رواية انت عمري الفصل الرابع4 بقلم امل مصطفي


 رواية انت عمري الفصل الرابع4 بقلم امل مصطفي

ابتعد عنها بغضب، حتى يداري تأثيرها عليه، وتحدث بعصبية:
 "إنتِ بتجري كده ليه؟ مش بالراحة؟ ولا فاكرة نفسك عايشة في زريبة؟"

نظرت له "عشق" بصدمه، ولم تستطع الرد. تركها "أدهم" وابتعد، وهو يلعن تحت أنفاسه.

عندما ابتعد، رأتها "غادة" التي اقتربت بسرعة منها، تُواسي حزنها:
– "معلش يا حبيبتي، سامحيني... هو عمره ما كان عصبي كده. ممكن يكون عنده ضغط في شغله، وده سبب عصبيته."

أجابتها "عشق" وهي تكبت دموعها:
– "ما فيش مشكلة يا ماما، أنا اللي غلطانة... بعد إذنك، أجيب حاجة من فوق، وأنا نازلة لأن روان في انتظاري."

وقفت "غادة" بحيرة، تنظر في اتجاه ذهاب "عشق"، ثم عادت بنظرها في اتجاه اختفاء ابنها. تعلم أنه لا يحب النساء، لكنه ليس فظًّا ولا قليل الذوق... فما سبب تلك القسوة مع شخصية بنقاء "عشق"؟ قررت أن تتحدث معه عند عودته، وخرجت هي أيضًا من المنزل.

صعدت السلم إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها، ثم ظلّت تبكي من قسوته وتعنيفه الدائم لها. تحدثت وكأنها أمامه:
– "ليه كده يا حبيبي؟ جبت القسوة دي منين؟! أنت بالواقع غير الأحلام خالص... ومن يوم ما ظهرت في الواقع، اختفيت من أحلامي. مش عارفة أشوفك علشان أشتكي لك منك، لكن غصب عني مش قادرة أكرهك."

لملمت أدواتها وذهبت إلى "روان"، التي سألتها عن سبب تأخيرها:
– "عشق، إنتِ كنتِ بتبكي؟"

أجابت "عشق" بنفي:
– "أبدًا، دي تهيؤات... لأن وحشتك."

اقتربت منها "روان" وهي تؤكد:
– "فعلاً وحشتيني، أنا خلاص تعوَّدت على وجودك معايا، ومش عارفة يومي يعدي إزاي لما ترجعي جامعتك."

لاحظت "روان" احمرار عيني "عشق"، وسألتها بلهفة:
– "عشق، إنتِ كنتِ بتبكي؟"

هربت "عشق" بعينيها، ثم ردّت بنفي:
– "لا أبدًا... بس يمكن عيوني أطرفت."

رفعت "روان" يدها حتى تصبح عين "عشق" أمام عينها، وقالت بحزم:
– "ما فيش أخت تكذب على أختها، مالك فيكي إيه؟"

أرتمت "عشق" في أحضان "روان" وبكت بحزن:
– "أدهم كل ما يشوفني يغضب، ويقول كلام صعب... مش عارفة ليه؟ رغم أن أنا أكتر وقتي هنا معاكي، ومش بنتقابل غير صُدفة... وده أكتر سبب خلاني عايزة أرجع بيتي، لأن عارفة أنه مش حابب وجودي، لكن إنتِ رفضتِ. أنا مش عارفة أرضي قلبي ولا كرامتي."

ظلت تبكي بحرقة، وكان قلبها يئن من ألم القسوة التي لم تستطع تفسيرها.

