
رواية اشواك الورد الفصل السابع عشر17والثامن عشر18 بقلم قوت القلوب رشا روميه
•• رد الجميل ...••
المطعم ...
تباطئت خطوات "عبد المقصود" ليسقط أرضاً بوضع ساكن مريب للغايه ، لوهله تصورت "ورد" أنها تتخيل ما حدث لتنظر تجاه والدها بإستراب لسقوطه الفجائى لتهب منتفضه بخطوات أشبه للركض سقط لها المقعد المجاور لها بعد إصطدامها به بدون شعور فلم تكن تهتم سوى لوالدها الذى سقط أرضاً ...
جثت على ركبتيها بإنفعال وقد إرتعش جسدها بقوة فور إقترابها منه وقد شحب وجهه للغايه قاطعاً الأنفاس ...
إنهار حصنها المنيع بلحظه أمام أعينها لتنهار له قواها وتصرخ مرتعبه وهى تهز والدها تحثه على أن يفتح عيناه وينظر إليها ...
ورد: بابا .... بابا .... رد عليا يا بابا !!!! ... فوق وكلمنى ...!!!!
كانت يد "يوسف" أسرع من يدها وهو يربت بخفه على وجنة "عبد المقصود" الشاحبه محاولاً إفاقه هذا الرجل الطيب ...
مع محاولتهم لبضع دقائق لم يتأثر لها "عبد المقصود" مطلقاً هتف "شريف" بنبره عقلانيه عمليه للغايه ...
شريف: يلا يا جماعه نوديه المستشفى .. المستشفى قريبه أهى ... مش لازم نسيبه كدة ...!!!!
وافق "يوسف" بشده ما تفوه به "شريف" ليميل نحو "عبد المقصود" ماداً ذراعه أسفل رأسه ليحمل جسده الضئيل فوق ذراعيه بجسارة ليتحرك صوب المستشفى بعجاله وهو يطلب من "ورد" بلهجه آمره فلا وقت للبكاء ووالدها متعب بهذا الشكل ...
يوسف: يلا يا "ورد" ورانا على المستشفى ...
إتجه "يوسف" حاملاً "عبد المقصود"الهزيل فوق ذراعيه يساعده "شريف" على ذلك بينما كانت تلحقهم "ورد" بخطوات متعجله وقلب منفطر ....
____________________________________
المستشفى ...
أسرع المسعفون يدفعون بأحد المقاعد المتحركه ذوى العجلات بإتجاه "يوسف" الذى دلف للتو يحمل شخصاً غير واعى مطلقاً ...
إندفع به المسعف إلى غرفه الطوارئ فى الحال يتبعه الطبيب لفحص "عبد المقصود" ...
إنتظرت "ورد" التى تعلق بصرها بغرفه الطوارئ بهذا الرواق لا تتمالك دموعها التى تتساقط كما لو كتب عليها الحزن بقيه حياتها فهى لا يمر بها يوماً إلا وإمتلأ بالأشواك ...
تعلقت عينا "يوسف" بـ"ورد" لكنه فضل الصمت لبعض الوقت لحين الإطمئنان على والدها وما أصابه ...
لم يمر وقت بعيد حتى خرج الطبيب إليهم وقد أرتسمت على محياه علامات الإمتعاض والضيق ، إلتف حوله ثلاثتهم بتوجس شديد فملامحه لا توحى بالخير مطلقاً ...
زفر الطبيب بقوة وهو يتابع نظراتهم المتعجله لمعرفه ماذا أصاب هذا الرجل ليردف بأسف لما وصلت له حالته ....
الطبيب: للأسف .... أنا كنت متوقع ده !!!! .... هو مسمعش كلامى ... دى نوبه ألم مقدرش يستحملها ... فأغمى عليه ...
تطلعت به "ورد" بذهول للحظات تحاول فهم عما يتحدث بالضبط لتهز رأسها بجهل تام متسائله بإستراب وتوجس ...
ورد: متوقع ... متوقع إيه ...؟؟ ونوبه إيه ...؟!! أنا مش فاهمه حاجه خالص ...!!!!
لحقها "يوسف" بسؤاله للطبيب يحثه على التحدث بدلاً من تلك الإيحاءات الغامضه ...
يوسف: قصدك إيه يا دكتور ... وضح كلامك لو سمحت ... مش مستحمله ألغاز هى .....!!!
رفع الطبيب كتفه وأهدله موضحاً حاله "عبد المقصود" بالضبط لهم ...
الطبيب : للأسف ... والدكم مخبى عليكم إنه مريض بالكانسر ومه الأسف رافض يستجيب للعلاج ...
فغرت "ورد" فاها بصدمه وهى تشهق بقوة وضعت لها كفيها فوق فمها تمنع صوت شهقاتها العاليه من الخروج ، بإنكار تام لتلك الحقيقه بمرض والدها الخبيث رافضه تصديق هذا الحديث وإعتباره ما هو إلا كذب فأبيها سليم معافى وسيبقى إلى جوارها إلى الأبد ....
ورد: لأ ... لأ طبعاً .. لأ بابا مش عيان !!!!! .. لأ بابا كويس ... بابا معندوش المرض الخبيث ده !!! ..
طرقت بكفها بضعف على باب غرفه الطوارئ بحاله من الهلع أصابتها بعدم تصديقها لتشخيص هذا الطبيب المجحف ...
ورد: قوم يا بابا .. قوم قولهم إن إنت كويس !!! ... على فكره دة شويه ضغط عالى بس .. هو كويس .. بابا مش عيان .. بابا مش حيسيبنى لأ ... لأ يا بابا ...!!!!
حاول الطبيب من تهدئه "ورد" التى إنفعلت بهلع لمعرفتها بحقيقه مرض والدها الذى أخفاه عنها ليتأكد لماذا طلب منه "عبد المقصود" بإخفاء الأمر ، فيبدو أن "ورد" قدرتها على تحمل الصدمات ضعيف للغايه ، نظر الطبيب بإتجاه "يوسف" لمساعدته بتهدئتها قليلاً ...
الطبيب : مينفعش كده .. إنتى لازم تهدى .. وتحاولى معانا تقنعيه إنه لازم يتعالج عشان يقدر يخف ويقوم من تانى بالسلامه ... مش كدة برضه يا حضرة ولا إيه ...؟!!
أومأ "يوسف" بتفهم لمقصد الطبيب ليحث "ورد" على الهدوء والتفكر بمصلحه والدها وصحته أولاً ....
يوسف: أه طبعاً ... لازم يا "ورد" نهدى كدة ونفكر فى علاجه أهم حاجه ...
ورد: أه .. لازم بابا ياخد العلاج .. لازم ..
