رواية أنين القلوب الفصل الثامن عشر18والتاسع عشر19 بقلم داليا السيد


 رواية أنين القلوب بقلم داليا السيد
رواية أنين القلوب الفصل الثامن عشر18والتاسع عشر19 بقلم داليا السيد

ظلم 
عادت إلى البكاء الذي لم تعد تملك سواه؛ الضعف والاستسلام، نعم ضعيفة وتستحق كل ما يحدث لها كان، عليها أن توقفه وتتصدى لذلك الغرور الذي يملأه ولكن بدلا من ذلك تضعف أمامه وتستسلم له هكذا، لماذا فعلت بنفسها ذلك؟ 
كيف وافقت على أن تبقى بحياته بعد ما عرفته؟ كيف تظل زوجته؟ بل أي زواج هذا الذي يتحدث عنه؟ زواج من أجل أن يضمن الأموال، يا الله! لقد تحولت حياتها إلى جحيم منذ أن عرفته وسقطت في شباكه والآن ماذا؟
لم يعد بإمكانها تغيير أي شيء، ولم لا؟ يمكنها أن تذهب لأي مكان لا يجدها فيه ولكن هل هي تريد أن تبتعد؟ هل هي قوية كفاية لأن تفعل؟ لقد فعلت مرة وكان قلبها يصرخ معترضا فماذا الآن؟ ماذا بعد أن اصبحت زوجته؟ لن يتركها، سيجدها ولن يرحمها، سقطت على الفراش بقلب يصرخ من الأنين وللأسف لم تملك أي دواء لشفائه
لم يعد الفيلا ولا للقصر، ثلاث ليالي قضاها بالشركة مجرد أن يطمان على والده بالهاتف ثم يعود للألم مرة أخرى ولكن لا يستسلم له وإنما يغرز نفسه في أوراقه ربما تنفذه من أشواك الأحزان المؤلمة أو تبعده عن حيرته التي لم يعد يبحث عن حل لها أو حتى عن تلك الأسئلة التي لا إجابة لها ولكن لن يستطيع مواجهتها ولا الرضوخ لطلب الطلاق هي له ولن تكون لسواه، ليته يسمع لصوت قلبه ويلبي طلبه بأن يذهب إليها ويعترف بحبه لها
حب!؟ أي حب؟ هل يحبها؟ نعم يحبها، الآن عليه أن يعترف بذلك، منذ أن سقطت عيونه على عيونها البريئة أحبها، أحبها بكل ضعفها وقوتها، حنانها، براءتها، كل ما بها يحبه،  تحرك في المكتب بدون هدى لا يعرف ماذا يفعل؟ لا يقوى على بعدها ولا يتحمل أن يعود ويري دموعها فعاد إلى مكتبه ولم يجد أي حل سوى العمل 
****
"جي هل أنتِ مشغولة؟" 
رفعت جي وجهها إلى لي لب فرأت وجهها شاحب، نهضت واتجهت إليها وقالت بقلق "ماذا بكِ؟ هل أنتِ مريضة؟" 
هزت رأسها نفيا وقالت "لا ولكن.." 
جذبتها إلى المقاعد الموجودة حول البسين وجلستا وقالت "ماذا هناك؟ تحدثي" 
أخفضت عيونها وقالت "أنا، أقصد" 
وعادت للصمت فبدأت جي تشعر بالقلق وقالت "لي لي ماذا هناك؟ لقد تملكني القلق تحدثي" 
نظرت إليها بعيون حائرة وقالت "أنا في ورطة جي ولا أعلم ماذا أفعل؟" 
أمسكت يدها لتمنحها بعض الراحة وقالت "هل حدث أي شيء مع حسام؟ أقصد.." 
قاطعتها بلا تفكير "لا، ليس كذلك، اطمئني لم يحدث شيء، حسام إنسان محترم جدا ويخاف عليّ ويحبني، إنه"
وصمتت مرة أخرى فتنهدت جي وقالت "هل تتحدثي؟ أنا لم أعد أتحمل"
أخفت عيونها بالنظر لأصابعها وقالت "هل تتذكرين نبيل؟ الشاب الذي كنت أعرفه في الكلية وحكيت لكِ عنه؟" 
تذكرته بالطبع وقالت "نعم أذكره، ماذا عنه؟ ما الذي جعلك تذكريه الآن؟" 
قالت بتردد "لقد هاتفني و، ويهددني بأن يرسل صورنا إلى حسام" 
استوعبت ما قالت فهتفت بغضب "أنتِ لكِ صور معه؟ هل أنتِ مجنونة؟ كيف فعلتِ ذلك؟" 
نهضت وتحركت بلا هدى وقالت "كنت صغيرة ومتهورة ولم أعرف أن ذلك خطأ ولم أفكر أن يستغل هو ذلك"
قامت لا وأعادتها أمامها وقالت "وكيف فعل؟ وماذا يريد؟" 
كانت الدموع تلمع بعيونها وهي ترد "نقود، مائة ألف جنيه" 
تراجعت جي وهي تفكر حتى قالت "وما الضمان أنه سيمنحك كل ما لديه؟"
كانت دموعها تنساب بهدوء وهي تواجه جي حتى قالت "قال أنه سيسافر للخارج ويحتاج المال وما أن يحصل عليه فلن أراه مرة أخرى" 
ابتعدت وهي تفكر ثم قررت وقالت "حسنا اتصلي به وأخبريه أني سأقابله وسأعطيه المال شرط أن يمنحنا ما لديه أو يدمره أمامنا" 
اقتربت منها لي لي وقالت من بين دموعها "أنتِ ستخبرين جاسر؟" 
نظرت لها وأدركت الخوف بعيونها فقالت "لا، جاسر لا، لدي أموالي التي منحني إياها والدك، لا يمكننا أن نخبر جاسر قد يقتله لو عرف" 
زادت دموعها وقالت "نعم أعلم، ولكن إنها أموالك جي" 
