
رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الثامن والثلاثون38 بقلم نجمه براقه
بسنت
عصبيتها لما سمعتني بقول انه ابوه كانت غير مفهومة.
مكنتش قادره احدد اذا كانت مصدقة الراجل.
او نها خايفة ومش عاوزه تكون دي الحقيقة لانها عارفة عواقبها الفخيمة واثرها علي حمزة.
-بقولك بيطلب مني أساعده يأذيه، تقوليلي أبوه؟!
- لأنه أبوه، أنا وانتي كنا شاكين من الاول، ومتنسيش إنه أنقذه من الموت قدامك، ولو كان صح عايز يأذيه كان اذاه من زمان، ولو افترضنا انه عايز ياذيه، هيقول لمراته؟
قالت بحيرة:
-طيب... وهو يقولي كده ليه لو هو أبوه؟!
معرفش، بس احتمال يكون بيختبرك.
قالت بتوتر شديد
- يختبرني إيه إنتي كمان! الاتنين كارثة... طلع عايز ينتقم من أهله فيه، أو طلع أبوه... الاتنين مصيبة.."
- ايوه مصيبة ولازم تهدي علشان نعرف نفكر ونلاقيلها حل
- مفيش حلول غير ان الراجل ده يختفي من حياته.
استطردت:
- انتي مين قالك انه هو ابوه صحيح
- تعالي نقعد وهقولك
خدتها من إيدها وقعدنا، ووريتها كلامي أنا وياسر، وده لخبطها أكتر. فضلت شوية تعيد قراة الكلام، وبعدين قالت والعرق بيلمع فوق جبينها من كتر التوتر:
-اتصلي بيه دلوقتي.
ليه؟
اتصلي بيه بس...
أنا كنت جاية أقولك إنه جاي النهارده هو وأهله عشان يتفقوا، وهاخدك معايا.
ماشي... بس كلميه، عايزة أفهم منه، مش هينفع نتكلم هناك.
- طيب
اتصلت بيه، فرد وقال بمزاح واندهاش مصطنع:
رقم مين ده؟! بص يا بني، مش بسنت بردو؟ إيه يا بنتي حد حصله حاجة؟
قلت بجدية:
رقية عايزة تتكلم معاك، هشغل السبيكر.
رقية؟!
آه، السبيكر شغال أهو.
خدت مني التليفون وقالت:
أيوه يا ياسر...
إزيك يا رقية؟ عاملة إيه؟
قولي، إيه حكاية الراجل اللي بيمشي ورا حمزة؟ وإيه حكاية إنه كان فاكره ابنه؟
هي بسنت قالتلك؟
أيوه، فهمني والنبي.
حاضر، الراجل ده ظهر في حياته فجأة، وبقى يمشي وراه في كل حتةة، ومحدش كان عارف عايز منه إيه... لغاية ما قابله في مرة وقعد معاه، قاله إنه كان فاكره ابنه، وإنه كان يعرف واحدة زمان كانت مطلقة، وعاشوا سوا فترة.
حملت منه، بس جاتله فرصة سفر لأمريكا فاضطر يمشي ويسيبها. وعرف بعدين إنها رجعت لطليقها، وابنها اتكتب باسم الراجل التاني.
الكلام ده صعب علي انىّ اقوله، بس أنا لما عرفت إن ليه صلة بكاميليا بعد جوازك من حمزة، عرفت إنها هي نفسها الست اللي قال عليها .
واللي مخليني متأكد إن حمزة ميشبهش زيدان، ويشبه الراجل ده.
وأفتكر زيدان عارف أو حاسس إن حمزة مش ابنه علشان كده كان بيكرهه.
قالت بإنكار:
مش ممكن... طيب إزاي؟! ولو الموضوع كده، هو جه يطلب مني أساعده يأذيه ليه؟!
هو طلب منك كده؟
آه، طلب مني أحط إيدي في إيده وننتقم منه.
لا مفتكرش... كان عنده مليون فرصة يقتله، بس ماعملهاش. الراجل ده قاصد يختبرك.
دخلت في الحوار وقلت:
وأنا بقولها كده، عايز يعرف لو مستعدة تنتقمي منه ولا لأ، وأفتكر هيكلمها تاني.
قال ياسر:
وأنا بردو أفتكر كده. خليكي مركزة يا رقية وشوفي عايز إيه.
وهيكون عايز إيه مني أنا؟!
هنعرف. ابقوا بلغوني بأي حاجة تحصل. وأوعي تخرجي لوحدك، ولو ينفع، اقعدي في بيت أبوكي لحد ما حمزة يرجع.
قلت:
لا طبعًا، مينفعش، دي لازم تفضل هنا.
قال:
ليه يا بنتي؟! افرضي اتهجم عليها!
هي لو جت عندنا، مش هيعرف يوصلها، ومش هنعرف هو عايز إيه.
صحيح... طيب تخلي بالها بردو، منعرفش ممكن يكون عايز يعمل إيه.
كانت قلقة وخايفة جدًا، لكن ده ما منعهاش تسأله:
كلمت حمزة؟
كلمته...
ترددت تسأل تاني، فقال:
وزعلان قوي، انتي ليه مش بتكلميه، هو محتاجك..
ما ردتش، وادتني التليفون، فقفلت السبيكر وبعدت عنها وقلت بخفوت:
بقولك...
اية؟
ده سر.. كنت بدور على أي حاجة في الشات بيني وبينها، ولقيت اعتراف رسمي منها إنها بتحبه، وكمان بتثبت إنها كلمت سامح علشان ترجع فلوسها.
طيب، ولما هو كده، ما بعتش سكرين شوت ليه؟! ابعت لحمزة!
لا، ما انتي هتبعتلي لينك حسابه ، أنا اللي هبعتله وأكلمه.
نعم ياختي! بقولك إيه، من أولها كده، احترمي نفسك... لا أطلقك، لا حمزة ولا غيره يكونلك كلام معاهم، فاهمة ولا لأ؟!
حمزة
وصلني إضافة من "زهرة الجوري".
ما اهتمتش، خصوصًا إن الحساب لسه معمول، وكمان أنا مابقبلش بنات يبعتولي بنفسهم، لأنهم غالبًا بيكونوا بنات أعرفهم من حسابات تانية، أو حد من الشباب بيحاول يضحك عليا.
وبعد شوية وأنا بتنقل بين الصفحات بملل، لقيت رسالة من ياسر بيقولي فيها:
حمزة
استغربته، أول مرة يبتدي رسالة بالشكل ده، فردّيت وقلت:
إيه حمزة دي؟
أهو اللي جه معايا... أخبارك إيه طمني؟
تمام، إيه الأخبار؟
بخير، عاملة إيه دلوقتي؟
حلو... في إيه بقى؟ رفضوك ولا إيه؟
لا رفضوني إيه! وافقوا، ورايح النهارده أنا وأهلي عندهم علشان نتفق.
