
رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الخامس والثلاثون35 بقلم نجمه براقه
فيروز
واقفة قدام المرايا بظبط الطرحة، وهو قاعد على السر*ير بيراقبني بصمت وبدون اي تعابير، ساكت وعينه عليا وبس
بصيت على انعكاسه في المرايا وقلت:
– بتبصلي كده ليه؟
ابتسم بهدوء، ابتسامة خفيفة بتحاول تغطي شعوره اللي مقدرتش افهمه:
– بحب أشوفك وإنتي مركزة في اللي بتعمليه.
لفيت ناحيته وابتسمت:
– ليه بقى؟
قام، حضني بلطف، لكن الضيق لسه باين على ملامحه، وصوته فيه نبرة ارتباك:
– مش عارف... بس يمكن عشان عندي نية مش مؤدبة تجاهك دلوقتي.
ضحكت وقلت وأنا ببعد عنه شوية:
– احتفظ بنيتك المش مؤدبة دي لبالليل، أنا خلاص ربطت الطرحة ومش مستعدة أفكها تاني.
ضحك وقال بهدوء:
– بقيتي وحشة قوي!
– حقك عليا، بس بجد مش هينفع أتأخر عليهم.
اتنهد وقال:
– أوكي، بس كليميني كتير.
– هو أنا مسافرة، دول ساعتين وهنرجع .
– برضو، كليميني.
حسيت بالقلق والاضطراب بين كلماته، قربت منه، ومسحت على وشه بحنية:
– مالك يا حبيبي؟ إنت كويس؟
ابتسم ابتسامة باهتة، وقال:
– آه... ليه؟
– مش طبيعي، في حاجة مضايقاك؟
سكت شوية وقال:
– شفت حلم رخم، ملخبطني شوية...
قلت باهتمام:
– حلم إيه؟
– مش فاكر تفاصيله كويس... بس كان كله خوف، كان في وحش كبير، او حيوان بيطاردني، كان بيعرف انا فين ويلحقني، كنت حاسس اني مش هقدر انفد منه
بصلي وسكت، فقلت وأنا بحاول أقرأ اللي مش قادر يقوله مسكت ايده وقلت:
– خايف
ابتسم بتظاهر وقال :
– لا مش خايف، اكيد مش هخاف من حلم انتي بتقولي ايه
مسكت إيده وقلت بنبرة هادية تطمنه:
– عارفة، بس ده من الشيطان، عايز يخوفك. متقلقش، مفيش حاجة هتحصل.
– فاهم، بس الصراحه لسه مش قادر أهدا، بس مش خايف ها مش خايف.
ضحكت علي التناقد اللي في كلامه
– انا عارفه، اقولك، خلاص، مش هاروح وهقعد معاك.
ابتسم وقال:
– قولتلك أنا مش خايف علشان تقعدي معايا، بس ممكن تعمليلي حاجة تهدّيني؟
– إيه هي؟
فردلي إيديه. ابتسمت، ورميت نفسي في حضنه، ضمني بقوة، كإني كل العالم في حضنه، وقال بصوت واطي:
– كده أنا بقيت كويس.
– أمرك سهل... لما تحتاج تهدي تعاله احضنك .
زم شفايفه وقال
– نية مش مؤدبة، مش كده؟
ضحكت وقلت:
– متحلمش، مش هبوظ الطرحة.
بعد عني وقال :
– يا دي الطرحة! طرحة عروسة هتاخد ساعتين تتلف! خلاص مش عايز قلت ادب، بس فكريني أخطفك يوم لما الشغل يخف.
– حاضر، هفكرك تخطفني، من عيني.
رحمة
كنت في أوضتي، بجهز نفسي علشان نروح نزور أهل حسن انا وباقي العيلة. فجأة الباب خبط، سيبت المشط على التسريحة وقلت:
– اتفضل!
دخل ياسين، قرب مني بخطوتين، وابتسم ابتسامة هادية... دافية. الابتسامة دي مش دايمًا بشوفها منه، بس لما بتطلع، بحس إنه شخص تاني. كأنه بيتحرر من الشخصية اللي بكرهها، وبيظهر وشه التاني اللي ممكن يكون جواه خير.
وقف قدامي بخطوة واحدة وقال:
– صباح الخير.
قلت وأنا بلملم نفسي قدامه:
– صباح النور.
– خلصتي؟
– قربت أهو.
هز راسه وقال:
– أوكي، روحي شوفي الناس، وحسن هيخرجك كل يوم... ابقي روحي معاه، متقعديش كتير في أوضتك.
قلت:
– إشمعنا دلوقتي يعني هخرج كل يوم؟
رد وهو بيحاول يبان طبيعي:
– مش عايزك تحسي بالملل وأنا مش موجود.
-هو الملل هيطير عشان هخرج، ولا عشان هخرج مع حسن؟
قولتها بيني وبين نفسي وانا بصاله باستغراب، كمل الخطوة التانية وقرب أكتر، وقال بنبرة أهدى:
– إنتي هتروحي لجيهان، وأنا هسافر... مفيش فرصة أسلم عليكي غير دلوقتي.
مرتحتش لكلامه ده، وكنت مستنية يشدني أو يقول حاجة مفاجأة، لكنه كمل:
– عايزة إيه أجبهو لك من تركيا؟
سكت أفكر لحظة، وبعدها قلت ببساطة:
– مش عايزة حاجة... عندي كل حاجة.
– كنت متأكد إنك هتقولي كده. أوكي... أنا هجيبلك هدية على ذوقي. كملي لبسك وخلي بالك من نفسك، وابقي ابعتيلي على الواتساب. بلاش اتصال الرقم هيوقف أول ما أخرج من مصر.
– ماشي.
ما مشيش على طول... وقف لحظة كأنه عايز يقول حاجة، بس ما عرفش يجيبها. وسابني ومشي.
مهتمش كتير وبعد ما بقيت لوحدي، مسكت التليفون، فتحت الواتساب أشوف لو حسن بعتلي حاجة... ملقتش. ف رجعت أكمل لبسي.
#صدام
كان حلم مزعج ومخيف، خلاني لساعات وأنا مش قادرة أنساه، ولا قادرة أتلم على أعصابي ومقدرتش اشيل من دماغي انه مرتبط بحاجة واقعية في حياتي.
فضل الخوف جوايا
وكنت عايزة أطلب من فيروز تخليها معايا، بس اتكسفت أطلب منها، احرجت من انها تشوفني خايف.
وبعد ما جهزت للشغل وطلعت من الأوضة، لقيت ماما بتتكلم مع سحر عن جني، وبتقولها تخليها في البيت.
كان واضح إن سحر رايحة زيارة لأهلها، استغربت، اشمعنا النهارده اللي هتروح، وإحنا كلنا هنسيب البيت؟
وكمان شغلني يسرا اللي هتفضل في البيت لوحدها ويمكن تحتاج حاجة.