بقلق حقيقى ومشاعر إبن صادقه عقب "يوسف" بأمل فى الله قائلاً ...
يوسف: إن شاء الله حيتعالج ويبقى أحسن من الأول ... بس مينفعش إللى إنتى فيه ده !!! .. لازم تهدى هو محتاجك جنبه ... مش تزودى عليه ...!!!
تطلعت به "ورد" تومئ بإيجاب محاوله السيطرة على إنفعالها وقلقها ، هى بالفعل تحتاج لتلك المشاعر الصادقه لتقويها وتبث بها القوة والصبر لتتحمل شدة والدها وأن تبقى إلى جوار والدها الذى يحتاجها الآن ...
إستكمل الطبيب إيضاحه قائلاً ...
الطبيب : عموماً إحنا إديناه جرعه مسكنه قويه وعلقنا له محلول لأنه ضعيف جداً بإذن الله حيفوق لكن لازم يبقى هنا تحت الملاحظه والعلاج ... حالياً وجودكم مالهوش لزوم لأنه حينام وقت طويل وممنوع المرافق ... تقدروا تتفضلوا دلوقتى وتيجوا بكرة فى معاد الزيارة ...
نظر "يوسف" تجاه "شريف" طالباً منه العودة للشركه بينما بقى "يوسف" مرافقاً لـ"ورد" لبعض الوقت حتى يطمئنا على والدها حتى لو كان غير واعى لهما ...
بعد إنتهاء موعد الزيارة إضطرت "ورد" للخروج من المستشفى فهى لن تبقى معه اليوم ...
بنبره محبطه للغايه تحدثت "ورد" مجامله لـ"يوسف" الذى ترك عمله وبقى برفقه والدها حتى الآن ...
ورد: إنت تعبت أوى معانا النهارده ...
يوسف: إنتى متعرفيش غلاوة والدك عندى إيه !!! ... ده جِميله فى رقبتى مقدرش أوفيه طول عمرى مهما عملت ...
جاهدت نفسها لتخرج فوق شفاهها إبتسامه باهته قائله بإمتنان ...
ورد : شكراً ليك بجد ... إتفضل معايا السواق يوصلنا بما إن طريقنا واحد ...
لوح "يوسف" معترضاً على إقتحام خصوصيتها بهذا الشكل وفرض نفسه عليها لإيصاله لمنزله ...
يوسف: لأ طبعاً .... خليكى إنتى على راحتك .. أنا حروح لوحدى ...
ورد: طب ليه ؟!! .. ما العربيه والسواق موجودين أهم ... إتفضل معايا .... كفايه وقفتك من الصبح معانا ...
بإيجاب أومئ "يوسف" بخفه دون الإثقال عليها لأكثر من ذلك ليتخذ المقعد المجاور للسائق بينما جلست "ورد" بالمقعد الخلفى ناظره كعادتها إلى السماء تدعوا الله بالشفاء لوالدها فهى لا تدرى كيف ستكمل حياتها بدونه لو لا قدر الله حدث له أى مكروه ....
أوصل السائق "يوسف" أولاً لبيته ليتخذ طريقه لبيت "عبد المقصود" لإيصال"ورد" التى بقيت بغرفتها بقيه الليله دون الخروج منها ...
___________________________________
علا ...
لقاءها بـ"يوسف" اليوم لم ينمحى للحظه واحده بل ظلت تتذكر رؤيته مع تلك الفتاه بالمطعم وقد ثارت الدماء بعروقها وأخذت تنفعل بغيظ شديد لرؤيتهما معاً ...
دق هاتفها لتجيب على الفور بإنفعال ...
علا : إنتى فين من الصبح رنيت عليكى خمسميه مرة .. !!!!!!
لمياء: بالراحه بس ... إيه إللى حصل ...؟؟!! ها ... روحتى زى ما قلت لك .. ؟!!
علا : متفكرنيش .. أنا من ساعتها مش على بعضى والله ...
لمياء : ليه إيه إللى حصل صوتك متضايق أوى ليه كدة ...؟!!
هوت بقوة فوق الفراش تتحدث بضيق وإنفعال وهى تتذكر مشهد حديثهما معاً حين دلفت للمطعم أنام أعينها كما لو أنها تراهم حقيقه أمامها الآن ...
علا : رحت لقيته قاعد فى المطعم إللى قصاد الشغل مع واحده يالهوى ... مش عارفه أقولك إيه .... واحده تغيظ كده ...!!!!
لمياء : ليه يعنى ... ؟؟
إمتعضت ملامحها بتقزز وهى تصف "ورد" بغيره شديده ...
علا : حاجه ملزقه عينيها ملونه وشعرها طويل كده .. أوووف .. أعمل أنا معاها إيه دى ... ؟!!!!!
حاولت "لمياء" بث الثقه بصديقتها وهى تتسائل بإشمئزاز ...
لمياء : حلوة أوى يعنى !!!!! .. وبعدينى يا بنتى إنتى قمر ...
علا : متكدبيش عليا أنا عارفه أنا إيه .. أينعم مش حلوة أوى بس دى فظيعه ....أخليه يبص لى إزاى بس ودى قدامه كده ...
لمياء : أنا عارفه لك بقى ... موضوعك ده متعقرب كده ليه ....؟!!
علا : ولا أنا كمان عارفه !!!! ... أدينى حفكر فى حاجه جديده ونشوف ..
لمياء : ماشى يا "علا" لما توصلى لحاجه أبقى قوليلى ... أنا عايزة أنام ... هلكانه طول النهار فى الشغل ...
علا: خلاص ماشى .. سلام ..
لمياء : سلام ...
____________________________________
شقه حسام ....
أخذ يحك شعره الطويل بأصابعه وهو يتسائل بعدم فهم بعدما إنتهت والدته من تلك المكالمه الطويله ...
حسام : أيوه إيه بقى إللى حصل وخلاها مجتش إمبارح ..؟؟
ام حسام: "نجاح" بتقولى إن "عبد المقصود" جه و"ورد" مش هناك وطلع على طول ورجع وهى معاه .. يبقى شكله لحقها قبل ما تيجى هنا ...
أغلق عيناه بتملل ثم تسائل بقله صبر ...
حسام : وبعدين طيب ... حنعمل إيه دلوقتى ... إحنا ما صدقنا كانت حتيجى ...؟!!!
ام حسام: إستنى أفكر فى حاجه تانيه لأنه أكيد حذرها مننا عشان متجيش تانى لوحدها .. ده غير أنى سمعت أنه تعبان فى المستشفى ...
لمعت عينا "حسام" وهو يلقى بفكرته بمكر ...
