رواية أنين القلوب الفصل الثاني عشر12 بقلم داليا السيد


 رواية أنين القلوب بقلم داليا السيد
رواية أنين القلوب الفصل الثاني عشر12 بقلم داليا السيد
بعاد 
أسرعت إلى غرفتها، دخلت وأغلقت الباب وأغمضت عيونها ورحلت في بكاء شديد حتى سمعت صوت لي لي يهتف في ذعر "جي!؟" 
التفتت إليها وهي لم تتوقع رؤيتها بينما فزعت لي لي من منظرها فأسرعت إليها لتحتضنها وهي تهتف "جي ماذا حدث؟ ماذا أصابك!؟"
زادت في البكاء بلا قدرة على التوقف فقالت لي لي "جاسر؟" 
عيونها الباكية قالت الكثير دون أي كلمات ولم تقاوم وهي تلقي نفسها بين أحضان لي لي علها تجد مسكن لألم قلبها ولكن هيهات..
كانت العودة اسوء ما مر بها؛ كان عليها أن تتحمل وجوده دون أن تنظر له، دون أن يرى ضعفها، أن تثبت قوتها له رغم شدة ضعفها كان عليها أن تتحمل وجودها معهم لأنها وعدت لي لي بألا ترحل رغم أن ذلك سيزيد من أوجاعها ولكن لم تستطع أن ترفض طلبها ورجاءها بأن تظل معها 
لم تبرر تصرفات جاسر ولم تنكر لي لي رفضه للعلاقة ربما تكون هي الأخرى رافضة لتلك العلاقة وهي تعلم أن لديهم كل الحق فمن هي ومن هم؟ أما هو فلم يحاول أن ينظر بعيونها، لم يجرؤ أن يفعل لذا لازم والده الذي كان يتابع ما يدور دون أن يتحدث كان يقرأ النظرات ولكن في صمت 
ساد البيت جو غريب؛ الكل يلزم الصمت، حاولت ألا تبدي أي شيء أمام كاظم ولكنه كان يرى العيون ولي لي التزمت غرفتها عدة أيام كانت فقط تأتي لتطمئن عليها دون أن تفتح الموضوع ثم تعود غرفتها دون جديد 
أما هو فكان يخرج مبكرا قبل أن يرى أحد ويعود متأخر بعد أن ينام الجميع ولم يكن يعرف أنها كانت تسمع أنفاسه وهو يمر من أمام غرفتها وتراه من وراء نافذتها عند خروجه ولا تنام إلا عندما تدرك أنه عاد ولكن لم تلتقي العيون.
"نعم  مايكل ماذا هناك؟" 
كان عصبي بشكل واضح مؤخرا ولكن لا أحد يجرؤ أن يخبره بذلك 
سمع مايكل يقول "نريدك هنا مستر جاسر" 
نهض وتحرك حتى وقف أمام نافذة مكتبه وقال "لماذا؟" 
قال مايكل "مستر أنطوان أخل بالإتفاق والصفقة المصرية لن تكتمل دون توقيعه وأنا لم أستطع إقناعه ولا أعرف كيف أحلها" 
أغمض عيونه وعبث بهما بأصابعه وقال "يومين أعد أموري هنا ثم سأكون عندك، لن أتأخر حاول معه حتى أصل" 
رد الرجل بهدوء "تمام مستر جاسر" 
أغلق كلاهم فالتفت للمكتب وقذف بالهاتف عليه وهو يحاول أن يركز، منذ عاد وتفكيره مشوش كلما فتح أوراقه رآها ورأى دموعها ثم يتذكر كلماتها "أنا ممرضة، مجرد ممرضة ولم أنسى أنني ابنة السائق" 
لم يعرف ماذا يدور داخله؟ لماذا يشعر بألم في صدره كلما تذكرها؟ لقد ظن -ن الفراق هو الحل، ولكنه ليس كذلك، لماذا كان يوجد مبررات لتركها؟ هو لم يكن كذلك بأي يوم إذا أراد إبعاد أحد عن حياته أبعده فورا دون تفكير ولا حزن عليه فلم هي اختلفت؟ أم هي...
