رواية ميما الفصل الثالث والعشرون23بقلم اسماء الاباصيري



رواية ميما 
الفصل الثالث والعشرون23
بقلم اسماء الاباصيري





دلفت بخطوات خافتة لداخل الفيلا بعد نزهتها مع ابن عمها تدعو ربها ان لا تقابله فى الطريق الى غرفتها وبالفعل نجحت للوصول اليها دون ان يُمسك بها اغلقت الباب خلفها  بهدوء فور دخولها الغرفة ووقفت تستند بظهرها على الباب محاولة تنظيم انفاسها المتلاحقة شاكرة ربها على مرور الموقف بسلام رغم علمها بأن عقابها لم يلغى بل فقط تأجل لاجل غير مسمى تمتمت بهدوء

مريم : حمداً لله

فور هدوئها تذكرت هاتفها المغلق فأسرعت بتشغيله لتجد عشر مكالمات لم يرد عليها من آسر و اربعة اخرى من فرح ابتلعت ريقها فى خوف وهى تتخيل مدى غضبه من فعلتها تلك ..... انتابها القلق والخوف مرة اخرى لكنها قررت تأجيل هذه المخاوف عند رؤيته فى الصباح ..... اثناء تحركها لتبديل ملابسها والاستعداد للنوم قررت مهاتفة فرح

مريم : مرحباً .........  اسفة حبي لقد عدت للتو من الخارج .......... لا لم اكن معه بل تنزهت مع الادهم لكن لما تسألين عنه ؟ .............. اتسعت عيناها متعجبة مما سمعت لتهتف

مريم : ماذا ؟ آسر جاء لإصطحابي  من الكلية ؟ لا لم اعلم لم يخبرني ..... انتظري لحظة لقد هاتفنى وانا بالخارج يسألنى ان كنت انتهيت من محاضراتي ........لتصمت للحظات تسترجع فيها ما حدث اليوم فتصرخ دون وعى وهى تتحرك بهستيرية فى الغرفة

مريم بخوف : تباً لي تباً لي  لقد انتهيت يا فرح لن يسامحني ابداً لن يرحمنى ابداً ابداً ......... ثم اكملت تسألها بتوجس

مريم : فرح كيف علمتي بهذا ربما هو لم يأتي لأجلي ........... فارس اخبرك ؟ ... اذاً لقد اتى بالفعل لاجلي لكن لماذا ؟ هو لم يفعلها من قبل ؟ ياللهي سأجن قريباً .......... اهدأ ؟ تخبريني ان اهدأ ؟ ... فرح ألا تفهمين لقد اتى آسر بنفسه الى الجامعة ليأخذني وانا وبكل بساطة خرجت مع الادهم دون اخباره بل عاندته واغلقت الهاتف .......... فرح وداعاً الآن .... ادعي لي رجاءاً ... وداعاً

اغلقت الهاتف لتنهار جالسة على الفراش تفكر فى نوعية العقاب الذي ينتظرها فهو بالتأكيد لن يمررها بسهولة .......... لكنها حاولت التماسك والتخلص من قلقها هذا بإقناع نفسها انها لم تخطيء فهى ليست بصغيرة لتأخذ الاذن بالخروج ومع من ؟ مع ابن عمها .... نعم هى لم تخطئ ربما كان الخطأ فى اغلاق الهاتف لكن اغلاق الهاتف لم يكن فعلتها بل الادهم هو من اقدم على هذا لذا ......

هى لم تخطئ

مضت الليلة بسلام استيقظت صباحاً بهدوء عكس ما تخيلت فلقد ظنت انها ستستيقظ على صراخه بإسمها لكن ..... لا شئ

نهضت تستعد للذهاب للجامعة ولم تجد بالفيلا سوى الدادة فكلاً من صافى وابنتها قد غادرتا بالفعل الى النادي وآسر ..... خرج صباحاً كعادته الى الشركة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

مريم بدهشة : فقط هكذا ؟

دادة بضحك : نعم فقط هكذا وماذا تريدين اكثر من هذا ؟

مريم بتوجس : كيف كان عند مغادرته ؟

دادة بإستغراب : وكيف سيكون ؟ بخير ... بل كان بأفضل حال على غير عادته

مريم بدهشة : لم يكن غاضب او منزعج من امر ما ؟

دادة : ما الامر ماذا فعلتي هل قمتى بإزعاجه مرة اخرى؟

مريم بإرتباك : ل ..... لالا لا وماذا سأفعل ؟ لم افعل شئ .......... لكن ألم يذكرني بأي شيء ؟

دادة : بلى .... اخبرني ان أتأكد من تناولك الافطار قبل ذهابك فهو يعلم بشأن اهمالك له

