
رواية أنين القلوب بقلم داليا السيد
رواية أنين القلوب الفصل الرابع4بقلم داليا السيد
صدام
قاد سيارته في صمت واتجه إلى منزل عم صبري وقد قرر ألا يضايق والده فهو يحبه ويحترمه رغم كل شيء..
دق الباب ولكن لم يلق أي رد، عاد ودق بقوة ولكن أيضا لم ترد، نظر حوله فوجد شقة أخرى، اتجه إليها ودق الباب وبعد لحظة فتحت امرأة تلتف بطرحة فقال
"من فضلك هل رأيت جي؟ أقصد جولي، أأدق الباب ولكنها لا ترد"
تراجعت المرأة وقالت "كيف ذلك؟ انا رأيتها بالصباح ومن وقتها لم أراها ولم تخرج أنا متأكدة"
زفر في ضيق وقال "أين ذهبت إذن؟ هل معك مفتاح؟"
نظرت إليه وقالت "ومن أنت وماذا تريد منها؟"
بدء صبره ينفد وهو يقول "أنا جاسر المنياوي ابن كاظم المنياوي أكيد تعرفيه هل تفتحي لي، أخشى أن تكون فعلت بنفسها شيء هيا"
ارتبكت المرأة ثم قالت "انتظر سأتصل بأم محمود هي معها مفتاح"
لحظات مرت كالدهر وهو لا يعلم ماذا حدث لها وما أن وصلت تلك المرأة بالعباية السوداء وهي تقول "ماذا هناك يا أم سمير؟ ماذا بها جولي؟"
قالت الأخرى "لنفتح أولا ثم أخبرك"
نظرت لجاسر وقالت وهي تتجه للباب "ومن هذا الرجل؟" ت
بعتها أم سمير وهي تفتح الباب وقالت "ابن الرجل الذي كان يعمل عنده المرحوم صبري"
فتحت المرأة الباب ودخلت وتبعها جاسر وهو ينادي؛ آنسة جولي"
ونادت أم سمير والأخرى "يا جولي"
وفجأة صرخت المرأة الأخرى "ساعدوني، يا جولي أجيبي"
أسرع جاسر فوجدها على الأرض وغائبة عن الوعي والمرأة ترفعها على ذراعها وشعرها الأسود الطويل يتناثر حول وجهها فقال "لفي شيء عليها سآخذها للمشفى، هيا أسرعي" ل
لحظات وكان يحملها وتبعته أم محمود كما عرف التي دخلت بالخلف ووضعها بجانبها وقاد هو السيارة إلى المشفى وهو يتساءل ما الذي ألقى بتلك الفتاة في طريقه وهل هو يملك الوقت لأمثالها؟
حملها مرة أخرى إلى غرفة الطوارئ وهو يطلب طبيب، أسرع إليه الجميع ووصل الطبيب وبالطبع خرج وترك أم محمود معها..
أخرج هاتفه واتصل بأخته وأخبرها فأسرعت إليه فقال وقد نفد صبره "اسمعيني لي لي، أنا انتهيت من هذا الأمر، هي عندكم افعلوا بها ما تشاؤون ودعوني لحالي، أنا لا أملك وقت لهذه التفاهات" ثم تركها وخرج غير عابئ بأي شيء..