ابتسمت لها وقالت بحنان صادق "أنتِ أهم عندي من أموال الدنيا، أنتِ أختي وصديقتي وكل من لي بالدنيا" 
احتضنتها لي لي بسعادة وقالت "وأنا أيضا، أحبك جدا جي"
****
جلست في ذلك المطعم ولي لي تنظر حولها وتقول "لا أعلم لماذا تأخر؟ أنا أخاف أن يرانا أحد هنا" 
دق قلبها هي الأخرى ولكنها قالت "إن شاء الله لن يحدث شيء، فقط أين هو؟" 
لحظة مرت قبل أن تشير إلى باب المطعم وقالت "ها هو، لقد وصل" 
اتجه نبيل الشاب المماثل لهم بالعمر، طويل ونحيف، عيونه زائغة وخطواته واسعة وهو يتحرك إلى مائدتهم، لم يبدو عليه أي تعابير تدل على شخصيته 
رحب بهم وجلس ببرود وقال "مساء الخير" 
نظرت جي إليه ببرود وقالت "هل يمكن أن تخبرني ماذا تريد من لي لي دون لف أو دوران؟" 
قال ببرود مماثل "بصراحة أنا بحاجة للمال للهجرة لذا فكرت في لي لي"
هتفت  لي لي بغضب "يا ندل يا جبان"
نظرت لها جي وقالت "لي لي انتظري، اسمع يا نبيل، أنت بالطبع تعلم من هو أخوها وخطيبها أي أنها لو أخبرتهم عنك فلن يرحموك" 
تراجع وقال بهدوء "ولِم لم تخبرهم؟ لأنها تخاف منهم، أنا سأهرب ولن يجدوني بسهولة ولكن هي أمامهم، ربما يقتلها أخوها ويتركها خطيبها" 
أدركت أنه جاهز بالرد فقالت "ولنفرض أن ذلك حدث لن تستفيد أنت شيء" 
هز رأسه وقال "ربما، ولكنها محاولة ولن أخسر منها أي شيء" 
قالت بضيق "أنت ندل حقيقي" 
ابتسم وقال "الغاية تبرر الوسيلة" 
ظلت تحدق له حتى قالت "وما الضمان أنك ستمحي كل الصور ولن تستغلها مرة أخرى؟" 
تراجع وقال " لا يوجد ضمان سوى كلمتي، انا سأعطيك القرص الصلب وسأمحو كل شيء من على الهاتف أمامك وعليكِ أن تثقي بي" 
رن هاتف لي لي فنظرت إليها بفزع ورأت اسم حسام فقالت "اذهبي وردي" 
أسرعت لي لي مبتعدة بينما عادت هي له وقالت "اسمع يا نبيل أنا سأمنحك المال الذي تريده ولكن لو أعدتها مرة أخرى فلن أخاف من أي شيء؛ سأخبر جاسر وربما حسام أيضا، لن يهمني ما سيحدث وقتها فهي فرصة لك لتبتعد ولكن أقسم ألا أرحمك لو كررتها مرة أخرى هل تفهم؟" 
ابتسم لأنه نال مراده وأخرج القرص وأخرجت هي الشيك ثم مسح كل شيء من على الهاتف وأخذ منها الشيك ثم نظر إليها وابتسم ثم مد يده لها لتحيتها وهو يقول "سعدت بالتعامل معك" 
منحته يدها ببراءة ولكن فجأة رفع يدها لفمه ووضع قبلة على ظهرها فأبعدت يدها بسرعة وضحك وهو ينهض ثم وقف بجوارها وهي تحدق به بغضب فمال عليها جدا وهمس بشكل مفاجئ 
"عيونك جميلة جدا" 
كادت ترفع يدها لتصفعه ولكنه اعتدل وعاد للضحك وهو يبتعد وهي تشعر بالغضب مما فعل وتابعته وهو يختفي خارجا من المكان 
عادت لي لي وهي تتابعه وهو  ينصرف وما أن وصلت لي لي حتى قالت "هل حدث شيء مع حسام؟" 
أجابت بهدوء "لا، اطمئني" 
كانت تنهض وهي تقول "حسنا هيا بنا كي لا يقلق عمي" 
ولكن لي لي أمسكت يدها فجأة وقالت "جي، شكرا" 
ابتسمت لها وقالت "لا شكر بين الأخوات" 
جلست جي بينما قالت لي لي "كيف لا يرى جاسر هذا الحنان والحب الذي يملاء قلبك؟" 
اختنقت الكلمات داخلها وعاد الألم واندفعت كل الذكريات القريبة فأبعدت عيونها وقالت "لي لي!؟" 
أمسكت يدها وقالت "جي أنا أعرف أخي جيدا، ربما هو لا يبالي بالمشاعر ولكن هو يهتم بأفراد أسرته، يهتم بأحزانهم وأفراحهم، جاسر لم يكن المال هدفه بأي يوم خاصة لو تعلق الأمر بأفراد أسرته" 
نظرت لها بألم وقالت "أسرته" 
ابتسمت لي لي وقالت "نعم، أسرته؛ أنا، بابا وأنتِ جي، أنتِ زوجته ولا أظن أبدا أنه تزوجك من أجل المال، ربما هو وجد ذلك عذر يقنع به ندى وقتها ولكن ليس هذا جاسر أخي، أنتِ لا تعلمين مدى غناه فهو لا يملك أموال دادي فقط وإنما لديه أيضا ميراثه من مامي والتي صنع منها أمواله هو وشركته التي بلندن، جاسر غني جدا جي ولن ينظر لتلك الأموال القليلة التي منحها دادي لكِ" 
أخفضت عيونها وقالت "لم يعد هذا مهم الآن، أنا وجاسر على مفترق الطرق وطريق كلا منا يختلف عن الآخر، جاسر لا يتقبل أنني ممرضة وابنة السائق؛ كبريائه أكبر من أن يقبل بذلك لذا أراد كل شيء المظهر الإجتماعي بندى وربما.." 