ألف مبروك!
الله يبارك فيك... جاي إمتى؟
زادت حيرتي من ناحيته، كان غريب ومش دي طريقته، فقلت:
لسه مش عارف... كله تمام عندك؟
آه تمام، مالك؟
مش طبيعي النهارده.
طبيعي يا عم، بس بسنت بتقولك اقبل زهرة القرف...
إيه زهرة القرف دي؟
بسنت، زهرة البنفسج اللي بعتتلك...
عدلت قعدتي وكتبت باهتمام بعد ما توقعت إنها عايزة تكلمني علشان "رقية":
قصدك زهرة الجوري؟
أي زهرة والسلام... شوفها عايزة إيه، بس اختصر.
تجاهلت غيرته عليها وقلت:
ماشي، هشوفها وارجعلك...
دخلت الحساب وبعتلها، وانا متلهف اني أسمع أي خبر عن رقية:
أيوه يا بسنت...
زعلانة منك أوي... بقى كده يا ندل؟
معلش... أصلي متربتش!
إيه تقل الدم ده؟
نخففه... إيه الأخبار؟
أممم، تمام.
متزعليش، متعكنن شوية... طمنيني عليكم.
إحنا بخير.
يارب دايمًا.
ما زودتش كلمة، مستنيها تدخل في الموضوع، فبعتت وقالت:
إنت عارف إني ماليش في الكدب، ولا لأ؟
إيه لازمتها الدخلة دي؟
عاوزة أعرف هتصدقني، ولا هتقول بقول كده علشان أدافع عن أختي...
يا بسنت أختك اعترفت إن كل اللي قالته أسماء صح، إيه اللي هيتقال بعد كده؟
دقيقة... هبعتلك حاجة، وركز في التاريخ، هي دي اللي هترد عليك.
استنيت بترقب شديد، عكس البرود اللي كنت بتكلم بيه.
وكأني بتلكّك علشان ألاقيلها عذر وارجعلها
وبعد صبر حسيته طويل قوي، وصلتني سكرينات لشات بينهم، عدلت قعدتي، قربت اللابتوب وركّزت في الكلام.
كانت بتقول إنها بتتنيل بتغير عليا، وإنها بتحبني، وكلام عن "سامح" وكرهها ليه.
حسيت بسعادة كبيرة، وبقيت عايز أقوم أرجع مصر فورًا، وقلت بلهفة:
ده كلامها هي؟
آه... بس متعرفش إني هبعتهولك، أوعى تجيب سيرة.
بس ونعمة بتحبك، وما كلمت سامح غير علشان الفلوس.
في الأول خلت الزفتة اللي كانت السبب تكلمه وتسمعه التسجيل،
ولما هو سمعه كلمها، بس كلامها معاه كان جد جدًا،
ولو في حاجة تدينها، كانوا ورّوك أكتر من اللي شُفته.
والكلام اللي قالته لأسماء كان إيه؟
ما إحنا قلنا إنها قالت كده علشان متحطش عينها عليك.
رقية كانت خايفة تاخدك منها، وآخر مرة طردتها علشان كلمتك بالليل،
وقالتلها إنها بتحبك ومش هتسيبك ليها.
وكانت هتقولك كل حاجة، بس إنت كنت تعبان ونمت، فمقدرتش.
يعني هي اللي قالت الكلام ده؟ ولا إنتي بتقولي من نفسك؟
والله العظيم، والله العظيم هي قالتلي.
ولو حابب، ممكن أسجلك كلامها من غير ما تاخد بالها.
سجلي... بس من غير ما تاخد بالها بجد مش تعملوا عليا حوار.
رقية تعمل حوار؟
يا بني دي مش عايزاك تعرف إنها بتحبك.
دي بتموت في غيابك ومش قادرة تكلمك.
كبرياءها لعين... زي أختها.
ابتسمت وقلت:
ماشي... هنشوف.
هي جاية النهارده، وهاخدها على جنب وأسجلها.
ماشي، مستنيكي... متتأخريش عليا.
حاضر...
قفلت معاها، ورجعت أعيد السكرينات كلمة كلمة.
مكنتش مستني الفويس اللي بسنت هتبعتُه، رغم شكي إنها تقدر،
أو إن "رقية" تقول حاجة من اللي هي قالتهم أو اللي شوفتهم في السكرين شوت...
#حسن
الجو في البيت كان مكتوم، كله ساكت، ومحدش عنده نفس للكلام.
ماما كانت متوترة، وواضح إنها متضايقة من وجود رحمة، ومش قادرة تخبي ده.
خفت رحمة تحس، تحس إنها تقيلة أو مش مرغوب فيها، فاشرت لماما من غير ما تاخد بالها، ودخلت الأوضة. بعد لحظات لحقتني وقالت بضيق:
_ عايز إيه؟
_ انتي مكشوفة أوي، البنت هتفهم إنك مش طايقاها.
ردّت بعصبية وهي موطية صوتها :
_ وهي إيه اللي مقعدها هنا تاني؟ مش المفروض تفهم إن قعدتها متصحش، وفي رجاله في البيت!
_ هتقعد شوية وتمشي، مالك مش قادرة تصبري؟
_ ما أنا صابرة، بس في حدود. ده مش وضع طبيعي، وهي المفروض تحس وتقوم تمشي لوحدها.
وبعدين، أنا عايزة ألم البيت علشان السفر.
_ سفر؟
_ أيوه سفر، ، ولا غيرت رأيك؟
حسيت بكآبة وحزن كتمتهم جوايا، مابانش على وشي، ولا نطقت باعتراض.
في النهاية، انا لازم اسافر علشان رحمة قبل أي حد تاني.
#فيروز
روحت المستشفى أنا ومرات بابا، لقينا صدام قاعد هناك، وولاحظنا كدمة كبيرة علي وشه.
مرات بابا اتفزعت، وقربت منه وسألته بقلق:
"مين اللي عمل فيك كده؟"
ما ردش عليها، وبص لي بنظرة سريعة، وبعدين سابني وبص على يسرا.
كنت حاسة إنه مش محتاجني، وإنه اختار يقفل علي نفسه، ووجودي أو عدمه مش فارقين معاه.
كان في حاجز بيني وبينه، لا أنا قادرة أعديه، ولا هو بيحاول.