ولكن ما اعترضتش وقلت مش هنتأخر عليها.
طلعت فوق في وقت انشغال ماما بسحر، وعدم شعورها بمروري، ودخلت عند يسرا، لقيتها نايمة.
وقفت جنبها أبصلها، وأبص لبطنها اللي بقت كبيرة قدامها.
ركزت النظر علي بطنها احاول أشوف حركة للبيبي جواها.
كنت براقب بتركيز شديد لغاية لما شفتها بتتقلب بحركة واضحة وكأنها سمك محبوس في شبكة. ابتسمت والمنظر لامس شغاف قلبي بدل قلقي لطمئنينة
في اللحظة دي، اعتصرت ملامح يسرا بالألم، ولكن رجعت تهدى تاني ونامت.
طالعت وشها شوية، ومر في بالي معاملتنا اللي اتغيرت بعد ما عشنا سنين سوا.
دلوقتي بقيت بدخل عندها وأكلمها زي الغريب، وكمان شوية هتكون غريبة بجد، مش هيبقى من حقي أكلمها حتى.
مكنتش زعلان، بس حسيت بشوية ندم إني ضيّعت سنين معاها في مشاكل، ومحاولتش أحبها مع انها مش وحش لدرجة تخليني متقبلهاش في حياتي.
وبعد وقت، طلعت من هناك وأنا عارف إن البيت فاضي:
اللي راح الشغل، واللي راح لعمتي.
ولكن تفاجأت بماما قدامي، ولما شافتني اتفاجأت.
جت ناحيتي وقالت:
- إنت هنا لسة؟
- ممشتوش ليه؟
- هنمشي، روح إنت، ما تشغلش بالك.
كان شكلها مش طبيعي، ويثير الشكوك غصب، ولكن ما سألتش، مبقتش احب افتح اي كلام بيني وبينها وبحتفظ باي شكوك ناحيتها في نفسي.
ونزلت من غير ما أدور على حد، ولا حتى أشوف فيروز محتاجة حاجة أو لأ.
مشيت وأنا متخيل إني هرجع ألاقي الدنيا زي ما هي، يسرا في اوضتها مستنية خبر عن الشقة، وفيروز مستنياني علشان تطمن اني بقيت احسن، ...
كنت متخيل!
ياسر
كنت في المحل مع بابا، وكان فيه عملاء جايين لمقابلة شغل، ساعتها جه واحد من اللي شغالين معانا وقال:
أستاذ ياسر...
سيبت بابا واللي معاه، ورحت له وسألته:
إيه؟
في واحد بره بيقول اسمه حمزة، عايزك.
استغربت حضوره ، لأنه مكانش متوقع بالمرة،
سيبت المكتب وخرجت من المحل وأنا بفكر في ألف سبب ممكن يجيب حمزة في الوقت ده.
ولما وصلت برا المحل لقيته واقف جنب عربيته على الجنب التاني من الشارع، ومديني ضهره.
عديت الشارع جري، وقفت قصاده.
وتفاجأت بالحزن واثر الدموع علي خده، وعيونه حمرا بشكل خلاني أتخيل كل الكوارث اللي ممكن تكون حصلت.
قربت منه، حطيت إيدي على كتفه، وقلت بقلق:
في إيه يا حمزة؟ مالك؟
حضني.. وصوته مكتوم من البكا.
خوفني، وخلاني مش عارف أفكر ولا استنتج اللي ممكن يكون حصل وموصله للحالة دي
بعد شوية، بعدته عني، وقلت:
اهدى... تعال.
دخلته من الجهة التانية، وانا سوقت العربية، ومشيت بعيد عن المحل.
طول الطريق هو ساكت، باصص للشارع، ودموعه بتنزل.
سكتنا كتير، لحد ما وقفنا في مكان بعيد عن الزحمة.
بصيت له وقلت:
حمزة...
مبصلّيش، فقلت:
احكيلي في إيه، شغلتني
فضل ساكت، فحطيت إيدي على كتفه وقلت:
أبوك كويس طيب؟ يابني رد!
ما ردش... سكت لفترة طويلة، وبعدين سمعته بيتنهّد فقلت:
هديت خلاص؟
هز راسه بالنفي من غير ما يبص لي، فقلت:
طيب فهمني طيب، حد حصله حاجة؟
قال بصوت مخنوق:
رقية طلعت بتحب خطيبها، وكارهة عيشتها معايا، ومش مستنية حتى الطلاق، وبتقول في حقي حاجات وحشة... ما افتكرتليش حاجة حلوة.
بص لي، وقال :
أنا أول مرة أندم إني كنت كويس مع حد كده يا ياسر
استهدى بالله، احكيلي بالراحة، إيه اللي حصل؟ ومين قالك الكلام ده؟
مش مهم... المهم إن دي الحقيقة. أنا اللي وجعني إن كل اللي عملته ما فرقش معاها.
كنت غبي، عارف إنها مش بتحبني، ورحت أفشكل خطوبتها، واستنيت تنساه وتحبني أنا!
ما عرفتش أرد، لأن حالته كانت صعبة، فقلت:
متزعلش نفسك... تعال نروح كافيه نشرب حاجة، تهدى وتحكيلي كل حاجة.
مسح دموعه، وهز راسه بالنفي وقال:
هات تليفونك.
اديته له من غير أي كلام.
اتصل بحد، وقال:
آه يا عمي، أنا.. بكلمك من تليفون ياسر، التليفون اتكسر... طيب أنا هسبقك على المطار... سلام.
قفل، فقلت:
رايح فين؟
قال:
مسافر.
سفر إيه يا حمزة؟ متجننش! اقعد نشوف حل الأول.
كنا مسافرين سوا النهاردة، بس بعد اللي عرفته، طلقتها ومشيت.
قلت مصدوم:
يا نهار اسود! طلاق إيه يخرب بيتك؟
قال:
وانت شايف حل تاني؟ تفضل على ذمتي بعد اللي عرفته؟
- اه بس...
- مبسش وصلني المطار
قلت بقلة حيلة
- حاضر، بس متزعلش نفسك
مشينا، وبيننا صمت طويل.
وفي طريقي لاحظت عربية ماشية ورانا، شكيت فيها، لكن سكت، ما حبيتش أقلقه.
وصلنا المطار، ونزلنا.
وقفت قصاده وقلت:
متزعلش نفسك، ولما ترجع نشوف حل.
قال:
مفيش حلول... أنا طلقتها، ومبقتش تنفعني.
سكت شوية وبعدين ضحك بمرارة:
أقصد أنا اللي ماكنتش نافع ليها... من أول ما عرفتها وهي مش عايزاني.