وأخفضت عيونها فأكملت لي لي "ربما ماذا؟ أكملي، أنتِ تعلمين أن جاسر يحبك، عيونه تنطق بذلك، تصرفاته، غيرته، كل شيء يدل على ذلك، ليس هناك ما يمكن إجباره على أن يفعل أي شيء ضد رغبته ولا تخبريني أنه لم يكن يستطيع أخذ أموالك بطرق أخرى غير الزواج إنه فقط عذر أو مبرر، فقط امنحيه الفرصة فهو بحاجة للوقت ليتغلب على كبريائه وربما غروره ولكن لا تتركيه، أنتِ الحياة بالنسبة له، الحياة التي لم يعيشها، الحنان الذي لم يجربه، الأم التي لم يهنأ بأحضانها هو بحاجة إليكِ"
دمعت عيونها فقالت لي لي "دموعك هذه هي التي تمنعك من استيعاب الحقائق" 
أخفضت وجهها وقالت "لا وإنما هي وسيلتي الوحيدة للتعبير عما بداخلي ورفضي لم يحدث لي، للأسف بابا لم يعلمني كيف أواجه المشاكل وكيف أحلها لأنه كان يفعل بدلا مني، أنا أعلم أني أضعف من أن أواجه كل ما يحدث لي ولكن" 
ربتت لي لي على يدها وقالت "ولكن أنا لا أرى ذلك الضعف جي، بل أراكِ قوية، أنتِ لا تسمعين نفسك وأنتِ تقفين أمامه وتجادليه أو كيف يقف أمامك وبعيونه كلمات ربما يخشى لسانه أن ينطق بها، جي أنتِ أقوى مما تظنين، أحيانا أفكر أنني لا يمكن أن أتحمل كل ما تمرين به ووقتها أتأكد من قوتك" 
ابتسمت من كلماتها التي تمنحها تشجيع كانت بحاجة له وقالت "شكرا على كلماتك، إنها تمنحني شحنة ايجابية ربما أحتاج إليها"
ابتسمت لها لي لي وقالت "سيعود جي، لا تخشي شيء، لابد وأن يعود" 
لم ترد لأنها من داخلها تمنت عودته ولكن ما زالت غاضبة.. 
****
"لم تسال فقلت اسال أنا"
رفع وجهه من على الجهاز ونظر لندى وهي تدخل المكتب بملابسها الصارخة فأبعد عيونه وهو يرتد بمقعده لم يرد، اتجهت إليه وجلست كعادتها على طرف مكتبه أمامه وما زال بعيدا فلم يعد يطيق حتى وجودها بينما قالت
"اشتقت لك، ألم تفكر بي" 
نهض وابتعد فتبعته وقالت "لهذه الدرجة أنت غاضب مني؟ من أجلها" 
التفت له بنظرات حادة فابتسمت وقالت "أنا أعلم أنك تحبها جاسر، حتى ولو ادعيت غير ذلك فأنت تحبه، عيونك، تصرفاتك وحتى كلماتك كلها تنطق بالحب، على العموم أنا أعلم أن الأمر ليس بيدك فأمر القلوب ليس بيد أحد ولكن هل أنت تثق بها وب-نها تستحق حبك هذا؟ " 
ضاقت عيونه وقال "ندى!؟" 
ضحكت وقالت "حسنا، لن أقول أي شيء، فقط شاهد بنفسك" 
رفعت هاتفها أمامه فتردد قبل أن تلح عليه، أخذ الهاتف ورأى فيديو وبه لقاء جي بنبيل الجزء الذي كانت فيه معه وحدها وكيف قبل يدها وانحنى عليها وهنا ثار الغضب داخله حتى كاد يحطم الهاتف لولا أن أسرعت هي وجذبته منه وقالت وهي تبث باقي السم في أوصال علاقته بجي 
"لا أعلم كيف تثق في أمثالها؟ كان عليك أن تعلم أنها لا تريد إلا أموالك كما أخذت أموال والدك، تلاعبت به وجعلته يكتب لها ما كتب وجعلتك تتزوجها لتحصل على كل شيء ثم تهرب معه، كما رأيت شاب من عمرها مثلها هي تحضر المال وهو يتمتع به معها وأنت.." 
استكفى من كلماتها فاستدار والغضب يتملكه وأمسكها من ذراعيها بقوة وقال "كفى أنتِ شيطان، كفى" 
ولكنها لم تصمت وأكملت "وأنت تظن أنها هي الملاك المخلص؟ لا، ليس هناك ملائكة، ألم تتساءل أين هي الآن؟ قد تكون بأحضانه" 
أصابت هدف آخر وبقوة، أبعدها بلا وعي واتجه لمكتبه، جذب جاكته وهاتفه وانطلق غير عابئ بها وهي تنظر إليه بانتصار فقد حققت مرادها ففتحت هاتفها وأرسلت له الفيديو لتذيد تعذيبه كما فعل بها ..
