الجنسيات يتحدثون ويتضاحكون غير إنه لم يفهم أى منهم لضعف لغته الإنجليزيه ..
فهو على الرغم من المستوى التعليمى العالى الذى قد وصل إليه إلا أنه كان يكره دوماً دراسه اللغات لكنه الآن يندم على ذلك ...
وبعد فتره طويله شعر بألفه تجاه بعض الدعوين لما يبدو عليهم سمات العرب .. إقترب منهم ليستمع إليهم فإذا بهم مجموعه من المستثمرين وأصحاب شركات من الشباب المصريين ليهتف بروح مرحه وكإنما وجد طوق الخلاص وفهم أحدهم بهذا الحفل الغير مترجم ...
شريف: لا إله إلا الله ... الحمد لله تحيا مصر ...
ضحكوا جميعا على أسلوب "شريف" المرح فقد فهموا إنه أحس بالغربه خاصه مع كل هذه الجنسيات ...
تعرفوا جميعاً على بعضهم البعض يتحدثون و يتسامرون حتى وقت متأخر من الليل ....
____________________________________
الفندق ..
إحتسى يوسف فنجان قهوته الثانى فعشقه لهذه السمراء لا ينتهى .. كما أنه أراد إنتظار "شريف" حتى عودته فمهما كان غريب فى هذه البلده الكبيره ..
دلف "شريف" إلى الغرفه متعجباً من بقاء "يوسف" متيقظاً حتى هذا الوقت المتأخر ..
شريف: أنت لسه صاحى ...؟!!!
إلتفت له "يوسف" بقلق من تأخره الزائد عن الحد قائلاً ..
يوسف: إيه يا أخى !!! .. إتأخرت كده ليه ؟!! .. أنا قلت حتروح مش حتفهم حاجه حتيجى على طول ....!!!
ألقى "شريف" جسده بصورة مسرحيه فوق الفراش قائلاً بهيام شديد ...
شريف: أسكت يا "يوسف" على إللى حصلى و إللى جرالى النهارده ...!!!!
يوسف: خير ... قول يا سيدى ...
شريف: قابلتها ... شفتها وإتكلمت معاها ... ياااه .. أخيراً النظره الأولى ظبطت ...
يوسف: أنت بتتكلم على إيه يا جدع أنت ...؟!!!
إعتدل "شريف" يقص على صديقه ما فعله بالحفل ...
شريف: قابلت واحده فى الحفله النهارده إنما إيه ... يالهوى .. بجد خطفت قلبى ..
إتسعت عينا "يوسف" بغير تصديق لتهور صديقه ...
يوسف: أنت لحقت ...؟؟
شريف: الحب مفيهوش لحقت ... وبعدين أنا قلت عجبتنى ... شخصيه وأخلاق .. مش قادر أوصف لك .. فظيعه .. فظيعه يا "يوسف" ...
جلس "يوسف" إلى جانب "شريف" مستطرداً بتهكم ...
يوسف: ودى إتفاهمت معاها إزاى بقى يا أخويا ...؟
شريف: إسكت .... دى طلعت مصريه ... كانت موجوده مع مجموعه مستثمرين فى إيطاليا وعامله معاهم شغل .... و إتكلمنا ونسينا الدنيا كلها وإحنا مع بعض ...
يوسف: وبعدين .... ؟؟ ولما نرجع مصر حتعمل إيه بقى ...؟؟
بإستراب من سؤال "يوسف" فقد كان يتوقع أن يدرك بديهياً ذلك ...
شريف: هو مش فيه إختراع إسمه تليفون ونت ... حكلمها ونتواصل مع بعض ... وأكيد حنتقابل تانى ...
يوسف: حتتقابل تانى فين بس !!!! .. دى واحده عايشه فى إيطاليا وأنت فى مصر ..؟؟
شريف: متعقدهاش بقى ... إحنا مفكرناش .. هو كده .. وخلاص ... أنا مش معقد زيك ...
يوسف: ماشى .. أهو ده إللى باخده منك .. أهو كلها بكره ولا بعده نرجع مصر ونشوف ...
شريف: أنا حنام بقى وأحلم بيها يلا تصبح على خير ..
يوسف مبتسما: وأنت من أهل الخير يا مجنون ..
____________________________________
بعد عده أيام ...
أنهى "يوسف" و"شريف" عملهم بإيطاليا بتوقيع العقود وإرسالها بالفاكس إلى مدير الشركه بالقاهره لإعتمادها فقد أتما عملهما على أكمل وجه وكللت سفرتهم بالنجاح ....
تحضرا للعودة مرة أخرى خلال ساعات بعد أن إكتسب كل منهما شئ جديد ...
فقد تعلم "يوسف" من تلك السفرة القصيرة العديد من التفاصيل الصغيرة التى تمر بمناقشه العقود بأفكار مستحدثه أكسبته خبرة لا بأس بها ، بينما فاز "شريف" بإعجاب تلك الفتاه التى قابلها بالصدفه بالحفل ليبقى بينهما وعد بالمراسله والتواصل بعد عودته ...
____________________________________
دعاء ..
تكرر ضيق "مرزوق" بالأيام القليله الماضيه من تشبث "دعاء" وإلتزامها مما إتفقا عليه ، فهى لا تتغير ولا تشعره بثقتها به ...
جلست بغرفتها تستكمل محادثتها بصوت خفيض حتى لا تنتبه لها والدتها حين أردف "مرزوق" بتملل شديد ظهر بنبرة صوته المقتضبه ...
مرزوق: أنا مش عارف أنتى بتتعاملى معايا كده ليه ...؟!!!
دعاء: إزاى بس يا "مرزوق" ... ما إحنا كويسين أهو ...؟!!
مرزوق: يا "دعاء" عايزك تثقى فيا شويه أكتر من كده ..!!!!
نظرت نحو باب غرفتها المغلق لتستكمل بإنفعال وهى تخفض من نبرة صوتها بالرغم من ضيقها من إسلوبه المتكرر الذى يحثها على الإنفعال بالآونه الأخيرة ...
دعاء: أنا واثقه فيك .... بس أعمل إيه يعنى .. لو سمحت متفتحش معايا موضوع الخروج تانى ...
