
رواية أنين القلوب الفصل الرابع عشر14بقلم داليا السيد
سفر.. مرض
انهارت على فراشها في بكاء تعالى صوته دون أن تستطيع منعه إلى أن بدأت تتدارك نفسها فاعتدلت وهي تستوعب الدمار الذي أصابها والنهاية التي لا يمكنها تحملها أكثر من ذلك لذا قررت؛ سترحل، نعم لن تبقى، لن تجبر قلبها على تحمل ذلك العذاب لم يعد أي شيء يهمها ليس بعد وجع القلوب أي وجع
لم يعد للقصر إلا بوقت متأخر كي يودع والده وأخته ليرحل على طائرة الفجر، مر على حجرتها ولكنه لم ينظر فقد قرر أن يكمل في نفس الطريق، لا يمكنه التراجع
دق الباب ودخل رأى والده بالفراش ولكنه لم ينم فدخل وقال "مساء الخير"
قال الرجل بنبرة حزينة "مساء الخير تعالى"
تقدم وجلس أمامه وقال وقد بدا عليه التعب وعدم النوم وأدرك كاظم ابنه ولكنه احترم صمته قليلا حتى قال "يبدو عليك التعب"
تنهد وهو يجيب "نعم؛ كان لابد أن أنهي كل شيء قبل أن أرحل وجئت لرؤيتك قبل ذهابي، طائرتي بالفجر، أردت أخذ حقيبتي أيضا، ليس هناك وقت، حتى لي لي لم أراها منذ عدة أيام، علي سيخبرك بكل جديد بالعمل وسيتواصل معي"
لم يرد الرجل وليس هناك ما يقال فنهض وقال وهو ينحني ويضع قبلة على جبين والده "أراك على خير بابا"
تحرك مبتعدا ولكن الرجل استوقفه وقال "جي رحلت"
تعمد كاظم إخباره بذلك طالما هو لم يسأل عنها ويهرب من ذكرها، توقف بمكانه ولم يستدير لحظة وهو يستوعب الكلمات ويتدارك نفسه حتى فعل فاستدار وملامحه جامدة وربما تدل على غضب مكتوم لن يصرح به بوجه والده قبل أن يفهم ما يعنيه بكلماته
التقى بنظرات العجوز وقال "لا أفهم ماذا تعني رحلت هذه؟"
لوى الرجل شفتيه وقال بحزن "ما الذي لا تفهمه بكلماتي جاسر، رحلت تعني رحلت، لم نجدها في غرفتها منذ ذلك اليوم ولي لي عرفت أنها عادت لمنزل والدها وحاولت معها لتعيدها ولكنها رفضت أن تعود، هي لا يمكنها البقاء وخدها ولا مواجهة هذا العالم القاسي"
هو يعلم ذلك جيدا ورفضه من قبل لذا غضب كبير اجتاحه، كيف تذهب هكذا رغما عنه؟ لقد طلب منها ألا تذهب وتبتعد، لقد ابتعد هو من أجل بقائها فكيف تفعل ذلك؟ نسى والده ونسى ما أتى ليفعله وانطلق خارجا ولم يسمع لي لي وهي تناديه فقط انطلق إليها وهو لا يرى سوى وجهها، عيونها الباكية ولم تعد ابتسامتها موجودة
****
حاولت لي لي أن تقنعها بالعودة معها إلى القصر ولكن هي لم تستطع، لم يعد لديها استعداد للتحمل أكثر من ذلك، لن يمكنها رؤيته وهو يجهز نفسه للزواج من امرأة هي من دفعته لها، لن يمكنها البقاء بالخفاء كي لا تراه، لذا رفضت كل محاولات لي لي معها واعتذرت لها فتركتها الفتاة وعادت هي لوحدتها وذكرياتها وأحزانها وهي لا تعرف كيف ستعيش حياتها وحدها؟