وصلت هي ولي لي إلى القصر، اتجهت إلى كاظم واطمأنت عليه ثم تحركت لغرفتها وتبعتها لى لى قائلة "سأذهب لتبديل ملابسي ثم أعود لنجلس سويا ونحكي" 
ابتسمت وجذبت ملابس أخرى وضعتها على الفراش وكادت تتحرك للحمام ولكنها رأت بابها يفتح بقوة وهو يندفع منه فوقفت مفزوعة من طريقته ومنظر وجهه الغاضب، تراجعت في خوف من ملامحه ولكنه اندفع تجاها وأمسكها من ذراعها كعادته وعيونه تنطق بالشر وهو يهتف 
"كيف صدقتك؟ كيف صدقت تلك البراءة التي تخفي وراءها مخادعة كبيرة؟ كيف لم أكتشف أنكِ ممثلة بارعة؟ لكنه خطأي أنا، أنا الذي وافقت على وجودك هنا ولم أبحث وراءك، وثقت بكِ وأنتِ مثل الحرباء تتسلل وتتلون بكل الأشكال" 
لم تكن تفهم أي شيء وتملكها الخوف والفزع من طريقته وهو يهزها ويكمل "انطقي، كم رجل تعرفيه؟ كم رجل أقمتِ معه علاقة؟ كم من المال أخذتيه وأعطيتيه لهم؟" 
لم تعرف ما الذي أصابه وكيف يتهمها بمثل تلك التهم ولماذا؟ تملكها الصمت والفزع والحيرة أوقفت لسانها، تركها وابتعد وقال "وأنا الذي ظننت أنني أظلمك وأني كنت قاسي معك، عشت أيام وأنا أصدق أنكِ..، ولكن لا، ليس جاسر المنياوي الذي تتلاعب به فتاه مثلك، أنا الذي فعلت بنفسي ذلك أحضرتك من الشارع، مجرد ممرضة لا تساوي أي شيء، صنعت منك امرأة زوجة جاسر المنياوي، ساويتك بندى ابنة محسن الدمياطي، أنا أستحق أكثر من ذلك" 
سالت دموعها للمرة المليون فلا يمكن أن يكون هناك ما يمكن أن تفعله أمام ما يقوله، لقد اعترف بما داخله عاد وقال "ولكن لا، لن تنالي مرادك، ستتنازلين عن كل شيء والآن هل تفهمين؟ فقط أخبريني أولا من هذا الذي كنتِ تجلسين معه؟ لا، لا يهم سأعرفه وحدي فبالتأكيد تخافين عليه ولن تخبريني عنه، حقك ولكن إلى هنا وانتهى كل شيء ولابد أن أنهى هذه المهزلة فلم يعد لوجودك في حياتي مكان، الخيانة ذنب لا يمكن أن يغفر" 
خيانة!؟ هي خائنة!؟ كيف ومتى ومن؟ لم تعد تصدق كل ما يقول ولكن إلى هذا الحد وانتهت هي أيضا، ليس الخيانة، هي التي انتظرت حتى فعل بها كل ذلك إلى حد اتهامها بالخيانة وهو ما لن تسمح به لذا كما قال لقد انتهى كل شيء ولكن عليها أن تدافع عن نفسها هذا حقها فقالت من وسط دموعها 
"أنا لم أفعل شيء" 
عاد لها وقبض على ذراعها بيد ورفع هاتفه أمامها بيده الأخرى فتراجعت وهي ترى الفيديو والذهول يأخذها ولم تستطع أن تقول أي شيء، خافت على لي لي ولكنه لم يرحمها قبض على ذراعيها الاثنان بلا رحمة وهزها بقوة وهو يهتف بها 
"هيا تحدثي، أخبريني الحقيقة، كلي آذان صاغية، انطقي" 
فزعت وارتجف جسدها بين قبضته ولكنها لم تجد ما تقول غير "أنا بريئة" 
ولكنه لم يسمع ولم يشعر وهو يصفعها على وجهها ويقول "كاذبة، خائنة" 
انفلتت من يده من أثر الصفعة فتألمت أكثر وهو ينظر إليها والغضب يعميه ولكنها لم تعد تتحمل أكثر من ذلك، لقد انتهى كل شيء وانتهت طاقة تحملها لتلك الإهانات، الآن حان موعد الفراق فقد وصلا إلى المفترق الذي لا يمكن تجاوزه أو التغاضي عنه فانطلقت إلى الخارج بكل قوتها ولم تستطع أن تنتظر أكثر من ذلك 
لقد مات كل شيء وانتهى فأخذت تجري في الشارع بلا هدى لا تعرف إلى أين فقد غطت الدموع بصرها وأفقدتها الرؤيا، لم تعرف إلى أين تذهب ولمن؟ لم تفهم ما الذى فعله بها ولماذا؟ لكن لم يعد يهم لقد قطع كل الشرايين التي بينهم وبدء النزيف...
لقد ظهر السراب في علاقتهم فلم ترى إلا ظلال لقلب يأن من الألم، تعبت من الجري فلم تعد قدماها تحملها فتوقف تلهث بل وانهارت الدموع أكثر وهي تتذكر كلماته ولكم تألمت منها ومن ظلمه وغروره، لماذا تتحمله؟ ل، لن تفعل بعد اليوم،  لم تعد تملك القوة على التحمل لذا ابتعدت وستبتعد إلى أقصى حد ولن تعود
الفصل التاسع عشر 
ندم أحبك 
"جاسر ما الذي فعلته؟" 
سمع لي لي تهتف بفزع فقال بنفس الغضب "هذا ما كان يجب -ن أفعله منذ البداية"
قالت بألم "لا جاسر، ليس جي"
هتف بنفس الغضب "بل أنتِ لا تعرفين أي شيء، مخدوعة مثلي ومثل بابا إنها بارعة" 