مرزوق: وحنفضل كده لحد إمتى ....؟؟
دعاء : لحد ما تيجى وتطلبنى رسمى من أخويا ...
لانت نبرته قليلاً وهو يردف بإنصياع لطلبها ...
مرزوق: ماشى يا ستى ... إتقلى أنتى بس عليا ...
دعاء: ده مش تقل .. دى أصول ...
مرزوق: الأمر لله .. أدينى مستنى ...
____________________________________
علا ....
وضعت كوب العصير من يدها وهى تستفسر من صديقتها عن آخر التطورات بينها وبين جارها ...
لمياء : إيه يا "علا" مردش عليكى لسه ...؟!!!
لمياء: لا .. ما أنا قولت لك يا "لمياء" إنتى بتنسى ولا إيه .... مش قولت لك سألت عليه أخته "دعاء" قالتلى إنه مسافر ..
عقدت "لمياء" ذراعيها أمام صدرها مستطرده بنبره تهكميه من تصرف "علا" السلبى ...
لمياء : اااه ... وأنتى ناويه تعملى إيه حتستنيه برضه على السلم ....؟؟!!!!
علا : هو أنا مش بلحق أتكلم معاه ... ده يسمع الكلمتين ويقوم سايبنى وطالع على طول ...!!
تفكرت "لمياء" قليلاً ثم أردفت ...
لمياء : طب إيه رأيك تروحى له الشغل .. إعملى نفسك رايحه تسألى على الورق ...
علا : والله فكره ... أنا لما يرجع من السفر أروح له و أتحجج بموضوع الشغل ده و أهى فرصه نقعد شويه مع بعض نتكلم فى أى حاجه ...
أمسكت "لمياء" بكوب العصير خاصتها مرة أخرى ترتشف منه مردفه بإطمئنان ...
لمياء : تمام أوى كده ...
____________________________________
فرنسا ...
قلبت "لامار" ببعض الملفات الموضوعه فوق سطح المكتب قبل أن تدق لمساعدتها الخاصه بالقدوم إليها ...
لامار: "ليزا" ..!!
ليزا: نعم مادموازيل ( آنسه) ..
لامار: هل يمكنك إحضار ملف شركه العطور الخاصه بمسيو ( الأستاذ) "آدم" لو سمحتى ...
ليزا: على الفور مادموازيل ...
خرجت "ليزا" من المكتب ليجدها "آدم" فرصه جيده ليستكمل حديثه الذى قطعه دخولها ...
آدم: أظن إن إحنا كده أتمينا الصفقه دى كلها ... فيه كمان نوع عطر جديد عايزين ننزله السوق .. وأنا اقترحت على مجلس إداره الشركه إن التسويق بتاعه يبقى عن طريقكم برضه ...
لامار: أكيد .. دى حاجه تسعدنى جداً ...
تنحنح "آدم" بإبتسامه لطيفه قبل أن يتقدم بطلبه الذى يؤخره منذ قدومه إلى مكتبها حتى الإنتهاء من العمل ...
آدم: طيب بما إننا إنتهينا من الشغل ... ممكن نحتفل ونسهر سوا الليله دى ...؟!!
لامار: أنا سيده أعمال أه .. بس برضه من أصل شرقى ولما بتأخر بابا بيتضايق جدااا .. أنا مش حقدر أسهر خصوصاً لوحدى ... وده مش شغل .. أنا ممكن أتأخر لو شغل عادى لكن شئ خاص .. لا مقدرش خالص ...
تفكر لوهله قبل أن يقدم إقتراحاً آخر يتقدم به للتقرب من "لامار" ....
آدم: خلاص ممكن نخليها غدا بقى ..
بإعتذار لطيف حاولت "لامار" توضيح الأمر لـ"آدم" فهى حقاً لا تستطيع ذلك ...
لامار: ضغط الشغل اليومين دول كبير أوى .. أظبط نفسى إن شاء الله وأبلغك ...
آدم: تمام ... حستنى تليفونك ..
لامار : إن شاء الله ...
____________________________________
شقه حسام ...
جلست "ناهد" بتوتر تطقطق من أصابعها تخبر ولدها بما قد توصلت إليه من معلومات لتردف بتوجس ...
ام حسام: أنا عرفت إن "عبد المقصود" باع المصنع وحول كل فلوسه لحساب "ورد" ...
حسام: عمل كده ليه ....؟؟ عشان "محمد" ...؟!!!!!
رفعت "ناهد" كتفها وهى تحرك رأسها بثقه فذلك تصرف بديهى للغايه ...
ام حسام: أكيد ... ملهاش سبب تانى .. بس ميعرفش إنه كده سهل لنا كل حاجه ...!!!!
لمعت عينا "حسام" بطمع وهو يستفسر من والدته كيف بتصرفه هذا يسهل لهم ما يخططون له ...
حسام: إزاى ...؟؟
إتسعت إبتسامه "ناهد" وهى تستفيض بالشرح لما سيفعلونه ويستفيدون بكل تلك الأموال ...
ام حسام: أقولك .... "ورد" خلاص فكت الجبس وتقدر تتحرك لوحدها .. أنا حكلمها فى الوقت المناسب و أخليها تيجى وننفذ إللى اتفقنا عليه ...
زاغت عينا "حسام" بإتجاه آخر ، فهو لن يفكر بالمال الآن بل عليه الفوز بتلك الجميله التى أثارت رغبته بفتنتها وعليه أن ينالها بين قبضته ولن يتركها تلك المرة مطلقاً ..
حسام : أيوه كدة ..... هو ده الكلام المفيد ... صحيح ... أنتى بتعرفى الأخبار دى كلها منين ...؟؟
ام حسام: قلت لك من "نجاح" ... وكمان من "مصطفى" السواق الجديد إللى "عبد المقصود" جابه ... ما هو يبقى جوز "نجاح" ... وهو إللى قالى على موضوع بيع المصنع يوم ما وصلهم للبنك ..
بضحكه خبيثه قابل "حسام" تفكير والدته الشيطانى قائلاً ...
حسام: مش ساهله أنتى يا ماما .....
ام حسام: المهم جاهز أكلم "ورد" ...؟!!!
حسام : جاهز جدااااااا ....
___________________________________
مطار القاهرة ...
