
رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل التاسع والثلاثون39 بقلم نجمه براقه
رقية
بعد سهرة طويلة قضيناها في بيت بابا، جه وقت الرجوع للبيت، وبسنت طلبت من ياسر وأهله ياخدوني في طريقهم.
ما اعترضتش، لأن الوقت كان متأخر، و كنت هخاف أروح لوحدي في وقت زي ده.
وفي الطريق سوسن مبطلتش كلام وهزار، كانت مرحة ودمها خفيف.
كلهم طيبين وودودين.
ولكن انا مكنش لي نفس اهزر ولا اتكلم مع حد. افتكر خدوا عني فكرة اني مغرورة ومتكبرة.
ولكن حتي دي مقدرتش انفيها من دماغهم وفضل ساكت برد بابتسامة مجاملة وارجع لسكوت من جديد
ولما وصلنا، استغربت من عرض ياسر إنه يوصلني لغاية الباب.
رفضت، لكنه تجاهل رفضي ونزل معايا.
كان واضح إنه عايز يقول حاجة، ورجحت إنها تكون بخصوص الراجل.
قلت:
– الباب مبعدش قوي، شكلك عايز تقول حاجة؟
هز دماغه وقال:
– آه، محبتش أتكلم قدامهم.
عايز أقولك احتمال الراجل ده ييجي تاني، ومحدش عارف ممكن يعمل إيه، فـ خدي بالك.
– كله على الله، متشغلش بالك.
– مش عايز مشكلة تحصل توصل لحمزة، احنا بنقول ربنا يستر، ف لو ممكن تاخدي رقمي، لو حصلت حاجة في أي وقت كلمينى.
– مش للدرجة دي، هو ميقصدنيش أنا في النهاية...
أضفت بتخوف:
– بس انت عارف؟!، إنه يكون عايز يقتله أهون بكتير ما يطلع أبوه ... هو مش هيستحمل.
– وأنا بقول كده... بس حتى لو حصل، إنتي معاه، مش هتسيبيه.
أخفضت جفوني من الحرج، وكأنه بيكلمني عن حد غريب عني، مش جوزي...
كان لسه صعب علي إني أقولها صريحة، فقلت:
– ربنا يعمل اللي فيه الخير... روح، أهلك مستنيينك.
– أوكي، تصبحى على خير.
– وإنت من أهله...
مشى وانا دخلت جوه، قفلت الباب والشبابيك، وما نسيتش شباك أوضة النوم، اللي لو ما اتقفلش كويس مش هيكون صعب على أي حد إنه يخطي ويكون داخل الاوضة
ورجعت لفيت شوية في البيت، وعيني كانت بتلف في المكان بحنين، وكل ركن كان بيفكرني بيه.
كل مكان فيه مواقف جمعتنا، وكانت بتعدي قدامي زي صورة.
قلبي بيتألم، وحاسة إني هتجنن لو استمر الوضع ده يوم كمان.
وفي صراع مع نفسي، عايزة أكلمه وفي نفس الوقت مش قادرة.
ورجعت الأوضة، غيرت هدومي، وقعدت على السرير.
مسكت الصورة بتاعتنا المحطوطة على الكومودينو من أول جوازنا،
حضنتها، وسبت دموعي تنزل...
كنت حاسة إني بموت بالبطئ، ومفيش حاجة ممكن تحييني غير رجوعه... أو على الأقل اتصال منه.
وبعد وقت، وأنا مش قادرة أبطل عياط، عيني غفلت وأنا لسه حاضنة الصورة.
وفجأة، قمت مفزوعة على صوت رنة التليفون.
قمت بسرعة، مسكته بلهفة أشوف مين...
قلبي انتفض بقوة، حسيته هيخرج من بين ضلوعي لما شفت إن اللي بيتصل رقم تركي.
إيديا كانت بتترعش، وجسمي بيرتجف من شدة التوتر...
فتحت الخط وحطيته على ودني، وسكت... مستنية أسمع صوته.
لكنه ما اتكلمش.
فضل ساكت، ومكنتش سامعة غير صوت أنفاسه اللي كانت لوحدها كفيلة ترجع لي روحي.
وكأنه قاصد يلعب بأعصابي ومش راضي يتكلم، فقلت بصوت مهزوز:
– مين؟
رد عليا أخيرًا بنبرة فيها مزيج من الدفء والشوق والمرح :
– وأنا ماشي في شوارع تركيا، كل ما أقابل بنت تصوت وتجري ورايا وتقول سيني سيفيروم، وأنا مش بفهم تركي، تعرفي تترجميها؟..'
كتمت شهقاتي بأيدي، ودموع الفرح سالت.
مكنتش على بعضي، متلخبطة، ورجفة جسمي بتزيد ومقلتش ولا كلمة، ولو كنت اتكلمت كنت هبوظ كل حاجة.
قال بصوته الدافي:
– حياتي وحشة ومالهاش طعم من غيرك يا روكا... مكنتش أعرف إني بحبك قوي كده.
قلبي خفق بقوة، وحاولت أقول له، وانا كمان، اقول إني بتعذب في بعده، أطلب منه يرجع، أعتذر له، وأقوله إني مش عايزة غيره...
بس للاسف.
لساني مطاوعنيش، كنت مكسوفة.