تحركت واتجهت إليه وقالت بقوة "لا، لا يمكن أن تتحدث عنها هكذا، أنا أكثر شخص يعرفها؛ أنها أصدق وأنقى من كل من عرفتهم" 
كان يعلم أنها لن تصدقه فأخرج هاتفه وأراها الفيديو الذي أرسلته ندى وقال "إذن شاهدي المخلصة وهي تخونني وأخبريني كم رجل بحياتها؟ أجيبي" 
ارتجفت يد لي لي وهي ترى نبيل مع جي وأدركت إن ندى تلاعبت بهم جميعا واستطاعت أن تحقق غرضها، دمعت عيونها وارتجف قلبها وهي لا تعرف ماذا تفعل؟ هل تترك جي وتتخلى عنها؟ لا جي لم تتركها، وقفت معها وساندتها وهي لن تقل عنها شجاعة لذا أعادت إليه الهاتف وقالت بقوة "أنت ظلمتها جاسر" 
قال بغضب "وهذا الفيديو؟ وذلك الرجل؟ وربما هناك غيره كثيرين" 
تراجعت لي لي وقالت بخوف "لا يا جاسر جي مظلومة، هي لم تكن تعرف ذلك الشاب" 
حدق بها وقد شحب وجهها فلم يفهم شيء وقال "أنا لا افهم لماذا تدافعين عنها هكذا؟" 
ابتعدت وزاد خوفها ولكنها لن تترك جي فأكملت "لأنها بريئة وأنا سأخبرك بكل شيء"
لم تحمله قدماه عندما أخبرته أخته بالحقيقة فتهاوى على أقرب مقعد ووضع رأسه بين يديه وهو يحاول أن يستوعب ما حدث، ندى هي التي تلاعبت به، هو الذي ظلمها حقا بل وأهانها ولم يترك أي طعنة يمكنه أن يوجهها إليها إلا وطعنها بها بقوة وبوحشية 
أماتها ألف مرة بكل كلمة، كيف فعل بها ذلك؟ لقد أنهى كل شيء حقا ولم يتبقى سوى الندم والذي تساقط عليه مثل قطرات المطر ربما يعيده إلى الواقع، الى الحقيقة التي كان يرفضها
 اتجهت لي لي إليه وجلست على الأرض أمامه ولمست يداه وقالت "جاسر أنا، أنا آسفة لم أقصد، كنت خائفة وهي التي وقفت بجانبي وساعدتني، لا تتركها جاسر أرجوك جاسر، جي تحبك" 
أبعد يداه ورأت وعيونه التي تلونت بالأحمر وامتلأت بالألم والحزن وقال "كانت، كانت لي لي، بعد ما فعلته بها لم يعد لي مكان بقلبها" 
أمسكت يده واحتضنتها بحنان وقالت "لا جاسر، ربما هي غاضبة منك أو حزينة وأكيد مجروحة ولكن لا يمكن أن تكف عن حبك أنا متأكدة، هيا اذهب خلفها وأعدها، اذهب جاسر فليس لها أحد سواك لتذهب إليه، أنت حبيبها وزوجها وكل من لها، لو لم تحبك لما تحملت، هيا جاسر اذهب واعتذر لها وأخبرها أنك تحبها ولا تستطع أن تعيش بدونها وأنا متأكدة أنها ستعود وستغفر لك، هيا ولا تضيع الوقت"
عاد إليه الأمل بكلمات أخته، نعم لابد أن يعتذر ويخبرها أنه فعل ما فعل لأنه يحبها ويغار عليها، أحاط وجهه أخته بيديه ووضع قبلة على جبينها فابتسمت له من وسط دموعها وهزت رأسها فقام وأسرع إلى الخارج
وصل لسيارته وقادها بلا هدى محاولا أن يبحث عنها في كل الوجوه التي يراها،  تذكر عيونها الباكية والألم الذي لاح فيها، أغمض عيونه محاولا أن يبعد عيونها وتذكر ما قاله وفعله بها، كيف فعل ذلك؟ لابد أن يجدها ويخبرها أنه يعشقها ولا يريد سواها، هي حبيبته التي لم يعرف الحب إلا معها ولها وما أن فتح عيونه حتى رآها من بعيد تدخل  شارع آخر فعاد الأمل وضغط على دواسة البنزين ولف المقود ليدخل الشارع ولكنه لم ينتبه إلى المقطورة الكبيرة التي كانت تندفع في الاتجاه المخالف وكادت تصطدم به فحاول أن يتفادها وهو يدير عجلة القيادة ليحيد عن الطريق ولم يرى السيارة التي أتت من خلفه بسرعة فاصطدمت بسيارته بقوة أطاحت به وانقلبت السيارة ولم يشعر بنفسه وفقد الوعى..
انتبهت إلى الحادث من صوت الاصطدام وما أن التفت حتى عرفت سيارته التي رأتها وهي تنقلب أمامها فصرخت باسمه وهي تندفع إلى سيارته ولكن تجمع العديد من الناس حولها فأبعدوها وهي تصرخ باسمه وتراه مغمض العيون والدماء تحيطه من كل جانب فاستمرت في الصراخ بلا وعي إلى أن أخرجه الجميع من سيارته 
أسرعت إليه ورفعته لصدرها وهي تصرخ "جاسر، جاسر رد عليّ، إسعاف اطلبوا الإسعاف" 
أمسكت يده وشعرت بالنبض فقالت بألم "جاسر حبيبي لا تذهب لا تتركني، جاسر رد عليّ، ماذا فعلت بنفسك؟ ماذا فعلت؟" 
وأخيرا وصلت الإسعاف ولم تتركه ومعه الرجل الآخر الذي أخرجوه من السيارة الأخرى ..
