رواية أنين القلوب الفصل الخامس والعشرون25 بقلم داليا السيد

 
رواية أنين القلوب الفصل الخامس والعشرون25 بقلم داليا السيد


الفصل الخامس والعشرون
طريق الانتقام 
"مرحبا مدام جاسر كيف حالك؟" 
جلست بالسيارة وقالت "مرحبا مايكل كيف حالك أنت وحال العمل؟"  
جلس بالأمام وقال "الأمور ليست بخير، أسهم الشركات تنخفض بالبورصة منذ ما حدث ومعظم الشركات تحاول التملص منا ولا أعلم ماذا سنفعل؟"
قالت "سنعيد كل شيء كما كان بل وأفضل، ألم يخبرك جاسر كيف تواجه مثل تلك الشدائد؟" 
قال بهدوء "بلى مدام فعل" 
قالت بهدوء غريب عن حالتها "حسنا دعنا نفعلها سويا ونحن في طريقنا لذلك سنوقع بمحسن وندى وسأخبرك كيف" 
أعادت هي ومايكل الشركة إلى مكانتها بصعوبة شديدة ولكن ساعدهم سمعة جاسر المعروفة وبدأت الاسهم تصعد من جديد وأخذ الأمر وقتا غير كثير 
تابعت لي لي التي تولت الأمر في مصر ولم ينقطع الاتصال بحسام والمحامي ووجدت نفسها شخص آخر غير الممرضة؛ تتعامل بثقة وقوة وشجاعة، تصدر قرارات وأوامر وتتابع تنفيذها كما لو كانت مارست الأمر من قبل، لم تكل ولم تتعب وكثيرا ما كانت تنام بالمكتب كما كان يفعل وتعلمت أن تواجه المجتمع الذي كان والدها وجاسر يخافون عليها من مواجهته ولكنها فعلت بشجاعة وفي أقل من شهر ونصف كانت قد أعادت كل شيء كما كان وتعلمت الكثير عن ذلك المجال وساعدها مايكل كثيرا والمحامي في مصر وبدا اسمها يشتهر بلندن وبعد أن كانت الشركات تهرب من التعامل معهم عادوا إلى السعي ورائهم بل وأفضل من الأول وهو ما أسعدها ولكن كل ذلك لم ينسيها ما جاءت من أجله 
حتى حملها لم يمنعها من مواصلة الطريق بل كانت كلما شعرت بالتعب تضع يدها على بطنها وتقول "منذ شهور قليلة كنت سبب في أن أبقى على قيد الحياة واليوم أنا أبقى من أجلك وأجل والدك لأعيد له كرامته وسمعته حتى تتشرف أنت به عندما تكبر وتخبر الجميع أنك ابن جاسر المنياوي فساعدني ولا تكن حملا عليّ كي أكمل طريقي" 
دخل مايكل وعليه علامات السعادة وقال "التقطوا الطعم وعرفت بمكانهم" 
رفعت وجهها له باستفسار وقالت "حقا؟ أين؟" 
قال " اليونان وأرسلوا طلبهم الخاص باسم مزيف وما أن تبعت الاسم حتى وصلت إليهم" 
نهضت وعقلها يضج بالأفكار وقالت "رائع، هكذا تمت أول خطوة، أحسنت يا مايكل" 
قال "بل هو حسن تدبيرك سيدتي وأنا سعيد للعمل معكِ" 
ابتسمت وقالت "شكرا والآن الخطوة التالية هل جهزت الشحنة؟" 
هز رأسه بالإيجاب وقال "هي أسهل خطوة" 
عادت له بعيونها وقالت "وندى؟" 
قال بثقة "سأبدأ التنفيذ فورا" 
شردت فيما فعلته بها ندى ونظرات الشماتة بعيونها وهي على الأرض تحت قدميها ومن داخلها لم تشعر بالندم على ما ستفعله بها.. 
****
"حكمت المحكمة على المتهم جاسر كاظم المنياوي بالسجن خمس سنوات مع النفاذ" 
تراجع في ذهول وهو لا يصدق، هل هذا هو؟ هل سيصبح رد سجون بعد أن كان رجل الأعمال المعروف؟ نظر حوله ولم يرى سوى دموع لي لي و نظرات الألم بعيون حسام وبحث عنها، أراد أن يراها، يرى عيونها، يشعر بقربها ربما تخبره أن كل ذلك حلم بل كابوس وستوقظه منه 
بالتأكيد هو ذنبها لأنه ربما يكون قد ظلمها وها هو يشعر بإحساس المظلوم، ليته يرتاح ولكن كيف بعد اليوم لن يرى أي راحة لأن كل ما يحدث حوله واقع وليس حلم وهي لن تأتي من أجله، لن تبقى مع مجرم فعل بها ما فعل دون رحمة 