تألم "أدهم" كثيرًا عندما سمع كلماتها، وتضايق من نفسه الغبية التي تؤذي شخصًا في رقتها كلما قابَلها. عاد ليطمئن عليها عندما وجد أمه تغادر، ولكن كلماتها أوجعت قلبه. تمنى أن يفتح الباب الذي يحجب رؤيتها عنه، ليحتضنها ويعتذر لها عمَّا بدر منه. لكن عقله أكد له أنها "دموع تماسيح"، وفي قاموس "أدهم" لا يوجد للمشاعر مكان. دائمًا ما ينتصر العقل، لذلك تراجع في آخر لحظة، وخرج تاركًا المنزل ومشاعره التي كانت تحارب عقله.

بينما هتفت "روان" بحنان:
– "هو مش كرهك ولا حاجة، هو كاره نفسه... لأنه سمح بوجودك هنا، وده ضد مبادئه وشخصيته. إنتِ مميزة جدًا يا عشق، لأنك الوحيدة اللي "أدهم" وافق على وجودك في بيته برغبته... أنا وماما مستغربين، وحاسين أن في حاجة مش طبيعية. إنتِ عارفة أن مافيش واحدة تقدر تتواجد في محيطه. ولما كان يحصل شغل بينه وبين شخص تاني، كان يرفض تواجد سكرتيرة في الشغل ده."

أكملت "روان" وهي تضع يدها على قلب "عشق":
– "الوضع مش سهل عليه، علشان كده بطلب منك تتحملي علشاني."

---

في صباح يوم جديد...
أغلقت "روان" هاتفها بفرحة كبيرة، ثم توقظ "عشق" لتبلغها بموافقة "أدهم" الغير طبيعية على ذهابهما إلى النادي.

اعتدلت "عشق" بعدم تصديق:
– "يعني بجد وافق؟"

عذرتها "روان" من علامات الصدمة المرسومة على ملامحها، وقالت بضحكة:
– "أه والله وافق! وسألني حابين نروح الساعة كام علشان يبعت سواق. قلت له الساعة عشرة، ونفطر هناك."

تنهدت "عشق" براحة:
– "أخيرًا نخرج ونتفسح!"

قامت الفتيات بتجهيز أنفسهن، وخرجتا إلى حديقة المنزل في انتظار السائق.

فجأة... وجدت "عشق" أمامها "مراد"، يدخل من باب الفيلا. نادته "عشق" بخجل:
– "يا أستاذ مراد، لو سمحت؟"

توجه إليها "مراد" وهو يسلّط نظره على "روان" التي كل مرة تتعجب من نظرته.
سألها "مراد":
– "خير يا أنسة "عشق"، في حاجة؟"

أجابته "عشق" بتوتر:
– "كنت عايزة حضرتك تنادي حد من الحرس علشان يشيل "روان" لحد العربية."

رد "مراد" بغضب:
– "حرس مين؟! اللي يشتلها؟! هو في حد منهم يقدر يقرب ناحيتها؟! أنتم رايحين فين أصلاً؟"

أجابته "عشق" بهدوء:
– "إحنا... أستاذنا "أدهم" نروح النادي، وهو وافق."

هتف "مراد" بغير قاتل:
– "هو وافق أن حد من الحراس يلمسها؟! ما تتحركوش من هنا، ثواني وجاي لكم."

"روان" باستغراب من غضبه غير المبرر:
– "ما له ده؟! أنا أول مرة أشوفه عصبي كده!"

تحدثت "عشق" بابتسامة خبيثة:
– "الغيرة يا قلبي... تعمل أكثر من كده."

هتفت "روان" بتفاجؤ:
– "غيرة إيه؟"

ابتسمت "عشق" وهي تهتف:
– "غيرته أن حد يلمس حبيبته."

أردفت "روان" بغباء:
– "أنتِ هبلة، يا "عشق"! حبيبة مين؟! هو في غيري أنا وأنتِ؟"

ردت "عشق" بغيظ:
– "لا في عرضك، مش محتاجة غباء خالص دلوقت."

على بعد أمتار قليلة، وقف "مراد" في انتظار رد صديقه.

