
رواية ابتليت بحبها الفصل الثالث والثلاثون33بقلم نجمه براقه
رحمة
الخوف كان متمكن مني، ومسيطر على حركتي تمامًا.
مع إن الإتصال مش من رقمه واللي ظهر قدامي رقم غريب، بس كان عندي يقين إنه هو حسن.
مسكت التليفون، وحاولت اداري شاشته وأتهرب من سؤاله، أو أتماسك علشان ما أثيرش شكه فيا زيادة ولكن فشلت.
مسك إيدي، وخد التليفون مني، وهو بيطالعني بنظرات بيشع منها الشك وعدم الراحة.
وقتها حسيت إن مفيش مفر... وسلمت أمري لربنا ولحسن اللي جه دوره يرد ويذكر سبب لاتصاله في وقت زي ده.
لحظات، والاتصال وقف.
كنت بتنقل بنظري علي ياسين مرة، وعلى التليفون مرة تانية، لحد ما قال بحيرة:
ــ دي جيهان... متصلة ليه دلوقتي؟ هكلمها.
خطفت منه التليفون بسرعة، وقلت بتلعثم:
ــ لا لا...
بصلي بشك، وقال:
ــ ليه لا؟
قلت وأنا بحاول أتماسك:
ــ مليش مزاج أكلم حد دلوقتي.
مدلي ايده وقال:
ــ هاتي أكلمها أنا؟
هزيت راسي بسرعة، وقلت بتوتر:
ــ لا لا، بلاش. لو عرفت إني صاحيه هتزعل... ممكن متقولهاش.
بصلي شوية، وبعدها قال بتفهم:
ــ ماشي، مش هقول. بس... انتي اتوترتي ليه من اتصالها؟
هو انتي كنتي تعرفي إن ده رقمها؟
ارتبكت، ورديت بسرعة:
ــ لا! وأنا أعرف منين! أنا كنت فاكراه حد بيعاكس.
وقلت في بالي حتى لو حلفتلك مش هتصدق إنه متصلش قبل كده.
ملامحه هديت شوية، وقال:
ــ لا، كنت هصدق.
الفون بين إنه أول مرة تتصل بيكي، وبعدين أنا مش صغير علشان مفهمش إذا كنتي بتكدبي ولا لأ.
بعثرت نظراتي في الأرض بربكة...
حط إيديه على كتافي بلطف، وقال بهدوء:
ــ متفكريش كتير.
ارتاحي دلوقتي، والصبح نتكلم براحتنا.
بصيت لإيديه اللي على كتافي من غير ما أرد غير راضية عن لمسه لي، فبعدهم عني بهدوء، وتراجع خطوات لورى، وقال وهو بيبتسم ابتسامة خفيفة:
ــ مفهوم، مفهوم...
تصبحي على خير يا رحمة.
ابتسمت بتظاهر، وقلت:
ــ وانت من أهله.
مشي ف اسرعت بقفل الباب من جوه كويس، وسندت ضهري عليه.
فضلت ألتقط أنفاسي وأحاول أستعيد هدوئي اللي اتزعزع بسببه وبسبب اتصال حسن قدامه...
وبعدها رجعت، شيلت البلوك عنه، وبعتله رسالة.
حسن
بعد دقايق من عدم ردها عليا، فجأة وصلتني رسالة منها:
ــ خالك كان جنبي لما اتصلت... وهو اللي عرفني إن الرقم ده رقم أمك.
جحظت عيني بصدمة، وقمت من مكاني بسرعة، وكتبت والرعشة مصاحبة حرك ايدي:
ــ بتتكلمي جد؟
ــ بقولك هو اللي عرفني إنه رقمها.
واحمد ربنا إني خلصتك من مشكلة لتاني مرة.
ومتتصلش تاني علشان خالك ساعات بيكون عندي في وقت متأخر.
كان قلقي اكبر من انه يروح من محاولتها مضايقتي بكلمه زي ده ف كتبت متجاهل تحذيرها:
ــ فهميني... قولتيله إيه؟
ــ مش مهم.
كتبت وانا دمي فاير ومش قادر اخفف التوتر اللي عندي:
ــ لا، مهم!
قولتيله إيه علشان أعرف أتصرف؟
ردت بجفاف:
ــ لما تقولي خايف ليه... أبقى أقولك.
اتنرفزت من عنادها، وكتبت بسرعة:
ــ تاني بترجعي لنفس الكلام!
يعني إيه خايف ليه؟
لو عرف إننا نعرف بعض ومخبيين... هيفكر فينا إزاي في رأيك؟
ردت بتحدي:
ــ هيفكر إزاي؟
كتبت وأنا متنرفز أكتر:
ــ هيفكر إن بيني وبينك حاجة! اقتنعتي كده؟
ردت بقسوة:
ــ اقتنعت! بس المشكلة مش فيه لعلمك...
المشكلة إن واحد جبان زيك هيخاف يقوله إنه يعرفني بس مفيش بينا حاجة.
انت كده من أول يوم شفتك فيه... وانت جبان، وبتهرب من أي مشكلة!
حسيت بغصة في قلبي بسبب نظرتها ليا اللي للأسف بتتأكدلها كل يوم، وكتبت بمرارة:
ــ مش واخده بالك إنك بتغلطي فيا كتير؟
ردت ببرود:
ــ لا.
ــ أوكي... قولي اللي تقولييه.
أنا بعمل الصح، حتى لو انتي شايفاه جُبن.
انا لا متهور زيك بتخفي وأخرج في الليالي، وأدخل في مواجهة مع بلطجية...
ولا معنديش حد أخاف أخسره زيك.
مر وقت وأنا ساكت مستني ردها...
لحد ما وصلتني رسالتها:
ــ عندك حق.
معنديش حد أخسره...
خسرتهم... واللي كان كان.
ساعتها بس فوقت علي معني كلمتي الاخيرة، وندمت على اندفاعي اللي بيتكرر وكل مره مفوقش غير لما اكون جارحها بسببه ف
كتبت بسرعة:
ــ أنا آسف...مكنتش عارف بقول إيه...
متزعليش.
مردتش...
فضلت أبعت تاني:
ــ رحمة، ردي عليا لو سمحتي.
أنا آسف لو كلامي جرحك.
حمزة
كالعادة، أول ما افتح معاها السيرة، تنام وتسيبني.
حسيت بملل خانق، وزاد إحساسي بالفراغ، وللأسف دماغي خدتني لأيام ما كنت كل يوم مع واحدة وحسيت بالشوق والرغبة في رجوعها.
فتحت التليفون، دخلت على كل الحسابات، مريت على أسامي البنات اللي عاملهم بلوك، واللي لسه موجودين بس مبنتكلمش.
ظهرت أونلاين، يمكن واحدة منهم تلاحظني وتبعتلي.