حضنته وقلت:
وحد الله، لما ترجع نشوف..
قولتها وتوجهت بعيني ناحية العربية اللي شفتها ورانا، لقيت نفس الراجل نزل منها وواقف يراقب من بعيد.
ما كنتش عايز حمزة يلاحظ وجوده علشان ميتضايقش اكتر، ف بعدت عنه قلت:
يلا، روح ومتفكرش في حاجة.
مسح دموعه وقال:
خد العربية وديها الفيلا، وسيبها هناك.
قالها وبعدين فاجئني، وراح ناحية شنطة العربية،
فتح الشنطة، وفجأة وقف كأنه لاحظ الراجل، لف وشافه، وقف يبص له في صمت.
اسرعت، وقفت بينه وبين الراجل، اخفيه عنه وقلت له:
يلا، مستني إيه؟
سكت شوية وعينه لسو عليه وبعدين خد شنطته، ومشي من غير ما يتكلم، ولا حتى بص وراه تاني
#حسن
كنت بساعد ماما في شغل البيت والطبيخ، وفي نفس الوقت بحاول مبانش متحمس أو فرحان قوي قدامها، حرص من انها تحس بحاجة.
وأنا بقطع السلطة، خدت مني السكينة وقالت بزهق وتوتر وهي وسط زحمة الحلل:
– بقولك إيه، سيب ده وادخل خدلك دش، عملت زي ست البيت، ريحتك كلها بصل!
– بساعدك يا ماما، هتقدري تعملي كل ده لوحدك؟
– آه هقدر، ومن إمتى بتساعدني في حاجة؟ ادخل خد دش، بلاش يوصلوا يلاقوك كده، روح ملخومة لوحدي!
– ماشي، أنا قولت أريحك، انتي حرة... داخل أستحمي.
دخلت، خدت دش ولبست أشيك لبس عندي. وقفت قدام المرايا أظبط شعري وأرش برفان كأني عريس في يوم فرحه. كنت مبسوط، ومش مستني الباب يخبط. ولا عندي صبر اني اشوفها
فتحت الدولاب، طلعت السكيتش بتاع الرسم. فتحته وبصيت على صورتها. كانت وحشاني... وحشاني لدرجة إني مستنتيش وخرجت الرسمة علشان اشوفها.
وأنا غرقان في تفاصيل وشّها، لمحت في المرايا إن شعري بدأ ينشف والتسريحة بتبوظ، سيبت السكيتش على السرير باهمال ورجعت أقف قدام المرايا أظبطه تاني. وفجأة... الجرس ضرب.
رميت الفرشة، وطلعت بسرعة، وبمجرد ما فتحت الباب، لقيتهم داخلين... تيتا، وبعدها فيروز، وبعدين رحمة اللي عينيها جريت عليا أول ما لمحتني.
حاولت أخفي ابتسامتي، وأهدى علشان محدش يلاحظ حاجة.
وتقدمت علشان اسلم فيروز كعادتها، وقفت في أبعد نقطة، ضامة إيديها على بعض، واكتفت بـ"السلام"، أما تيتا فحضنتني وباستني بشدة على خدي.
ضحكت وقلت:
– نورتي يا تيتا.
– ده نورك يا حبيبي. إيه يا واد النضافة دي؟
ضحكت بإحراج:
– إيه النضافة دي يا تيتا؟ حد قالك إني مبستحماش؟
– بتستحما، بس النهاردة طلعت سكر. ربنا يحميك.
– ربنا يخليكي لينا يا رب... اتفضلي.
وهي داخلة، قالت:
– أمال جيهان فين؟
بابا رد، وأنا واقف مستنيها تعدي علشان أروح لرحمة:
– جوه في المطبخ.
قالت وهي بتفسحلي الطريق من غير قصد:
– داخلالها، تعالوا يا بنات.
دخلت وراها فيروز، وفضلت أنا ورحمة واقفين قصاد بعض أخيرًا.
كانت بتفرك إيديها بارتباك، بتحاول تبيّن إنها زعلانة، لكن قدام بابا مش هتقدر تعمل حاجة.
مديت إيدي... عينيها تعلقت بيها ثواني، وبعدين حطّت إيديها فيها، فابتسمت وقلت:
– نورتي.
سحبت إيدها بربكة، وقالت وهي بتخفض جفونها:
– بنورك.
بابا قال:
– نورتينا يا بنتي.
– ده نورك، ربنا يخليك.
– ادخليلهم.
هزّت راسها ومشيت ناحيتهم، وأنا تابعتها بنظرة فيها ابتسامة ماقدرتش أمنعها، لحد ما اختفت.
ساعتها، شردت شوية، ولسه على وشي نفس الابتسامة... بس لما لمحت بابا بيبصلي، راحت مني في لحظة.
استدرت ليه وقلت بارتباك:
– أمال فين الباقيين؟
نظراته كانت فيها شك، وهو بيرد:
– مين الباقيين؟ مفيش غير كاميليا وصدام.
– آه...
– هو إنت ليك كلام مع رحمة دي؟
اتحممت وقلت:
– آه، بنروح أنا وهي وخالي الجيم، وخالي قالي أوديها كل يوم، بس هي بقى زعلانة عشان بيعاملها كإنها هتتخطف ومتعصبة مني ، فـ علشان كده بضحك وهي متضايقة.
فضل الشك في عنيه، فقلت بسرعة وبربكة وأنا متهرب من نظرته:
– عقلها صغير أوي يا بابا... غريبة، غريبة جدًا، موترة... هروح أعمل ال... البتاع...
#ياسين
قابلته في المطار.
كان قاعد حزين ومكسور، وآثار الدموع باينة على وشه.
بصيت للمقعد اللي جنبه، كان فاضي.
فهمت إن عدم جيتها وحالته دي هي السبب فيها.
قعدت جنبه وقلت بهدوء:
في إيه؟
انتبهلي، وهزّ راسه نافي وقال:
إزاي حضرتك؟
سيبك من حضرتي وقولي في إيه... فين مراتك؟
في البيت.
ومجتش ليه؟
بتقول تعبانة...
بتقول؟
مجتش وخلاص يا عمي...
زعلانين من بعض؟ ولا في إيه؟ قولي، مش هتحايل عليك.
آه... شادين مع بعض شوية.
وهمّا كل اللي يشدوا مع بعض يبقى حالهم زي حالتك كده؟
ما ردش...
كان زعلان قوي، ومكنش في حالة تخليني أزعق له زي العادة، ولا أستجوبه أكتر من كده.
فسكت... وهو كمان فضل ساكت.
#عيسى
فضلنا مترصدين له يومين، لحد ما أخيرًا خرج من منطقته وعدى من جنبنا.
استنّيناه يبعد عن منطقته بمسافة أمان، وبعدين مشينا وراه بحذر.