أجاب "أدهم" بخبث:
– "فيها أيه؟"

رد "مراد" بعصبية، لأول مرة في حياته:
– "ممكن أعرف... إزاي تسمح للحرس يلمسوا أختك؟"
*******---

أدهم:
بغموض، وبصوت هادئ:
– "وفيها إيه؟"

رد "مراد" بعصبية، وعيناه تضطرمان من الغضب:
– "عارف يعني إيه حد منهم يشتالها؟ يعني هتكون في حضنه، يلمسها ويحس بيها! ما رحتش إنت ليه معاها؟"

تحدث "أدهم" ببرود، وهو يفكر في الإجابة:
– "والشغل؟ هسيبه لمين؟"

هتف "مراد" بغضب، وهو يرفع صوته:
– "ما يولع الشغل! هي أهم!"

أتى صوت "أدهم" غاضبًا، مرتفعًا، غير مصدقٍ لما سمعه:
– "أنت اتجننت يا مراد! إزاي تتكلم معايا كده؟!"

رد "مراد" بحزن، وقد غلبته مشاعره:
– "معلش يا صاحبي، أنا بعت الورق مع السواق، وهروح معاها. مش هسمح لحد غريب يلمسها."

ابتسم "أدهم" بخبث، وكأنَّ في قلبه شيء من التسلية، وقال:
– "طب والشغل؟"

أجاب "مراد" بثقة:
– "هي أهم يا صاحبي، هي أهم... سلام؟"

أغلق "أدهم" الهاتف وهو يشعر بسعادة غامرة. يعرف أن صديقه يعشق أخته منذ سنوات طويلة، ويرى الحب في عينيه. ظل ينتظر أن يطلبها، لكنه لم يفعل. وعندما تقدم "وائل" لها ووافقت، كان "أدهم" سيجن من صديقه، كيف يعشقها ويتركها لغيره؟

لكن لم يكن يعلم أن "مراد" فضل سعادتها على سعادته عندما علم بأنها تحب "وائل".

---

دخل "فهد" بهيئته الحادة القوية التي يخشاها الجميع، يسأل بجدية:
– "إيه الأخبار يا زين؟"

تنهد "زين" بحزن، ثم قال:
– "عمك مات هو وأولاده الصبيان ومراته في حادثة ميكروباص. بس بنته الكبيرة ما كانتش معاه، كانت في درس اسمها "عشق"... روحنا كام مرة للشقة، مش لقينها. وكل يوم نستناها من الفجر لحد بالليل، مارجعتش. وما فيش حد عايز يعطينا أي معلومات عنها من الجيران، ولا رقمها، كأنهم بيحموها من حاجة."

أجاب "فهد" بإصرار، وهو يضبط نفسه:
– "خلاص، أنا هتصرف. يمكن وجودها يرد الروح في جدي."

قال "محمد" بقلق، وقد بدأ ينظر حوله متوترًا:
– "ياريت بس ربنا يستر وما تفضحناش في البلد. بنت عاشت سنين زي دي لوحدها أكيد الظروف خليتها مش كويسة، وما حدش عارف أخلاقها إيه؟"

رد "زين" مستفسرًا:
– "ليه بتقول كده؟"

أجاب "فهد" بثقة، وهو يرفع حاجبيه:
– "ما أنت عارف! بنات البندر حياتهم مفتوحة، وعادتهم وتقاليدهم غيرنا."

ثم أردف بقوة:
– "مهما كان حالها ومهما كان غلطها، لازم نعدلها ونرجعها لعادتنا. الغلط راكبنا من ساسنا لراسنا، وأي طين لوث توبها. احنا مسؤولين عنها، لأننا أهملناها سنين طويلة، وهي بنتنا وحيدة، والدنيا مش بترحم. ولما نلاقيها، نجبها وسطينا، ومع مرور الوقت، تتعود على عاداتنا وتقاليدنا."