خرجا من المطار ليستقلا إحدى سيارات الأجرة للعوده إلى بيوتهم حين أردف "يوسف" ..
يوسف : أنا حروح على البيت على طول أطمن على ماما وأختى "دعاء" ..
شريف: وأنا حرجع تانى زى قرد قطع كده لوحدى .. توب علينا من العزوبيه دى بقى يا رب ...
يوسف ضاحكاً : ما خلاص أهو .. طلعت من السفريه بعروسه ...!!!
أغمض "شريف" عيناه لوهله وهو يرفع حاجباه للأعلى بهيام شديد ...
شريف: بس هى ترضى ...!!!
يوسف: للدرجه دى ؟!! ... خليك بس واثق فى نفسك ..
شريف: أنا واثق بس مفيش حاجه بتيجى خبط لازق كده .. لسه حنتكلم ونتعرف على بعض كويس بس فى أول فرصه حطلب منها الجواز على طول ... عقبالك إنت كمان ...
يوسف: لا ملكش دعوه بيا .. أنا لسه بدرى عليا أوى ...
شريف: براحتك إنت بقى ... خلاص أنا بيتى قريب أهو ... أشوفك بكرة فى الشركه بقى ... سلام ..
يوسف: إن شاء الله .. سلام ..
إطمئن "يوسف" على أحوال والدته وعلاجها وأخته ودراستها وأن الأمور مرت على ما يرام بغيابه ثم إستغرق بنوم عميق بعد سفرته المرهقه ...
____________________________________
بيت عبد المقصود العالى ....
رفع رأسه الثقيل محاولاً فتح عيناه المثقلتان من أثر المسكن الذى تناوله قبل قليل ليعتدل بجلسته متمعناً بهذا الرقم الذى يدق هاتفه قبل أن يجيب بالرد ...
ابو ورد: أيوة يا أستاذ حنفى ...!!!
حنفى : صباح الخير يا "عبد المقصود" بيه ... لو ممكن تيجى معانا الشهر العقارى للتسجيل النهائى للبيع ...؟!!
ابو ورد: مفيش مشكله أنا نص ساعه وأكون عندك ....
حنفى : فى إنتظارك ... مع السلامه ..
ابو ورد: مع السلامه ....
أبدل ملابسه متجهاً لمقابله المحامى لإنهاء تلك الإجراءات بتسجيل البيع النهائى بالشهر العقاري طالباً من "مصطفى" السائق أن يصطحبه إلى هناك ...
___________________________________
شقه حسام ...
تابع "حسام" حديث والدته بتلك المكالمه بترقب شديد حين أردفت بعيون لامعه كصياد شرس وقعت عيناه على طريدته الغافله ...
ام حسام: أيوه يا "نجاح" ... كده .. طيب تمام .. تمام .... مع السلامه ...
أنهت المكالمه وقد تهللت أساريرها وهى تخبر ولدها بعيون خبيثه وقلب ممتلئ بالشرور ...
ام حسام: خلاص يا "حسام" الفرصه جت لحد عندنا .... "نجاح" لسه قايلالى إن "عبد المقصود" خرج من البيت ... دى فرصتنا عشان نجيبها لحد عندنا برجليها ....
حسام: كويس أوى ... حتكلميها إمتى ...؟!!
أمسكت "ناهد" بهاتفها وهى تلوح به بإبتسامه عريضه للغايه ...
أم حسام: حالاً .... لازم أكلمها حالاً .. ده أحسن وقت أكلم فيه "ورد" واغبوها مش فى البيت ...
____________________________________
دقت "ناهد" برقم "ورد" التى ما أن رأت إسم زوجه أبيها يظهر بشاشه هاتفها وشعرت بإنقباض قوى بقلبها ...
مدت يدها المرتجفه بتخوف أتجيب هذا الإتصال أم لا .... بروده خفيه سارت بجسدها وهى تضعه مرة أخرى بتردد ...
صمت مزعج بعد إنتهاء رنين نغمه هاتفها وهى تنظر نحوه بتخوف حين دق للمرة الثانية فإنتفضت له بقوة وإنتفض قلبها معها ...
أمسكت بالهاتف لتجيب بهمس متحشرج ...
ورد: السلام عليكم ...
تبدلت تلك الإبتسامه العريضه على وجه "ناهد" بقناع مستكين تعيس للغايه حتى نبرة صوتها تحولت بلحظات لنبرة باكيه مقهورة ...
ام حسام : وعليكم السلام ... إزيك يا "ورد" يا بنتى ...
ورد: الحمد لله ..
زادتها "ناهد" بتصنعها للبكاء الحار وهى تشكى والدها الذى قسى عليها وهى قليله الحيله لا حول لها ولا قوة ...
ام حسام: شفتى يا "ورد" باباكى عمل فيا إيه ....؟؟ يرضيكى كده ....؟؟
إستجمعت "ورد" نفسها المضطربه وقد تأثرت للغايه بحزنها المزيف لتردف بإشفاق ...
ورد: الصراحه يا طنط أنا مش عارفه إيه إللى حصل بالضبط !!!! .. بابا مقاليش حاجه ..؟؟؟!
إرتسمت إبتسامه على ثغر "ناهد" سرعان ما تلاشت وعاد قناعها المزيف التعس ...
ام حسام : أنا عايزاكى تساعدينى لو مش عشانى يبقى عشان أخوكى "محمد" ميتحرمش مننا ....!!!!
رق قلبها لتلك المرأه فيبدو أن ما فعله والدها كسرها بقوة لتردف بتأثر بالغ ...
ورد: طب وأنا أقدر أعمل إيه يا طنط ..؟؟!!
ام حسام: أنا عايزة أشوفك عشان أفهمك إللى حصل بالضبط .... عشان أنتى الوحيده غاللى تقدرى تقنعى باباكى إنه يرجعنى ...
ضمت "ورد" شفتيها بتفكر وهى تحاول الوصول لحل يجعلها تصلح بين والدها وزوجته لأجل أخيها الصغير ...
ورد: بس !!!! ...حشوفك فين ؟!!! .. ممكن حضرتك تيجى البيت .. بابا مش هنا دلوقتى ..؟!!
برفض قاطع أصرت "ناهد" بخبث شديد ألا تخطى البيت بتلك الطريقه ...
