رواية أنين القلوب الفصل السابع عشر17بقلم داليا السيد


 رواية أنين القلوب بقلم داليا السيد

رواية أنين القلوب الفصل السابع عشر17بقلم داليا السيد

زوجتي 
لاح رنين الهاتف من بعيد ففتح عيونه ثم اعتدل وجد نفسه نائما على الأريكة في المكتب، جذب الهاتف ورأى اسم علي فرد "نعم علي؟" 
ارتبك الرجل وقال "اسف يا فندم ولكن موعد المندوب بعد ساعة وخشيت أن تنسى" 
مرر يده في شعره، من الحيد أنه هاتفه فقد رحل بالنوم بشكل غريب ساعتان أو أقل، وقال "لا، لم أنسى نصف ساعة وأكون عندك" 
رد الرجل "تمام يا فندم" 
صعد لغرفته وهو مندهش أن ندى لم توقظه وتركته هكذا ولكنه فهم عندما رأى زجاجة النبيذ التي انتهى نصفها تقريبا ورآها هي نفسها بقميصها الأبيض تنام بدون أي اهتمام، بل بلا وعي بعد احتساء النبيذ بذلك الشكل، لم يهتم بها وأخذ حمام وبدل ملابسه وتحرك خارجا إلى الشركة 
لم تخرج من غرفته لم ترد أن يراها أحد بهذه الحالة ولكن لي لي لم تتركها ودقت الباب ودخلت وهي تقول "صباح الخير" 
نظرت إليها لي لي ففزعت هذ الأخيرة من منظرها وأسرعت إليها "جي ما هذا؟ هل أنتِ مريضة أم ماذا؟" 
عيونها المتورمة من البكاء نظرت للفتاة بألم، وجهها الشاحب لم يتبدل، هالات سوداء ارتسمت حول عيونها ومع ذلك قالت وهي تحاول أن تبدو بخير "لا أنا بخير فقط لم أنم جيدا" 
جلست بجانبها وقالت "جاسر " 
أغمضت عيونها ولم ترد فقالت لي لي "بصراحة أنا لا أعلم كيف وافقتِ على ذلك جي؟ ندى ليست منافس سهل أنا أخشى عليكِ منها، لماذا جي؟ لماذا أصلا جاسر يفعل ذلك؟ أنه جنون" 
حالتها لم تكن تتحمل أي كلمات جديدة فلم ترد فعادت لي لي تكمل "أعلم أن الحب يفعل بنا الكثير ولكن لم أتصور أنه يمكن أن.." 
ولم تكمل فنظرت إليها وقالت "أن يقتلنا أليس كذلك؟ أن يذبحنا؟ أن يؤلمنا بلا رحمة؟ بلى يمكنه لي لي فأنا أعيش هذا الحب ولكن أنتِ لا حبيبتي، أنتِ النوع الآخر من الحب، النوع الطبيعي، اطمئني لي لي، حسام ليس جاسر ولن يفعل بكِ ذلك فهو يحبك ولا يفضل عليكِ أي شيء، هو اختارك بلا أي قيود ولم يتردد فلا تقلقي" 
قالت للي لي وقد بدا أنها تفهم كل شيء "أنا آسفة جي، أنتِ لا تستحقين ذلك، أحيانا أظن ا أنن ذلك ليس جاسر أخي الذي أعرفه وأحبه بحنانه وعطفه" 
لم ترد لأنها لم ترى ذلك سوى مع أسرته فقط وهي لم ينالها سوى الألم والعذاب، رن هاتف لي لي فقالت "أنه حسام، سنخرج سويا هل أعتذر وأبقى معك" 
هزت رأسها بالنفي وابتسمت لها وقالت "لا حبيبتي، هيا اذهبي واستمتعي بوقتك، هذه أفضل أيام حياتك فعيشيها" 
احتضنتها لي لي بحب وذهبت وبعد فترة استعادت نفسها وذهبت لكاظم محاولة أن تعود لنفسها وتعيش حياتها كما اعتادت فحزنها لن يتغير ببقائها بغرفتها 
عاد الفيلا الجديدة في المساء، بيته الجديد، وجد ندى وبالطبع تنتظره بغضب فالهاتف كان مغلق طوال اليوم ولم يفكر بأن يهاتفها
أسرعت له وهي تهتف "هل يمكن أن تشرح لي ما يحدث؟" 
تجاوزها للأريكة وجلس بإرهاق وقال بهدوء "ماذا يحدث؟" 
تلونت عيونها بالشر بعيد عن مساحيق التجميل وقالت بغضب "جاسر أنت تفهم حيدا كلماتي، لماذا لم تصعد أمس إلى غرفتنا؟ أين كنت طوال اليوم؟ عندها أليس كذلك؟ لماذا لا تجيب؟ أنت تتعمد إغضابي" 
فرك عيونه المتعبة بأصابعه وقال "لا، أنا صعدت فوجدتك غائبة عن الوعي بعد أن تناولتِ نصف الزجاجة، واليوم كنت بالشركة هل نسيتِ المندوب الأمريكي؟ أعتقد أن والدك أخبرك لأنه كان معي أي لم أكن عند أحد، والآن أنا جائع، لم أتناول أي شيء منذ أمس" 
ولكنها لم تهتم بكلماته فقط غضبها وأفكارها فلم تهدء وقالت "أنا لا أصدق، أنت تريدها هي وكنت عندها وأمس تركتني بلا رغبة منك بي لأنك لو أردتني لكنت أيقظتني واليوم كنت مع داد حتى الظهيرة فأين كنت بعد ذلك؟ عندها أليس كذلك" 