بس هو فهم، وقال:
– مش هطلب منك تقولي حاجة، هسيبك لحد ما متقدريش تخبي، وتيجي لغاية عندي وتقوليها بنفسك.
وسكت لحظة، وبعدين كمل بروحه المرحة:
– ها، قوليلي هتطبخيلي إيه لما أنزل؟
ابتسمت من بين دموعي، وقلت :
– غيرت رأيك وهترجع؟ نسيت إنك طلقتني؟ ولا نسيت الكلام اللي قلته؟
– اللي لازم يتنسى هو الكلام اللي إنتي قولتيه... واللي عملتيه.
أنا مخلتش جهد علشان أرضيكي، لكن إنتي طلعتيني شيطان وخبيتي عليا حاجة تمس كرامتي.
قلت بتردد:
– مكنتش أقصد كلمة من اللي قولتهم... واللي عملته كان علشان أرجع فلوسي،
بس أنا مكنش في حساباتي إنه هيكلمني، كنت فاكرة إن كل حاجة هتتم من خلال أسماء ثم ان..
قال بمقاطعة
– مش عايز اتكلم في الموضوع ده كتير، بس مش عايزك تخبي عليا حاجة تاني بعد كده.
إنتي أساسًا لو كنتي جيتي وقلتيلي عايزة أرجع فلوسي كنت رجعتهالك وانتي قاعده مرتاحة
مقدرتش اتغلب علي عنادي وارد ب حاضر وقلت ب مقاوحة :
– مفيش حاجة تتعمل تاني علشان اخبي ومتحسسنيش اني بغلط ...
– اممم ماشي ماشي، سيبك، قوليلي بقى... ليه كدبتي على أسماء وفهمتيها إني وحش؟
قلت بتلعثم:
– كدبت ...
– أيوة، فاهم إنك كدبتي... بس ليه؟
ارتبكت بسبب نبرة صوته اللي بتاكد انه فاهم، ومرضيتش أرد، قال:
– فهمتك، أكيد كدبتي علشان الحسد... إنتي بتخافي من الحسد يا روكا،
بأمارة البخور اللي مش بيقطع.
تبسمت وقلت:
– حاجة زي كده...
– وكنتي خايفة تحسدني؟ ولا تحسدك عليا؟
ضحكت بخفوت، فقال:
– يبقى خفتي تحسدك عليا... أنا كده اللي ابقى من نصيبه لازم يخاف من الحسد!
- انا خوفت تحسد البيت والحاجات اللي فيه، انت ملكش دعوة ب اي حاجة
ضحك وقال
- خوفتي تحسد البيت ف شتمتي عليا انا
رديت بابتسامة
- اللي جه معايا
وبهدوء قال:
– ولا يهمك، بس بجد واحشاني قوي و وحشني عنادك
ترددت كتير إني أرد.
حاولت أنطقها، حتى لو بشكل رسمي، لكن مقدرتش.
فقال بنبرة دافية:
– ممكن نقفل وأكلمك مسجات؟
عندي كلام كتير... والرصيد مش هيكفي أقوله.
قفلت المكالمة، وبدأ يراسلني.
ساعات طويلة كان يكلمني ويحكيلي عن شوقه ليا، وعن قسوة الشعور وهو بعيد عني.
كان بيحكيلي عن الحياة في تركيا، وعن امنيته اني لو كنت معاه هناك، وعن مشاعره تجاهي، شوية شوية الكلام خد منحنى تاني...
فيه جرأة، غزل، وأحلام.
معترضتش، رغم كسوفي وعدم قدرتي علي الرد او التجاوب .
وكان في حاجز كبير بيتكسر مع كل دقيقة بنقضيها مع بعض.
كان في راحة، وتقبل.
ولأول مرة، مكنتش حاسة بتأنيب ضمير، ولا زعل من نفسي إني سايبة مشاعري تتحرك بالشكل ده.
كنت متقبلة.
الوقت مر بسرعة، من غير ما أحس، ومن غير ما أعوزه يخلص.
لغيت ما لفت انتباهي للساعة لما قال:
– الساعة أربعة، تنامي ونتكلم الصبح؟
مكنتش عاوزة أقفل، بس كمان مقدرش أطلب منه يكمل معايا شوية كمان، فقلت:
– ماشي، الصبح هروح السوق أشتري شوية حاجات.
– هتجيبي بطة وخضار للمحاشي ...
رديت وأنا بضحك:
– عايز الأكل ده؟
– يا سلام، نفسي أوي أجرب شعور أكل البط والمحشي من إيديكي.
رديت بابتسامة:
– حاضر، هجيب وهعمل
– ربنا يخليكي لي، أنا مش عايز أقفل، ومبسوط بكلامنا سوا... بس سهرتك وانتي بتصحي بدري.
– مفيش مشكلة.
– خلي بالك من نفسك، وابقي كليميني قبل ما تروحي...
– ماشي.
– هتوحشيني...
كتبت: "وانت كمان"، وقفت كتير عند "إرسال"،
لكن في الآخر... مسحتها، وكتبت بدلها:
– تصبح على خير.
بعتلي رسالة مرفقة بصف ايموشنات ضحك :
– وانتي من أهله.
تفاعلت بضحكة وسكت وبعدين راجعت الشات كلمة كلمة.
الرومانسيه كانت مبالغ فيها شوية، مش مصدقة إنّي سمحتله يقول الكلام ده...
