رواية أنين القلوب الفصل العشرون20 بقلم داليا السيد


 رواية أنين القلوب الفصل العشرون بقلم داليا السيد



أيام سعادة 
اتجه إلى مكتب محسن الذي نهض لتحيته "الحمد الله على السلامة، لقد سعدت بشفائك" 
قال "نعم أعرف عمي"
جلس محسن أمامه فعاد جاسر يقول "أنت تعلم أن ما بيننا عمل قبل أن يكون نسب؟" 
ضاقت عيون الرجل وقال "لا أفهم!؟" 
قال جاسر بهدوء "بل أنت تفهم، من الواضح أن زواجي من ندى لم يكن قرار صائب، لذا أعتقد أنه لابد من إنهائه" 
قال محسن بعد لحظة تفكير "جاسر أنت مدرك ما تقول؟ نحن بيننا اتفاق" 
نهض جاسر وقال "وأنا نفذت ولكن ابنتك هي التي لم تحترم قواعد اللعبة وكادت تدمر حياتي وحياة زوجتي" 
نهض محسن هو الآخر وقال "لا أنت الذي لم تفعل أم نسيت زوجتك الممرضة" 
استدار إليه جاسر وقال "مدام جي، لن أسمح لأحد بأن ينطق بأي خطأ في حقها، أنا شرحت لك غرضي من الزواج ولكن ابنتك أفسدت كل شيء وأنا أعتبرها مسؤولة عن حادثي" 
سمع صوت ندى تقول "لا، أنا لم أفسد شيء جاسر ولست السبب في حادثك، أنا امرأة تحاول أن تدافع عن زواجها الذي كنت أظن أنه سيكون ناجح ولكن يبدو أنني فضحت سرك وفهمت لعبتك؛ تضرب عصفورين بحجر واحد تتزوجني لتنال الصفقة وتكبر وتنجح وتتزوجها هي حبيبة القلب، أخبرتك من أول يوم أنك تحبها، الحب لا يمكن اخفاؤه جاسر ولكن لا، لن تنال كل شيء لن تفوز يا جاسر" 
اقترب منها وقال "لقد فزت بالفعل ندى، زواجي منها هو الفوز الذي لم أكن أحسب حسابه فأنا فعلا اكتشفت أني أحبها ولست نادم على حبها أو زواجي منها، أما أنتِ فأعتقد أن كلا منا لم يعد بحاجة للآخر؛ أنتِ حققتِ رغبتك بكيد زوجك السابق وما حصلتِ عليه من أموال من ورائي وأنا نلت ما أردت وانتهت الصفقة وربما سأغفر لكِ ما فعلتيه معي ولعبتك القذرة التي لعبتيها وأعتبرها غيرة نساء لا معنى لها، هل تعلمين لماذا سأسامحك عليها؟ لأن فعلتك هذه هي التي جعلتني اعترف بحبها وأرى حبها وإخلاصها وأقدر معنى الحب الذي تحمله تلك المرأة البسيطة لرجل مثلي لم يعيرها أي اهتمام في أي يوم" 
كانت تحدق به بملامح جامدة لا تعبر عن شيء مما بداخلها حتى انتهى فقالت "محاضرة جيدة أهنئك عليها، ماذا الآن؟" 
أجاب بهدوء مماثل لها "لا شيء فقط أنتِ طالق، طالق يا ندى وغدا ستصلك ورقة الطلاق ومعها كل حقوقك" وتحرك مبتعدا وقد أغلق ذلك الباب وراؤه..
أمسكت جي بذراعه بقوة فضحك وقال وهو يمسك يدها "جي لا تخافي واهدئي، هيا لقد أنتهى الأمر وهبطنا" 
فتحت عيونها وقالت "لا أريد أن أصعد على طائرة مرة أخرى جاسر، أشعر أن روحي تذهب مني" 
ضحك وقال "سلامة روحك يا روح قلبي، هيا دعيني أحل الحزام" 
استقبله مايكل فركب السيارة، كان الجو برد فقال بإنجليزية واضحة "مايكل سنأخذ المدام للمنزل ثم الشركة" 
أجاب مايكل بعملية "أمرك مستر جاسر" 
لم يترك يدها فقالت بهمس "لك منزل هنا؟" 
ابتسم وقال "طبعا، أنا عشت هنا أكثر من نصف عمري" 
همس بأذنها "بالحقائب حقيبة صغيرة لكِ أريد أن أرى شيء مما بها عليكِ عندما أعود"
أخفضت عيونها وقالت "شيء!؟ أي شيء؟ لا أفهم"
قرب وجهه منها يتنفس بأنفاسها الدافئة وقال "شيء من الأشياء التي ترتديها الزوجات لأزواجهم لقضاء ليلة العمر؛ دخلتنا التي لم تتم حتى الآن أم نسيتِ؟"
 لم ترفع عيونها إليه من الخجل وهزت رأسها نفيا فرفع وجهها بطرف إصبعه ليواجه عيونها وقال "أرى الخوف بعيونك هو مني أم.." 