ليته يذهب إليها ويطمئن على قلبها الذي جرحه بلا رحمه لكنه لم يجرؤ على أن يفعل، نهض وظفر بضيق وهو يقول "ندى أنا حق متعب وأرغب بحمام دافئ والنوم ولا طاقة عندي للرد على حديثك هذا فقد تعبت منه" 
ولكنها اتجهت ووقفت أمامه لتوقفه عن الحركة وقالت "كيف تتركني هكذا؟ أنا زوجتك ولي حقوق عليك فأين هي حقوقي هذه وأين حياتنا الزوجية؟" 
قال وهو يستنفد صبره "ما زلنا بأول يوم زواج ندى وأرغب بالنوم وعندما استيقظ نتناقش في موضوع الحقوق هذه" 
وتحرك ولكنها أوقفته وعادت تقول "تعالى هنا ولا تهرب أخبرتك ألا تتركني هكذا، ليس من حقك أن تتجاهلني هكذا النوم ليس أهم مني" 
اعتراه الغضب وقد نفذ صبره وهو بالأساس كان يحاول أن يتماسك ولكنها استهلكته فأمسكها من ذراعها بقوة وقال "إلى هنا وكفى، لن تخبريني ما يجب أن أفعل من عدمه وابتعدي عن طريقي الآن فالشياطين تتلاعب أمامي ولن أتحكم بنفسي أكثر من ذلك" 
ولكنها لم تتراجع ولم تهتم بكلماته ولا ملامحه التي تبدلت واكتست بالغضب وقالت بعناد "وماذا ستفعل أكثر مما فعلت؟ تزوجت تلك الحقيرة عليّ وها أنت تفضلها وتتركني أنا لتمضي معها أول يوم لنا معا وتأتي الآن وتحاول أن تقنعني أنك لم تكن هناك، ولكن أنا لا أصدقك"
هتف بقوة غضبه الذي طفح على السطح "أنا لا أهتم بتصديقك من عدمه فأنت حرة وأنا لن أمضي الوقت في إقناعك بكلماتي فلست ملزم بذلك، فقط ابتعدي من أمامي الآن ودعيني أذهب لأنام" 
وأبعدها بقوة من أمامه ليذهب ولكنها لم تستسلم وقالت "لن تذهب قبل أن ننتهي جاسر، أنت يجب أن تنهي زواجك منها وتمنحها الطلاق، أنا لن أقبل بذلك الوضع هل تفهم؟"
هو لم يتزوجها ليحررها مرة أخرى هذا حلم ولن يتحقق، نظر لها بنفس العيون الغاضبة وقال "لن أفعل، لن أمنح أحد الطلاق وستقبلين بالوضع وسأترك لكِ البيت كله واضربي رأسك بأكبر حائط أمامك" وتحرك إلى الخارج وهي تناديه بغضب دون أن يرد عليها 
لم يجد مكان يذهب إليه؛ فكر أن يذهب إلى القصر ولكن ماذا سيخبر والده؟ لكن لم لا؟ إنه بيته وهي زوجته ويريد أن يعلم ماذا تفعل في غيابه!؟
ظل يجوب بسيارته بدون هدف حتى انتصف الليل ووجد نفسه يتجه إلى القصر الذي كان غارقا في الظلام، اتجه إلى غرفة والده ولكنه كان نائما فعاد وتحرك ليعود لغرفته ولكنه توقف أمام غرفتها ولم يعلم ما الذي يدفعه اليها؟ 
دق الباب ولكنها لم ترد كاد يذهب ولكنه قرر أن يدخل، ربما ذهبت بدون أن يشعر أحد كالمرة السابقة وتلك المرة لن يرحمها لو فعلت
فتح الباب ودخل كان نور خافت يضيء الغرفة فأغلق الباب وتقدم بهدوء إلى الفراش إلى أن رآها تنام في براءة ووجهها يختفي بين خصلات شعرها الغزير الأسود كالليل، منامتها القصيرة الصيفية تظهر جسمها الجميل كلها جميلة، هادئة، بريئة وقربها يمنحه الراحة والسكون الذي لم يعرفه
جلس على طرف الفراش بجانبها وظل يتأملها حتى تمدد بهدوء بجانبها وهو يتنسم عطرها الهادئ دون أن يقلقها إلى أن راح في النوم 
داعب النور عيونها، أزاحت شعرها وتذكرت أنها لم تشد الستائر، كانت ما زالت السابعة فاعتدلت ولكنها أطلقت صرخة فزع عندما اصطدمت بجسد على فراشها، صرختها أفزعته وأيقظته من سبات عميق ففتح عيونه والتقى بعيونها الفزعة واستوعب أنه نام بلا وهي مما أثار دهشته  
هبت من جواره في فزع وكم بدت فاتنة وجميلة بشعرها المنساب على ظهرها وجسدها الملتف بمنامتها القصيرة ولكنه كان متعب فعاد يتمدد في الفراش برغبة بالعودة للنوم بينما قالت هي بغضب "كيف دخلت هنا؟ وماذا تفعل في فراشي؟" 
وضع ذراعه على رأسه مغمض عيونه وقال بهدوء "دخلت من الباب وأريد أن أنام، هيا شدي الستائر ودعيني أعود للنوم" 
رأت الإرهاق على ملامحه ولكنها تغاضت عنه وقالت وهي ترتدي روبها "لديك غرفتك" 
قال دون أن يفتح عيونه "هذه أيضا  أصبحت غرفتي أم تحتاجين للتذكير؛ أنتِ زوجتي" وأبعد ذراعه ليواجه نظراتها ويدها التي تحكم على روبها فأكمل "لا داع لذلك الروب لقد رأيت كل شيء كما قلت أنتِ زوجتي" 