رنين هاتفه قطع أفكاره، زفر في ضيق عندما رأى اسم ندى تردد قبل أن يعود لمكتبه ويجذب الهاتف ليرد فسمعها تقول "حبيبي كيف حالك؟" 
جلس بتعب واضح وقال "بخير وأنتِ" 
أجابت "بخير ولكني اشتقت لك، ألن أراك؟" 
عبث بالأوراق بلا رغبة برؤيتها نهائيا ولكنه قال "تعلمين أن وقتي لا يتسع للكثير"
 قالت بدلال يعلم أنن متصنع وليس كبراءة امرأته التي تسكن عقله بجنون "ولكن من أجلي لابد أن يتسع وقتك ثم إن دادي يريد أن يراك اليوم وطلب مني أن أدعوك على الغداء" 
قال بضيق لم يعرف سببه "ولماذا يريدني؟" 
أجابت "لا أعلم ولكن هو قال أن الأمر هام، سننتظرك على الغداء حبيبي" 
رد باختصار "تمام" 
أغلق الهاتف وتركه على المكتب عندما دق الباب ورأى السكرتيرة تدخل وقالت "الرائد حسام بالخارج ويريد مقابلتك يا فندم" 
نظر إليها بدهشة وقال "حسام!؟ حسنا دعيه يدخل وارسلي لي قهوة" 
ردت وهي تخرج "حاضر يا فندم " 
خرجت وسرعان ما دخل حسام في زيه الرسمي، لم ينهض جاسر وإنما قال ببرود "أهلا حضرة الضابط، تفضل" 
جلس حسام بجدية وقال "آسف لأنني أتيت بدون موعد ولكن أنت تعرف أننا لا نملك ظروفنا ولا ظروف عملنا" 
هز رأسه بتفهم وتراجع في مقعده وقال "نعم، كان الله في العون، هل من خدمة يمكنني تقديمها لك؟" 
دخلت السكرتيرة بالقهوة فقال "قهوة أم شاي أم ماذا!؟" 
قال حسام "لا شيء، ليس لدي وقت كثير كلمتين وسأذهب" 
أشار جاسر للسكرتيرة فخرجت فعاد وقال "خير؟" 
نظر إليه حسام وقال "بصراحة أنا أتيت في موضوع شخصي" 
لم يرد جاسر وكأنه يزيد الأمر صعوبة عليه  فأكمل حسام "أنت تعلم أنني ضابط ناجح وسيتم تكريمي قريبا ووالدي  لواء على المعاش ووالدتي ابنة مستشار بالنقض و.." 
قاطعه جاسر بفارغ صبر "يا حضرة الضابط أنا لست بحاجة لأن أعرف سيرتك الشخصية فأنا أحفظها جيدا، هل تدخل في الموضوع؟" 
قال حسام بارتباك من طريقة جاسر "أعلم، بصراحة أنا.." 
قام جاسر واتجه إليه فقام حسام ووقف أمامه وقال جاسر "اجلس وقل ما تريد دون هذا التوتر الذي أراه فهو يتنافى مع ما أعرفه عنك، أنا اعتدت على شجاعتك وجرأتك"
جلس أمامه فجلس حسام وقال "بصراحة أنا أريد أن أتقدم و، وأطلب يد أختك الآنسة لي لي" 
اعتدل جاسر وقد تفاجئ  من الأمر، لم يفكر أن حسام يمكن أن يطلب مثل هذا الطلب، أخته؟ أسرع حسام يكمل "أنا أعلم أن مستواكم أكبر بكثير ولكن أنا عندي شقة بمكان راقي وسأجهزها لها كما تريد وسأفعل كل ما تريد ومستعد لكل طلباتكم" 
قام جاسر وابتعد ثم عاد وقال "أرى أنك تريدها؟" 
قام حسام هو الآخر واقترب من جاسر وقال "جدا بل ومعجب بها" 
نظر إليه جاسر فارتبك حسام وقال "أنا آسف ولكني صريح معك، منذ أن رأيتها بالمشفى وأنا لا أفكر إلا بها، أراها في كل من حولي حتى لو أغمضت عيوني أراها، أنا لا أكف عن التفكير بها لحظة واحدة، أنت شاب مثلي وبالتأكيد تفهم ما أقوله، أنا تأكدت عندما رأيتها في عيد الميلاد وأدركت أنني.." 