قال "زين" بفضول:
– "طيب، أفرض رفضت تيجي تعيش هنا؟"

هتف "فهد" بغضب، وهو يتنهد بمرارة:
– "أخافهم هم شخصيًا! مش إحنا! اللي نسيب لحمنا، وبالذات لو بنت وعاشه وحيدة. وأنا جادر على إعادة تربيتها من جديد."

---

أغلق "مراد" الهاتف مع "أدهم"، وتوجه مباشرة إلى "روان".
سألها بلهفة:
– "مستعدين؟"

أجابوا معًا، "عشق" و"روان":
– "أه."

انحنى "مراد" إليها حتى رفعها بين يديه. انتفض قلبه بين ضلوعه، لم يتخيل أن مجرد وجودها بين أحضانه يشعل مشاعره بتلك الطريقة. قلبه يرقص طربًا بين ضلوعه، وجسده يرتعش من روعة تلك المشاعر. من ملكت قلبه وجعلته يتعذب سنوات، الآن بين أحضانه، وقريبة من قلبه. يشعر بدقات قلبها، ويسمع تنفسها، لم يتخيل أبدًا أن تكون يومًا قريبة منه بهذا الشكل.

هذا الحب غريب، عذاب سنوات تمحيه لحظة قرب من الحبيب. مجرد لحظة، نسى كل تعبه ومعاناته.

أما هي، كانت مشاعرها مختلفة. بين خجل، وأمان، وراحة غريبة عليها.

أما "عشق"، كانت تسير بجوارهم بسعادة كبيرة، لأنها تأكدت من ظنها. حالة "مراد" تفضح عشقه، فهو يحملها بحنان كأنها جوهرته الثمينة. وكم تعشق هي الرومانسية، وقصص الحب. تستطيع اكتشاف الحب في عيون الآخرين من نظرة، وقلبها يخبرها أن قصة عشقهم سوف تكون قوية.
*****
وصلت السيارة إلى النادي، وتوقفت في موقف السيارات الكبير. حمل أحد الحراس كرسيها المتحرك. 

عاد مراد، يحملها بنفس المشاعر. هي الغالية التي يخاف عليها من الخدش. وضعها بحب على الكرسي، ثم وصل بها أمام إحدى الطاولات. 

جلست عشق جوارها، بينما طلب من الحارس الانتظار داخل السيارة. 

حدث مراد روان، وهو يتشبع من ملامحها: 

"أنا جنبك هنا، لو احتجتِ أي حاجة، ناديني. ولا أقولك؟" 

جذب هاتفها الذي وضعته عشق أمامها، وكتب رقمه واسمه، ثم رن على نفسها ووضعه مرة أخرى أمامها، وهو يردف: 

"رقمي، اهو. رنّه بس، وأكون قدامك." 

سألته بتعجب: 

"هو أنت مش راجع الشركة؟" 

هتف بطريقه أقشعر لها جسدها وانتفض قلبها: 

"لا، اليوم ده بتاعك إنتِ وبس. مافيش حاجة عندي أهم منك." 

ثم تركها وابتعد. 

عندما وجدتها عشق شاردة، سألها عما يشغل بالها. 

أجابت بعدم فهم: 

"مش عارفة. أنا حاسة بحاجة غريبة، وأنا بين إيديه. إحساس عمري ما جربته قبل كده. حسيت بحنان، اهتمام، مش قادرة أوصفه." 

كانت تتحدث، وهو يتأمل حركاتها بعشق وسعادة ليس لها مثيل. فقد اشتاق لرؤيتها لدرجة أهلكت قلبه وروحه. 

حدث ما كانت روان تخشاه، عندما وجدت أمامها أكثر شخصين دمروا ثقتها بنفسها، وأكثر من تكرههم في الحياة. 

مسكت يد عشق، تستمد منها القوة. 

نظرة عشق لما تنظر، وجدت شابًا وفتاة يقتربون منهم، وعلى وجوههم نظرة سخرية واستهزاء. 

تحدثت عشق بصوت منخفض: 

"هم دول..." 

