
رواية نذير شؤم الفصل الثاني2 بقلم ناهد خالد
الله الله , ايه ده لاحول ولاقوة إلا بالله معلش يا أستاذ والله ماشوفت العربيه معرفش ازاى دخلت فيها كده .
قالها السائق الذى ترجل من سيارته بعدما صدم سيارة " يوسف " , وأنهى حديثه ملقيًا بنظره جانبيه ل " نواره " التى تركت من يدها وشاح رأسها فكُشف وجهها , توترت من نظرته , ونظر لها " يوسف " بعدم فهم لنظرة الرجل لكن تجمدات نظراته عليها وهو يرى ملامحها واضحه أسفل ضوء عمود الإناره , لم تكن عينه زائغه يومًا ولم يلفت نظره أى إمرأه مهما كان جمالها ,ولكنه لن ينكر إنجذابه لهذه الفتاه , لا يعلم لِمَ لكنه يشعر أن ملامحها مميزه عن الجميع , فيها مزيج من براءه طفل فى السابعه , وحزن عجوز فى الثمانين , شقاوة فتاه فى العشرون , وضعف إمرأه فى الخمسين , كل شئ وعكسه بشكل غريب لكنه مميز , وعيناها التى رفعتها الآن أقضت على الباقى من ثباته , عينان بلون البندق الرائع فيهما صفاء وحزن اختلطا ببعضهما ليعطيا بريق جميل ومُحبب ...
أزال نظراته عنها حين هتف الرجل :
-لامؤاخذه يا أستاذ الخبطه مجتش شديده الحمد لله , بس يعنى أنا لولا الحال كنت صلحتهالك على حسابى .
التف له ورد بهدوء :
-خلاص حصل خير .
رد الأخير بضيق :
-مهو لولا وقوفك معاها مكنش حصل الى حصل .
ضيق " يوسف " عينيهِ بعدم فهم وهو يسأله :
-وقوفى مع مين ؟
لوى الرجل فمه بضيق وقال :
-مع الى كنت واقف معاها .
التف " يوسف " لجانبه فوجدها قد ذهبت ورأى طيفها بعيدًا تسير بسرعه , عاد بنظره لمن أمامه وسأله باستفسار :
-أنا مش فاهم , هى أيه علاقتها بأنك خبط عربيتى .
-ازاى بقى , ده ليها علاقه ونص , أصل حضرتك مش فاهم إكمنك غريب عن المنطقه يعنى , البت دى وش نحس محدش بيقرب منها غير لما يحصله مصيبه , وأديك شوفت عشان بس وقفت معاها عربيتك اتخبطت .
ضيق " يوسف " حاجبيهِ بضيق وقال :
-إيه الجهل ده !
زجره الرجل بعدم رضا وهو يرد باستنكار :
-جهل ! , الله يسامحك يا حضرت , وعمومًا أنا قولتلك الى فيها وأنت حر بالإذن .
نظر " يوسف " لذهابه بضيق وهو يردد :
-يعنى شارب ومتنيل وبتلبس عملتك فى البت !
فقد أدرك يوسف هذا منذُ رآه , فهو طبيب ألن يعرف إن كان من أمامه تحت تأثير أحد المخدرات أم لا ؟
اتجه لسيارته وقرر الدلوف للداخل أكثر حتى يجد أحد يسأله عن منزل محروس هذا ..
______( ناهد خالد )______
وصلت منزلها وهى بالكاد تسير على قدمها فلم يخفى عنها ما قاله ذلك الرجل للغريب عنها وعن وقوفه معها فقد استمعت لبعض كلماته قبل أن تبتعد تمامًا , رفعت نظرها لتدلف من باب المنزل لكنها شهقت بخضه حين وجدت صاحب البيت يقف أمام الباب , توقفت تلتقط نفسها وهى تهتف بعتاب :
-الله يسامحك ياعم صابر فزعتنى .
رد " صابر " بابتسامه سمجه :
-سلامتك من الفزع ياختى , فى موضوع مهم عاوزك فيه .
تململت فى وقفتها بضيق وقالت :
-خير ؟
-بصى بقى أنا ابنى خطب خلاص وهيتجوز بعد سنه , وأديكِ شايفه الشقق كلها سكنت وأنا مش هجوز الواد فى إيجار وأنا عندى مِلك , فكنت محتاج شقتك عشان يدوب أجهزها وأظبطها عشان الواد يتجوز فيها .