تابعه جاسر وكأنه كان يتحدث عنه وعما يشعر به تجاهها، نفس المشاعر، نفس الأحاسيس والأفكار فقال "أنك ماذا؟" 
ابتعد حسام وقال "بصراحة ودون لف أو دوران أنا أحبها ولا أتخيل حياتي دون وجودها معي" 
ابتعد من أمامه وهو يتساءل؛ حب؟ أي حب الذي يتحدث عنه؟ ما هو الحب؟ سمع حسام يقول "جاسر بيه أنت لا ترد؟" 
نظر إليه وقال "ماذا قلت؟" 
أجاب حسام "سالتك رأيك؟" 
انتبه وهو يستعيد نفسه من شروده وقال "لابد أن أعود لبابا و، وهي نفسها أم أنك تعرف رأيها؟" 
ارتبك حسام ولكنه قال "لا، لا أعرف ولكن متى ستمنحني الرد؟" 
زاغت عيونه بعيدا وقال "آخر الاسبوع، أنا سأرحل بعد يومين للخارج وربما أعود آخر الاسبوع، بالتأكيد سأتصل بك عندما أصل" 
هز حسام رأسه بيأس وقال "تمام رغم أني كنت أتمنى أن ترد قبل ذلك ونقوم أنا ووالدي بزيارتكم" 
ابتعد جاسر وقال "أعتقد أننا بحاجة للوقت لا داع للاستعجال سأرد عليك بمجرد الوصول لقرار" 
هز حسام رأسه بتفهم وقال "حسنا أشكرك على وقتك، اسمح لي" 
تحرك حسام فناداه جاسر "حضرة الرائد، هل قابلت أختي مرة أخرى بدون علمي؟" 
أسرع حسام يقول بصدق "لا، بالطبع لا أنا أدخل البيوت من أبوابها هكذا هي الأصول" 
هز رأسه فذهب حسام وتركه وهو لا يعلم ما يحدث حوله، ما الحب؟ الحب الذي كان يعرفه هو الحب الذي يشاهده بالأفلام والسينما، تمثيل وليس حقيقة أما حب الواقع فهو لا يعرفه وربما لا وجود له ولكن ما حكاه حسام هو تماما ما يعيشه فهل تلك المشاعر تسمى حب؟ هل يحبها؟ 
نهض بانزعاج وهو يقول بغضب "لا، جاسر المنياوي لا يعرف الحب ،أنا لا أعرف إلا العمل والنجاح فقط وهي كما قالت؛ لن تكون طريقي للنجاح، طريقي للنجاح هو الذي أحدده أنا وليس هي ثم عاد وتراجع وهو يفكر فيها؛ ما ذنبها أنها ولدت ابنة السائق ما المانع؟ تعب من التفكير فأخذ جاكته وخرج 
****
"مساء الخير" 
أسرعت ندى إليه وهو يدخل وقالت "أهلا جاسر، تعالى دادي ينتظرك" 
وضعت يدها في ذراعه فلم يمانع ولكن بلا أي مشاعر، تحركت به إلى غرفة الطعام حيث جلس محسن والدها الذي رحب به وجلس 
تناولوا الطعام في جو عائلي مع العمل إلى أن انفض الرجلان إلى غرفة المكتب وقال محسن "ألم تتأخر يا جاسر؟" 
نظر اليه جاسر بدهشة وقال "أتأخر في ماذا؟" 
دخن الرجل سيجاره وقال "في إمضاء العقود أم نسيت!؟" 
ضاقت عيون جاسر وقال "أي عقود؟ ليس هناك سوى العقد الأمريكي وأعتقد أنه لم يتم أنا في انتظار ردك" 
قال محسن من بين دخانه "لا بل هناك عقود أخرى؛ عقد الشراكة و، عقد الزواج" 
نهض جاسر وبدء جرس غريب يدق بابه وعقله بل وقلبه ولكنه لم يهتم وقال "مرتبطين بالعقد الأمريكي، أنا لم أنسى" 
أجاب الرجل "تمت الموافقة ووصلت بالأمس لذا طلبتك، متى سنمضي العقود؟" 
