رواية عقاب ابن الباديه الفصل الحادي عشر11 والثاني عشر12 بقلم ريناد يوسف


رواية عقاب ابن الباديه الفصل الحادي عشر11 والثاني عشر12 بقلم ريناد يوسف


إنطلق الإثنان يحيي ومحمود نحو غرفة مديحه اختهم ولم تمر سوى دقائق معدودة ودوى صراخ مديحه في أرجاء القصر، فتبسمت فريال بإنتصار وهي تنتظر أمر من اثنين على وشك الحدوث، إما ان تقتل مديحه على يد إخوتها أو تطرد خارج القصر وهذا الاحتمال الاقرب، وبعد حوالي النصف ساعة هدأ صراخ مديحه وإستغاثتها، ولم تسمع سوى صوت عايده وهي تولول وتنادى بإسم مديحة ولا مجيب، فوضعت  إبنتها  في فراشها ونهضت لترى الى ماذا آلت الأمور، فوجدت مديحة ملقاة على الأرض غارقة في دمائها وإخوتها فوق رأسها يزمجرون 
كأسدين غاضبين، فإقتربت تتفقد احوالها فوجدتها لازالت على قيد الحياة تتنفس، فنظرت لمحمود فهي تعلم أنه هو صاحب الحزم والعزم الآن وليس زوجها الذي تحثه على إتخاذ إجراء منذ شهور بخصوص أخته وهو يتخاذل، أما محمود فبكلمة واحدة هد المعبد فوق رأسها، فقالت له:
-دلوقتي انتوا بتحاسبوا طرف واحد من طرفين مشتركين في نفس الجريمه بنفس القدر، دلوقتي دور إبن الساعي روحوا وعلموه الادب وعرفوه جزاء اللي يتطاول علي اسياده ويبص لفوق. 
فنظر يحيي ومحمود لبعضهم البعض وتحركا على الفور وكأنهم تلقوا إشارة بالتحرك.. وفور خروجهم نظرت اليها عايده التي كانت ترفع في رأس مديحه لتضعها على إحدي فخذيها وقالت لها:
- انتي ايه ياشيخه مفيش حد يسلم من اذاكي خالص حتى اللي موالس معاكي.. مكانش ينفع تنصحيها بينك وبينها لما لقتيها بتعمل حاجه غلط، ولا لازم تضيعي الكل فضربه وحده، دانتي حتى جوزك ابو اولادك مش خايفه عليه من السجن لو مديحه او ابن الساعي مات على اديه، وكأنك مبقاش يهمك حد في الدنيا ابدا غير نفسك، وكأنك عايزه تعيشي فيها لوحدك. 
ردت عليها فريال وهي تجلس على الأريكه:
-لا فيه اللي يهمني ياعايده، ولادي اغلى حاجه فدنيتي، ولادي اللي بحضنهم كل يوم وبشم ريحتهم وشايفاهم بيكبروا قدام عيني يوم بعد يوم..ولادي اللي مستعده ابيع الدنيا كلها وادوس عليها عشان خاطرهم وعشان يفضلو جنبي وقدام عيني.
لمست بعباراتها موطن الألم داخل عايده وكانها غمست يدها في جرحها فشاغت روحها وجعاً، فجاهدت أن تزرف العبرات وردت عليها:
عارفه إن الاولاد اغلى حاجه في الدنيا يافريال، وزي مافيه اللي مستعد يدوس عالدنيا عشان ولاده يفضلوا فحضنه وبخير فيه اللي بيدوس علي قلبه ومشاعره ويتحمل وجع الفراق عشان برضوا أولاده يفضلوا بخير، لكل واحد في محبته طريقه ولكل طريقه ظروف، واحياناً التخلي بيكون اسمى درجات التضحيه. 
انهت كلماتها وعادت تحاول أن ترد لمديحة وعيها بالضرب على وجنتها وتحريك راسها يميناً ويساراً متجاهلة تلك التي تحاول نفث سمومها فى الجميع، وكأنها حية خرجت من قلب الجحيم أو شيطاناً تجسد على هيئة بشر ليدمر كل من حوله. 