اتسعت عيناها بصدمه وهى تردد :
-أنت بتقول يا عم صابر أنت عاوز تطردنى من الشقه ؟
-اومال أجوز ابنى فين أسيبله شقتى وأبات فى الشارع ؟ ثم إنى من زمان وأنا بلمحلك أنك تسيبِ الشقه بس أنتِ عامله هبله .
ارتفع صوتها بغضب وهى ترد :
-هبلة ايه ! أنا فكرتك بتلمح أنك تزود الإيجار , لكن تسيبنى الشقه ! , بعدين أشمعنا أنا ما فى شقتين غيرى !
-الشقتين دول معاهم عيال , لكن أنتِ بطولك , وبعدين بقى تحمدى ربنا أنى سيبتك قاعده فى الشقه كل ده مع الى عارفينه عنك والناس بتقوله عليكِ .
وهنا أشتعل فتيل الغضب لديها فلِمَ يحدثها وكأنها ذات أخلاق سيئه ! , هتفت بغضب وصوتِ عالِ كأنها تفجر فيهِ كل ما مرت بهِ فى يومها بدأً من فسخ خطبتها ل مقابلتها لذلك الغريب الذى تسببت فى صدم سيارته بحديثها معه :
-جرا ايه ياراجل أنت ؟ أنت مالك ياخويا بتتكلم وكأنى ماشيه على حل شعرى ولا فاتحه شقتى للى داخل واللى خارج ! , كلام ايه الى الناس بتقوله عنى ! دى مخاخكم المريضه هى الى موصللكوا الفكره دى عنى , وأخبطوا دماغكوا فى أتخن حيط أنتوا وأفكاركوا , دى شقتى وبقالى سنين فيها وفى عقد إيجار لما يخلص ابقى تعالى كلمنى .
صُدم من إنفجارها بهِ , لأول مره ترفع صوتها وتقف فى مواجهة أحدهم لطالما كانت تتخذ الصمت منهجًا لها , ولكن مالا يعرفه أن لكل إنسان طاقه , وحين تنفذ طاقته ستتفاجئ بمن أمامك وكأنك تراه لأول مره , ابتسم بتشفى بعدم أفاق من صدمته وقال :
-لا هو أنا مقولتلكيش , مش العقد خلص من يومين , كان آخره الشهر الى فات وأدينا بدأنا شهر جديد , وأنا الى قولت أعمل بأصلى وأديكِ مهله الشهر ده , لكن أنتِ متستهليش , بكره عاوز الشقه وتفضى متفضاش بكره هاخدها يأما هتلاقى نفسك فى الشارع .
أنهى حديثه وتركها ودلف للداخل غير مراعيًا بحالتها , شعرت فى هذه اللحظه بالتشرد وليس هناك كلمه تصف حالتها غير هذه , أين ستذهب ؟ تدرك جيدًا أنها لن تجد أحد يأويها فى هذه المنطقه , فجميعهم يتمنون أن يتخلصوا منها اليوم قبل غدًا ....جلست أمام الباب على درجة السلم الوحيده وهى تنظر أمامها بشرود وهم , ماذا ستفعل غدًا , أستترك المأوى الذى قضت فيهِ حياتها الماضيه , وأين ستذهب ؟ , وماذا ستفعل فى عملها المرتبط بهذه المنطقه !...
____________( ناهد خالد )__________
كان عائدًا بعدما أنهى مقابلة من جاء ليدعيهِ على زفاف أخيه , وطوال الوقت تشغل باله تلك الفتاه التى قابلها صدفه وشُغل عقله بقصتها , وعن ما قاله الرجل عنها , تُرى ما قصتها ليظنون أنها كما قال الرجل " وش نحس " , وهل يربطون كل شئ سئ يحدث بها !