"هل تسمعيني؟ آنسة جولي"
فتحت عيونها ونظرت للطبيب الذي يقف بجانبها، شعرت بصداع وألم بذراعها من المحلول فهزت رأسها وقالت "نعم أسمعك، من أنت؟ وأين أنا؟"
سمعت صوت أم محمود "الحمد لله أنك بخير يا ابنتي، ما الذي حدث لك؟"
نظرت إليها وقالت "لا أعلم"
قال الطبيب "من الواضح أنك لم تتناولين أي طعام منذ وقت طويل وهذه هي النتيجة"
دخلت لي لي بلهفة وقلق وهتفت "جي، جي ماذا بك؟ هل أنت بخير؟"
قال الطبيب "نعم ستكون بخير، ساعة ويمكنها الذهاب"
اقتربت منها وقالت "الحمد لله"
تحدثت جي بتعب وامتنان "أم محمود شكرا لما فعلتيه من أجلي"
قالت المرأة "بصراحة لست أنا، أنه الأستاذ، ياسر، جاسر، نعم جاسر هو الذي جعلنا نفتح عليك الشقة وحملك وأحضرك هنا، هو من يستحق الشكر"
لم تعرف ماذا تفعل أو تقول إلى أن قالت لي لي "جاسر! نعم لقد ذهب ليحضرك من أجل دادي، الحمد الله أنه وصل بالوقت المناسب"
تحدثت المرأة "جولي يا ابنتي، هل أنت بخير الآن؟ هل تحتاجين شيء أم أذهب أنا؟"
أجابت "لا، بمكنك الذهاب بالتأكيد، شكرا لك أنا أرهقتك معي"
ابتسمت المرأة وقالت "لا إرهاق ولا شيء، الجيران لبعضهم، السلام عليكم"
خرجت المرأة ونظرت لي لي لها وقالت "جي لماذا فعلت ذلك بنفسك؟"
أغمضت عيونها وقالت "لم أقصد ولكني نسيت كل شيء من حولي حتى الطعام لم أفكر في أي شيء"
تألمت الفتاة من أجلها وقالت "على العموم أنت بخير الآن، دادي بحاجة إليك ولابد أن تكوني معه"
نظرت لها بتساؤل وقالت "بحاجة لي؟ كيف؟"
****
"المنصوري مستر جاسر هو المسؤول عما حدث فما هي أوامرك؟"
جلس خلف مكتبه وهو يجيب الهاتف "سلم الرجال للشرطة واترك لي المنصوري سأجعله يندم ولكن بطريقتي أنا"
وأغلق الهاتف وتراجع في مقعده وهو يفكر في طريقة الرد على المنصوري والذي كان ممن شك فيهم بالفعل
أمضى الليلة كالسابقة في مكتبه ولكن علي هو الذي أيقظه تلك المرة، نظر إليه بعيون ناعسة وقال "كم الساعة؟"
اعتدل فقال علي "الثامنة، أنت بحاجة للراحة يا فندم"
نهض وتحرك ليأخذ جاكته وقال "أنا بحاجة لحمام دافئ وأغير ملابسي ولكن أخبرني أولا؛ هل للمنصوري أي تعاملات مع أولاد حسن"
نظر إليه علي بدهشة من السؤال وقال "بالتأكيد، كل تعاملاته معهم تقريبا"
ارتدى جاكته وقال "إذن حدد لي موعد معهم، سأعود بعد العصر انتظرني"
وتحرك إلى الخارج وعلي يحاول أن يفهم أي شيء
****
"صباح الخير"
نظر كاظم لابنه وقال "أراك أفضل اليوم"
جلس أمام والده وقال "لأنني أراك بخير، كيف حالك اليوم؟"
أجاب الرجل "بخير، عرفت بما فعلته مع جي هل أصبحت بخير الآن؟"
ضاقت عيونه وقال "بابا لماذا تصر أن تضعها في طريقي؟ أنا أحضرتها هنا وانتهى دوري"
ابتسم الرجل وقال بخبث "بل لقد بدء للتو"
ضاقت عيونه وقال "لا أفهم"
دق الباب ودخلت الفتاتان، لم يتحرك ولم ينظر لهم بينما اتجهت لي لي لوالدها وطبعت قبلة على وجهه وقالت "صباح الخير على أحلى داد"
ابتسم لابنته ثم نظر الرجل لجي وقال "أهلا يا ابنتي، تعالي وأخبريني كيف حالك؟"
بدت شاحبة أمامه وهو يتابعها بنظراته وعيناها تغوص بين الهالات السوداء التي تحيطها وتذكر شعرها الطويل الناعم الذي لاحظه وقت إغماءها، هل يمكن أن تكون هذه هي نفس الفتاة؟
قطع صوتها أفكاره وهي تقول "أنا لا أستطيع أنا لم أعمل من قبل و.."