بس الشعور ده ما طولش.
خلال ثواني خفيت ظهوري وخرجت من الحسابات كلها، وانا خجلان من نفسي وانتابني شعور بعدم الرضا.
فتحت الواتساب،
بعثت لياسر يمكن صاحي ف اتكلم معاه ويقدر يخرجني من الحالة دي.
استنيت رده، مع إنه كان أونلاين، اتأخر، وبعدين أخيرًا رد:
_ إيه اللي مصحيك دلوقتي؟
_ اللي مصحيك، بتهبب إيه؟ أوعي تكون بتكلم بنات..
_ مش بنات قوي..
_ خنتة يعني ولا إيه؟
_ هقولك بعدين، اخفي دلوقتي..
_ ماشي يا واطي، يارب تعملك بلوك..
مردش، وسابني غرقان في مللي بقلب في التليفون وبدور علي حد اكلمه
في اللحظة دي وصلتني رسالة من "أسماء" محتواها:
_ آسفة لو بكلمك في وقت غلط، بس أنت فاتح دلوقتي ليه؟
وقفت قدام رسالتها، وعيني كانت لسه على "رقية" اللي نايمة مكانها، ما اتحركتش من ساعة ما نامت.
ماكنتش ناوي أرد، بس هي جتلي في لحظة كنت محتاج فيها أي كلمة من اي حد.
اتصارعت مع نفسي، ولقيتني بقول: فيها إيه لما أرد؟ هي اللي بدأت.
فتحت ورديت:
_ كنت بشوف الدنيا.. وإنتي إيه اللي مصحيكي لدلوقتي؟
_ انا بسهر كل يوم. رقية أخبارها إيه دلوقتي؟
رجعت بصيت لرقية،
شعور بالذنب بدأ يحاصرني،
ماكنتش مرتاح، بس رغم كده رديت وأنا مشتت بين رغبتي في الكلام وإحساسي بالذنب:
_ بخير.. تعبت من شغل البيت ونامت.
_ وقلبها جابها تنام وتسيبك؟
_ ليه، وأنا طفل صغير؟
_ لا، راجل وسيد الرجالة كمان، بس لوحدك، والإنترنت خطر عليك.. يمكن واحدة تخطفك منها.
_ لا، ما أنا كبرت على الخطف يا سمسمة.
_ هههههه، بجد؟
_ بجد. الصبح أبعتلك صورة البطاقة عشان تتأكدي بنفسك.
_ ههههه دمك خفيف قوي على فكرة.
_ بجد؟
_ بجد، وجد الجد كمان، انت من الاشخاص النادرين اللي قابلتهم في حياتي
_ والنادرين دول طيبين ولا اشرار
_ انت من ضمنهم ف ممكن يكونوا ازاي..
_ محدش بيشوف نفسه وحش ياستي، انتي شيفاني انا والنادرين دول ازاي، عاجبينك يعني؟
_ اكيد
مجهلتش مقصدها ولا اللي ممكن تكون بتفكر فيه، وفهمتها ومعجبتنيش اكتر من الاول، ولكن كان في شيطان ملازمني بيوسوسلي، خلاني أكتب:
_ وإيه عاجبك فينا؟
وقفت عند الجملة قبل ما أبعتها.
في حاجة جوايا شدتني وقالتلي: بلاش.
بصيت تاني على "رقية"،
شفتها نايمة بهدوء،
وفكرت في كل لحظة قضيناها سوا، واحترامها ليا رغم المسافات اللي بينا.
افتكرت تعبي عشان أكسب ثقتها،
وساعتها حسيت قد إيه كنت على وشك إني أخسر كل حاجة بلحظة ضعف.
بسرعة حذفت الرسالة،
وعملت ل"أسماء" بلوك.
ياسر
اتكلمنا دقايق قليلة أنا وبسنت، ولما قالتلي إنها هتقفل، محاولتش أخليها تقعد معايا شوية كمان.
كنت لأول مرة مش عايز أوسخ علاقتي بواحدة، وصابر لغاية ما أبوها يوافق ونتجوز.
بعد ما قفلت معاها، رجعت بعت لحمزة، بس مردش، فـ سيبته وكلمت مروان اللي كان باعتلي من ساعات، ورديت عليه وقلت:
_ يابني أنا بقيت راجل مسؤول، مش صايع زيكم للسهر والصرمحة في الكباريهات في نص الليل..
جالي رده بعد دقايق بيقول:
_ بس شكلك بتتصرمح على التليفون يا يسور، بتخون البنت من دلوقتي..
_ وغلاوتك عندي ما كلمتش بنات بعدها، غيرك إنت، بكلمك دلوقتي أهو..
بعتلي إيموشن مستفهم، ضحكت وقلت:
_ مالك يا نجس، اسلك لا تولع، أنا بقولك بعد ما قفلت معاها إنت أول حد أكلمه..
_ ماشي ياعم، عيش لغاية ما يجي دوري..
_ بقيت رخم قوي يا مارو، مبقتش أحبك ياض..
_ ولا أنا، اخلص، هتيجي تكمل معانا السهرة؟
_ لا ياعم، بقولك بقيت راجل مسؤول مش زيكم..
_ ياخي ده انت *****..
_ هههههههه ماشي يا *****، غور شوف الأوساخ اللي معاك، هقوم أصلي قيام الليل..
_ قيام إيه يا خويا؟
_ الليل بيصلوه المسلمين، مش اليهود الكفرة اللي زيكم يا عصاه يا ولاد الـ *****
شافها وعمللي بلوك.
ضحكت، وقعدت أستغفر ربنا، وقومت فعلاً صليت ركعتين بعد ما اتحرجت من نفسي.
رقية
صحيت الفجر، لقيته واقف على المصلية وبيصلي.
فضلت مكاني أبصله، وشعوري تجاهه بيزيد..
كان واحشني، وكنت عايزة أقعد معاه ونتكلم..
واتمنيت إنه ميروحش الشغل النهارده.
قمت دخلت الحمام، وابتسامة هادية مرسومة على وشي.
كان مستحوذ علي كل تفكيري ف مكنتش مركز ولا بحسن وضؤئي بسببه، ولما خدت بالي استغفرت ربنا، وأعدت الوضوء تاني وأنا بشغل دماغي في الصلاة بس.
ولما رجعت آخد الإسدال، لقيته خلص وقاعد على الكنبة بيقرأ قرآن من التليفون، وشه كان جامد ومابصليش.
تخيلت إنه زعلان مني ومن تصرّفاتي، وصدي ليه الليلة اللي فاتت.
خدت المصليّة والإسدال، ورُحت الأوضة التانية.
صليت، وقعدت على المصلية أردد أذكاري..
وفي الآخر، رفعت إيدي بدعاء.
