رواية زهرة الاقحوانة البيضاء
الفصل الاول1
بقلم دعاء سعيد
الساعة الآن التاسعة صباحا ، عندما استيقظت زهرة من نومها وفردت ذراعيها وهى تحاول أن تستفيق ،ثم لمحت بجوارها ع وسادتها زهرة بيضاء ....فأمسكت بها وأخذت تشتم رائحتها وتقول .....(((أكيد بابا هو اللى حطها هنا ع المخدة ....علشان أشوفها أول ما اصحى..ياحبيبى يابابا)))
نفضت زهرة الغطاء ونهضت من سريرها...وتوجهت لمرآتها لكى تمشط شعرها ....
وما إن نظرت فى المرآة ...حتى أفزعها ما رأت!!!!
(((ايه ده ..ازاى كده !!!)))
وأخذت تفرك عينيها وتنظر مجددا فتجد أن الأمر لم يتغير...
ذهبت للحمام وغسلت وجهها ونظرت مجددا فى مرآة الحمام.....فلم يتغير شيئا.......
زهرة حاليا عمرها ثمانية وعشرون عاما ، عندما نظرت فى المرآة وجدت انها عادت فتاة فى السابعة من عمرها...
زهرة لا تتذكر أحداث الليلة السابقة ...ولكن كيف عاد بها الزمن إحدى وعشرون عاما ...اخذت زهرة تتساءل....
(((ياترى ايه اللى حصل لى ....وحصل ازاى ؟؟؟!!!)))
(((انا كل اللى فاكراه انى سلمت ع بابا قبل ما ادخل انام وصالحته علشان كان زعلان منى...، حتى الزهرة اللى ع المخدة دى ....مش عارفة جت لى ازاى !!!)))
عشرات الأسئلة تدور فى رأس زهرة ولا تجد رد منطقى ع ماحدث ......
أخيرا قررت زهرة أن تخرج من غرفتها وتتحدث مع والدها لعلها تفهم ما حدث......
ما إن خرجت من غرفتها وتوجهت إلى غرفة أبيها حتى سمعته يتحدث مع امرأة فى غرفته ....
صُدمت زهرة عندما سمعت صوت امرأة فى غرفة أبيها..وتساءلت
(((مين دى بقى اللى مع بابا فى أوضة نومه...!!! )))
اقتربت زهرة من باب الغرفة لكى تتمكن من سماع الحديث الدائر بين أبيها والمرأة ....وهنا صُدمت ثانياً أن صوت المرأة التى بالداخل بشبه صوت أمها *رحمة الله عليها* ..كما أن ابوها يناديها بنفس اسم امها زينب ...وهما يتحدثان عنها ....
وفجأة فُتح الباب وخرج والد زهرة من الغرفة وما ان رأى ابنته حتى حضنها وقبّل جبينها قائلا...
(((كل سنة وانتى طيبة يا أحلى هدية بعتها ربنا ليا....)))
(((حبيبتى هتمّى النهارده باذن الله سبع سنين...
وماما ايه ..عملالك حفلة عيد ميلاد كبييييرة ..عازمة فيها كل أصحابك...يلا يا زهرة ادخلى اشكرى ماما ع تعبها.......)))
دخلت زهرة الغرفة ببطء .....وهى تترقب وجه المرأة التى كانت ترتب السرير ...
وما إن التفتت وابتسمت لها ....حتى كاد عقل زهرة أن يطير.....انها امها حقا التى توفت وهى فى عمر الرابعة عشر ..هل عادت للحياة.....ام أن الزمن قد عاد وتوقف عند نقطة معينة قبل وفاتها.......
رغم كل هذه التساؤلات أسرعت زهرة نحوها تحتضنها وتقبلها .......فهى تفتفدها منذ أعواما...
قبلت الام زهرة وقالت لها ......
،(((كل سنة وانتى طيبة يا زهرتي....))))
حنين زهرة واشتياقها لحضن أمها ..جعلها تنسى الأمر الذى أفزعها وهو كيف عادت إلى السابعة من عمرها وكيف عادت أمها للحياة.........!!!!!
وع العكس..، فقد قررت فى داخلها ان لاتبحث عن إجابة لما يحدث......
فان كان حلم فهى لاتريد أن تستيقظ منه وان كانت سقطت فى ثقب الزمن فهى لن تبحث عن مخرج......
لأنها تشتاق أن تبقى فى السابعة ما دامت ستستعيد سعادتها فى حضن والديها........
كانت اسرة زهرة اسرة صغيرة سعيدة يعيشون فى فيلا جميلة لها حديقة واسعة ......