همست "وهل يجب أن أخاف؟" 
ابتسم بحنان وقال "أبدا، طالما أنتِ معي وبين أحضاني فلا تخافي من أي شيء فقط حبيني جي، حبيني إلى الأبد" 
همست "أحبك جاسر وسأظل أحبك لنهاية عمري" 
ابتسم بسعادة وقال "إذن أنا أحب اللون الأحمر هل اتفقنا؟ سأحاول ألا أتأخر، لن تنامى وإلا" 
أخفضت عيونها مرة أخرى وقالت "وإلا ماذا؟" 
قال وهي قريبة منه إلى حد كاد يفقده صبره "عندما أعود سأخبرك فقط أنا وأنتّ، سأمتلكك وسأكون ملكك" 
ابتسمت في سعادة وأراحت رأسها على كتفه ويدها بذراعه. كان البيت رائعا حقا فيلا جميلة بمكان هادئ فوق الجبل بجدران زجاجية تكشف منظرا رائعا أراها غرف النوم وكل شيء ثم تركها وذهب 
اتصلت بكاظم وأخبرته بمدى سعادتها وتمنى لها أن تدوم سعادتها للأبد، هاتفت لي لي أيضا التي ظلت تحكي لها عن حسام وأخيرا أنهت معها 
دخلت الخادمة بالحقائب فأخبرتها أن تترك الحقيبة الصغيرة وتضع باقي الملابس بالخزانة فأطاعت ودخلت هي لتأخذ حمام ثم خرجت في روب الحمام كانت الخادمة قد انتهت وذهبت 
أخذت الحقيبة الصغيرة وفتحتها، كانت كلها ملابس نوم الخاصة بالعرائس، وضعت يدها على فمها ودق قلبها وابتسمت وهي تتأملهم ثم انتقت واحدا أحمر دموي مثلما طلب منها وهو لا يقل إثارة عن بقية الآخرين وارتدته ووضعت عطرها والميك اب وكادت ترفع شعرها عندما دخل وقال 
"لا دعيه تعلمين أني أحبه كذلك" 
ارتجفت من وجوده وشعرت بالخجل من مظهرها وهو يتقدم منها وهي تجلس أمام المرآة دون أن تقوى على النهوض وتعلقت عيونها به د، مرر يده على شعرها فأغمضت عيونها ثم شعرت بيده على ذراعيها العارية حتى جذبها لتنهض وتقف أمامه ولم ترفع عيونها له حتى همس 
"يا الله! كيف لم أرى هذا الجمال من قبل؟ مهما تخيلت فلم أصل لهذا الجمال" 
شعرت بقلبها يقفز من بين ضلوعها من سعادته والخجل يضربها وربما الخوف فابتعدت ولكنه أوقفها بيده وقال "إلى أين؟" 
لم ترد فقربها إليه أكثر و أحاطها بيديه وقال  "لا يمكنك تركي مرة أخرى جي" 
رفعت عيونها له فهمس "أحبك"
واقترب بشفتيه من وجنتيها وقبلها برقة وعطرها يرتفع له وهمست بضعف من قبلاته "جاسر" 
لم يتوقف وهو يهمس "عيون جاسر، قلب جاسر الذي يعشقك، روح جاسر التي تملكيها" 
لم ترد وهو يعود لشفتيها في قبلة اشتياق وحب ورغبة متبادلة بينهما، قبلة يبدأ بها طريقة لامرأته التي طال انتظاره لها، أبعدها وقال "أنتِ خائفة مني؟" 
دفنت رأسها من خجلها في صدره الواضح من قميصه المفتوح تحت الجاكت فخلع جاكته وألقاها بعيدا ثم حملها كالطفل الصغير فتعلقت بعنقه ونظراتهم عالقة حتى مالت برأسها على صدره تسمع دقات قلبه.. 