دق الباب بعنف مما أفزعها، مسحت دموعها وشعرت بالخوف من الطارق وبذلك الوقت فاقتربت من الباب فعاد الدق مرة أخرى مما أفزعها مرة أخرى
كانت الثانية ليلا فقالت بصوت مرتجف "من؟"
سمعته يقول بغضب واضح بنبرة صوته "افتحي جي، افتحي قبل أن أكسر هذا الباب"
ارتجف جسدها وهي لا تصدق أنه هو وشعرت بالخوف من غضبه الواضح وصوته المرتفع خاصة والجيران قد تصحو، فتحت ورفعت وجهها له وقالت بقوة مصطنعة "هل تعرف كم الساعة؟"
دفع الباب وتحرك للداخل بلا أي مقدمات والغضب واضح حتى بخطواته وعلى ملامحه ونبرة صوته وهو يقول "ليس هذا ما أتيت بسببه ولا يعنيني"
تحركت خلفه وما زالت غاضبة وقالت "ولكنه يعنيني أنا، يعنيني الجيران التي تراك بوقت كهذا تدخل شقتي وأنا وحدي، يعنيني وكلام الناس من حولي من فضلك اذهب"
الشياطين كانت تتلاعب أمام عيونه ولا مجال لكلماتها معه الآن فلم يهتم بها وقال "لا جي، لن أذهب إلا وأنتّ معي وتعلمين أن هذا هو سبب وجودي هنا، هيا ادخلي وأحضري حقيبتك لنذهب"
ابتعدت من أمامه كي تخفي ضعفها، حزنها أو الألم الساكن خلف ضلوعها وقالت "لا، أنا لن أذهب لأي مكان، هنا بيتي ولن أخرج منه أو -ذهب لأي مكان سواه"
بلحظة كان بجوارها وهو يمسكها من ذراعها بقوة ويعيدها أمامه وهو يهتف "ستفعلين لأني أريد ذلك، أخبرتك أنني سأبتعد، س-ذهب لجهنم وأنت تبقين ونفذت فماذا تريدين غير ذلك؟"
جهنم هي التي كانت تعيش بها ولم تعد تستطيع التحمل، حاولت أن تخلص نفسها منه ولكنه لم يفلتها فتوقفت وهتفت "أريد أن أرتاح فقط دعني أرتاح"
ترتاح؟ ولماذا لا ترتاح ببيته؟ بجواره؟ نظر بعيونها الباكية ورأى الألم هي تتألم مثله فقال "وأنا؟ أنا كيف أرتاح وأنتِ هنا وحدك؟ أخبرتك أنكِ لن يمكنك مواجهة هذا العالم وحدك لذا لابد أن تبقي مع..، مع بابا"
لم تنتبه لكلماته التي أوقفها وتوقفت عن مقاومة قبضته المؤلمة على ذراعيها وقالت وسط الدموع "لا تقلق عليّ سأتعلم مواجهة العالم فهو أرحم من مواجهة العذاب الذي كنت أعيش فيه"
أصابعه كانت تنغرز بلحمها دون أن يشعر وهو لا يصدق كلماتها ونظر في عيونها وقال بدهشة وألم ربما مماثل للألم الواضح بعيونها "وجودك بالقصر كان عذاب!؟"
هزت رأسها بالإيجاب والدموع تسيل كالشلال من عيونها التي تواجهه فترك ذراعيها وابتعد وهو يتساءل بلا فهم "لماذا؟ أنا تركته من أجلك"
قالت بضعف "يكفي أنه بيتك"
لم ينظر لها وهو يكمل ذبحها بسمين بارد "لم يعد كذلك، سأتزوج وأرحل و.."
