رواية أنين القلوب الفصل العاشر10 بقلم داليا السيد


 رواية أنين القلوب بقلم داليا السيد
رواية أنين القلوب الفصل العاشر10 بقلم داليا السيد
حب ضائع
أنهى اتصاله بعد ذلك اليوم الطويل ودخل ليلحق بندى وما أن اقترب حتى رآها وهي تدفع جي في الماء فأسرع يجري وهو يتذكر كلامها معه من أنها تخاف من الماء ولا تعرف السباحة وسمع لي لي وهي تصرخ 
"جي" 
لم يهتم بصراخها وألقى بنفسه خلفها في الماء ورآها وهي تسقط إلى الأعماق وعيونها مغلقة وذراعيها بجوارها وجسدها يتهاوى بلا أي مقاومة فدفع جسده تجاهها حتى وصل لها وأمسك يدها وجذبها بقوة إليه ليحيطها بذراعه ثم اندفع للأعلى ورفعها معه إلى سطح الماء 
التف الكثيرين خارج حمام السباحة وساعدوه وهو يحملها خارجا من البسين حتى وضعها على الأرض وأسرعت لي لي إليه وبعض الموجودين وتراجعت ندى بعيدا .. 
بدء هو في إسعافها بالضغط على صدرها ثم قبلة الحياة وتوقف ليلتقط أنفاسه ثم عاد مرة أخرى إلى أن استعادت أنفاسها وأطلقت الماء من فمها وفتحت عيونها وهي تسعل من ألم صدرها فشعر بالراحة والاطمئنان وهو يتلقط أنفاسه والمياه تتقطر منه
انفض الحاضرين من حولهم وهو لم يبتعد من جوارها وهي تنظر إليه لتدرك أنه من أنقذها، أزاح شعرها المبلل من على وجهها وقال وعيونه تنبض بالقلق والخوف " هل أنتِ بخير؟" 
هزت رأسها بالإيجاب وهي تلتقط أنفاسها رغم النار التي تحرق صدرها من المياه، نهض وحملها مرة أخرى وتبعته لي لي وندى تتابعهم من بعيد في غيظ وغضب 
وضعها في الفراش وقال "حاولي أن تتناولين أشياء دافئة وارتاحي جيدا، لي لي لا تتركيها هل تريدين شيء؟" 
شعرت بالصداع يدق رأسها بشدة فنظرت إليه وهو مبلل بالماء وقالت "لا، شكرا لك" 
تأمل عيونها التي كانت جميلة حقا وهي نفسها بدت فاتنة بشعرها الطويل المبلل المنساب على كتفيها وعلى وجهها الشاحب، شعر وكأن هناك شيء يجذبه للبقاء بجانبها للأبد ولكنه في النهاية عاد لنفسه، إنها الممرضة ليس أكثر فتراجع و تركهم وذهب لغرفته 
أخذ حمام وغير ملابسه والغضب يملأه من نفسه أو ربما من أفكاره أو ندى لا يعلم ما هو فيه؟ طوال اليوم كان مع ندى بلا أي متعة بل وذهنه كان معها، مع عيونها، شفتيها وأنفاسها التي أحرقته بالأمس ولم ينساها، حتى حديثها عن الحياة والدنيا، طريقتها البسيطة في الكلام والتصرفات تجذبه لم يعد يعلم في أي طريق يسير؟ 
أخذ حمام وبدل ملابسه فرن هاتفه كان ميمو فأجابه "أهلا ميمو، ما الأخبار؟" 
أجاب الرجل "تم تسليم البضاعة يا باشا واعترفوا على أنفسهم مع الاعتذار لحضرتك" 
جلس يتناول القهوة وقال "تمام، الشيك وصل؟" 
رد ميمو "وصل يا باشا، دائما أنت الأفضل في خدمتك أي وقت، إلى اللقاء" 
أغلق الهاتف وأكمل قهوته ثم اتجه لوالده ولكن وجده نائم، كاد يعود لغرفة ندى ليعرف ما حدث لولا أن رأى لي لي تخرج من غرفة جي فناداها ليسألها "لي لي إلى أين؟" 
اقتربت منه وقالت "غرفتي أريد ملابسي، اتصلت بك فلم ترد" 
ضاقت عيونه وقال "نعم لقد نسيت الهاتف بغرفتي، ماذا تريدين؟" 