وعادت ذراعه على وجهه فتورد وجهها ورحلت أنفاسها ولم تجد ما تقوله، هو فعلا زوجها ولكن، لم تجادل وشعرت بأنفاسه تعلو وتنتظم فشعرت بضعف أمامه وأشفقت عليه من شكله المرهق 
ترى لماذا ترك زوجته ندى وجاء هنا؟ هل أتى لينام وفي غرفتها وعلى فراشها؟ لماذا لم يفعل هناك أو بغرفته؟ كيف تركته ندى في ثاني يوم زواج؟ اسئلة كثيرة دارت برأسها ولكن ليس لها أي أجوبة 
أغلقت الستائر ثم شدت الغطاء عليه ولكنه قبض على يدها فجأة وجذبها إليه فسقطت فوقه وغطى شعرها وجهه فزعت وهو يحبسها بذراعه ونظر بعيونها وهمس "تعالي نامي جواري، ما زال الوقت مبكرا" 
ارتجفت بفزع منه ومن لمسته و-نفاسه الحارة ولم تستوعب فكرة رجل بفراشها وبهذا القرب، حاولت تخليص نفسها منه وهي تقول "لا، اتركني، لا أريد أن أنام" 
لكنه لم يتركها وهو يستنشق رائحة عطرها الوردي وهمس "عطرك جميل" 
وتخللت أنفاسه عنقها ثم وجنتها وشفتيه تكاد تلمس بشرتها الرقيقة وشعرت بالحرارة تسري في كل جسدها ولكنها أفاقت، لن تسمح له أن يفعل بها ذلك فاستجمعت قوتها ودفعت نفسها بعيدا عنه وقالت "يمكنك النوم ولكن أنا لا" 
وعدلت روبها وأبعدت شعرها للخلف فضحك وهو يتابعها وارتباكها وخجلها يعجبه وهي تخفيه وتفر منه وتتجه إلى الباب فقال "لا تنسي أن تغطى شعرك، هناك خدم بالخارج" نظرت إليه ولكنه جذب الغطاء واعتدل ونام وهو يشعر بتعب حقيقي 
أخبرت كاظم بما حدث فابتسم وأخبرها أن تكون قوية وتكمل للنهاية وتحتويه وترحب به بلا ملل، ابتسمت لأول مرة منذ شهور لم تعرف عددها. 
انتصف النهار وهو لم يستيقظ فقررت أن تعد له طعام فبالتأكيد لم يتناول شيء منذ وقت على الأقل منذ نام، اتجهت إلى غرفتها ورأت ما زال نائما بل غارقا بالنوم وضعت الطعام واتجهت إليه كادت توقظه ولكنها شعرت بالشفقة عليه فقد بدى مرهق وإلا لما نام كل ذلك الوقت 
تحركت لتخرج ولكن ذبذبات الموبايل الخاص به أصدر صوتا خفيفا فالتفتت مقتربة ورأت اسم ندى، تألم قلبها من ذكر تلك المرأة وتراجعت وهي تتذكر أنها ما زالت موجودة كادت تذهب لولا أن تحرك هو بالفراش وفتح عيونه ونظر للهاتف، أغلق الصوت ثم تركه ولم يرد 
أبعد شعره ورآها تكاد تبتعد فاعتدل وقال "إلى أين؟" 
ارتبكت وقالت "أتركك كي تكمل نومك" 
اعتدل جالسا وهو يشعر بالراحة تتخلل جسده بعد النوم المريح الذي نامه بفراشها فقال "لا تعالى لقد اكتفيت، كم الساعة؟" 
اتجهت إلى الستائر وفتحتها وقالت "الخامسة" 
حدق بها وهي تحضر الطعام وتضعه أمامه واندهش، كم مرة طلب الطعام من ندى ولكنها لم تهتم سوى بشجارهم لكن تلك الجميلة تفعل دون أن يطلب، جذب طرحتها فجأة برفق فانساب شعرها كما رآه بالصباح، ابتسم وقال 
"أحب أن أراه وأنتِ معي، يزيدك جمالا وبراءة" 
تورد وجهها بخجل يعجبه أكثر ونظرت إليه بنظرات تساؤل فقال "الخجل أيضا يزيدك جمالا، اجلسي وتناولي معي الطعام" 
لم تفعل وقالت "تناولته مع عمي، هل ترغب شيء آخر" 
كان جائع بالفعل، لم يتناول شيء منذ عشاء الزفاف فقال "نعم، اجلسي" 
لكنها ظلت واقفة وقلبها يدق بقوة ولكنه قال بحزم "قلت اجلسي جي" 
انتفضت من لهجته وقالت بفزع "لا تصرخ بي هكذا، أنا لا أريد أن أجلس، أريد أن أذهب" 
ولكنه حدق بعيونها الفزعة فلانت نبرته وقال "جي اجلسي أنا أريدك معي" 
أنت أيها الرجل تعرف جيدا كيف تسوق قلبي لك وتدرك أن سيطيعك ولو إلى الجحيم، نظراتهم كانت تعني الكثير فاستسلمت له وجلست على طرف الفراش وهو عاد للطعام وتناوله في صمت 
حاولت ألا تنظر إليه ولكنها كانت أضعف من أن تقاومه أو تتجاهل وجوده بغرفتها وفى فراشه، لم ينظر إليها وهو يقول بجدية "الطعام مختلف، من الذي أعده؟" 
دق قلبها مرة أخرى وقالت "أنا، لي لي تناولت الغداء مع حسام وكاظم بيه طعامه مختلف فظننت أن، على العموم إذا لم يعجبك يمكنني أن أحضر لك غيره و.." 
