رواية ذاتي اين الفصل الاول1والثاني2 بقلم ولاء عمر
أنا مين؟ وإيه دوري في الحياة؟ وليه أنا مش عارفه أكون أنا ؟
- الدكتورة أية سيف الدين.
النهاردة حفلة تخرجي، والنهاردة بيتنادى اسمي علشان أطلع أستلم الدرع والشهادة، بس مين أنا؟ وليه دا مش مكاني؟ ولا أنا شبه الناس دول ولا هما شبهي، بس مطلوب مني دائمًا إني أتبع القطيع، ما اتكلمش ولا أجادل وأسكت.
- أية تعالي علشان تتصوري معانا.
صوت داخلي طلع من جوايا قضى على التمرد اللي كان هيطلع مني، كان بيقولي أنساق معاهم مجاتش على المرة دي، أفرح بانجازي حتى لو مش عايزاه .
وقفت معاهم في صورة تجمعية لعيلة كلها دكاترة، والنهاردة حفلة التخرج بتاعة آخر العنقود واللي المفروض هتكمل مسيرة العائلة الطبية، دكتور حب دكتورة، جابوا إتنين دكاترة شباب، وأهو البنت كمان كملت المسيرة وبقينا العائلة الطبية.
" ذاكر علشان تكبر وتطلع دكتور."
"
إنتوا مينفعش تبقوا حاجة غير دكاترة"
.
" مفيش حاجة لايقة لكم ولا هتليق لكم غير الطب، ابن الدكتور لازم يبقى دكتور، الدكتور ميتجوزش غير دكتورة أو مهندسة، وكذلك الأمر الدكتورة."
" مفيش حاجة اسمها بحب الطبخ أكتر من الطب، عايزة تتعملي الطبخ يبقى لما تفضي له، أو الإجازة،لكن دلوقتي لاء."
" بتعاندي؟! بتنشفي دماغك؟!! دا اخواتك الولاد، محدش فيهم عمل كدا!! محدش فيهم استجرى يناقشني بس هو عايز يطلع إيه لما يكبر."
السيناريوهات القديمة اللي في دماغي مش عايزه تسكت ولا تهدي، حواليا دوشة لناس بتفرح وشايفة إنها حققت حلمها وصلت لحاجة كتير بيتمناها، وأنا على الجانب الآخر كنت الشخص اللي اتفرضت عليه الحاجة دي بالرغم من رفضه وعِناده..
- تعالي سلمي على Uncle, يا أية، الدكتور رؤوف العازمي، وابنه الدكتور نائل .
سلمت عليهم بالفعل وعلى معارف كتير لا تُعد ولا تُحصى لبابا وماما.
روحت بعد يوم متعب وشاق عليا وعلى قلبي، يوم تقيل، برسم فيه الضحكة بس هل وراها دموع؟! هاه لاء؛ ما أنا هسعى لحلمي برضوا.
- أية، تعالي بسرعة علشان هنعمل طاجن مكرونة.
نزلت جري ورا سليم وأنا كلي حماس علش هنطبخ.
- سليم و كريم،الدكاترة بتوعنا واقفين بنفسهم يطبخوا وناسيين إن بكرا يا حبة عيني وراهم شغل كتير.
- ما تسكتي يا بت.
- بذمتك في دكتور يقول بت؟! خسِئت يا دكتور سليم ؛ أفسدت تربية ماما وبابا في لحظة .
مابين تريقة وضحك وهزار يجمعني بيهم كنا واقفين إحنا التلاتة كل واحد بيجهز حاجة معينة في الطاجن،جو دافئ بينا إحنا التلاتة.
- قولنا بقى يا د سليم، مراتك وبنتك سايبهم كدا عادي ؟
- تلاقيهم في سابع نومة دلوقتي، دول ناس منظمين، بيناموا ويصحوا بمواعيد محددة.
- يا ابني بقى.