ام حسام : لا طبعاً مينفعش خالص ... إفرضى رجع على طول .. أنا عايزاه يفتكر إن إنتى من نفسك إللى عايزة تصالحينا على بعض ...
ورد: طيب أعمل إيه ....؟؟
بإستجداء شديد حاولت "ناهد" ترجى "ورد" بالقدوم إليها ...
ام حسام: تعاليلى شقه "حسام" ... "حسام" مش هنا .... أصله سافر خلاص .. تعالى نقعد براحتنا ونتكلم ....
تهدجت أنفاسها بقوة وهى تتذكر هذا المكان الموحش لتهتف بنفور شديد ..
ورد: فين ... ؟؟ لا لا ... بلاش هناك يا طنط ...!!!
ام حسام: متخافيش يا "ورد" بقولك "حسام" مش هنا خلاص .. ده غير إن كل إللى حصل ده كان غصب عنه .... وهو من ساعتها مش قادر يسامح نفسه وسافر عشان ميضايقكيش تانى ... بالله عليكى ... أنا محتاجه مساعدتك ... عشان خاطر "محمد" ....
مرغمه على القبول فلا حيله لها بالرفض خاصه بعد تأكيدها أن "حسام" عاد إلى أستراليا مرة أخرى ، وربما تلك فرصه جيدة لتخطى هذا الحاجز النفسى بداخلها بعد تلك الليله ....
ورد: خلاص يا طنط .. أنا جايه لحضرتك ...
أنهت "ورد" مكالمتها مع زوجه أبيها لتبدل ملابسها مباشرة قبل التوجه لتلك الشقه بعدما إستقلت سياره أجره إلى هناك ..
____________________________________
شقه حسام ....
وضعت "ناهد" الهاتف من يدها وهى تنظر تجاه ولدها بنظرة إنتصار وقد علت فوق ثغرها إبتسامه جانبيه قائله بأمر ...
ام حسام: جايه ...حضر نفسك .. النهارده حننتهى من الحكايه دى .. وتردها تانى فاهم ... لازم تتذل وتتنازل عن كل حاجه ...
حسام بمكر: إلا فاهم .. ده أنا فاهم أوى ...
ثم تمتم بداخله برغبه وتحدى ....
حسام " أخيراً .. رجعتيلى تانى ... فرصتى وجت لحد عندى ومش حضيعها أبداً أبداً المره دى ..."
ترجلت "ورد" من السياره وهى ترفع بصرها للأعلى تنظر تجاه تلك الشقه بإنقباض قلبها ...
شعرت بثقل يجثم فوق صدرها وهى تتقدم بخطوة بطيئه نحو البنايه الهادئه للغايه ...
رغماً عنها تساقطت دموعها الحارة تشتعل فوق وجنتيها الممتلئتين وضاق صدرها حتى أصبحت تتنفس بصعوبه بالغه ...
وقفت للحظه تحث نفسها على التقدم فكل ذلك لأجل أخيها الصغير...
خطت أولى خطواتها إلى داخل البنايه إرتعاب شديد وكأنها تعيد ذكرياتها المقيته مره أخرى ..
وقبل أن تخطو خطوتها التاليه شعرت بقبضه قويه تمسكها من ذراعها أشعرتها بالرعب الشديد كاد أن يتوقف قلبها معها ...
•• الفصل السادس عشر ••
•• بعد طول إنتظار ... ••
ترجلت "ورد" من السياره وهى ترفع بصرها للأعلى تنظر تجاه تلك الشقه بإنقباض قلبها ...
شعرت بثقل يجثم فوق صدرها وهى تتقدم بخطوة بطيئه نحو البنايه الهادئه للغايه ...
رغماً عنها تساقطت دموعها الحارة تشتعل فوق وجنتيها الممتلئتين وضاق صدرها حتى أصبحت تتنفس بصعوبه بالغه ...
وقفت للحظه تحث نفسها على التقدم فكل ذلك لأجل أخيها الصغير...
خطت أولى خطواتها إلى داخل البنايه إرتعاب شديد وكأنها تعيد ذكرياتها المقيته مره أخرى ..
وقبل أن تخطو خطوتها التاليه شعرت بقبضه قويه تمسكها من ذراعها أشعرتها بالرعب الشديد كاد أن يتوقف قلبها معها ...
استدارت فجأه وقد علت عيناها نظرات مرتعبه لتتنفس الصعداء برؤيه وجهه الطيب المريح للنفس ثم دفعت بالهواء دفعه واحده قائله ...
ورد: بابا .....!!!!
منذ قليل ...
عاد "عبد المقصود" إلى البيت بعد إنتهائه من تسجيل بيع المصنع بالشهر العقاري باحثاً عن غاليته أولاً فلم يجدها ...
أسرع منادياً "نجاح" بنبرة قلقه للغايه ...
أبو ورد: "نجاااح" ...
تقدمت "نجاح" نحوه ملبيه نداءه ...
نجاح: أيوة يا بيه ...
أبو ورد: فين "ورد" ...؟!!
إدعت "نجاح" عدم معرفتها بالمرة عن مكانها ...
نجاح: معرفش يا بيه ... هى خرجت من شويه و مقالتش رايحه فين ...
إعتراه قلق شديد فليس من عادتها الخروج من المنزل دون إخباره بمكانها ، توجس قلبه بهذا الغياب المفاجئ فهو يعلم ما تخطط له هذه الحرباء للإيقاع بإبنته فى شراكها مع إبنها ...
تغاضى تماماً عن هذا الألم فلا شئ يساوى حمايه "ورد" ...
إتجه نحو غرفتها مرة أخرى ليلفت نظرة هاتفها الملقى بإهمال فوق الفراش ...
أمسك به على الفور يقلب بمحتوياته فوجد بسجل المكالمات ما خشيه بالفعل فقد هاتفتها تلك الخبيثه منذ قليل ....
أسرع نحو الخارج بدون تأخير طالباً من السائق إيصاله لبيت "حسام" فبالتأكيد هى هناك فليس لدي "ناهد" مكان آخر تستطيع تنفيذ به مخططاتها الشيطانيه ...