وقامت ولكنه أمسك يدها وابتسم وقال "انتظري، إنه رائع، لأول مرة أشعر بلذة الطعام المنزلي خاصة وهو من يد زوجتي ولي مخصوص" 
تسمرت قدماها وثبتت عيونها على عيونه الضاحكة، هي بالفعل أعدته له مخصوص ولأول مرة تشعر أنها زوجة تفعل شيء لزوجها وكانت سعيدة وخائفة ألا يعجبه أو لا يوافق على تناوله ولكن ها هو يرد ويسعد قلبها
أعادها لتجلس أمامه وقلبها يزداد دقا سعيدا بكلماته، عاد لتناول الطعام وأدركت كم كان جائعا وهو ينهي الطعام كله وعندما انتهى نظر إليها وقال بصدق "لأول مرة أشعر بهذا الشعور وكأني لم أتناول أي طعام منذ سنوات" 
حاولت أن تخفي سعادتها رغم ابتسامتها الرقيقة وأخفت عيونها وانساب شعرها فأزاحه من على وجهها وحدق بوجهها الفاتن وقال "أنتِ لست فقط جميلة ورقيقة بل وطاهية ممتازة." 
رفعت وجهها له وتوردت من كلمات الغزل وانسابت أصابعه على وجنتها فارتبكت وقلبها يدق بعنف محذرا إياها فقامت وأزاحت المائدة المتحركة من أمامه وابتعدت 
استدارت لتواجهه ولكنها تفاجأت به يقف خلفها ففزعت وتراجعت فاصطدمت بالمائدة وكادت تقع عندما بحثت عن شيء تستند عليه فسقطت يدها على أحد الأطباق بقوة فانكسر الطبق وانغرز بيدها فشعرت بألم وصرخت وهي ترفع يدها وترى الدماء تنزف منها 
بالطبع استوعب هو ما كان وأسرع إلى يدها وقال بجدية "جي، يا الله! أنتِ تنزفين" 
شعرت بألم ولكنها تحاملت وهي تمسك يدها وقالت "نعم الجرح عميق وبحاجة للخياطة لقد قطع شريان" 
خلع قميصه ومزقه جاذبا قطعه منه ربطها حول يدها وقال هيا تعالي اجلسي حتى أهاتف الطبيب"
هزت رأسها وقد كانت تعلم أن عندها سيولة وجروحها لا تتوقف عن النزيف وستنزف كثيرا لو لم يتم إسعافها وربما تفقد الوعي فقد سبق وكدث لها ذلك وهي صغيرة ولكنها لم تخبره بشيء، ساعدها ليعيدها إلى الفراش واتصل بالطبيب وزاد النزيف وبدأت تفقد الوعي بالفعل وهو أنهى مكالمته واتجه إليها ونادها 
"جي، جي هل تسمعيني؟ جي لا تذهبي، ابقي معي" 
قالت بضعف "أنا مصابة بسيولة، وسأفقد، دم كثير و.."
ولكنها لم تستطع أن تقاوم الدوار أكثر، اتصل بأخته التي أتت على الفور، أحضرت له قميص آخر سليم كما طلب منها وهتفت "جي!؟ جي، جاسر إنها لا ترد ماذا اصابها ؟" 
انتهى من قميصه واتجه إليها وحملها وقال وهو يتحرك للخارج "سآخذها المشفى إنها تنزف بغزارة، هي مصابة بسيولة بالدم والنزيف لن يتوقف ولابد من خياطة الجرح وربما تحتاج لنقل دم" 
تبعته ليل لي وهي تهتف "سآتي معك" 
خرج الطبيب من غرفة العناية بسبب نقل الدم واتجه إلى جاسر وقال "هي بخير الآن فقط ينتهي كيس الدم الذي أحضرته ويمكنكم أن تذهبوا بعد ذلك، الجرح كان عميق قطع شريان رئيسي ولكن الحمد لله لن يؤثر على شيء لا تقلق والخياطة كانت تجميل بالطبع" 
هز رأسه بتفهم والقلق كان قد استنفذه فحك ذقنه الطويل لأنه لم يزيل شعر ذقنه منذ الزفاف وقال "هل يمكن أن أراها؟" 
قال الطبيب بهدوء "لم تفيق بعد، عندما تفعل يمكنك الدخول" 
نظرت إليه أخته وقالت "ماذا حدث جاسر؟ ماذا فعلت بها يا جاسر؟ كيف طاوعك قلبك أن تفعل بها ذلك؟" 
نظر لأخته وقال بدهشة "أنا!؟ هل أنت مجنونة؟ أنا لم أفعل بها أي شيء، لقد حدث الأمر بدون أي قصد منا نحن الاثنان، هي التي استندت على الطبق فانكسر وجرحت يدها دون قصد" 
ضاقت عيونها التي تنظر له وكأنها لا تصدقه وقالت "جي لا تستحق تلك المعاملة إنها.." 