أول ما حس بينا، وقف وبصلنا التفينا حوليه ف قال:
جرى إيه يا جدعان؟ نفسكم تتقطّعوا ولا إيه؟، مالك ياض انت وهو
اتقدّم الأعور، وكان الوحيد فينا اللي جسمه يقارب جسمه في الضخامة والإجرام، وقال:
إنت بقى الحداية؟
همست بخوف وأنا خايف يلمحني:
غراب...
بصلي وقال بسخرية:
أهو قالّك!
طلع مطوّة من جيبه وفتحها، وقبل ما يلحق يعمل حاجة، هجمنـا عليه كلنا.
كان قوي، بيرمينا يمين وشمال، بس في الآخر قدرنا نسيطر عليه، ورشيناه بمخدّر لحد ما وقع.
شيلناه بالعافية، وركّبناه العربية، وأنا كلمت صدام وقلتله:
تمام يا باشا، مسكنا الغراب وخدرناه، تحب نودّيه فين؟
رد عليّا:
عظيم، وديه المصنع القديم. واحرسه لحد ما أخلص مقابلة مهمة وأجيلك.
إياك تسيبه يفلت منك!
حاضر يا زعيم...
قفلت السكة، ورحنا على المصنع القديم.
رجالة الأمن كانوا هناك، أول ما شافوني سابونا نعدي وفتحولنا الباب.
ربطناه في عمود جوه المصنع، وفضلنا واقفين نبص عليه.
قال الأعور :
فرعون... يخرب بيت اللي رباك، ده لو فاق هيكسر المصنع باللي فيه!
بصيت لهم بجدية وقلت:
شغلتكم دلوقتي تراقبوه. محدش يتحرك من هنا.
أنا رايح البيت وراجع، أي حاجة تحصل تبلغوني فورًا. فاهمين؟
أمرك يا معلم عيسى...
#رقية
دخلت الأوضة وأنا مش عارفة أبطل عياط، مسكت التليفون واتصلت ببسنت.
قلقها صوتي وفضلت تسأل في إيه،
محبتش أحكيلها في التليفون، ووصيتها ما تقولش لبابا.
بعد وقت، جت، ولما دخلت اترميت في حضنها. سألتني بقلق:
- يا نهار اسود، في إيه؟ مالك؟
رديت وأنا ببكي:
- كدبوا عليه وهو صدقهم... وطلقني من غير ما يفهم.
بعدتني عنها وقالت بصدمة:
- طلقك يعني إيه؟ ومين دول اللي ضحكوا عليه؟
قلت وأنا ببكي:
- أسماء وسامح...
- طيب، اهدي وفهميني براحة... تعالي!
خدتني جوه، قعدتني، ودخلت جابتلي ميّة، ادتني أشرب، وبعدين قالت:
- فهميني... إيه اللي حصل؟
مسحت دموعي، وقلت بعد ما هديت شوية:
- التسجيل اللي سجلناه أنا وأسماء، طلعت محتفظة بيه، وسمعتهوله.
وسامح صوّر كلمتين من محادثتنا،
فهموه إني بحبه، وإني لسه معاه هو عشان أرجع له الإهانة.
مجابلوش سيرة الفلوس، ولا هي قالت إننا متفقين وصدقهم... مدنيش فرصة أشرح له... وطلقني وسافر.
- أنا كنت عارفة إن ده هيحصل!
وقولْتلك يا رقية تسبقيهم، ما سمعتيش الكلام!
- مجتش فرصة أحكيله، كان تعبان وعايز ينام...
- ويعني دلوقتي اللي ارتاح؟ اسمعي!
إنتي لازم تكلميه وتقوليله كل حاجة، وكمان تقوليله إنك بتحبيه!
- مش ممكن، هو مدنيش فرصة افهمه، ميستاهلش أقوله...
- يا بنتي إنتي بعقلك، إذا كنت أنا لما سمعتك صدقتك، ما بالك هو؟
قبل أي حاجة، لازم تديله عذره، ومتكابريش.
والباقي هيبقى سهل يتحل.
- عذره؟! بس برضو مدنيش فرصة...
قالت بنرفزة:
- رقية!! اعقلي، متعانديش،
فهميه، وبعد كده لوميه إنه ما سمعلكيش.
إنتي كمان غلطانة.
سكت، لإن كان عندها حق،
بس كنت موجوعة وزعلانة إنه مشي من غير ما يسمعني.
فمسحت على كتفي وقالت بهدوء:
- رقية حبيبتي... اسمعيني،
لازم تقوليله اللي حاسة بيه ناحيته.
ساعتها هيفهم إنك فعلًا كنتي عايزة ترجّعي فلوسك،
ولا بتحبي الزفت ده، ولا حتى طايقاه.
#كاميليا 😍🥰
مافضلش في البيت غير جني والممرضة اللي مع زيدان، ودي ماكنتش أقدر أوزعها. أما جني، فكنت محتاجاها تحسبًا لأي طارئ ممكن يحصل بعدين.
وبعد ما كلمت حسن وطلبت منه ييجي، دخلت المطبخ، لقيت البنت قاعدة هناك، شكلها خايفة، وده طبيعي من غير وجود سحر معاها.
طلبت منها تطلع من المطبخ، ولما بقيت لوحدي، صبيت كبايتين عصير، وحطيت فيهم هما الاتنين برشام مخدر.
مسكت واحدة منهم، وناديت عليها.
جاتلي وهي لازقة في الحيطة من خوفها، شاورتلها بنظرة كلها قسوة... كنت عايزاها تخاف أكتر.
جات ناحيتي، وهي بتقرقض ضوافرها وبتتحاشى لمستي.
قلت لها وأنا بشاور على الكباية:
– اسمعي!
كمان شوية، لما حسن ييجي، أول ما أقولك: "هاتيلنا عصير لحسن"، تدخلي تجيبي الكباية دي.
وحسّك عينك بوقك يتمد عليها!
عندك في التلاجة عصير كتير، اشربي اللي يعجبك، إنما دي؟ لأ.
فاهمة؟ ولا أقطع ودانك؟
قالت بخوف:
– فاهمة...
ماكنتش مطمئنة ليها، كنت حاسة إنها ممكن تشرب منها، فقررت أأمن نفسي.
سبت كباية "يسرا" مكانها، وفتحت التلاجة، طلعت الشفشق كله، وجبت شوكولاتة ويس كريم، وحطيتهم على الترابيزة قدامها.
قلت لها:
– أهو، كل ده ليكي، كلي واشربي براحتك، بس الكباية دي لحسن.
لو شربتي منها أو غيرتيها، هعرف، وهطفحك السم... مفهوم؟
أومت برأسها وهي مرعوبة، وقالت:
– حاضر يا هانم.