حسام: حيموت يعنى !!!! .... يلا خلينا نخلص منه ونعرف نستفرد بيها ..
ام حسام: يا ريت ...
____________________________________
اليوم التالى ....
المستشفى ...
منذ ساعات الصباح الأولى وجدت "ورد" راحتها بالتوجه للمستشفى للبقاء إلى جوار والدها الذى مازال يغط بنوم عميق ...
إتخذت مقعداً إلى جواره تستمد الأمان ليغمض جفناها غافيه بعدما جافى عيونها النوم ليله الأمس ...
بعد مرور الوقت بدأ "عبد المقصود" يستفيق بإستراب فهو لا يدرى ما الذى جاء به إلى هنا ...
ابو ورد: إيه ده .. أنا فين ...؟؟؟
فتحت "ورد" عيونها فور سماعها صوت والدها الحنون لتهب إلى جواره تعاتبه على إخفاءه مرضه عنها ...
ورد: كده برضه يا بابا ... ؟؟ ... كده تبقى تعبان كده ومتقوليش وترفض العلاج ...؟؟
لاحت إبتسامه منهكه فوق ثغره وهو يمسك بكفها الناعم بين راحتيه ...
ابو ورد: هو الدكتور قالك .. ؟؟
ورد: أيوة .. أنت قلقتنى عليك أوى إمبارح ....!!!
ابو ورد: حقك عليا ... أنا بس مكنتش عايز أقلقك كفايه إللى أنتى كنتى فيه ....!!!
قلبت "ورد" شفتيها بإستياء من إهمال والدها لصحته بهذا الشكل ...
ورد: تقوم متاخدش العلاج !!!! ... أنا معرفش أعيش من غيرك ... لازم تاخد العلاج عشان خاطرى .. كده غلط ....
بإحتساب شديد لمصابه أردف "عبد المقصود" بإيمانه بالمقدر له ...
ابو ورد: كل واحد له أجل .. المهم أطمن عليكى ...
ورد: يا بابا أنا كويسه طول ما أنت كويس .. عشان كده لازم تقعد فى المستشفى وتاخد العلاج ...
لم تكن تعلم أن والدها عنيد للغايه حين هتف بها بإعياء شديد وإصرار بالرفض على البقاء ...
ابو ورد: أنا عايز أطلع من المستشفى دلوقتى و أوعدك أعمل حاجه مهمه أوى بعدها أرجع بنفسى أخد العلاج لحد ما أخف ....
ورد: تانى يا بابا ...!!!!
ابو ورد: أيوة إسمعى أنتى بس الكلام ....
زمت شفتيها بضيق لعند والدها وتشبثه برفضه لتتكتف عابسه للغايه حين سمعا طرقات خفيفه بباب الغرفه وأطرق "يوسف" رأسه ببطء مستأذنا للدخول ، تلاشت تلك التعبيرات العابسه ليشرق وجهها ببسمه لطيفه وسط ترحيب "عبد المقصود" بقدومه ....
ابو ورد: تعالى يا "يوسف" يا إبنى ...
يوسف : لا إنت ما شاء الله عليك النهارده .. أحسن كتير ...
ابو ورد: الحمد لله ...
رفع "عبد المقصود" عيناه نحو إبنته طالباً منها أن تحضر لهم أى مشروب من الخارج ...
ابو ورد: ما تنزلى يا "ورد" للبوفيه تجيبى كوبايه شاى ولا حاجه لـ"يوسف" ....
كانت إجابتها سريعه للغايه متحليه بخجل لطيف ...
ورد: لا حجيب له قهوة .. مش كده يا أستاذ "يوسف" ...
إبتسم "يوسف" لود لتذكرها حديثهم بالأمس ثم أردف بالرفض فلا داعى للإثقال عليهم وهم بالمستشفى ...
يوسف: لا مفيش داعى تتعبى نفسك ..
أعاد "عبد المقصود" عناده بإصراره بطلبه ...
ابو ورد: لا بقى .. أنت فاكرنا بخلا ولا إيه !!!! .. يلا يا "ورد" من غير سؤال شوفى حتجيبى لنا إيه ....
ورد: تمام ....
تركتهم "ورد" باحثه عن (البوفيه) لإحضار القهوة ومشروب لوالدها ليترقب "عبد المقصود" تلك الفرصه داعياً "يوسف" للجلوس بالقرب منه ...
ابو ورد: أقعد يا "يوسف" .. أنا عايزك فى موضوع مهم أوى ..
نبرته الجاده إسترعت إنتباه "يوسف" الكامل ليهتف بإنصات ...
يوسف : خير .. إتفضل يا أبو "محمد" ...
بنفس متقطع وإجبار لنفسه على الحديث أمسك "عبد المقصود" بكف "يوسف" يحدثه بحميميه أب ربما تتحلى ببعض الرجاء ...
ابو ورد: أنا عايز أطلب منك طلب .. ولو مش فى إستطاعتك عادى يا إبنى أنا حفهم ...!!! ... أنا دلوقتى زى ما أنت شايف خلاص حموت ...
يوسف: بعد الشر عنك متقولش كده ...
ابو ورد: يا إبنى ده أجل وأنا حاسس خلاص إن نهايتى قربت ... لكن أنا خايف أوى على "ورد" .... بنتى مش حتقدر تعيش فى الدنيا دى والناس طمعانه فيها بالشكل ده .. وأنت يا أبنى شايف هى طيبه وعلى نياتها قد إيه !!! ... ونفسى أطمن عليها قبل ما أموت ....
إبتلع "عبد المقصود" ريقه بغصه فلم تكن تلك هى الطريقه التى يريد بها سعاده إبنته ، لم يرد أن يحط من قدرها لكن الوقت لن يسعفه بالإنتظار ليكمل بإستحياء شديد من طلبه ...
أبو ورد: عشان كده يا أبنى أنا عايزك تتجوزها !!!! .. تحميها وتعيش تحت جناحك وفى رعايتك .. أنت ونعم الأخلاق والدين ... حتعرف تصونها وتحميها .... ولو مش حتقدر يا أبنى ..... براحتك ده طلب مش إجبار .. فكر وبلغنى بقرارك وصدقنى أنا مش حزعل ولا أى حاجه لو إنت رفضت ....
مجرد إحساس "يوسف" بترجى "عبد المقصود" له لم يفكر للحظه بأن يرد طلبه حتى ولو فوق رقبته ، فهو لن ينكر صنيعه وجميله معه ليردف على الفور بدون أى تأخير ...
يوسف : طلبك أمر ... ووصيتك دين فى رقبتى ... مقدرش أرفضه ...
شعور بالراحه سرى بعروقه بلحظه موافقه "يوسف" ليستطرد موضحاً قبل عودة "ورد" ...