وبسرعه فائقه إستطاع "عبد المقصود" الوصول للحى الذى يقطن به "حسام" لينتبه لـ"ورد" التى خطت خطواتها المتردده إلى داخل البنايه ...
ترجل من السيارة على الفور ليلحق بها قبل صعودها إليهم ووقوعها بشباكهم ...
لم تنتبه له "ورد" على الإطلاق بينما تلاشت أنفاسه المتلاحقه إثر ركضه نحوها فأقبض بكفه بقوة على ذراعها فقد تملكه الخوف من أن تتقدم أكثر من ذلك ...
تسائلت بإستراب شديد لوجود والدها بهذا المكان ، فكيف علم أنها هنا ...
ورد: أنت إيه إللى جابك هنا يا بابا ....؟؟
مال "عبد المقصود" بجزعه للأمام قليلاً محاولاً التنفس بهدوء فأنفاسه لاهثه للغايه ليردف بإنهاك ...
ابو ورد: جيت ألحقك .. والحمد لله إنى لحقتك قبل ما تطلعى ...
ورد: مين إللى قالك أنى جايه هنا يا بابا ...؟؟
بنظرات ملومه لوجودها بجحر الثعابين بإرادتها ، كيف إستطاعت "ناهد" خداع تلك البريئه بمكرها وخبثها لتدفعها بالمجيء إليها ...
لكن ما يهم الآن أنه لحق بها وعليه تحذيرها من تلك المرأه الخبيثه ...
ابو ورد: دى حكايه طويله ... بس إللى عايز أفهمهولك أوعى تصدقى الست دى أو إبنها تانى أبداااا .. دول كانوا عايزين يوقعوكى ويضحكوا عليكى ...
بسذاجة مخيفه حاولت "ورد" تصحيح ما يعرفه والدها ...
ورد: دى طنط "ناهد" لوحدها يا بابا .. "حسام" سافر ...
ابو ورد: متخوفينيش عليكى أكتر من كده .. كفايه طيبتك الزايده دى !!!!!!! ... دى ست عقربه كدابه !!! ..و إبنها معاها فوق ... أكيد كانوا مدبرين لك حاجه عشان يوقعوكى فيها وترجعى لـ"حسام" تانى ...
تراجعت "ورد" خطوة إلى الخلف وقد إعتلت عيناها نظرات مذعورة للغايه ...
ورد بذعر: إيه ....؟؟ .... لأ .. لأ.. أرجع له تانى لأ ...
ابو ورد: طيب يلا بينا من المكان ده ....
ورد: أه ... يلا يا بابا .. أنا حاسه أنى مخنوقه أوى .. حاسه أنى مش قادرة أتنفس ...
إستقلا السياره مع السائق الذى توجه بهم عائداً إلى البيت وسط شعور "عبد المقصود" بالراحه والقلق معاً ...
فمن جانب إرتاح قلبه للحاق بـ"ورد" لكنه كان قلقاً متوجساً للغايه من نوايا "ناهد" و"حسام" الغادرة ...
نظرت "ورد" من زجاج النافذه بصمت بعدما تخيلت لو لا قدر الله لم يستطع والدها اللحاق بها لكان الزمن أعاد نفسه مرة أخرى ووجدت نفسها مع "حسام" ووقتها لن ينقذها أحدهم من بين يديه هذه المرة ...
____________________________________
اليوم التالى ....
فتح "عبد المقصود" علبه الأقراص المسكنه ليتناول أحدها فلن يترك "ورد" بمفردها مهما حدث وعليه الذهاب معها بجلستها اليوم بالمستشفى كما حددت "سماح" لها ...
إرتدى ملابسه على عجل لإصطحاب غاليته فلن يتركها للحظه تستطيع بها "ناهد" التفرد بها ...
مر بغرفه "ورد" مردفاً بإعياء واضح بنبرة مهتزة حانيه للغايه ...
ابو ورد : صباح الخير يا وردتى ...
أجابته "ورد" بتجهم واضح على ملامحها التعيسه ...
ورد : صباح الخير يا بابا ...
ابو ورد: مالك حبيبتى ...؟؟
لم تشأ أن تقلق والدها على حالها لكنها كانت خائفه مرتعبه للغايه ، تتسائل بينها وبين نفسها لم صدقتها ...!!!! لم هى دوماً ضعيفه بهذا الشكل !!!
رسمت إبتسامه كاذبه على ثغرها وهى تردف مطمئنه والدها ..
ورد: مفيش حاجه يا بابا أنا كويسه .. هو بس يمكن من الخضه إللى إتخضيتها إمبارح ..
ابو ورد: أدينا رايحين للدكتوره "سماح" ..هى بتريحك أوى ...
ورد: أيوة فعلاً .... أنا محتاجه أروح لها أوى ...
____________________________________
شركه الأقصى ...
زفر "يوسف" بقوة متمللاً من هذا الإنتظار ليهتف بقله صبر ...
يوسف: يا أخى سيب الموبايل من إيدك وتعالى خلينا نخلص الشغل ده ...!!!!
طقطق "شريف" بأصابعه على شاشه الهاتف وقد رُسمت إبتسامه بلهاء على محياه أثناء إستكماله محادثته بالهاتف ليجيب "يوسف" دون النظر نحوه منشغلاً للغايه بهاتفه ...
شريف: ثوانى بس ... أخلص معاها وأجيلك ..
يوسف: وهو أنت راضى تخلص .... من الصبح رغى وفويسات لما صدعتونى ...
شريف: يا أخى أصبر .. يعنى لو القمر بتاعك هو إللى بيبعتلك كنت أنا إتكلمت ..
ضرب "يوسف" المكتب بكفه محاولاً التحلى بالصبر على تصرفات "شريف" وهراءاته معاً ...
يوسف: اللهم طولك يا روح ..
شريف: خلاص أهو ... بعتلها إن فيه واحد رخم مصمم نخلص الشغل الأول ...
بتهكم شديد هتف به "يوسف" بضيق متحلى ببعض المزاح وهو يقلد "شريف" قائلاً ...
يوسف: لا يا شيخ .. قوم يلا .. ما أنت يا دوب حتخلص مع السنيوريتا بتاعتك دى وحتروح طالع لى .... جعاااااان ..
