رواية عقاب ابن الباديه الفصل الرابع4بقلم ريناد يوسف
وصلا اخيراً الي مصر بعد ساعات من السفر ونزلا عند اهل فريال، ومن ثم انتقلا إلى عزبة محمود، وهناك إنعقد الإجتماع المغلق..
فريال بغضب:
يعني جايين انت واختك شايلين خيبتكم.
مديحه:
-واحنا هنعمل ايه يعني يافريال مااخوكي ضحك علينا وخدعنا وبقى يعرف يلعب بينا وابتدا يشغل علينا دماغه بدال ما مكانش يعرف يشغلها غير في الشغل وبس.
يحيى:
-المشكله اننا دلوقتي انكشفنا قدامه والانكار والمقاوحه مبقالهمش قيمه، ومحمود اتأكد اننا احنا.
فريال:
ومادام دا حصل يبقى اللعب عالمكشوف من هنا ورايح وهنغير الاهداف.. وبدال ماهدفنا اننا نقطع الفرع هنضرب في الجذور ونضعفها والفرع هيموت لوحده.
يحيى برفض:
- لا يافريال مش هموت اخويا.
فريال:
-مش لازم يموت يايحيى، بالعكس دا لو مات كده هنخسر القضيه، اخوك لازم ينتهي وهو عايش، ميعرفش يمينه من شماله، ويسلم ويسيبلك كل حاجه وإحنا نسرسبها منه بالراحه،
مراته هتنشغل بيه وابنه اهو غايب واحنا الايام قدامنا طويله والفرصه متاحه..
اخوك وقت ماهيوقع مش هيلاقي قدامه حل غير انه يسيبلك كل حاجه ومش بمزاجه، ساعتها نمضيه على كل حاجه ويبقى يجي إبنه بقى يطالب باللي ليه وياخده.
يحيى:
والوصيه؟
- الوصيه عالورث وهو لو مات مش هنكون سبناله حاجه.
مديحه:
-عجبني التخطيط.. ودلوقتي التنفيذ هيكون ازاي؟
فريال:
-سيوها عليا انتوا ناسيين ان اختي دكتوره صيدلانيه ولا ايه.. ولا نسيتوا تركيبة السم اياها اللي محدش قدر يتوصل لمكوناتها وحيرت الدكاتره كلهم.
صمتت لتأخذ نفساً عميقاً، فإقترب منها يحيى ووضع كلتا يداه على كتفيها واخذ يمسد عليهم في حنوا وهمس لها:
-اهدي بس انتي وكل حاجه هتكون تمام، احنا هنعمل كل اللي هتقولي عليه.. ومادام الموضوع مفهوش موت ليحيى انا معاكي.. اصلى مش هقدر اواجه ابويا بعد مااموت وانا قاتل إبنه اللي كان روحه فيه.
اردفت مديحه بسخريه:
- بر الوالدين اللي جواك يايحيى بيقشعر جسمي ويخليني احس قد ايه قلبك كبيرر..
انهت جملتها وعقبتها بضحكة رنانة وتركتهم ودلفت لغرفة واغلقت الباب خلفها لتحادث من هي اكيدة انه يحترق الآن غضباً لغيابها المفاجئ، وكم يكره عندما تفعل ذلك ولطالما نبهها لئلا تعاود هذا الفعل، ولكنها ضرورات وعليه تقبلها شاء أم أبى.
في هذا الوقت في الباديه..
سالم:
آدم تعا العنزه البلجه تجيب تعال اتفرج وشوف الصغار لمن ينزلون من بطنها كيف يكون شكلهم وكيف تجيب.
آدم:
مش عايز اشوف حاجه ياسالم.
سالم:
-ويش فيك يارفيقي من الصبح وانت شايل الهم.. انهض انهض ماتزعل مافي شي يستاهل، تعال عشان لو العنزه جابت وليدات كتار اطلب واحد من الشيخ منصور ليك،
بيعطيك.. يكبر تبيعه وتاخد قروشه، كلنا عندنا شواهي صغيره ومعز.. مافي ولد فينا ماعنده راسين وتلاته، وبس يكبروا نبيعهم للشيخ منصور وناخد قروشهم.. قوم بس انت اللي ماعندك حلال وفقير بيناتنا.
نهض آدم معه متثاقلاً، وحضر ولادة العنزة وهو يتعجب، فقد كان شيئاً غريباً عليه، ولكن ماهو الشيئ الذي ليس بغريب هنا، فكل الاشياء غريبة وعليه الاعتياد..
اخذ سالم آدم من يده وذهب به الي الشيخ منصور الذي كان يجلس مع بعض رجال البادية والقى السلام ونظر اليه وقال:
شيخي اليوم عنزه جابت وآدم وده يستأذنك في صخل ياخده يكبره وسط الحلال ويكون ليه.
تبسم منصور وسأل سالم:
-كم جابت؟
سالم:
جابت ثلاثه
نظر إلى آدم واردف:
-الثلاثه إلك ياآدم حلال عليك.
قفز سالم من الفرحة ونظر لآدم وقال:
-وووواه صار معك مثلي ثلاث رووووس يالمحظوووظ.