التفت له وحدق بعيونه ثم قال "بمجرد أن نمضي معهم" 
ابتسم محسن وقال "آخر الشهر ستصل اللجنة، نمضي العقد ونعقد القران، ما رأيك؟" 
عادت دقات قلبه المزعجة داخل صدره، لقد أصبح الأمر جدي وسيتحول لزواج، هذا هو الحل ليقطع على نفسه طريق الرجوع، زواجه من ندى سيحقق بعاده عنها للأبد، نعم سيقيم حياة جديدة بعيدا عنها لن يضعف فهو جاسر وجاسر لا يعيش إلا الواقع والعمل ولا مكان للمشاعر بحياته 
نظر لمحسن وحسم أمره وقال "تمام آخر الشهر نتم الأمر كله" 
ابتسم محسن وقال "مبروك، الف مبروك" 
خرج لندى التي انتظرته بالحديقة، اتجه إليها فقالت بلهفة "فيما كان يريدك؟" 
جلس أمامها وقال "لا تخبريني أنه لم يخبرك!؟" 
قالت بصدق بدى هكذا له "يخبرني بماذا؟" 
حاول أن يصدقها وهو يقول "حددنا موعد الزواج آخر الشهر" 
تراجعت وقالت بفزع واضح "ماذا!؟ ولكن أنا لن أستطيع أن أتمم كل شيء" 
تنهد وقال بلا اهتمام "بلى يمكنك، أمامك شهر كامل" 
نظرت إليه بدهشة وقالت "ربما لكن قبل أي كل ذلك هناك شيء هام لابد أن نتفق عليه" 
تنفس بانتظار كي يتحمل حديثها وقال "وما هو؟" 
قالت بعيون تلمع ببريق الشر "الممرضة" 
حدق فيها ولم يرد وقد فاجأته وقد ظن أنها تجاوزت مثله الأمر ولكنها قالت "لن نكون سويا بنفس البيت جاسر، يا أنا يا هي" 
لم يفكر بالأمر من قبل ولم يرد فعادت وقالت "لماذا لا ترد؟ هل الأمر صعب هكذا؟" 
قال بهدوء يتناقض مع نيرانه المتقدة داخله "لا، ليس صعب والحل موجود؛ سيكون لنا بيت منفصل، اختاري أي فيلا تناسبك وستكون لديكِ" 
قامت وقالت بضيق "ولم لا أقيم أنا بالقصر وتخرج هي منه؟" 
رد بهدوء "لأن بابا لن يوافق على خروجها وأنا لن أعارضه" 
نظرت إليه والغضب يعتلي كل نظراتها وملامحها وقالت "بابا أم أنت؟" 
ظل يواجه عيونها حتى أبعد وجهه وقال "ندى لن نتشاجر مرة أخرى ونحن نبحث زواجنا" 
ابتعدت وقالت "جاسر أنت تتمسك بوجودها ألا ترى أن ذلك يثير الشك؟ أنا لا أوافق على بقائها لابد أن تطردها" 
نهض مبتعدا من مواجهتها وقال محاولا ألا يغضب "لن أطردها يا ندى وسنقيم ببيت منفصل وهذا كل ما عندي" 
وتحرك ولكنها أمسكته لتوقفه وقالت "إذا كنت تحبها لماذا لا تتركني وتتزوجها؟" 
نظر إليها بقوة ولم يسمح لقلبه حتى أن يتنفس بكلمة الحب هذه وقال "وهل أحتاج الإذن منكِ لأفعل؟ إذا كنت أريدها لفعلت دون أن انتظر رأي حضرتك، تحلي بالعقل ندى وأخرجي تلك الأفكار من رأسك واشغلي نفسك بالزفاف والبيوتي سنتر وفستان الزفاف الأبيض وتلك الأمور التي تهتم بها كل امرأة بدلا من هذه الأفكار التي لن تؤدي بك لشيء، أنا راحل للخارج يومين وأتمنى أن أعود وأجدك أعقل من ذلك" 
وتركها وذهب وهو يعلم أنه قتل المشاعر التي يمكن أن تولد داخله أو ولدت بالفعل
  
تعليقات



<>