تعجبت مريم من كلام الدادة ... أيمكن انه تغاضى عن الامر برمته ام ماذا ؟ ربما قرر ان يكون متسامح قليلاً ام انه ....... لا يهتم ؟؟؟؟؟؟

ضايقتها تلك الفكرة لسبب ما لم تدركه .. فقط شعرت بغضب مكبوت بداخلها عند تخيل ان امرها اصبح لا يعنيه بشيء .... اثناء انشغالها بتناول الافطار بشرود سمعت جرس الباب لتتطوع هى برؤية من الطارق بدلاً من الدادة

توجهت لباب الفيلا فرأت فتى يبدو اصغر سناً منها يحمل باقة من الزهور ليخبرها انها مرسلة الى الانسة مريم احمد البندراي استلمتها ليغادر هو فوراً

انتابتها الدهشة لإرسال احدهم باقة من الورود حتى وجدت كارت مرافق لها فتحته لترى المكتوب " ارجو ان تكونى قد استمتعتي بيومك بالأمس "

لحظات تتوقع مَن مِن الممكن ان يكون المُرسل حتى توصلت انه ولابد ان يكون الادهم ابتسمت لفعلته تلك و عزمت على ان تشكره شخصياً على هذه الورود الجميلة

و فى مكان آخر نجد كلاً من صافي و رولا تجلسان بغرور بإحدى طاولات النادي فى انتظار شخص ما حتى اقبل عليهم شاب ... قابل نظراتهم الغاضبة بأخرى غير مبالية  قبل ان يجلس بأريحية

صافي بسخط : ليس من قواعد الذوق ان تجعل سيدتان مثلنا تنتظرانك لوقت طويل

............... : عذراً لذلك لكن ........ لم اكن متفرغ عند اتصالك بي وطلبك لرؤيتي على الفور فاجأنى وجعلنى أضطر لإلغاء بعضاً من مواعيدي

رولا بغضب : ان كنت تؤدي عملك على اكمل وجه لما اضطررنا لمقابلتك ولا كنت اضطررت لإلغاء مواعيدك المهمة تلك

................ بسخرية : هذا غريب ظننتك ستسعدين بتلك المقابلة

رولا بتعجب : ولما ستسعدنى رؤية وجهك ؟

.............. :  اعنى انا شاب وسيم غني ذو مستقبل باهر وعقلية متفتحة ....... صيد مثالي بالنسبة لك أليس كذلك ؟

رولا بصراخ : ادهم

صافي بحزم : يكفي هذا .... ادهم .. رولا .. لم نأتى للشجار ....... ادهم ماذا بشأن اتفاقنا ؟ .... اراك تقف بمكانك دون السعى لتحقيق الهدف

الادهم بسخرية : والهدف هو ايقاع مريم بشباكى لأتزوجها وبهذا نتقاسم نصف حصتها من الميراث

صافي : اراك مازلت تتذكر اتفقنا ... اذاً لما لا تتحرك ؟

الادهم : ومن قال انى لا أفعل ؟

رولا بسخط : اذا كنت قد بدأت بالفعل فى استمالتها لما اجد اخى صباحاً يهاتف احدى محلات الورود لإرسال باقة من الورد خصيصاً لها

الادهم بإهتمام : اذاً تخميني صحيح ..... اخاكي معجب بها بالفعل

صافي بحدة : آسر ؟ مستحيييل ..... لا يمكن حدوث ذلك

الادهم ببرود : بل هو كذلك ... لاحظت منذ قدومي اهتمامه الزائد بها وغضبه كلما تقربت منها

صافي بتفكير : لكنها لا تبادله ... هى لم تميل له حتى الآن و اظنها لم تعلم شئ بخصوص مشاعره تلك كما ان فارق السن كبير استغل هذا لصالحك وحاول ابعادها عنه ...... ان كان الامر كما تقول فيجب علينا التحرك سريعاً

رولا دون اقتناع : امي هذا مستحيل .... اخي لن يفكر بها ..... هى طفلة بالنسبة له ... لايمكن

الادهم : بل هذا هو الواقع بالفعل لكن لا بأس فهذا يجعل الامر اكثر متعة .... ان يكون آسر غريمي ....... مثييييير