دعيت دعاء في سرّي، يمكن لو كنت في وقت تاني، كنت خجلت أدعيه ولما خدت بالي استغفرت وكأنه غريب عني ودعايا ده هتحاسب عليه قدام ربنا
اتحرجت جدًا من نفسي، وقُمت من مكاني وخرجت.
ولما فتحت الباب، اتفاجئت بيه قدّامي.. الضيق مالي تعابير وشه
فـ قلت وانا بتجنب النظر لعنية زي اللي عامله ذنب وخايفة يتعرف
ـ تقبّل الله..
تنهد بضيق وقال:
ـ منا ومنكم يا رقية..
وبعد تردد أضاف:
ـ عايز اقولك حاجة، بس ياريت مندمش اني قولتلك...
بصتله بانصات ف قال:
عملت حاجة امبارح...
عقلي اشتغل، وبدأ يودي ويجيب، فـ سألته بتوجس:
ـ حاجة إيه؟
ردّ بضيق:
ـ بس خليكي عارفة انك إنتي السبب يا رقية...
عقلي بدء يضخم الفكرة وبقيت شبه متاكده انه عمل حاجه هتجرحني لما اعرفها.
مكنتش عارفه ارد وبقيت بصاله مستنياه يكمل ف قال
- أنا زهقت، وإنتي مش مقدرة حالتي.
إنتي أكتر حد عارف أنا كنت عايش إزاي.. وعارفة إن حياتي مكنتش خالية من البنات وبعد ما اتجوزتك.. شوفي بقيت ازاي، انا بقيت إنسان تاني انا مش عارفه
كمل بعصبيّة:
ـ بس كمان أنا مش نبي مابغلطش، ولا عندي الأوبشن اللي يخليني ألغي احتياجاتي اللي جوايا يكون ربنا هداكي، ورضيتي عني، انا بشر !
بدأت أتخيل انه يمكن رجع للبنات اللي كان يعرفهم.
حسيت بجرح في قلبي قبل ما أفهم اللي حصل. وصوتي اختنق في حنجرتي.. مقدرتش أرد.
فـ فتح التليفون وقال وهو بيديهولي:
ـ شوفي...
مسكت التليفون وبصيت على الشاشة.
لقيت محادثة صغيرة بينه وبين "أسماء".
ماكانش فيها حاجة، بس أسلوبها كان واضح إنها بتحاول تشغله بيها.
بصيتله مستنية أفهم، فـ قال:
ـ امبارح لما نمتي، حسيت بفراغ رهيب.
دورت على أي واحدة أتكلم معاها..
فتّشت الإنستجرام، التيك توك، الفيسبوك، الماسنجر.. كل أبلكيشن عندي، بس ماكلمتش حد.
نبرته بقت أهدى.. ولكن فيها حزن:
ـ خفيت ظهوري ودخلت الواتساب، كلمت الواد ياسر يمكن أفك شوية، ف لقيت اسماء بعتالي.
اتكلمنا كلمتين، ولما حسيت إني هاعك معاها.. عملتلها بلوك. مش عارف زعلت ولا قالت إيه، بس كله بسببك وبسبب عنادك وقلبك اللي مابينساش...
إنتي بجد يا رقية مش شايفة إني اتغيرت، وإني أستاهل فرصة واحدة؟
قاومت دموعي وضعفي قدامه، وحاولت أتكلم، فـ خرج صوتي مهزوز:
ـ طيب.. وإنت بتقولي ليه؟
وإيه مانعك تكلمهم؟
تنهد بخيبة وقال:
ـ قلتلك علشان أهين نفسي معاكي مرة كمان.
وأبان كأني بشحت العطف والاهتمام منك!
وأضاف بضيق:
ـ واللي منعني.. إني مكنتش قادر أشيل عيني عنك وانتي نايمة. وكنت بوهم نفسي إني متجوز ومعايا ستّ هتتوجع لو عرفت إني خنتها.
بس خلاص.. آخر مرة أهتم، وآخر مرة أطلب منك تهتمي!
جملته دي.. وجّعتني.
دموعي نزلت غصب عني.
هم إنه يمشي، فـ قلت باختناق:
ـ استنى...
وقف مكانه من غير ما يبصلي.
قلت ببكاء:
ـ أنا آسفة.. آسفة قوي!
عارفة إني مقصرة، وإنك بتعمل كل اللي تقدر عليه علشان تصلّح علاقتك بيا.
بس غصب عني.. مش قادرة أحل مشكلتك دي.
أنا كمان مش نبي!
ولا عندي الأوبشن اللي ينسيني وقت ما أعوز.
كلم البنات..
روحلهم لو ده اللي إنت عايزه، ولو مش قادر تعيش من غير علاقة في حياتك.
رجعلي، وقال:
ـ إنتي فاكرة كده بترضيني ولا بتتبريء من ذنبك؟
ولا يكون فاكرة إني بعدت عن الجو ده علشانك؟
لأ يا رقية.
أنا بعدت قبلك.. مش علشانك خالص.
بس بعدين بقيتي سبب علشان ما ارجعش تاني.
نبرته كانت كلها وجع وهو بيكمل:
ـ وأنا مش عايز غيرك ولو قربت من واحدة غيرك أو كلمتها هاحس بالقرف من نفسي!
علشان إنتي أنضف من أي واحدة اتعاملت معاها.
مسك ايدي وقال بضيق:
ـ رقية افهميني..أنا مبسوط وأنا معاكي، مبسوط قوي. ولو هنعيش كده طول عمرنا.. بردو مبسوط.
الخناقة معاكي عندي أحلى من مليون مكالمة مع واحدة تانية علشان تدلعني.
بس برده..نفسي أعيش معاكي زي أي اتنين متجوزين.
نفسي آخد راحتي. عايز أرجع من الشغل آخدك في حضني. لأني محتاج حضنك ده.
محتاج أرجع أنام على رجلك تاني وأحكيلك كل اللي جوايا..
من غير ما نستنى لحظة صفا علشان اقدر اتكلم !
لساني عجز عن ترجمة شعوري في الوقت ده وعقلي رفض مدي باي رد فعل ممكن اعملها رد علي كلامه بطريقة تخليني مقطعش الأمل عنده وفي نفس الوقت متخلهوش يفهم مشاعري ناحيته.
ف النهاية اخترت السكوت واكتفيت بسماعه بانصات كامل من كل جوارحي بدون أي اعتراض على قربه ولا رفض لكلامه، سيبت إيدي في إيده، كنت بصاله ومش قادرة أوقف سيل الدموع من عيني وقتها تراجع عن اللي قاله افتكر دموعي كانت اهم، مكنش عايز يزعل ف قال :
- متزعليش، انا لو مش بحبك مكنتش قولتلك كل الكلام ده!.