بذات اللحظه نظر "شريف" نحو ساعته منتبهاً لموعد الغذاء ...
شريف : أه والله فكرتنى يا أخى .. باقى قد إيه على البريك ...؟!!
وضع "يوسف" كفاه فوق رأسه إستسلاماً لأفعال "شريف" الغير محتمله ...
يوسف: لالالا .. كده كتير عليا أوى ...
____________________________________
المستشفى ....
نحتاج حقيقه لأن نكون حقيقين بالفعل نخرج مشاعرنا بأريحيه دون تكلف ، نتحدث دون تفكير أو قيود لما سوف يحدث ، نتحدث دون حساب لغضب أو ضيق أو إنفعال ...
فقط نتحدث بحريه ونطلق عنان مكنونات القلب ، نتحرر من الشوك ونحلق بسماء الراحه والسكون ...
ولم تريد "ورد" غير ذلك لتجد غايتها بطبيبه وصديقه وكاتمه أسرار أرسلها لها الله بوقت تحتاجها به حقاً ...
سردت "ورد" كل ما حدث بالأمس لـ"سماح" بكل تفاصيله وربما إستطاعت "سماح" أيضاً إخراج كل ما بداخلها من مشاعر سلبيه وخوف أصابها بتلك التجربه القاسيه ....
سماح: وروحتى لحد البيت ....؟!!!
ورد: أنا لسه حاسه أنى تعبانه من إمبارح .... أنا مش عارفه ليه الناس كدة ...!!!! وليه أنا بصدقهم كدة ....؟!!!!
سماح: إنتى طيبه ... و ربنا بيحبك ... مش عيب نكون طيبين ... لكن العيب إننا نسمح لحد بإستغلالنا بالصورة دى ... "ورد" .. الناس دى مش سهله ... إسمعى كلام باباكى ...
بتلك المرحله الواجب على "ورد" أن تنصاع حرفياً لوالدها حتى تطمئن أنها بعيداً عن منال سيئي النفوس وعليها بعد ذلك الإستقلال بشخصيتها وتحكيم عقلها أكثر من ذلك فيكفيها إعتماد على والدها فقط وعليها أن تغير من نفسها ولكن ليس الآن فهناك من يتربص بها وعليها تجاوز تلك الأزمة أولاً لهذا كانت نصيحه "سماح" لها أن تنصاع لوالدها فهو أكثر درايه وأكثر حكمه ..
ورد: أنتى بتقولى فيها .. أنا إللى حيقولى عليه حعمله وأنا مغمضه خلاص ....
سماح: الحمد لله ربنا ستر ..
زاغت عينا "ورد" قليلاً ليظهر الإرتباك جلياً على ملامحها الناعمه وإكتست وجنتيها بحمرة خجل وهى تستطرد بنبرة خفيضه ...
ورد : فيه حاجه كمان ....
سماح: إيه هى ...؟؟
ورد: "يوسف" إللى كنت حكيت لك عليه ...
إبتسمت "سماح" لخجلها وهى تسألها برفق محاوله إكتشاف ما بداخل خبايا قلبها ...
سماح : إيه .. إتقابلتم تانى ..؟!!
ورد: لأ ... أنا لما كنت عندك الأسبوع إللى فات ونزلت من هنا رحت المطعم وقعدت كتير أوى أستناه مع بابا .... بس مجاش ... حسيت أنى مخنوقه وزعلانه أوى مش عارفه ليه ...
سماح: أنتى بس كان عندك أمل تقابليه تانى .. ولما مشوفتيهوش زعلتى ....
ورد: ممكن ..
بعد إنتهاء الجلسه قررت "سماح" أن "ورد" لا تحتاج إلى جلسات أخرى للإرشاد النفسى إلا اذا أرادت "ورد" ذلك بجلسات إضافيه لكن بالوقت الحالى لم تعد بحاجه لتلك الجلسات العلاجيه ...
____________________________________
كم هو مريح للنفس التخلص من كل تلك المشاعر السلبيه وكإنما ولد المرء من جديد ...
إنتظر "عبد المقصود" إبنته أمام مكتب "سماح" مباشرة فعليه ملازمتها بشده حتى يستكمل كل ما يفكر به للإطمئنان عليها فقد ضاق الوقت كثيراً ....
ابو ورد: كده بقى أقدر اقولك حمد الله على السلامه .. خلاص دى آخر جلسه فى المستشفى ...
ورد: الحمد لله يا بابا ..
سيخرجها من كل تلك الضغوط ، سيساعدها على التجاوز ، سيغمرها بحنانه الذى ستحرم منه ، فلم يبقى سوى بعضهم البعض ....
ابو ورد: ها .. نتغدى زى كل مره .. ولا عايزة تغيرى ...
بتلهف غريب على نفسها هتفت بحماس ...
ورد : لا لا .. زى كل مره ...
إصطحبها والدها إلى المطعم بعدما قام السائق بإيصالهم إلى هناك وتركهما ليصف السيارة بعيداً عن المطعم فالزخام كان شديد للغايه ...
دلفت "ورد" تتجول بعيناها بأرجاء المطعم أولاً لا إرادياً فربما تجده اليوم لكنه لم يظهر بعد ...
إختارت نفس الطاوله ونفس المقعد تريد أن تبقى لها ذكرى ثابته به كمن يضع ذكريات جديده جميله بحياتها ...
____________________________________
شركه الأقصى ....
أغلق "شريف" الحاسوب وهى ينظر تجاه "يوسف" قائلاً ....
شريف: أنا خلصت .. يلا نتغدى بقى ...؟!!
يوسف: ماشى .. تمام .. أنا كمان خلصت ...
إنتظر "شريف" أن يحفظ "يوسف" الملف بحاسوبه قبل أن يغلقه ويتوجهان للمطعم لتناول غذائهما ....
ما أن اقترب "يوسف" من المطعم ورأى خيال "عبد المقصود" جالساً من بعيد شعر بقلبه يخفق بسرعه ونظر بعيناه باحثاً عنها ...
سهم برؤيتها وتيبست خطواته وهو يتمعن بتلك الناعمه التى تجلس إلى جوار والدها بسحرها المتألق كأنها قطعه من الياقوت المتوهج ...