– ماشي...
سبتها، وطلعت فوق بالعصير لـ"يسرا".
فتحت الباب من غير ما أستأذن، لقيتها قاعدة بتطبّق هدوم البيبي، وبتحطهم في شنطة. وحواليها شنط تانية باين عليهم مليانين هدوم... وشكلها ناوية تمشي.
أول ما شافتني، قامت بسرعة، والخوف ظاهر على وشها.
فورًا حطت إيدها على بطنها، كأنها بتحمي البيبي مني.
قربت منها وقلت:
– خايفة ليه؟ هو أنا هاكلك؟
خدي العصير، سحر كانت مشغولة، ما فضيتش تجيبه.
بصتلي بريبة، وعينيها متعلقة بالكباية، لكن ما مدتش إيدها.
قربت منها، مسكت إيدها، وقلت وأنا بحط الكباية فيها:
– خُدي... مش هقف كتير علشان خاطرك.
خدتها بإيد مرتجفة.
وقفت أراقبها، مستنية تشرب، لكنها فضلت واقفة مكانها، بتبصلي بقلق.
قلت:
– اشربي... مستنية إيه؟
قالت بارتباك وخوف:
– هشرب، أهو... اتفضلي انتي.
بصتلها بنظرة كلها غضب وقلت:
– وأنا بقولك اشربي!
جسمها كله ارتجف، وقلبي بدأ يدق بسرعة... خايفة حسن ييجي قبل ما تخلص الكباية.
قربت منها أكتر، مسكت إيدها اللي فيها الكباية، وقربتها من بوقها بالعافية.
قلت بصوت هادي، بس فيه تهديد:
– اشربي...
قالت بصوت مكسور وهي بترتعش:
– هتسميني يا حماتي؟
مكنش قدامي وقت أحايلها، فقلت بغضب:
– آه، هسمك! اطفحي بقى...
استمرت في مقاومتها، وجسمها بيرتعش، كانت حريصة إني ماخبطهاش في بطنها... كانت خايفة جدًا على البيبي، وده كان نقطة ضعفها اللي استغليتها.
دبيت ضوافري في بطنها، صرخت بهلع، فقلت بحدة:
– هتشربي؟ ولا أدب إيدي في بطنك وأطلع اللي فيها؟ وتبقي انتي اللي جنيتي عليه!
قالت ببكاء وجسمها بيرتجف:
– والنبي يا حماتي، لا! أبوس إيدك سيبيني... أنا همشي ومش هرجع تاني، ولا هتشوفي وشي...
صرخت تنادي على "فيروز"، كتمت صوتها، وقلت وأنا بضغط عليها بعنف وخوف من إن حد يسمعها وكل حاجة تبوظ:
– محدش موجود في البيت غيرنا، ولو فيه، مش هيوصلوا غير لما أكون ضرباكي ضربة تسقطك!
هتشربي ولا لأ؟!
فضلت تبكي، فضربتها بركبتي في بطنها، صرخت صرخة مكتومة، وبدأت تآوم بالإيجاب.
بعدت إيدي عن بوقها، وقلت:
– اطفحي...
كانت ماسكة الكباية، وبتعيط بخوف.
وانا كنت حاسة إن الوقت بيعدي، وحسن هييجي فجاة، فمسكت إيدها بالكباية، ودفعتها على بوقها، وشربتها بالعافية.
نص العصير اتدلدق، بس ما اهتمتش، كده كده الحباية دابت، وثواني وهتاخد مفعولها.
وبعد ما اطمنت إنها شربت وبدأت تدوخ، سيبت الأوضة وطلعت أجري، وأنا برتب هيئتي قبل ما حسن يوصل.
فضلت فوق رايحة جاية، مستنياه يوصل، لحد ما لمحت خياله بيقرب من ورا الازاز اللي في الباب
نزلت جري، ومجرد ما خبط، فتحتله، واستقبلته بابتسامة:
– حسن!! اتفضل...
قال بابتسامة
– نمشي؟
– تعالى بس، هروح أجيب تليفوني من فوق وأعمل حاجة صغيرة ونمشي.
دخل وقال:
– أوكي.
– اشرب حاجة... يكون نزلت.
– مش عايز، شكرًا.
– بطل بخل يا حسن! مش هشرب عندكم.
ضحك وقال:
– ماشي كدة اطمنت، هاتي طالما مش هتشربي عندنا.
قلت ضاحكة:
– والله انت بكاش... جني! هاتي عصير لحسن.
رجعت بصيت له وقلت:
– ارتاح، يكون رجعتلك.
– حاضر...
مشيت خطوتين وعنيا لسه على المطبخ، لمحت جني طالعة، ووشها مغطى بشوكولاتة، منظرها مقرف جدًا، قلبي اتقبض، خوفت حسن يشوفها ويقرف من شكلها وما يشربش العصير. بس قلت ماينفعش أبالغ، علشان ما يشكش في حاجة، وكملت طريقي.
وأنا طالعة سمعت صوته بيكلمها، بصيت ورايا على خفيف، لقيته بيشرب العصير. ابتسمت، كل حاجة ماشية زي ما أنا مخططة. اختفيت دقايق عن عينه علشان ميشكش في حاجة، ورجعت أشوف، هل الحباية جابت مفعولها ولا لأ.
لقيته قاعد في مكانه، دماغه بتميل شمال ويمين كإنه سكران، عينيه سايبة، وبيتمطوح، فهمت ساعتها إن الحباية جابت مفعولها. دخلت الأوضة، خدت 200 جنيه من الدُرج، ونزلت على المطبخ، لقيت "جني" لسه بتاكل.
قولت:
– خدي.
سابت اللي في إيدها، قربت ناحيتي.
– خدي دول، علشان سمعتي الكلام وكنتي شاطرة. خديهم، واطلعي اشتري اللي نفسك فيه، بس ساعة واحدة بالكتير وتكوني راجعتي، مفهوم؟
اتعلقت عنيها بالفلوس، وفجاة خطفتهم وقالت بفرحة:
– ربنا يديكي ويرضّيكي، وينصرك علي مين يعديكي، تدي بالشمال يرزقك باليمين مال ما يتعد ويفرحك بعيالك يا هانم...
اتنرفزت، وزعقت فيها:
– بنت!! غوري من وشي، يلا!
اتلبشت، وطلعت تجري، ندهتها:
– استني.
وقفت عند الباب، وقالت بخوف:
– نعم؟
– امشي من الباب الوراني، الأمن هناك هيفتشوكي وياخدوا منك الفلوس .
– حاضر...
قالتها وهربت على طول.
اتأكدت إن مفيش حد شايفني، وجريت ناحية حسن، رفعته بالعافية من مكانه.
– تعال.
قال وهو بيضحك بعبط:
– أجي فين؟ عايز أروح...