ساعة تقريباً وعاد يحيى ومحمود بشريف مكبلاً ومضروباً وكانت مديحة قد عادت لوعيها ولكنها لازالت جالسة على الارض حيث كانت.. وفور رؤيتها لشريف اغمضت عينيها بوجع فقد كانت رؤيته بهذا المنظر آخر ماتود رؤيته في الحياة، وايضاً ان يراها بهذا الوضع.. 
هدر محمود بها سائلاً:
- صحيح انتي متجوزه الحيوان ده زي مابيقول؟ 
هزت راسها إيجاباً وهي تنظر لشريف الذي يجاهد حتى يفلت من قبضة يحيي ويقترب منها وعيونه تصف مدى تألمه لمنظرها.. وصرخ بهم قائلاً:
- ايوه مراتي على سنة الله ورسوله ومعملناش حاجه عيب ولا حرام ومش هسمح لحد يأذيها من الساعادي، واتفضلوا فكوني وانا هاخدها ونمشي من هنا. 
نظر له يحيى بغضب وضم قبضة يده وسدد له ضربة في منتصف وجهه وهو يرد عليه:
- فاكر الموضوع بالسهولة دي حضرتك، دا موتك وموتها اسهل من ان دا يحصل وإسمنا يتحط في الوحل بسبب الحيوانه دي وبسبب واحد جربوع زيك. 
تألم شريف ولكنه رد عليه رغم ألمه:
- على فكره انا مش جربوع، انا بني آدم بس عيبي الوحيد اني فقير ومعنديش شركات ولا قصور.. عيبي إن والدي ساعي فشركتكم زي ماكان ابوكم الله يرحمه فلاح بسيط ومكنتوش بشوات اب عن جد عشان يكون دا موقفكم... ثم نظر لمحمود وأكمل.. ومتقلقوش انا مش متجوز اختكم طمع في فلوسها ولا انا اللي اقبل إني اكبر بفلوس مراتي، واصلاً عارف انها معندهاش حاجه، وإن لقب هانم بس هو الحاجه اللي اخدتها من علاقتها بيكم.. انا صحيح معنديش اي حاجه بس عندي قلب بيعرف يحب ويصون ويحافظ وميخونش حد مهما كان، قلب ميعرفش يعمل خطط والاعيب على اقرب الناس ليه.. اوعوا تفتكروا اني اتجوزت اختكم طمع فيكم وفنسبكم.. لان نسبكم ميشرفنيش. 

كان يقذف كلماته كطلقات البارود غير آبه لأي شيئ سوي تلك المتكومة علي نفسها ودمائها تلطخ وجهها وتغطي ملامحها الجميلة، فقرر أن يدافع عنها كأسد يدافع عن زوجته مهما كانت العواقب. 

انهي حديثه وتلقى صفعات متتالية علي وجهه من يحيي حتي طرحه أرضاً وبدأ في ضربه بأقدامه في كل مكان في جسده، فكان يتلقى الضربات وعينه على تلك التي تنظر اليه وهي صامتة تماماً ولا يعلم لم عينيها بدتا خاليتين من أية مشاعر، وحتي فمها لم ينطق بأي إعتراض علي ضرب اخيها له مثلما تفعل تلك التي اتت مسرعة تدفعه بعيداً عنه وهي تصيح:
-كفايه حرام عليك هتموته.. هو عمل ايه لدا كله دا حبها واتجوزها. 
فصرخ بها بغضب:
- عايده اطلعي انتى من الموضوع دا، محمود قول لمراتك تبعد دلوقتي. 
نظر لها محمود وأمرها بالابتعاد، ثم نظر لشريف ورغم. أن كلامه لامس قلبه وجرد علاقته. بإخوته من أي ستر وكأنه يعلم كل مايدور بينهم وأمره قائلاً:
- وانت ارمي عليها اليمين دلوقتي حالاً وانسى انك عرفتها في يوم من الايام، وابوك مشفش وشه في الشغل، وانت لو قابلتك صدفه فطريقي هفرمك.. والكلبه دي هعرف اعيد تربيتها من أول وجديد. 

رد عليه شريف بتحدي:
- لا مش هطلق ومراتي هاخدها، وابويا اعتبره ساب الشغل ومتقلقش مش هتشوف وشي ولا وشها لاخر العمر.. انا مراتي لا يمكن هتخلى عنها لو على موتي. 
نظر إليها ليري وقع كلماته عليها فوجدها على حالها صامتة زائغة العينين، فوجه لها كلامه قائلاً:
-متخافيش يامديحه مش هسيبك وحقك عليا انا عشان اذوكي ومقدرتش احميكي منهم، بس لو سمعتي كلامي من زمان وعرفناهم بجوارنا مكنتش ولا حاجه من دي حصلت. 
نظرت لعينيه مباشرة بعد كلامه واخيراً نطقت:
- لا هتطلقني ياشريف زي مااخواتي أمروا، انا غلطت ومش عارفه عملت كده ازاي بس مش هستمر في الغلط.. انا اخواتي عندي اغلى من اي حاجه في الدنيا، واغلى من مجرد نزوة. 
صُدم شريف مما تفوهت به وهمس مردداً: 
- نزوة؟ 
مديحة:
- ايوه نزوة ياشريف وجوازي منك كان غلطة هفضل اكفر عنها لإخواتي العمر كله. 
صمت شريف لثوانٍ يتأملها ليتأكد أنها هي التي أمامه، مديحة زوجته بشحمها ولحمها، بمحبتها التي كان يلتمسها في كل حرف وكل نفس وكل نظرة عين منها له، هي نفسها من كانت تمنيه بقرب قريب وبرفقة تدوم لآخر العمر، هي من تخلى عن حلمه بالأبوة لأجلها وفي المقابل وعدته بسعادة لا تنتهي.. وللأسف وجدها هي.. هي ولكن بدون اي شيئ مما سبق، وكأن كل ما رآه منها كان سراباً كاذباً حينما اقترب منه لم. يجده! 
فنطق وهو ينظر لعينيها مباشرة:
- انتي طالق يامديحه. 
اغمضت عينيها بألم وجاهدت نفسها حتى لا تصرخ وجعاً وهي تري جميع احلامها قد انهارت مرة واحدة، ولكن أي بوح بألم في هذه اللحظة سيكشف ضعفها، وضعفها آخر ماتود إظهاره امام فريال الآن.. فهي واثقة تمام الثقة انها هي وراء كل هذا.. وأقسمت على الا تجعلها تنال مبتغاها وتقصيها من ملعبها وتنفرد هي بكل شيئ، وستظل حجراً علي قلبها حتى يحين الوقت وتقتص لها وللطعنة التي طعنتها لزوجها دون شفقة، ولكل مخططاتها التي فشلت بسببها. 
فك محمود وثاق شريف وحرره وهو يؤكد عليه أن يرسل ورقة. طلاق مديحه في سرية تامة ودون أن يعلم مخلوق بما حدث، ووعده شريف بذلك وغادر على الفور وهو يترنح، ليس بسبب الضرب الذي تلقاه من يحيي، ولكن بسبب القذيفة التي خرجت من مديحة واستقرت في قلبه افقدته الرشد والتركيز، بل افقدته الحياة، فوجع الخذلان يفوق اي وجع. 
نهضت مديحه بعد إن دخلا اخويها المكتب، ووقفت أمام فريال واردفت بتحدي:
-من النهارده فيه حاجات كتير اوي هتتغير.. لا الناس هتكون بنفس المكانه ولا بنفس الترتيب، والضرب عالكيف واللي لعب بالنار الأول ميزعلش لما النار تمسك فيه وتحرقه. 
انهت كلماتها وتحركت بضعف نحو غرفتها وتركت فريال تستشيط غضباً بعد ان فشلت خطتها بالتخلص منها، وأكدت لها انها خصم لا يُستهان بها، وأنها ليست عايدة لتفلح عليها مخططاتها، وأن الطيور ليست جميعها للأكل. 
ومن هذه الساعة جبهتها خسرت مساند واكتسبت عدوا صريح العداء. 

