
رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الرابع والثلاثون34بقلم نجمه براقه
منزل عز
كاميليا
كنت واقفة قدام صورهم المدمجة، وعنيا بتغوص في تفاصيلهم. الشبه بينهم يخوف، يخلي أي حد يعرفنا وييجي يشوف الصورة يشك، ويمكن يفهم الحقيقة كلها.
قلبي كان متقلق، حاسة إننا بنلعب بالنار، وإن الصورة دي أول خطوة في اللعنة اللي هتحل علي، تهد كل اللي بنيته، وتخلي حياتي تدمر.
بس زي كل مرة... ضعفي قدام عز هو اللي بيكسب. مش قادرة أمنعه، ولا أقنعه يخاف على ابنه، ولا حتى أخوفه من اللي ممكن يحصل لو السر ده اتفضح.
غرقت في الأفكار، لحد ما لمحت كاس بيتقدمه لي وصحاني من افكاري.
هزيت راسي بالرفض، ف قرب من الصورة، بص لحمزة شوية وبعدين قال :
– شكله مميز، أنا كمان بفضل أبصله كده، وأتخيل لو عرف إني أبوه وهو ابني ...
تخيّلي يا كاميليا لو ده حصل بجد؟ لو اتجمعنا كلنا وبقينا عيلة؟
تنهدت بضيق، وقفت بينه وبين الصورة أقطع عنه الخيال وقلت:
– تخيلت يا عزوزي، وشوفت القيامة بتقوم والسما بتطربق علي دماغي ودماغك ودماغه...
انت بجد بقيت ممل ملل بنت بتزن على حبيبها النطع ياخد خطوة جد في علاقتهم.
تنهد وقال ببرود:
– آه فاكر.
– نعم؟ ايةفاكر دي؟
ضحك ضحكة خفيفة وقال :
– فاكر أيام ما كنتي بتحبيني، ومش بتبطلي تقوليلي، خد خطوة، اتقدم لأهلي، اتجوزني...
وأنا أقولك أهلك هيرفضوني، تقوليلي: أنا هقولهم،
تابع بدندنه وهو بيتغزل بي
- وهتحدي العالم كله وانا واياااك.
زقيت وشه عني وقلت بغيظ:
– وبعدين يا صابر يا رباعي؟ ده جزاتي إني كنت بحبك ومتمسكة بيك، تتريق عليا، مش تحمد ربنا اني بصتلك بعجلتك المكسرة المكسحة.
كنت فاكر نفسك سايق فيراري بتتمشي رايح جاي علشان اخد بالي منك
– مش بتريق يا فاميليتي مالك... بس انتي ماعملتيش اللي قولتي عليه.
أبوكي حبسني، وضربك، وجوزك غصب عنك... وقصتنا خلصت.
خدي اشربي.
مدّ الكاس تاني، بعدت إيده بضجر:
– قلتلك مش عايزة.
– أوكي، براحتك.
رجع يقف عند البار، لحقت بيه وقلت:
– أنا كنت صادقة في كل كلمة، حتى لو معرفتش أعملها.
كنت ناوية، لكن انت؟
كنت راضي بعلاقتنا في السر، ولا حاولت حتى نخرج للنور.
استند بكوعه على البار، وبصلي بابتسامة فيها لوع وقال:
– علشان كنت فقير.
– والفقير مابيحبش؟
مايحاولش علشان اللي بيحبها؟
– يبقى حمار لو حاول... لأنه هيتـرفض هيتـرفض، فليه يذل نفسه من الأول؟
بصتله له باستغراب من اسلوبه الجديد وقلت:
– ما يترفض، يحاول مرة تانية وعشرة لغيت ما يطولها...
ولا انت كان عندك رأي تاني؟
قرب مني وقال
– طيب ما انا طولتك يا كوكو، امال حمزة جه منين..
مكنتش فاهمه هو بيتغزل ولا بيعايرني.
دفعته عني ف قال
- اية يا روحي متعصبة لية، اللي عايز اقوله اني كنت بعشقك يا كاميليا، بس الفرق اللي بينا كان كبير.
ومع كده متخلتش عنك وعشنا اوقات جميله مع بعض، ولما بعدت رجعتلك بعد أكتر من 25 سنة... مش كفاية كده؟ مش ده إثبات لحبي؟
تنهدت وقلت:
– فهمت، بس نعمل اية الله يسامحه أبويا...
لو مكنش قاسي كان زماننا متجوزين، وعشنا حياة تانية خالص، ومكنتش غبت عني كل السنين دي.
كنت بتمنى يكون عايش، ويشوف أنا تعبت قد إيه، ويعرف إنك انت اللي حبيتني بجد، مش زيدان اللي سود عيشتي، وآخرها حاول يقتل ابني!
– كان زمانه مات بعده، لو كان عملها...
– ربنا ستر.
لو ماكنتش لحقت حدفته من فوق، كان زماني موت من القهر علي ابني.
– وهو لسه ما اتحركش؟
– لا، وحتي لو اتحرك، يبقى جنى على نفسه، هخلص عليه.
– و سايباه لية؟ افرضي فاق...
– كل يوم بخش عليه، ألاقيه نايم زي ما هو، ما اتحركش.
– بس لو فاق؟
مافكرتيش تخلصي منه؟
– أخلص من مين؟ ده مش سهل.
كنت هتمسك أول مرة، وكل حاجة تتكشف، لولا إن نبيل خاف على مراته ومبلغش.
– بس ممكن يفوق في أي لحظة...
– مش هيفوق. زيدان خلاص... انتهى. يلا
أنا ماشية.
– تمشي فين؟ لسه بدري، ماقعدناش مع بعض.
– لازم أمشي، صدام خد باله ومش عايزاه يشك.
– من إمتى وانتي بتحسبي حساب لصدام؟
– من دلوقتي.
صدام مبقاش زي زمان، بدأ يتفلت مني زي الميه، ولو ما لحقتش أسيطر عليه... هخسر كتير.
– يعني إيه؟
– يعني هو فهم إني مخبية حاجة، ومن ساعتها اتغير وصعب يرجع زي الاول.
دلوقتي ما بقاش أنا بس اللي بيروحله وقت ضيقته... مراته التانية خدت مكان.
– ولو فعلاً اتغير وفقدتي السيطرة عليه هيعمل اية؟
– هيقلب الدنيا عليا، ويفضحنا.
صدام أكتر واحد يعرفني، وأكتر واحد ممكن يضرني لو شك في حكاية حمزة... أو عرف إني رميت أبوه بإيدي!