ابو ورد: بص يا أبنى "ورد" باقى فى عدتها من جوزها الأولانى أأقل من شهر .. بعدها على طول نكتب الكتاب عشان أطمن عليها ....
إحساس بالغصه جعله ينتفض من داخله حين تذكر موضوع زواجها الأول ، لكنه وعده وعداً قاطعا بالحفاظ عليها وحمايتها ....
يوسف : تمام ... بس سيبنى كام يوم أبلغ والدتى و أعمل ترتيباتى وطبعاً والدتى لازم تشوف العروسه ...
ابو ورد: تمام يا أبنى وبعد زياره "ورد" لوالدتك إحنا حنسافر ونرجع يوم كتب الكتاب ونعمل فرح على الضيق كده موافق ...
يوسف: موافق يا عمى ...
صمت "عبد المقصود" لوهله قبل أن يكمل برجاء آخر ...
ابو ورد: طيب ممكن نبلغها إنك طالب تتجوزها ... عشان بس مكسرش نفسها ...!!!
يوسف: طبعاً يا عمى ... ولا أنا حقول أى حاجه لأى حد ...
إجابته للمرة الثانيه أعاده الحياه لوجهه ورفعت من قدر "يوسف" لديه ليثنى متفاخراً به ..
ابو ورد: راجل يا أبنى ... وعشمى فيك طلع فى محله ...
____________________________________
بعد قليل ..
قدمت "ورد" فنجان القهوة لـ"يوسف" الذى إرتشفها سريعاً و إستأذن منهم ليعود للشركه بعدما أصر "عبد المقصود" بالعودة للبيت وترك المستشفى ...
____________________________________
شركه الأقصى ....
بعد تركه للمستشفى عاد لمكتبه ليجلس بهدوء متفكراً بما إتفق مع "عبد المقصود" عليه منذ قليل ...
أخذ يحدث نفسه بشرود تام دون الإنتباه لـ"شريف" والمحيط من حوله ...
" أنا إيه إللى عملته ده !!! ... بس أنا مكنش ينفع أرفض ... الراجل ده جِميله فى رقبتى ودى أأقل حاجه أقدمها له ... بنته أمانه فى رقبتى .. بس .... موضوع جوازها الأولانى ده مش عارف أبلعه !!!!!!! ... بس هى فيها كل حاجه أنا عايزها شريكه حياتى ... رقيقه وهاديه وطيبه .. أنا محتار !!! ... دماغى خلاص ... حتنفجر ..."
لم يدرك "يوسف" حين تلفظ بجملته الأخيرة بصوت عالٍ إنتبه لها "شريف" ...
يوسف: دماغى خلاص حتنفجر ...!!!
شريف: مالك يا "يوسف"... أنت مش طبيعى خالص ...؟!!
يوسف: مش عارف يا "شريف" محتار ومش عارف أفكر ...
شريف: طب ما تقولى يمكن أفيدك ..
تفكر "يوسف" لبضع لحظات فهو لن يفشى هذا السر الذى إئتمنه "عبد المقصود" عليه ليحاول إشراك "شريف" معه بطريقه أخرى لا تمس "ورد" وتحط من قدرها أو قدر والدها ...
يوسف: أصل ... ااا .... أبو "ورد" تعبان أوى .. و ... أنا كنت بفكر أطلبها منه ... بس موضوع جوازها الأولانى ده مش قادر أعديه ..
إعتدل "شريف" بجلسته وهو يتحدث بجديه لأول مرة ...
شريف: إنت عايز الحق ...؟!!
يوسف: طبعاً ...
شريف: العيب مش فيها .... العيب فيك إنت ...
ذهل "يوسف" للغايه من رأى "شريف" الصادم ...
يوسف : أنا ....!!!
شريف: أيوة .. ولنفترض إنها تجوزت واحد وما إتوفقتش معاه .... تفضل طول عمرها منبوذه مستنيه تموت ... ولا يمكن واحد ييجى يعوضها عن التجربه الفاشله دى وتعيش حياه طبيعيه ؟!!!! ... أنا عن نفسى مش شايف عيب فيها ... قولى يا "يوسف" ... غير موضوع جوازها ده .. إنت شايف فيها عيب تانى ...؟!!!!
تفكر "يوسف" لأقل من لحظه ليردف بإجابه قاطعه ...
يوسف: الصراحه .. لأ ...
شريف: يبقى بتُحكُم عليها بحاجه ملهاش يد فيها ليه ؟!!! ... ما هى أكيد وقتها مكانتش عايزة تطلق وكانت عايزة تبنى بيت وحياه .. صح .... ؟!!!
يوسف: أه ..
نهض "شريف" من مقعده ليتجه صوب مكتب "يوسف" وهو يحدثه بصرامه يوضح له الضبابيه التى ينظر بها إليها ....
شريف: شوف يا "يوسف" .... يا تقرب منها وتنسى الحاجز الوهمى إللى إنت حاطه ده ... يا إما تسيبها لنصيبها .... وواحده زى دى مش حتتساب وألف من حيجرى وراها ومش بعيد كلها شهر ولا شهرين وتلاقيها متجوزة من واحد تانى ... ها .... عندك إستعداد تسيبها لواحد تانى ...؟!!!!!!!!!
أثارت جمله "شريف" الأخيره إحساس دفين بداخله بأنه لا يريد أن يضيعها من يده .. مهما كان السبب ... يريدها إلى جواره هو .. سواء طلب والدها ذلك منه .. أو طلبها هو بنفسه .. فهو بالفعل يريد القرب من "ورد" ... ولا يتحمل رؤيتها أو حتى التفكير بأنها ربما ترتبط بأخر ....
ليهمس "يوسف" متوافقاً مع ما قاله "شريف" ....
يوسف: عندك حق ... عندك حق يا "شريف" ....
•• الفصل الثامن عشر ••
•• سأتزوج ....!!!! ••
لن أتركك ... هكذا قالتها بداخلها وهى تقضى الوقت برفقته بداخل غرفته بعد عودتهما من المستشفى ...
لن تضيع دقيقه بعيده عنه ، تخشى فقدانه فهو صمام الأمان وحصنها الحامى ، مجرد التفكير بمرضه يجعلها ترتعد خوفاً ...
إعتمدت بكل حياتها على وجوده هو فقط ، فبعد وفاة والدتها أصبحت وحيدة للغايه قربها إليه ، دللها كثيراً وتحمل المشقه كلياً عنها ...
كان عقلها المدبر وموجهها الحكيم ، كل خطواتها برأيه ومشورته ، بدونه هى لاشئ ...