ايوة انا بحبك وحتي لو فضلتي مطلعة عيني بردو بحبك، كفاية قوي إحساس الراحة اللي بحسه وأنا معاكي، كفاية اهتمامك حتى لو كان ناقص، عايزك معايا على طول وفي كل مكان، انسي كل اللي قولته ده وخلينا نفكر هنعمل إيه في رحلتنا لتركيا، هتكون رحلة حلوة قوي..
أومات إيجابًا وأنا لسة مش قادرة أوقف عياط ف قرب مني مسك وشي بين إيدي وطبع قبلة لطيفة على راسي.
محاولتش أبعد عنه، وإيدي كانت مترددة تمسك فيه وأحضنه، في اللحظة دي أنا اللي كنت محتاجة قوي إنه يحضني ولكن للأسف بعد وخد الشعور الدافي الجميل اللي كنت حاسه في قربه، رجع مسك إيدي وقال:
تعالي هنجهز الفطار أنا جوعت..
خدني على المطبخ، فضلت واقفة متوترة ومش قادرة أعمل حاجة نهائي وبدأ هو بتجهيز الفطار.
نسي إنه كان بيشتكي من دقيقه واحدة وخد باله إن أنا اللي بيعيط ومش على طبيعتي.
وبعد ما خلص جه عندي وقال بابتسامة باهتة:
ضايقتك على الصبح..
مردتش فتنهد وقال:
أنا آسف متزعليش، كنت متضايق شوية، بس لما اتكلمت معاكي ارتحت، انسي كل اللي قولته..
رجعت دموعي تحتشد في عيني مرة تانية فابتسم وقال وهو بيمسحها بلطف:
خلاص بقى قولتلك آسف، أنا كفاية عليا إنك حاسة بالأسف ناحيتي أو على الأقل شايفة إني بقيت أحسن من الأول..
تمنيت لو أقدر وايدي تطاوعني وأمسك إيده وأعتذر أو أقول أي حاجة من اللي حساها، ولكن زي العادة كان في حاجة قوية بتمنعني وفي حلقي غصة خنقاني ومنعاني من الكلام.
فرسم ابتسامة على وشي بصوابعه وقال بحب:
خلاص قولتلك، ابتسمي بتكوني اجمل... ولو ياستي شايفة ومقتنعة إنك ظالمة ومفترية وما يقدر عليكي إلا ربنا اعملي كيكة شيكولاتة بس اظبطيها أنا مش هعيشلك كتير..
ضحكت غصب عني ف قال بابتسامة:
مش معني إني سكت على عكك مرة تستمري فيه..
قلت بضحكة مختلطة بالدموع:
ومصدق نفسك قوي، الكيكة بتاعتك اترمت في الزبالة.
بس متنكريش إنها أحلى من بتاعتك.
أحلى لو كان ده هيرضيك..
قال بابتسامة هادية:
أنا يرضيني أسمع ضحكتك قبل ما أبدأ يومي..
اخفضت جفوني أخفي لمعتهم ولهفتي لاحتضانه اللي بقت حاجة ملحة جوايا..
وبعد ما مر الوقت بسرعة وللأسف خرج لشغله، قعدت أنا لوحدي أفكر في اللي قاله وفي نفسي وفي اللي مانعني أقدم خطوة أو أصارحه بمشاعري.
وافتكرت كلامه عن إحساسه و وجعه بسببي، وتمنعه عن الغلط علشان مش عايز غيري، وأخيرًا افتكرت أسماء وقتها شعت جوايا شرارة غضب.
قمت من مكاني فورًا دخلت الأوضة وخرجت التليفون من تحت المخدة لقيت خمس اتصالات منها وكلهم الصبح.
فهمت إنها عايز تلحق نفسها ورنيت عليها، ردت عليا فورًا وجاني صوتها ملخبط:
إيه يا بنتي فينك..
أخفيت غيظي منها وقلت:
- إيه كل الرنات دي، حد حصله حاجة..
-مفيش حاجة مهمة، قولت بس أطمن عليكي، إنتي عاملة إيه..
-الحمدلله، اقولك؟ تقدري تجيني..
-ليه، خير إن شاء الله؟
-خير مفيش حاجه تقلق، تعالي أنا لوحدي في البيت..
طيب جيالك.
..................
#حسن
بعد ما قضت ساعتين رايح جاية علشان تصحيني من النوم خرجت من أوضتي حاسس بخمول ونعس ، وكأني ما نمتش من يومين.
ولكن ده كان طبيعي لواحد زيي، كان طول عمره بينام من العشا ودلوقتي اتعود على السهر للفجر.
وصلت الصالون، رميت جسمي المثقل بالتعب على الكنبة، مسكت الريموت وبدأت أقلب في التليفزيون من غير هدف. فجأة، سمعت صوت أمي، بتقول وهي بتشده مني :
-بهايم قاعدين معاك مش شايفنا بنسمع النشرة؟
وقولت بضجر وأنا بصعوبة بحاول أفتح عيني:
طيب ما أنتوا بتسمعوا النشرة اهو، عاملة هوليلة ليه من الصبح؟ ما كنتي تسيبني نايم.
جاني صوت بابا فجأة، وقالي اللى خلاني افوق في لحظة
- مصحياك علشان تعرف خدت تليفونها أوضتك ليه بالليل؟
اعتدلت وأخدت نفس يمكن اقدر احافظ علي هدوئي قدام نظرات الشك اللي في عيونها، وقلت:
كنت عايز أبعت شوية حاجات مهمة من عندي علشان أفرمت التليفون.
قالت بعدم اقتناع:
- أنا فتشته حتة حتة، ملقتش حاجة جديدة.
-أيوه، أصل أنا ما بعتش حاجة. لقيت النوم كابس عليا، ومبعتش، بعدين بقى.
فضلت مثبته عينيها عليا والشك فيهم بيزيد، حسيت إن نظراتها تقيلة علي ومش قادر اخفي ارتباكي بسببهم، عشان كده حاولت أغير الموضوع ف قلت اثناء ارتفاعي عن مقعدي:
هعمل فطار لنفسي، فطرتوا؟
فضلت تبص لي بنفس البصة، ف قال بابا:
فطرنا.
طيب، هفطر أنا. قلتها وأنا بستدير علشان أمشي.
دخلت المطبخ وقفت هناك مش قادر اعمل حاجة، كنت حاسس إن الموقف ده مش هيعدي. لكن في لحظة تبدل قلقي لهلع لما افتكرت إنها مش ممكن تخبي حاجة عن خالي، ويمكن هتروح تقوله، فبدأت أفكر في حجة أقولها وانا رايح جاي في المطبخ متلخبط وخايف وفجاة توقف لما لقيتها داخلة عندي
وقفت قدامي وعقدت إيديها قدامها، والنظرة اللي في عيونها كانت قوية وقادر تكشفني في لحظة، مكنش قدامي غير المكابر والاخد بالصوت وقلت.