كان جوايا مشاعر غريبة... بس حلوة.
بعد ما صليت الفجر، رجعت نمت وأنا بفكر فيه، وفي الوقت اللي هشوفه فيه...
وصحيت تاني يوم بكل نشاط.
قومت رتبت الأوضة، وانا بتنقل بخفة من مكان للتاني، وروقت البيت كله.
دخلت خدت دش، وطلعت بالفوطة، وقفت قدام المرايا أبص لنفسي.
لأول مرة، احس إني أنثى ناعمة بجد.
زمان كنت بتكسف أتمايل أو ألبس لبس مكشوف...
لكن المرة دي، نفسي كانت هفتاني أجرب قمصان النوم.
جريت على الدولاب، طلعت كل القمصان على السرير،
وبدأت أختار منهم وألبس، وأستعرض نفسي قدام المرايا.
كنت جميلة، وعاجبة نفسي... لدرجة إني بوست المرايا.
وشغلت الأغنية اللي بحبها، ورجعت أرقص قدامها.
كان رقصي حلو... وأنا حلوة... والدنيا كلها كانت حلوة.
إلا حاجة واحدة...
الحاجة اللي رعبتني...
وهي الخيال اللي لمحته ورا الشباك.
كان حد واقف بره.
اتواريت بسرعة ولبست العباية فوق القميص،
حطيت الطرحة على شعري وقربت من الشباك بخوف، وفتحته بحذر كان قلبي بيدق بخوف...
لكن لما فتحت ملقتش حد.
بصيت يمين وشمال...
برضه مفيش حد.
فقلت يمكن كنت موهومة...
رجعت، وبدأت ألم الهدوم،
واجهز علشان أروح السوق.
#حسن
كنت بلملم الرسومات والألوان بتاعتي، بحطهم في شنط مخصوصة ليهم علشان السفر، وساعتها افتكرت الاسكتش اللي نسيته في الصالون.
قمت بسرعة أدور عليه، ولما خرجت، لقيت بابا وماما قاعدين هناك.
بصوا لي وسألني بابا:
– خارج ولا إيه؟
– لا.
– أمال طالع تجري
– كنت بدور على حاجة ليا، علشان أحطها في الشنطة.
سِبتهم ودخلت الأوضة التانية، هروب من أي سؤال تاني.
وبعد لحظات، دخلت عليا ماما، وفي إيدها اسكتش الرسم.
فتحته قدامي على رسمة "رحمة"، وقالت:
– بتدور على ده؟
اتضايقت انها شافتها ومع انها عرفت بس مكنتش قادر اكون وكأن اللي راسمها حد تاني غير رحمة.
اكتفيت بهز دماغي ف قالت
- لقيته وأنا بنضف... بس الرسمة دي مينفعش تفضل هنا يا حسن. قطعها.
خرجت عن صمتي وخدت منها الاسكتش وقلت:
– ليه؟ ما أنا هسافر واسيب البلد، كتير عليا أحتفظ بصورتها؟
ردت بحزم حنون:
– وبعد ما تحتفظ بيها؟ هتعمل اية، هتعذب نفسك وبس.
ضحكت بمرارة وقلت:
– أتعذب؟ لأ، متقلقيش... ابنك خد مناعة ضد العذاب.
قربت مني ولامست دراعي بحنية وعطف علي حالي:
– متزعلش يا حبيبي، ربنا هيعوضك بأحسن منها،.
– وأنا مش عايز الأحسن منها، أهو انتي عرفتي السر، مترجعيش تطلبي مني أتجوز.
– ليه يا حبيبي، ولا هتترهبن؟
– آه، هترهبن، عارفة ليه؟ علشان المرة الجاية هلاقي أبويا هو اللي عايز يتجوزها... عرفت حظي خلاص!
– وماله حظك؟ ما هو زي الفل. ويمكن مكنش فيها خير ليك، وربنا بعدها عنك.
اسمعني، الحياة مش هتقف على حد.
أنت شاب، ألف واحدة تتمناك، وهتلاقي مليون واحدة غيرها. انساها يا حبيبي.
– حاضر، هعمل Delete لدماغي وانساها... أصل أنا جهاز متبرمج.
– شايفني مبحسش وبقسى عليك يا حسن؟
احتفظت بالرد لنفسي. مقلتلهاش إنها عمرها ما خدت حزني على محمل الجد... يا بتتعصب، يا بتستهون.
فقلت اختصارًا لكلام كتير:
– وأنا إمتى قلت كده؟ متشغليش بالك يا ماما... شوية وهانساها.
ها، هنسافر إمتى؟
ردت بثقة:
– أنا عارفة إنك هتنسا.
ابني حبيبي عمره ما يرضى بالغلط، ولا يقبل يفكر في مرات خاله.
– آه طبعًا! ولو إنك بتتكلمي كإني فكرت فيها بعد ما اتجوزها.
ونسيتي إني كنت بكلمك عنها من قبل ما انتي ولا خالي نفسه يشوفها.
انسيني يا ماما، متشغليش بالك بيا، هنسافر إمتى يا ماما؟
#ياسين
كنت ليلتها بلوم نفسي كتير بسبب شكي فيه، أنا أكتر حد عارف حسن، وعارف إنه بيحبني وبيعتبرني أب ليه.