#رقية
ماما كانت مصممة إننا نتغدى معاهم، وأنا كنت مكسوفة أقول لها إني عايزة أروح علشان أعمل له الكيكة. خوفت تحس إني مهتمة بيه، وكأنه غريب عني، مش جوزي!
قعدت معاهم بس مش على بعضي، حاسة بتوتر وعدم راحة، ومش قادرة أخبي ده عن عيون بابا اللي بيراقبني .
ابتسمت بتصنّع علشان أغطي توتري، لكنه تنهد وقال بنبرة حاسمة:
– دي مش عارفة تقعد على بعضها، خليها تمشي، هاتيلها فلوسها من جوه يابت.
قلت باستنكار:
– فلوس إيه يا بابا؟
– فلوسك.
– مش هاخد حاجة.
– وأنا لا عاجز ولا محتاج علشان آخد منك ولا من غيرك.
– طبعًا يا حبيبي، محدش يقدر يقول غير كده، ربنا يديك الصحة ويبارك في عمرك. بس أنا مش هاخدهم، خُدهم أنت، جهز بيهم بسنت.
بص لبسنت وقال بعصبية:
– بقولك اديها الفلوس، قاعدة ليه؟
قامت بسنت :
– حاضر.
منعتها قبل ما تتحرك وقلت بحزم:
– استني.
لفيت على بابا وبصيت له بجدية وقلت:
– بابا، لو ماخدتش الفلوس دي، أنا هاعتبرك لسه زعلان ومش هدخل...
سكت فجأة، استوعبت اللي قولته، فقلت بعبث:
– آسفة.
رجعت أتكلم بإلحاح اقوي من كبريائه اللي مانعه ياخدهم برغم حاجته ليهم:
– بابا، والنبي لو بتحبني خدهم، وحياة حبيبك النبي ما تكسفنيش. خليهم لجهاز بسنت، او اعتبرهم هدية مني ليها.
كان لسه هيقول لا، فسبقته وقلت:
– بالله عليك يا بابا، علشاني...
ماما دخلت تحاول تقنعه:
– خلاص يا أبو رقية، متكسفهاش، البت بتحلفك بالنبي...
بصلها بحدة ونهرها بقوله:
– جرت اية يا ولية! علشان مكسفهاش آخد فلوس منها!
ماما سكتت، فقرّبت منه أكتر، قعدت جنبه وقلت وأنا بحاول أراضيه:
– يا بابا، يا حبيبي، دي فلوسك، إحنا كلنا لحم أكتافنا من خيرك. إنت تعبت وربيت وعلمت، ونبي يا بابا ما تكسفني. ونبي ونبي ونبي، علشان خاطري... يارب تحج.
دفعني بخفة وقال بحنق:
– بس! أوعي...
سكت لحظة، وبص علينا كلنا وقال مغلوب علي امره:
– ماشي... بس هاخدهم سلف، علشان جهاز أختك اللي مكنتش عارف هجيبه منين.
بسنت ابتسمت بسعادة، فقلت بفرح:
– ماشي، سلف. لما تلاقي كنز ابقى ردهملي. اتصل بأهل العريس وقولهم موافقين... خلينا نفرح.
– بعدين. قومي كلمي جوزك، قوليله ييجي يتغدى معانا.
حسيت بخجل، ومكنتش قادرة أبص له، ف بسنت شدتني وقالت:
– قومي، قاعدة ليه؟
– طيب طيب، هقوم أهو.
دخلت الأوضة، حاسة بارتباك وسعادة في نفس الوقت. خدت نفس علشان اهدا، وبعدين اتصلت...
استنيت لحد ما رد وقال:
– آه...
– فين دلوقتي؟
– في الشغل. في حاجة؟
– لأ، بس بابا قال لي أكلمك تيجي تتغدى معانا.
– هو اللي قال ولا مامتك؟
– هو...
– لا، لو هو، يبقى أجي. ممكن ساعة بس، في اجتماع دلوقتي.
– ماشي، براحتك.
– مش هتأخر. ساعة واحدة.
– طيب... أقولك...
قلت الجملة دي وأنا مترددة جدًا، فصوته جه مشغول:
– قولي...
كنت هاقوله اللي حصل مع سامح وأسماء، بس حسيت إن الوقت مش مناسب، وخفت اللحظة تبوظ، فغيرت كلامي بسرعة:
– بقول إنّي ماعملتش الكيكة. لما أروح، هعملها...
ضحك بخفوت وقال:
– أوكي... ومنها أكون معاكي، أعلّمك.
ضحكت وقلت:
– ماشي. روح شوف شغلك، شكلك مشغول.
#حسن
بعد ساعات قضيتها في الأوضة، قاعد لوحدي مضرب عن كل حاجة في البيت والتليفون في إيدي، فاتح الشات بيني وبين رحمة ببصله بدون اي رغبة في محادثتها وكأن خلاص كل حاجه باظت واتكشفت.
وفجأة، جالي صوت بابا من ورا الباب:
_ "هتفضل قافل على نفسك كده كتير؟ اخرج نتكلم ونشوف إيه اللي يرضيكم انتوا الاتنين..."
ما رديتش... ماكنش عندي طاقة أتكلم مع حد. سكت، ف اضاف:
_ "يا حسن يابني، مامتك خايفة عليك. أيوه هي محبكاها شوية، بس ده من خوفها عليك. افتحلي، ما تزعلنيش منك... ولا عايزني أزعل واتعب تاني... وأموت؟"
مقدرتش اكمل اضراب بعد كلمته دي. قومت، فتحت الباب وأنا ما فياش حيل أتكلم ولا حتى أبص في عينيه. دخل بهدوء وقف جنبي وقال:
_ "ليه بتعمل فينا كده بس ؟ هو أنت مش عارف إننا بنحبك؟ ولو أمك شدت عليك، فده علشان عايزاك تحس بوجودنا، تبقى قريب مننا..."
رفعت عيني عليه وقلت بصوت مخنوق:
_ "لا يا بابا، هي مش عاوزاني أحس بيكم، هي شايفاني غلط علي طول، ومالياش لازمة. عمرها ما كلّمتني غير علشان تنتقدني أو تشتكي لخالي. أنت عارف إنها بقالها شهور بتزن علشان أتجوز، ولما قلت ماشي نتجوز، اتخانقت معايا. ولما غيرت رأيي وعملت اللي هي عايزاه، بقت تراقبني كأني عامل مصيبة!"