كنا واقفين مستنيين الطاجن يجهز، كنت ساكتة وبفكر في شخصية كل واحد فينا، سليم الهادي، هدوئه يشبه لهدوء ماقبل العاصفة، بيفكر بعقله وبيشغله عكسي أنا وكريم، تسرع، تمرد، عصبية، كل واحد مننا شخصيته بدأت تتشكل بشكل مختلف وتبعد عن تفكير العيلة لما كل واحد فينا دخل الجامعة، أنا أكتشفت ميولي وحبي للطبخ زي سليم، الفرق إن سليم بيحب مهنة الطب أكتر، أما كريم فهو بيحب الكورة من وهو صغير، حبي للطبخ كان موجود بس ظهر مع تجارب سليم في غياب ماما وبابا.
طلعت الطواجن من الفرن ومسك كل واحد الطاجن بتاعه وحطه على السفرة وقعدنا.
كريم:- معرفناش يا خريجة ناوية على إيه؟
إتكلمت بصوت واطي:- ناوية أفتح مطعم.
رد سليم بهدوء وبرود:- عادي وأنا هشارك معاكي .
رد كريم علينا إحنا الإتنين:- والدكتور والدكتورة يتبروا منكم.
كمل وهو بيمثل المشهد :- بقى أنا الدكتور سيف الدين اللي اسمي مسمع في المجال كله، ولادي... مش هعيالي هاه ولادي، يفتحوا مطعم؟!! ليه؟!
سمعنا صوت حد نازل من على السلم وإحنا قاعدين، كتمنا صوت ضحكتنا، كان بابا، دخل ولا أخفيكم سرًا عن شعوري بالخوف ساعتها، كبرنا وتخطينا العشرين ومازال لو بابا زعق بس؛ إحنا بنتنفض من مكاننا، بنخاف، بنتهته، الكلام بيطير مننا من التوتر.
بص لينا وهو حاطط إيديه ورا ضهره وقال:- إنتوا بتعملوا إيه ؟ صاحيين ليه لدلوقت ؟
رد كريم :- مـ..ـمفيش يا بابا.. إحنا بس كنا بنتعشى وخلاص طالعين ننام.
« الفصل الثاني »
رد كريم :- مـ..ـمفيش يا بابا.. إحنا بس كنا بنتعشى وخلاص طالعين ننام.
- تمام، بكرا الساعة سبعة بالظبط إنت وأية ألاقيكم مستنييني وجاهزين.
هزينا رأسنا بمعنى آه وكلل واحد مننا طلع على أوضته من سُكات، وطلع ورانا سليم وهو ماسك الطاجن بتاعه بكل هدوء وطالع على شقته.
سليم هادي، بارد، ردود أفعاله تجاه أي حاجة باردة، باستثناء المرات اللي بنجتمع فيها مع بعض، ساعات بحس إن شخصية كل واحد مننا بتنمحي لحظة ظهور بابا، أو إنه يدينا الأوامر، تمردي الظاهر دايمًا بينمحي قدام بابا وماما.
دخلت الأوضة وأنا برفع إيدي وبقطع الصور اللي ملزقة على الحيطان ليها علاقة بالطب، صور كتيرة كان لازم تتحط للدكتورة في اوضتها صور تدل على إنها دكتورة.
قطعت الورق ورميته في الباسكت بعدها دخلت خدت دوش وطلعت سرحت شعري ونمت.
كالعادة صحيت على منبه صلاة الفجر، قومت صليت وقرأت الورد بتاعي وقراءة الأذكار، بالرغم من كلكيعة الأفكار والفروض اللي اتفرضت علينا من وإحنا صغيرين اللي كتير منها غريب، إلا إن بابا وماما زرعوا فينا إن الصلاة وبعدها تيجي أي حاجة تاني.
لبست ونزلت علشان الفطار، وآه هو بمواعيد.
من ضمن العادات الحلوة إن كلنا بنتلم على سفرة واحدة، وأنا وماما ومنه مرات سليم بنجهز الفطار اللي بيكون حاجات خفيفة ونقعد نفطر كلنا،هو آه في صمت مفيش حاجة تكسره عشان محدش مننا بيقدر يتكلم في وجود بابا إحترامًا ليه، لكن مؤخراً القاعدة اتكسرت ودا علشان سيليا الحفيدة المدللة عند جدها.
- صباح العسل على أحلى سيليا.
جريت عليه وحضنته وباسته من خده، وهي بتقوله بحروف مكسرة :- صباح العسل يا جدو.