نظر يمينًا وهو يسير بسيارته فى الشارع الرئيسى كى يخرج من المنطقه , فلمحها تجلس أمام أحد البيوت ذات الثلاث طوابق تقريبًا , كانت تنظر أمامها بشرود كأنها لا تعى ما حولها , أوقف سيارته بعدما تخطتها ونظر من مرآة السياره عليها ليجدها لم تحرك عيناها حتى رغم مرور السياره أمامها , ظل محله يفكر لِمَ توقف ؟ ولِمَ يشعر بالفضول لمعرفة قصتها ؟ رُبما جذبته ملامحها المميزه , ورُبما صوتها الرقيق , ورُبما نظرة الحزن التى كانت تحتل عيناها , أو حديث الرجل عنها وإثارة فضوله حول قصتها , وجلوسها الآن كأنها تحمل هموم الكون بأكمله! , لِمَ فتاه رُبما فى بداية العشرينات من عمرها تبدو بكل هذا البؤس والحزن ! زفر بضيق بعدما طال تفكيره بها وطالت وقفته فقرر الذهاب , ما شأنه بها ليفكر فى أمرها أو يقف أمامها هكذا ! فليتركها بما تعانيه لا دخل له , هكذا حدث نفسه قبل أن يترجل من سيارته متجهًا صوبها !!! ..
لم يشعر بنفسه إلا وهو يقف أمامها ! , ماذا حدث له ألم يقرر الذهاب !؟ , لِمَ جاء لها وماذا سيقول ؟
رفعت عيناها الممتلئه بدموع أبت النزول حين شعرت بوقوفه أمامها , ضيقت حاجبيها باستغراب حين رأته أمامها , لِمَ عاد مره أخرى ؟
أنزلت عيناها وجذبت الوشاح على وجهها أكثر ثم هبت واقفه أمامه وقالت :
-خير يا أستاذ أيه الى رجعك تانى ؟
حمحم بحرج وهو يدرك الموقف الذى وضع نفسه بهِ وقال :
-لا أبدًا أنا خلصت مشوارى بعدين وأنا راجع شوفتك قاعده كده ففكرتك محتاجه مساعده .
قطبت حاجبيها باستفسار وقالت :
-مساعده ازاى يعنى ؟
رفع منكبيهِ بجهل وهو يقول :
-بصراحه أنتِ غريبه من وقت ماشوفتك , مشيتِ فجأه من غير ما تدلينى على البيت , ودلوقتِ قاعده فى الشارع لوحدك والكل فى الفرح الى هناك ده هو أنتِ كنتِ راجعه منه ؟
-وأنت مالك ! أمرك غريب يا أستاذ أنت مش شايف أنك بتدخل فى الى ملكش فيه ؟
قالتها بحده وهى ترفع أحد حاجبيها , فهى بالأساس لا تطيق نفسها حتى يأتى هذا ويتطفل عليها !
نظر لها " يوسف " بضيق وقال :
-تصدقى أنا غلطان أنى جيت أتكلم معاكِ أصلاً .
التف ليعود لسيارته , ووقفت هى تنظر له بضيق حتى أت بعقلها شئ ما فرفعت صوتها تنادى بلهفه :
-استنى يا ..أنت يا أستاذ استنى ..
وكان يسمع ندائها لكنه لم يلتفت لها لضيقه منها , ركضت تلحق بهِ قبل ذهابه فلحقت بهِ بعدما استقل سيارته وكاد يديرها ليذهب , استندت على حافة نافذة السياره وهى تهتف له بضيق :
-ايه قلة الذوق دى ! أنا مش بنادى !
نظر لها ببرود ورد :
-وأنا مش عاوز أرد .
جذت على شفتيها بضيق وعيناها تشتعل غضبًا لكنها تسائلت بهدوء :
-هو أنت منين ؟
ابتسم لها باستمتاع لرؤية عيناها تموج بالغضب ورد بابتسامه سمجه :
-وأنتِ مالك؟ أمرك غريب يا أنسه مش شايفه أنك بتتدخلى فى الى ملكيش فيه ؟
تحولت ملامحها للبراءه البحته وهى تقول :
-هو أنت يعنى زعلت ؟ , ده أنا كنت بهزر .
رفع حاجبه باستنكار :
-لا يا شيخه ؟ بتهزرى ؟ ده أنتِ كنتِ هتضربينى .
شهقت بخضه مصطنعه وهى تقول :
-اضربك! طب بذمتك أنا كنت طايلاك حتى عشان أضربك ! , بعدين أنا كنت متضايقه شويه وجت فيك .
تنهد بهدوء ثم قال :
-عاوزه ايه ؟
-أنت منين ؟
-من الحدادين .
هتفت بلهفه :
-طب تعرف مكان عندكوا عاوز ساكن ؟
ضيق حاجبه متسائلاً :
-عاوزه شقه يعنى ؟
-ايوه , بس إيجار .