وهو أكتر حد فاهمني، وعارف كويس أنا مريت بإيه، واللي هو كمان جربه زيي.
كنت بقول ان من سابع المستحيلات يفكر حتى مجرد تفكير يطعني في ضهري.
عاتبت نفسي كتير، وكنت بصرف الأفكار دي عن دماغي، مش عايز أفتكرها تاني،
مش عايز الشك يدخل ما بينا،
مش عايز عقدتي القديمة تخليني أخسر أقرب الناس ليا
كلمته...
كنت عايز أثبت لنفسي إن مفيش حاجة ممكن تعكر علاقتي بيه.
بعد اتصالين من غير رد، رد في التالت، وصوته كان جدي:
– صباح الخير يا خالي.
– ده انت صاحي أهو، مبتردش ليه؟
– كنت باخد دش، أخبارك إيه؟
– أنا تمام، إنت عامل إيه دلوقتي؟ هديت؟
– الحمد لله.
صوته مكانش طبيعي...
تخيلت إنه لسه زعلان بسبب شكي فيه مع يسرا، فقلت:
– مالك يا حيوان؟ لسه زعلان من خالك يا معفن؟
ضحك وقال
– وأنا أقدر؟ لا يا حبيبي، مش زعلان... راجع إمتى؟
– لو خلصت الشغل النهاردة هنزل بكرة، ولو مخلصش هأجلها لحد ما أخلص.
– تيجي بالسلامة.
– الله يسلمك، عايز إيه أجيبلك معايا؟
– سلامتك.
– إيه الأدب اللي نزل عليك فجأة ده؟ قول.
– ما إنت يمكن متلحقنيش... إحنا هنسافر بعد يومين.
– "إحنا" مين؟
– إحنا... أنا وبابا وماما.
– فجأة كده؟!
– فجأة إيه؟ إحنا اتأخرنا المرة دي أصلاً.
– آها... طيب، إنت هترجع إمتى؟
سكت شوية، وبعدين قال:
– مش راجع تاني.
ضحكت بسخرية:
– أيوه هسافر ومش هرجع تاني، خلاص تعبت، أنا حافظ المقطع ده صم
– المرة دي بجد...
تلاشت ابتسامتي وقلت
- اشمعنا المرة دي اللي بجد
- كده وخلاص، انا مليش قعاد هنا تاني، هروح اساعد بابا في شغله واشوف حياتي
– آه، ده إنت ناوي تهرب؟ اعقل يا حسن، أجي ألاقيك في مصر، ونتكلم، ونفهم إيه الحكاية بينك وبين التاني ده، ولازم نحلها، واللي غلطان يعتذر.
– يا خالي...
قاطعته بحسم:
– مفيش "يا خالي"... أجي ألاقيك. اقفل ورانا ميتنج عمل أنا والفاشل التالت.
قفلت السكة
جهزت نفسي، وخرجت.
رحت لغرفة حمزة... ملقتهوش.
سألت عليه في الاستقبال، قالولي خرج، فاضطريت أروح لوحدي.
#صدام
بعد ليلة قضيتها في أوضة يسرا داخل الڤيلا، خرجت علشان أروح المستشفى.
وشوفت آخر وش أتمنى أشوفه في حياتي.
ماما، كانت واقفة قدامي، مدعية الحزن والكسرة، بتحاول تستعطفني بدموعها.
بس منجحتش، محستش للحظة بالشفقة عليها، بالعكس، شوفتها رجعتني لليوم اللي قتلت البنت فيه.
فكرتني بجملة الدكتور اللي كنت بحاول أنساها.
كان جوايا كره دفين تجاهها.
صرفت نظري عنها ومشيت على طول بخطوات ثابتة وسريعة علشان تختفي عن عيني.
وعند وصولي ليها، وقفت في طريقي.
حاولت أعدي من يمينها، لكن رجعت تمنعني، فقلت بغضب:
_ عايزة إيه؟
قالت ودموعها بتنهمر في عينيها:
_ كرهت أمك يا صدام، مش طايق تبص في وشي؟
قلت بجمود:
_ أيوة، كرهتك، وكرهت اليوم اللي جيت فيه على الدنيا وبقيتي إنتي أمي، ابعدي عني وانسيني
بكت وقالت:
_ وهونت عليك تقولها، قلبك طاوعك ؟
قولت وأنا بُبعدها عن طريقي بعنف:
انت لسة هتكملي، اوعي!!
كانت هتقع، لقيت ايدي بتسبقني ناحيتها ولحقتها.
غصب عني ما قدرتش أسيبها تقع وكرهت نفسي لما حسيت بالندم علي حركة زي دي.
بكت بضعف، وقهر ما كانتش تتوقع مني أعمل كده.
لكن انا قابلت شعورها بجفا ظاهري، ومشيت من عندها وأنا بقاوم انهزامي قدامها.
ولما خرجت من الفيلا، غلبتني دموعي، ومحبتش ان الأمن يلاحظوا ضعفي.
ف غيرت اتجاهي
وروحت عند الجنينة الخلفية، وهناك اكتشفت إن مش أنا لوحدي اللي رايح هناك أستخبى وأنا بعيّط،
كانت رحمة كمان قاعده علي المقعد الموجود وسط فروع الشجرة الكبيرة وبتعيط.
وقفت مكاني مسحت دموعي وهديت نفسي وروحت عندها، ولما شافتني قامت وهي بتمسح دموعها.