أيقونه للرقه والجمال تسبح فى بحور زرقاء كفستانها السماوى الناعم ، كشفت إبتسامتها عن جمال من نوع خاص ، جمال يخطف القلوب ويسلب العقول كعقله تماماً الذى محى كل منطقيته فور أن وقعت عيناه على إبتسامتها الخجوله التى جعلته لا إرادياً يبتسم هو الاخر دون أن يدرك ذلك ...
توقف للحظات بمكانه يتابعها وهى مشغوله تماماً بقراءة تلك القائمه التى تقلبها بين كفيها الصغيرين ...
رفعت رأسها لتبعد تلك الخصله الناعمه عن وجهها مع تحرك زرقاوتيها بحركه عفويه حتى توقفت نحوه كإنما كانت تبحث عنه ...
دق قلبه بعنف حتى كاد يشق صدره من قوته فها هى تنظر إليه و تشرق إبتسامتها نحوه بخجل ...
ليقطع تلك اللحظه الحالمه صوت هذا المزعج "شريف" ...
شريف: أخينا !!!! ... الله يكرمك إمشى بقى أنا جعت ..
هيام صديقه وتيبس أطرافه جعله يتابع إتجاه أنظاره ليبتسم ساخراً بنبرة مازحه ...
شريف: ما قلنا كده .. قلنا دوبنا من نظره العيون الزرقاء دى محدش صدقنا ..
لكزة "يوسف" بخفه يحثه على الصمت بحديثه الثرثار المزعج ...
يوسف: بس بقى ...!!!!!
ليتحرك "يوسف" صوب "عبد المقصود" وإبنته يتبعه "شريف" بصمت وإبتسامه شقيه ...
ورد ...
لم تصدق عيناها ها هو أتى مره أخرى ... ها هو ينظر إليها نفس النظره التى أسرتها منذ أول وهله ...
دقات قلبها المتسارعه وبروده أطرافها جعلتها بحاله فريده لا تشعر بها إلا فى وجوده هو فقط ، ماذا يحدث لها برؤيته ؟!! لمَّ تشعر بالسعاده بحضوره ... لم يخفق قلبها بتلك القوة والشدة عند رؤيته ...؟!!
تقدم "يوسف" صوب "عبد المقصود" متسائلاً بقلق ...
يوسف: أبو "محمد" .. أخبار حضرتك إيه ...؟؟
ابو ورد: "يوسف" .... !!! أهلاً يا إبنى إتفضل ..
تعلقت عيناه بها لوهله ثم نظر تجاه والدها مستكملاً حديثه وهو يتخذ مقعده بمقابله ...
يوسف: أصلى قلقت عليك لما بقيت تغيب عن الصلاه فى المسجد ...!!!
ابو ورد: أصل اليومين دول فيه دوا للضغط لما باخده بنام مش بحس بالدنيا وبيفوتنى المعاد ...
يوسف: ربنا يديك الصحه .. هو الأسبوع إللى فات بس أنا كنت مسافر وكنت حاجى أزور حضرتك وأطمن عليك ...
ابو ورد: انا بخير يا إبنى الحمد لله ..
إتخذ الحديث مجرى رسمياً للغايه ليفكر "شريف" بحيله ليبعد "عبد المقصود" قليلاً ليفسح المجال لصديقه مع تلك الجميله فربما تتغير أفكاره المتحجره تجاهها ...
شريف: أبو "محمد" أظن العربيه بتاعه حضرتك سحبها الونش بره ...!!!
إنتفض "عبد المقصود" من مكانه بقلق قائلاً ..
ابو ورد : ده أنا قايل لـ"مصطفى" السواق ميسبش العربيه لأن فيه زحمه كتير بره .... لا حول ولا قوة إلا بالله ...
مال شريف على أذن "يوسف" هامساً ...
شريف: أى خدمه ... إتلحلح بكلمتين بقى قبل ما أبوها ييجى ...
ثم إعتدل "شريف" غامزاً لصديقه الذى إتسعت عيناه إندهاشاً من تصرفه ، هتف "شريف" بـ"عبد المقصود" لاحقاً به ليبحث عن سيارته معه ...
شريف: ابو "محمد" أنا جاى معاك ... لحظه ...
لحق "شريف" بـ"عبد المقصود" ليعطى الفرصه لـ"يوسف" و"ورد" بالتعرف إلى بعضهم البعض ....
____________________________________
علا ...
كما إتفقت مع صديقتها "لمياء" ذهبت لمقر شركه الأقصى التى يعمل بها "يوسف" للبحث عنه وإيجاد فرصه للتحدث معه فربما يشعر بعشقها المتيم له ...
تجولت بتلك الأروقة باحثه عن "يوسف" ليخبرها أحدهم أن هذا وقت الإستراحه وربما تجده بالمطعم المقابل للشركه يتناول طعامه مع صديقه"شريف" ...
إبتسمت فى داخلها فربما الصدفه تلعب معها لعبه الحظ السعيد فمقابلتها له بالمطعم ستكون أفضل بكثير عن مقابلتها له بالمكتب وربما تتاح لها الفرصه بالتحدث معه وقضاء بعض الوقت فهذه فرصه عظيمه عليها إقتناصها ...
____________________________________
المطعم ...
بعد صمت دام للحظات نكست بها "ورد" عيناها بخجل مصطنعه الإنشغال بحقيبتها البيضاء تعبث بها بإضطراب ، إستجمع "يوسف" نفسه ليبدأ بسؤالها ....
يوسف: أنتى خريجه إيه ...؟؟
رفعت عيناها المتوهجتان به ليغرق ببحورهما مشدوهاً وهو يستمع لنبرتها الرقيقه وهى تجيبه خجلاً ...
ورد : إداره أعمال ...
إبتلع ريقه مستكملاً حديثه بقوة يستجمع بها شتات نفسه المبعثرة ...
يوسف: بجد .. أنتى مجالك كده قريب من مجالى جداً ...
ورد: والله !!! .. بس أنا مش بشتغل .. مش حابه أشتغل ..
يوسف: ليه .. أهو تتسلى ..
تجاوبت معه "ورد" بتلقائيتها وعفويتها المعتاده ليتابع "يوسف" حديثها بإستمتاع حقيقى فهى رقيقه ناعمه للغايه لم يقابل فتاة مثلها من قبل ..