وقعدنا شوية، ومفيش غير مرات بابا اللي بتتكلم، وتلوم من غير توقف، لحد ما قام وقال لها بنبرة حنق:
– مرات عمي، خلاص… مش عايز كلام في الموضوع ده.
– يا ابني أنا زعلانة على اللي بيحصل فينا ده.
حقك علىّ، متزعلش مني
– مش مشكلة، مش هتأخر خليكي جنبها يكون رجعت
وجهلها الكلام لوحدها ومشي من غير ما يبصلي.
ورغم زعلي منه، ورغبتي في البعد، إلا إني اتوجعت إنه مش محتاجني وكل واحد فينا في دنيا لوحده
دموعي نزلت غصب عني، وقربت مني مرات بابا وسألتني:
– مكلمتهوش ليه؟
ما ردتش، قالت بهدوء:
– هقولك نصيحة… لو كنتي عايزة بيتك يعمر، والحب ما يخرجش منه…
بصتلها وانا مش قادرة أوقف دموعي.
اي نصيحة اللي ممكن اخد بيها في وقت زي ده، وهل هقدر انفذها من اساسه.
كنت عاوزه اقولها متقوليش بس محبتش احرجها فابتسمت بحنان وقالت:
– الراجل يابنتي ميتسابش، لا في حزنه ولا وقت زنقته.
دول اكتر حاجتين الست بتكسب فيهم قلب جوزها او تخسره.
الست الناصحة تركن كل حاجة في صندوق بسبعين مفتاح،وتنسى اللي وجعها حتى لو بتموت من جواها، وتوقف جنبه.
تستحمله لو زعق، تعدي له أي زلة لسان، وبعد ما يرتاح، تزعل هي براحتها.
بس المهم انه هيفضل فاكرلها إنها ما سابتوش، ومش هيقدر يستغنى عنها.
هيلاقيها الصدر الحنين اللي بيلاقيه في ضيقته، ومش هيهون عليه زعلها ولا يفرط فيها أبداً، هتكونله اقرب من نفسه ليه وتملكه العمر كله.
قلت ودمعي ما بينشفش:
– بس أنا مبقتش حاسة بالأمان معاه، علشان أعمل اللي بتقولي عليه…
صدام يخوف ولا يؤتمن.
شوفي منظرها، هو عرف إنها كانت مظلومة، عمل إيه؟
قعد جنبها وبس، لا جابلها حقها، ولا هيقدر يعوضها…
– هيجيب لها حقها من مين؟
إحنا أصلاً مش عارفين إيه اللي حصل…
سكت… ما حبيتش أقولها عن تسجيل يسرا.
بس الحقيقة إن صدام سمع، وعرف إن أمه هي اللي آذتها، وسكت.
ولا الحكومة جات، ولا حد سأل، كأننا عايشين في غابة.
#صدام
قبل ما يوصلوا كلمني أمن المصنع وقالولي إن بحيري وتلاتة معاه جابوا واحد في المصنع وممبطلش زعيق وسب.
وقتها افتكرته بعد ما كان اتمسح من ذاكرتي.
واللي خلاني أخليهم يمسكوه ويودوه هناك أكبر من إني أسيبه ومهتمش اعرف قصته إيه.
روحت على هناك، وفي الطريق كلمت بحيري علشان يحضر معايا لأني مكنتش في حالة تسمحلي أستجوبه أو أتعامل معاه بأي طريقة تجبره يتكلم.
بس بحيري قفل عليا.
ومحستش بحاجة، مع إني في الأول مكنتش أقبل الحركة دي من حد.
ومشيت على المصنع وأنا تايه، مش مركز في الطريق، معرفش إزاي وصلت من غير ما أعمل حادثة.
كان في مليون حاجة بتدور في دماغي، والتعب بياكل في روحي وكل حتة فيا.
وصلت المصنع، نزلت من العربية، وقفت عند الأمن، وقلت وأنا سامع صوت الراجل بيزعق ويشتم:
افتح.
فتحولي، فمديت إيدي لواحد منهم علشان يديني المسدس.
أول ما سلمهولي دخلت على جوه، وشوفت الرجالة بتضربه.
كانوا مولين لي ضهرهم ومش شايف وشوشهم، فقلت:
كفاية.
استداروا ليا هما التلاتة، وشوفتهم وقتها انشغلت بيهم عن الراجل وخدت ثواني وأنا بدقق نظري فيهم،
وشوفت الهلع اللي بان في عينيهم لما شافوني، وبدأوا يبصوا لبعض.
افتكرتهم.
كانوا هما نفسهم اللي ضربوني قبل كده.
وهما نفسهم اللي جايبهم عيسى دلوقتي.
افتكرت كلام أمي لما قالتلي إنه هو اللي سلط علي عشان يضربوني.
اتربطت في مكاني من غير شعور
وهما طلعوا يجروا علي الباب، هروب من المسدس اللي في إيدي، كانوا متخيلين اني هقتلهم، بس مفكرتش في كدة حتي، بالعكس ادتلهم فلوس
عيسى
رجعت البحيرة، جبت أبوها وأمها، وروحنا على المستشفى بعد ما قلتلهم كل حاجة.
في الطريق، كنت قاصد أوجع قلوبهم عليها، يمكن يحسوا ويعملوا حاجة صح مرة في حياتهم، ويبلغوا عنه… بما إنهم أهلها.
وصلنا هناك، ولما عينهم شافتها وهي نايمة علي السرير عينيها شاخصة و وشها شاحب و وزنها ناقص بشكل ملحوظ جريوا عليها
فضلوا يكلموها وهي في دنيا تانية، مش حاسة بيهم.
خافوا عليها والغضب ملاهم بسبب حالتها دي وسابوها، وقربوا من فيروز ونادية، وقال أبوها بغضب:
– عملتوا فيها إيه؟!
قالت أمها ببكاء:
– ربنا ينتقم منه، هو فين ابن الحرام عديم الضمير!
نادية حاولت تهديهم،
وأنا كنت واقف بعيد مستني ردة فعلهم اللي كنت خايف منها من قبل ما أروحلهم،
وهي انهم يتنازلوا عن حقها بسبب الكلمتين اللي هتقولهم ليهم او مكانة صدام وعيلته تخوفهم.
وساعتها
لمحت نظرة فيروز، كانت بصالي باستحقار وكأنها محملاني ذنبها
قربت منها وقلت:
– بلاش البصة دي مبخافش ومفيش حاجة تهمني… روحي قولي لجوزك اللي انتي عارفاه،
علشان واحد فينا هيموت النهاردة، يا انا يا هو.
قالت ببرود:
– لو قلتله هيقتلكم انتوا الاتنين.