– هنروح سوا، يلا يا حبيبي، يلا يا روحي...
- حبيبك وروحك
وباسني في خدي وتابع :
– ما اديكي عسل يا مرات خالي... مش عارف ماما بتقول عليكي قادرة ويتفاتلك بلاد ليه...
كلامه نرفزني وكنت هسيبه يوقع، بس خوفت الخطة كلها تبوظ. ف قلت لما ابنها يموت تتربي. شديته وطلعته فوق، ضهري اتقطم بسببه.
دخلته أوضتها، رميته على السرير، وبدأت أفك قميصه، فكيت سوستة البنطلون، وسيبته كده، شكله كده أقرب للواقع ومقنع أكتر.
كان بيضحك لنفسه، ويهزّر بكلام ملوش معنى، بيتكلم عن عفريتة وقمر وحاجات مش مفهومة.
سبته، ورحت ليسرا. كانت مش أحسن منه، عينيها دايبة، والتعب باين عليها.
قربت منها، شيلتها بالعافية، قالت بسكر:
– يا حرباية يا أم قويق يا حماتي، كنتي هتموتي بنتي... يا بتاعت عز...
كتمت غيظي، شيلتها ورميتها على السرير، ضربتها كف على وشها
وبعدين قلعت هدومها، وسيبتها بقميص النوم، حطيتلها روج لأنها مش حطة حاجة، ومسحته علي خفيف، ودورت على وش حسن، لطخته شوية هو كمان ورجعت نيمته جنبها.
بصلها وضحك وقال ببلاهة:
– إيه ده يا مرات خالي؟ جيباني جنبها ليه؟ أنا بطّلت أحبها... وديني عند رحمة...
اتجاهلت كلامه، كنت عارفة إن ده تأثير المخدر، مش كلامه الحقيقي.
جبت إزازتين خمرة، واحدة فاضية، والتانية فيها نص، حطيتهم على الترابيزة وجنبهم كاسات.
رتبت المكان كويس، غسلت إيدي، وعدلت هدومي، خدت شنطة الهدايا، وخرجت بهدوء.
وأنا ماشية ناحية رجال الأمن، قلت:
– فين السواق؟
فرد الأمن وهو باصص لعربية حسن:
– مش سعادتك رايحة مع حسن باشا؟
قلت ببراءة مصطنعة:
– نزلت ملقتهوش، شكله سبقني...
– ازاي؟ العربية لسه هنا، وإحنا ما شفنهوش خرج.
– يمكن خرج من الباب التاني، باتصل بيه مش بيرد... مش مهم، خلي السواق يوصلني.
– أمرك كاميليا هانم...
نده للسواق،
وأول ما العربية مشيت بي، طلعت الموبايل... واتصلت بصدام.
#فيروز
وصلت كاميليا، وكان في وشها ابتسامة ، استقبلوها جيهان وجوزها بترحاب مبالغ فيه، كأنهم بيستقبلوا رئيسة الجمهورية. ادتلهم الهدايا واحدة واحدة وهي بتدور عن حسن بعينيها.
قالت وهي لسه بتبص حواليها:
– الواد حسن فين؟
ردت جيهان:
– خرج، تلاقيه جاي دلوقتي.
كاميليا رفعت حواجبها:
– خرج فين؟ يعني جه ومشي؟
ردت باستغراب:
– جه منين؟ لا، هو خرج ولسه مرجعش.
هنا تحمحت رحمة وقالت بنبرة خفيفة:
– كان بيقول رايح يجيبها.
كاميليا ردت بسرعة:
– أيوه جه، ما أنا قولتله يجي ياخدني... جه الفيلا، قولتله يستناني أعدل الميك اب ونزلت ملقتوش، بس عربيته كانت في الجنينة...
الكل بدأ يتوتر، وجيهان مسكت موبايلها تتصل بيه، بس مكنش بيرد.
بس أنا كان خوفي مختلف، كنت شايفة كاميليا بعين تانية... حسّة إن في مصيبة جاية، مصيبة كبيرة.
فتحت الداتا على تليفوني، يمكن صدام بعتلي حاجة مهمة ، لقيت رسالة من أكتر من نص ساعة:
"اتغديتوا ولا لسه؟"
رديت عليه بسرعة :
_ لسه، انت فين دلوقتي؟
بس لما بعتها، لقيته قافل، خرجت من الشات بضيق... ف لاحظت إن في رسالة تانية من رقم غريب. في الأول ماخدتش بالي، بس الصورة شدتني، كانت صورة يسرا، ومعاها إشعار برسالة صوتية.
زاد قلقي، وشكي اتأكد... استأذنت ودخلت المطبخ، لاني حاسة إن الرسالة دي فيها كارثة، خصوصًا لو تخص كاميليا.
فتحت الرسالة، ... ولما سمعت التسجيل، حسيت إن رجلي مش شايلاني.
كان صوت يسرا، بتسعل جامد، ورعب في نبرتها، كانت بتهمس وكأن في حد هيسمعها:
_ الحقيني يا فيروز، كاميليا ضربتني وشربتني العصير غصب عني، بطني بتتقطع، هموت... بالله عليكي، الحقيني...
بدات ايدي تترجف وبعتلها رسالة ورا رسالة، إيدي مش ثابتة، كنت بترجاها ترد، لكن مفيش... كانت بتستلم الرسالة ومبتردش. الشات مفتوح كأنها سابته ومشيت... أو حصلها حاجة.
بقيت رايحة جاية في المطبخ، مش عارفة أعمل إيه. فكرت أخرج أواجه كاميليا، خوفت. أكلم صدام؟ خوفت يسمعوني. دماغي بتدور، وقلبي هيوقف
وبعد تفكير مش كتير، حسمت امري أخدت نفس، ومسحت وشي، وطلعت ليهم متماسكة ظاهرًا، رغم إني كنت منهارة جوايا.
قلت بصوت مرتبك:
– خالتي نادية!، الرصيد خلص، هنزل أشحن من تحت...
بصولي كلهم، وجيهان قالت:
– خدي موبايلي وكلمي اللي انتي عاوزاه.
– لا لا، دي صحبتي متجوزة، وجوزها بيشك في أي رقم غريب، هانزل بنفسي، مش هطول.
كاميليا قالت وهي بتضيق عينيها بشك:
– اقعدي، هخلي حد يبعتلك.
قلت بتوتر باين في صوتي:
– معلش، هجيب حاجة تانية، وكمان أشم شوية هوا...
قامت رحمة بسرعة وقالت:
– استني أجي معاكي...
– ماشي، تعالي، مش هنتأخر، يلا يا رحمة...
مشينا ومجرد ما الباب اتقفل ورانا، مسكت إيدها وبدأت أجري.