كادت تقول تحبك ولكن هاتفه رن وكان والده فرد عليه وأخبره بما وصلوا إليه ابتعد عن أخته وقد تألم لأنها ظنت به ذلك فلم يتحدث معها مرة أخرى وابتعد عنها إلى أن أفاقت هي فلم ينتظر ودخل إليها 
بدت شاحبة بالطبع وضعيفة جدا، نظرت إليه ورأت القلق بعيونه وهو يقول "هل أنتِ بخير الآن؟" 
حاولت أن تبتسم رغم الصداع وقالت "نعم، أنا آسفة لا أعلم ماذا حدث" 
جلس أمامها وعيونه عالقة بعيونها وقال "أنا السبب، أفزعت ولكني لم أقصد أن أفعل" 
كانت تعرف ذلك فقالت "أعلم، الحمد لله، أنا بخير الآن" 
هز رأسه وقال "هل نذهب؟ لقد انتهى كيس الدم هل يمكنك الذهاب؟" 
هزت رأسها وقالت "نعم أنا أريد الذهاب" 
دخلت ليل لي لتراها وظلت معها حتى أنهى إجراءات المشفى وعاد إليهم، ساعدها بحنان غريب أحبته وتمنت ألا يذهب ولم تتركها لي لي التي عادت تسالها "هل أنتِ بخير؟" 
هزت رأسها وقالت "نعم، لا تقلقي" دفعها هو على المقعد المتحرك إلى الخارج 
تابعها ولي لي تساعدها على دخول الفراش ولحق بهم كاظم الذي قال "جي، جي هل أنتِ  بخير؟" 
كان وجهها الشاحب لا يدل على أنها بخير ولكنها قالت "نعم يا عمي أنا بخير اطمئن" 
نظر لجاسر وقال "حسنا، جاسر تعالى لغرفتي، أريدك"
وابتعد العجوز فنظر هو إليها وهي لم تترك عيونه إلى أن ذهب، سمعت لي لي تقول بغضب "جي كيف تسمحين له أن يفعل بكِ ذلك؟ ألا يكفيه ما فعله؟" 
نظرت إليها بدهشة وبلا فهم وقالت "يفعل ماذا؟" 
قالت لي لي بضيقة "تلك الإصابة؟ أليس هو من فعل بكِ ذلك؟ لا تخفين الأمر جي" 
ابتسمت وقالت "لا حبيبتي هو لم يفعل شيء سأحكي لكِ الحقيقة" 
****
"ماذا حدث يا جاسر؟ كيف أصيبت جي؟" 
نظر لوالده وهو يكاد يفهم تلميحاته ولم لا ولي لي فعلت من قبله فقال "بابا هل تظن أني فعلت بها ذلك؟" 
قال الرجل بحزم "أنا لا أظن شيء أنا اسالك فأجبني" 
هز رأسه وابتعد وهو يحكي له ما حدث حتى توقف وقد انتهى فاطمأن الرجل وقال مغيرا الحديث "ومنذ متى وأنت هنا؟" 
ابتعد وقال "من الأمس مساء، كنت متعب فنمت واستيقظت قبل ما حدث بلحظات فقط تناولت الطعام" 
ابتسم الرجل وقال بخبث "ولماذا لست بفيلتك؟ أنت ما زلت عريس ولا يجوز ترك زوجتك وبيتك هكذا" 
نظر لوالده ونفخ بضيق وقال "بابا من فضلك، هي زوجتي أيضا وهنا بيتي" هز الرجل رأسه ولم يكمل ولن يدفع ابنه بعيدا فهو يريده هنا
عاد إليها فنهضت لي لي واتجهت إليه وقالت بخجل "أنا آسفة جاسر" 
سقطت نظراته عليها بهدوء ثم قال "حسنا لي لي لم يحدث شيء، هيا أخبريهم أن يعدوا لها بعض الطعام" 
ابتسمت وارتفعت لتضع قبلة على وجنته الخشنة وقالت "ذقنك خشنة، أحبك أخي الكبير" 
و-سرعت خارجة فابتسم لها ثم عاد لفتاته الأخرى والتقى بعيونها وهو يتقدم إلى فراشها وجلس بجوارها على طرفه ونظراتهم متلاصقة لا تفترق فعاد الخوف يجتاحها كالطوفان من قربه وهو شعر بها فقال "قربي يضايقك إلى هذا الحد؟" 
قربك يهلكني، يقتلني ويحييني، يسعدني ويؤلمني، قربك هو كل ما أرغب به وليتك تعلم ذلك
قال وهو يداعب خصلات شعرها بأصابعه ودون انتظار ردها "يمكنني أن أبتعد مرة أخرى من أجلك هل ترغبين بذلك؟" 
لكنها لا، لا ترغب بذلك لذا أسرعت تقول "لا، أقصد" 
أخفضت وجهها المتورد، هو زوجها ولا ضرر من -ن يفهم أنها تريده، لن تتركه يذهب وهو بين يديها، سقط شعرها على وجهها فأخفى خجلها الذي يعجبه ويزيد رغبته بها كما زاد قلبه شوقا إليها 
رفع يده إلى وجنتها ودفعها لتملأها لامسا نعومتها وهو يرفع وجهها له لتلتقي بنظراته التي تتلهف لعيونها وهمس "ماذا تقصدين؟" 
تعلقت عيونها بعيونه القريبة وتاهت الكلمات منها ولم تجد ما تقوله ولمسته تضعفها واقترب منها أكثر وهو يتأمل شفتيها يريد تلك القبلة التي تذوقها من قبل وما زال طعمها يثيره ويجعله يرغب بها مرة وأخرى دون أن ينتهي
اقترب أكثر حتى كاد ينالها لولا أن دق الباب ليوقفه فابتعد على الفور محررا إياها وهي تخفض عيونها وتلتقط أنفاسها مدركة ما كانت بطريقها له بلا اعتراض بل بشوق ورغبة
دخلت لي لي بالطعام وقالت "أحلى طعام لأحلى زوجة أخ" 
وغمزت له بابتسامة مشرقة وقالت "وأنت أيضا لك طعام معها، أنا أراك شاحبا وكأنك أنت المريض، لا داعي لكل هذا القلق فهي أصبحت بخير فلا تدللها هكذا" 
ابتسمت هي بخجل وقال هو بجدية "لي لي كفى واذهبي" 
ضحكت الفتاة وقالت "وأتركها؟ لا يمكن، ذهب أنت لندى وأنا.." 