قاطعها كاظم "أعلم كل شيء يا جي، ولكن الأمر بسيط هي تعليمات سيخبرك بها الطبيب وعليك أن تنفذيها، أنا لن أثق في أي أحد سواك"
قالت بارتباك "ولكن، أنا لا أستطيع أن أوافق أرجوك"
تملك جاسر الضيق منها فتدخل بغضب "نحن لن نترجاك، كل ما عليك فعله هو أن تطيعي ما يبال لك فقط، هل هذا صعب؟ أنت بحاجة إلينا"
التفتت إليه وواجهت نظراته الغاضبة وقالت بهدوء وربما بعض العناد "أنا لست بحاجة لأحد ولن أطيع أحد"
نظرات عيونها كانت تنطق بعناد غريب أثاره فقال "ومن أين ستعيشين وكيف؟ لا تكابري واعترفي ولا تضيعين الوقت، إنها فرصة لا تعوض وأنت ما زلت حديثة التخرج ولا مجال لك للعمل ونحن نوفر فرصة ذهبية لأمثالك فلا تدعي البراءة وأنك لست سعيدة بها"
زاد غضبها منه فقالت بقوة "حضرتك مخطئ أنا أمامي فرص كثيرة للعمل ولكن بابا، رحمه الله، لم يكن يوافق أنا آسفة يا فندم لست بحاجة لعرضك ولست أنا من تتصيد الفرص حضرتك مخطئ وأمثالي بالتأكيد لا يجرؤون على التعامل مع حضرتك"
قام واتجه إليها وأمسكها من ذراعها وقال بغضب "اسمعي يا، أيا كان سمك، جاسر المنياوي لا يخطئ وإذا أمر بشيء فلابد من تنفيذه دون جدال هل تفهمين؟ أنا لا أحب هذه الطريقة"
نفضت يدها منه وقالت بغضب "وأنا لا يهمني من تكون لأنك لا تقدر لي على شيء، ليس من حقك ولا حق أحد أن يفرض علي أي شيء هل تفهم؟"
كاد يرد بقوة أكثر لولا أن تدخل والده "جاسر كفى، جي هل تهدئي قليلا وتسمعيني؟"
كانت نظرات التحدي بعيون كلا منهما لحظات انتهت بابتعاده عنها وهو يقول "بابا أنها لن تصلح لأي شيء أخبرتك ذلك"
عادت ترد "لست أنت من يحكم وإن فعلت فلن يهمني رأيك"
استدار إليها وقال بنفس الغضب "اسمعي أنا.."
أوقفه صوت والده مرة أخرى "جاسر، قلت كفى، جي تعالى يا ابنتي، تعالي"
ابتعد هو واتجهت هي إلى العجوز الذي أمسك يدها وقال بحنان "اجلسي بجواري هنا، نعم، هل عرفت أنني سأكون رجلا معاقا، انتظري واسمعيني أولا، أنا سأكون مقعد وبحاجة للتمريض ولمن يصاحبني ليلا ونهارا هل تعتقدين أنني يمكن أن آخذ أي أحد لمنزلي وأثق فيه هكذا ببساطة؟ ثم أنت من تبقى لك بعد والدك رحمه الله غيري؟ هل نسيت أني كنت أقرب الناس لك وله؟ ولي لي أليست صديقتك منذ الطفولة؟ إذن نحن الاثنان بحاجة لبعضنا البعض ولست أنت فقط"
سالت دموعها وقالت بمحاولة أخيرة "ولكن.."
ابتسم وربت على يدها وقال "ليس هناك لكن، أنت مثل لي لي عندي ولابد أن تكوني معي، هكذا سيكون صبري مرتاح في قبره"
زادت دموعها فجذبها الرجل لأحضانه وقال "كفى يا ابنتي، كفى، البكاء لن يعيد شيء، هيا اذهبي لإحضار كل ما يلزمك من منزلك لأنك سترافقينني من اليوم"
ثم نظر لجاسر الذي كان يمنحه ظهره وقال "جاسر"
نفخ جاسر بقوة في الهواء واستدار وقال "لا تفعل من فضلك"
لاح الغضب على الرجل وقال "من إذن إن لم يكن أنت؟"
أشاح بيده وقال "علي سيتولى الأمر"
رد الأب بقوة "لا إنها أمورنا العائلية لن يتدخل بها أحد، هيا أذهب أنت ولي لي معكم"
حاول أن يعترض "بابا .."
ولكن الرجل قال بحزم "الآن جاسر، الآن"
نظر إليها بغضب ثم فتح الباب وخرج وهو يحاول التحكم في غضبه فقد بدء معها صدام لن يعرف مداه وإلى أين سيمتد