تمعن "عبد المقصود" بوجه إبنته البرئ يلوم نفسه على ما إقترفته يداه ، فدلاله المفرط لها وخشيته دوماً عليها أكسبها سذاجه متناهيه ونقاء مبالغ فيه ...
جعلها لا تتحرك خطوة بدونه ليسقط بأزمه خطيرة ، أزمه تركها بمفردها ، فكيف ستتحمل غيابه ..؟؟! كيف ستدير حياتها وشؤونها الخاصه .. ؟!!
لم ينتبه أنه كان يجب عليه تركها تتعلم من خبرات الحياة ما يؤهلها لإكمالها بقوة وصلابه ، ظن أنه يقوم بكل ذلك عنها لمصلحتها وحمايتها بينما كان يضر بها دون أن يدرى ...
حتى بإختيار شريك حياتها إختار بدلاً عنها مرة وها هو يكررها مرة أخرى ...
رفع جزعه مستنداً لظهر الفراش وهو يطلب من إبنته الإقتراب ....
ابو ورد: أقعدى يا "ورد" عايزك فى موضوع ...
جلست "ورد" إلى جواره منصته إليه بإهتمام فملامحه توحى بالجديه التامه ...
ورد: خير يا بابا ...
صمت لوهله قبل أن يلقى بخبر زواجها مرة أخرى بدون مقدمات أو تمهيد ...
ابو ورد: "يوسف" .. طلب إيدك منى .. وأنا وافقت ...
تسمرت "ورد" بدهشه لتلك المفاجأة الغير متوقعه بالمرة ، زاغت عيناها لا تدرى بما عليها أن تشعر الآن ، هل تسعد لذلك أم تحزن ...!!!!
نعم لقد شعرت تجاه هذا الشاب بالذات إحساس غريب إحساس ممتع حلو للغايه ، إحساس متفرد لم تشعر به مع من قبل حتى مع "حسام" ، تشعر بألفه رهيبه وكأنها تعرفه من سنوات عديدة ..
لكنها بداخلها هذا التخوف ، ليس تخوفاً بل ذعراً هلعاً بتفكيرها أنها يمكنها أن تعيد تلك التجربه المشؤمه مرة أخرى ، هى لم تنسى بعد ما حدث بينها وبين "حسام" ...
شعرت بالتخبط والحيرة ... أترفض زواجها من "يوسف" ... هذا الشاب الذى دق له قلبها من نظرتها الأولى ... أم توافق وتعيد تلك المأساه مرة أخرى ويكون صورة أخرى من "حسام" ...!!!!
هل يكون هو فرصتها الذهبيه فى تعويض ما فاتها وتشعر معه بالحب والحنان اللذان تبحث عنهما أم سيكون صورة ثانيه عن "حسام" بإسم مختلف .....
ورد: بس يا بابا .. أنا لسه خايفه .. ممكن يكون زى "حسام" ... و ..
قاطعها "عبد المقصود" بيقين تام لمعرفته الوطيدة بـ"يوسف" وأخلاقه ..
ابو ورد: لا يا بنتى .. "حسام" أنا مكنتش أعرفه بس كنت مصدق "ناهد" .. لكن "يوسف" أنا أعرفه من زمان من وهو صغير .. عارف هو قد إيه راجل وعارف دينه وعنده أخلاق وقد المسؤوليه .. وأنا حرتاح لو أنتى وافقتى يا بنتى ...
كما إعتادت دوماً وبثقه عمياء بقرار والدها أردفت بدون تفكير ...
ورد : لو ده حيريحك يا بابا .. أنا موافقه ...
ابو ورد: و أوعدك يا بنتى إنك مش حتندمى أبداً ... أنا عايزك كمان متجبيش سيره لحد خالص .. وآخر الأسبوع حنسافر أنا وأنتى إسكندريه مش حنرجع إلا يوم الفرح .. فاهمه .. أوعى تقولى لأى حد مهما كان على مكاننا ..
بإستراب شديد لحرص والدها على عدم إخبار أحد بسفرهم أومأت "ورد" بالإيجاب ....
ورد: حاضر يا بابا ...
عادت إلى غرفتها بعد أن خلد والدها إلى النوم لينال قسطاً من الراحه لتحدث "سماح" بمكالمه هاتفيه طويله تسرد لها ما حدث بالتفصيل ...
أبلغتها بقرار والدها بزواجها من"يوسف" والتى رحبت سماح بسماع الفكره من "ورد" ظناً منها أنه بزواجها من هذا الشخص بالذات ربما يعيد لـ"ورد" حياتها المفقوده ....
____________________________________
فرنسا ..
بعد عودة والدى "لامار" من سفرتهم مشتاقين لوحيدتهم الغاليه ، جلسوا جميعاً بجلسه عائليه دافئه ..
والد لامار: حبيبتى .. عملتى إيه من غيرنا الأيام إللى فاتت ....؟؟
لامار: شغل وشغل وشغل ...
نظر "نشأت" نحو إبنته يثير فضولها بتساؤل ذات مغزى ...
والد لامار: ومستعده بقى لأجازة ولا لسه ...؟؟!!
لامار: أجازة ... فين ...؟؟
بابتسامه ينتظر رد فعلها وهو يبلغها عن سفرتهم الجديدة ...
والد لامار: نروح مصر ..!
هتفت "لامار" بحماس شديد فقد إشتاقت للغايه لبلدها وأهلها ...
لامار: إنت خلاص حددت معاد يا بابا ...؟!!!
والد لامار: أيوه .. كمان عشر أيام ... جهزى نفسك بقى ...
لامار: أكيد .. لازم أجهز نفسى .. إسكندريه وحشتنى أوى ...
نظرت والدتها نحوها بإستنكار شديد ...
والد لامار: وجدك وجدتك موحشوكيش ...؟
لامار: أكيد وحشونى أمال أنا بحب إسكندريه ليه !!! ... لأنها شبههم وهم شبهها ...
والد لامار: أنا قلت أقولك قبل معاد السفر ... عشان تجهزى نفسك وتظبطى شغلك ....
لامار : شكراً يا أحلى بابا فى الدنيا ...
____________________________________
شقه يوسف ....
حيره أصابه عقله وسهم ضرب قلبه ، أخذته تلك الياقوته لتبعثر كل معتقداته المترسخه بعقله ، لولا ما بعثرته بنقائها لكان ثابت على مبدأه ولم يهتز بكيانه شئ ...
لكن الحيرة بين عقله وقلبه كادت تفتك به ، عاد مساءً لشقته ليدلف بهدوء وشرود غير المعتاد فذهنه مشغول للغايه ، خاصه وأن عليه إخبارهم الآن بقرار زواجه المفاجئ بعدما كان يرفض ذلك بقوة منذ أيام ليست بالبعيده ...