قلت:
_ اقعدي
قعدت تارك ليها مكان تقعد فيه.
ولكنها فضلت باصه بعيد مولية لي ضهرها قلت:
_ لو هتفضلي واقفة كده رجليكي هتوجعك
بصتلي باستغراب، فقلت:
_ مستغرباني ليه، مش انتي لوحدك، كل البيت حاله زي حالك، كلنا بنعيط.
من غير رد، قعدت جنبي في صمت، فقلت:
_بتعيطي ليه؟
_كده، لوحدي.
_في حد بيعيط لوحده ؟
_ أنا.
_ على كده، لو في سبب، كنتي انتحرتي!
_ مين قالك إني ما فكرتش؟ أنا هنا دلوقتي وبفكر إزاي أنتحر.
_ أنقذتك بجيتي يعني؟
_ ما كنتش هنتحر هنا.
مررت عيني علي المكان وقلت
_ عندك حق، هنا مفيش حاجة تنفع
عقدت حاجبيها بامتعاض ف قلت
_ بصرف النظر عن المكان، ليه واحده صغيرة زيك تفكر في الانتحار؟
_ علشان ماليش حظ، أنا أكتر إنسانة منحوسة على وش الأرض، حياتي بقت عاملة زي السبحة، خيطها اتقطع ووقعوا حباتها، ما فضلش غير الزعزورة اللي فوق، بتنداس بالرجلين.
ضحكت غصب عني وقلت:
_ إنتي الزعزورة؟
_ بتضحك؟ آه، أنا الزعزورة!
_بس زعزورة جميلة، وصغيرة على الهم والحزن اللي إنتي عايشة فيه.
قالت بحزن:
_ الكلام ده لو كان ليا حد أتسند عليه، حد أترمي في حضنه لما أعيط، أم وأب يحموني ويقفوا جنبي.
تابعت بصوت مختنق:
_ الواحد لما أبوه وأمه يموتوا، الهموم والدنيا والناس بيدوسوا عليه لغاية ما يعجز، حتى لو كان صغير زي ما بتقول.
بدل ما كان كلامها يهون عليا حزني ومصيبتي، زودهم.
رجعت أفتكر إني أذنبت في حقها، بحجم ذنبي في حق نفسي، وحق يسرا، وحق العيلة كلها.
ولكن أخفيت ألمي وقلت أهون عليها حزنها:
_عندك حق، لكن إنتي كمان قوية يا رحمة، مشكلتك بس إنك بتفكري في المشاكل والزعل، وحابسة نفسك جواهم، ما بتحاوليش تفكري في حلول.
اللي مزعلك ومخليكي قاعدة لوحدك وبتعيطي ليه حل.
وطت راسها وقالت بحزن:
_ اللي مزعلني بالذات ملوش حل.
_ مفيش حاجة في الدنيا ملهاش حل، بس محتاجة تفكري إيه هو.
اهدي، واخرجي من حزنك، ما تفكريش غير إنك تحلّي مشكلتك، بلاش تصعبيها.
تابعت بتردد:
_ واجهيه، وقوليله اللي بتفكري فيه، وقوليله إحساسك تجاه الوضع ده.
بصتلي وقالت:
_قصدك مين؟
ما حبيتش أقول أكتر من كده بخصوص خالي، فقلت:
_ أي حد مزعلك.
سكتت، فقلت:
_بالهدوء والتفكير يا رحمة كل حاجة بتكون أسهل.
شردت لثواني وكأن كلامي وضح حاجات كتير كانت تايهة عنها، بعدين بصتلي وقالت بهدؤ:
_ عندك حق، هحاول ألاقي حل.
_ برافو عليكي، كده فهمتي.
قالت بابتسامة:
_شكراً.
_أهلاً بيكي.
قومت، ف قالت:
_ رايح المستشفى؟
_ربنا يطمنك عليها ويعوضك عن اللي راحت.
رديت بابتسامة ظاهرية باهتة ومشيت.
أي عوض اللي بيتكلموا عنه؟
ممكن ييجي غيرها عشرة، بس هي مش هتيجي، هي ماتت، عضماها متكسر في بطن أمها على إيدي أنا.
مشيت من عندها خطوات وساعتها عرفت اننا مكناش لوحدنا كانت عيون فيروز بتراقبنا.
مشيت باتجاها وانا بدور في نظراتها لي عن اي مبادرة للكلام او رغبة في انها تمدلي ايدها ولكن دارت وشها عني، مكنش فاهمها، هل كرهتني ومش طايقة تقربلي ولا مستنياني انا اللي اروحلها
---
#فيروز
في وسط كل المشاكل اللي هو فيها، برضو قعد مع رحمة واهتم بيها.
شوفتهم وأنا رايحة أدور عليها بعد ما لاحظت غيابها.
ولما لقيتها، لقيته جنبها.
فضلت واقفة مكاني لغاية ما شوفته جاي، طالعني بنظرة سريعة، وبعدين كمل طريقه ومشي من غير ما يكلمني، وكأني مش موجودة، أو بيعاقبني على ذنب أنا ما عملتوش.
#صدام
قبل ما أروح المستشفى، مريت على الشقة أشوف إذا جهزت ولا لأ.
لقيت كل حاجة جهزت، العفش والالوان، مش ناقص غير ان يسرا تدخلها.