-بتبصيلي كده ليه؟
قالت باسلوب هادي ولكن كله شك:
- إنت مش على بعضك كده ليه؟
-يعني إيه مش على بعضي؟ ما اديني كويس.
خرجت عن هدوئها وقالت بعصبية:
مش كويس يا حسن، وحالك مايل، والله أعلم بتعمل إيه من ورانا...
قلت وانا بحاول اقلب التربيزة عليها واستعطفها في نفس الوقت
- بعمل إيه في إيه؟ أمال لو كنت بخرج ولا أصيع زي الشباب اللي في سني؟
انتي كل شوية تنتقديني وتحسسيني إني خارب الدنيا، وكأني كل يوم مجرجركم على الأقسام.
قالت بعصبية:
- لا متاخدنيش بالصوت ولما اكلمك توطي صوتك وترد علي سؤالي
- يا ماما من فضلك أنا مبغلطش. أنا أكتر واحد في الدنيا ملوش في المشاكل، ولا عمري جبتلكم مشكلة عشان تتصرفي معايا بالشكل ده.
أنا اتخنقت، واحدة غيرك كانت حمدت ربنا إنه معاها ابن زيي.
ردها جه قاسي، وجعني بجد ودي مش اول مره:
أهو اللي مبيجيبش مشاكل ده أكتر واحد يتخاف منه. على الأقل أبو مشاكل معروف هو بيفكر إزاي وبيعمل إيه، مش إنت اللي بمليون حال.
سايبنا أنا وابوك متغربيين ورافض تيجي معانا وتتحمل مسؤولية زي اي راجل.
ودلوقتي بتتخفا زي الحرامي. الله اعلم بتعمل ايه من ورانا، زيك زي أي عيل مراهق، عايز مراقبة وتربية من جديد.
رجعت كلام "رحمة" في ودني، وبدأت أشوف نفسي زي ما هي شايفاني. فقدت الأمل في نفسي للحظة، وحسيت إنّي فعلاً فاشل.
نزلت دموعي من غير ما أقدر أوقفها، وقلت بصوت مكسور:
-معلش بقا يا ماما، أصل اللي مفروض تربيني سافرت مع جوزها علشان الفلوس، وسابتني من غير تربية، بس للأسف مفيش حد بيتربي على كبر جيتي متأخر
ما كنتش قادر أتحمل أكتر، فمشيت بسرعة ودخلت أوضتي، قفلت الباب على نفسي. سمعتهم بيخبطوا على الباب، لكن مرديتش. مع اني كنت متأكد إن أمي هتكلم خالي، وهتقوله كل حاجة وهيعرف ان انا اللي اتصلت ب رحمة. لكن مكنش فارق معايا لاول مره مكونش مهتم باللي ممكن يحصل
#رقية
بعد ما قفلت مع اسماء دخلت أغير هدومي بسرعة، نزلت سحبت عشرة آلاف جنيه كاملين، وطلعت تاني، استحميت ولبست فستان ناعم كاشف دراعي وبارز قوامي بشكل مثير، كنت قلقانة ان حمزة يرجع وفي نفس الوقت كنت مصممة اني هحرم اسماء تدخل البيت تاني وافهمها انه جوزي ومش هتفلح في اللي بتعمله
وظبطت مكياجي، كان خفيف، لكن كان حلو ومنظم علشان أظهر بمظهر جميل.
و بقيت مستعدة لمقابلتها علشان احطها في مكانها الصحيح واعرفها انا مكاني فين
وبعد وقت وأنا بلف في المكان، مش قادره أهدأ. لغاية ما الجرس ضرب فجأة، وقفت أخذت نفس عميق، استعداد للحظة المواجهة. وبعدين مشيت ناحية الباب.
سألت مين، وعرفت إنها هي. فتحت الباب، وبمجرد ما شافتني بالمنظر ده، ظهر في عيونها كل اللي كانت تخفيه: الغيرة، الحقد. كل حاجة كانت واضحة.
مديت لها إيدي بابتسامة باردة، كان الهدوء الزائف واضح في نبرتي:
اتفضلي يا أسماء.
قالت بصوت فيه قلق ظاهر:
في حاجة؟
اتفضلي بس.
دخلنا جوه، وقلت لها تستني. دخلت الاوضة، جبت الفلوس ورجعتلها، وقفت قدامها، واحتقاري ليها كان باين في عيني بشكل واضح. مسكت إيدها بخفة، وحطيت الفلوس فيها وقلت :
-عشرة آلاف جنيه.
ما شالتش عينيها عن عيني. كانت فاهمة تمامًا إني عرفت كل حاجة، وكانت بتحاول تخفي ده. قالت بابتسامة ظاهرية تتصنع بيها البراءة:
-بتوع إيه دول؟
بتوعك، يمكن عينك تتملي.
زادت ابتسامتها وتصنعت عدم الفهم: ٠
- مملية، بس انا قولت مش عايزاهم
قولت:
- متعمليش مش فاهمة، قوليلي عايزة إيه من حمزة؟ ليه كل شوية بتتصلي عليه؟
ضحكت بحرج، وقالت بربكة:
بتصل عليه يعني إيه؟ ما أنا بتصل بيكي مبترديش، فبكلمه علشان يقولك تردي.
-وانتي كنتي كلمتيني لما بعتيله في نص الليل؟
توقفت عن الضحك والحديث خد شكل جد اكتر
- في يا بنتي، لية الاسلوب ده، انا لقيته فاتح، قولت أشوفك لو صاحية أكلمك، اية اللي عملته علشان طريقتك دي؟
- وااالله؟!، ودمك زي العسل دي؟ إيه كنتي بتقوليها علشان تعرفي إذا كان جنبه ولا لأ؟
قالت باستنكار وهي مش قادرة تخفي توترها:
مش ممكن يا رقية، انا مش مصدقاكي، أنا تكلميني بالطريقة دي! بقى مش عارفة صحبتك!
-عارفاها طموحة بزيادة، وتحط عينها على أي حد حتى لو كان جوز صحبتها. ده أنتي غيرتي شكلك عشانه. بس أنتي فاهمه غلط. أنا قلتلك إنه مجريش ورايا غير عشان مكنتش بديله وش، رغم شكلي الوحش اللي اتريقتي عليه قدامه امبارح.