صرخت به بألم "كفى، ابتعد عني أنا لم أعد أريد أن أراك، اتركني"
ولكنه لم يفعل بل تحرك إليها وهي تنهار بالبكاء وتدفن وجهها بين راحتيها فامسكها من ذراعيها مرة أخرى ليبعد يداها وقال بألم لا يذهب ورجاء لم يبديه من قبل لأي أحد سواها "جي لا يمكنك البقاء بمفردك أنا لا أستطيع تقبل ذلك، لا يمكنني تخيل وجودك وسط الناس بلا أحد معك، لن يرحمك أحد"
عيونها لم تفارقه من بين الدموع وقالت بضعف "وأنت ترحمني؟ ألا تشعر؟ ألا تفهم؟ أنا تعبت، تعبت، أنا لم أعد أتحمل، أرجوك دعني وحدي ربما داوي جراحي وحدي، ابتعد عني جاسر، أرجوك ابتعد واحمني، أنت تريد كل شيء ولكن أنا يمكنني منحك أي شيء لأنني لا أريد أن أصبح مجرد لوحة تعلقها في حجرتك ترفض التخلي عنه لمجرد أنك تريده، أنا لست لوحة جاسر أنا بشر، لحم ودم ولا أطالبك بأي شيء، فقط ابتعد عني، ارحمني واتركني، اتركني"
وزاد نحيبها إلى درجة الانهيار ولكنه لم يستطع أن يتركها، لا يمكنه أن يتحمل ولم يمكنه تحمل كل هذا الحزن والألم فوجد نفسه يجذبها إليه ويضمها لصدره بقوة وزادت هي من بكائها وهي بين أحضانه وهي لم تعد تستطيع المقاومة، تعبت، تعبت من الألم والحزن، شد عليها وقلبه يتألم من أجلها ولم يمكنه تخيل كل هذا الحزن الذي يسكنها
عادت لوعيها عندما انتقلت حرارة جسده لها وأنفاسه سقطت على عنقها ودقات قلبه المتسارعة وصلت لأذنها فابتعدت ولكنه لم يفلتها وهو يحدق بوجهها وقال "جي، من فضلك أنا أطلبها للمرة الأخيرة؛ تعالي معي للقصر وابقي بجوار بابا"
انفلتت من يداه واستدارت بعيدا عن أنفاسه التي تحرقها وعيونه التي تضعفها وتقتلها وهزت رأسها بلا وعي وقالت "لماذا أفعل ولن يغير رجوعي أي شيء، سأظل جولي الممرضة ابنة السائق التي تخشى على مستقبلك من وجودها بحياتك، فلم تريد قربي؟ ابتعد عني وكفاني ما نالني منك"
ابتعد وقال "تعلمين أنني أريد وجودك من أجل بابا و.."
قاطعته بقوة مرة أخرى فلا مجال لكلماته التي لا معنى لها "كفى، هل تظن أنني أصدق هذا الحديث الفارغ؟ لا جاسر، أنت لا تريدني من أجل والدك ولكن كي تراني وأنا أتألم لفراقك وتشبع غرورك بأنك نلت ما تريد، تتمتع بحبي لك ولكن وأنت على عرشك تنظر لي كجارية من الجواري التي تخشى إعلانها أمام الجميع لمجرد أنك جاسر بيه وأنا الممرضة ولكن إلى هنا وانتهينا، أنا لست جارية أنا حرة نعم حرة لا أنت ولا سواك يملك حياتي هل تفهم؟ سأقتل قلبي بيدي لو تطلب الأمر فقط لأحافظ على كرامتي وتذكر أنك أنت من اختار طريقه وأنا أيضا.. اخترت "
ابتعد من كلماتها هل هي كذلك بالنسبة له؟ جارية يخشى من إظهار حبه لها؟ ضاع عقله وسط كلامها ولم يجد ما يقوله، بالفعل هو اختار ولن يتراجع وها هي أيضا اختارت فلم يعد يملك أكثر مما فعل، لو بقى أكثر من ذلك ستنهار قوته ويسقط كبريائه وهو لن يسمح بذلك، ظل ينظر إليها لحظة ثم تركها وذهب وانهارت هي على أقرب مقعد تدفن وجهها بيداها وتعود للبكاء من جديد
****
بالطبع لم تتغير أوضاعها، حاولت أن تعيش وتهدأ وتجيد التفكير بالقادم لتثبت لنفسها وللجميع أنها أقوى من أن تنهار أكثر من ذلك، لن تضعف -و تنهار فهو الذي اختار ورفض أن يعترف بها لأنها تعلم أنه يخشى من قربها على مستقبله لذا اختار ندى والعمل وفضلهم عليها فليعيش حياته إذن ولتعيش هي أيضا...