وصلت لي لي مع حسام إلى المشفى بعد أن أخبرتها جي في الهاتف وأسرعت لي لي تسأل عنه فقالت المرأة "نعم هو بالعمليات في الدور الأول" 
أسرع الاثنان إلى الأعلى ورأى حسام جي وهي تقف وحيدة فأسرعوا إليها وهي منهارة، أمسكتها لي لي وهتفت "جي ماذا حدث؟"
قالت بانهيار "لا أعرف، أنا رأيت سيارته وهي تنقلب به وأخرجه الناس بين دماؤه، جاسر يا لي لي، جاسر سيضيع مني، أنا لن أتحمل كل ذلك، أنا السبب، غضبه منى دفعه لذلك" 
بكت لي لي وقالت "لا يا جي، أنا أخبرته بكل شيء، لقد كان يبحث عنكِ ليعتذر لكِ ويخبرك بحبه، ندى السبب، ندى السبب" 
تراجعت وأغمضت عيونها وأنفاسها تتلاحق من الألم وقالت "لا أنا أيضا السبب، لولا أنه جاء ليبحث عني لما حدث ذلك، أنا السبب، أنا السبب" 
اتجه حسام إليهم وقال بحزم "ليس أحد السبب أنه قضاء الله والآن ادعوا له" 
رأى حسام الممرضة تخرج من العمليات فأسرع إليها وقال "من فضلك جاسر المنياوي الذي وصل بالحادث أين هو؟" 
قالت "لقد وصل رجلان والاثنان بالعمليات وحالتهم خطر" 
تراجعت جي من الخوف حتى التصقت بالحائط ولم تحملها قدماها وهي تضع يدها على فمها لتكتم صرخة حزن وألم وتركت لدموعها العنان وانضمت لها لي لي ووصل علي ولكن هي ضاعت من الدنيا وهي تتذكر كل لحظاتها معه ولمساته وكلمات غزله لها، لم تتذكر لحظات القسوة وإنما تذكرت لحظات ربما بالنسبة لها لحظات حب وحنان 
أغمضت عيونها وقالت بكل الحزن الذي بداخلها "يا رب" 
بالطبع لم يخبروا كاظم بأي شيء ولم تظهر ندى ولم يفكر بها أحد، مر الوقت ثقيلا إلى أن خرجت الممرضة فاندفع الجميع إليها وهي نظرت إليهم وقالت "أنا آسفة أحدهم مات" 
صرخت لي لي وضمها حسام بصدره ولكن هي لم تصدق وقالت "ألا تعرفين اسم من مات؟" 
قالت الفتاة "لا، لا أعرف" 
قالت وهي تندفع إلى داخل غرفة العمليات دون وعي "إذن أنا سأعرف ولن أنتظر" 
اندفعت دون أن تجد من يوقفها رغم أن الفتاة حاولت أن تلحق بها ولكنها كانت أسرع ودخلت لتجد نفسها أمام جسدين على فراش العمليات، نظر الأطباء إليها وحاولت إحدى الممرضات إعادتها ولكنها قالت 
"اتركيني لابد أن أعرف أين جاسر، لم يمت أليس كذلك؟ زوجي لم يمت، أنا أشعر به وأسمع دقات قلبه" 
تعاطف معها أحد الأطباء فاتجه إليها وأبعد الممرضة عنها وقال "جاسر المنياوي؟" 
هزت رأسها فقال "اطمئني هو بخير ولكن ما زال بحاجة لرعايتنا وأنت تعطلين عملنا، هل تنتظري بالخارج؟" 
نظرت إليه بدموع لا حصر لها وقالت "لم يمت؟ أرجوك لا تكذب عليّ" 
كانت عيونه صادقة وقال "لا، أنا لا أكذب، هو بخير لا تقلقي" 
هزت رأسها ثم تراجعت إلى الخلف وخرجت فأسرعت إليها لي لي وقالت "مات؟ أخي مات يا جي؟" 
هزت رأسها وقالت "لا، لم يمت الحمد لله، لم يمت الحمد لله" تنفست لي لي براحة وابتعدت وهي تحمد الله 
وأخيرا خرج الأطباء وعرفت الطبيب الذي تحدث معها، نظر إليها وقال "أنتِ جي؟" 
حدقت به وهزت رأسها فقال "هو بخير، كان ينادي باسمك" 
أغمضت عيونها وهي لا تصدق، هل تذكرها وهو بين الموت والحياة؟ عادت وفتحت عيونها وقالت "كيف هو الآن؟" 
قال الطبيب "ما زال بالإفاقة وسيخرج على العناية، ضلع مكسور وكسر بالذراع الأيمن، جرح عميق بالرأس لكن الحمد لله ليس هناك نزيف داخلي، جرحين كبار بالقدمين غير ذلك هو نجا، قائد السيارة الأخرى أصيب بسكتة قلبية أثناء الجراحة، هل لديكم فكرة عن أقاربه؟" 
تولى حسام الأمر وقال "لا ولكن ربما بطاقته أو.." 
قال الطبيب "لم نجد معه أي أوراق" 
أجاب حسام "إذن ستقوم الشرطة بالتحريات وسنبلغكم" 
سأله الطبيب "حضرتك؟" 
رد حسام بحزم "الرائد حسام، مباحث" 
تفهم الطبيب "أهلا يا فندم، عن إذنكم" 
أوقفته هي وهي تسأله برجاء "هل يمكن أن أراه؟ أنا ممرضة و" 
ابتسم وقال "عندما يفيق أكيد سيطلبك" وابتعد..
عند المساء وصلت ندى ببرود هي ووالدها، ابتعدت من أمامها، لن تواجهها ليس الآن بل ليس أبدا 
وقفت ندى مع لي لي التي حاولت ألا تخبرها بشيء أو حتى تشعرها بلذة الانتقام ثم ابتعدت وما هي لحظات حتى خرجت الممرضة وقالت "مدام جي"
التفتت إليها وقالت "نعم" 
قالت الفتاة "يسال عنكِ" لم تفكر وهي تندفع للداخل وتراجعت ندى من الغيظ 
رأته وهو على الفراش بين الأجهزة الطبية ولم تتخيل يوما أن تراه هنا فهو يمثل القوة بالنسبة لها، اتجهت إليه وقد التفت الضمادات العريضة حول صدره ورأسه واخيرا رحلت لعيونه التي كانت تنظر إليها 
اسرعت إليه وأمسكت يده وقالت "كيف تفعل بنفسك ذلك؟" 