مكنتش عارفة ترد، ولسانها اتلجم . قلت بكل حزم وأنا مش قادرة أخفي غضبي:
- اسمعيني كويس قوي، انا عمري ما علقت علي اي تصرف بتعمليه، ولا قولتلك ده غلط وده صح، وانتي حرة مع اي حد، بس عند حمزة وستوب، هو بيحبني أنا، ومش هيبص لواحدة غيري. ومش هسمح لأي حد يدخل بينا
قالت بدهشة شديدة وحرج واضح:
يعني أنتي بتقوليلي ابعد عنه، وأنني بحاول أخطفه منك؟... ماشي، وأنا معاكي، أنا فعلاً كنت معجبة بيه وعايزاه، بس ده ليه؟.. لية قوليلي..
-.....
- ماشي هقولك انا، ده علشان يا حبيبتي أنتي بنفسك فهمتيني إنك مش عايزاه وبتكرهيه وهتطلقوا. أنا لا خونتك ولا كنت هاخد حاجة منك. أنتي بنفسك قولتيلي إنكم أغراب في بيت واحد، يعني لا لمسك ولا داق شهدك.
- بس إنتِ كنتي متأكدة إن كل كلامي بقوله علشان ميزغللش في عينك. كنت بكرهك فيه علشان متبصلهوش وبس. بس أنا بقولهالك أهو يا أسماء، لو صحيح مكنتيش عايزة تخطفي جوز صحبتك، حمزة جوزي وبيحبني... الفلوس اهي أكتر من اللي ليكي بكتير. خديهم، وابعدي عننا.
ضحكت بسخرية، واللامبالاة واضحة في ملامحها:
-مش بقولك؟ مبقتيش زيّنا. بقيتي هانم بتتكلمي بالفلوس. فاكرة كنتي ازاي بتفضلي بالجوع علشان مش معاكي تشتري ساندوتش ولا كنتي بتخرجي معانا في أي فسحة من خوفك يدفعوك.
-عمر الفلوس ما كانت تشغلني، وإنتي عارفة. وحتى لو مفلسة كنت هقولك الكلام ده برضو. ومش عايزة أنهيها معاكي بزعل اكتر من كده، بس إنتي اللي مكنتيش تضيعي فرصة علشان تلفتي انتباهه ليكي.
- معلش بقى، ما أنا كنت فكراه ابن أمه وصايع، وأهلك هما اللي بيملولك التلاجة. ومليزمكيش في حاجة زي ما قولتي. قولت خديه يا بت، هي مش عايزاه. مكنتش عارفة إنك بتخزي العين.
قلبت الفلوس في إيديها وقالت:
-ماشي يا رقية، أنا ماشية، وهاخد الفلوس لأنهم أحسن منك.
مسكت خصله من شعري وقالت بغضب وكره مستترين ورا هدؤء مزيف:
- بس خليكي فاكره كلامك ده كويس قوي، وافتكري كمان انك قليتي معايا بعد ما ساعدتك ترجعي فلوسك
بعدت ايدها عني وشاورتلها علي الباب علشان تمشي، ابتسمت ورمتلي بوسة ومشيت وخبطت الباب وراها بعنف. ما حاولتش أوقفها ولا عملت حساب ليها. مكنتش خايفة منها، ومدتلهاش أكبر من قيمتها.
وبعد ما هديت شوية افتكرت الكلام اللي قولته عن حمزة، كنت مستغربة ازاي قدرت اقوله ويمكن خوفي انه يعرف كلامي ده كان اكبر من خوفي انه يعرف اني كلمت سامح.
ودخلت الأوضة. بصيت على تليفوني ، وقلت لنفسي"أكلمه؟" لكن خفت يفهم السبب اللي مخليني متصله بيه كنت محتاجة سبب أقول له ليه.
وبعد تفكير طويل، لقيت حجة وهي "أروح أطمن على بابا." كانت حجة مقنعة، مستحيل يشك فيها. اتصلت، وقلبي بيخفق بشدة، لحد ما رد وقال
"رقمك قدامي، كنت لسه هتصل بيكي."
"اشمعنا؟"
"وحشتيني."
ابتسمت ، بس مردتش ف تابع :
"كنت بفكر أجي البيت، بس قلت بلاش."
"ياريت."
كانت الكلمة دي بيني وبين نفسي، لكن استبدلتها بكلمة تانية:
"ده بيتك، تيجي وقت ما تحب ."
"ربنا يكرم أصلِك يا أصيلة."
قالها بصوت ساخر، حاولت أحتفظ بضحكتي لكن في داخلي كنت مبسوطة. وقال:
"عارفة معايا إيه دلوقتي؟"
"إيه؟"
"تذاكر السفر، صدام حجزلنا. هنطلع بكرة في طيارة 12 الضهر."
"حلو قوي."
"ركبتي طيارات قبل كده؟"
"لا."
"معنى كده هتخافي وتوترينا معاكي."
رديت بابتسامة
"حاجة زي كده."
اتكلمنا مع بعض لدقائق ونسيت السبب الحقيقي للإتصال وبعد شويه سمعت صوت حد داخل عليه، قال:
"هكلمك تاني."
اسرعت بالرد، كان كل اللي يهمني انه ميفهمش اني اتصلت علشانه عصرت مخي بسرعه لغاية ما افتكرت وقلت
"دقيقة."
"نعم؟"
"كنت متصلة بيك أقولك إني هروح أطمن على بابا."
"أوكي، اجهزي. يكون بعتلك سواق يجي يوديكي."
"لا، لا. هروح لوحدي."
"عشر دقايق ويكون عندك، اصبري. يلا، اجهزي."
"ماشي."
أغلقت المكالمة بابتسامة خفيفة، وغيرت هدومي بسرعة، نضفت وشي من المكياج، لبست طرحتي، واستنيت دقايق قليلة لغاية ما سمعت صوت عربية بتذمر بره. عرفت إن ده السواق اللي بعته. وأنا خارجة، وصلني اتصال منه كان بيسألني إذا كان وصل ولا لأ، وبسرعة قفل معايا.
ركبت مع السواق، وكان الطريق طويل، لكن فكري كان مشغول بكل حاجة حصلت بينا.
كنت عايزة أخلص الزيارة بسرعة عشان أرجع أطبخ له وأعمل الكيك اللي بيحبها لكن قبل ما نوصل منطقتنا، طلبت من السواق ينزلني عشان ما كنتش عاوزة أدخل وسط أهل المنطقة بيها
مريت على الناس هناك، رميت السلام على الستات اللي كنت أعرفهم، لحد ما وصلت للمسجد القريب من بيتنا، وسمعت صوت بابا وهو بيصلي بالناس. وقفت في مكاني، وسمعت صوته الجميل وهو بيرتل القرآن بخشوع
وصلت للبيت، جوايا لمسة من الراحة بسبب صوته. وهناك قابلت ماما، كانت لابسة إسدال الصلاة، وكان واضح إنها متوضية. حضنتها وقالت لي بحب:
" رقية يا حبيبة امك ."
"وحشاني يا حبيبتي..