وبعد مرور شهر تقريباً على هذه الحادثة، لم تخرج فيه مديحه من غرفتها إلا للضرورة منذ ان وصلتها ورقة طلاقها من شريف وعقد إنتهاء كل شيئ، ودائمة التخطيط متي وكيف سيبدأ إنتقامها من فريال، ولكن قبل ذلك متى ستحصل على مبتغاها من اخيها محمود حتي تستطيع الفرار بعد أن تُنهى إنتقامها وتذهب لتصلح ماافسدته في قلب شريف الذي انقطعت اخباره ورقمه مغلق منذ اليوم الذي إعتبرته اسواء يوم مر عليها، ولا سبيل لمعرفة اي شيئ عنه سوى بالخروج، والخروج من البيت اصبح من سابع المستحيلات.. 
ولكنها اهتدت في النهاية للحل الذي سينهي كل هذا، ولا يتبقى أمامها سوى إيجاد وسيلة التنفيذ. 

أما في القبيلة...
سدينه:
-قولي كلام غير هكي  ياخاله الله يخليكي ليش تفاولي عليا؟
القابله:
نكدب عليك يعني ولا ايش  وتيجي وقت الولاده تقولي وين الولد اللي قولتي اعليه ياخالتي الكذابه؟ مافيكي صبي  وبطنك شايله بنيه.
سدينه ببكاء: 
 
حيييه اعليا وما صار بيا، حيييه عليكي ياسدينه وعلى حظك الطايح، وطيرك الناااايح 
وانا اللي راجية  اني اجيب الوليد اللي يرفع راسي ونشد بيه ضهري ويرجعلي هيبتي قدام قصير ومكاسب، 
يجي حظي  مسخوطه؟
ام سدينه:
- يابنت قولي لا إله إلا الله واحمديه اعلى مجايبه ولا تفاولي على اللي فحشاكي بالسخط بعدين تنسخط عن جد.
سدينه:
اسكتي يمي واتركيني بهمي وخيبتي التقيله، ويش اقول لقصير اذا سألني، ووين اودي وجهي منه ومن مكاسب، والله يامكاسب شماتتك فيا راح تعبي القبيله وتتوزع علي باقي القبايل.
القابله:
- والله مكاسب مافيها الخبث ولا الشماته، بس كل واحد يشوف الناس بعين طبعه، وعشان خبيثه ونيتك سوده وكان ودك تجاكري بالوليد الله ماعطاهولك.
انهت كلامها سدينة بكل غل وقهر - جندية يامبلية هيا غوري قومي قامت قيامتك ياخبارة الشوم ياوجه البوم  القابلة..غادرت خيمة سدينه وتركتها تندب حظها كما لو انها تلقت خبر فقدان عزيز.
امها :كيف تريدي ربي يطعمك ولسانك ينقط سم كيف الحية ام جنيب؟ 

