رواية أنين القلوب الفصل التاسع9بقلم داليا السيد


 رواية أنين القلوب الفصل التاسع9بقلم داليا السيد

خوف 
"ما الذى تفعله يا جاسر؟ أنا حذرتك من قبل و-نت لم تسمع لي" 
كانت ندى تتحدث بغضب واضح فوقف أمامها وقال ببرود مخيف "وأنا أخبرتك أنني لست ذلك الرجل الذي تهدده امرأة فكفي عن جنونك هذا قبل أن أجعلك تندمي" 
قالت بغضب "إذن فسر لي ما رأيته ولماذا لم تخبرني بسفرك؟" 
ابتعد وقال "لم يحدث شيء بالأساس لتفسيره؛ أنا لم أعتاد أن أحصل على الأذن من أحد قبل أن أفعل أي شيء" 
أعادته أمامها ورفعت يداها لصدره وهى تداعب أزرار قميصه المفتوح وقد لانت نبرتها فجأة وهي تقول "أنا لست أحد جاسر، أنا خطيبتك وسأكون زوجتك وهذا أبسط حقوقي" 
لم يبعد يدها وقال "نحن في رحلة عائلية وأعتقد أنكِ كنت موجودة يوم أن أهدى بابا الرحلة إلى لي لي أم نسيتِ؟" 
قالت بدلال "رحلة عائلية؟ وأنا؟ ألست من العائلة؟ تلك الفتاه الممرضة تأتي معكم وتكون من العائلة وأنا لا؟ جاسر إلى هنا ولابد أن نضع حد لعلاقتنا أنا أريد أن أعرف ماذا تمثل تلك الفتاه لك؟" 
أمسك يداها وأبعدهم ثم ابتعد هو الآخر من أمامها، هو نفسه لم يعد يعلم، اليوم شعر معها بأشياء لم يفهمها ولم يعرفها من قبل، حتى ندى هو لم يشعر تجاها كما شعر مع جي، الأمر اختلف كثيرا وليس لديه تفسير ولا يريد أن يفسر أو يفهم..
استدار إليها وقال "ممرضة، هي مجرد ممرضة ولكن لأن والدها ضحى بنفسه من أجل بابا فهو يعاملها معاملة خاصة وأنا لا أملك مراجعة بابا وأنت تعلمين ذلك" 
لم يملك سوى تلك الكلمات الحقيقية لكن له هو لم يعرف الحقيقة، بدأت تهدأ واقتربت منه وقالت "وما حدث الآن؟" 
ظل بعيدا لا يواجها وقال "كما رأيتِ لقد أصبت في شجار وهي كانت تداوي جرحي إي تقوم بعملها كما أخبرتك" 
عتدت له ورفعت ذراعيها وأحاطته بهما وقالت "ألم تفتقدني" 
وطبعت قبلة على شفاهه وتجاوب معها ولكنه لا، لم يفتقدها بل لم يشعر بوجودها معه بالأساس، عقله كان في تلك العيون البريئة والأنفاس الرقيقة للمرأة التي كانت بين يديه تحت ضوء القمر...
"صباح الخير كاظم بيه" 
نظر كاظم إلى جي وقال "ما هذا؟ أنتِ لم تنامي جيدا أم ماذا؟" 
كانت تعلم أن عيونها ستفضحها ولكن ما باليد حيلة فقالت "نعم، لا أعلم لماذا على العموم ربما الحر وأنا لم أحب التكييف، هل نذهب للإفطار؟" 
لم يجادل الرجل ونزلوا للمطعم فلم يجدوا سوى لي لي تتحدث بالهاتف وانتهت عندما رأتهم، أسرعت وقبلت والدها وقالت "صباح الخير دادي صباح الخير جي" 
جلس الجميع فقال كاظم "أين جاسر؟ هاتفيه يا لي لي" 
ولكنه لم يكد ينتهي حتى رآه هو وندى يتجهون إليهم، تبدلت ملامح الرجل وقال بضيق وهو يرى نظرات الحزن في عيون جي "متى أتت؟" 
لم يرد أحد عندما تألقت ندى بملابس مثيرة بهوت شورت قصير جدا يظهر كل ساقيها وقميص مربوط من الأمام يظهر جزء من بطنها وبالكاد يغطي صدرها ونظارة الشمس البيضاء تجذب شعرها للخلف على رأسها وعندما توقفت أمامهم قالت بابتسامة متصنعة 
"صباح الخير عمو، لي لي كيف حالك؟" 
ابتسمت لي لي لها دون أن ترد ورد كاظم "أهلا ندى" 
نظر جاسر لها نظرات لم يفهمها أحد وكذلك هي لكن سرعان ما أبعدت عيونها وقد أدركت أن السعادة ذهبت وأن ما حدث كان شيء عابر وأن كلاهما كان في غير وعيه كما قال والآن الواقع ..