اعمل اللي انت عاوزه، بس لو بجد تهمك، متجبش سيرة اللي عملته…
شوية الحماس اللي عندك دول هييجوا عليها هي.
كلامها ممرش عليا مرور الكرام، فوقني لنفسي،
لحجمي جنب صدام… فهمت إن حتى لو دخلت معاه في صراع، مش هقدر أوقفه.
بس مكنتش طايق أرجع أمثل دور الكلب الوفي بتاعه،
مكنش قدامي غير إني أضغط على أهلها، يمكن يبلغوا.
ولما لقيت غضبهم بيهدى قدام هدؤء نادية، وقفت قصاد أبوها وقلت بعصبية:
– إيه يا عمي؟ سكت يعني؟ هتسيب حق بنتك يضيع؟!
– ومين قالك إنه هيضيع يا بحيري؟، انا هراضيها هي واهلها باللي يرضوا بيه
جاتني الكلمة دي بصوت صدام.
اتهزيت…
مكنتش متوقع إن المواجهة هتكون صعبةبالشكل ده.
لفينا كلنا ليه،
وأبوها وأمها راحوا ناحيته، بيسألوه، والخوف مالي صوتهم:
– بنتنا عملت إيه علشان تعمل فيها كده؟!
رد بهدوء، وعينه لسه عليا:
– معملتش حاجة… سوء تفاهم.
قال أبوها بنبرة مهزوزة:
– يعني تموّتها وتقول سوء تفاهم؟!
– آسف يا حج، ساعة شيطان… بس أنا هعوضها، وهعوضكم.
خليكم معاها، يكون رجعتلكم
سكتوا، ولا كلمة… فهمت إنهم مش ناويين يسألوه عن حاجة.
فقلت بانفعال:
– دول سكتوا، مش شايفين بنتكم عاملة إزاي؟!
طأطأوا رؤوسهم، مردوش.
بصلي ببرود…
مكنش محتاج يتكلم هما بسكوتهم قالوا كل حاجة
.
حسيت ببركان بيغلي جوايا وعايز اقتلهم هما قبله.
كل اللي عملته، وكلامي اللي قلته علشان يحسوا، راح على الفاضي.
قرب مني وقال:
– تعال معايا نتكلم برا.
رجعت بصتلهم… مفيش رد فعل.
لقيت نفسي مجبر على المواجهة… من غير فايدة.
مشينا لحد العربية من غير ما يكلمني ولا حتي يبصلي، كان شكله غريب ويقلق.
ركب، فتح الإزاز، واستنانى اطلع من غير ما يتكلم
قلت:
– مش طالع… هنتحاسب هنا.
فتح الباب، واستناني.
اجبرت اني اطلع وانا مش عارف هيروح بىّ فين، ولا هيقتلني ولا لا
روحت وانا مش مطمن بس مكنتش عايزه يفهم إني خايف منه، في الاساس مكنتش خايف ولا حاجة هماني غير يسرا لو عرف وانا مقدرتش عليه .
مشينا مسافة طويلة،
وقف فجأة، وفضل ساكت.
قلت وأنا ببص حواليا:
– إيه المكان الفاضي ده؟ فين اللي هيقتلوني؟
قال بهدوء:
– قول يا بحيري.
– أنا مش جاي أحكى، أنا جاي اخد حق يسرا منك
مسك المسدس من قدامه… وادهوني، من غير كلام.
فضلت باصصله شوية، مش فاهم بيفكر إزاي.
قال:
– امسك… خليه معاك.
بس من حقي أعرف إيه مزعلك مني قبل ما أموت.
خدته منه وفتحت الخزنة… وتعجبت لما لقيتها مليانة.
قلت بسخرية:
– إيه يا زعيم، كرهت حياتك قوي كده؟
ولا فاكرني مقدرش أعملها؟
قال:
– احكي يا بحيري… معاديني ليه؟
ومين باعتك؟
بصّيت له بغيظ وقلت:
– متعملش لنفسك قيمة أوي كدة، محدش معاديك ولا تهم حد
بس بما إنك عايز تعرف، هقولك…
سكت، وبدأ يسمع.
– أنا بحب يسرا… من وهي لسه عيلة.
مفيش حاجة خلتني أدور وراك وادخل زوريقك غير عشان أكون قريب منها.
سكت لحظة، كنت مستني رد فعله قوية …
بس قال بهدوء:
– كمل
– أكمل إيه؟ بقولك بحبها… مش سامع؟!
– سامع… بس كلامك ناقص.
المفروض تقول كنت بتكلمها وهي مراتي؟
ولا كان بينكم حاجة؟
ولا هي كمان كانت بتحبك من صغرها؟. مش معقولة تكون كارهني كدة علشان بتحبها من صغرك
هدؤىه خوفني…
ومكنتش واثق اني ممكن اعدي منها برغم وجود المسدس معايا، وافتكرت كلام فيروز اللي خلاني احرص اكتر ومندفعش
و قلت:
– ياريت كان بينا حاجة…
هي محبتنيش ولا فكرت فيّ.
وبعد ما انت طلقتها، جريت أتقدمتلها قبل ما تفكر ترجعلك … وافقت.
وانا سافرت أجهز البيت، علشان لما العدة تخلص نتجوز بس رجعت لقيتها رجعتلك.
رجعت لواحد زيك… علشان يهينها ويضربها
وآخرها اترمت في المستشفى، لا هي حية ولا ميتة.
– كل ده حب، ولا بان عليك ياخي، مع انك حكيتلي وشتمتني بس ولا تخيلت تكون قاصدني
شديت أجزاء المسدس وقلت بغيظ:
– بقولك إيه… أنا اتخنقت منك،
كفاية لت وعجن يا ابن كاميليا.
انت تطلقها وتبعد عنها…
ولا هخلص عليك دلوقتي!
ابتسم ببرود، وقال:
– أطلّقها هنا؟ بيني وبينك؟
مينفعش… لازم مأذون،
أو الأعور اللي انت اتغبيت وجبته يشتغل عندي.
وقبل ما ألحق أستوعب، ضربني بإيده في وشي،
خد المسدس، وضربني بيه في دماغي.
محستش بالدنيا غير بعدين لما صحيت… لقيت نفسي مربوط في المصنع.
هو قاعد قصادي،
و وراه واقف الأعور ورجالته.
بصيتله بتعب، وقلت:
– دفعتلهم…
ابتسم وقال:
– آه… وقبلوا. رجالتك طلعوا ولاد اصول زيك يا بحيري.
– عايز تقتلني؟
– قتل إيه.