أجابت "لا شيء فقط لم أكن أريد تركها وحدها سأحضر ملابسي فهل تبقى معها حتى أعود؟"  
وافق بإيماءة من رأسه فتركته وذهبت، نظر لغرفتها ثم تحرك لها ودق الباب حتى سمعها تأذن فدخل، كانت قد أخذت حمام هي الأخرى واستبدلت ملابسها وتستلقي على الفراش وقد ألقت برأسها إلى الخلف وتغمض عيونها
سعل قليلا فاعتدلت بفزع وشدت طرحتها على شعرها الذى انسابت خصلاته بعناد خارج الطرحة فقال "كيف حالك الآن؟" 
تصاعد صدرها من أنفاسها التي تسابقت مع ضربات قلبها كلا منهما يعلن عن الخوف أو الفرح أو ..الحب الضائع
هزت رأسها وقالت "بخير، شكرا لك لم أعد أعلم كم مرة أنا مدينة لك فيها بحياتي؟" 
جلس أمامها على المقعد الوثير وقال "ليست ديون بقدر ما هي تدابير إلهية، ما الذي حدث ولماذا فعلت ندى ذلك؟" 
أخذت نفس عميق وقالت "ألم تسالها؟ ربما تفضل أن تسمعها هي" 
حدق بعيونها مباشرة وقال "أنا اسألك أنتِ" 
أخفضت عيونها وسالت دمعه حاولت أن تمنعها بلا فائدة بينما تألم وهو يرى دموعها فقال بضيق "والآن لا أفهم سبب الدموع؟" 
لم تجرؤ على إخباره بكلمات ندى فقال "جي أنا أتحدث إليكِ، ما الذي حدث؟" 
لم ترد ولكن لي لي فعلت وهي تدخل "إنها ندى المجنونة" 
وبدأت تحكي له ما دار بينهما فقام وتحرك وقال "أنا لا أجد كلمات أرد به على كلامها ولكن أنا لا أريدك أن تهتمي بها، أنتِ أصبحتِ فرد من العائلة وهي لن تفهم ذلك فلا تلقي لها بالا هل تفهمين؟" 
نظرت إليه بعيون كلها ألم ودموع وهو لأول مرة يشعر بألم لتلك النظرة وهذه الدموع، تلك العيون البريئة التي أخذته وأحاطت به من كل جانب لم يعد يرغب بأن يرى الألم والحزن بهم
لم يكمل وخرج إلى غرفة ندى بغضب، دق الباب ولكن ما من مجيب. عاد لغرفته وأمسك هاتفه واتصل بها فوجد هاتفها مغلق زاد غضبه أكثر وهو يحاول أن يفكر هل كلام ندى صحيح؟ هل يمكن أن تكون تلك الفتاة تفكر به؟ هل يمكن أن تكون ..ماذا؟ ولماذا يهتم؟ ما الذي يهمه في أمرها؟ ما الذي يدفعه لتصرفاته معها وكيف يفقد نفسه أمامها؟ لم يجد أي إجابة لأسئلته 
كانت قد قررت ألا تبقى مع تلك العائلة لقد تكسر قلبها كالبلور ولم تستطع أن تجمع حباته والآن انتهت حياتها معهم لم تعد تتحمل، ندى على حق هي مجرد ممرضة أتت الدنيا لخدمة جاسر وعائلته لا كي تحب وتُحب، لم تذق طعم النوم وما أن ظهر أول شعاع للنهار حتى كانت قد جهزت حقيبتها دون أن تشعر لي لي التي كانت تنام معها كي لا تتركها وحدها
تحركت إلى الخارج وقد كان الوقت مبكرا جدا ولا يوجد أحد تقريبا بالمكان، سارت بهدوء ولكنه رآها فجأة حيث كان يجلس بالشرفة، لم ينم هو الآخر والأفكار أطارت النعاس من عيونه 
أسرع ينزل إليها، لن تذهب لأي مكان، لن يتركها تفعل فلم يفكر وهو يندفع خلفها ولم تشعر هي إلا ويده تمسك بيدها ليوقفها ويقول "إلى أين؟" 
فزعت منه ولكن عاد قلبها للحياة فجأة عندما سمعت صوته وشعرت بلمسة يده تتخلل حرارتها إلى جسدها أخفضت عيونه ولم تجرؤ على النظر إليه أو الرد على سؤاله فعاد واقترب وردد سؤاله "جي أجيبي، إلى أين؟" 
عادت الدموع لعيونها فشعر بها ورفع وجهها إليه لتلتقي بعيونه وقالت بضعف قلبها وخوف عقلها "لم يعد لي مكان بينكم" 