ظن أن آدم سيقفز مثله من الفرحة ولكن آدم تحرك تاركاً المكان بلا اية ردة فعل، فقد كانت صغار الماعز او امتلاك اي شيئ آخر همه اليوم بالذات.
نظر منصور لقصير بعد ان راقب آدم وهو يبتعد:
-الوليد هاد بدا قليبه يموت والفرحه ماتزوره ياقُصير، خايف اعليه من الجفا.
قُصير:
ماتخاف ياشيخ لساه صغير وبنطوع قلبه كيف مانريد ونعلمو اللي نبيه.
منصور:
-خلصت فيه حوي ولا مازال؟
قُصير:
- هو اني بس عطيته جرعه وماعدتها، الليله بعطيه ثاني جرعه.. بس ياشيخ انا ودي اقول شي.
منصور:
أبشر بعرفه.. مد يدك واشبك يد عمك عمران وردوا وراي.. وانا موافقة سدينه اخذتها وانت بالرحله وخيمتك جاهزه..
اليوم انت معرس.
تبسم قصير وقفز بفرحة وامسك بيد عمران وبدأ منصور يلقنهم وهم يرددون خلفه، وفور إنتهائه صرخ قُصير على إحدى الغلمان:
- ياولد روح قول لسدينه روحي علي خيمتك وانتظري زوجك تم الزواج.
عمران:
ياقصير انتظر لغدوه نزفها الك ونعملكم عرس مليح ونفرحوا البنيه.
قُصير:
انا فرحتها ياعمي والفرحه مابالطبل والغناوي، وبعدين ودي اراعي ام عيالي وما ازيد عليها القهر.
منصور:
معك حق ياقصير، خلاص ياعمران مايلزم عرس، قوم اذبح خروف لزوج بتك وطيبه بالحفره خلي بس يفيق من النوم يتريق بيه.
عمران:
حاضر ياشيخنا تأمر أمر.
نهض عمران ونهض خلفه قصير وذهب إلي خيمة مكاسب يزف اليها الخبر، وياخذ من عندها ملابسه، فمن اليوم سينتقل للعيش كلياً في مسكنه الجديد، وسيترك الخيمة لها وياتيها في مواعيد محدده.
دلف إلي خيمته بعد ان اطلق رصاصاته في قلب مكاسب،
ووجد سدينة في إنتظاره بهيئة عروس، فأقترب منها وامسك بيدها يتاكد من وجودها، واخذ نفساً عميقاً وزفره بإرتياح وهو يردف:
- نورتي خيمتك ياام الوليدات، الله يجعلك ولاده للذكور ومنك تيجي عزوتي وحزام ضهري.
سدينه:
-الله يسمع منك ياابن عمي.
ترك قُصير يدها وذهب إلي سلة من خوص رفع غطائها واخرج منها ثعبان متوسط الحجم وامسكه من رأسه فسألته سدينة بإستغراب:
- ويش هتسوي ياقُصير؟
قصير:
-ودي اروح احوي الولد الصغير واعاودلك، راح اخلي رابح يسهر مهو ماراح ابقى هونيك، بس مسافة قرصة الحنش واعاودلك.
نظرت سدينه ليد قُصير التي أطبق عليها الثعبان ينفث سمه واردفت:
-بربك هاد وقت حوي ياقُصير يعني ماينتظر الحوي لغدوه؟
قُصير:
- الحوي اله امواعيد يابنت عمران وياويلك لو اسمعك تعترضي على شي يسويه قُصير.. وإلا وحق من خلقك اخلي ذكراكي ماتضل بالباديه الا اربعين يوم، وبعدها الكل ينسى إن كان فيه وحده بالباديه اسمها سدينه..
والحين سوي الفراش واطلعي حمي الوكل اعاود القى العشا حاضر..سمعتييي
سدينه بخوف:
انعم انعم.. السماح منك ياولد العم ماراح تنعاد اول واخر نوبه.
غادر قُصير الخيمة ودلف إلي خيمة الاولاد، وذهب إلي آدم وإقترب منه، وكان سالم مستيقظاً فأغمض عينيه ألماً وهو يعلم ماينتظر صديقه، فقد مر بكل هذا قبلاً.
أما آدم ففتح عيناه حين شعر بقُصير فوق رأسه، فرأى نفس المشهد السابق يعاد، الثعبان امام وجهه وقصير فوق رأسه وعذاب بإنتظاره.. فأغمض عيناه مستسلماً فهو بات يعلم أن مايُقرر بشأنه سيُنفذ حتى وإن إعترض. وتحمل لدغة الثعبان مرة أخرى وكتم ألمه وقرر ألا يصرخ أو يتألم بأي شكل من الأشكال، فحجة أبويه أنهم أتوا به إلي هنا ليتعلم الرجولة،
والرجولة من وجهة نظر الجميع ومن الذي فهمه حتى الآن هي تحمل الألم وكتمانه.. وهو سيصبح مثلما يريده الجميع أن يكون.
إنتهى قصير ووقف ينظر لآدم وهو قاطب حاجبيه متعجباً من ردة فعل آدم، أو من عدم ردة فعله بالمعنى الأدق، وزاد إستغرابه حين فتح الصغير عينيه ونظر له بقوة وأردف:
-خلصت ولا لسه فيه تعابين تانيه هتجيبها تعضني؟