عاد قصير للخيمة ووجدها تبكي وأمها تحاول إسكاتها فسألها عما حدث لها فقالت له امها:
- القابله خبرتها فيها بت وهي من وقتها تبكي.
قصير:
- ذيب ياكلها هي وبتها ان شاءلله، اتركيها تبكي لتموت من البكي، ولا خديها عندك لحين تجيب اني مافيا راس عمران لنواحها،، يلا قومي ياسدينه مع امك الله ياخدك وياخد مجايبك.
ثم خرج وترك لها الخيمة واخذ ينادي بصوته العالي:
- هلال.. ياهلاااال.. تعال ياحبيب بوك استاحشتك اليوم ماشفتك.. تعال ودي ترقد جواري اليوم ياعزيز القلب والعين.
نظرت سدينه لأمها وزادت في البكاء، فما كان يصبرها على دلال قصير لهلال ابنه انها أوشكت على إنجاب من سيتقاسم معه الدلال مناصفة، ولكن الحين سيبقى الحال كما هو عليه بل وسيسوء بعد ان تربع هلال على عرش ابيه دون منازع..
امتثلت سدينه لأمره وذهبت مع امها، فهذا اكرم لها وايضاً لن تستطيع تحمل الشماتة في عيون مكاسب أو الكره في عيون قصير هذه الفترة، فقررت الإبتعاد.. 

جلست تستريح قليلاً في خيمة امها، وهمت ان تستوى على الفراش فنهرتها امها.. ليش بتنامين هالحين؟ 
قومي عبي موي بوك جاي يتسبح.
سدينه:
-حيييه اعليا وعلى بوي معاي، كيف اني انعبي موي واني بطني على خشمي؟
- قومي وبلا هالمياعه بلا بطنك ويش راح يجيها بطنك هي بت لتكوني خايفه تطيح، ماتخافي البنيات مايطيحون اتقوليش مربطات بسلاسل حديد، اذا صبي بيطيح من نسمة هوا اما البت اذا اتشلتي واتحطيتي باقيه.. انهضي عبي الموي وبلا كثر لغي.

نهضت سدينه وهي تشعر بأن قلبها يتمزق ألماً، فهاهي امها تتعامل معها وكأنها ستنجب بلوة، فالعذر كل العذر لقصير زوجها إذاً.
ملئت الدلو وهمت أن تحمله فوجدت بد تسبقها إليه، فرفعت وجهها لترى صاحبها، فإذ بها مكاسب تحمل الدلو عنها وهي تقول لها:
خلي عنك ياخيتي، كيف تشيلي وانت بهالحال، انا نشيل بدالك، انتي عاونتيني وشلتيني في حبلي وتعبي وليكي دين اعليا وحان وقت رده.. عاودي لخيمتك ومويتك اعليا وكل خدمتك لحين تجيبين وتقومين بالف خير وسلامه انت واللي بحشاكي.
سدينه بحزن:
ريتها ماتيجي لا بخير ولا سلامه.
مكاسب:
معليش جيبيها وافطميها واحبلي عليها سريع والمره الجايه الله يطعمك الصبي بأمره وكرمه متل ماطعمني.
سدينه:
الله يسمع منك ياخيتي. وسارت الاثنتان معاً يتجاذبن اطراف الحديث بعد ان اعطتها مكاسب خطة الحمل السريع وهونت عليها الأمر..

ومرت الأيام سريعاً وهاهي سدينه تشعر بالام المخاض، فأرسلت للقابله وبعد ساعات كانت صرخات صغيرتها تختلط مع صرخاتها.. فهدأت هي وتولت الصغيرة امر الصراخ.. نظفتها جنديه واعطتها لسدينه وهي تقول لها:
إمبارك ماجالك ياسدينه بنيه سمحه يتعارك عليها شباب القبايل.. يلا ودي الحلوان. 
سدينه:
- يبرك اعليكي وعليها ذيب مايبقي فيكن شي..حلوان اللي اوزعه على روحك باربعينك ياوجه الشوم انشاله. 
جنديه:
- يبرك اعليكي واعلي بتك واعلى امك هاللي ماعرفت تربيك يالفانص، اتفي اعليكي واعلى بتك، والله لو ربي عطاني عمر مااخلى واحد يقرب اعليها ونبورهالك واللي يجيها انقوله جربانه،وخاربة عقل وتعديك. 
انهت حديثها وخرجت من الخيمة وهي تسب وتشتم وتركت سدينه تولول، ونظرت لصغيرتها وهمست لها من وسط عبراتها:
-ياريتك جيتيني خي كان فرحتي القلب شوي.. 

اقتربت منها امها واخذت الصغيرة منها وضعتها على الفراش وساعدتها كي تنظف نفسها، ثم البستها ثيابها وقالت لها قبل أن تتركها وتخرج:
يومين وتردي لخيتمتك ولزوزك، يكفيكي قعاد عندنا. 
سدينه:
- يعني انت شايفه حالك أم الحين؟ 
-ويعني انت اللي أم؟ متل ماتكرهي بتك انا نكرهك. ياعادية ياعار البنتة

انهت حديثها وغادرت الخيمة وتركت سدينه مع ابنتها، التي تاملتها قليلاً ثم شعرت بشعور جميل ورق قلبها للطفلة وحملتها وتبسمت لها وبدأت ترضعها واغمضت عينيها لشعور الأمومة الذي بدأ يغذو روحها، وندمت على كل ماتفوهت به لها وضمتها عليها اكثر وهمست لها:
- سامحيني والله من قهري وكيدي.. كان ودي تيجي وليد، بس مادامك جيتي ياهلا وكل الهلا فيك..وقربتها من انفها تشم رائحتها واردفت.. ريحتك حلوه ووواجد تشبه المسك.. يامسك. 