ده إحنا بينا عشرة، والعشرة متهونش غير على اللي زيك
قلت وانا برفع جفوني بثقل
– عايز إيه من الآخر؟
– أخلصك يعني؟
ماشي… هقولك علشان أرجع لمراتي أطمن عليها.
مال عليّا، وقال:
- انت لما جيتلي تتحنجل قدامي وتعمل شوية الصعبنيات بتاعت امي عيانة وبجهز اخواتي البنات وعملت فيها الكلب الوفي، الصراحة قلبي اتفتحلك وقدرت تكسب ثقتي فيك بسرعة وخليتك ايدي اليمين!.
عملتلك مرتب متحلمش بيه.
جبتلك الشقة اللي قاعد فيها.
دونًا عن كل اللي شغالين معايا مكلتش عيش وملح مع حد غيرك.
كنت معتبرك صاحبي حتي لو مقولتهالكش.
كل ده كان بيني وبينك، المفروض انك تحفظهولي يا بحيري.
وحتي لو كنت انا فرعون وظالم انت تكونلي هامان مش من قبل ما تشوفني وانت جاي تخدعني.
وكل ده ليه علشان هي مبصتلكش.
انت قلت بتحبها من صغرك وهي محبتكش، جاي تحاسبني انا انها محبتكش، استفدت اية، ولا حاجه، بالعكس خسرت كل حاجه..
بصتله بغضب وكره لو كان اتحول لنار كانت حرقته
قام وقال وهو بيخطي للخلف
- اشتغلت معايا سبع سنين مشفتش مني غير كل حاجه حلوه .
وانا في المقابل مخدتش منك غير الغدر والخيانة، سبع سنين يا بحيري هخلصهم منك في سبع ايام
تابع وهو بيشير بأبهامه للخلف على الاعور ورجالته.
- وب دول، رجالتك، نشوف بقا الفلوس اللي هتمشيهم ولا الاصل..
قالها وإستدار وقال ل الأعور اللي بيرفع أكمامه إستعداد لضرب
- معاك سبع ايام تبدء من النهارده، وزي النهارده تجيولي تاخدوا باقي حسابكم.
بس مش عايز موت. اوعوا تموتوه، ده دراعي اليمين ده.
بس يشوف الموت كل يوم وميطولهوش، اتفقنا يا رجاله..
ردوا بصوت واحد:
- امرك يا باشا
بصلي وقال ببرود
- تؤ تؤ تؤ بلاش باشا، خلوها زعيم أحلي..
صدام
سيبتهم ومشيت، وانا سامع صوت الضرب والرزع فيه.
يمكن لو عرفت حقيقته قبل اللي حصل، كنت اتوجعت واتعصبت وشوفتها نهاية العالم.
بس هو جه في اكتر وقت مبقتش حاسس بأي حاجة .
رجعت على المستشفى، لقيت أبوها وأمها واقفين، وفيروز واقفة جنب مرات عمي.
عيني راحت عليها لثواني، لقيتها بتشيح بوشها بعيد عني.
كانت بتبعد عني في أكتر وقت محتاجها فيه،
وأنا حتى مش قادر أطلب منها تفضل جنبي.
قربت من أبو يسرا وأمها، وقلت:
ـ أنا غلطت في حق يسرا،
بس حصل سوء تفاهم كبير،
ولو كنت فاهم الحقيقة، مكنتش عملت كده.
بس أنا هعوضها... وهعوضكم،
قولولي... إيه يرضيكم؟
أبوها بصلي وقال:
ـ عملت إيه يسرا عشان يكون في سوء تفاهم يخليك تعمل فيها كده؟
ـ سوء تفاهم يا حج...
شوفوا إيه اللي يرضيكم... عايزين فلوس؟
أمها ردت بحدة:
ـ عايزين تطلقها... وتديها كل حقوقها...
وكل واحد فيكم يروح لحاله.
ـ مفيش طلاق.
يسرا هتفضل معايا.
اطلبوا أي حاجة تانية.
#رحمة
حسيت إني بقيت تقيلة عليهم، وجيهان كان باينة عليها مضايقة من وجودي، فقمت وقلت:
– طيب أنا همشي...
قالت :
– تمشي فين دلوقتي؟ استني للصبح.
– كفاية كده، هرجع عند تيتا.
حرك لسانه علشان يتكلم، لكن جيهان سبقته وقالت:
– طيب استني، هكلم ياسين يبعتلك السواق.
خفض جفونه بحرج وقام فجأة وقال:
– أنا هوصلها.
قالت بنرفزة:
– عايز تروح هناك بعد اللي حصل؟!
– مش هدخل، هسيبها قريب من الفيلا وارجع.
قلت
– أنا هروح لوحدي، خليك.
– يعني إيه تروحي لوحدك، افرضي حد اتعرضلك؟ أنا هوصلك. هوصلها وهرجع يا ماما.
قالت :
– إنت مش هتجيبها لبر، أنا عارفة.
– مش وقته يا ماما، هوصلها وارجع... يلا يا... يلا.
قلت
– عن إذنك.
خرجنا ومشينا بالعربية.
مكنتش قادرة أتكلم، وحاسة إن منظري بقى وحش قدامه.
فقال :
- مالك..
- منظري بقا وحش.
- اية وحشه.
- تقلت دمي عليكم
ضحك ضحكة خفيفة وقال
- ابقي تقليه كل يوم.
ابتسمت بمجاملة وحسيت ان نفسيتي اتحسنت شوية.
وبعد دقايق من الصمت قال بعد تردد طويل
– تزوغي شوية؟
التفت ليه وقلت:
– يعني إيه؟
– نمشي بالعربية شوية قبل ما نرجع البيت...
وكأنه فهم اللي جوايا، وطلب أكتر حاجة كنت محتاجاها.
وافقت من غير تردد.
ابتسم ابتسامة باهتة، ومشي بينا، وسكت من غير ما يتكلم.
حسيت إن فيه حاجة، فقلت:
– في حاجة؟
هز دماغه بالنفي، وساب الصمت يحاوطنا.
كانت الليلة قمر، شبه آخر ليلة قابلته فيها.
والذكريات بدأت تتوافد على مخيلتي، والحنين ملا قلبي.
تمنيت لو يطلب إننا نوقف وننزل نتمشى شوية،
ولتاني مرة كأنه حس بيا، ووقف العربية، وبصلي وقال:
– تنزلي نتمشى شوية؟
ابتسمت وقلت:
– كنت عاوزة أقولك... بس اتكسفت.
– وإيه يكسفك؟ كنتي طلبتي... يلا انزلي.
نزلنا من العربية ومشينا سوا.