نظر حوله بتفحص ثم نظر لها متسائلاً :
-أومال أنتِ عايشه فين ؟
أشارت على المنزل الذى كانت تجلس أمامه وقالت :
-هناك , بس هسيب الشقه بكره .
سألها باستغراب :
-ليه ؟
أخفضت نظرها وهى تردد بخفوت :
-ظروف , والمنطقه هنا مفيهاش شقه فاضيه كلهم ساكنين , فقولت أسألك جايز فى المنطقه عندكوا فيه ..
تذكر منزل والده الآخر الذى فتح فى أحد شققه عيادته الخاصه والتى يوجد فوقه شقتان فارغتان لم يتم الانتهاء منهما فقال :
-بصى أنا أعرف شقتين فاضيين بس على المحاره ( الأسمنت ) فاضلهم الدهان وشوية تشطيبات خفيفه كده لو حابه ....
قاطعته بلهفه وهى تقول :
-مش مهم يكونوا متشطبين أنا موافقه .
ابتسم وهو يقول :
-تمام , ممكن تقعدى فى واحده منهم على التانيه متتشطب وتنقلى فيها , تعالى بكره وأسألى على بيت دكتور يوسف المهدى أى حد هيدلك , وأنا هبعت معاكِ حد يوريكِ الشقه .
تسائلت بحرج :
-طب يعنى هو إيجار الشقق عندكوا غالى ؟
ابتسم لها بلطف ورد :
-متقلقيش هتوسطلك عند صاحب الشقه وهتدفعى الإيجار الى تحبيه .
ابتسمت بحرج من سؤالها عن المال ومن حديثه ولكن ماذا تفعل فهى تعرف إمكانيتها المتدهوره أتذهب دون علم بمبلغ الإيجار وتُفاجئ بالسعر هناك , وحينها ستضطر أن ترفض وتبقى هى وأشيائها بالشارع.....
تنهدت بحزن على حالها ثم نظرت له مبتسمه ابتسامه صغيره وقالت :
-تمام شكرًا إن شاء الله هكون عند حضرتك بكره .
لاحظ التغير فى ملامحها ونظرة عيناها الحزينه لكنه فضل الصمت وذهب على وعد منها باللقاء غدًا ....
__________( ناهد خالد )______
صباح اليوم التالى ....
انتهت من حزم أمتعتها وجلبت سياره تنقل فرشها , ثم وقفت أمام المحل الذى كانت تعمل بهِ فهتف العجوز الجالس بالداخل ..
-تعالى يابت يا نواره واقفه عندك ليه ؟ وايه الى أخرك النهارده ؟
ابتسمت بحزن واتجهت للداخل حتى وقفت أمام هذا العجوز فمالت على رأسه تقبلها بدموع محبوسه ثم اعتدلت فى وقفتها وقالت :
-معلش بقى ياحاج محسن مش هتأخر تانى .
ابتسم العجوز وهو يقول :
-عارف , عشان أنتِ عمرك ما تأخرتى دى أول مره تعمليها .
ابتسمت بحزن وهى تقول :
-وآخر مره , مش عشان مش هتأخر , عشان مش هتشوفنى تانى .
نظر لها محسن باستغراب وهو يسألها :
-ليه يابت اوعى تكونِ اتجوزتى من ورايا .
-اتجوز ايه بس يا حاج محسن , أنا هسيب المنطقه .
-ايه الكلام ده ! فجأه كده ؟
-صابر عاوز شقتى يجوز فيها ابنه , وطردنى منها امبارح , وأنت عارف محدش فى المنطقه هنا هيسكنى , وبصراحه أنا خلاص مبقاش عندى طاقه اتحملهم ولا أتحمل كلامهم , والوحيده الى كانت بتهون عليا شويه اتجوزت ومشيت وحتى محضرتش فرحها , مبقاش فى حيل أسمع كلامهم وأعديه , والعمر بيعدى بيا وطول ما أنا هنا هفضل موصومه بوشم نواره بنت حسن نذير شوم محدش يقرب منها لتصيبه لعنتها , هروح حته تانيه يمكن الاقى فيها حظى .