الفصل الثاني عشر 


مر يومان وفي اليوم الثالث اقترب قصير من الاولاد وامر احدهم:
- ياولد خد حدا معك واطلعو جيبولي ملكة الأفاعي بس ماتكون عفيه وعجوز ودي وحده صغيرونه توا سمها جديد مو واجد بيها سم. 
رابح:
-راح تحوي من ياعم؟ 
-راح نحوي هلال ورجوة يارابح حان الوقت، تعرف احنا بصحرا والحناشة والعقارب هايمة في كل شبر وكل ساعه في احتمال ان حدا منهم ينلدغ، ودي احويهم ليطمن قليبي. 
إنتفض سالم فور ان سمع أنه سيحوي رجوة.، فهي صغيرة وهو لا يتحمل ان تتألم وقال له:
-اتركلي رجوه ياعمي انا بحويها. 
قصير:
-وليش انت تحويها؟ 
-لان رجوه رجيجه ماتتحمل وانت قاسي ومو بعيده تزيد اعليها السم تموتها.
-سم يسمك قليل الحيا،
وبعدين  لا ماتخاف البنيات اعمارهن طويله مايموتن. 
- مو قصدي نغضبك ياعمي  بس انا عارف رجوه تخاف منك وبلكي تكرهك
 فياليتك تعطيني مهمة حوي رجوة 
قصير:
- احويها وماتوجع راسي انا ماناقصني وجيج.. ابدي معها من اليوم بس تيجي الحيه
سالم: لا راح ابدي من غدوه وراح ابديها بعقرب موش بحيه، اترك امر الحوي ليا واشقى انت بهلال. 
وغادر مع رابح وآدم وهم. يسوقون الاغنام للمرعى، وقبل ان يغادرون الخيام كانت رجوة ذات الست سنوات تنادي عليهم وتلحقهم. 
إقتربت منهم وأمسكت بيد سالم وأخذت تطوح بها بسعادة وهي تغني، فنظر لها هو وقد انتفض قلبه لفكرة انه سيأذيها بيده، فازدرد لعابه بصعوبة فلاحظ ذلك رابح حالته وقال له:
- اتركها لبوها قلبك رجيج اعليها ماراح تتحمل ولا راح تعرف، ولا راح تحويها زين. ولو ما حويتها عمك بيقطع راسك
سالم:
-بوها مايحبها ويجوز يأذيها، وقتها ويش اسوي انا؟ 
رابح:
- ولا تسوي شي اخذت الشر وراحات. 
نظر اليه سالم بغضب فضحك رابح ولكز آدم بكوعه وهو يهمس له:
- شفتلي اللي مرمرة العشق كيف يكون شكله ياعقاب؟ 
آدم:
-- اتركه يارابح خوي يغوا ويعشق براحته، وبعدين بنت عمه هو ماعشق غريبه..ولو عالعشق الكل عاشق وغاوي من ساسة لراسة، تحب نقول ولا نخلي الطابق مستور؟ 
وضع رابح يده علي فم آدم وهو يهمس له:
- صكر فمك بتفضحنا الله يفضح سرك سوق الشواهي سوق انا الغلطان دايرك راجل ونعاطي فيك سري . 

انتهى اليوم وعاد الأربعة في نهايته، وتفرقوا كل على مكان، سالم ذهب لخيمة ابويه ورابح ايضاً، أما آدم فرأته يدلف إلى مبناه الغريب، والذي ينتابها فضول دائم لإكتشاف ماخلف بابه،
 فتلفتت حولها وتسحبت رغم انها تعلم جيداً انه منطقة محظورة على جميع اهل البادية، وكانه عالم خاص به هو فقط، وفضلولها الطفولي أبي الا تلقي نظرة على هذا العالم وتكتشف مافيه.. ولحسن حظها وجدت الباب مفتوحاً قليلاً، فقامت بدفعه بروية فاصدر الباب صريراً جعل آدم ينتبه لها، فضم حاجبيه ونهرها بغضب وهو يقول لها:
-رجوه ايش جيبك هنا ردي خيمتكم هيا
 رجوه:
-ارجى بس اريد اشوف مرة، بس مرة ايش هانا..انهت جملتها وفتحت الباب اكثر ومدت قدمها للداخل في محاولة منها لعبور الباب الذي يفصلها عن عالمه الغريب.. 
آدم بعصبية:
- رجوة قلتلك وخري وما تتقدمي خطوة للداخل وارجعي خيمتكم، نريدش وجيج.. 
فخليك بنت زوينة وحلوة واسمعي كلامي وروحي. 
لم تستمع له ودخلت على اية حال.. وهي تضحك له كي تخلصه من الجدية التي يتحدث معها بها، فهي معتادة ان يتبسم لها الجميع إن ضحكت وينسون سبب الغضب أو الإعتراض وتفتح لها ضحكتها البريئة كل الابواب الموصدة، وحتماً ستأتي بثمارها المعتادة هذه المرة ايضاً.
فنظر لها بنفاذ صبر و عاد ينظر لحاسوبه وينهي مايفعله عليه وهتف لها دون ان يلتفت :
-رجوه ليش راسك يابس والعناد تم يجري بعروقك؟ 
تميتي نسخة من سالم فالصالحة والطالحة كنك شربتي من طبعه شرب..قولتلك ارجعي خيمتكم وانفدي بروحك والله لو شافك الشيخ منصور وللا عمي قصير هان بيقطع راسك  ويرميكي للذيابه تاكلك. 
رجوه:
-فرجيني مرة وحده ويش عندك ونروح يا ماسخ