شعر بألم في كل جسده ولكن ذهب الألم بوجودها فقد ظن أنها ستتركه ولن تعود إليه  فقال "بعد ذهابك لم يعد هناك ما يستحق أن أعيش من أجله" 
أغمضت عيونها تتلذذ بتلك الكلمات التي لم تحلم بأن تسمعها منه، عاد وقال "جي أنا آسف" 
فتحت عيونها بنفس الدموع فعاد يقول "أعلم أنه من الصعب أن تسامحيني"
ظل الصمت حليفها فعاد يقول "تكرهيني ولا تريديني في حياتك فلماذا تبكين؟" 
لم تبعد يدها من يدها ولا عيونها عن عيونه وقالت بضعف "هذا ما تظنه؟ أني أكرهك؟" 
قال وهو يبعد عيونه عنها "هذا ما أستحقه بعد كل ما فعلته بكِ" 
ثم عاد ونظر إليها وقال "ولكن غصب عني، لم أتحمل ما رأيته، غيرتي كانت أقوى من عقلي وغشت عيوني، جعلتني أخسرك وكسبت كرهك" 
قالت بنفس الضعف "مرة أخرى أكرهك؟ هل تصدق أنني يمكن أن أكرهك"
 جذب يدها لفمه ووضع قبلة عليها وهي لم تمانع وقال "حاولت أن اصدق ولكن قلبي لم يصدق" 
نظرت إليه وتعالى صدرها من دقات قلبها وقالت "قلبك! وأين أنا من قلبك؟ قلب جاسر المنياوي" 
اعترف بلا تفكير "ملكك جي، قلبي وعقلي وكلي ملكك جي مهما حاولت أن أخفي الأمر الآن لم أعد أستطيع أكثر من ذلك" 
زادت دموعها ولكن هذه المرة كانت دموع السعادة وليس الحزن فهي لا تصدق ما تسمع فقالت "جاسر من فضلك لا تتلاعب بي، لن أتحمل يا جاسر، لن أتحمل، أنا ما زلت جي الممرضة ابنة السائق" 
قبل يدها مرة أخرى وهي يحتضنها بجوار قلبه وقال "وأنا أحب جي الممرضة وأعشق جي ابنة السائق، أنا آسف جي، آسف على كل كلمة قلتها وجرحتك بها، لقد طار عقلي مني وقتها ولكن بالحقيقة أنا أحبك كما أنتِ" 
أغمضت عيونها وشعرت بأن قلبها سيتوقف من سعادته، سمعته يناديها ففتحت عيونها لترى عيونه تنتظر عيونها فردت بحنان "نعم" 
قال بنفس الضعف الذي لم يعرفه "سامحيني" 
شدت على يده وقالت "ومن قال أني لم أفعل؟ قلبي سامحك دون أن أملك أن أمنعه" 
تأمل ملامحها ثم قال "هل تحبيني جي؟" 
عادت تغمض عيونها وهي تتنفس بقوة ثم فتحتها وقالت "هل تسأل؟ كان عليك أن تعرف، كان عليك أن تعرفها من عيوني ومن تصرفاتي، كان عليك أن تعرف دون أن ينطق به لساني" 
همس برجاء "ولكني أرغب أن أسمعها ليهدأ قلبي، هل تحبيني جي؟" 
همست بدون تردد "نعم جاسر أنا أحبك، أحبك يا أول وآخر حب بحياتي" 
جذبها إليه وأراد أن يضمها لصدره ولكنها تراجعت وقالت "جاسر أنت، أنت مصاب وصدرك.." 
لكنه ابتسم وقاطعها " جودك يشفي جراحي، قربك يذهب كل أوجاعي، تعالي جي، دعيني أضمك لصدري حتى أصدق أنك معي ولي، ليطمئن قلبي نكِ عدتِ إليه ولن تبعدي عنه أبدا، تعالي جي، تعالي" 
وجذبها إليه وضمها بذراعه السليم لصدره رغم إصابته وأغمضت عيونها حتى سمعته يقول "أحبك جي، إياكِ أن تبتعدي عني في أي وقت، إياكُ حبيبتي" 
هزت رأسها وقالت "لن أستطيع، قلبي لن يقبل" 
شعرت بحركة من حولها فابتعدت ورأت الممرضة تقول "من فضلك مدام يكفي هذا هو بحاجة للراحة" 
مسحت دموعها وقالت "حاضر، حبيبي أنا بالخارج، لن أذهب من هنا إلا معك" هز رأسه واستسلم للنوم 
عندما خرجت اتجهت إلى لي لي بسعادة وقالت "الحمد لله هو بخير" 
احتضنتها الفتاة وقالت "الحمد لله" 
لم ترى ندى ولم تهتم بالسؤال عنها بينما سألتها لي لي "هل انتهى الخلاف؟" 
ابتسمت وهي تمسك دموعها وقالت "وهل تعتقدين أنني لن أفعل؟ تعلمين أني لا أملك إلا أن أسامحه، أنا أحبه لي لي، أحبه ولا معنى لحياتي بدونه فهو عمري كله" 
احتضنتها ثم عادت وسألتها "هل اعترف بحبه لكِ؟" 
هزت رأسها بسعادة فأغمضت لي لي عيونها وقالت "الحمد لله"..
في الصباح سمحوا لها هي ولي لي بالزيارة مرة أخرى واطمئنوا عليه وطلب منها أن يرى علي، حاولت أن ترفض ولكنه أصر فاستدعته وتركته معه باقي الوقت..
أخبرها الطبيب أنه في تحسن ولا يوجد ارتجاج بالمخ وفي المساء سيخرج إلى غرفة عادية، عادت لي لي ومعها كاظم الذي غضب لأنهم أخفوا عنه الأمر وبالطبع زار ابنه واطمأن عليه ورفض أن يرحل إلا بعد أن يراه خارج العناية  
أحضرت لي لي ملابس نظيفة بدلتها، وأخيرا خرج إلى غرفة، التف الجميع حوله وهي بجواره والسعادة تنطق من عيونها وقد أخبرت كاظم بما حدث فهو أولى من كل الناس بأن يعرف 
قال حسام "السيارة الأخرى كانت مسروقة لذا كان الرجل يقود بسرعة فلم يستطع تفادي سيارتك" 
نظر جاسر إليه وقال "ليس له أحد؟" 
أأجاب حسام "والدته امرأة مسنة لا تعرف أن ابنها حرامي وليس لها أحد سواه" 
نظر إليها فقالت دون أن يقول شيء "حاضر سأخبر علي بما تريد" 
ابتسم وقال "وما الذي أريده؟" 