دعاء ...
فور سماعها لصوت باب الشقه قد أغلق متيقنه بأن "يوسف" قد عاد إلى المنزل ، أنهت مكالمتها مع "مرزوق" بتعجل ثم خرجت إلى "يوسف" لمقابلته كما تفعل كل يوم ...
بتجهم شديد أثار فضول "دعاء" لهذا الإقتضاب المبهم ...
يوسف: فين ماما يا "دعاء" ...؟؟
دعاء: فى أوضتها ..!!!!
يوسف: طب تعالى معايا ....
سارت "دعاء" خلف "يوسف" بخطوات بهلوانيه وقد إتسعت حدقتاها بإندهاش مصطنع لتلك الجديه والإقتضاب المسيطرين على ملامح أخيها ...
دلف "يوسف" لغرفه والدته ملقياً التحيه ...
يوسف: السلام عليكم ...
ام يوسف: تعالى حبيبى إنت جيت ...؟؟
بمزاحها الطريف أرادت رسم بسمه على وجوههم المقتضبه ...
دعاء: ده سؤال ولا تعجب ده ولا إيه ؟؟!!!!!!!! .. ما هو بيكلمك أهو يا حاجه يبقى مجاش يعنى وباعتلك فويس ...!!!!!
إستدار "يوسف" ومازالت تلك الملامح الجاده مسيطرة عليه بصورة قويه ليرمقها بقوة فهو لا يحتمل هذا النوع من المزاح الآن قائلاً بإقتضاب ...
يوسف: لمى لسانك ... وأقعدى عايزكم فى موضوع مهم ...
إبتلعت "دعاء" ريقها بتخوف وهى تجلس إلى جوار والدتها الممدة فوق فراشها وهى تتمتم بقلق ...
دعاء : أستر يا رب ..
سحب "يوسف" نفساً عميقاً يستعد به للتحدث ثم أردف ...
يوسف: مش إنتوا كنتوا عايزنى أتجوز !!! ... أنا حتجوز ....
هللت "دعاء" بسعاده و وربما براحه فقد ظنت أن الأمر يخصها لتزال تلك الصخرة التى جثمت فوق صدرها فور إعلان "يوسف" بخبر زواجه ...
دعاء : أخيراً وافقت على "علا" ..؟!!!!
نظر "يوسف" تجاه "دعاء" وهو يوضح أكثر ليصل لما يريد إخبارهم به ...
يوسف: لأ ...مش "علا" .. واحده تانيه ...
تسائلت والدته بين الفرحه والتوجس فلم يخبرهم بخبر زواجه وهو متجهم مقتضب بهذا الشكل ...
ام يوسف: ومين دى يا إبنى بنت حد نعرفه ...؟؟
يوسف: بنت أبو "محمد" يا ماما ..
رفعت هامتها بسعاده فهذا الرجل نعم من يُنَاسَب لكن كيف ذلك وهناك فرق شاسع بين طبقتيهم الاجتماعية ...
ام يوسف: والله الراجل ده ونعم الناس .. بس دول يا إبنى !!! ... يعنى إحنا فين وهم فين ...؟؟
يوسف : أنا مش عايز منهم حاجه أنا عايزها هى .. ولما تشوفيها حتحبيها أوى .. طيبه وهاديه زى ما أنا عايز بالضبط ...
بثقه بإختيار ولدها لزوجته ومعرفتها به حق المعرفه بأنه لا يطمع بمال تلك الفتاه وأنه لابد وأن أوضح ذلك لوالدها شقت وجهها بإبتسامه فرحه قائله ...
ام يوسف: خلاص يا حبيبى طالما إنت شايف كده .. خلاص ... ربنا يتمم لك على خير ...
بقى إيضاح سبباً لزواجهم السريع فأردف "يوسف" مستكملاً إيضاحه ...
يوسف: بس والدها تعبان عشان كده حنعمل الفرح كمان شهر ...
بإندهاش حقيقى تلك المرة صاحت "دعاء" بإستنكار ...
دعاء: إيه ....؟ شهر ... ؟ إيه الكروته دى ...
يوسف: هو خايف يموت الراجل تعبان جداً ...
لهذا السبب إذن تفكر "يوسف" بزواجه من تلك الفتاه بتلك السرعه ، فلابد أن مرض والدها هو السبب بهذا التعجل منهم جميعاً ...
ام يوسف: ربنا يشفيه ويعافيه ... يمكن يا بنتى عايز يطمن على بنته قبل ما يموت ...
يوسف: بالضبط كده يا ماما ...
ام يوسف: طيب يا إبنى لو كده نفتح أوضتك على الأوضه إللى جنبها عشان توسع ونوضبها ونجيب أوضه نوم جديده ....
يوسف: إن شاء الله .. خلى التفاصيل دى لما تشوفيها الأول ...
ام يوسف : خلاص يا إبنى إن شاء الله .. بس طالما هى عجبتك يبقى أكيد حتعجبنا ...
قبّل يوسف يد والدته ورأسها فقد شعر بالراحه بعد أن أتم ما قد فكر به لإقناعهم ثم دلف لغرفته ليقضى بقيه ليلته بين أفكار سعيده تارة ومزعجه تارة أخرى ...
____________________________________
يومان يمران وقد حاولت النفوس تهيئه القلوب لما هو آت ، سأجرب حظى وأتقدم ... سأبحث عن سعادتى ربما ....
هكذا حدث كل منهما نفسه فبعد أن أبلغ "يوسف" والدته بأمر زواجه إتفق مع "عبد المقصود" على موعد لزيارة "ورد" لوالدته وأخته ...
وها قد آتى اليوم لتشعر "ورد" بتخوف عظيم من تلك الزيارة التى ستقوم بها بمفردها فوالدها غير قادر إطلاقاً على مرافقتها بينما والدته لا تستطيع الحركه كما أوضح "يوسف" لوالدها ...
تحضر "يوسف" لإصطحاب "ورد" ماراً ببيت "عبد المقصود" بالمساء ...
يوسف: أخبار حضرتك إيه النهارده ..؟؟
ابو ورد: الحمد لله يا بنى ...
يوسف: بعد إذن حضرتك آخد "ورد" تزور والدتى زى ما إتفقنا...
ابو ورد: أه طبعاً ... وزى ما قلت لك إحنا مسافرين بكره ... وحنبقى على إتصال ونرجع أنا و"ورد" يوم الفرح إن شاء الله ..
يوسف: بإذن الله ...
فور ذكر ذلك شعر "يوسف" بالإضطراب والتخوف لينحى عيناه جانباً حتى لا ينتبه "عبد المقصود" للقلق الذى إجتاحه ويظن أنه يتهرب من وعده له ...