هز راسه بأسف وقال:
_ "هي أمك موسوسة شوية، وكمان شايفة إن خالك أقرب حد ليك وبيعرف يقنعك. علشان كده بتكلمه..."
وقبل ما يكمل، دخلت أمي فجأة، صوتها عالي وعيونها مشدودة، وقالت بعصبية:
_ "لا يا سعد! أنا ما بكلمهوش علشان أشتكيله، أنا بكلمه علشان يعرف إنه بوظك بدلعه، ويعرف إنه معرفش يربيك. هو خدك مني وحرمني أربيك بطريقتي. كان دايمًا عايش دور المجروح اللي بيبتزنا بمشاعره، خلانا نخاف نقوله لأ..."
وقفت قدامي، عنيها مليانة وجع وقالت:
_ "بس سكت... بقيت أقوله بالذوق والبراحة وبالمحايلة انه يتجوز ويخلف علشان يسيبلي الواد الحيلة.
وكل اللي بيعمله إنه يتعصب ويزعق ويقولي هنخسر بعض لو فتحتي الموضوع ده تاني.
فقلت اصبري يابت، ابنك هيفهم لما يكبر إنه مالوش غيرك، وهيرجعلك..."
سكتت لحظة، وبعدين صوتها بدأ يهتز:
_ "بس إزاي؟! ده قعد معاه ورفض ييجي معانا.
ولما كنا ننزل مصر، في بيتنا، بيتنا إحنا، يخلينا نحس إننا ضيوف تقال عليه! ولما ييجي الكويت، يقعد يشتكي ويتعصب، وكله علشان يرجع تاني لخاله!"
قلت :
_ "اديكي قولتي خدني منكم وأنا صغير. كبرت لقيته هو اللي مربيني، هو اللي عايش معايا كل حاجة. أنا مش غلطان، ولا المفروض أسيب كل اللي ليا هنا علشان أعيش في الغربة. إنتي كنتي ممكن تقعدي، أو بابا ينقل شغله هنا، كان في مليون حل، بس إنتي اخترتي إنك تسافري وتفضلي تغلطيني في كل حاجة..
عنيها دمعت، والدموع نزلت بهدوء وهي بتقول:
_ "ماكنتش عايزة أسيب أبوك لوحده... ولا لما يرجعلنا اجازة احس إنه ضيف في بيته وافضل مستنية إجازته تخلص علشان يمشي ويبعد عننا... زي ما إنت بتعمل معانا كده.
لو ياسين سابك لينا من وانت صغير، كنت اتعودت على العيشة هناك، ما كنتش كرهت الغربة قوي كده..."
سكتت لحظة، وبصت لي بنظرة مكسورة:
_ "إنت وهو اللي عيشتونا كده... بأنانيتكم. بس أنا غلطانة... ما فكرتش أخلف بعدك. يمكن لو كان ليا عيل تاني، كان زمانه لمنا. خليك ليه، دلوقتي يتجوز رحمة ويخلف وينشغل عنك، وتلاقي نفسك لوحدك..."
قالتها... ومشيت.
وقفت ساعتها قدام بابا، دموعي نازلة.
مد إيده، ربت على كتفي وقال بهدوء:
_ "اهي قالتلك اللي مزعلها... روح كلمها، واجبر خاطرها بكلمتين."
أومات بالايجاب ومسحت دموعي وروحت وراها، لقيتها قاعده في الأوضة ودموعها نازلة زي الشلال من عينيها. قعدت جنبها، فصرفت وشها عني.
قربت منها، بوست دماغها فدفعتني عنها. رجعت قربت منها وقلت:
_ أنا آسف يا ماما.._
بعدت إيدي عنها فقلت:
_ مش إنتي لوحدك اللي كنتي محتجاني، وأنا كمان كنت محتاجك، كنت محتاجكم إنتوا الاتنين، ومكنتش اتضايق منكم زي ما بتقولي، ولغيت دلوقتي بحب قعدتكم هنا.
أنا بتضايق بس من تركيزك وتعليقاتك السلبية على أي حاجة بعملها، أنا مكنتش بغلط علشان تكوني شيفاني وحش دايما. أنا أكتر حد مسالم في الدنيا كلها، لا بعمل مشاكل ولا بصاحب بنات ولا بسهر على قهاوي وأي مهمة بتطلب مني بعملها، فمكنتش فاهم ليه شيفاني دايما غلط.._
_ ماهي دي كمان مصيبة إنك مسالم، ما أنت لو مكنتش مسالم مكنش ده بقى حالك، لا شغلة ولا مشغلة، ولا ليك رأي غير في إنك مش عايز تسافر، أكتر مكان بتروح تغير جو فيه هو الجيم أو بيت جدك، لا عندك طموح ولا عندك شخصية ولا حتى تنفع تفتح بيت.._
_ تاني يا ماما، هتندميني إني جيت أرضيكي.
_ لا اندمك ولا تندمني، ربنا يعوض عليا عوض الصابرين، خلاص راحت عليا كنت خلفت غيرك..
وجعني كلامها وحسيت إني منبوذ عندها ولكن خفيتها في نفسي وقلت وأنا بقوم:
_ ولا تزعلي نفسك، الطب اتطور في طرق كتير تخليكي تخلفي على كبر، او جربي تتبني طفل..
جيت أمشي فمسكت فيا، وقامت وقفت قدامي وقالت ودموعها في عينيها:
_ جبلة والمصحف يا بني، ورايي ما هغيره فيك، رايح تمشي وتاخد جنب وأمك مقهورة بسببك، لا بتعرف تحل ولا تربط ولا ليك في التور ولا الطحين، وجاي تراضيني..
حضنتني وقالت :
_ تراضي إيه، جاك وكسة، متزعلش يا آخر صبري ما تزعلش.._
ضحكت وسط دموعي وقلت:
_ إنتي اللي بتعرفي تراضي قوي يا ماما، ما أنا طالعلك.
بعدت عني وقالت وهي بتمسح دموعها:
_ في دي بس..
دخل بابا علينا وقال وهو بيحط دراعاته علينا:
_ وإنتي عاوزه إيه تاني؟ ماهو لو طلع عسل زيك في كل حاجة مفيش واحدة هترضا بيه..
ضحكت وقالت بخجل وهي بتدير وشها عنه:
_ إنت فاضي والله يا سعد، عيب بتكسف.
استمر في مغزلتها وانا سرحت بتفكيري في طريقة لاسكاتها وبعدين قلت:
_ طيب بقولك إيه يا ماما..