تقدمت للعمل بأكثر من مشفى وعادت في المساء متعبة بدون فائدة، كانت تعلم أنها لابد أن تجد عمل، المال الذى معها سينفد وعليها أن تجد غيره، صلت ودعت الله أن يساعدها
رن هاتفها وكأنه حلم، فتحت عيونها فقد نامت بصعوبة بعد عدة أيام لم تذق فيها النوم، جذبت الهاتف رأت رقم لي لي ففزعت لتأخر الوقت جدا وأسرعت ترد "لي لي ماذا هناك؟"
جاءها صوت بكاء لي لي وهي تقول "بابا يا جي؛ إنه لا يرد لا أعلم ماذا أصابه؟ ساعديني جي، أنا لا أعرف ماذا أفعل"
نهضت وقالت "دقائق وأكون عندك، هاتفي الإسعاف بسرعة إلى أن أصل"
لم تعرف كيف وصلت بهذه السرعة مع وصول الإسعاف، نظرت لكاظم وحاولت أن تفهم ما أصابه ولكنها لم تعرف ولكن دقات قلبه الضعيفة وكذلك النبض جعلها تشك بذبحة صدرية أو جلطة ولكنها صمتت ولم تقل أي شيء
وصلت الاسعاف بهم للمشفى والغريب أن وائل كان موجود أيضا فأسرع إليهم وهو يراها ويرى كاظم فقال "ماذا حدث؟"
قالت لي لي "لا أعلم؛ دخلت غرفته فرأيته هكذا لا يرد"
أسرع به إلى الطوارئ ودخلت معه ومن الفحص تبين أنها ذبحة صدرية، بالطبع تم اتخاذ الإجراءات اللازمة ودخل العناية المركزة وطلبت من وائل أن تظل بجانبه فلم يعترض
ظلت الليل كله بطواره وفي الصباح بدء يفيق وفتح عيونه ليراها تبتسم له وتقول "الحمد لله على عودتك، هل أنت بخير؟"
قال بضعف "نعم، لي لي!؟"
قالت "بخير لا تقلق"
صمت من التعب ثم قال "جاسر؟ هل عرف؟"
ضاعت البسمة من على وجهها وأبعدت عيونها وهي تقول "لا أعلم، لم أرى لي لي منذ وصلنا هنا، سأذهب لأراها و أحضرها لتراك"
كانت لي لي تجلس ورأت حسام يقف بجانبها اتجهوا إليها على الفور بمجرد رؤيتهم لها فقالت "الحمد لله لقد استعاد وعيه، يمكنك الدخول لي لي، سأنتظر هنا" أسرعت لي لي للداخل وظلت هي مع حسام
خرجت لي لي فانضموا لها وقالت وهي تمسك دموعها "لقد نام وطلب مني أن أعود للمنزل وألا أخبر جاسر عندما يتصل"
هزت رأسها بلا أي كلمات وقالت لحسام "هل يمكن أن تصحبها حضرتك للبيت؟ أنا سأبقى هنا ولن أذهب" هز رأسه وأخذها وذهب
في المساء زاد التحسن وعاد وائل وأخبرها أنه ما زال بحاجة للعناية المركزة فلم تمانع، نظر إليها وقال "لا تبدين بخير، ماذا أصابك وأين كنتِ عندما حدث ما حدث له؟"
أبعدت عيونها وقالت "أنا بخير لا تقلق، هل يمكن أن أبقى بالداخل معه؟"
كادت تتحرك لكنه أمسكها من ذراعها وأعادها إليه وقال وهو ينظر بعيونها مباشرة "جي أنا أحبك"
حدقت به بنظرات استنكار وقد وتفاجأت مما قال ولكنه اقترب وأكمل بلا تراجع "أنا -حبك ولم أتوقف عن حبك لحظة حتى بعد رفضك لي وما زلت أحبك وأريدك، جي أنا لم أكف لحظة عن التفكير بكِ فهل تمنحيني فرصة أخرى؟"
لم تعرف بماذا ترد؟ قلبها ليس ملكها ولا يمكنها أن تظلم رجل صادق مثله، أبعدت عيونها وقالت "أرجوك دكتور ليس هذا وقت مناسب"
قال دون استسلام "إذن أخبريني متى يكون ذلك الوقت جي؟ مع من قلبك إذا لم يكن لي؟"
تألمت له لأنها تدرك ألم الحب الضائع فنظرت إليه بنظرات قوية غير حقيقية وقالت "ليس من حقك أن تسألني مثل هذا السؤال دكتور أو أن تتدخل في حياتي الشخصية عن إذنك"
وتركته ودخلت العناية وهي طريقة للفرار من مواجهته وإبعاده عنها فهي لا تستحق قلبه ولن يمكنها أن تكون له بأي يوم، أمسكت يد كاظم ربما تستمد منه القوة على مواجهة ما حولها..