ودي كانت أفضل حاجة حصلت وسط السواد اللي شوفته في الفترة الأخيرة.
وده لأني كرهت المستشفى، وكرهت ريحتها، وكرهت شوفت الدكتور المشرف على حالة يسرا.
طلعت من الشقة وروحت المستشفى، لقيتها على نفس الحالة، وأهلها جنبها و وقفوا لما شافوني.
بعدت عيني عنهم وقربت من يسرا، مسحت على شعرها وقلت وعيني معلقة عليها:
لسه متكلمتش؟
قالت أمها بحزن:
لسه...
ناديتها بهدوء:
يسرا... مش هتقومي؟ شقتك جهزت وهتعجبك قوي، كل حاجة فيها على ذوقك إنتي...
مردتش، ولا ادت أي رد فعل، فجه صوت أمها بيقول:
لسه بردو مش عايز تطلقها؟
بصّتلها بجمود، فبعثرت نظراتها بخوف.
قال أبوها:
ما بس يا ولية! طلاق إيه؟ الراجل كتر خيره عايز يطيب خاطرها... متخربيش على بتك!
مكنش عاجبها الكلام، لكن خافت ترد.
ولا كان عاجبني أنا كمان.
قرفت منه، وتخيلت لو لي بنت وحد داس لها على طرف، كنت أنهيت عمره علشانها.
كرهت وجودهم أكتر من كده، وحسيت إن وجودهم مش فارق معاها، ولا قريبين لدرجة إن مفيش حد فيهم نجح يخليها تتكلم.
فتقدمت ليهم وقلت:
هروحها البيت، وانتوا تقدروا ترجعوا بلدكم وانتوا متطمنين عليها.
قالت أمها:
وأسيب بنتي وهي كده؟! أبدًا، رجلي على رجلها... مين هيراعيها غيري؟
قلت بحسم:
أنا هرعاها، وهجيب ناس تراعيها... بس هي عايزة هدوء وراحة.
إنتوا بترغوا كتير، وده هيتعبها... اتفضلوا.
#بسنت
كلمتني رقية، كانت طايرة من السعادة، والدنيا مش سايعاها.
أول مرة أشوفها مبسوطة بالشكل ده، لدرجة إنها نسيت اللي مستنيها، واللي مخليني أنا شخصيًا قلقانة من اللي جاي.
وبعد ما قفلت معايا، بعت لياسر علشان أقوله إنهم اصتلحوا، وقلت:
– صباح الخير يا شيخ ياسر .
مردش. افترضت إنه مشغول، فمبعتش تاني.
فتحت الحساب الجديد اللي يدوب فهمت فيه، وبعت لحمزة:
– صباح الورد يا جوز أختي.
جاني رده بسرعة، وهو بيقول:
– صباح الورد والياسمين على أجمل بسنت في الدنيا.
– يا عيني يا عيني، إيه الروقان ده كله؟
قال:
– ام النبر ده اللي جايبنا ورا، بس انتي جيتي في وقتك. كنت خارج أشتري هدية لرقية ومش عارف أجيب لها إيه، أختك ملهاش في أي حاجة.
– صح. بس عارف ممكن تجيبلها إيه؟
– إيه؟
– لبس رياضة اليوجا. هي بتحب العك ده، وكانت مقررة تجيبه في جهازها بس مجبتوش.
– آه، تصدقي صح، كانت قالت قبل كده إن ليها في اليوجا. ماشي، أنا عرفت هاجيب لها إيه، اقفلي.
قفلت، وبعدين رجعت أبعت لياسر:
– إيه يا خطيبي؟ هنبتدي الإهمال من أولها ولا إيه؟ وربنا افسخ الخطوبة قبل ما تتم.
بعد شوية رد وقال:
– فسخ مرة واحدة؟! وأنا أقدر أسيب ولا أهمل "بسبوسة حياتي"؟
– كان نفسي أجرب الغزل، بس انت قفلتني. إيه بسبوسة حياتك دي يا ياسر؟
– دلعك يا بنتي، ليكِ دلع غيره أصلاً؟
– لا، بس أنا بكرهه.
– طيب، إيه رأيك أسميكي اسم مميز محدش ناداكي بيه قبل كده؟
رديت بابتسامة:
– ماشي، قول.
– بسبوستي.. أو بِستي"... أو قطتي.. أو الحتة اللي في الشمال.
كتبت وأنا حاسة باشمئزاز:
– ما تسكت يا ياسر، قول بسنت أو متقولش، وادخل في صلب الموضوع على طول.
– انتي الخسرانة... ها، إيه الأخبار؟
– زي الفل. رقية وحمزة اصتلحوا وهما الاتنين مبسوطين. هي رايحة تجيبله بطة تطبخهاله، وهو خارج يجيب لها هدية.
– وانتي عرفتي منين إنه خارج يجيب لها هدية؟
– لسه مكلماه.
– أممم...
– إيه؟
– بسنت، من أولها كده؟ أنا مش عاجبني إنك تتكلمي مع أي حد، لا تقوليلي جوز أختي ولا جوز أمي.