كان شكله غريب، وكأنه شايل في قلبه كلام أكبر من إنه يتقال.
فقلت:
– فيك حاجة غريبة النهاردة...
هز دماغه بالنفي، واستدار ليا، وشوفت في عينه خليط من الحزن، والضيق، ويمكن الاشتياق...
أو يمكن مشاعري أنا انعكست عليه، فحسيت إنه ممكن يكون زيي،
عايز يتكلم ويقول اللي حاسه، بس مش قادر.
رجعت أسأله، وكأني بمد له إيدي علشان يخرج عن صمته:
– احكيلي... في إيه؟
ازدرد لعابه وقال بتوتر:
– مفيش حاجة...
وولى ضهره، وقال وهو بيبص للقمر:
شكل القمر حلو الليلة...
وقفت جنبه، سكتنا شوية، وبصلي بنظرة فيها تردد وحنين كأن الذكريات بترجع له واحدة واحدة.
قال بتردد:
_ فاكره؟، اخر مرة اتقابلنا في منطقتكم... كانت ليلة زي دي.
_ لسه فاكر؟
_ مش ناسي حاجة... فاكر المكان اللي اتقابلنا فيه، وفاكر المطعم، وبرق، وسيكا وبيته اللي كانت الفيران معششة فيه... فاكر لما شوفتك وإنتي مجرية خمس رجالة وراكي
ضحك ضحكة باهتة، وقال:
_ حتى لما شوفت شكلك أول مرة، وانتي بتزعقي على سيكا... ولما هجمتي عليا وقولتيلي "يبقى تموت ويموت سري معاك".
ضحكت، فابتسم وقال:
_ كنتي ناوية تقتليني بجد؟
_ كنت بخوفك علشان ما تتكلمش.
_ وإيه خلاكي تعفي عني وكمان تقوليلي لية كنتي بتعملي كدة؟
بصيت في عينيه، وعدت اللحظة دي قدامي بكل تفاصيلها، وقلت بهدوء:
_ محستش إنك خطر.
_ انا مش خطر امال الخطر في نظرك شكله إيه؟
_ زي رجالة المعلم كريم... إنت كنت نضيف، مش وش إجرام.
ضحك وقال:
_ مكنتش أعرف إني هقابلك... وإلا كنت جبت مطوة، ولبست فانلة مخططة أبيض في أسود... بس عجبني اللي كنتي بتعمليه... واللبس بتاعك كان حلو، زي لبس شخصيات سلسلة مارفل.
عقدت حواجبي باستغراب وقلت:
_ إيه مارفل دي؟
_ دي سلسلة أفلام فيها أبطال خارقين... زيك كده.
ابتسمت وقلت:
_ آه، عرفتهم... اشتريته مخصوص علشان الطلعات اللي كنت بطلعها، وكنت معروفة بيه في الحتة
_ كان حلو...
قالها وهو بيبص في عيني، وأنا مقدرتش أبص بعيد. قلبي كان بينبض بالشوق، رغم إنه واقف قدامي، بس كان أبعد ما يكون عني.
كان بيبصلي، وشفايفه بتتحرك... كان واضح إنه عايز يقول حاجة. قلبي اتشد، وكأني مستنية الجملة دي من زمان.
قلت:
_ شكلك عايز تقول حاجة...
حك حواجبه، وكأن الكلام تقيل عليه، وقال بصعوبة:
_ أيوه... كنت عايز أقولك إنك... إنك هتوحشيني.
خوفت، كنت حاسة ان اللي هيتقال بعد كده مش هيعجبني.
قلت:
_ أوحشك؟، لية اوحشك، هو انت هتروح فين
رد وهو بيبعد عينيه:
_ هسافر...
اتجمعت الدموع في عيني، واستنيته يكمل...
_ ومش هرجع مصر تاني.
_ ليه؟
_ لمليون سبب... أنا كان لازم أسافر من زمان.
_ وليه لازم؟ براحتك تسافر، بس ليه لازم"؟
_ مبقاش ينفع اكون هنا
فاضت الدموع من عيني وقلت:
_ مفهمتش... لو على اللي حصل مع يسرا وصدام، فالحكاية خلصت ف لية...
قاطعني:
_ مفيش حاجة خلصت... المشكلة لسه مستمرة، ولو فضلت هتكبر.
وجعني قلبي، واتهزت كرامتي، ومحستش إني ليا مكان في كلامه، ولا بقا ينفع اقلل من نفسي معاه مرة جديدة، مسحت دموعي، وقلت:
_ ماشي يا حسن... ربنا يوفقك. يلا نرجع، الوقت اتأخر، وياسين زمانه بيتصل.
_ رحمة... أنا مش عايز أسافر بس...
قاطعته :
_ مش عاوزة أعرف... يلا نرجع.
وليت ضهري، لكنه مسك إيدي، وقفني، وقال بصوت مكسور:
_ يا بنتي افهميني، أنا بحب هنا، بس أنا لازم أسافر.
دموعي نزلت من غير إرادتي، وقلت باختناق:
_ طيب، وبتقولي ليه؟ اعمل اللي إنت عاوزه... أنا حيالله مرات خالك... يعني لا تقول ولا تحكي، دي حياتك.
إيده كانت مترددة... بيقرب ويتراجع، نفسه يلمسني ويقول حاجة، بس أجبن من كده.
حاولت اقوله أبعده عن طريقي، بس صوتي خاني.
حاولت أبعده، وفجاة لقيت نفسي بين ايديه. حضني بكل قوته، خباني جواه... واستسلمت. بكيت، وقلبي بيتكسر، وأنا بقبض على هدومه وبستخبى فيه.
كان بيحضني أكتر ، وصوت تنهيداته المكبوتة بيعلي.
وقال بصوت مختنق:
_ مش عاوزه اسافر، بس غصب عني مبقاش ينفع افضل هنا
#ياسين
رجعت أتصل برحمة... مفيش رد.
غالبًا كانت لسه عند جيهان، وبعد ما زهقت من كتر المحاولات، بطلت أرن.
لحد ما وصلني إتصال من رقم حسن.
رديت بسرعة وقلت:
– إيه يا بني فينكم؟!
لكن جاني صوت جيهان:
– أيوه يا ياسين... أنا جيهان.
اتشد قلبي، وقلت:
– أيوه يا جيهان، في إيه؟
قالت:
– حسن راح يوصل رحمة ونسي تليفونه... ولسه مرجعش. إديني رقمها أسألها عنه
شك اتسلل لقلبي وقلت:
– هو مش معاكي؟!
ردت بتلقائية:
– معايا أنا؟
– أيوه...