رحمة قالت بخضة وهي بتحاول توقفني:
– في إيه؟!
– مش وقته، اجري!
كملت جري، واتصلت بصدام مرة، وبـ يسرا مرة، لكن مفيش رد. بعد شوية، رحمة وقفتني:
– فيروز، فهميني، في إيه؟!
– مش وقت الكلام، لازم نوصل البيت فوراً!
وقفت لحظة، وبصت للشارع، وفجأة خرجت في نص الطريق تلوح بإيديها للعربيات. أول عربية وقفت، فتحت الباب وقالتلي بسرعة:
– اركبي!
#صدام
كنت في اجتماع مع شخص مهم ، ولما مشي، مسكت التليفون علشان أكلم عيسى وأطمن على اللي حصل…
بس قبل ما أتصل، جالي اتصال من ماما.
فتحت المكالمة وقلت بهدوء:
_ أيوه يا ماما؟
_ إنت فين يا صدام؟
_ في المكتب، خير؟
قالت ببرود:
_ طيب انا متصلة اقولك حسن جه خدني من البيت، وطلعت أعدل الميك اب، نزلت مالقتوش… بس العربية لسه تحت، وهو اختفى.
قومت من على الكرسي وبدأت أسمعها بتركيز والشك بيتسلل لقلبي.
كملت كلامها:
_ الأمن بيقولوا مشفهوش خارج… مش عارفة هو مستخبي جوا ولا خرج من الباب الوراني… فقولت أقولك وانت تتصرف. أنا دلوقتي رايحة عند عمتك.
قلت باضطراب وأنا بتحرك ناحية الباب:
_ يعني إيه تروحي لعند عمتي قبل ما تعرفي فينه؟ اقفلي يا ماما.
قفلت الخط وأنا بخطو بسرعة ناحيه الباب.
طلعت من المكتب بأقصى سرعة عندي، ركبت العربيه وبدات ازمر وازعق بعصبية ف اي حد بيعطلني.
فيروز كانت بتتصل، بس مكنتش قادر أرد.
قربت من الفيلا، ورجعت اضرب الكلاكس بعصبية علشان الأمن يفتحولي.
أول ما فتحوا، دخلت ، ولقيت العربية لسه في الجنينة.
نزلت ورجعت بسرعة وسألت أول واحد قابلني من الأمن:
_ حسن رجع تاني؟
بصوا لبعض، وكبيرهم قال بتوتر واضح:
_ لأ يا باشا، ماخرجش… راجعت الكاميرات بنفسي.
غلي الدم في عروقي
وسبتهم وطلعت على الفيلا، لقيت الباب مش مقفول مجرد ما دفعته اتفتح…
طلعت على السلم جري، كل خطوة كانت ألف فكرة بتجري في دماغي، بس كلها سودا.
وصلت الباب اللي فوق…
دفعته برجلي، ولما اتفتح… الدنيا وقفت.
اتجمدت في مكاني لما شوفتهم نايمين سوا على السرير.
الخمرة جنبهم، ريحتها مالية الأوضة.
هي بلبس النوم، وهو صدره مكشوف، والبنطلون مفتوح.
الدنيا اسودّت قدامي.
نفَسي اتحبس.
كل حاجة جوايا سكتت، إلا الغضب.
العقل؟ فصل.
التحليل؟ اختفى.
مبقاش في غير نار مولعة… وجوايا قرار بأني هقتلهم هما الاتنين
رحمة
وصلنا الفيلا وطلعت أجري ورا فيروز لفوق من غير ما أفهم.
كان صوت صراخ جاي من أوضة يسرا يشيب الراس.
صدام بيزعق بغضب ويشتم، ويسرا بتصرخ، وفيروز بقت تنادي باسم صدام وتطلب منه يستنى.
وصلنا الأوضة وشوفنا اللي خلانا نقف مكاني للحظات سكون تام رغم الصراخ وعجزتنا عن الحركة.
حسن كان واقع على الأرض، صدره مكشوف، والدم بينزف من شفته، وصدام ماسك شعر يسرا وبيشتم فيها وبيضرب بقبضته في بطنها بعنف وقسوة.
كان زي المغيب، وغضبه مسيطر عليه، ولا صراخ يسرا ولا الدم اللي بينزل منها زي الحنفية فرقوا معاه.
صرخت فيروز بهلع حاولت تبعده عنها وهي بتصرخ وتقوله:
– سيبها يا صدام!
دفعها بقوة، سقطت على الأرض، ورجع يضرب في يسرا اللي صوت صراخها وقف وارتخت رجليها.
وقتها بس سابها، وقعت على الأرض وهدومها مليانة دم.
، راحت فيروز ناحيتها تزحف وهي بتبكي برعب.
قعدت على ركبها وقالت بصراخ وهي بترفعها:
– يسرا! فتحي، يسرا!.. حد يعمل حاجة!
بصتلنا وصرخت باستنجاد:
– الحقني يا صدام، متقفش كده!
مقال بغضب والعرق بيصب من كل جسمه:
– خليها تموت، هما الاتنين هيموتوا.
بدأ يلف حوالين نفسه يدور على حاجة، لحد ما شاف إزازة خمرة مكسورة، مسكها واتجه ناحية حسن اللي ماكنش حاسس بنفسه.
اتحركت من مكاني واندفعت ناحيته، وقفت قدامه، وقلت بصراخ قدام غضبه الأعمى:
– لأ، لأ، لأ!
حاول يبعدني، وفي الوقت ده فيروز سابت يسرا وجت تجري تمنعه معايا، فزقني وقعت، وهم يبعد فيروز، فصرخت بأعلى صوتها على الأمن اللي مفيش فيهم واحد فكر يتدخل.
فضلت ماسكة ايده تمنعه يقرب له، وقالت وهي بترتجف:
– صدام، اسمعني! وحيات ربنا، أمك حطت لهم حاجة في العصير!
لحظت صمت خيمت علي المكان
نزل إيده وقال بإنكار:
– بتقولي إيه؟
قالت ببكاء:
– أمك هي اللي عملت كل ده!
قال بنفس النبرة:
– بتخرفيبتقولي إيه؟ وسعي... هيموتوا يعني هيموتوا.
في الوقت اللي هي واقفة في وشه، اتحركت من مكاني بسرعة مستغلة هدؤءه المؤقت قبل ما ينفجر تاني، وحاولت أفوق حسن أو أسحبه لبعيد، وهي قالت ببكا:
– وربي ما بكدب عليك يا صدام، اسمع التسجيل...
قالتها وبدأت تدور حواليها على التليفون، وفي نفس الوقت ماسكة إيده مش قادرة تبعد خوف إنه يستغل بعدها ويروح يقتله.
وفجأة اترمت على الأرض، مسكت التليفون ورجعت له، وبدأت تقلب فيه بإيد بترتجف بقوة.