أخفض عيونه وسمع لي لي وهي تناديه "جاسر، جاسر ما زال هناك استئناف لن نيأس، أنت برئ" 
هز رأسه وكاد يذهب لولا أن تنفس فجأة عطرها وشعر بها حوله فرفع رأسه ونظر تجاه باب القاعة ورآها، كانت تقف وتنظر إليه وبعيونها دموع كثيرة والألم واضح على ملامح وجهها، لقد ظن أنها ستشمت ولكن لا ليست هذه نظرات شماتة وإنما ألم وحزن وهو يعرفها جيدا
أمسك بالقضبان بشدة ودق قلبه، تمنى لو أتت وأمسك يدها وقربها لقلبه، لم يشعر بحاجته لأحد مثل حاجته إليها الآن، ظل ينظر إليها وهي أيضا لم تنطق ولا هو وإنما أرسلت العيون لغتها "أنا آسف حبيبتي، تأخرت حبيبي، سامحيني، ليتني أستطيع، لا تتركيني، سأترك روحي قبل أن أتركك، ضميني لأحضانك، ليتبنى أستطيع، تودعيني؟ بل أطالبك بالصبر والقوة، أنا أستمد القوة من عيونك فلا تذهبي، سأذهب من أجلك الوداع فلن أراك مرة أخرى، لا، لا تذهبي، بل سأذهب وأرحل ولن أعود" 
استدارت وخرجت مبتعدة في ألم ولم تسمعه وهو يناديها ولكن لي لي حدقت به والحارس يأخذه فقال بنفس الصوت "لي لي، جي هنا، أسرعي لها وعودي بها، أرجوك لي لي أنا أريدها، هيا بسرعة، اذهبي" 
نظرت لي لي لحسام الذى أسرع للخارج ولكنه لم يجد أحد فقد رحلت عائدة إلى المطار للطائرة الخاصة التي أحضرتها لتحضر الجلسة ثم عادت والدموع عالقة في عيونها من مظهره الذي حفر في ذاكرتها.. 
استقبلها مايكل وسألها "هل من جديد؟" 
قالت بغضب مكتوم "خمس سنوات" 
قال بأسف "ما زال هناك استئناف، نحن بحاجة للوقت وندى لا تستجيب بسهولة" 
قالت بغضب "كيف؟ استبدله، أرسل من يمكنه أن يفعل، هي لن تفلت هل تفهم؟ لابد أن تدفع الثمن وأسرع نحن لا نملك وقت" 
هز رأسه وقال "نعم سأفعل، لن نقف في منتصف الطريق" 
أبعدت عيونها وقالت "لا ولو دفعت عمري كله لن يوفقنا شيء، أي شيء"
عرفت من لي لي أنه طلب لقائها ولكنها أخبرتها أنها لن تستطيع العودة الآن ومن داخلها كانت قد قررت ألا تراه مرة أخرى، لن تضعف ولن تسامح.. 
حاولت أن تتناول الغداء كما أمرها الطبيب ودخل مايكل كالعادة ولكن نظراته كانت تنبئها بالجديد تركت الطعام وقالت "ماذا؟" 
أخرج قرص صلب من جيبه وقال "ندى" 
أسرعت إليه وجذبت القرص من يده بسعادة وقالت "أنت متأكد؟" 
ابتسم وقال "بالطبع مسز جاسر، شاهدي بنفسك" 
ابتسمت وهي تضغط على القرص بيدها وقالت "سأفعل لا بد أن أفعل، ومحسن؟" 
أجاب "أرسلت جورج لإمضاء العقود والتسليم آخر الشهر" 
نظرت إليه وقالت " الاستئناف أيضا آخر الشهر، هل يمكننا أن نتم الأمر قبل الجلسة؟ أتمنى من الله أن يساعدنا ووقتها نثبت براءة جاسر" 
ابتسم وقال "طالما معه زوجة مثلك لابد أن يخرج من السجن" 
نظرت إليه ولا كلمات لديها لتجيبه بها حتى التفتت وقالت "أستمد قوتي منه مايكل إنه جاسر" 
وافقها بالطبع وهو يقول "أعلم سيدتي، أنا أكثر شخص أعرف مستر جاسر جيدا" 
لم تجادل وهي تحدق بالفراغ وقالت "أمامنا أيام قليلة قبل التسليم، لا تنسى تصوير كل شيء كما طلب المحامي" 
أجاب "لا تقلقي سيدتي" 
نظرت إلى اللا شيء وهي تحاول أن تمنح نفسها الصبر على ما تبقى في ذلك الطريق... 

تعليقات



<>