ابتسم لها محسن وهو يقول :
-فكرك العيب فى المكان ! , العيب فى عقول الناس يابنتى مش فى المكان , يعنى المكان الى أنتِ رايحاه مش هيبقى فيه عيوب , مش هتلاقى ناس جهله فى تفكيرهم برضو ! , بس أنا عارف قصدك , أنتِ عاوزه تبعدى عن هنا يمكن تلاقى الراحه وحتى لو ملقتيهاش عالأقل هتكونِ خلصتِ من كلامهم ونظراتهم ليكِ الى مبترحمش وكأنك عامله جنايه , يعز عليا فراقك يابنتى , وأنا اتعودت عليكِ خلاص بعد ماخدتِ مكان أمك الله يرحمها , بس الأحسن ليكِ اعمليه .
ربطت على كتفهِ وهى تقول بعزم :
-هرجع ياحاج محسن , هرجع عشان أثبتلهم أنى مش نذير شوم , هرجع عشان أثبتلهم إن مش كل الى بيقرب منى بيتأذى , أكيد فى يوم هرجع .
كانت تقنع نفسها بكلماتها هذه علّها تتخلص من شعورها بصدق أحاديثهم وإقناع ذاتها أنها ليست نذير شؤم كما يدعون , تدرك جيدًا أن كل هذا ليس سوى قدر كتبه الله , ولكن رُبما كثرة الأحداث التى لا تجد لها تفسير هو ما زعزع يقينها قليلاً ....
_______( ناهد خالد )_______
وصلت أمام منطقة " الحدادين " فوقفت تتلفت حولها بعدما ترجلت من أحد وسائل الموصلات الذي يُدعى " توكتوك " وتتبعه السياره التى تحمل أغراضها , تلفتت حولها حتى وجدت سيده تمر من جوارها فأردفت سريعًا :
-لو سمحتِ يا خاله .
نظرت لها السيده وهى تجيب :
-ايوه .
-هو فين بيت دكتور يوسف المهدى ؟
نظرت لها السيده بتفحص لملابسها السوداء المتهالكه قليلاً وحالتها المشابهه لمعظم أهالى المنطقه قبل أن تقول بشك :
-قصدك دكتور يوسف ابن كبير المنطقه وده تعرفيه منين ياختى ؟
رددت بصدمه وحاجبان مرفوعان دهشةً :
-ابن كبير المنطقه ! أنتِ بتقولى ايه ؟
ابن كبير المنطقه ! وهل تركت الجميع وطلبت المساعده منهِ هو ؟ وهو من حدثته بتلك الطريقه الحاده ؟ , لكن لِمَ وافق على مساعدتها ؟ فبالعاده أبناء كِبار المنطقه يتكبرون على الجميع ولا يقفون للحديث معهم حتى , ولكن هو لم يبدو عليهِ مثل ما يبدو عليهم رغم مظاهر الترف التى ظهرت واضحه فى ثيابه وسيارته كيف لم تنتبه للأمر !
-ياست .
التفت على صوت صبى رُبما فى الرابعة عشر فنظرت له بصمت قاطعه هو وهو يقول
-مش أنتِ الى جايه لدكتور يوسف
أومأت إيجابًا فقال
-طب تعالى معايا هو قالى أفضل هنا على أول المنطقه عشان لم تيجى أوديكِ له
سارت خلفه مرغمه فقد أتت لهنا وأنتهى الأمر , وستقبل بمساعدته لأنها ليس لديها حل آخر , وحينما تحصل على الشقه ستبتعد عنه تمامًا فلا ينقصها حديث الناس عنها بتوددها لأبن كبير منطقتهم ...
وقفت أسفل البنايه وصعد الصبى ليخبر " يوسف " بوجودها , ثوانِ وترجل لها مرتديًا بنطال من الجينز الأزرق وتيشرت أبيض اللون وحذاء رياضى أبيض , فبدى مختلفًا تمامًا عن المره السابقه , نظرت له باستغراب فقد ظنته من أولئك الذين يرتدون الثياب الكلاسيكيه دومًا لكنه خالف توقعها .
اقترب منها مبتسمًا وقال :
-صباح الخير.
ردت بوجه متهجم
-صباح النور , فين الى هتبعته معايا أشوف الشقه
قطب حاجبيهِ باستغراب وقال
-أنتِ مالك مستعجله كده ؟ وشكلك مضايق , فى حد ضايقك هنا
ردت باقتضاب
-لأ , بس أنا محتاجه ارتاح .
ذم شفتيهِ باستسلام وقال :
-تمام يلا .
نظرت له بعدم فهم :
-يلا ايه ؟
ابتسم بهدوء وقال :
-هوريكِ الشقه .
قالها ببساطه ولم يتوقع ردة الفعل الأخيره ...
يتبع