– إيه الأسلوب ده؟
– أهو كده. إيه معنى إنك تكلميه وتصالحيهم، وبعدين تكلميه الصبح وقبلي كمان؟ هو في إيه بالضبط؟ ولا أنا مش مالي عينك؟
– ده عدم ثقة ولا غيرة؟
– زي ما يكون. أنا صايع، آه، بس اتربيت في بيت مفيهوش بنت ولا ست ليها كلام مع رجالة، ولا قعاد مع شباب، حتى ولاد أخوالي وعمامي لما بييجوا، أخواتي بيسلموا ويدخلوا. مبحبش الطريقة دي أنا.
– أممم...
– متزوميش.
– ماشي.
– ماشي إيه؟
– ماشي، مش هكلمه... غير لو حصلت ظروف اضطرارية.
– اه يختي، بس متعمليش حلالة العقد وشيخة الحارة اللي في كل مشكلة يكلموكي.
– ما كفاية يا ياسر، انت هتسوق فيها؟ على فكرة، أنا عارفة حدودي كويس.
– أنا عارف إنك عارفة حدودك ومحترمة، بس أنا مبحبش كده... وبصراحة ومن الآخر، أنا بغير.
رديت بابتسامة:
– بتغير عليا؟
– أيوه، وبكون عايز أحرقك لما تجيبي سيرته! صاحبي وعارفة وعارفك انتي كمان بس برضو بغير. احترمي نفسك بقى.
ضحكت وبعتله:
– ماشي، بس هقولك حاجة لازم تبقى عارفها عني انت كمان.
– قولي.
– أنا كمان بحب غيرة الراجل، مبحبش الراجل "الأوبن مايند" المتفتح.
– لا والله؟
– والله.
– وده كلام بجد؟ ولا بعد الجواز هتقولي بيخنقني ويكبتني وكلام النسويات ده؟
– مليش في كلام النسويات. أنا حقيقي بحب الراجل اللي يغير. وحاضر، مش هكلمه غير للضرورة.
– وإيه اللي يجيب الضرورة؟
– لا ياسر، متحبكهاش قوي. أنا بقولك "للضرورة"، يعني وارد يحصل حاجة. وبعدين حمزة بيعتبرني أخته.
– أهو مش حابب وخلاص، بس طالما للضرورة، مفيش مشكلة.
جاتلي فكرة أستفزه بيها وأشوف رد فعله، فقلت:
– تسلملي يارب يا شيخ، اقولك
_ قولي يا قلب الشيخ
' احنا هنعمل الخطوبة الأسبوع الجاي، صح؟
– آيوه، لية يا حبيبي
– كنت هبعتلك صورة فستان بفكر أجيبه للخطوبة، وتقولي رأيك. هو جريء سنة صغيرة، بس معقول، بما إن مفيش شباب هيحضروا غير ولاد خالي وخالاتي وعماتي... يمكن الجيران... وشوية زمايل من الكلية كلهم خمسين علي بعضهم بالكتير.
– أممم، ماشي... ابعتي ونشوف.
فتحت الصور، وبعتله أكتر فستان مكشوف وجريء، وأنا بكتم ضحكتي عشان ماما متسمعنيش.
رد وقال:
– هو حلو وعجبني، وهجبهولك على كل حال، بس ده تلبسيه في الخطوبة لو هنعملها أنا وانتي لوحدنا في أوضة النوم
يا بسنت، أنا لساني زفر، ومتربتش، وهقولك كلام يزعلك.
سقط فكي بصدمة، معرفتش أرد... ولا أعمل إيه.
#حازم
كنت مستغرب عدم طلوع حمزة أو دخوله للبيت وكأنه مش موجود،
ولما سألت مروان قالي ميعرفش عنه حاجة،
وكأنه مش مهتم وناسي إهانتهم ليه، وأنا اللي مخليه لسه مصاحب ياسر مخصوص علشان نعرف أخبارهم وأقدر أنتقم منهم.
بعد ما راقبت بيت حمزة وسمعت صوت أغاني من غير ما يبان ليه هو صوت، ومراته هي اللي فتحت علشان تشوف مين ورا الشباك، عرفت إنها لوحدها.
ولما لقيت إن مروان مش بيفيدني بحاجة، قررت أجره معايا في خطفها.
اتصلت بيه وطلبت منه يجيني على هناك، كنت خلاص قررت أهجم عليها وآخدها من قلب بيتهم واخلص اللي ناويه.
وجالي على طول على المكان اللي واقف عنده قريب من بيت حمزة، وقف قصادي وقال:
_عايز إيه يا حازم؟
قلت بعصبية:
_هلعن اللي جابوك؟! يعني اية عايز اية، أمال بتكلم مع مين بقالي سنة؟ الواد مش في البيت.. يلا ندخل نجيبها ونمشي.
_إنت أهبل يا ض، أصلها سايبة علشان نجيبها ونمشي؟ إنت عايز تلبسنا مصيبة
_ ياض استرجل، مش انت عاوز تاخد حقك منهم؟
_ لا ياعم، مش عايز! إنت قولت إنك اللي هتعمل الحوار ده وأنا أنقلك الأخبار.
_يا حمار اسمع، أنا لوحدي يمكن مقدرش.. وبعدين إنت مش نفسك تدوق..؟
لمعت عينه وقال:
_هدوق؟ ولا أخطف بس؟
_ هتدوق.. كلنا هندوق ونكسر مناخير ابن أمه
_ ماشي.. بس أنا متصورش، وسيرتي متجيش!