– لا، مش معايا.
– إزاي ده؟! إنتي كلمتيها من كام يوم...
– إمتى ده؟
حسيت وقتها كأن في سكينة بتغرس في قلبي من جديد من قبل ما أفهم
قلت:
– مش إنتي اللي اتصلتي بيها من كام يوم؟ حوالي الساعة واحدة بالليل؟!
سكتت شويه، وبعدين ردت بصوت مهزوز:
– آه... آه، صحيح. نسيت والله، صح اتصلت... معلش يا خويا، ونبي راح عن بالي بسبب اللي احنا فيه. هكلمها دلوقتي.
ناديْت عليها بنبرة فيها قلق:
– جيهان...
– إيه؟
– إنتي كلمتي رحمة ولا لأ؟
– كلمتها يا ياسين، في إيه ؟
– طيب... قولتوا إيه؟
سكتت.
رجعت أعيد السؤال بصوت أعلى وبنبرة عصبية:
– قولتوا إيه يا جيهان؟!
سكتت... والمكالمة لسه شغالة.
فضلت أقول: "ألو؟ ألو؟"
بس مفيش رد.
قفلت، واتصلت تاني.
فتحت... بس برضو متكلمتش.
# حسن
وصلتها قريب من البيت، وهناك وقفتها قبل ما تنزل.
كنت عايز اراضيها قبل ما تمشي ، ومكنتش مركز في كلمة من اللي بقولهم.
– رحمة، استني.
بصتلي وهي بتحاول توقف دموعها اللي ما جفتش من ساعة ما قولتلها اني مسافر
– انا اسف ياريت كان بإيدي حاجة. أنا مش جبان زي ما انتي فاهمة، بس الظروف اللي اتحطيت فيها أكبر مني. بس إحنا ممكن نفضل صحاب ونتواصل...
– ما إحنا صحاب، ولا في حاجة اتغيّرت.
سكت، فقالت:
– سافر يا حسن. إنت صح، الظروف دي اكبر منك، وعايزة رجالة.
قالتها ونزلت.
كنت حاسس إني بتخنق والدنيا بتضيق بيا.
رجعت البيت، وانا ناوي أدخل الأوضة ومكلمش حد.
لكن أول ما دخلت، لقيت ماما واقفة قدام الباب.
نظراتها كانت جامدة .
حسيت إنها ممكن تكون شافت السكِتش. قلت:
– في إيه؟
تنهدت وقالت وهي بتطالعني بخذلان، كانت مجروحة مني:
– لما اتأخرت، اتصلت على خالك أطلب منه رقم رحمة علشان أطمن عليك، فـ قالي إنتي مش كلمتيها في نص الليل! قلقت، وافتكرتك لما خدت تليفوني. قلت كلمتها... مصدقنيش وسألني: قولتوا إيه؟
سكتت، وبعدين قالت بحزن:
– قولنا إيه يا حسن؟ قولنا إيه يا ابني؟
لساني اتعقد ومتجرأتش ابصلها، وخوفت من شك خالي في، لا الكدب هينفع، ولا الحقيقة هتنفع.
مسكت فيا بعصبية:
– رد عليّ، أقوله إيه؟
استجمعت كلماتي بصعوبة:
– مردتش عليا من رقمك.
قالت بانكار :
– يعني اتصلت بيها وتلاقيك بتكلمها ومخبي؟
قلت ودموعي نازلة:
– اه
ضربتني وقالت بانفعال:
– وكمان بتقول اه، بتخون خالك يا حسن؟
نفيت بتعجل
– لأ! مش زي ما انتي فاهمة... كلميه، وبعدين أفهمك.
– أكلمه أقوله إيه؟ ما هو شك فيك!
– ماما، كلميه وقوليله إنها مردتش، بس ما تقوليش إني رجعت. أرجوكي يا ماما، وبعدين هحكيلك على كل حاجة.
سكتت.
تابعت بترجي:
– ماما، لو سمحتي... كلميه.
– ماشي... هكلمه، بس يارب يصدق.
رجعت جابت التليفون واتصلت.
قرّبت منها وأشارت لها إنها تشغل السبيكر، فشغّلته، وهي بتحاول تهدى.
استنيت رده وانا علي اعصابي
ولما رد، قالت:
– أيوه يا ياسين، يقطع الشبكة وسنينها! خلاص كلمت رحمة، وقالتلي إنها وصلت البيت، بس الولد لسه ما جاش...
– أنا سألتك: قولتوا إيه لما كلمتيها بالليل يا جيهان؟
بصّتلي وقالت وهي بتحاول تبان طبيعية:
– مردتش عليّا.
قال بنبرة مليانة شك:
– مردتش إزاي؟ دي كلمتك قدامي!
شاورتلها بنفي، وهمست: " بيكدب مفيش غير المرة دي..."
خدت نفس وقالت :
– متكلمتش ونبي... هي قالتلك إني أنا اللي كنت بكلمها؟
قال بشك
– حسن جنبك؟
هزت دماغها بأسى، وأنا بعدت عيني عنها، سايب اللي يحصل يحصل.
قالت:
– بقولك مرجعش، الله أعلم راح فين. كنت ناقصة قلق!
صوته بدأ يهدى وكانه صدق:
– طيب، لما يرجع طمنيني... هكلم رحمة.
– طيب ياخويا، مع السلامة.
قفلت ورمت التليفون على الكنبة، وبصتلي بصمت.
اترميت بجسمي على الكنبة تهربت من نظراتها وقلت بخزي:
– ما تبصليش كده.
– أمال أبصلك إزاي؟ إنت عايز تعمل في إيه بالظبط؟ قولي وريحني.
– هيريحك يا ماما؟ رحمة هي نفسها البنت اللي كنت عايز أتجوزها.
عنِيها اتوسعت بصدمة:
– مين؟
– زي ما سمعتي. رحمة هي نفسها البنت اللي كنت عايز أتجوزها.
ضربت على صدرها وقالت وهي بتقعد جنبي:
– يا مصيبتي! مين دي؟ رحمة مرات خالك؟
– أه، هي. أنا قابلتها قبله، ومكنتش أعرف إنها بنت داليا.
معرفتش غير يوم كتب كتابهم...
ضربت كف بكف وقالت:
– يا وجع قلبي! الواد وخاله عايزين نفس البت؟
أيوه أيوه، دي اللي كنت راسمها وقولت إنها شبه داليا...
بس لية يابني مقولتليش كنت قولتلي، كنت لحقت أقول له إنها هي!