هزت رأسها بدون كلام، فقد عاد أمامها كل ما حدث في آخر لقاء بينهم. 

"متخافيش، أنا ومراد معاكِ. إياكِ تباني ضعيفة قدامهم، هزعل منك." 

"هاي روان، عاش من شافك." 

"أهلا يا نيرة، أخبارك يا وائل." 

لم يرد وائل، لأن عيونه تلتهم عشق بشهوة، لاحظتها روان. 

شعرت بالإشمئزاز من نفسها. كيف لم تَرَ حقارته تلك في يوم من الأيام؟ 

هتفت روان: 

"أتمنى أنكم تكونوا مبسوطين مع بعض." 

"طبعا يا قلبي، إحنا اتنين بنكمل بعض، ولايقين على بعض جدًا." 

لا تعلم ماذا حدث، حتى تجده يقف جوارها بوضع هجوم وغيره، وهي لم تناديه أو تتصل به كما طلب منها. 

ابتسم وائل بخبث: 

"أهلا مراد، يا ترى اعترفت بعشقك ليها، ولا لسه بتتابعها من بعيد زي زمان؟" 

نظرت له بصدمه. هل يحبها كل تلك السنوات؟ لما لم يعترف لها يومًا، أو حتى يلمح لها؟ 

نظر له مراد بغيرة وغضب: 

"ملكش فيه، وشايف أن وجودك هنا مالوش لازمة. اتفضل غور." 

ابتسم وائل بسخرية: 

"لسه بتغير عليها زي الأول؟ رغم إنها فضلتني عليك، ورغم وضعها ده؟ أنا كنت فاكر إنك مليت منها، لأن مافيش واحد يعشق واحدة، يروح يضرب خطيبها، ويطلب منه يرجع لها، لأن نفسيتها تعبت لما سابها. انت جايب الجبروت ده منين؟" 

ما هذا الذي تسمعه؟ عقلها لا يستطيع استيعاب ما يحدث. هل ضربه حتى يعود لها؟ عندما انهارت بعد تركه لها، وفسخ خطوبتها. لهذه الدرجة يعشقها؟ يطلب من عدوه الرجوع محبوبته حتى يخفف عنها ألمها على حساب ألمه. 

نظر لعشق، وهو يقول لمراد: 

"مبروك عليك العاجزة." 

هجم عليه مراد ليخرج كل غضبه وألمه به. ضربه بعنف، حتى وائل لم يستطع تمالك نفسه. سقط الإثنان على الأرض. لم يتدخل بينهم أحد من الحرس. ظل مراد يضربه، وهو يعنفه، ويسبه: 

"اللي بتتكلم عليها دي، دفرها برقبة مليون واحد من عينتك." 

صرخت روان: 

"خلاص يا مراد، هتموته. أرجوك، كفاية." 

توقف، وهو ينظر لها، وأفكاره تعصف به. هل مازالت تحبه رغم كل ما فعله معها؟ تخاف عليه وتدافع عنه أمامه. رمقها بوجع، ثم وقف وتركهم ليبتعد بألم قلبه. 

وقف وائل ونيرة تسنده، رمق روان بغضب، ثم تحرك هو ونيرة من أمامها. 

صدمات كثيرة في يوم واحد. كيف لم تَرَ حقارة وائل؟ كيف لم تَرَ أو تلاحظ عشق مراد؟ أكانت غبية وفارغة؟ لتلك الدرجة الجميع يرى ويعلم حبه، إلا هي؟ لقد جعلها وهم الحب عمياء عن العشق الحقيقي أمامها. 

بكت في حضن عشق، التي تعلم بمدى تشتتها وضياعها. وتمنت ألا يتطور الوضع، ويصل إلى أدهم حتى لا يكرهها ويلقي اللوم عليها. 

رفعت عيونها الحمراء من البكاء، تسأل عن مراد. 