_وحياة أمك؟
_وحياة أمك إنت! أنا متضايق منه آه، بس أنا ولا أهلي قده هو وعيلته.. ده لو قتلنا، محدش هيسأل فينا!
_لا متخافش.. أنا هعرف إزاي أذل اللي خلفوه، وأخليه يجي يلحس جزمتي علشان اسامحه.
_إنت هتتعافى؟ جزمة مين اللي يلحسها؟ مصدق نفسك ولا مش عايز تعترف انك بعد العملة دي هتعيش خايف وهربان
_ هتف على وشك وأقسم بالله.. خلصنا وماتتصورش، بس تيجي معايا نخطفها!
قبل ما يرد، شُفتها خارجة من البيت، فقلت وأنا بتحرك ناحية العربية اللي مأجرها بقالي أيام علشان المهمة دي:
أهي خارجة.. يلا بينا!
جريت على العربية وركبنا، ومشيت براحة لحد ما وصلت لمكان تقريباً فاضي ..
وكانت هنا فرصتي.
#رقية
روحت السوق متأخر، فكنت ماشية بسرعة علشان ألحق أجيب اللي محتاجاه.
وفي نفس الوقت وبفكر أطبخ البط بطريقة أحلى من أي مرة فاتت، وبعمل sersh علي التليفون عن طرق جديدة للتسوية،
وانا مندمجة مع فيديو اثناء مشيتي بسرعة من غير ما أوقف،
فجأة خبطت في واحد وقف في طريقي والتليفون وقع مني.
نزلت بسرعة علشان اجيبه، وقلبي بيخبط من الخوف يكون اتكسر،
حتى مبصتش في وش اللي خبطني،
ف لقيت الاسكرين مكسور وقفت قصاده وقلت بعصبية:
_مش تفتح يا.. ؟!
سكت لما حسيت إني شوفته قبل كده.
وخوفني نظرته الغريبة لي، نظرة مليانة مكر، وشر
كأنه كان قاصدني، وجاي وناويلي علي الشر
تراجعت خطوتين وقلت بريبة:
_وسع من طريقي.
ابتسم ابتسامة شيطانية وقال وهو بيتفحص جسمي بنظراته:
_ ولية ما القرب حلو، بس ذوقك في الأغاني حلو... زيك يا قمر
كنتي بترقصي صح...
كلامه رعبني وفهمت ان هو اللي كان واقف عند الشباك
رجعت لورا أكتر، وهو قرب وقال:
بس بترقصي لمين؟ مش شايف جوزك معاكي...
تعالي ارقصيلي أنا في البيت!
صرخت علشان حد يلحقني، وقبل ما الف علشان أجري،
حد جه من ورايا، كتم نفسي بإيده،
ورش سبري على وشي...
كنت بقاوم بكل قوتي
لكن جسمي بدء يرتعش، وكل لحظة بفكر في أسوأ كوابيس ممكن أعيشها،
ومقاومتي ضعفت شوية بشوية مع مفعول المخدر
وبدأت أحس بجسمي بيتقل وتنميل في كل اطرافي...
وفي ثواني معدودة كل حاجة ضلمت وبقيت بين ايدين ناس معرفهمش ولا اعرف مصيري ايه معاهم
#عيسي
لتاني يوم وأنا في المصنع، الأعور واللي معاه كل ساعة تعدي يضربوني لحد ما حسيت إني خسرت عافيتي.
والغراب اللي مربط بالعمود بيتفرج باستمتاع، عينيه مليانة نشوة، كأنه قاعد بيتفرج على فيلم وعايش كل لحظة فيه.
كان مبسوط باللي بيحصل، وكل شوية يشجعهم ويقولهم كسروا عضمه
بعد ما خلصوا عليا ومبقتش قادر احرك جفن ضحك الغراب بصوت عالي وهمجي، وقال :
عليا الطلاق الراجل ده بجم! لو كان دفعلي أنا، كنت عرفتك التعذيب على أصوله. كنت سلختك زي الارنب المدبوح
ماكنتش قادر أرفع رقبتي، كانت متدلية زي المشلول.
بصيت للعور وقلت بصوت مبحوح يدوب سامعينه:
يا خاين... يا واطي... بتبيعني؟
رد وهو بياكل مع الباقيين:
متزعلش مني... أكل العيش مر يا ابن خالتي.
والباشا بتاعك كريم... وإيده فرطة.
بس هانت، فاضل ست أيام بالنهارده.
وعلشان العيش والملح، إحنا هنعمل حسابنا... منكسرش فيك عضمة.
#رقية
فتحت عيني ببطء، ودورت بصري في المكان لحد ما بدأت أستوعب..
اللحظة دي، رجعلي كل الرعب مرة واحدة، قلبي دق بسرعة وأنا بفتكر اللي خطفني.
حاولت أقوم، أشوف عملوا فيا إيه، بس كان جسمي تقيل
جفوني تقيلة برفعهم بصعوبة، وكل أطرافي فيها تنميل غريب.
كنت لسة تحت تأثير المخدر.
وبعد جهد كبير قدرت ارفع
راسي عن السطح الناعم اللي خدي ملامسه، وبدأت أبص حواليا لحد ما...
عيني وقعت على حاجة خلت الدنيا اسودت في عيني والارض بدات تلف بيا وتعرفني ان اللي كنت خايفة منه حصل