فتح عيونه ونظر إليها فرأى الدموع بعيونها فقال "هل أنت بخير يا ابنتي؟"
هزت رأسها بالإيجاب فقال "كاذبة، جي أنا تركتك ترحلين كي يهدئ جرحك ولكني لم أكن لأتركك إلى الأبد، أنت مثل لي لي ولا دخل لي بتصرفاته المجنونة كل ما أعرفه أنك والآن لابد أن تعيشي معي للأبد فأنا أصبحت بحاجة إليك أكثر مما سبق"
مسحت دموعها وقالت "لا، أنت بخير وستكون أفضل مع العلاج ولن تحتاج لي أو لسواي"
هز رأسه بالنفي وقال "أعلم أنكِ تهربين من مواجهة قلبك وحبك ولكن إلى متى؟"
أغمضت عيونها ربما تجمح الألم داخلها للأبد وتخفي أحزانها وقالت "لا، أنا لا أهرب إنا أحاول أن أشفى"
سألها بحنان "وهل فعلتِ"
فتحت عيونها وحدقت به بدموعها بلا رد فقال "الحب مرض مزمن يا ابنتي"
قالت بحزن "ولكن حبي خطأ ولا يمكن قبوله"
ابتسم وقال "أنا أقبله، لم أُولد وفي فمي ملعقة ذهبية وجاسر سيفهم ذلك بيوم ما، لن يستطيع مقاومة قلبه لنهاية العمر سيعود لكُ ولقلبك"
زادت دموعها وقالت "ولكنه أهانني وجرحني وأنا لن أسامحه"
رد بحنان "هذا ما تظنيه ولكن ما أن يعود إليكِ حتى تنسي كل ما كان وأنا سأعيده إليكِ فقط اسمعي لكلماتي وافعلي ما أقوله دون معارضة ولابد أن تفهمي أن القادم أصعب بكثير مما مضى، لابد أن تتحملي وأول أوامري أن تعودي معي وهذه المرة للأبد لأنكِ لن تخرجي من القصر مرة أخرى هل تفهمين؟"
لا لم تفهم أي شيء فهزت رأسها نفيا فقال "لا يهم أن تفهمي الآن، المهم أن تستعدي للقادم نحن سنتحدى جاسر المنياوي سنخرج أسوأ ما فيه لنعيد جاسر ابني الحقيقي الذي لا يهمه مال ولا نجاح وإنما الحب والحنان، هل ستفعلين؟"
الأمل ظهر من بين الظلام الذي كانت تعيش به فهزت رأسها بالإيجاب فقال "جيد، هيا تعالي لأحضاني" فلم ترفض واحتضنها بقوة لعلها تشعر بالأمان ولكن زاد خوفها من القادم
بعد يوم آخر للعناية خرج العجوز إلى غرفة عادية وكانت معه بالطبع لم تتركه لحظة ولم يفاتحها وائل في أي شيء مرة أخرى وكأنه أدرك أنها ليست له
دق الباب ودخلت لي لي وتحركت لوالدها وهي تقول بسعادة "صباح الخير دادي"
طبعت قبلتها على وجنته بسعادة ثم ابتسمت لجي وقالت "صباح الخير جي، أراه بخير اليوم"
ابتسمت لها وقالت "نعم، ربما نخرج اليوم مساء"
صاحت بسعادة "حقا!؟ يا له من خبر رائع، دادي جاسر هاتفني أمس وسأل عنك وأخبرته أنك نائم"
كان راضي عن ذلك وقال "جيد، ألم يخبرك متى سيعود؟"
قالت وهي تنظر لجي "لا ولكن.."
حثها الرجل على أن تكمل "لكن ماذا؟ هل أصابه شيء؟"
أجابت بلا تفكير "لا دادي، لا هو بخير ولكن أعتقد أن ندى معه، لقد رأيتها في الفيديو كول"
حاولت جي أن تظل هادئة وتخفي عيونها عن الجميع ولم تبدي أحزانها أمام لي لي ولكن بالطبع كانت ملامح وجهها تخونها، عادت لي لي تقول "دادي، كنت أريد أن أخبرك بشيء"
تابع ملامح ابنته وترددها وقال "عن جاسر!"
نفت برأسها وقالت "لا، إنه، إنه حسام، أقصد الرائد حسام، هو بالخارج ويريد رؤيتك"
تأمل الرجل ابنته لحظة ثم قال "ومن أخبره بوجودي هنا؟ "
أسرعت تجيب وقد تورد وجهها "لا أعلم، أنا رأيته هنا"
ابتسم الرجل وهو يفهم ابنته وقال "حسنا دعيه يدخل"
رحب الرجل بحسام ولم ينكر أنه أعجب به واندمجوا في حوار عن القضية السابقة ودخل أيضا وائل ليطمئن على كاظم واندمج الجميع في حديث ودي إلى أن انفتح الباب فجأة فصمت الجميع وتعلقت عيونهم بالباب