حكت لي لي عما حدث لهم بالأمس فقال كاظم "وكيف حال كتفك الآن جاسر؟" 
عاد ونظر إليها وقال "بخير، جي ضمدت الجرح" 
قالت دون أن تنظر إليه "إذا سمحت لي، لابد أن أراه بعد الإفطار" 
ولكن ندى بالطبع قالت "ليس هناك وقت، سنبحر على اليخت بعد ربع ساعة، عندما نعود يفعل" 
قالت لي لي بفضول "يخت! أي يخت؟ ألم نتفق على الذهاب لدهب اليوم؟" 
وضعت ندى يدها بذراعها والتصقت به مما كاد يقتل جي وهي تخفي عيونها وتتمنى لو تدفن نفسها بعيدا عنها وسمعت ندى تقول "لا أنا وجاسر سنذهب وحدنا" 
ثم نهضت فنظر جاسر إلى ندى ثم عاد لوالده وقال "بابا هل تريد مني شيء؟" 
هز الرجل رأسه نفيا بضيق ولم يرد وتمنى لو ألقى ندى بجهنم بعيدا عنهم بينما خطف جاسر نظرة عليها دون أن يشعر ولكنها لم ترفع عيونها وقد تمنى أن تفعل..
ابتعد الاثنان فرفعت عيونها تتابعهم بألم الغيرة والحب الضائع، وأخيرا اقترحت لي لي أن يذهبوا مع دليل القرية إلى دهب، حاولت أن تعترض ولكن كاظم أصر فذهبت في صمت
كانت دهب تقع على خليج العقبة ولقد سميت بهذا الاسم تيمنا بلون رمالها الذهبي. وتنقسم دهب إلى قسمين؛ الأول جنوبا ويسمى قرية العسلة وتشتهر بالحياة البدوية، أما القسم الثاني فيقع شمالا وهو روح ونبض المدينة بسبب وجود الأسواق التجارية والأماكن الترفيهية كما تشتهر المدينة بشواطئها البكر الصافية ومواقع الغطس الطبيعية الغنية بالشعاب المرجانية، ورغم جمال المكان وروعته إلا أنها لم تستمتع بأي شيء وإنما جلست تحت إحدى المظلات أمام البحر وتركت لي لي تلهو كما تشاء 
شردت هي بالبحر فيما كان بينهما وراح عقلها يتساءل ماذا يفعل هو الآن مع ندى؟ ترى هل يأخذها بين أحضانه مثلما فعل معها؟ لماذا فعل معها ذلك وكيف سمحت له أن يفعل؟ أين كان عقلها؟ بالتأكيد غابت عن الوعى كما قال، لابد أن تعود لنفسها لن تسمح له مرة أخرى أن يتلاعب بها نعم لابد أن توقف كل ذلك ولكن كيف هذا هو السؤال؟ 
عادت هي ولي لي وكان كاظم يجلس على حمام السباحة فاتجهتا إليه، قبلته لي لي ثم انصرفت لغرفتها بينما جلست هي معه وهي شاردة 
"جي أنا أتحدث إليكِ" 
عادت من شرودها على كلمات كاظم وقالت "نعم آسفة، ماذا قلت؟ أنا لم أسمع" 
ظل ينظر لها بتساؤل حتى قال "لماذا لا أراكِ سعيدة؟" 
قالت بارتباك "لا، لا أبدا أنا بخير" 
هز رأسه بالنفي وقال "لا منذ الصباح وأنتِ على غير طبيعتك، ما الذي حدث أمس؟ عيونك تنطق بالكثير هيا أخبريني ماذا فعلت تلك الحمقاء معك؟" 
نظرت إليه ووجدت نفسها تحكي له ما حدث من ندى دون ذكر ما يخصها معه إلى أن انتهت، طال صمته ولكن فجأة قال "هل تحبينه؟" 
لفت وجهها له بدهشة وشعرت بالخوف يملأها ولكنه ربت على يدها وقال "عيونك تنطق بما في قلبك" 
قالت بارتباك "ماذا؟ لا أفهم" 
ربت على يدها وقال "بلى تفهمين، هل تجيبي ولا تخافي مني يا ابنتي" 
كلمة ابنتي تريح قلبها، أخفضت عيونها وقالت "ليس خوف عمي، ولكني أعلم أنه خطأ، ولا يجب أن يكون" 
هز رأسه وقد تأكدت ظنونه فقال "ربما في وجود ندى نعم ولكن" 
وصمت فنظرت إليه بدون فهم فقال "أشفق على قلبك يا ابنتي لأني أفهم موقفك وهو أمر مؤلم" 