علاقة بابا وسيليا حلوة، كنت أتمنى أعيشها في وقت من الأوقات، فطرنا وطلعنا علشان نمشي، أنا بتدرب في المستشفى هناك بصفتي دكتورة نساء وآه مش بنت الدكتور لأن بابا مبيحبش فكرة الوسائط.
بعد يوم مرهق وحالات ولادة مستعجلة، روحت قولت لبابا إني خلصت وماشية. بس هل روحت البيت؟. الحقيقة لاء، روحت على المطعم اللي شغالة فيه .
ملجأ الإنسان حيث الأماكن التي يجد بها ذاته وصبح هو. هو فقط، لا يهمه حينها أي مسميات أخرى. يكفي له أنه يفعل ما يحب.
عندي يقين كمان إن الواحد لما بيعمل حاجة بيحبها بيتحول لإنسان نشيط بيحب الحياة، حاسس إن دا مكانه، وإنه مرتاح، وتصبح الديار ديارك.
- شيف عُدي، أنا بعتذر لحضرتك على التأخير.
- هعذرك المرة دي علشان دي أول مرة تتأخري.
- شكراً لحضرتك.
شيف عُدى، الحقيقة إني معجبة بشخصيته جدًا، بحس إني المفروض أكن ليه الاحترام والفخر، شاب على مشارف التلاتينات مجتهد في شغله، صاحب المطعم دا وتلات مطاعم تاني يعتبروا من أشهر المطاعم في المنطقة والمناطق اللي حوالينا والناس بتيجي له من كل حتة، محبوب، في خلال الكام شهر اللي اشتغلتهم عنده بشوف اهتمامه بكل التفاصيل في المكان.
ـ شيف أية، ظبطي كمية الملح في الأكل قبل ما يطلع.
هزيت رأسي بتمام ووقفت أكمل، كنا كلنا بنتعاون علشان الطلبيات تطلع في وقتها، لا أخفيكم سرًا اتصاحبت في المكان على بنات بقوا أصحابي وخدت عليهم، بقيت أحسن إن ليا شخصية وليا رأي وفي حد يسمعني بعد إخواتي الولاد.
خلصت الشغل ورنيت على سليم يأخدني معاه، عدا عليا وخدني.
ـ سليم عارف بجد أنا ممتنة ليك إنك ساعدتني إني أقدر أشتغل حاجة أنا حباها.
اتنهد وبص ليا بابتسامة:- بحقق لك اللي نفسي ونفسك فيه، إحنا الإتنين بنتشارك في نفس الهواية، وأنا هنا بعوض اللي ما اتعملش معايا ليكي.
- روح يارب يديمك ليا ويبارك لي فيك.
سكتت علشان حبة وبعدها إتكلمت:- سليم، أنا خايفة لـَ في مرة ماما وبابا يعرفوا بالموضوع.
خد شهيق وزفير بصوت عالي وبعده قال:- سلمي أمرك لله ولستمتعي بالأيام دي يا أية.
عرفت إنه بيحاول يكتم حزنه، مشاعره، خوفه، زي كل مرة بحاول افتح معاه كلام، بحس فكرة إن سليم كان جنبهم من صغره أثرت قوي في شخصيته ، وردود أفعاله اللي بتبان هادية وباردة، الموضوع فعلاً مؤلم.
قليل لما كان بيحكي لي، لكني عرفت منه إن طفولته مكانش سلهة إطلاقًا، كانت عبارة عن أوامر من كلا الطرفين بابا وماما.
مكملتش تفكير وكنا وصلنا، ركن المكنة بتاعتة، وآه مكنة علشان هو بيحب سباقات الدراجات من صغره. دخلنا وماما كانت مستنيانا.
قاعدة ومربعة إيديها وبتبص لينا بنفاذ صبر ، قامت من مكانها وقربت مننا وهي منفعلة:- ممكن أعرف إتأخرتوا ليه؟
رديت عليها بسرعة وبنبرة باردة:- علشان العيادة كانت زحمة عند سليم.
قالت باتعراض:- أنا مش فاهمة أنتِ إيه اللي مخليكي تروحي تشتغلي معاه بعد المستشفى مع إنك ممكن تكملي اليوم وأهو تتعلموا خبرة أكتر.
- مش فارقة.
- أنتِ بنت قليلة الأدب.
- أنا ؟!!!
يتبع