وضعها بالفراش وهي لم تفلته وهو ينظر بعيونها وأبعد خصلات شعرها وقال "أحبك جي، أعشقك حبيبة القلب" 
أغمضت عيونها وهي تشعر بأنفاسه تتخلل عنقها ووجنتيها حتى التقى بفمها في قبلتهم الحارة ويده تبعد قميصها ولا تعلم متى تخلص من ملابسه حتى تلامس الجسدان وسرى الدفء بجسدها وهو يمطرها بكلمات الغزل والحب بسعادة وشفتاه تلمس كل جسدها واستسلمت له بسعادة أخيرا حبيبها وزوجها بين أحضانها وهي بين أحضانه، توقف ففتحت عيونها فرأته ينظر لها وهو يقول بحنان 
"تعلمين أني أحبك؟' 
هزت رأسها بالإيجاب فابتسم وأخذ فمها بقبلة أخرى ثم تملكها فجأة برفق فشدت بيداها على أكتافه من الألم فهمس "برفق حبيبتي، هل أنتِ بخير؟"
للحظة ظل الألم ثم رحل فهزت رأسها فعاد يأخذها لعالمهم الجديد من الحب والعشق والهيام، هما فقط ولا شريك لهم
عندما استيقظت لم تجده بجانبها، اعتدلت وشدت الغطاء وتذكرت ليلتهم سويا فهدأت وهي تدرك أنها الآن زوجته حقا وزوجته وحدها بعدما أخبرها أنه أخرج ندى من حياته بالطلاق فأصبح لها وحدها
كم كانت سعيدة، رغم خوفها إلا أنها الآن تشعر بالسعادة كادت تنهض لتبحث عنه لولا أن رأته يدخل وهو يحضر مائدة الطعام المتحركة فقال "أخيرا استيقظتِ، كدت أموت من الجوع" 
التفت بالغطاء واعتدلت وهي تقول "لماذا لم توقظني لأعد الطعام أو الخدم" 
جلس بجوارها وأبعد شعرها خلف أذنها وقال "عروستي الجميلة تجلس وأنا أحضر لها كل ما لذ وطاب، إنها صباحية أجمل عروسة" 
تأملته وهي لا تصدق كل تلك السعادة فقالت بصدق وحنان "بل أنت أجمل هدية من الله لي حبيبي" 
قبل وجنتها واعتدل وهي صمتت ثم عادت تقول "جاسر" 
نظر إليها مرة أخرى وقال "عيون جاسر" 
قالت بتردد "كنت أريد أن أسألك عن شيء" 
ظل ينظر لها وقال "ماذا حبيبتي، اسالي" 
قالت "ندى أقصد، هي كانت زوجتك و.." 
ابتسم وداعب وجنتها بأصابعه وقد فهم قصدها فقال "نعم كانت زوجتي ماذا في ذلك" 
تسرب الضيق والغيرة لها وهي تقول "أعني" 
تخابثت نظراته وقال "تعنين ماذا؟ هل تقصدين هل حصلت على حقوقي منها؟ بالتأكيد ألم تكن زوجتي" 
للحظة ظلت تنظر له حتى أخفضت عيونها ثم ابتعدت بضيق لتخفي دموعها ولكنه ضحك وأعادها له وأحاط وجهها بيده وقال بحنان صادق "تشعرين بالغضب مني"
هزت رأسها بالنفي ثم بالإيجاب فضحك مرة أخرى ودموعها تتألق بعيونها فقال بصدق "أنا لم أمسها جي، لم ألمسها أبدا، لم أشعر بأي رغبة تجاها ووقت احتجت الراحة والنوم أتيت لكِ، نمت بجوارك وعلى فراشك أم نسيت؟ ومن بعدها لم أجتمع بها وحدنا بأي مكان" 
ابتسمت وقالت "حقا؟ ولكن بالمكتب عندما أنا ولي لي" 
ضاقت عيونه ثم تذكر وقال "نعم، بصراحة كانت تغريني وكنا نتوقف عند قبلة أو حضن" أبعدت عيونها فأعادها وقال "لم أكن -عرفك جي، لم يكن حبك سكن قلبي، وحتى عندما كنا نفعل لم أكن أشعر بأي شيء، لم أرغب بهم من الأساس أنت من رغبت بها من أول لحظة ومن أول قبلة، قبلتك لها طعم آخر، كلما كنت أراكِ كنت أقاوم رغبتي في أن أندفع إليكِ وأجذبك غصبا لأحضاني وأتذوق طعم قبلتك، أنا لم أعش مع ندى سوى لحظات باردة لا معنى لها وكل من قبلها كانت نزوات أخبرتك عنها لا معنى لها، لابد أن تصدقي أنكِ حبيبتي الأولى والأخيرة، حبيبتي التي تربعت على عرش قلبي وملكته" 