وقفت ضحكت وانتبهتلي بالكامل وقالت:
_ إيه يا حبيبي؟
قلت بابتزاز ملاحظتهوش في البداية
_ بلاش تحكي لخالي
قالت:
_ ولا أحكيله ولا يحكيلي بقى.._
مصدقتهوش فقلت:
_ مش مصدقك يا ماما بس متقوليهش علشان مصلحتك..
بصولي بمحاولة فهم للي أقصده فبعدت عنهم وقلت بابتزاز:
_ أصله لو سمع الكلام اللي قلتيه عنه وإنك يعني شايلة منه كل السنين دي وشيفاه خد ابنك منك هيزعل..
بصوا لبعض وبعدين بصتلي وقلت بصدمة:
_ حسن..
_ لا حسن إيه بقى، واقسم بالله يا ماما ما بهزر، إنتي لو قولتيه أي حاجة بعد كده هقوله كلامك ده وبابا شاهد..
ضحك بابا وهي جت ناحيتي فاسرعت في خطوتي للخلف ولما اسرعت الخطوة سبتها ودخلت جوه الأوضة وقفلت على نفسي وفضلت تزعق فقلت:
_ عاوزه تخسري أخوكي قوليله أي حاجة تخصني بعد كده، وهتشوفي الصايع اللي جوايا.
_ بقى كده يا حسن، طيب روح قلبي وربي غضبانين عليك..
قولت مقلد افيه :
_ المهم صوابعك يا ماما، هي اللي هتطبخلنا..
علي سيرة الطبيخ افتكرت حاجة مهمة مجتش على بالي قبل كده، ففتحت علشان أقولها لقيتها هجمت عليا ومسكت دراعي وغرزت أسنانها فيه.
#ياسين
بعد ما الاجتماع خلص، مشوا الموظفين فوقفت حمزة قبل ما يخرج وقلت:
_ استنا انت..
رجعلي تاني وقال والارهاق باين عليه:
_ نعم..
_ كان باقيلك دقيقة وتنام في الاجتماع مالك..
_ منمتش طول الليل امبارح.
عقلي حدف شمال وزميت شفايفي ولكن معلقتش وقلت:
_ طيب حضرتوا نفسكم انت ومراتك._
_ اعتبرنا جاهزين.._
_ أوكي، قبل ما أطلع بساعة هتصل بيك، وأعمل حسابك هحتاجك في الشغل هناك.._
عبث وشه غير راضي فقلت:
_ هنخلص شغل وبعدين أرجع لها، ده أنا همد السفرية أسبوعين علشانكم، الشغل مش هياخد اسبوع اصلا..
_ مفيش مشاكل، حاضر هكون معاك..
_ ماشي روح..
_ أوكي، باي..
مشي وأنا شوفت التليفون لقيت اتصال من جيهان، رجعت اتصلت بيها وقلت:
_ أيوه يا جوجو..
_ أه يا حبيبي، عامل إيه..
_ الحمد لله، وانتوا عاملين إيه..
_ بخير طول ما أنت بخير، أقولك!..
_ قولي..
_ بكرة تجيب رحمة وكل العيلة وتيجوا تتغدوا عندنا، ومتنساش الواد حمزة ومراته.._
_ أنا وحمزة ومراته مسافرين بكرة، شوفي الباقين..
_ إيه ده بجد؟
_ بجد.._
_ طيب، ناجلها بقى لما تيجي..
جاني صوت حسن بيقول:
_ يجي منين..
جاني صوته بيكلمني وبيقولي:
_ رايح فين..
_ مسافر تركيا يا مخرف، أنا مش قايلك..
_ قولت بس مكنتش أعرف إنه بكرة، على العموم مفيش مشكلة، نعمل العزومة دي للباقين ولما ترجعوا نعملها تاني ولا إيه..
فهمت إنه تمسك بالعزومة علشان توصيتي ليه بإنه يخرج رحمة وأنا مش موجود فقلت:
_ مش مشكلة، اعملوا كده ولما أرجع العزومة تكون في الفيلا..
_ ماشي، بلغ الجماعة بقى..
_ أوكي.. شكرا يا حسن..
#رحمة
كنت لوحدي في الأوضة كالعادة، مليش نفس أعمل أي حاجة، ومفيش غير كلمته وهو بيقولي:
"معندكيش حد تخافي تخسريه"
بتتردد في ودني.
كنت متخيلة إن الكلمة دي هي كلمة النهاية لمشاعري ناحيته، للقصة اللي مابدأتش أصلاً...
وبالفعل كنت متخيلة.
لكن بعد وقت تليفوني نور بيعلن عن وصول رسالة منه، وكأنها رد على الحديث اللي دار بيني وبين نفسي، بتقولي: "لأ، لسه النهاية مجتش."
مسكت التليفون من غير أي حماس وفتحته، لقيته بيقولي:
_ رحمة..
مردتش، فبعت تاني:
_ لو سمحتي ردي عليا..
كتبت من غير نفس:
_ ها
_ أنا آسف، وربنا ما كنت أقصد أجرحك، أنا كنت متعصب وقلت كلمة وأنا مش في بالي وناسي أي حاجة تخصك..
_ مش مهم، مفرقش معايا..
_ طيب لو مفرقش بجد، وافقي تيجي العزومة بكرة..
_ عزومة إيه؟
_ عازمينكم عندنا بكرة، تعالي ها..
مردتش، فبعت تاني:
_ خالي هيبلغكم، بس أنا قولت يمكن ترفضي فكلّمتك، تعالي أوكي؟
_ لا يا حسن، كفاية قوي اللي أنا فيه..
_ وإيه اللي انتي فيه يا حجة؟ بصي! انتي هتيجي، وأنا أوعدك عمري ما هقول ولا أتصرف تصرف يضايقك. إحنا صحاب مش كده؟
_ لأ...
جالي رده بعد وقت من السكوت:
_ لا بقى صحاب! وعفاريت في عصابة واحدة، عاجبك ولا لأ؟
ولما حسيت نفسي هستجيب ليه، قفلت الشات والنت ومردتش.
مكنتش عاوزة حاجة تخليني أنسى اللي قاله، ولا البلوك، ولا إنه واقف يتفرج عليا.
وبعد شوية من قعدتي لوحدي، غضبي منه ابتدى يقل بالتدريج، وابتسمت لذكرياته وكأني لاقية كرامتي في الزبالة.
جت سحر وقالتلي ياسين بيقولك تعالي اتغدي.
رحت من غير أي اعتراض، قعدت على الكرسي اللي جنبه، وصدام قُصادي على الجنب التاني.