صوت خطواتها جعله ينتبه لتلك الفاتنه التى كادت تشرق بضياء متوهج بفستانها الفيروزى الطويل كَـ لون عيونها اللامعه ...
وجد نفسه لا شعورياً يبتسم بقوة فهى دوماً تغرقه ببحورها وتنسيه الواقع بوجودها ...
صوتها الدافئ وهى توجه له حديثها جعلته يفهى وتذوب بحلقه الكلمات ...
ورد: أنا جاهزة ...
يوسف: اا .. أه ... يلا .. تمام ....
ابو ورد: السواق جاهز حيوصلكم ..
يوسف: مفيش داعى خالص .. ده البيت قريب ...
ابو ورد: لا .. كده أحسن ... عشان أبقى مطمن ...
إستقلا السيارة وسط صمت طويل ودقات قلب نابضه لتعلنها لحظه سعاده بقربهما معاً ...
____________________________________
طرق "يوسف" الباب أولاً لينبه والدته و"دعاء" بحضورهما قبل أن يفتح الباب وهو يدعو "ورد" للدخول بإبتسامه مرحباً ...
يوسف: نورتى البيت ... إتفضلى ...
أقبلت "دعاء" بفوضويتها المحببه ترحب بتلك الفتاه التى سيتزوجها أخيها ...
دعاء: أهلاً وسهلاً ....
أنهت عبارتها ببطء شديد وهى تكمل بإندهاش لرقه "ورد" وجمالها لتردف بشقاوة ...
دعاء: يا إبن الإيه !!!! ... أتاريك مش موافق على ولا عروسه من إللى بجيبهم لك !!!! ... أيوة يا عم .. ماشيه معاك ... منوره يا قمر ...
إبتسمت "ورد" على طريقه "دعاء" الودوده معها فقد شعرت بالود والألفة لها على الفور ....
تحدث "يوسف" من بين أسنانه محذراً "دعاء" من مزاحها الثقيل ...
يوسف: سيبيها تتعرف عليكى الأول لازم طوله لسانك دى من أولها ...
دعاء: ما أنا أعملك إيه .. ما هى طلعت زى القمر .. أسكت أنا.. قوليله والله ...؟!!!!
ورد: شكراً ليكى .. أنتى إللى قمر ...
أشارت لها "دعاء" بالدخول وهى تهتف بوالدتها تنبهها لوصول "يوسف" و"ورد" ...
دعاء: إتفضلى ... يا ماما .. يوسف و"ورد" جم ....
جلست "ورد" على احد المقاعد بغرفه المعيشه الكبيره وجلس "يوسف" على مقعد آخر مقابلاً لها بينما دلفت "دعاء" لتساعد والدتها للخروج من غرفتها لمقابله "ورد" ....
تنحنح "يوسف" معتذراً عن أسلوب أخته الأحمق ...
يوسف: أنا أسف والله هى "دعاء" دايماً كده بتحب الهزار ..
ورد: لا طبعاً .. آسف على إيه !!! .. أنا حبيتها أوى ...
يوسف: معلش البيت على قد حاله .. بس إن شاء الله أظبط ظروفى ونجيب شقه تانيه قريبه ...
لم تشعر "ورد" بما يعتذر "يوسف" بسببه بل شعرت براحه وسكينه كبرى لحظه أن دلفت إلى داخل البيت ، أحست بالمودة التى تربطه بأخته ، لم تنفر مطلقاً من مظهر البيت والأثاث البسيط بل شعرت بالألفه والمحبه يطغيات عليه لتجيبه بصدق نابع من قلبها حقاً ...
ورد : بالعكس ... أنا حبيت الشقه هنا جداً ومريحه أوى بجد حاسه إنها فيها دفا وراحه جميله أوى ....
بساطتها وعدم تكلفها أسعده للغايه بال من معيشتها بمستوى أعلى منه بكثير ، لكنه مع ذلك لن يظلمها أيضاً ..
فزواجهم المفاجئ لم يستطع التخطيط له كما يجب لذلك سيحاول جاهداً توفير كل السبل ليشعرها بالراحه مثلما كانت فى بيت أبيها ....
إقتربت أم "يوسف" تتكئ على عصاها ببطء وإلى جوارها إبنتها "دعاء" ...
ام يوسف: بسم الله تبارك الله ... إنتى "ورد" ...
تلقائياً فور سماع صوتها الحنون رفعت "ورد" عيناها تجاهها وإرتسمت إبتسامه رائعه زادتها جمالاً لشعورها بدفء تلك السيدة وحنانها النابع من ملامحها المريحه للغايه ...
غمرها إحساس بحنينها لأمها التى حُرمت منه صغيرة لتتخيل أنها أمها التى إشتاقت إليها ...
نهضت "ورد" لتحيه أم "يوسف" وهى تردف برقه ..
ورد: أيوة ... أنا "ورد" ...
ام يوسف: إسم على مسمى حبيبتى ... إرتاحى حبيبتى أقعدى ...
ورد : شكراً ...
جلست أم "يوسف" إلى جوارها متأمله إبداع الخالق فى هذه الفتاه الجميله ...
ام يوسف: نورتينا يا بنتى ... والله والدك ده غالى علينا جداً ... كان بودنا ييجى معاكى بس إن شاء الله يقوم بالسلامه .... وينورنا إن شاء الله ...
ورد: يا رب يا طنط ...
بجلسه ودوده للغايه وتجاذب لأطراف الحديث بين أربعتهم شعرت "ورد" بأريحيه غير عاديه وخجل شديد بذات الوقت ...
تناست تماماً طيف حسام الذى غاب عن تفكيرها بوجود هذه الأسرة المحبه ...
لم تخلو جلستهم من بعض النظرات الجانبيه لكلا من "ورد" و"يوسف" اللذان تملكتهما سعاده حقيقيه بوجود بعضهما البعض .....
____________________________________
شقه حسام ...
أخذت تضرب ساقيها بقوة غيظاً وتحسراً وهى مازالت تستكمل مكالمتها الهاتفيه بصوت حاد أشبه بالصراخ الغاضب ...
ام حسام: إنت بتقول إيه ... ؟؟ إمتى حصل الكلام ده ....؟؟ ماشى ماشى ... سلام ...
ضغطت زر إنهاء المكالمه بقوة ثم ألقت بالهاتف بعيداً وهى تستدير بغضب كاد ينفث من عينيها المتوهجتان شرراً ...
ام حسام: شفت !!!! ... أهو "عبد المقصود" ناوى يجوز "ورد" !!!!! ... كل حاجه حتضيع من إيدينا ...!!!!!
