رواية انت عمري الفصل السادس6 بقلم امل مصطفي


 رواية انت عمري الفصل السادس6 بقلم امل مصطفي


صرخ أدهم بغضب:
– خاااااالد! إلزم حدودك وإنت بتتكلم عنها!

رد خالد فورًا وهو يخفض رأسه:
– آسف يا باشا.

أدهم وهو يتجه للمغادرة:
– يلا كفاية كده. أنا رايح عشاء عمل، أرجع ألاقيها في الفيلا... سلام.

وقّعت كلماته كالأمر على مسامع "أمل مصطفى".

التفت خالد ليبلغها أوامر أدهم، لكنه صُدم بما رآه؛ إذ كانت تحاول التحرك، ويقف أمامها شابان يعطلان طريقها.

اتجه خالد نحوها بسرعة، جذب أحد الشابين من ملابسه وضربه بقوة. أما الآخر، فخاف وابتعد فورًا. ثم التفت إلى "عشق" وسألها:
– إنتي كويسة؟

هزت رأسها بالإيجاب. تابع وهو يزفر:
– ده الباشا لسه محذرني إن حد يبصلك، كنت هروح في داهية! وطلب مني أروّحك دلوقتي.

نظرت له باستغراب، لكنها لم تعترض، بل تحركت تجاه صديقتها لتسلم عليها.

---

تمر الأيام، وهي لا تريد رؤيته حتى لا يجرح مشاعرها مرة أخرى. تكتفي بوجود روان وغادة، ومن وقت لآخر تذهب لرؤية فاتن وناجي، تحت أعين أدهم، الذي ترك لها سيارة بسائق تحت أمرها.

وعندما تحاول الهروب من حصاره، يغضب بشدة.

أما هو، فيجلس في مكتبه عاجزًا عن التركيز، كل تفكيره مشغول بها. لقد اشتاق إليها حدّ الجنون، وهي تعمّدت منذ آخر حديث بينهما ألا تظهر في أثناء وجوده بالمنزل.

أخذ مفاتيحه ومتعلقاته وخرج من المكتب بسرعة.
أخبره السكرتير أن هناك اجتماعًا مهمًا بعد ربع ساعة، لكنه أمره وهو يسرع في خطواته:
– ألغي كل حاجة... أنا مش فاضي النهاردة!

رآه الحراس يخرج من الشركة، فركبوا السيارات ولحقوا به. جاء إليه هاني يسأله:
– في حاجة يا باشا؟

رد أدهم بصرامة:
– لا، خلِّيكم... أنا ماشي لوحدي.

رفض الحارس تركه وحده، وأخبره بأن في ذلك خطرًا على حياته، لكنه أصرّ وأخبرهم بعدم القلق، لأنه لن يتأخر. ثم ذهب إلى جامعتها، فقط ليراها من بعيد، كالمراهقين.

---

خرجت هي وصديقتها من الجامعة، وفوجئت بأحد زملائها يناديها. التفتت نحوه:
– نعم؟ في حاجة؟

قال إسلام مترددًا:
– عايزك في موضوع.

ردت بهدوء:
– اتفضل، اتكلم براحتك... سمعاك وأنا معاهم.

هز رأسه بالرفض:
– لا، عايزك لوحدك.

قالت بلهجة حازمة:
– لا، معلش... مش بكلم شباب لوحدي. يا تقول اللي عندك قدامهم، يا إما همشي.

فجأة، جذبها من يدها، وتحدث بعنف:
– نفسي أعرف إنتي شايفة نفسك على إيه، يا أمل مصطفى!

سحبت يدها منه بقوة، ثم صفعته على وجهه:
– إنت إزاي تمسك إيدي وتكلمني كده؟ الألم ده علشان ما تلمس إيدي تاني!

غضب إسلام واقترب منها كأنه سيضربها، لكنه وجد نفسه فجأة ملقى على الأرض. حاول أصدقاؤه التدخل، لكنهم لاقوا نفس المصير.

تحدث أدهم بصوت غاضب وقوي موجّهًا كلامه لأولئك الشباب:
– اللي يفكر يبص لخطيبة أدهم الشهاوي، همسحه من الوجود! وده مش مجرد تهديد!

جذب يدها، وذهب بها إلى السيارة، فتح لها الباب. حاولت الاعتراض، لكن نظرة التهديد في عينيه أخافتها. ركبت بجواره وهي تشعر بالخجل.