- وانتي كمان، تعالي
خدتني من إيدي ودخلتني الصالون نادت لبسنت بصوت عالي، وبعد ثواني جت جري عليا. حضنتني وقالت بسعادة.
"روكا حبيبتي."
"قال يعني وحشتك ."
ابتعدت عني وابتسمت.
عينيها كانت فيها لمعة غريبة، شككتني في سببها.
"طبعاً واحشني يا أبيض يا جميل انت"
ماما قالت :
"بس يابت، روحي شوفي الطبيخ استوي ولا لسه."
مسكت إيدي وقالت:
"حاضر، تعالي معايا."
"يابنتي استني، اقعد مع ماما شوية."
ماما قالت بحنان:
"روحي معاها، أنا هصلي وجيالك."
"ماشي حبيبتي، ربنا يتقبل."
"منا ومنك، ويهنيكي ويسعدك ويحبب قلب جوزك فيكي يا رقية يا بنت بطني."
شدتني بسنت من إيدي ومستنتش ارد عليها وقالت :
"امشي متبقيش بايخة."
روحت معاها بشد، وهناك سحبت ايدي منها وانا بدلكها:
"يا رخمة إيدي، اتخلعت في إيدك."
"سيبك من إيدك، طمنيني، إيه الأخبار؟"
"الأخبار في إيه؟"
"في كل حاجة، عاملة إيه مع حمزة؟، عرفتي حاجة جديدة؟"
"لسه معرفتش حاجة، وأنا وحمزة هنسافر تركيا بكرة."
توسعت عينيها وبوقها بذهول، كأنها مش مصدقة:
"تركيا؟ تركيا؟"
قلت بابتسامة مزيج من السعادة والقلق:
"تركيا."
قوست بوقها وقالت بتحسر:
"يابختك يا بنت المحظوظة، بتوقعي واقفة طول عمرك."
خمست في وشها وقلت:
"خمسة وخميسة، الله وأكبر من عينك هتحسديني."
لكن بعد ما ضحكت، بهتت ملامحي لما افتكرت أسماء، وحسيت بجو من القلق يتسلل جوايا، قالت بسنت بعد ما تلاشت ضحكتها:
"إيه مالك؟"
قلت بتخوف:
"في حاجة حصلت موتراني شوية."
"إيه تاني؟"
حكتلها اللي حصل مع أسماء، ف قالت :
"يخرب بيتها القادرة، أنا من الأول مكنتش مرتاحة لها. اسمعي يا بت، أنتي تقوليله متستنيش، تقوله هي."
"أنا مش متأكدة إنها ممكن تقوله برضو، وبالذات إني أدتلها فلوس كتير."
"مين قالك؟ دي تقول له وتزود على الكلام شوية كمان بعد ما لبختيها. اسمعي مني، اللي زي دي مبيهمهاش حاجة."
رجع الخوف يتملكني من الناحية دي، وتوهت في تفكيري، مش قادرة أقرر هل أقوله دلوقتي ولا أستنى لما نسافر؟ أو مقولهش خالص، ولو قالت له، أحكيله الحقيقة. وكده كده هو مش بيحبها وفاهمها.
كنت محتارة ومش قادرة أتخذ القرار الصح، خاصة إن الفلوس دي هديها لبابا ومش حابة أقلل منه قدامه مهما كان. وبعد لحظات من الصمت والحيرة، شدت بسنت على إيدي وقالت بحزم:
"بقولك إيه؟ متسكتيش كدة، كلمي حمزة وقوليله كل حاجة."
قولت بقلت حيلة:
"هقوله، بس لما أروح. مش هينفع أكلمه في الشغل علشان أقوله حاجة زي دي."
قالت بنرفزة
"متجننيش أمي كلميه وقوليله. تعرفي منين؟ مش يمكن تسبقك."
حسيت ان عندها حق أومأت بالايجاب، لكن قبل ما أعمل أي حاجة، سمعت صوت فتح باب الشقة. ف قالت :
"استني، ده بابا... تعالي."
خدتني من إيدي وخرجتني لعنده في الصالة، قبل ما يشوفني كان هادي وطبيعي، وفجأة وقف مكانه يبصلي للحظات قبل مايصرف وشه عني، واتحرك ناحية أوضته. سبقته ووقفت قدامه وقلت بترجي:
"بابا بالله عليك متزعلش، حقك عليا والله. عمري ما هغلط تاني، بس وحيات صلاتك، متزعلش."
دار وشه عني فمسكت إيده بقوة وبوستها، صوتي كان مهزوز، والدموع بدأت تنزل:
"أنا آسفة يا حبيبي، حقك عليا."
خد ايده مني وقال:
"حق إيه؟ دا إنت لو كنتي عايزة تزليني قدام الناس، مكنتيش هتعملي كده. مفكرتيش في شكلي قدام سامح وهو قاعد معايا وبيقول في نفسه الراجل المترقطس الخرونق اللي بنته بتدفع علشان تجوز ..."
هزيت دماغي بنفي، الدموع في عيني:
"ما عاش ولا كان اللي يقول عليك كده. إنت مفيش زيك، وكله عارف مين هو الحج عبدالوارث. وحياة حبيبك النبي، يارب تزور بيته قريب. ما تزعلش مني."
دار وشه عني فقلت ببكاء لما ياست من رضاه عني:
"ده أنا حلفتك بحبيبك النبي، ملوش خاطر عندك."
"عليه أفضل الصلاة والسلام."
وبصوت قاسي، تابع:
" هعدهالك المرة دي عشان خاطر حبيبي النبي، بس أنا بقولك اهو يا رقية، أي عمله تاني هتكون قطيعة ليوم الدين. لا أنا أبوكي ولا أعرفك."
أومأت بالايجاب، وقلت بابتسامة مصاحبة لدموعي:
"التوبة النوبة، عمري في حياتي ما هعمل حاجة تزعلك."
.........
صدام:
رجعت البيت وأول حد دورت عليه هو فيروز، ولكن ملقتهاش. ف عرفت من سحر إنها مع "رحمة" في الجنينة الخلفية مشيت عشان أروح هناك، وقبل ما أخرج من باب الفيلا، وقفني صوت أمي من خلفي وهي بتقولي بحيرة:
- انت هنا؟ أمال هي بتتكلم مع مين فوق دي؟"
التفت ليها، لقيتها لابسة لبس الخروج وطالعة في أجمل صورها. لكن اللي قالته شغلني عن سؤالها عن سبب طلتها دي، فقلت مستفهم:
"هي مين؟"
قالت وهي بتتابع طريقها لي:
: "يسرا، سمعاها بتتكلم، قلت إنك معاها، بس يمكن بتتكلم في التليفون."
خدني الفضول والشك، لكن مكنش بالقوة اللي تخليني أطلع أسألها بتتكلم مع مين.