فرح : مع الادهم ؟

اومأت مريم مؤكدة لتهتف فرح

فرح : رائع اذاً تقربك منه لم يصبح بالامر الصعب فها هو يتخذ الخطوة الاولى

اومأت مريم مرة اخرى وتمتمت بشرود

مريم : نعم

فرح بدهشة : " نعم " فقط هكذا ؟

مريم : ماذا ؟

فرح بقلق : مريم ما الامر ؟ لا تبدين بخير ؟ اه ... هل هو آسر ؟ هل عاقبك بالفعل ؟

مريم بحزن : لا لم يفعل .... بل لم يهتم بالامر على الإطلاق

فرح : ماذا ؟ ظننته سيصب غضبه عليك صباحاً

مريم بقلق : أرأيتي ؟ انتي ايضاً تظنين ذلك ... لذا لست وحدي ....... لما برأيك تجاهل الامر ..... هل اصبحت غير مهمة بالنسبة له ؟

فرح بحيرة : لا ادري لكن لما تهتمين ؟ أليس هذا افضل لك ؟ اعنى كنت دائما ما تشكين تحكمه بك وتدخله بكل ما يخصك اذاً لما انتي حزينة الآن ؟

مريم ينفى : لا لست حزينة ...... لست كذلك بالطبع .. من قال انى حزينة ... فقط انا .. انا .......

فرح : انتي ماذا ؟ ...... مريم امازلتى تكنين له بعض المشاعر ؟

مريم  : لا بالطبع لا لقد انتهى الامر تماماً ...... ثم تنهدت بقلة حيرة لتعترف ..... لا اعلم ظننت ان الامر قد انتهى لكن لا اشعر براحة اتجاه اهماله لي لطالما تأففت من تدخله السافر بحياتى لكني الآن ادرك اننى ادمنت اهتمامه بي

فرح : و ماذا عن الادهم ؟

صمتت للحظات لتهمس بحيرة

مريم بتنهد : لا اعلم ... حقاً لا اعلم

فى الشركة

نجده يدلي بأوامره لشخص ما عبر الهاتف

آسر : نعم اوصله بنفسك  و سأخبرهم على البوابة بالسماح لك ......... لا تقلق .... وداعاً

ليدلف الادهم الى الداخل ويطلب منه التوقيع على بعض الاوراق الخاصة بأول صفقة له بالشركة

آسر : ممتاز .... تلك الصفقة ستضيف الكثير للشركة  ..... احسنت ... الآن اهنئك على استمرارك بالشركة قبل انقضاء الشهر الخاص بالتدريب

الادهم بغرور : لم اكن بحاجة لهذا الشهر فكما ترى بمجرد وضع قدمي بالشركة حصلت على اهم الصفقات

آسر يتحذير : اياك والاستهانة بعملنا هذا او ان تظن انك اصبحت الافضل فهناك دائماً من هو اكثر مهارة وحِنكة

لم يستسغ الادهم ان يكون آسر من ينصحه بأمور العمل فهو يرى نفسه قد تجاوز مرحلة الاخذ بالنصائح لكن لم يجيبه او يعترض حتى يتجنب اختلاق المشاكل بينهما فبداخله يدرك ان هذا ليس فى صالحه

قاطع حديث آسر رنين هاتف الادهم ليخرجه فيجد انها مريم اجابها سريعاً متعمداً ذكر اسمها

الادهم : مريم .. مرحباً كيف حالك؟ ...... لا انا بخير فقط اضطررت للتغيب اليوم للذهاب للشركة ......... عفواً لكن على ماذا ؟ ............. باقة ال.......

توقف عن الحديث للحظات .... مريم تشكره على باقة الورود المُرسلة ... لكنه لم يرسل لها اية ورود ...... لكن سرعان ما ادرك انها فعلة آسر فتدارك الامر سريعاً

الادهم : اها تقصدين ذلك ؟ عفواً الامر لا يستدعي الشكر ... ارجو ان تكون قد نالت اعجابك .... حسناً لا بأس ... وداعاً

اغلق الهاتف ليتوجه بأنظاره نحو آسر متوقعاً ان يرى إمارات الغضب والغيظ تعتلى ملامحه لكن .... لاشيء ....... تساءل بداخله عن حقيقة الامر لكن لم يجرؤ على السؤال ...... واستأذن فوراً للعودة لمكتبه

فور خروجه من المكتب تناول آسر كوب ماء امامه على المكتب والقى به بغضب مخيف فيتحول الكوب الى اشلاء قبل ان يهبط بقبضتاه على سطح المكتب ليهتف فى غيظ