---

هتفت عزة بدهشة وهي تشير إليه:
– إيه ده؟ هو ده أدهم اللي زهقنا منه؟! أنا هفركش الخطوبة... عايزة من ده إيه؟!

ردت فريال بحدة:
– اتلمي يا عزة! إحنا في إيه وإنتي في إيه؟

قالت عزة بغيظ:
– إنتي هبلة يا بنت؟! ده ضرب التلاتة كأنهم علب عصير! العيال فقدوا الوعي!

قالت فريال بحزن:
– أنا كل اللي يهمني عشق... كل ما تروح مكان، يحصلها مشكلة من غير أي ذنب!

ضحكت عزة وقالت بسخرية:
– حد قالها تكون جميلة بالمنظر المثير ده؟! ده أنا بنت، وببقى مش عايزة أبعد عيني عنها!

---
--

عند أدهم وعشق

قالت بهدوء وهي تسحب يدها:
– ممكن لو سمحت... ما تمسكش إيدي كده مرة تانية؟

نظر إليها نظرة طويلة كأنه يشبع عينيه من ملامحها، ثم ابتسم ساخرًا:
– ليه؟ هتضربيني بالألم أنا كمان؟

أجابته بخجل:
– لا طبعًا، أنا عارفة إنك عمرك ما تأذيني... بس أنا بتكلم علشان ده حرام.

قال أدهم بنبرة دافئة:
– يعني إنتِ بتثقي فيّ؟

هتفت بثقة:
– أيوه طبعًا... وإلا ما كنتش ركبت معاك.

رجع له غضبه، وهتف بعصبية:
– كان عايز منك إيه الزفت ده؟

ابتعدت بعينيها عنه، وأجابت:
– بقاله فترة بيضايقني، بس النهارده اتهوّر ومسك إيدي.

اشتعلت نار الغيرة في قلبه، وهتف بغضب:
– ليه ما قولتيش؟! وأنا كنت ربيته! افترضي إنه اتجرأ أكتر وأنا مش موجود... كنتي عملتي إيه؟

قالت عشق بهدوء وإيمان:
– الحمد لله... ربنا ما بيسيبني.

ثم باغتته بسؤال لم يتوقعه:
– إنت كنت بتعمل إيه هنا؟

توتّر وهو يحاول إخفاء شوقه:
– مافيش... كنت في مشوار قريب من هنا، وشوفتك صدفة.

---

في وقت لاحق، كانت غادة تتحدث مع عشق عن تجهيزات سفر روان، للقيام بعملية جراحية بعد أن تواصل أدهم مع أحد أصدقائه في ألمانيا، ليحجز لها عند جرّاح كبير لإجراء الفحوصات اللازمة والتحضير للعملية.

قالت عشق بتوضيح:
– لما تروحي تعملي العملية إن شاء الله، أنا هروح بيتي لحد ما ترجعوا بالسلامة... وهكون في استقبالكم لما توصلوا بخير، إن شاء الله.

دوّى صوت أدهم في المكان، ليلفت انتباه الجميع وهو يدخل والهدوء يغلف صوته، يده في جيب سرواله:
– مش هتروحي أي مكان!

ردّت عشق بحزم:
– لا طبعًا! ما ينفعش أعيش معاك في بيت واحد من غير محرم.

قال بهدوء وثبات:
– المأذون جاي بعد العشاء... كتب كتابي عليكي.

تسمّرت في مكانها، تحاول استيعاب كلماته. ثم التفت إلى أخته:
– وأنتي كمان، اعملي حسابك. مراد طلب إيدك مني، وأنا وافقت. النهارده كتب كتابكم... لأنه مسافر معاكم مكاني.

تركهم في صدمتهم وصعد إلى غرفته، وكأنما قذفهم في بحرٍ متلاطم في ليلة شتاء باردة.

لقد قرر مصيرهم دون الرجوع إليهم، أو حتى إلى والدته، التي لم تكن لتعترض، بل كانت فرحتها لا تقدّر بمال.
أخيرًا، تحقق حلم حياتها... ستفرح بأولادها، بل ومن كرم الله أن تكون الفرحة في يوم واحد.