– أنا ماعرفتش غير بعد كتب الكتاب... كنت هقولك إمتى؟
استطردت بعصبية غير مهتمة باللي ممكن اكون حاسس بيه رامية اللوم علي
– وكنتم بتتكلموا في إيه؟ بتخون خالك يا حسن؟
طالعته بضيق وبعدين صرفت وشي عنها وقبت
– كنا صحاب، وكنت بكلمها على إننا صحاب.
– صحاب إزاي وانت كنت بتحبها؟ وقلتلي إنها هي كمان بتحبك!
– هي ما قالتليش حاجة، بس أنا كنت فاكر إنها بتحبني...
بس زي ما انتي شايفة، اتجوزت ومبسوطة، ولما اتقابلنا،
اتكلمت معايا زي الأول، مفيش فرق...
اتاريها كانت معتبراني صديق.
قالت بشك:
– متأكد؟
– متأكد.
– طيب، ولما هو كده، مخبي ليه؟
– كنت هقولك إيه؟ البنت اللي كنت بزعل معاكي علشانها طلعت مرات خالي!
– وعلى كده... لسه بتفكر فيها؟ ولا عامل حساب لخالك؟
سكت، فقالت:
– بتحبها وهي مرات خالك يا حسن؟
– ماما، ونبي... أنا مش ناقص.
أنا بدوس على قلبي بالجزمة علشان خالي!
انتي مش هتقدري تفهمي أنا حاسس بإيه...
ولو أخوكي مشاعره أهم من مشاعر ابنك،
وهتفضلي تتخانقي زي عادتك، بلاها كلام أحسن!
تنهدت وقالت بقلة حيلة:
– حاسة بيك يا حبيبي، بس مش عايزاك تخسر خالك علشان بنت.
ربنا هيعوضك بأحسن منها.
دموعي نزلت من غير كلام، قالت:
– انا فاهمة انت حاسس باية وكسرت قلبك علي عيني يا حبيبي بس ما بقاش ينفع نستنى هنا أكتر من كده.
والمرة دي بجد يا حسن، هنمشي... ومش هتقول "مصر" تاني.
بصتلها وقلت :
– ما فكرتيش في؟
حطت إيدها على وشي، وقالت بحنية:
– فكرت، وغلاوتك عندي فكرت... وموجوعة عليك ما اتعزا
بس ده خالك، ولو عرف إنك بتحب خطيبته...
مش عاوزة أقولك ممكن يحصل له إيه.
المرة دي هتكون كبيرة عليه، ومنك انت بالذات...
وانت عارف هو بيحبك قد إيه.
يرضيك تكسره تاني؟
هزّيت دماغي بالنفي.
ودموعي كانت بتنزل بغزارة،.
ومش شايف أي راحة في آخر الطريق. في كل الحالات حد فينا هيتوجع مرة تانية او يمكن احنا الاتنين لو جه يوم وعرف
#رقية
جه ياسر وأهله، وبسنت قدمت العصير وهي مكسوفة وباصّة للأرض.
كانت مبسوطة قوي، وهو مش قادر يشيل عينه من عليها ولا يخفي سعادته.
رفعنا إيدينا وقرينا الفاتحة، وبعدها بدأت المباركات والكلام في باقي التفاصيل. الكل كان مبسوط...
إلا أنا.
كنت حاسة إني حزينة، وحيدة وسطهم.
كأني خسرت نفسي لما هو غاب.
قلبي كان بينزف لما أفتكر الراجل واللي ممكن حمزة يحس بإيه لو عرف.
عمري ما كنت أتخيل إن غيابه أو حزنه ممكن يوجعني بالشكل ده.
عمري ما كنت أتخيل إنه يوحشني للدرجة إني مبقاش حاسة بطعم الفرحة ل أختي، اللي عشت عمري كله متمنية أشوفها عروسة وأزينها بإيدي.
مبقتش قادرة أتماسك أكتر، دموعي كانت هتفضحني.
سيبتهم ودخلت جوا، فجات بسنت ورايا، حطت إيدها على كتفي وقالت:
ـ "إيه يا رُقية، مالك يا حبيبتي؟"
اترميت في حضنها وقلت ببكاء:
ـ "وحشني قوي، حاسة روحي بتنسحب مني وهو مش موجود..."
ـ "يا حبيبتي ما تكلميه وقوليله الكلام ده، صدقيني هييجي جري."
ـ "مش قادرة."
ـ "إنتي مش بتحبيه وزعلانة إنه مش موجود؟"
ـ "آه..."
ـ "خلاص، كلميه وقولي له يا حمزة أنا بحبك ووحشتني. وهو هييجي."
ـ "مش قادرة، قولتلك مش قادرة... بس هو المفروض كان يفهم لوحده إني محتاجة وقت علشان أقدر أقول.
هو مفهمش، وصدق اللي اتقال له وطلقني."
ـ "ده لأنه انجرح، ومكنش هينجرح غير لأنه بيحبك... طيب، قوليلي لو جه دلوقتي، هتعملي إيه؟ بصراحة، من غير كدب؟"
بعدت عنها وقلت بغيظ :
ـ "بس ييجي، والمصحف الشريف، أدب أسناني فيه ما أطلع غير بزمارة رقبته!
الواطي بتاع جيداء... تلاقيه صدّق ومالقاها علشان يتصرمح مع بنات تركيا!
يغور... مش عايزاه."
---
#حمزة
وصلني تسجيل من بسنت.
أسرعت بفتحه، وسمعت صوتها لآخر كلمة... وانفجرت من الضحك.
مبقتش عارف أرجع ولا أقعد بعد آخر كلامها، بس كنت مبسوط.
لأول مرة في حياتي أحس بالسعادة كده.
ولا أول مرة أحس بالاشتياق بالشكل ده.
كنت مشتاق لها، وبتمنى أغمض عيني وأفتحها ألاقي نفسي معاها.
طلعت بسرعة ورحت لعمي في اوضته.
ولما لقاني مبسوط، قال بتعجب:
ـ "إيه الانبساط المفاجئ ده؟ إنت طبيعي يا ابني؟"
قلت بسعادة:
ـ " هنرجع إمتى؟ مش كفاية؟"
هي كلمتك ولا إيه؟
هنرجع إمتى يا عمي؟"
يا ابن المجنونة لسه باقي معانا يومين، ولو هتموت مش هقولك تنزل من غيري. ارجع أوضتك
قلت بعبث:
لسه يومين
آه، لسه يومين... امشي."
ما كفاية، وهما يجوا مصر نكمل
امشي يا حمزة."
قلت بنرفزة:
طيب طيب، ماشي! كان مالي أنا بالشغل وقرفه!"
خلاص، اقعد، خليها هي تصرف عليك