عينه جريت عليا من أول ما طلعت.
تجاهلت نظراته، وبدأت آكل من غير أي شهية.
ميل عليا ياسين وهمسلي:
_ مالك؟
رفعت عيني عن الطبق وقلت
_ مالي ؟
زم شفايفه يائس مني ومن مزاجي اللي طول الوقت متعكر، ف صرف وشه عني وقال موجه كلامه للباقين:
_ جيهان عازماكم بكرة عندها.
قالت كاميليا:
_ كلمتني وقالتلي.
_ طيب ابقوا روحوا.
قالت:
_ أكيد هنروح، وطبعًا فيروز ورحمة هيروحوا معانا، مش كده؟
بصتلها، وقبل ما أرد، جاوب عني من غير حتى ما يسألني:
_ رحمة هتروح.
مع إن تصرفه زعلني، بس متكلمتش.
قلت مش فارقة، والحقيقة إني عملت مغلوبة على أمري، وأنا جوايا حاجة بتقولي: روحي.
ومن ناحية تانية، تحمحمت فيروز وقالت:
_ وأنا اعذروني، مش هقدر.
كاميليا استنكرت ردها وبصت لصدام، وكأنها مستنية منه يقول حاجة، لكنه متكلمش.
فقالت:
_ إيه يا حبيبي؟ ما تقول حاجة.
_ أقول إيه؟ بتقولك مش هتقدر تروح.
_ ودي تيجي؟ عمتك تزعل! دي أول مرة تعزمنا من وقت ما جت من السفر.
ساب الأكل اللي في إيده وقال:
_ ما أنا كمان مش هروح، قوليلها مشغولة.
قالها وقام، فقامت وراه ودخلوا أوضة ابوه.
فقالت تيتا موجهة كلامها لفيروز
_ ليه يا بنتي مش هتروحي؟ دي عمة جوزك..
_ على عيني وراسي، بس أنا مروحتش هناك قبل كده، ومش هعرف أقول إيه..
قُلت مقاطعة كلام تيتا:
_ وأنا كمان مروحتش هناك قبل كده، تعالي معانا ساعة وهنيجي.
سكتت، فقال ياسين وهو بيبصلي بإعجاب وكأني لاقيت حل لأزمة الحروب اللي في العالم:
_ أهي قالتلك! ساعة وارجعوا، ومتزعلوش حد منكم.
#فيروز
كنت عاملة حسابه ورفضت أروح عند عمته، لأني عارفة إنه مش هيحب ده، في الوقت اللي هو معمليش حساب، وعينه جريت على رحمة أول ما ظهرت.
وبعد إصرار من الكل عشان أروح، قولتلهم: "لما أشوفه هيوافق ولا لأ".
قمت بعدها دخلت المطبخ، لأني لاحظت إن سحر مشغولة ومطلّعتش أكل ليسرا. وهناك، لقيتها متنرفزة من جني وبتطلب منها تخلص أكل علشان تساعدها، فوقفت وسطهم وقلت:
– مالكم زعلانين ليه؟
قالت بنرفزة:
– بقالها ساعتين بتاكل علشان متساعدنيش في حاجة!
قالت جني وبوقها مليان أكل:
– جعانة يا ست فيروز.
قلت بابتسامة:.
– كلي يا حبيبتي براحتك. إيه يا سحر، عايزة تعملي إيه وأنا أعمله؟
قالت:
– لا، متتعبيش نفسك، أنا هعمل كل حاجة.
– طيب قوليلي بس الأول، حد طلع أكل ليسرا؟
– لأ، ودي تبع المليون حاجة اللي لازم أعملها.
تابعت بضيق:
– أنا مش فاهمة فيلا كبيرة زي دي مفيهاش شغالين كتير ليه؟
ابتسمت وقلت:
– مرات بابا بتقول إنهم واثقين فيكي، وإنك معاهم من زمان، وصعب يلاقوا واحدة بأمانتك. وبعدين، انتي زعلانة ليه؟ هو أنا بسيبك؟
ابتسمت وقالت:
– لا يا ست، ربنا يكرمك يارب ونشوف خلفك قريب هو انتي في زيك.
– تسلميلي يا سحر. طيب أنا هطلع أكل ليسرا، وبعدين أرجع أخلص معاكي كل حاجة.
جهزت الأكل، ولما خرجت بالصينية من المطبخ، لقيت صدام قاعد في الصالون معاهم. شيلت عيني عنه وطلعت فوق ليسرا، لقيت قدامها هدوم البيبي وبتقيس فستان على بطنها كأنها بتقيسه لبنتها اللي لسه جوه.
ولما شافتني، ابتسمت بحرج وقالت وهي بتحطهم على جنب:
– كنت بشوف هيطلع حلو عليها ولا لأ.
ضحكت ضحكة خفيفة وقلت:
– وطلع حلو؟ ولا عايز تظبيط؟
مدّت لي إيدها تاخد الصينية وقالت:
– ليه تعبة نفسك؟
– ولا تعب ولا حاجة، اتفضلي بالهنا.
– ربنا يخليكي.
قعدت جنبها وقلت:
– عاملة إيه دلوقتي؟ الوجع راح؟
سندت ضهرها وقالت بابتسامة ممزوجة بألم:
– ده بيزيد وبقى لا يُحتمل.
– ربنا يعديهالك على خير، هانت، كلها شوية وترتاحي.
حطت إيدها على بطنها وقالت بابتسامة :
– والأنسة تيجي للدنيا.
بصت لي وتابعت:
– من امبارح بفكر ومحتارة، أجيب واحدة تشتغل في البيت بعد ما أولد؟ ولا أعيش أنا وهي لوحدنا؟ حاسة إن ممكن تتعلم منها حاجات غلط؟..
كلامها خلاني عايزة أضحك، لأنه غريب على شخصيتها، بس أخفيت ضحكتي وحاولت أكون متفهمة لحالتها وقلت:
– ممكن، بس انتي وهي هتكونوا لوحدكم، وأعتقد شغل البيت مش هيكون كتير عليكي. ولو لزم الأمر، ممكن تجيبي واحدة تنضف يومين في الأسبوع، وفي الوقت ده الأنسة الصغيرة تيجي تزورنا.
– فكرة كويسة، ماشي هعمل كده.
قلت بابتسامة :
– بس من الواضح إنك فكرتي في كل حاجة، مش الشغالة بس، ونويتي تغيّري حياتك.