آدم: رجوه اني مانحب وجع الراس ولا كثر الحكي، عاودي ولا تتقدمين برجليكي المعفرات هادين وإلا نطلع بروحي انجيبلك جدك الشيخ منصور أو بوكي
رجوة:
-آدم انت حنون وتحب رجوة وماراح تقول لجدي منصور ولا لبوي..وانا كمان نحبك وااااجد ونسمع كلمتك من اليوم، وما راح قولك لا على ولا شي وحتى مشاوير بروحلك سلمك حباب خلي رجوه تشوف دارك وتعرف ويش عندك. 
تبسم آدم فلقد غلبت انزعاجه منها بثرثرتها ونظرة الجراء المتوسلة التي في عينيها وقال لها:
- تم ياصغيرونة تعالي ياحظي وشوفي اللي ودك تشوفيه وقولي ايش ودك تعرفي بس سريع قبل لا حد يجي. 
رجوة اشارت على الحاسوب: 
ايش هاد؟ 
آدم :
هاد كمبيوتر. 
واشارت على التلفاز وايش هاد؟ 
- هاد تلفزيون ايجيب اخبار الناس البعيييييدة بلكل، 
ويجيب في غناوي ويجيب في حجات غريبةلما تكبري رح تعرفيهن كلهن. 

واشارت على المكتب
-وكل هادي طاولة تاكل عليها بروحك ولا عندك عرس؟ وانفجرت في الضحك، فضحك على كلامها واجابها:
 
-يا ام اللسانين هادا ينقال عليه مكتب وانا نكتب ونذاكر اعليه
نظرت اليه بعدم فهم وتجاوزت كلامه واشارت على
خزانه الملابس
 -وايش هاد الصندوق الطويل،  انا ريت كيفه فالجامع لما جابوه وحطو فيه الحرمة اللي  ماتت
ضحك ادم:
- هاد صندوق ينقاله دولاب. 
رجوه:
-فيه عفريت متل صندوق لموات؟ 
اجابها آدم وهو يضحك عليها:
- اي فيه واااجد عفاريت. 
تفحصت الخزانة لثوانِ ثم تحركت وصعدت على السرير واخذت تقفز عليه: 
-الله يا ادم فراشك وووووواجد سمح وناعم خليني نرقد معاك الليله بالله عليك. 
ادم بنفاذ صبر:
-العفريت اللي في الصندوق الطويل يطلع وياكلك مايخلي فيك نتفة وتو سلم.. رجوه 
ارمحي لخيمتكم ليطلعلك. 
انهى جملته وضرب شيئ صلب على الخزانة في غفلة من رجوه فقفزت من فوق السرير بخوف وخطفت نعليها من الأرض وفرت هاربة من الغرفة وهي تقول:
واااااك اعليا عفريت آدم راح يطلع من الصندوق دسوني دسوني يامعزوزه تعي خبيني 

ضحك آدم على جبنها وقام واغلق باب الغرفة خلفها وعاهد نفسه الا ينساه مفتوحاً مرة أخري فهي لن تتوب عن المجيئ برأسها اليابس ولن تسلم الجرة في كل مرة، وهو لن يسمح بأن يقوم الشيخ منصور بتوبيخه بسبب ايا كان.
دخلت رجوه خيمتهم ووجدت امها كالعادة تجلس وهلال على حجرها وتطعمه بيدها، فنظرت اليهم وذهبت للزواية جلست وطلبت من معزوزه اختها ان تحضر لها الطعام، فقامت معزوزه التي كانت تمشط شعرها واحضرت لها الطعام والماء أولاً لتغتسل من الأوساخ العالقة في يديها، ثم اجلستها على حجرها وبدأت تطعمها تماماً كما كانت تطعم امها اخيها هلال.. وهذا ماجعل رجوه تصبر علي ماتراه من امها وأخيها وإلا لكان انفجر قلبها الصغير منز زمن، ولكن الله يعوض الحرمان. من الاشياء بأشياء تكافئها أو تزيد عليها روعة.. ومعزوزة كانت الام الحنون لرجوة وعوضتها عن كل شيئ.. 