قال بجنون من فكرة رحيلها "ليس أنتِ من يحدد، هيا تعالي وعودي لغرفتك، أنتِ ما زالت متعبة هيا" 
لم تتحرك بل هزت رأسها بالنفي وقالت "لا، أرجوك دعني أذهب، لن أبقى لم يعد يصح، وجودي خطأ فأنا لست مثلكم ولا يمكنني أن أصل إليكم ولا أعيش بينكم" 
لم يترك يدها ولا عيونها وقال "لا أنتِ أصبحتِ منا، بابا لا يستغنى عنكِ ولي لي مرتبطة بكِ منذ الأذل، هيا جي أنتِ لستِ بحاجة لهذا الحديث فأنتِ تعرفينه جيدا وأنا لن أتحدث أكثر من ذلك فقط لا تفكري في الذهاب مرة أخرى أنتِ لم تعودي ملك نفسك أنا، أقصد، أنتِ، أنا" 
وتاهت منه الكلمات فجأة فأغمض عيونه وهو يحاول أن يسمع نفسه، ما الذي يقوله ويفعله؟ فتح عيونه فرآها تنظر إليه بنفس الدموع فزاد الألم الذي لا يعلم سببه، مد يده بدون وعي منه ومسح دموعها وهو يقول 
"جي من فضلك لا داع لتلك الدموع، أعدك أن لا يتكرر ما حدث هيا دعينا نذهب" 
عادت لآخر محاولة قائلة "أرجوك دعني أذهب فهذا أفضل لنا جميعا، لن ألومك لو تركتني لأن هذا هو الصواب، أنا لن أتحمل البقاء أرجوك" 
ولكنه زاد من قبضته على يدها وتمنى لو هتف بها وأنا لن أتحمل رحيلك، ولكنه -مسك الكلمات وقال "لا لن تفعلي ولن أتركك، جي لا تصعبي الأمور علي، لابد أن تبقي، لابد أن تكوني هنا مع، معنا اخبرتك أنكِ فرد من الأسرة لذا لن أتركك" 
زاد ألم قلبها وفقدت كل وسائل الدفاع وقد ضعفت أمامه، ضعفت أمام إلحاح قلبها بألا تتركه، لن تتحمل بعده ولن تتحمل قربه كلاهما مر ولكن قربه أهون من فراقه  نظرت إليه، بدا أمامها شخص آخر غير الذي تعرفه وكأن عيونه تترجاها وكأنها تسمع همس عيونهم لبعض "لا تذهبي" 
هتفت بصمت "لابد أن أذهب" 
عيونه أجابت "لا لن أتحمل فراقك"
قالت بلا كلمات "ولكن أنا لن أتحمل قربك"
هكذا سمعت بقلبها ما لم تقوله الشفاه وقالته العيون كما فعل هو، اقترب وقال بحنان "لأول مرة أطلب منكِ طلب فهل ترفضيه؟" 
هزت رأسها بدون وعي وقالت "لا يمكنني أن أرفض لك أي شيء" 
تحركت يده إلى حقيبتها فتركتها إليه وشعرت بيده الأخرى تأخذها من ذراعها ويقودها بصمت فلم تملك أي قوة للاعتراض وكيف تعترض وهو الذي يقودها؟ من أين لها القوة كي تبتعد عنه؟ لم يعد الأمر بيدها 
وقفت أمام باب غرفتها ووقف أمامها وقال وهو يحاول أن يتحكم في نفسه "هيا ادخلي لتنامي ما زلت بحاجة للراحة قليلا، ثم بعدها يمكننا أن نمضي اليوم سويا" 
لانت ملامحها للسعادة وقالت دون تفكير "حقا؟" 
أدركت اندفاعها فأخفضت عيونها واحمر وجهها وهمست "أقصد" 
ولم تكمل ولكنه كان سعيد بعودة سعادتا وابتسم لبراءتها وقال "أفهم ما تريدين، هيا اذهبي الآن" 
نظرت إليه مرة أخرى وكأنها تحفظ معالم وجهه وتخشى أن يذهب ولا تراه مرة أخرى أو تريد أن يظل هذا الرجل بهذا الحنان الجديد معها إلى الأبد ولكن لابد لأن تصل لنهاية القصة القصيرة التي عاشتها وتغلق الكتاب على أسرارها ويا خوفها من النهاية
هزت رأسها وقالت "حاضر" 
                   الفصل الحادي عشر من هنا 
تعليقات



<>