أفاقت غادة من صدمتها وهي تضحك وتبارك لهم:
– ألف مبروك يا حبيبي، ربنا يسعدكم... وأشوف أحفادي عن قريب. بجد، ده أجمل يوم في عمري كله.
يلا اتحركوا، ورانا حاجات كتير عايزين نعملها.

---

في المساء، تجهّزت عشق وارتدت فستانها الذي حضرت به خطوبة عزة، ثم نزلت لتساعد روان في ارتداء فستانها.
وجدت الفرحة مرسومة على وجه روان، التي قالت بفرح:
– بصي يا عشق، لاقيت مراد باعتلي الفستان ده!

ابتسمت عشق وقالت بحنان:
– ما شاء الله، ربنا يخليه ليكي يا قلبي يا رب... ويكون عوض عن كل اللي راح. ذوقه رائع!
يلا نجهز، ما عادش وقت... المأذون قرب يوصل.

سألتها روان بفضول:
– هو أبيه جابلك فستان؟

ابتسمت عشق بحزن:
– أكيد نسي... إنتِ عارفة، الموضوع جه بسرعة وماكنش مترتّب له.

شعرت روان بقبضة في قلبها على عشق، التي رأت الحزن في عينيها، فأرادت التخفيف عنها، فقالت بثقة:
– عندك حق... بس أنا واثقة إن بكرة هيأخدك ويجبلك الحلو كله. أنا عارفة أبيه، وحنيته...

عشق تحدثت في نفسها بأسى:
– حنيته للناس كلها... إلا أنا، للأسف.

أنهت الفتيات تجهيز أنفسهن، وجلسن في الصالون يستمعن لما يردده المأذون.
بعد فترة، خرج أدهم بطلّته الرجولية ووسامته الشرقية، يأخذ إمضاء أخته.

ظلّت عشق تتأمل هيئته بهيام، لا تصدّق أنها بعد قليل ستُكتب على اسمه.
لاحظت غادة نظراتها، وتمنّت من كل قلبها أن يحن قلب ابنها، لكنها لم تكن تعلم أن ابنها أصبح مغرمًا بها، وأن الأمر قد انتهى، ووجودها في حياته أصبح كل ما يشغله.

بعد لحظات، خرج مراد وهو في قمة السعادة، وجثا على ركبته أمام روان، يقبّل يدها:
– ألف مبروك يا قلبي... أخيرًا.

خجلت بشدة من مشاعره التي أظهرها أمام أخيها وأمها، لكنه لم يعد يستطيع إخفاء مشاعره.
يكفيه ما فات... قام وقبّل جبينها، وكل ذلك تحت أعين من يشعرون بسعادتهم في قلوبهم.

قال مراد:
– هروح مع أدهم، وبعدين أجيلك.

هزت رأسها دون أن تنطق.

وبعد قليل، خرج أدهم مع المأذون. جلس مراد بجوار روان ليلبسها الشبكة، بينما كانت عشق تقنع نفسها بأن كل شيء قسمة ونصيب.

همست لقلبها بلهفة:
– يكفيني إن اسمي اتكتب عليه...

لكن عقلها كان يضغطها:
– إنتي مجنونة؟! هو عمل كده شهامة منه، لكن عمره ما هيبص لواحدة زيك! تفكّري إنه ممكن يحبك؟! لو كده، روحي مستشفى المجانين أحسن!

فاقت على صوت دخول أدهم، الذي طلب من الجميع التوجّه إلى السفرة لتناول طعام العشاء.
وقفت عشق وقالت:
– ثواني... جاية.

تأخرت قليلاً، ثم عادت تطلب من مراد حمل روان والذهاب خلفها.
نفّذ طلبها بصمت، وكأنه كان ينتظر تلك اللحظة. حملها بين يديه بحب، وتحرك خلف عشق، حتى وجدوا مكانًا في الحديقة، مزينًا بطاولة لفردين، ومزيّنًا بأضواء ناعمة... كان المكان رومانسيًا ورقيقًا.

أجلسها مراد على كرسيها، وجلس أمامها، ثم جاء الخدم بالعشاء.

قالت روان بسعادة:
– إنتي عملتي كل ده إمتى؟

ردّت عشق بسعادة وهي ترى الابتسامة على وجهها:
– من وقت ما أدهم قال، وأنا بجهز المكان...

انحنت عليها تقبّلها:
– ألف مبروك يا قلبي، ربنا يهنيكم.

وقبل أن تتركهم، هتفت روان:
– نادي أدهم... واقعدوا معانا، إنتو برضه عرسان!