انتبهت لكلماتها الطائشة وهي لم تعتاد أن صديقتها أصبحت زوجة أخيها وندمت ولكن بعد فوات الأوان، ضاعت البسمة من على شفاه الجميع فارتبكت وقالت "أنا آسفة، لم أقصد، اسمحوا لي" 
وأسرعت تفر من أمامهم بعد ما سقط اسم ندى كالصاعقة تهد مل جميل، عاد الألم لقلبها و أبعدت عيونها كما ابتعد هو لحظة مدركا حقيقة الأمر والذي حاول أن يفر منه منذ وصل هنا ولكن وجهها الحزين الذي رحلت منه الابتسامة جعله يرتد إلى الطعام نافضا الحزن جانبا وقال 
"هيا لابد أن تتناولين الطعام أنتِ بحاجة إليه"
قربه منها فرفعت وجهها له وقالت بحزن "سأفعل وأنت يمكنك الذهاب، لقد نسيت بيتك" 
ابتعد مرة أخرى وكأنه يهرب من الواقع الذي اختاره وقال "وهنا أيضا بيتي أم نسيتِ؟" 
هزت رأسها بالنفي وقالت "لا لم أنسى ولكن، ندى لن.." 
التفت لها وقاطعها بحدة "لا دخل لكِ بها وكفي عن الحديث عنها وأنا معك أم ستطلبين مني أن أذهب إليها مرة أخرى كالمرة السابقة؟ أنتِ التي اخترتِ لي الطريق بل لنا سويا وليس أنا" 
تذكرت كلماتها وتألمت أكثر ولكنها قالت "لأننا نعلم أنه الطريق الصواب وإلا لما استجبت لكلماتي واخترت ندى ووافقت أيضا عليها" 
اتجه إليها وقال بعصبية " جي كفى، ألم تنتهي بعد من كل هذا؟ لقد تزوجتك أنتِ أيضا واخترتك مثلها، إلى متى سيظل عنادك هذا معي ولماذا؟" 
حاولت أن تخفى حزنها وقالت "نعم تزوجتني ولكن كي تحافظ على لعبتك لك وحدك ولأظل ملكك للأبد" 
ابتعد فهي كلماته وترتد له وعندما لم يرد قالت "اذهب لها جاسر، اذهب من فضلك، ندى لن ترحمني وأنا لن أقوى على مواجهتها" 
نظر إليها والغضب تملكه وهتف "هي لن تجرؤ على المساس بكِ هل تفهمين؟" 
نظرت له وقد ملأت الدموع عيونها وقالت "بلي يمكنها، يمكنها أن تأذيني بل وتأذيك أنت أيضا، المرأة المجروحة أقوى من السيف الحاد لا تبقي ولا تذر" 
عاد إليها وغضبه يرحل وقال "وأنت؟ ألستِ مجروحة؟ هل أخشاكِ أنتِ أيضا" 
لو خشيت من العالم كله لا تخشاني فأنا سأفديك بروحي لأحميك، ليته يسمعها، أخفضت عيونها وقالت "لا يمكنني أن أكون سبب أي ضرر لك بأي يوم" 
جلس بجانبها مرة أخرى راغبا بإنهاء كل ذلك، -راد عودة الهدوء بينهم فقال "لماذا؟ لم أكن رحيما معكِ فلماذا ترفقين بي؟" 
عادت إليه وقلبها لا يرحمها بسيل من الدقات العنيفة وقالت "لأنني" 
ولكنها لم تستطع أن تكمل، لن تخبره عن حبها، إنه سرها لن يمكنها الاعتراف به ثم الندم بعدها، أبعدت وجهها عنه ولكنه لم يرحمها رفع يده وأعاد وجهها أمامه ولم يبعد يده عن وجهها ثم تخلل بيده الأخرى شعرها وقال 
"لأنكِ ماذا؟" 
زاد اقترابه حتى لمستها -نفاسه مرة أخرى وأغمضت عيونها ولم تعد تقو على هذا القرب الذي يثير مشاعرها ولا تقوى على دفعه بعيدا فهي تريد بجوارها
شعرت بشفتيه تتحرك على وجنتها وتضع قبلات رقيقة سرقت أنفاسها وخدرت جسدها ويدها ترتفع لذراعيه وتلمسهم لأول مرة وهو ضعف أكثر من لمستها فاتجه لشفتيها بقبلة طويله رقيقة أذهبت العالم من حولهم؛ جعلتها تنسى كل الأحزان وطارت بها دون أجنحة فوق سماء العشق والهيام وتخللت يده عنقها وجسدها ويدها تتعثر تبحث عن صدره البارز من قميصه المفتوح وبدء يزداد جرأة على جسدها بلا اعتراض منها وانتقل بشفتيه إلى عنقها واستسلمت له بشوق ورغبة لا تقل عن رغبته فيها..