عدت باقي ساعات النهار وخيم الليل ونام الجميع وحان الوقت، فقد قام قصير للحية اخرجها من السلة وجعلها تفرغ كامل سمها في يده على مراحل، يضغط على جسدها فتلدغه مرة بعد مرة إلي ان تاكد انها لم يتبقى فيها سوى القليل، فتوجه لإبنه بقلب يرجف بعد أن اخلى الخيمة من الجميع الا منهما هم الأثنين وقرب الحية من اذنه وكأنه يقربها من قلبه هو، وضغط على جسدها فاطبقت في اذن هلال الذي قام صارخاً، فأعاد قصير الحية واخذه بين ذراعيه يهدئ من روروعه  ويطمئنه، وأما مكاسب فكانت جالسة خارج الخيمة، تعرف بان وليدها بالداخل يؤذي ولا تستطيع ان تكون بجواره، أو بمعني ادق لن تتحمل.. على الرغم أنها شهدت على حوي جميع بناتها، لكن مع هلال الأمر مختلف كلياً.. وحتي قصير بدأ يرجف مع ارتجاف جسد ابنه الوحيد وكأن الشتاء استقر في جسده، وكأنه لأول مرة يحوي طفل أو لا يعلم مالذي سيحدث له.. وكأنه نسي كل شيئ عن الحوي! 
أما في الجانب الآخر.. 
دلف سالم إلى خيمة رجوه فقد قرر ان يبدأ معها اليوم فور ان وجد العقرب المناسبة، فوجد معزوزه مستيقظة في إنتظاره بعد ان اخبرها لدي عودته بان اليوم هو اليوم الاول لحوي رجوه، فأدخلته وحملت صغيرتها على حجرها واقترب منها سالم بيد ترجف بعد ان جعل العقرب تفرغ جميع عقد سمها في يده ماعدا عقدة واحدة، فقربها منها وجعلها تلدغها في قدم رجلها، فهذا هو الجزء الاصلب في الجسد والذي لن يؤلمها كباقي جسدها، وفور ان غرزت العقرب ذنبها في قدم رجوه انتفضت صارخة فضمتها معزوزه ورمي هو العقرب وضغط على قدمها، فنظرت اليهم وهي تصرخ ولا تفهم ماذا هناك، فإذ بها بين اكثر اثنين في العالم تطمئن وهي معهم ومتاكدة ان لن يؤذيها شيئ في حضرتهم، فمن أين أتى الألم إذا؟ 
إعتدلت تسألهم ماذا حدث لها وهي تمسك بقدمها الذي أصبح كالجمرة وحين اخبرها سالم أنه حواها نظرت اليه نظرة عتب جعلت قلبه يتفتت من الندم علي قراره هذا، فبالرغم من أنه لصالحها إلا انه في نظرها الآن هو من آذاها، لازالت صغيرة ولن تفهم، والذي يعلق في عقول الاطفال لا يتغير بسهولة، فأخذ يشرح لها الأمر، ولكن المها كان أقوى من استيعاب اي شيئ سوى أن سالم ادخل السم لجسدها ولم يأبه لكونها قد تموت. 
انقضت الليلة بين رعب قصير ومكاسب على ابنهما بعد ان غلبها خوفها ودخلت لقصير الخيمة رغم تحذيراته وبقيت مع ابنها وبين حال قصير الذي لا يقل عنها.. 
أما سدينه فكانت في خيمتها مع ابنتيها، نعم فلقد رزقت بأخرى وأصبحت مكسورة العين والجناح بعد أن اعتقدت انها من سيتربع على عرش قصير وتتحكم فيه وفي كل شيئ، ولكن للقدر دوماً تدابير أخري، فزهد فيها قصير وبدأ يفكر جدياً هذه الأيام في الزواج بثالثة، هي تعلم ذلك حتى وإن لم يتفوه به، فهو دائم الحديث عن الصبية وأن هلال لابد له من أخ، فبدأت تستعد لمن ستأتي وتخلص منها ماكانت تنوي فعله في مكاسب، وحولت كل إهتمامها على ابنتيها مسك وعنبر، وقررت من بعدهم أن يذهب العالم للجحيم حتى قصير وسواء تزوج أم لا هي لم تعد جزء من إهتماماته لا هي ولا بناتها فلن تكترث. 

مرت الليلة بسلام بالرغم من انها كانت أسواء ليله في حياة قصير ومكاسب وسالم ومعزوزه، ولكنها مرت، وفي الصباح بدأ إعتياد الاجساد على السم إو بدأت المقاومة مع بعض الاعشاب وبعض الروتين المعتاد في حالات الحوي ومع الإهتمام الزائد ايضاً.. 
سمعت معزوزه في الصباح الباكر صوت رابح ينادي على سالم، فتسحبت وخرجت تُسكته فسالم ورجوه الاثنين لم يغمض لهما جفن إلا الآن، فقد كانت هي تتألم وهو يدور حول نفسه وكأن السم يجري في جسده هو. 