ابتسمت بمرارة وقالت:
– آه فعلًا. مبطلتش تفكير من يوم ما سيبتيني آخر مرة. مش عارفة هتفهميني ولا لأ، بس أنا تعبت من الإحساس بالذل والإهانة. بقيت مشتاقة أعيش بكرامتي.
سكتت شوية، وبعدها تنهدت وقالت:
– انتي عارفة؟ اكتشفت إن مفيش تجارب بتفيدك بجد قد التجارب الغلط. محدش بيستفيد غير من غلطه هو وبس. حتى التجارب الحلوة مبتفيدش.
وأنا غلطت كتير ودّفعت التمن كتير، فبقيت حاسة إن لو مريت باختبار تاني، هعدي منه.
مسحت على بطنها وقالت بابتسامة دافية:
– وهعيشلها كل حياتي. مش عايزة حاجة من الدنيا غير إني أطلعها حاجة كبيرة.
بس إيه رأيك؟ غبائي مش هيأثر على تربيتها، مش كده؟
أومأت بالنفي وقلت بابتسامة هادية:
– لأ.
– ممكن أسألك سؤال؟
قلت بإنصات:
– أكيد.
قالت بتردد:
– وأنا بفكر امبارح، افتكرتك.
– افتكرتيني أنا؟ ليه؟
– قلت يمكن تكوني شايفة إني اتغيرت معاكي علشان متفضحنيش. هو انتي ممكن تكوني بتفكري كده بجد؟
– أكيد لأ. أنا عارفة إنك مش بتتظاهري. وحتى لو فضلنا زي الأول، مكنتش هقول حاجة.. والأهم إني لقيتلك عذر. مكنتش مصدقة في الأول إن الراجل لما يلاقي الحب هيدور بعيد، ولا إنه لما يلاقي الاهتمام من مراته، هيفضل يحبها.
– بتقولي كده ليه؟
– اهو.
شغلها كلامي فقالت:
– لو ينفع، قوليلي. انتي شغلتيني ومش هقدر أنسى كلامك ده.
مترددتش كتير علشان اقولها، كنت حاسة براحة في كلامي معاها:
– مهتم بواحدة تانية الأيام دي... أقصد تالتة.
– إزاي يعني؟
– اهو، مشغول بيها أكتر من نفسها.
– ممكن أعرف مين؟
– مش مهم.
- طيب بيحبها يعني ولا ايه..
- الله واعلم بيه بس لما واجهته زعل من كلامي وكأني بخرف مش فاهمه حاجه
فكرت شوية، وبعدين قالت:
– طيب، أقولك حاجة؟
– قولي.
– بصي، أنا طبعًا بكرهه دلوقتي، بس مش هنكر إن فيه حاجات حلوة. وأولهم إنه مش بيجري ورا الستات.
وكمان ملهوش في الحب، ومبيقربش من واحدة ولا يهتم بيها غير لو كان فيه سبب.
فطالما اهتم، يبقى فيه سبب، وطبعا مش هتطلع برا كاميليا.
احتشدت الدموع في عيني وقلت بألم:
– يعني ممكن ميكونش حبني، واتجوزني علشان هدف، أو علشان أمه قالتله؟
– لأ، لأ، بتقولي إيه؟
هو اتجوزك عليا آه، بس أنا بقولك صدام حبك.
– أمال مهتم بيها ليه؟
– ما أنا بقولك فيه سبب. دوري على السبب، وهتعرفي إنه مش بيحبها.
بس، موعدكيش إنه مبيخططش يتجوزها برضو.
#صدام
بعد ما نزلت من فوق، دخلت أوضتها من غير ما تبص ناحيتي، وكإنها بتعاقبني بتجاهلها ده
فضلت باصصلها وهي بتقفل الباب، وأنا عقلي مشغول بالمشكلة اللي بيني وبينها.
نفسي أتكلم، أشرح، أقول أي حاجة تخليها تشيل الكلام ده من دماغها… بس كان صعب اقولها السبب، ومفيش سبب مقنع أقدر أقدمه عن اهتمامي المفاجئ برحمة.
وانا تايه في تفكيري، سمعت صوت أمي جنبي بتقولي:
-مش هتدخل تقولها؟
رديت وأنا مش قادر أبص في عنيها زي الاول:
بعدين…
بعدين إمتى؟ مش إنت قلت هتخليها تروح؟
آه يا ماما… بس بعدين.
وليه مش دلوقتي؟ مالكم؟ هي شايفة نفسها عليك ولا إيه؟
وتشوف نفسها عليا ليه يعني؟
أمال مشيت ومبصتلكش كده ليه؟
كان واضح إن أمي بتحاول تزعلني منها، وأنا مش ناقص توتر، فقولت بأقل كلام:
داخل أهو…
وقبل ما أتحرك، نادتني:
صدام…
وقفت مكاني، لقيتها بتقرب وتبصلي بعين فيها كيد أنا عارفه كويس، وقالت:
إيه يا حبيبي؟ عمرك ما كنت ضعيف… وكلمتك دايمًا واحدة. خايف تقولها؟
بصيتلها وتنهدت وقلت:
لأ يا ماما، لو قولتلها هتوافق… وأنا داخل أقولها أهو، عشان تعرفي إن ابنك مسيطر.
دخلت الأوضة، لقيتها قاعدة تقرا في المصحف.
ولما شافتني، رمقتني بنظرة سريعة، وبعدين رجعت للقراءة .
قربت منها وسحبت المصحف من قدامها، وحطيته على جنب.
مكنتش موافقة على تصرفي، بس محاولتش تمنعني.
مسكت إيدها، ورفعتها من على الكرسي، ووقفتها قدامي…
لمست وشها بهدوء، كنت مستنيها تبصلي، بس كانت مجفياني تمامًا.
قولت :
ده انتي زعلك وحش قوي...
خفضت جفونها، وسكتت.
رفعت وشها، وبصيت في عنيها وقلت:
- لما أكلمك بصيلي… وآخر مرة تنامي وإحنا بينا مشكلة متحلتش.
تنهدت بسخرية وقالت:
-أنا كمان اللي منمش غير لما المشكلة تتحل… هو مين اللي زعلان؟
-أنا…
-إنت؟
-أيوه، أنا… ولو مكنتش بحبك، مكنتش عديتلك كلامك، ولا شكك فيا مع مرات عمي.
-وأنا مش مجنونة ولا في حاجه في عقلي ، علشان أشك فيك من فراغ… إنت طلبت منها تطلّق يا صدام!
- آه، طلبت منها تطلق… وقدامك كمان! لو كنت بعمل حاجة غلط، كنت طلبت منها في السر.