ولكن فجأة سمعا صوت ضوضاء وكأن امرأة تصرخ مما أفزعهم فابتعد عنها وهتف "اغلقي ملابسك"
تورد وجهها وتلاحقت أنفاسها وهي تغلق ملابسها وتجذب شعرها بينما اتجه هو إلى الباب وقبل أن يفتحه كان قد انفتح بقوة ورأى ندى تندفع مع الباب ولي لي خلفها وعيونها غاضبة
اندفعت ندى للداخل غير عابئة بنظرات الغضب بعيونه وهى تصرخ بصوت مرتفع "هكذا إذن؟ كنت على حق عندما خمنت أنك تركتني كي تأتي لها، الممرضة، الممرضة التي أخبرتني أن من المستحيل أن تكون لها" 
قال بغضب دون أن يرفع صوته "ندى أخفضي صوتك هذا وتحدثي بأدب" 
لكنها هتفت دون أن تلقي أي اهتمام لكلامه "أدب؟ أي أدب الذي تتحدث عنه؟ أنت تضحك على من فينا جاسر؛ أنا أم هي؟ توهمني أنك لي وأنت معها، تركتني أنا ندى هانم من أجل تلك الرخيصة" 
أأخذه الغضب أكثر فهتف بغضب "كفى، قلت كفى واحفظي لسانك هذا وهيا دعينا نعود للمنزل" 
تابعته بألم، نعود للمنزل وهنا لم يعد منزله؟ ندى هي المنزل فمن هي له؟
لكن ندى لم تتوقف وهي تتقدم منها وكأنها ترغب بصفعها وتراجعت هي بفزع على الفراش وندى تهتف "منزل؟ أي منزل هذا الذي تتحدث عنه؟ هذا هو المنزل بالنسبة لك لذا لماذا نذهب؟ سأبقى هنا معك ليصبح منزلي أيضا ولنبقى به" 
نفخ بقوة محاولا اجتذاب بعض الهدوء من أي مكان وقال بفارغ صبر وهو يمسكها من ذراعها ليجذبها بعيدا عن جي "لا، هذا ليس منزلك، أنتِ لكِ منزل آخر فلن نبقى هنا وسنذهب والآن" 
ولكنها أبعدت يده وقالت "طبعا هو ليس بيتي بل بيت الممرضة التي خشيت أنت من أن  تتزوج هي ويذهب المال الذي أعطاه حماي لها لرجل آخر فتزوجتها كي تحصل أنت على ذلك المال أليس كذلك؟ أليس هذا كلامك؟" 
صرخ فيها بصوت ارتج له الجميع "اخرسي وهيا اذهبي من هنا والآن قبل أن أفقد نفسي -كثر ووقتها لن أرحمك، هيا" 
ارتجفت من صراخه القوي وعيونه امتلأت بالغضب والجنون وهي ظلت تحدق به بغضب وبعض الخوف حتى اختارت الاستسلام فاستدارت ودفعت لي لي من طريقها بذراعها وانطلقت خارجة..
انسابت الدموع من جديد على وجنتها بلا وعي منها وجرح جديد يضاف لجروحه، متى ستتوقف تلك الجروح؟ لقد تعبت ها هو ألم جديد يضاف إلى آلامها، كسر آخر بينهم يزيد عدد الكسور ويزيد الهوة بينهما 
منذ لحظات ماضية كادت تسلم نفسها له وتستكين بين أحضانه والآن؟ انتهى الحلم وانقلب إلى كابوس، المال، المال إذن هو كل ما أراده، لذا تزوجها غصب وأرادها كي تظل له هي والمال؟ أغمضت عيونها والدموع تهطل كالسيول على وجنتيها
لم تقوى لي لي على قول أي شيء وأدركت الصفيح الساخن الذي يرقد عليه الجميع الآن فاختارت الفرار وخرجت دون أي كلمات 
أغلقت الباب خلفها فاستدار هو ونظر إليها ورأى عيونها المغلقة ودموعها والألم المرتسم على ملامحها فأدرك الهدف الذي أصابته ندى بجدارة، لقد كسرت ما لم ينتهي من بنائه بعد، كاد ينهي الخلاف ويعيد ترمبم ما بينهم منذ لحظات قليلة ولكن ندى بغيرتها وحقدها هدمت كل شيء
ماذا يمكنه أن يقول أو يفعل؟ مهما قال فلن يبرر ما قالته تلك اللعينة، المال؟ اللعنة -لم تكن كلماته فعلى ماذا يلومها؟ 
اتجه إليها وقال بنبرة رجاء "جي" 
لكنها فتحت عيونها دون النظر له فأوقفته وقالت بهدوء "أرجوك، اذهب" 
كاد يقترب ولكنها رفعت يدها السليمة له لتوقفه عن التقدم وهي تنظر إليه بدموعها وقالت "لا، من فضلك اتركني وحدي، أرجوك" 
لا، لا يمكنه تركها وحدها، لا يمكنه تركها من الأساس، لقد وجد نفسه معها ولو رحل سيضيع لذا قال "جي من فضلك اسمعيني أولا" 
ولكنها لم تعد ترغب بأي كلمات، كانت متعبة جسديا وذهنيا، متعبة من كل شيء واكتلت من ال-لم وترغب بالراحة فقالت "أرجوك، أنا لا أريد أن أسمع أي شيء، أنا متعبة، حقا متعبة وأرغب بالراحة وحدي، لا لايد أن أسمع شيء ولا أرى أحد، أرجوك اتركني"
 ولكنه لم يقبل كلماتها رغم تألمه للألم الواضح بمعالمها ونبرة صوتها وقال "لا يمكنني تركك وحدك، جي أنا"
لكنها هتفت بقوة وألم وحزن "أنت تؤلمني، لم لا تفهم أن وجودك يؤلمني فاتركني أنا لا أريد رؤيتك أنا أكرهك، أكرهك ولا أريدك في حياتي، فقط اخرج منها أرجوك اخرج، منذ دخلت حياتي ولم أعرف معك سوى الألم لماذا؟ لماذا تفعل بي ذلك؟ أنا لم أفعل بك ما يستحق كل ذلك الألم، ارجوك ابتعد عني وأخرجني من حياتك، أنا لا أريد أي أموال ولا أريد أي شيء خذها ولكن اتركني أعيش بسلام بدون تلك الأوجاع، صدقني لو كنت طلبتها دون كل ذلك لمنحتها لك" 