ردّت عشق برفض لطيف:
– ما ينفعش... كلّنا نسيب ماما غادة في يوم زي ده؟

ثم توجّهت إلى الداخل، فقابلتها غادة وضمتها بحب:
– عقبالك يا حبيبتي... أفرح بيكي.

ردّت عشق، وعيناها تفيض بالحزن:
– شكرًا يا ماما...

جلس الثلاثة يتناولون الطعام في صمت، ثم وقف أدهم وقال بتحية مقتضبة:
– تصبحوا على خير.

صعد إلى غرفته، دون حتى أن يبارك لها.
نظرت لطيفه بألم، فوضعت غادة يدها على يد عشق مواسية:
– معلش يا حبيبتي... ابني مافيش أطيب ولا أحن منه، بس موت صاحبه غيّره كتير... خصوصًا من ناحية البنات.

قالت عشق وهي تخفي ألمها بابتسامة باهتة:
– أنا مش زعلانة... كفاية عليا إنه أمّنّي على اسمه... دي عندي حاجة كبيرة.

– تصبحوا على خير.

---
صعد أدهم إلى غرفته وهو يتألم.
وقعت عيناه على الفستان الموضوع فوق الفراش، تعلوه علبة قطيفة حمراء. تذكّر نظرة الحزن والانكسار في عينيها، فشعر بضيق يخنق صدره. جلس جوار الفستان، يلوم نفسه:

"ليه ما بعتش ليها فستان زي أي بنت في يوم زي ده؟ ليه قتلت فرحتها؟ أنت شفت الحزن في عينيها لما مراد لبّس روان الشبكة... ليه كده؟ دي يتيمة، وإسعادها ثواب كبير. جبت القسوة دي منين؟"

جاءه صوت عقله ساخرًا:
"أنت عايز تحسسها بحبك علشان تبهدلك وتستغل ضعفك؟ نسيت أحمد كان بيعمل فرح إزاي؟ وفي الآخر استفاد إيه؟ أمل مصطفى؟"

رد قلبه بوجع:
"بس مراد بيحب روان وطاير بيها... وإنت بتشبه عشق بروان! دي أختك وتربيتك، وعارف أخلاقها كويس. انسَ بقى."

ضم الفستان إلى صدره وهمس بأسف:
– آسف يا قلبي، ماكنتش أتمنى أكسرك بالشكل ده أبدًا.

---

عند مراد
قال وهو يبتسم:
– ما كنتش أعرف إن عشق رومانسية كده... تصور؟ هي اللي قالت إنك بتحبني قبل ما أعرف. عملت موضوع الحرس ده علشان تختبر رد فعلك.

أجابته روان وهي تنظر لعينيه بإعجاب:
– عشق دي ملاك، بتضحي براحتها علشان غيرها يعيش. بس للأسف... أخوكي لسه معقد من اللي حصل لأحمد، ومش قادر ينسى.

سألته بتوتر:
– يعني... ممكن تندم على ارتباطك بيّ؟ وتتراجع؟

قال بنبرة حنان وهيام:
– أندم؟ عمرك شوفتي حد بيفرّط في حلمه الوحيد اللي عايش علشانه؟

قالت بابتسامة خجولة:
– أنت بتحبني؟

ردّ بعشق:
– أنا عديت الحب والعشق كمان. إنتِ بالنسبة لي الدنيا وما فيها... أنا بعشقك من سنين. وكل منايّا نظرة حب، أو حتى ابتسامة بسيطة منك تردّ روحي. كنت بموت ألف مرة وأنا بشوفك مبسوطة مع وائل، وأقول: أهم حاجة سعادتها، مش مهم أنا. لحد يوم الحادثة... كنت عايز أقتله بإيدي، لأنه زوّد ألمك. بس الحمد لله، ربنا رحمنا... وبقيتي ليا.

---

في غرفة عشق
ظلت جالسة على طرف الفراش، شاردة، تستعرض كل ما مرّ بينهما منذ أول لقاء. سالت من عينيها دمعة خائنة... عاشت معه حلمًا جميلاً، حتى فاقت على واقع أليم. لم يبتسم لها، لم يهنئها... كأن ارتباطه بها كان مجبرًا، رغم أنه هو من اتخذ الخطوة دون أن يستشيرها.