أجابت عشق بحزن: 

"مش عارفة. بس اللي أعرفه إنه مشي بقلب مكسور، لأنه فاكرك لسه بتحبي وائل، وخايف عليك." 

هي برفض: 

"لا والله، أنا كنت خايفة على مراد يضيع نفسه علشان إنسان حقير زي ده. أنا مش عارفة أزاي كنت عامية للدرجة دي." 

"معقول الحب الحقيقي كان قدامي، وأنا مشفتش كل ده؟" 

رمقتها عشق بنظرة شفقة: 

"اهدئي يا حبيبتي. الوقت لما يهدي، أكيد راجع. مش ممكن يسيبك لوحدك." 

تحدثت ببكاء: 

"أنا إزاي حبيت واحد زي ده في يوم من الأيام؟ فيه إيه كان جذبني؟ وهو واقف قدامي، الوقت مشوفتش فيه أي حاجة تلفت النظر." 

أجابت عشق: 

"خلاص يا حبيبتي، أنسي الماضي وأوجاعه. ابدأي من جديد مع إنسان بيعشقك، ويتمنى منك نظرة رضا." 
*****
في صعيد مصر

في باحة الدوار، تجمعت نساء عائلة المنشاوي، يتبادلن الأحاديث حول الخبر الذي شغل الجميع. 

قالت حميدة بدهشة: "سمعتوا؟ طلع لمحمود بنت عايشة!" 

ردت هنده، وقد بدت مفعمة بالفضول: "بجد؟ نفسي أشوف شكل البنت دي. وإنتِ رأيك إيه يا نعمة؟" 

هتفت نعمة بهدوء، تخفي خلفه قلقًا عميقًا: "مش مهم أي حاجة، المهم إن عمي يرتاح ويبقى بخير." 

تدخلت عواطف، معبرة عن مخاوفها: "بس بنات البندر مش بتلائم عيشتنا. وخايفة تزعل عمي اللي عمره ما حد قدر يرفع عينه في عينه." 

قالت نعمة بثقة: "عمي مش ممكن يزعل منها. دي من ريحة الغالي، وعوضه عن ولده اللي اتحرم منه سنين." 

أضافت حميدة بقلق: "ما حدش عارف إزاي عاشت لوحدها كل السنين دي. ولو حد عرف من البلد، ياكلوا وشنا وتضيع هيبتنا." 

---

لقاء مراد وعشق

عاد مراد، يلعن الحب الذي أوقعه في هذا الضعف. جلس يجلد نفسه وقلبه الذي جعله في هذا الوضع أمامها. 

رأته عشق جالسًا على طاولة بعيدة، فاقتربت منه وقالت: "أستاذ مراد، روان بتسأل عليك." 

رد بتعب نفسي: "خير، في حاجة؟ عايزين تمشوا؟" 

تحدثت عشق بأسف، متفهمة حالته: "معلش، اعذرها. هي محتاجاك دلوقتي أكتر من أي وقت فات. اتكلم معاها وافهم منها." 

ذهب إليها، يتألم من فكرة حبها لوائل. جلست عشق على طاولة بعيدة، تمنت لهما السعادة من كل قلبها. 

تحدث مراد بقسوة: "خير، عايزة إيه؟ عشق بتقول إنك سألتي عليا. في حاجة عايزة تضيفيها غير حبك للحيوان ده؟" 

رفعت عينها، ودموعها تسيل، تصطدم بعيونه الحزينة. 

نفخ بضيق، يحدث نفسه: "اللعنة عليك أيها الضعيف، لما تخفق بتلك القوة عندما رأيت حالتها. ألا يصعب عليك حالي؟" 

دون إرادة منه، جلس على ركبتيه أمامها، وهمس بحب وحنان: "ليه دموعك دي دلوقتي؟ أنا كنت بذبح نفسي بسكين تلم عشان ما أشوفش دمعة واحدة من عيونك." 

كادت ترد عليه، ولكن...  

تعليقات



<>