وزادت دموعها بانهيار فقال وهو لا يعرف كيف يوقفها أو يخفف عنها "جي هذا غير صحيح، صدقيني الأمر ليس كذلك" 
عادت عيونها الباكية له وقالت "وأين الصحيح؟ الزواج؟ لماذا تزوجتني آن لم يكن من أجل المال؟ لماذا فعلت بي كل ذلك؟ أنا لم أتخيل أن تصبح هذه حياتي بأي يوم، أنا لا أريد تلك الحياة، خذ أموالك وأعد لي راحتي وحريتي" 
حدق بها بلا فهم وقال "ماذا تعنين؟ أنا لا أفهم"  
أبعدت وجهها عنه وحاولت مسح دموعها وقالت بإصرار "أعني الطلاق، أنا لم أعد أتحمل كل ذلك، خذ المال وامنحني الطلاق واتركني أرحل وأعود لحياتي" 
لم يفكر أبدا أن يتركها ترحل قبل الزواج رفض بعادها ولم يتقبل الفكرة من الأساس فهل سيفعل الآن؟ لا لن يتغير شيء بل العكس هو لا يريد إلا قربها، أحضانها، قبلتها حتى تلك العيون الحزين أيضا يريدها بكل ما فيها فكيف يتركها؟ لا لن يفعل أبدا 
ابتعد وقال بلهجة غريبة هي لم تفهم معناها "لا، تعلمين أن ذلك لن يحدث أبدا" 
قالت وهي تقاوم أحزانها "لماذا؟ أنا سأفعل كل ما تريد فقط" 
ولكنه اتخذ قراره بل هو أخذه من وقت ولن يتراجع به ليس بعد الآن ووجودها أصبح الحياة له، استدار إليها وقال بإصرار "انسي أن أحررك أو أن تخرجي من هذا البيت، أنتِ زوجتي وستظلين زوجتي للأبد هل تفهمين؟" 
ولم يعد هناك ما يمكن أن يقوله أكثر من ذلك، لن يتركها أبدا مهما حدث، اقترب منها وأعاد كلماته "تعلمين أني لم أقبل بعادك قبل الزواج فماذا عن الآن؟" 
حدق كلا منهما في الاخر ولم تعد هناك أي كلمات يمكن أن تقال فقط زادت دموعها فلم يعد يتحمل تلك الدموع فهي تؤلمه، لماذا لا يأخذها بين ذراعيه ويخبرها أنه تزوجها لأنه يريدها هي وليس أي أموال؟ 
للأسف هو لا يستطيع أن يفعل فهو أضعف من أن يعترف بما داخله و، وماذا؟ حتى لو أراد فلقد فات الأوان الآن وضاع كل شيء، بالتأكيد لن تصدق أي كلمة يمكن أن يقولها فتحرك وهو يشعر بغضب يكاد يحرق كل ما حوله وخرج من حجرتها واتجه إلى خارج القصر وانطلق إلى سيارته وقاد إلى فيلته وصعد لغرفة ندى ولكنه لم يجدها 
أخرج هاتفه وهاتفها ولكنه وجد هاتفها مغلق فنزل وعاد لسيارته واتجه إلى منزل محسن بالتأكيد هي هناك، وصل الفيلا وما أن فتح له الخادم ودخل حتى وجدها تجلس مع محسن وهي تبكي وكأن هي المجني علي وليست الجاني 
نهض محسن لرؤيته وقال "أهلا جاسر تعالى"  
نظر إليه وما زال الغضب يشتعل داخله بلا توقف وقال "هل أعجبك ما فعلت؟" 
كادت تتحدث لولا أن قاطعها محسن "ندى انتظري، اجلس جاسر واهدئ أولا" 
لكنه لم يكن ليهدأ وهو يقول "أنا احترمت أنكِ زوجتي هناك ولم أفعل ما يمكن أن يهينك ويؤلمك بسبب ما فعلتيه" 
قال محسن بقوة "جاسر لن تهددها أمامي" 
هتف بغضبه الذي لا حدود له "لو لا ترغب بأن أفعل أخبرها إذن أن ما فعلته لا يصح، علمها أن للبيوت حرمة وهي انتهكتها" 
قالت بجنون "هذا لأنك لم تحترمني، لم تعاملني كزوجة لها حقوق، هل تخبر دادي متى أتيت منزلنا؟ هل نمت في غرفتك يوما واحدا منذ زواجنا؟ أنت بدلا من ذلك كنت هناك؛ معها في غرفة نومها فأي حرمة التي تتحدث عنها؟" 
ابتعد وقال "أنتِ لا تفهمين شيء" 
أشاحت بيداها بالهواء وهتفت "كلي آذان صاغية" 
التفت لها فليس لديه ما يمكن أن يخبرها به، لن يقول أنه كان يرتاح حيث طالب قلبه، لن يخبرها أنه وجد السعادة هناك، معها، بقبلتها ونظراتها وحتى ابتسامتها، وجد منها الحنان والاهتمام فلن يتركه
قال متخذا الغضب ذريعة للقوة "اسمعي ندى، أنا لا تعجبني كل ما تصرفاتك، لقد دقت ذرعا من منها ومن تهورك، أنا لم أكذب عليكِ في شيء؛ لم نتزوج عن حب وإنما صفقة وأنتّ ووالدك تعلمون ذلك فلا تدعي غيره وإذا كنت فضلتك عنها فاحتراما لوالدك لأنني أعطيته كلمة ولكن أقسم بالله لو زاد الأمر عن ذلك فلن أكون مسؤول تصرفاتي وقتها، إذا أردتِ العودة للمنزل فلتفعلي كما أتيتِ وإذا فكرتِ أن تتعرضي لجي مرة أخرى فلن أرحمك هل تفهمين؟" 
صاح محسن "كفى جاسر لن تصل لهذا الحد" 
قالت هي بلا وعي من وغضبها "اتركه دادي، إنه لا يستحق واحدة مثلي بل يستحق تلك الممرضة ابنة السائق هي من تليق به" 
لم يشعر بنفسه وهو يصفعها بقوة أسقطتها أرضا وقال بغضب دون اهتمام بسقطتها ولا بمحسن الذي أسرع لابنته وهتف "لولا والدك لكنت علمتك الأدب من جديد" 
وتركها في دموعها وغضبها وذهب دون اهتمام بما فعل ولا نتيجته.

تعليقات



<>