يكفيها ما سمعت ويفيض، ستعيش على كلماته لما تبقى من حياتها فابتسمت واندفعت إليه لتحتضنه بقوة وهو لفها بذراعه وهمس "أريد رؤية هذه الابتسامة إلى الأبد" 
ابتعدت وطبعت قبلة رقيقة على وجنته وقالت "أنت سبب ابتسامتي وسعادتي، أنت الحياة جاسر أنا أحبك، أحبك وأعشقك بجنون" 
نظر إليها بسعادة وقال "يا الله! كيف أتحمل كل هذا الدلال وهذا الكلام الجميل؟"  
أبعد المائدة فقالت "جاسر الطعام أنت جائع" 
عاد لها وأحاطها بذراعه وقال "نعم جائع من حبك وحنانك وجمالك" 
ضحكت بدلال فقال "هكذا؟ تعالي أنا لن أرحمك أنتِ لي" 
استسلمت له بحب ومنحته كل ما استطاعت بكل حب وهو ايضا فعل 
أمضوا الأيام التالية في سعادة كان يأخذها إلى قلب مدينة الضباب كما يطلق عليها، لندن عاصمة المملكة المتحدة، وذلك لأن الضباب يخيم عليها معظم الأوقات وزاروا العديد من الأماكن السياحية مثل متحف مدام ' تيسو' وهو متحف الشمع وكذلك متحف ' تيت ' وشاهدت نهر التايمز من أطول أنهار انجلترا وأجملها وأشهرها.. 
لم ينسى أن يأخذها إلى ساعة بيج بن أقدم صرح حيث يبلغ عمره مائة وخمسين عام تقريبا يأتي إليها السياح من كل أنحاء العالم لمشاهدتها، وطبعا برج لندن والذي بناه وليام الفاتح في ١٠٧وهو قلعة تاريخية تقع وسط لندن وتم استخدامه كسجن رغم أنه لم يبنى لهذا الغرض وإنما انشئ كي يكون مقر الطبقة الحاكمة 
وزارا المتحف البريطاني وهو واحد من أكبر وأهم متاحف العالم يتضمن مجموعة كبيرة من المومياء التي تم تهريبها خارج مصر، وفيه المفتاح المستخدم لفك رموز الكتابة الهيروغليفية..
أمتعها بكل ما استطاع، عاشت معه أسعد لحظات حياتها ما بين الأماكن السياحية وبين المطاعم والفنادق الشهيرة لتناول الطعام أو قضاء السهرات الرومانسية فيأخذها بين ذراعيه ليطير بها على أنغام الموسيقى الكلاسيكية الشهيرة في أهم الأماكن التي لم تحلم أن تراها وهي تدرك صحة كلام لي لي أن جاسر غني وغني جدا بالفعل وأخيرا يعودا للبيت ليهنأ كلا منهما بالآخر بالحب والسعادة والدفء 
أيقظته بحنان "حبيبي" ف
تح عيونه فابتسمت وقالت "تأخرنا لابد أن تنهض، موعد الطائرة" 
أحاطها بذراعه وقال "ما رأيك لو نبقى يومين آخرين؟" 
ابتسمت وداعبت أنفه بيدها وقالت "وعمي كاظم؟ والشركة وعلي الذي لم يتوقف عن اتصالاته؟ ولي لي وحسام الذين يموتون على الزواج؟" 
لم يفلتها وهو يقول "كفى، كل ذلك لا يهم كلمة واحدة منكِ ولن يوقفني شيء عن البقاء هنا" 
وطبع قبلة على شفتيها فقالت "لقد كان الاتفاق على اسبوع ونحن لنا اسبوعين أو أكثر وكل مرة تمد الاجازة إلى متى يا حبيبي؟" 
داعب شعرها بيده وقال "لا أعتقد أن ما أعيشه هنا له آخر، تلك الحياة لا أريدها أن تنتهي جي" 
وضعت رأسها على صدره وقالت "طالما نحن سويا فلن تنتهي، أنا حياتي ليس لها معنى بدونك جاسر ولكن ما وراءك من مسؤوليات تستدعي بعض التضحية" 
جذبها تحت الغطاء وقبلها قبلة طويلة وقال "حسنا لابد إذن أن نحتفل بالرحيل أولا ثم نفكر في موضوع التضحية هذا" 
ضحكت بدلال فزادت من رغبته التي لا تنتهي


تعليقات



<>