معزوزه:
- وطي حسك يارابح الزوز سالم ورجوه تو غير ارقدو. 
رابح:
- جيت نطمن عليهم ويش سوا سالم؟ 
-كانت ليلة قمرها غايب وسمورها صايب ، اقليبنا داب من الوجع على رجوه. 
نظر اليها وإلى عينيها الزابلتين من قلة النوم وهمس لها:
-سلامة لقلوب واصحابها، هوني على روحك كل شي بيصير زين.. بس يفيق سالم خبريه اني مشيت للمرعى انا وآدم بروحنا اليوم وهو مايجي، خلي اليوم جوار رجوه، لأنه حتى لو جا معنا ماراح يكون هاني البال وكل فكره يمها وكيف صارت ويش سوت، فخليه باقي يوفر اعلينا واعلى روحه وجع الراس. 
معزوزة- مايصير الا خير بخبره. 
- وانتِ ادخلي ارقديلك شوي عيونك دبلانات متل عيون ريم اصغيره هلكها الجري وودها تستريح 
- تبسمت معزوزه من التشبيه والوصف وردت عليه:
-بس اسوي فطور لاخواتي ويفطرن برقد شوي..ابقى افطرك معهن قبل لاتروح. 
رابح- لا انا اخدت معي خبز وغموس وبفطر مع آدم هناك.. بس انتي كلي زين، وديري بالك اعلى روحك 
- حاضر.. وانت كمان دير بالك اعلى روحك، وأمانه اذا مريت اعلى نبقه طراحه جيبلي شوي نبق نفسي فيه 
- ابشري اليوم عندك النبق، ولو بمشي لاخر الدنيا لاجيبهولك. 
تبسمت معزوزه وظلت على وقفتها وهو تبسم أيضاً وغادر سريعاً وهو يشعر بأن قلبه يقفز بين ضلوعه فرحاً، وهذا حاله كلما رأها، ويبدوا أن القدر قد بدأ ينسج لهما ما يُنسج بين العاشقين، وفي إنتظار أن يكتمل. 
مر أسبوع وبدأت رجوه في التعافي وقررت اليوم ان تخرج للمرعى فقد اشتاقت لرابح وسالم وحتى آدم الصامت دوماً واشتاقت لاحاديثهم، للهوهم ومواضيعهم المهمة التي تراها اكثر عمقاً من مواضيع الفتيات التي تقتصر حول الطبخ والغزل والتنظيف والعناية بالشعر ولعب الحجلة.. 
فتهللت اسارير سالم حين رآها قادمة من بعيد، وتوقع ان تمسك بيده كالعادة فقد اشتاقت قبضة يده لكفها الصغير، ولكنها فاجأته حين امسكت بيدي راجح وآدم والقت عليهم السلام وتجاهلته هو، وطوال الطريق لم تنظر إليه وإن حاول فتح حديث معها نظرت اليه بغضب ولا ترد وكأنه عدو لدود.. وكان هذا جزاء خوفه عليها، وهمس لنفسه بأنه سيتحمل كل ماتفعله معه، وسيحاول أن يفهمها الأمر بكافة الطرق، وسيعتذر لها اليوم بكل ماتحبه من أشياء وافعال إلى أن ترضى عنه مرة أخرى. 

وبالفعل سالم فعل كل مايلزم حتى رضيت وصفحت عنه هذه الملعونه الصغيره، وعادت تلاصقه كالسابق وتتعلق بذراعه، واقسم على أن يكمل ابيها حويها فهو لن يتحمل أن يخوض كل هذا مجدداً، لانها في المرة القادمة لن تصفح وستفشل كل محاولاته في إلاعتذار لهذا الرأس اليابس العنيد. 
مرت الايام وحان وقت إختبارات آدم لنهاية العام، فأنتقل للمدينة كما يفعل في ايام الإختبارات، وقصير معه بالتأكيد، فللآن لم يحن وقت تركه بمفرده يتحرك في الجوار. 
وانتهت الإختبارات.. وفي وقت ظهور النتيجة إستطاع آدم ان يعرفها عن طريق حاسوبه.. فخرج للشيخ منصور بهذه البشري التي يعلم أنها تفرحه كثيراً وامام الجميع اخبره بحماس:
- ياشيخ انا نجحت وعلاماااتي كبيرره واااجد. 
تهللت اسارير الشيخ وهو ينظر له بفخر ويقول:كفو كفو
- والله انك سبع السباع وراسك نظيف ورفعت راسي فيك ياابن الغالي.. والحين تمنى علي واطلب اللي نفسك فيه. 
آدم:- بس رضاك عني ياشيخي ماني طالب شي. 
- زين، اترك امر هديتك اعليا وراح تشوف اللي يسر خاطرك، والحين جهز انت والشباب لليلة سمر غدوه وإحتفال وليلة لكافة القبيله وقول لقصير يذبح كبشين كبار من عندي.. ونظر للمتواجدين في المجلس وسألهم:-
وانتم فيكم حد بيهادي وليدنا بشي؟ 
فرد عليه من استطاع.. انا بهاديه بكبش من عندي، وانا بكبش، وكبش من عندي.. وانا بذبحله كبش بعد.. 
منصور:
- ابشر ياعقاب، الحين ماصارت الليله سمر لقبيلتنا وبس، لا بل صارت ليله راح نجيب فيها كل احبابنا وهلنا من باقي القبايل..ومازالت هديتك عندي محفوظه ومادخل لكباش بعطيتك انت. 

ذهب آدم يخبر سالم ورابح ويجهزون للحفل، وقد اشعره الشيخ منصور بسعادة منقطعة النظير، فهو يفعل معه مالا يفعله مع غيره، وبعد أن اخبر سالم ورابح ذهب ليزف الخبر لصدره الحنون وبئر اسراره وحضنه الآمن الذي وجده بعد ان تخلى عنه الجميع، للشيخة عوالي التي لم يصادف في كل القبيلة احن ولا اطيب منها.. أم الجميع المعطائة بلا مقابل المُحبة بلا سبب..
                    الفصل الثالث عشر من هنا 

تعليقات