نعم مؤلم ومؤلم جدا ولا سبيل للخلاص منه، أغمضت عيونها وقالت "جدا إلى أقصى حد ولكن ليت الأمر بيدي" 
كان يعلم أنها على حق لذا لم يرد 
عادوا لغرفهم للراحة ودخلت لي لي إليها وقالت وهي تجلس بجانبها على الفراش "تبدين مختلفة ماذا بك؟ منذ ما حدث أمس وأنتِ مختلفة" 
ترددت وقالت "لا أبدا، المهم أنتِ من رقية التي تحدثت معك بالهاتف؟" 
أخفضت عيونها وقالت "لم تكن رقية لقد كان حسام، بصراحة أنا أعطيته رقمي فاتصل بي" 
كانت تتوقع ذلك فقالت بتحذير "لي لي هذا غير لائق ولن يعجب والدك ولا أخوك، إذا أرادك فليأتي ويطلبك من أهلك"
 قالت لي لي بثقة غريبة "سيفعل جي، عندما نعود سيفعل لقد أخبرني بذلك ولم يطالبني بشيء" 
ابتسمت وقالت "وأنتِ إياكِ أن تفعلي شيء آخر قبل أن يأتي ويطلبك هل تفهمين؟" 
هزت رأسها بالموافقة وقالت "حاضر، هيا دعينا ننزل لنرى الحفل تلك الليلة" 
لم ترغب ولكنها لم تشأ أن تتركها بمفردها،  انتقت فستان مما اشتروهم من هنا، بدت مختلفة هكذا قالت لي لي ولكن ما زال ذهنها مشغولا به؛ ترى أين ذهب وكيف يقضي وقته معها ومتى سيعود؟ 
لم تشعر بأي سعادة حتى وهم يتابعون الفرقة التي كانت تعزف ورقصت لي لي وأخيرا تأخر الوقت فقامت الفتاتان وأثناء ذهابهما التقيا بندى على طرف البسين فقالت لي لي "اهلا ندى متى عدتم وأين جاسر؟" 
نظرت ندى لجي وقالت "يتحدث بالهاتف، كان يوما رائعا استمتعنا كثيرا معا خاصة ونحن وحدنا والبحر والهواء" 
شعرت بأن الهواء لا يكفيها وأن عيونها ربما تكشف ما بداخلها فتحركت ولكن ندى أوقفتها وقالت "طبعا كنتِ تتمنين أن تكوني معنا أقصد معه" 
رفعت عيونها لها وكتمت غضبها من تلميحاتها وقالت "أنا؟ ولماذا؟" 
قالت ندى بوقاحة وهي تنظر بعيونها "اسمعي، لابد أن تفهمي أن امثالك موجودين في الدنيا لخدمة أمثالنا فقط ولكي يمتعونا ونحن نمنحهم حسنة كي يعيشوا بها لذا عليك أن تعرفي حجمك ومكانك ولا تظني أن جاسر بيه المنياوي سينظر لممرضة مثلك وإذا كنتِ قد فكرتِ به مرة فأنصحك أن تراجعي نفسك وتخريجه من حياتك لأنه لن يكون إلا لي أنا فقط هل تفهمين؟" 
احتبست الكلمات في حلقها وحاولت أن تتماسك وهي تحاول أن ترد "أنتِ كيف تقولين ذلك؟ أنتِ بالتأكيد مجنونة" 
تراجعت ندى وقالت بغضب "أنا مجنونة كيف تجرؤين؟ أنتِ المجنونة أيتها القمامة الحقيرة، هيا اذهبي من أمامي قبل أن أطردك خارج القرية هيا" 
ودفعتها بقوة بصدرها بكلتا يداها ولم تلاحظ أنها كانت تقف على حافة حمام السباحة وما أن دفعتها حتى اختل توازنها وسقطت فى الماء وهي تحاول أن تصرخ كي يساعدها أحد ولوحت بذراعيها عسى أن تمسك بأي شيء ولكنها شعرت بالماء يصطدم بجسدها فحاولت أن تفعل أي شيء بلا فائدة، تملكها الخوف وبدأت تختنق من المياه وعدم وصولتا للسطح وامتلاء فمها بالماء واختنقت وهي تسقط في قاع البسين وبدأ الدوار يلفها ولم تعد تستطيع أن تأخذ أنفاسها بالطبع والماء يتسرب إلى رئتيها فأغمضت عيونها واستسلمت للموت ربما ترتاح 

                 الفصل العاشر من هنا 
تعليقات



<>