قالت ماما وفوقتني من شرودي:
"راجع بدري يعني؟"
قلت بجدية:
"مفيش شغل مهم."
طالعتها بتفحص، وقلت بعدم راحة:
"لابسة ومتشيكة يعني، على فين كده؟"
"على فين يعني؟ رايحة الكوافير وبعدين همر على شقتنا القديمة أجيب شوية حاجات محتاجاها."
مكنتش قادر أصدق كلامها، لكن ما تكلمتش ولا فكرت أراقبها. في النهاية مش هقدر أمنعها حتى لو كانت رايحة تقتل حد. فقلت:
"أوكي، تحبي أوصلك؟"
"لا يا حبيبي ."
قربت مني، مسحت على وشي وقالت بعد صمت مر في تأملها لشكلي بحب:
"وحشتني قوي يا حبيبي. عاوزه لما أرجع نقعد ونتكلم سوا، وننهي الزعل اللي بينا ده."
صرفت نظري عنها ومردتش، فقالت:
"أنا معرفش إيه سبب زعلنا ده، بس مش هسيبك غير لما أعرف ونرجع زي الأول وأحسن، أم وابنها اللي بتحبه واللي ملهاش غيره، أوكي يا روحي؟"
في اللحظة دي حسيت إني لسة متعافيتش منها، وبتقدر تلجمني لو كانت عايزة. أومأت بالايجاب موافقًا على كلامها وأنا كاره من جوايا المواجهة دي.
مكنتش عايز أكون مخير بين إني أرجع معاها زي الأول وتتحكم فيا زي اللعبة، أو أزيد الخصام بيني وبينها ونكون زي الأعداء.
وبعد ما أخدت الرد مني، ابتسمت وباستني بوسة سريعة، ومشت وهي بتشاورلي باي زي ما أكون عيل صغير قدامها.
حركاتها دي فكرتني بتصرفاتها معايا واستغلالها ليا كل السنين اللي فاتت. حسيت نفسي مخنوق ف اتحركت من مكاني فورًا هروبًا من الشعور ده.
رُحت عند الباب الخلفي علشان أشوف فيروز وأتكلم معاها، أشوف إيه مزعلها وكمان علشان هي الوحيدة اللي هتقدر تخرج من جوايا الإحساس اللي امي زرعته في قلبي مرة تانية.
ولما وصلت خلف الفيلا، شوفت فيروز ورحمة قاعدين على المقعد اللي بتحيطه فروع الشجرة، ولكن مخدوش بالهم مني. ولما قربت منهم، سمعت صوت فيروز بتهديها، ففهمت إن رحمة زعلانة.
كملت طريقي علي هناك، ولما فيروز شافتني، وقتها تحولت ملامحها وكأنها زعلت لما شافتني. لكن ما اهتميتش.
كنت عايز أعرف مال رحمة، ولما وصلتلهم قلت باهتمام وعيني معلقة عليها:
"مالك يا رحمة؟"
قامت فيروز وردت بجدية مفرطة وكانها بتمنع اي كلام بيني وبين رحمة :
: "نفسيتها تعبانة شوية، سيبها."
قربت من رحمة أكتر متجاهلًا نظرات فيروز وعدم رضاها عن تصرفي، وقلت:
"رحمة..."
التفت ليا بعيون دامية من كتر العياط، ومردتش. كانت حزينة ومكسورة. في اللحظة دي حسيت إن الأمر زادت عن حدها وعمي عمل حاجة جديده، وزاد إحساسي بالذنب تجاهها. فقررت أشوف إيه اللي هي عايزاه، وأتكلم مع عمي بخصوصه. قعدت جنبها وقلت:
"رحمة، اسمعيني. إنتِ إيه يريحك؟ عاوزه تطلقي من عمي؟"
اشتعل وشها حماس وتلهف عند سماعها كلامي ده وكأني طوق نجاة ليها. لكن تلهفها ده اختفى سريعًا بشكل غير مفهوم، وتبدل بنظرات بائسة حزينة. التفت لفيروز اللي بتشاهد بصمت، يمكن تكون فهمت. ولما ملقتش إجابة، رجعت بصيت لرحمة وقلت:
"لو ده اللي إنتِ عايزاه، قولي. أنا ممكن أتكلم معاه."
وقتها مشيت فيروز بدون أي كلمة. ولأني كنت مشغول برحمة، ما حاولتش أروح وراها وكررت:
"هو ده اللي إنتِ عايزاه ولا لا؟"
بصتلي بخيبة وقالت:
"ولو سابني وطلقني؟ هروح لمين؟ أنا مليش حد. مليش غير ناس بتحاول تموتني زي ما موتت أبويا وأمي."
قلت باستفهام بعد ما اختلط عليا الأمر وما بقيتش فاهم:
: "مين دول اللي موتوا أبوكي وأمك؟ هما مش ماتوا في حادثة؟"
"آه، حادثة... بس حادثة مدبرة."
لخبطتني، وقبل ما أسألها عن حاجة تانية، قامت وقالت:
"كتر خيرك إنك اهتميت..."
قالتها ومشت وبدأت الأفكار تتزاحم في دماغي. عن اختفاء داليا، وموتها في سن صغير، اللي أنا محاولتش أعرف سببه. وتواصل ماما معاها اللي انقطع فجأة. كنت تايه، مش عارف أفكر.
رجعت الفيلا وأنا لسة في نفس الحالة. دخلت الأوضة، لقيت فيروز قاعدة هناك، وبسرعة قامت دار لي ضهرها وبدأت تمسح دموعها.
انشغلت بيها عن كلام رحمة، وقربت منها وقلت:
"إنتِ بتعيطي؟"
مردتش، وهمت إنها تمشي، فمسكت دراعها وقلت وأنا بوقفها قدامي وبرفع وشها ليا:
"بتعيطي ليه؟"
مردتش، فكررت بحزم:
"بتعيطي ليه؟"
بعدت إيدي عنها وقالت:
" عايز تعرف مالي، طيب مالك براحمة يا صدام؟ عايز منها إيه؟"
قولت باستفهام وكأني مش مستوعب نبرة الشك اللي في صوتها
"يعني إيه عايز منها إيه؟"
"أنا بسألك، مالك بيها؟"
"لا مش فاهم بردو."
"إيه اللي مش مفهوم في سؤالي؟"
"أنا فاهم سؤالك، بس مش فاهم المعنى من وراه. بتشكي فيا فيروز، ومع مين؟ مع مرات خالي؟"
" ولما هي مرات خالك بتطلب منها تطلق لية، وناوي علي اية بعد كده
صدام: "آاااه، لا ده كده جريمة خيانة مكتملة الأركان وأنا المتهم فيها. أوكي، أنا بقول اسيبك تهدي وتعرفي بتقولي إيه وبعدين نتكلم."