- يا سلام، يعني علشان قدامي يبقى خلاص؟ ده أنا بعمل حسابك في الكبيرة قبل الصغيرة، وراك قبل قدامك.
أنا حتى رفضت أروح عزومة عمتك، علشان عارفة إن وجود حسن في مكان فيه أنا ويسرا بيحسسك بإيه.
-مين قالك إن وجودك في مكان فيه حسن بيحسسني بحاجة؟
أمال إيه؟
لا يا ماما، إنتي فاهمة غلط…
إنتي لو قعدتي معاه في أوضة لوحدكم، مش هقلق… أنا بتكلم على يسرا بس.
يعني إيه بتتكلم على يسرا بس؟
يعني أنا واثق فيكي… وهو كمان، آه بكرهه، ومبحبش أشوفه، بس ميبصلكيش.
حاولت تكتم ضحكتها، فاستغربت وسألتها:
بتضحكي ليه؟
يعني هو ميبصليش… ويبص ليسرا؟
أيوه، مالك إيه؟!
وفجأة، انفجرت في ضحك… ضحكة عميقة وطويلة، مش عارف سببها إيه، ولا حتى هي قادرة توقفها أو تشرح لي.
وقفت مستني تفهمني، بس مفيش… فضلت تضحك.
مكنتش فاهم، بس اللي فهمته إن المشكلة خلاص… انتهت. وده كان كفاية.
#حمزة
بسبب قلة النوم الليلة اللي فاتت، كنت قاعد معاهم بتثاوب من غير ما أحس، وكل شوية أحاول أفتح عيني بالعافية.
مش عايز أبان ممل، ومش عايز أبوظ الجو، بس التعب كان باين عليا غصب عني.
وأبوها، كعادته، واخد باله من كل حاجة، فبص لرقية اللي كانت قاعدة جنب بسنت، بيتكلموا سوا كأن فيه حاجة مُلحة بتطلبها منها، وقال :
قومي يا بنتي، جوزك عايز ينام.
بصوا لي كلهم، واتحرجت شوية، فابتسمت وقلت:
آسف، بس منمتش من امبارح.
كان الله في عونك… روح نام، علشان بكره وراكم سفر.
بعد الكلمة دي، لمحت رقية وهي بتبص في الأرض وبتخفي ملامحها بحرج خفيف، لكن أنا كنت مبسوط… مبسوط إنها قالتلهم.
تصرف بسيط، بس حسّسني إنها متحمسة، وإنها معايا.
قمت وخدتها ومشينا، بس قبل ما نخرج، شفت بسنت بتقرب منها وتوشوشها حاجة.
كان نفسي أعرف بتقولها إيه، بس ما سألتش، رجعنا على البيت.
دخلت خدت دش سريع، ولما خرجت لقيتها قاعدة على طرف السرير، تايهة في حاجة.
ما حستش بيا وأنا داخل، فقرّبت منها بهدوء وقعدت جنبها وسألتها باهتمام:
-مالك يا روكا؟
ابتسمت ابتسامة شكلها مش حقيقي وقالت وهي بتهز راسها:
-سلامتك…
-الله يسلمك، بس برضه مالك؟ لسه زعلانة؟
-لا، مش زعلانة.
وقامت وهي بتقول:
إنت تنام على السرير… وأنا أنام على الكنبة.
كأنها رمتني بطوبة… في الأول افتكرت إنها هتشاركني السرير، بس فجأة خدت الأمل مني لما كملت.
كان شعور بايخ
فقلت وأنا بحاول أضحّكها:
ممكن انام علي السرير لو هتنامي معايا بس.
ولما اتلخبطت، ضحكت وقلت:
هنحط بينا منشر وبطانية… أو نبني حيطة بكيكة الشيكولاتة.
ضحكت بخفة، بس بسرعة ابتسامتها خفت، وقالت وهي بتتحرك:
- نام على السرير الليلة… وأنا هنام على الكنبة.
مديت إيدي ومسكتها، رجعتها تاني وقلت:
أوكي، مش هعترض… نفسي أجرب السرير من زمان.
بس هتعبك.
بصتلي باستغراب، فبهدوء لمست ركبتها وخليتها تعدل رجليها.
فهمت قصدي، وبدون اعتراض عقدت رجليها.
نمت على حجرها، ومسكت إيدها وحطيتها على شعري، وقلت:
اشتغلي شوية… ولو نمت، صحيني أنام على المخدة.
مردتش، ف بصيتلها، لقيتها بتبتسم… ابتسامة دافية، حقيقية، وفجأة خفيتها وهربت بنظراتها.
رجعت ساندت دماغي، وقلت وأنا مبتسم:
من زمان بحلم باليوم اللي ألاقي فيه واحدة تلعبلي في شعري وأنا بنام…
دي كانت واحدة من مواصفات فتاة أحلامي.
مردتش، بس فضلت تمرر صوابعها في شعري، بلُطف… بحنية عمري ما جربتها قبل كده.
ومع كل لمسة… كنت بنفصل عن الدنيا شوية شوية.
وبعد لحظات… ما حسيتش بنفسي خالص.
رقية
كان مرهق من السهر والشغل، فنام على حجري زي الطفل الصغير.
نسيت قلقي من أسماء، نسيت زن بسنت، نسيت حتى السفر.. كنت مشغولة بتأمل ملامحه وهو نايم، لحد ما النوم بدأ يضغط عليا، فعدلت المخدة ورا ضهري ونمت وأنا قاعدة.
كنت بصحى كل شوية أبص عليه، ألاقيه لسه نايم فأنام تاني، لحد ما جه تاني يوم، وصحيت لقيت نفسي نايمة على المخدة ومتغطية والنور مالي المكان.
بصيت حواليّا، ملقتهوش.
تخيلت إنه بيحضّرلي مفاجأة زي المرة اللي فاتت، فقمت أدور عليه في البيت.. ملقتهوش.
مسكت التليفون واتصلت بيه، رد عليا وصوته كان غريب، حزين:
– آه؟
قلت بريبة..
– إنت فين؟
– في الشارع.
– بتعمل إيه في الشارع؟
– جاي.
قفل المكالمة وسابني أعصابي بايظة ومش فاهمة إيه اللي بيحصل.
هل أسماء كلمته؟
ولا الراجل قابله تاني؟
قلبي كان مخطوف، مش عارفة أهدى.
بعد شوية، الباب اتفتح.
لفيت ناحيته فورًا، لقيته داخل ووشه جامد، مفيهوش أي تعبير مفيش غير عيونه فيها نظرة خذلان .