واجهت عيونه وقالت "أخبره أنك ستتولى مصاريف المرأة وترسل لها كل شهر مبلغ مالي يعينها على المعيشة" 
ضحك وضحك الجميع وأكملت "وربما تدفع لها مصاريف عمرة" 
أمسك يدها وقال "إذا أردتِ فهو لكِ، طلباتك أوامر عندي" 
تورد وجهها وأخفضت عيونها بينما قالت لي لي "يا جي يا جامدة، هكذا هي الزوجات" 
ضحك الجميع ونظر جاسر لوالده وقال "بابا هل يمكن أن تعود للبيت لترتاح؟ أنا أصبحت بخير" 
ابتسم الرجل ونظر لجي وقال "أعلم، الآن أستطيع أن اطمئن عليك وعليها هيا يا لي لي" 
اتجه حسام إليه وقال "الحمد الله على السلامة جاسر" 
نظر إليه وقال "شكرا حسام لوجودك" 
ابتسم حسام ولي لي التي اتجهت إليه وقبلته بحب وقالت "أحبك أخي" 
قال هامسا "حسابنا لم ينتهي" 
نظرت إليه بقلق فعاد وقال "ولكن ما سيغفر لكِ أنكُ السبب في عودتها لي" عادت تبتسم واحتضنته برفق فابتسم وقال "هيا اذهبي حسام اهتم بها فهي مجنونة ومتهورة" 
قال حسام "أعلم"
وغمز لجاسر فقالت بحزن "حسام" 
ولكنه أسرع يقول "ولكني أعشق هذا الجنون ولا أستطيع أن أعيش بدونه" 
احمر وجهها وابتسمت له ثم نظرت لجي وقالت "هل تريدين شيء؟" 
ابتسمت وهزت رأسها بالنفي فذهبت وذهب الجميع وتركوهم سويا وأخيرا هي معه وحدهم أمسك يدها وقال "وأخيرا وحدنا" 
تورد وجهها وقالت "جاسر نحن بالمشفى أي لسنا وحدنا" 
قبل يدها وقال "لا يهمني إلا أنك معي" 
قالت بحنان "أنا معك للأبد" 
ظل ينظر لعيونها وقال "حقا؟" 
هزت رأسها وقالت "عندك شك؟" 
أجاب "على قدر ما أصابني الحادث بالكثير على قدر ما أعادني للحياة بوجودك معي، نعم هذه هي الحياة التي كان يتحدث عنها بابا ولم أكن أفهم كلماته، فقط أنتظر حتى أعود لطبيعتي وسأعوضك عن كل ما فاتنا" 
قالت وهي تريح رأسها على كتفه "أنا لا أريد أكثر مما أنا فيه الآن، وجودك بجانبي يكفيني" 
قبل يدها وشعر بالراحة ترك يدها وهو يخرج من جيبه ورقة وأعطاها إليها فاعتدلت ونظرت للورقة وهي تسأله "ما هذا؟" 
منحها لها وقال "افتحيها" 
ما أن أمسكت الورقة حتى عرفت الشيك الذي أعطته لنبيل فنظرت إليه بدهشة فقال "أولا هي أموالك، ثانيا أنت ما زلتِ لا تعرفين زوجك جيدا وهذا الكلب كان لابد من تأديبه جيدا لتطاوله عليكن ومن فضلك لا تفعلي ذلك مرة أخرى، ثقي بي جي، مهما كان الأمر عليكِ إخباري به واتركيني أنا أتصرف بطريقتي فقد أخبرتك مرارا أنك لن تدركي كيف تتعاملين مع هذا العالم" 
مالت برأسها على صدره فأحاطها بذراعه وقالت "الآن يمكنني مواجهة العالم كله وأنا بين ذراعيك جاسر، أنا أحبك جدا" 
شد عليها وقال "ليتني ما أضعت لحظة واحدة وأنا بعيد عنكِ، أنا أحببتك منذ أول لحظة رأيتك بها ولكن للأسف لم أدرك ما بيدي إلا عندما كاد يضيع مني" 
قالت برجاء "جاسر دعنا ننسى ما فات، أنا لا أريد أن أذكره، أريد أن أعيش معك تلك اللحظات السعيدة دون أي شوائب مؤلمة تعكر صفو جمالها، دعني أستمتع بوجودك الذي كنت أراه فقط بأحلامي" 
قبل جبينها وصمت ليستمتع معها بتلك اللحظات الجميلة 
مر اسبوعين وقرر الطبيب خروجه من المشفى وفك جبيرة يده وبدأت جراح قدمه تندمل كل ذلك وندى لم تظهر ولم تسال حتى عنه وقد اتخذ قراره بأن يمنحها الطلاق فهو أفضل عقاب على ما فعلت ولكن كل شيء بأوان 
أخيرا وقف أمامها في غرفته وقال "الآن لم يعد لديكِ أي حجة" 
ابتعدت من أمامه بخجل فأعادها أمامه وهو يتجول على ملامحها وقال "اهدئي، ليس الآن" 
نظرت إليه بحيرة وقالت بخجل "جاسر" 
ضحك بسعادة وقال "أموت أنا في خجل البنات الحلوة، أولا أعدي الحقائب سنسافر اسبوع لندن لدي بعض العمل هناك أنتهي منه ونمضي باقي الأيام سويا، كنت أتمنى أن أقيم لكِ زفاف وفستان أبيض ولكن" 
ابتسمت وقالت "أنا لا أريد كل ذلك، فقط أريد أن أكون معك" 
قبل يدها وقال بصدق "كما هو أنا حبيبتي، هناك في لندن سأكون لكِ وحدك ولن يمنعك عني شيء هل تفهمين؟ لن يرحمك مني أحد" 
ابتسمت بسعادة كالأطفال وقالت بدون تصديق "لندن؟ أنا أذهب لندن؟" 
مرر يده على وجنتها وقال "نعم حبيبتي بل والعالم كله لو رغبتِ بذلك، هيا فقط أعدي لي ملابس الآن سأذهب الشركة وسأعود على موعد الطائرة" 
هتفت باستنكار "شركة!؟ لا جاسر أنت ما زلت بحاجة للراحة" 
لم تشعر إلا وهو يقبلها بشوق فلم تمانع بل تركت نفسها له حتى تقطعت أنفاسها فأبعدها وهي ما زالت تغلق عيونها وتستجمع قوتها التي سرقها وتعالت أنفاسها فهمس "أعشق قبلتك حبيبتي تنسيني الدنيا" 
وابتعد ليغير ملابسه وهو يضحك ويقول "الملابس، هيا" نظرت إليه بخجل وهي تحاول أن تتمالك أنفاسها..
تعليقات



<>