وكانت غرفة زهرة تطل ع الحديقة مباشرة وهى صباح كل يوم تستمع بالنظر للحديقة والأزهار التى تداومي زراعتها بنفسها بمساعدة والدها....
والد زهرة كان يُدعى عامر، وكان رجل ثرى يعمل بالتجارة ..وقد تزوج أمها زينب بعد قصة حب نشأت بينهما منذ الطفولة......
وكان لديه صديقين مقربين .......
الاول زكريا وهو متزوج ومعه ولد يسمى أحمد
والاخر منير وهو أيضا متزوج ولديه ولد يسمى أسعد
كان الأصدقاء الثلاثة دائمى التجمع والجلوس معا فى حديقة فيلا عامر بصحبة زوجاتهم واولادهم ...فنشأت صداقة بين الزوجات الثلاثة كما نشأت صداقة بين زهرة والولدين احمد الذى كان يكبرها بخمس سنوات واسعد الذى كان يكبرها بثلاث سنوات......
انطلقت زهرة تركض فى المنزل فرحا بعد أن رأت أمها مجددا .....فوجدت الزينات والبلالين معلقة استعدادا لحفلة عيد ميلادها مساءا ......مرَّ الوقت سريعاً
وفى تمام السابعة مساءا نادت زينب ع زهرة واخبرتها ان تأتى لترتدى فستانها الذى أحضرته لها خصيصا بمناسبة عيد ميلادها......
صعدت زهرة لغرفتها وهى متحمسة لترى الفستان الجديد.....
فما ان فتحت الدولاب حتى وجدته نفس الفستان الذى ارتدته من قبل عندما كانت فعلا فى السابعة .....
هنا أدركت زهرة انها تعيش ذكرياتها مرة ثانية بنفس الأحداث......ولكن كيف يعاد الزمن ولماذا؟؟؟؟!!!
ارتدت زهرة الفستان سريعا....وذهبت لغرفة أمها كى تمشط لها شعرها الأسود الناعم كما اعتادت.....فما ان دخلت غرفة امها حتى وجدتها أيضا ترتدى نفس الفستان التى كانت ترتديه فى عيد ميلادها السابع ...
فزهرة تتذكره جيدا لأنها رأته كثيرا فى عديد من الصور....وهى تستعيد ذكريات طفولتها مع أمها....
نزلت زينب وزهرة للطابق السفلى معا استعدادا لاستقبال الضيوف مع عامر ......
وبالفعل بدأ الضيوف يأتون إلى الفيلا ....
وكان من بين الضيوف صديقى عامر زكريا و منير ومعهم زوجاتهم وأولادهم....
وما إن رأت زهرة صديقيها أسعد وأحمد حتى تسارعت ضربات قلبها ...فهم صديقيها المقربين الذين تحب أن تتحدث وتلعب معهما دائما...
التف الجميع حول الزهرة التى وقفت فى منتصف طاولة الاكل لتطفئ الشمع فى جو من السعادة والفرح وكان حولها أسعد واحمد ووالديها.....
ما أن أطفأت زهرة الشمع أظلم البهو الذى يحتفلون فيه و فجأة قبل أن تضاء الانوار وجدت زهرة نفسها تقف بجوار سلم المنزل الداخلى ورأت أسعد وهو يحاول أن يكسر لعبتها التى اهدتها أمها لها فى عيد ميلادها ....
تعجبت زهرة مما رأت ......
فهى لا تتذكر هذا فى ذكرياتها الاولى .......
كل ماتتذكره أن بعد إطفاء الشمع واضاءة الانوار ...
أتى لها أسعد الذى كان أقرب لقلبها لقرب أعمارهم وتقارب ميولهم ليخبرها أنه وجد لعبتها مكسورة بعد أن اعطتها لأحمد لمشاهدتها......
فأعتقد الجميع أن أحمد هو من كسرها ولكنه لم يصرح وقتها...........فكيف تغيرت الأحداث فى الذكريات..!!!
انتهى الحفل ، وصعدت زهرة إلى غرفتها لكى تنام ..
فما هى إلا دقائق معدودة حتى غرقت فى نوم عميق ....
وفى تمام التاسعة صباحا ،استيقظت زهرة كالمعتادوفردت ذراعيها ونظرت بجوارها ....فوجدت زهرة بيضاء ع وسادتها مثل اليوم السابق ...وهى أيضا لاتعلم من وضعها لها...
نفضت زهرة غطاءها ونهضت من سريرها وقامت لتذهب إلى الحمام استعدادا للذهاب إلى المدرسة ...وما إن مرت من أمام مرآتها...حتى أذهلها ما رأت..............................