وقفت مستنياه، وخوفي بيزيد مع كل خطوة بيقربها مني.
لحد ما وقف قدامي، وبصلي من غير ما ينطق.
قلت بصوت مهزوز:
– مالك؟
ابتلع غصته بالعافية وقال:
– أسماء كلمتني وطلبت مني أنزلها.
كلمته كانت زي سهم هزت كياني بالكامل، خلاني واقفة مش عارفة أبدأ منين.
أي حاجة هقولها مش هتفرق، هي سبقتني.
خبّى دموعه وقال بصوت مكسور:
– طبعاً فاهمه كلمتني لية، بس لما قالتلي إنك لسه عايزة خطيبك، وإنك معايا علشان تنتقمي مني، مصدقتهاش..
قولتلها إنها كدابة، فـ...
قاطعته بصوت مهزوز، ودموعي قربت تفيض:
– الموضوع مش كده، إحنا اتخانقنا امبارح، علشان كده قالتلك الكلام ده.. انا كنت هقولك بس...
تابعت بصعوبة:
– بس إنت نمت.
ابتسم ابتسامة حزينة، وعيونه بتدمع، واضح إنه كان بيأجل انفجاره لاخر لحظة، لبعد ما يواجهني بكل اللي قالته وقال
– آه، هي قالتلي كده، قالتلي إنكم اتخانقتوا عشان زعلتي إنها كلمتني، وقالتلي كمان إنها ما كلمتنيش غير لما انتي قلتيلها إنك هتطلقي، وفهمتيها إني فاشل وبضربك، وإن أهلك بيملوا التلاجة، وأمي بتصرف عليا... قالتلي كل حاجة، حتى إنك لسه بنت بنوت وإنتي معايا.
حسيت قلبي بيتسحب من صدري، حطيت إيدي على قلبي وقلت باختناق:
– آه، أنا قلت كده.. بس كنت بقولها علشان هي كانت عايزة تـ...
مقدرتش أكمل، مقدرتش اقوله اني كنت خايفه تاخده مني.
وهو مردش ولا كان مهتم بكلامي، فتح تليفونه، وشغل تسجيل..
كان نفس التسجيل اللي سجلناه أنا وهي لسامح.
ماخطرش في بالي إنها لسه محتفظة بيه.
قلت بصوت مهزوز متلعثم:
– أيوه ده صوتي، بس أنا كنت بقول كده علشان أرجع فلوسي.
ما اهتمش بكلامي، ولا صدّقني.
رجع قلّب في تليفونه، بإيد مرتعشة ودموعه بتنزل.
وبعدين وراني رسالة بيني وبين سامح..
رسالة صغيرة، كنت بقوله فيها بما معناه بلاش تدخل لإن تدخلك هيأذيك، كنت قصدي أمنعه، بس واضح إن اسماء حكتله كل حاجة وظبطوها سوا.
وقفت قدامه، وهو باصصلي مستني ردي.
قلت :
– أيوه، قلت كده علشان كنت بنتقم، وكنت متفقة مع أسماء تسمعه التسجيل، بس لما رجّع الفلوس عملتله بلوك...
تابعت ببكاء وانا بكتم صوتي بايدي
- وحيات ربنا عملتله بلوك وشوف بنفسك
قال بكسرة:
– وفين الفلوس دي؟
– عند بابا، بس اللي حاولوا يوصلهالك كدب.. أنا كنت بكرهه وكنت عايزة أنتقم منه.
قال بصوت مخنوق:
– طب ولما هو كده، وكنتي بترجعي فلوسك.. خبيتي ليه؟
والفلوس؟ كنتي خايفة آخدها؟
ف خبيتيها عند أبوكي؟!
مقدرتش ارد ف بكيت.
تابع بصوت مكسور ورعشة في جسمه من كبته للغضب اللي جواه:
– علي فكره أنا مش بلومك، أنا بلوم نفسي..
كان لازم أفهم إنك مش ممكن تحبيني، ولا ممكن تعيشي معايا كل الفترة دي زي الاخوات ، غير علشان تاخدي تارك مني.
هزيت إيدي بالنفي، مش قادرة أتكلم.
فقال:
– بس أنا ماكدبتش عليكي في ولا كلمة.
أنا حبيتك ، واستنيتك شهور فرضتش نفسي عليكي ولا غصبتك علي حاجة، وكل ده علشان تقبلي بي برضاكي وانتي حباني وعايزاني.
وكنت لسه هستنى.
انا أول مرة في حياتي أكون صادق واول مره اهتم بمشاعر بنت واخاف اخسرها.
وأنتي قدرتي تضحكي عليا من غير ولا كلمة، من غير ما تقولي حتى إنك بتحبيني وصلتيلي انك حبتيني.
وصدقتك.
وبدأ صوته يتحول من الحزن للغضب:
– وقلت أصبر، يمكن مع الوقت تعترفي بمشاعرك وتقوليلي عايزاني، ونعيش سوا، ونخلف صبيان وبنات!
قالها لانفعال ورما التليفون على الحيطة، اتحطم وتناثرت قطعه في كل مكان.
سديت وداني، وخدت خطوة لورا أتفادى انفعاله، وهو كمل بغضب عارم وهو بيدفع كل حاجه علي التربيزة:
– انا كنت غبي، فاكر إنك مستحيل تغلطي، حتى لو كنتي عايشة معايا بالعافية..
رجعلي وقال بنفس الغضب
- بس شفت بعيني اهو
رجعت خطوة وأنا بعيط بهستيريا.
قال:
– خايفة مني؟ فكراني هأذيكي؟
لا ده أنا هسيبك ملكة في بيتك، بالفلوس اللي أبويا ادهالك من ورايا، وكل حاجة خدتيها، وهامشي علشان انا استاهل.
سكت شوية، شاف رد فعلي وانهيار قدامه، ومحاولتي اني اتكلم وبعدين قال من غير ما يرفله جفن :
– إنتي طالق...
قالها، ودخل يلم هدومه، وأنا واقفة مكاني، مش قادرة أتحرك.
كلمته نزلت عليا زي الصاعقة، خرستني.
لا عرفت أتكلم، ولا حتى أقول أي كلمة من اللي جوايا.
وهو مداش لنفسه فرصة، خد شنطته، والتذاكر، وخرج..
ما بصليش، ما سمعنيش، قفل الباب وراه بعنف، وسابني واقفة، حاسة إني اتشليت، مش قادرة أعيط تاني، ولا حتى أتنفس