إتسعت حدقتاه بصدمه وجف حلقه بفزع ، هل يمكن أن يفتضح أمرة وقتها ... بالطبع ... وما الذى سيمنع ذلك ... أتكون قد أخبرت والدها بما عجز عنه بتلك الليله وسقطت عنها العدة بعد طلاقها ... لا ... بالتأكيد لم تفعل ... إنها خجوله للغايه ولن تتفوه بما يخص تلك الأمور مطلقاً ...
لكن عليه الثبات بموقفه وأن يظهر أنها لا يمكنها الزواج لأنها مازالت بشهور العدة ، وعليه الوصول إليها أولاً ، فهو لن يتركها تضيع من بين يديه بتلك السهولة ليهتف بكذب ...
حسام : إيه ....؟؟ يجوزها .. لمين وإزاى ..دى لسه فى العده ...!!!!
ام حسام: فيه واحد إسمه "يوسف" إتقدم لها وأبوها وافق وهى دلوقتى عندهم فى البيت "مصطفى" السواق لسه قايلى كده دلوقتى ...
حسام : طب والعمل يا ماما ... أنا مش عايزها تضيع من إيدى ...!!!!!
لمعت عيناها ببريق غادر وهى تحسم أمرها بكراهيه شديدة ..
ام حسام: بكره .... لازم نجيبها إن شاالله غصب عنها ...
حسام: إزاى ..؟؟
ام حسام: أنا حروح لهم البيت و أخليها تطلع لى وأول ما تطلع نكون مجهزين مخدر نرشه عليها ونحطها فى العربيه ونمشى على طول ..
إستحسن تلك الفكرة تماماً فهى ستكون فرصه لن تتكرر وهى غائبه عن الوعى تماماً لينفذ مخططه ويشبع رغبته بها ويثبت رجولته التى إهتزت أمامهما ...
حسام: ماشى ... تمام كده ...
ام حسام: إما حرقت قلبك يا "عبد المقصود" .. والفلوس حاخدها حاخدها ...
____________________________________
بعد إنتهاء زيارتها لأسرة "يوسف" الصغيرة ، إصطحبها "يوسف" لبيت والدها بإحساس مغاير تماماً لذلك الإحساس وقت ذهابهما فرغم حديثها البسيط إلا أنها أسرته بالفعل ، سحرته برقتها ونعومتها الطاغيه ...
تذكر كلمات "شريف" و أراد بالفعل تناسى كل ما حدث معها قبل معرفته بها وسيبدأ معها حياه جديده فهما يستحقا ذلك ....
تاهت "ورد" بأفكارها وسط سعادتها بقربها من "يوسف" رغم المرات القليله التى رأته بها إلا أن قلبها بالفعل تعلق به ... وشعرت بالراحه والأمان وسط عائلته وفى وجوده ... طغى حضور "يوسف" فى حياتها على "حسام" وما فعله بها بصوره مطلقه ....
____________________________________
اليوم التالى ...
إستيقظ "عبد المقصود" لصلاه الفجر الذى حزن كثيراً لعدم قدرته للذهاب إلى المسجد فى الفتره الماضيه لما يسببه له الدواء بهذا النعاس وإعياءه لمرضه الذى يشتد يوماً بعد يوم ....
إرتدى ملابسه وتناول حقيبته فى هدوء ماراً بغرفه "ورد" ....
ابو ورد: جاهزة يا "ورد" ...
ورد: جاهزة يا بابا ....أكلم السواق ...؟!!!
ابو ورد: لأ ... مش حنروح بالعربيه ... أنا طلبت عربيه بالسواق حتوصلنا إسكندريه ... يلا بينا ...
تحركا من البيت دون أن يشعر بهما أى من العاملين بالبيت لكنه فقط ترك رساله و مبلغ من المال لـ"نجاح" لمراعاه "محمد" قبل سفرهم إلى الإسكندرية .....
ليستقلا السيارة إلى هناك مباشرة حيث قام "عبد المقصود" بحجز غرفه كبيرة لهما قبل سفرهما بأحد الفنادق المطله على البحر ليصعدا إليها فور وصولهما مباشرة ليرتاحا من عناء السفر ...
____________________________________
شركه الأقصى ...
شريف: أخبارك إيه يا عريس ...؟؟
يوسف: إنت بتتريق ولا إيه ....؟؟
بنفى لما ظنه "يوسف" فهو بالفعل سعيد لتلك الخطوة التى إتخذها "يوسف" لزواجه من "ورد" ....
شريف: والله فرحان لك يا أخى .. ده أنا كمان إحتمال أحصلك ...
يوسف: بجد ....!!!
شريف: أمال ... بصراحه البنت إللى حكيت لك عليها دى ... بدأنا نتعرف ونتكلم كل يوم تقريباً .. طلع إن دماغنا فيها حاجات كتير أوى شبه بعض ... وبفكر فعلاً أسافر عشان أطلب أيدها ..
بسعاده حقيقيه لما ينتويه صديقه ...
يوسف: حلو أوى ... ونويت إمتى تسافر ...؟!!!
شريف: لا .. بعد جوازك إنت الأول ...
تفكر "يوسف" بإقاراح ظريف للغايه قائلاً ...
يوسف: ليه يعنى ... ؟؟ ولى أمرى ...!! ما تيجى نتجوز فى نفس اليوم ..؟؟
شريف: لا يا باشا ... إنتوا عاملين حاجه كده على الضيق إنما أنا لازم أعمل فرح تحكى عنه البلد كلها هو أنا أى حد ولا إيه ....؟؟
يوسف ضاحكا: إنت حر ... إنت الخسران ...
شريف: طالما ربنا موسعها عليا ومعايا قرشين أهو نفرح بيهم وأتجوز بقى بدل ما أنا عايش لوحدى زى قرد قطع من يوم ما والدى ووالدتى إتوفوا ...
يوسف: ربنا يسعدك يا "شريف" .. إنت تستاهل كل خير ....
____________________________________
تحضرت تلك الخبيثه وولدها للذهاب إلى بيت "عبد المقصود" وقد أحضرا مخدر قوى للغايه ليخطفا "ورد" اليوم ....
لكنهما أصيبا بخيبه أمل عندما أبلغتهم "نجاح" أنهم تركوا البيت دون أن يشعر بهم أحد فى الصباح الباكر ...
حسام بغيظ: شفتى ....!!!
ام حسام: مسيرك حتقع تحت إيدى يا "عبد المقصود" .... يلا يا حسام !!!!!
عادت إلى شقه "حسام" يجرون أذيال الخيبه والحسرة على فشل مخططهم تلك المرة أيضاً ......