شغلت صوت ماقدرتش أسمعه كويس، بس صدام عينيه جحظت واهتز، كان هيقع، ولكن فيروز لحقته.
وبعدين بدء يبص للمكان، لمنظر الدم، ولشكل يسرا اللي محدش عارف ماتت ولا عايشة.
ولما اطمنت فيروز إنه خلاص مش هيحاول يعمل حاجة تاني، سابتنا وطلعت تجري لتحت، ورجعت تاني مع الممرضة.
الممرضة لما شافتها فزعت، وقالت وهي بتجري عليها:
– شيلوا معايا قوام!
سيبت حسن وحاولت أشيل معاهم، بس كانت تقيلة مقدرنش نشيلها، فجريت على صدام اللي ما اتحركش من مكانه تاني، وقلت وأنا أعصابي بتنهار:
– واقف بتتفرج على إيه؟ اتحرك، شيلها معانا!
ما اتحركش، ف شديته من مكانه وقلت:
– اتحرك، هتموت، يخرب بيتك!
فضل واقف مكانه، ما رضيش يتحرك، فقالت فيروز وهي بتبكي:
– اندهي الأمن بسرعة يا رحمة، بسرعة!
سيبتهم ونزلت تحت، لقيتهم واقفين عند الباب، زعقت فيهم وقلت:
– واقفين تتفرجوا ؟ اطلعوا!
قبل ما يتحركوا، لقيت كاميليا بتظهر من وسطهم وجريت على فوق، ولما وصلت، مثلت الصدمة وقالت:
– يا مصيبتي! إيه اللي بيحصل ده؟!
في الوقت ده، صدام اتحرك والتفت ليها بكسرة وخذلان.
ارتبكت من نظراته ولكن مكنش في فرصة تتكلم.
ودخل الأمن، وشالوا يسرا، وهو راح وراهم هو وفيروز، وكاميليا لحقتهم وهي بتقولهم يستنوا.
ماحاولتش ألحقهم، ورجعت لحسن
رفعت دماغه على دراعي، وقلت وأنا بضرب على وشه عشان يفوق:
– قوم يا حسن، والنبي قوم، ما توجعش قلبي عليك... حسن قوم!
ما نطقش، فقومت جبت مية، ورجعت قعدت جنبه، ورشيتهم على وشه.
وقتها بدأ يفوق، ويفتح عينه بجهد شديد.
رجعت رفعت دماغه على دراعي، وقلت ببكاء وأنا بمسح الدم اللي في شفايفه...
– حسن؟!
رفع جفونه بالعافية، وبص حواليه .
كان لسه مش فايق بشكل كامل، وبعد لحظة عينه استقرت عليا وقال بصوت خافت بالكاد سمعته:
– أنا فين؟
قلت وأنا بمسح على وشه:
– إنت هنا.
– إيه اللي حصل؟
– مش مهم... المهم إنك بخير، قوم.
ساعدته يقعد، وبعد كده قومنا سوا.
جسمه كان تقيل، مش قادر يتحكم فيه، وحمله كله عليا.
وقف، وفضلت سانداه.
رجع يبص حواليه تاني، وبدأ يدلك دماغه كأنه بيحاول يفتكر أو يستوعب اللي حصل.
بصلي تاني وقال بنفس النبرة الضعيفة:
– إحنا بنعمل إيه هنا؟ وأنا... إيه حصللي؟
سكت شويه وهو بيبصلي بصة غريبة وضحك ضحكة خفيفة فيها بلاهة وقال:
– رحمة، انتي
– أيوه ... تعال نخرج من هنا
اتحرك معايا خطوة، لكن اختل توازنه ووقع... وقعت معاه وبقيت فوقيه، وذراعه لافف حوالين رقبتي.
رفعت وشي وبصيت له، كنت خارجة من حالة خوف لحالة تانية خالص... توتر.
هو ماكانش فايق كويس، ولا حاسس بأي حاجة...
لا التعب، ولا الوقعة، ولا الكارثة اللي حصلت.
بصلي، وابتسم.
– رحمة...
بلعت ريقي بتوتر، وبصيت لإيده اللي كانت بتبعد شعري من على وشي، وبعدين بصتله.
ف بص لعنيا بابتسامة ... وقال الكلمة اللي خلت قلبي يدق بسرعة جنونية:
– بحبك.
بلعت ريقي بصعوبة، وحاولت أقوم.
منعني، واستدار بيا، بقيت تحتيه.
كنت مصدومة، عاجزة، عقلي متوقف، وهو بيقرب وبيقولي بنفس الاسلوب الغريب
- انتي بتحبيني ولا مش بتحبيني زي ما انا بحبك
ابتلعت لعابي بصعوبة وقلت:
- حسن، انت مش مركز، ابعد
ضحك ببلاهه وقال:
- ابعد اية ده انتي بتموتي في
قالها وميل عشان يبوسني
دفعته، وقع جنبي وتحاملت على صدره عشان أقوم.
تاوه من الألم، سيبته، ونزلت أجري وأنا قلبي هيوقف من الارتباك.
دخلت أوضتي، وقفلت على نفسي.
#حسن
قُمت من مكاني بصعوبة، بتسند على السرير.
بصيت حواليّا، بحاول أفهم...
أنا فين؟ إيه المكان ده؟
ماكنتش شوفته قبل كده، ولا فاكر أي حاجة.
عصرت دماغي...
وماافتكرتش غير لحظة واحدة...
رحمة.
واللي حصل...
تحركت بخطوات تقيلة، وانا ببص حواليا كأني بدور على إجابة.
مش فاهم أي حاجة.
حاسس ان في وقت اتحذف من حياتي،
ماعيشتش أحداثه، لكن بعيش دلوقتي توابعه.
عدّيت عيني على المكان، وجحظت لما شفت دم كتير.
على الأرض.
ومن ناحية تانية، صورة يسرا وصدام واقعة... متلطخة بالدم.
ساعتها فهمت...
أنا هناك.
في أوضة يسرا.
اتراجعت خطوة، واتنين، لحد ما خرجت برا الأوضة.
كنت مرعوب، حاسس إني محاصر وسط وحوش
هتفتك بيا في أي لحظة.
وقعت على الأرض، وكملت زحف لورا.
وبعدين قُمت، ونزلت أجري وأنا بتسند على درابزين السلم،
لإني كنت دايخ، مش ثابت.
سيبت الفيلا، جريت على العربية،
ركبت، ومشيت بيها.
فضلت سايق على طول،
العربية بتميل شمال ويمين على عرض الطريق،
وأنا مش عارف رايح فين،
ولا بهرب من مين،
ولا ليه أصلاً.
وفجأة...
ظهرت عربية تانية في وشي،
وخبطت فيه