ورد: لا أنا مش بيفرق معايا خالص الجو ده .. والشغل وتحقيق الذات والكلام ده ... أنا بحب البيت وقعده البيت ..
يوسف: غريبه .. مع إنى مشفتش حد بيحب قعده البيت دى أبداً ...
تجهمت بخفه وهى تتسائل بفضول ...
ورد : وده ضايقك ...؟؟
يوسف: لا بالعكس .. أنا بس مبحبش أقول كده للناس تفتكرنى راجعى شويه ..
إتسعت إبتسامه "ورد" لتتسع إبتسامته أيضاً إثرها فكم لها من سحر جعلته مشدوهاً بها ، إنفصل تماماً عن الواقع وكأن العالم قد خلى تماماً من كل ما يحيط بهم ...كانت تتحدث ويجيبها كمل لو كان بحلم غير موجود بالواقع ليهيم بها متسائلاً بداخله ...كم هى رقيقه ساحره مميزة بكل شئ ...
أفاق فجأه على صوت أنثوى شجى ينادى بإسمه ليلتفت نحو مصدره بإندهاش ...
علا : إزيك يا "يوسف" ...؟!!!
تعجب لرؤيتها هنا بالمطعم لينهض من جلسته بإستراب ...
يوسف: علا .... !! ا.أأ ... أهلاً ..
نظر نحو "ورد" كما لو يعتذر نيابه عن "علا" لمقاطعه حديثها ...
حدجت "علا" "ورد" بنظرات ناريه متفحصه قبل أن تنحى عيناها عنها مستكمله وكأنها لاتراها بالمرة ..
علا : أنا .. ااا .. كنت معديه من هنا بالصدفه شوفتك .. قلت أسلم عليك ...
بغيظ شديد من مقاطعه "علا" لجلسته مع "ورد" أرسم إبتسامه مختنقه على وجهه ثم أردف مجاملاً ...
يوسف : أه .. أهلاً وسهلاً .. إتفضلى ..
أعادت "علا" نظراتها المغتاظه تجاه "ورد" ثم وجهت حديثها لـ"يوسف" تتغنج بدلال كمل لو أن بينهما رابط ما تكيد به "ورد" التى تتابعهم بإهتمام ...
علا : لأ معلش بقى مره تانيه .. أنا بس كنت عايزة أسألك .. أخبار موضوعنا إيه ...؟؟
بإندهاش شديد رفع "يوسف" حاجباه وقد عقص وجهه بعدم فهم ...
يوسف: موضوعنا ...؟؟!!!!!!!!
علا : أه إللى قلت لك عليه ..
يوسف متذكراً : أاااه .. والله لسه يا "علا" .. أول ما حد يبلغنى حاجه حقولك على طول ..
علا : مش عارفه أشكرك إزاى يا "يوسف" بجد ..
يوسف: لا شكر على واجب .. أقعدى بس إشربى حاجه ..!!
إستكملت "علا" دلالها الغير مبرر وقد تعالت ضحكتها بصورة مستفزة فيبدو أن وجود "ورد" أثار غيرتها وحنقها للغايه لتخرج شخصيه غريبه حتى على نفسها ...
علا : يبقى لك عندى كوبايه شاى .. ومتقلقش .. حتاخدها حتاخدها ..
أجابها "يوسف" بعفويه فهو لا يحبذ الشاى مطلقاً ...
يوسف: شاى ..!! بلاش الشاى ..
علا: ده مفيش أحلى من الشاى .. مسيرى حدوقهولك من إيدى وأنت تعرف ..
أنهت عبارتها وهى تنظر بتقزز تجاه "ورد" تتعمد إغاظتها ، لينهى "يوسف" هذا اللقاء الذى قطع حديثه مع "ورد" غير عابئ بما أصاب "علا" اليوم ...
يوسف: اه اه ... إن شاء الله ..
علا: سلام ..
يوسف: مع السلامه ...
عاد "يوسف" إلى مقعده وهو يبرر من هى تلك التى إقتحمت جلستهم بتلك الصورة دون إدراك لم عليه إيضاح ذلك ليبرر بإرتباك ...
يوسف : دى اااا .... "علا" ... جارتنا ...
أومأت "ورد" رأسها بخفه لكن ملامحها كانت تحمل ضيق شديد لا تدرى لم شعرت به بمجرد رؤيه تلك الفتاه تتحدث مع "يوسف" بهذا الدلال وكأن بينهما شيئاً ما يخفيانه سوياً لتردف "ورد" بحنق ..
ورد: بس شكلها أكتر من مجرد جاره ..
بنفى قاطع وإصرار على إظهار ذلك لها ...
يوسف: لأ .. طبعاً ..دى جارتنا وبس ....كانت عايزانى أتوسط لها فى شغل عندنا فى الشركه ...
دفعت "ورد" بكتفها بلا مبالاه كما لو أصابتها الغيره من تلك الجاره لتردف بنبره متهكمه زادتها نعومه ودلال ...
ورد: عموماً متفوتش كوبايه الشاى !!!! .. أنا مش عارفه إللى بيشربوا الشاى دول بيحبوا فيه إيه ... هو فيه زى القهوه وجمالها ..!!!
حتى بتهكمها كانت لطيفه لذيذه للغايه ، إبتسم "يوسف" لمحبتها لمعشوقته السمراء ليهتف بإبتهاج ...
يوسف: إنتى بتحبى القهوة ؟!!!! .. أنا مدمن قهوة بصراحه ..
ورد: انا كمان مقدرش أتخيل يومى من غيرها ..
عبد المقصود ...
بعد بحث كثير عن السيارة برفقه "شريف" فـ "مصطفى" السائق قد إختفى بالفعل مما أثار دهشه "شريف" الذى لم يكن يدرك ذلك وكان الأمر كله حيله من خياله ، وجدا السائق بأحد المقاهى بإنتظارهم حتى ينتهوا من تناول طعامهم ....
عادا مره أخرى إلى المطعم وقد أُنهك "عبد المقصود" للغايه ...وفور أن دنا من الطاوله التى يجلس عليها "ورد" و"يوسف" شعر بألم شديد و إنعدام فجائى فى الرؤيه وسقط مغشياً عليه