آسر بغضب : سنرى.... سنرى من سيفوز بالنهاية

تقف بمنتصف غرفتها ينتابها قلق غريب ....... خوف ........... تحدق بتوتر الى فراشها تحديداً باقة من الورود بجانبها هدية مغلفة .... لقد دلفت الى غرفتها منذ دقائق بعد عودتها من منزل فرح لتجد هذه الاشياء على فراشها ........ مضى اسبوع وهى تتسلم يومياً باقة من الورود كل صباح و مع كل باقة تجد كارت به بضعة كلمات من الغزل غير الصريح تأكدت من اليوم الثانى ان المرسل ليس الادهم بل ربما اول باقة جاءتها لم تكن منه هى الاخرى لكنه قد قبل شكرها من باب الذوق لا اكثر لذا تقبلت الامر بكونه معجب خفي رغم ان الامر سبب لها القلق لكن طالما انه لم يتعدى بضع باقات من الورود اذاً لا ضرر

لكن ان تجد باقة اخرى بجانبها هدية على فراشها بداخل غرفة نومها هذا هو المخيف بالأمر

سألت الدادة عن من وضع هذه الاشياء بغرفتها لتجيب بأنه لم يدلف اي شخص الى غرفتها منذ الصباح

اذاً لقد تسلل خفية للداخل .. الى داخل الفيلا .... الى غرفة نومها الخاصة .... وربما مازال هنا الى الآن ...... حركت عيناها برعب بأرجاء الغرفة .... لم تلتقط عيناها اي شيء مريب حولها لتتحرك من فورها للخارج نحو غرفته

سمع طرق مستمر على باب غرفته ..... تعجب من هذا فجميع من بالمنزل يعلم انه يكره ان يزعجه احد بتلك الساعة تأفف قبل ان يتحرك ليرى هذا المزعج

آسر بقلق : مريم ؟ ما الامر ؟ ماذا حدث ؟

لم تنطق بحرف بل نظرت اليه بخوف ... تكونت بعيناها الدموع تنذر بالسقوط فسحبها من يديها لداخل الغرفة اجلسها على الاريكة ... هبط هو على ركبتاه ليكون بمستواها

آسر بهدوء : مريم اخبريني ما الامر ؟ ماذا حدث ؟

مريم بخوف : هناك شخص ما بالغرفة

اتسعت حدقتا آسر قبل ان يسألها بذعر

آسر :  شخص ما ؟ هل انتي بخير ؟ هل اصابك بأذي ؟ ......... انتظريني هنا سأذهب لأري الامر ؟

فور تحركه من امامها امسكت يداه بخوف مانعه اياه من التحرك

مريم  بذعر : لا تذهب ..... لا تتركنى وحدي

آسر : مريم هل رأيتيه ؟ هل آذاكي ؟ سحقاً اخبريني ما حدث ؟

مريم : لقد وجدت باقة ورود على فراشي

آسر ببلاهة : ماذا ؟

مريم ببكاء : لقد دلفت الى الغرفة ووجدت باقة من الورود على فراشي و بجانبها هدية

آسر : وما علاقة ذلك بالشخص الدخيل ؟

مريم : لقد تسلل شخص ما للغرفة ووضع تلك الاشياء بها ..... ثم اكملت موضحة بين شهقاتها ..... انت لا تعلم .. بالايام السابقة كانت تأتينى باقة ورود يومياً من شخص مجهول واليوم جاءته الجرأة ليتسلل لغرفتى ليضعها بنفسه بالداخل

مسح آسر بيداه على وجهه فى توتر قبل ان يردف بغيظ

آسر : متسلل ؟

اومأت هى بقوة ليردف

آسر : دخيل ؟

اومأت مرة اخرى وتمتمت

مريم : نعم

ذفر آسر بقوة ينظر للاعلى بنفاذ صبر و يضع يداه على رأسه بقلة حيلة قبل ان يجيب

آسر محدثاً نفسه : متسلل ودخيل  .......... هذا عقابي لما فعلته بك .......... هذا جزائي بسبب رفضي لك ..... يُمهل ولا يُهمل ....... ثم وجه حديثه لها بهدوء ......... مريم لا يوجد دخيل او متسلل ........ فقط ....... و رحمةً بى اذهبي بهدوء الى غرفتك ونامي بهناء ........ ارجوكي ....... اعانني الله على ما سأواجهه ،
وانا الذي كنت أسخر من فارس و فرح ........ فأبتلاني الله بمريم

مريم دون فهم : بماذا تتمتم ؟

امسك آسر يداها وخرج بها  بصمت من غرفته متجهاً بها نحو غرفتها حتى وصل اليها ليفتح الباب بهدوء ويدخلها دون التفوه بكلمة و بينما هو يقف بالخارج اخذ يحدق بها للحظات قبل ان يقطع الصمت بقوله

آسر : تصبحين على خير

ثم وقبل ان يسمع ردها اغلق باب غرفتها وتركها تقف مذهولة تطالع الباب المغلق وتهمس بدهشة

مريم : لقد فقد عقله تماماً


تعليقات