وقفت، توجهت إلى الحمام، بدّلت ملابسها، وارتدت قميصًا بيتيًّا أحمر، مطرّزًا بورود بيضاء تشبه نقاء قلبها. تركت شعرها ينسدل خلف ظهرها، ثم عادت لتجلس على طرف الفراش مجددًا. فتحت أحد الأدراج وأخرجت صورته، مرّرت أناملها على ملامحه، قبّلت الصورة، ثم احتضنت نفسها وأغلقت عينيها، تحاول أن تنام... علّها تراه في الحلم، وتشتكي له منه.

---

أما هو، فلم يستطع النوم. كان الحزن يحاصره، والحرب المشتعلة داخله تطرده من راحة النوم.
وقف، وقد حسم قراره:
– لا... كفاية. لازم أعترف لها بحقيقة مشاعري. مش قادر أنام وهي حزينة كده.

بعد منتصف الليل، حمل فستانها و شبكتها متوجّه إلى غرفتها. فتح الباب دون أن يطرقه، فوجدها تنام بوضع الجنين.

ترك ما بيده على طرف الفراش، وجلس أمامها، يتأمل ملامحها الجميلة، هامسًا في قلبه: "تبارك الخالق فيما خلق."
رفع يده، أبعد خصلات شعرها عن وجهها، ولامس بشرتها بنعومة.

انحنى، يقبّل شفتيها بخفة، لا يريد أن يقظها وتري ضعفه أمامها... لكنه لم يعلم أن سنوات وحدتها قتلت أمانها، فباتت لا تنام بعمق.

فتحت عينيها بابتسامة ناعسة، كأنها تعيش حلمًا جميلاً. أغمضتهما من جديد، ثم فتحتهما على اتساعهما، لتجده أمامها.

اعتدلت في جلستها، تغطّي وجهها بحمرة خجل، و همست:
– أدهم... في حاجة؟ محتاج أعملها لك؟

ظل ينظر إليها دون كلام، ثم مدّ يده، قدّم لها الهدية:
– أنا كنت جايب الفستان ده عشانك... بس اتلبخت ونسيت.
نعم انها حجه غير مقنعه لكنه لم يجد غيرها 

تناولت الفستان منه بسعادة، وضعته على جسدها لترى كيف يبدو، ثم دارت به وهي تضحك وتسأله:
– ممكن ألبسه و تشوفه عليّ؟

ابتسم بحب:
– طبعًا، ده فستانك.

دخلت الحمام، ارتدته، وخرجت تطل عليه بكامل أنوثتها. لم يتخيّل أن يبدو عليها بهذا الجمال. كانت فاتنة، شعرها المنسدل، قوامها الممشوق... زادها الفستان سحرًا فوق سحرها.

وقف يستقبلها بقلب يهفو إليها. جذب يدها بحنان، أجلسها إلى جواره، ثم فتح علبة القطيفة، وأخرج منها دبلتها. وضعها بين أناملها، و انحنى على يدها يقبّلها.

شعرت أنها تملك الدنيا، ولا تريد من الحياة شيئًا آخر.

همس بعشق:
– ألف مبروك يا حبيبتي... وأسف إني ماقدرتش أحارب نفسي غير بعد وقت طويل، وجرحت قلبك في يوم زي ده. أرجوكي، سامحيني.

ابتسمت له بسعادة:
– مش مهم إنك اتأخرت... المهم إنك وصلت، وأنا دايمًا معاك.

أخرج خاتمًا آخر، طلب منها أن تلم شعرها، فاستجابت له بفرحة. أدارها بين يديه، وضمّها إلى صدره.

شعرت بأنفاسه الحارّة تلفح وجهها. اقترب منها، و انحنى على شفتيها، يقبّلها بشغف وجنون، لأنها المرة الأولى له مع امرأة.

لم تكن كأي فتاة... بل كانت محاربة قوية، هزمت حصونه، و احتلّت قلبه في وقت قياسي.

استمر في قبلته حتى أحسّ بحاجتها للتنفس،

 فابتعد فجأة، كأنه أُصيب بمسّ.

تحوّل في لحظة من بركان مشتعل إلى قطعة جليد في جبال سيبيريا.

قال بصوت متوتر وهو يهمّ بالخروج:
– آسف... مش قادر، أنا تعبان جدًا.

وتركها مشتتة، لا تعرف هل أسفه كان لاقترابه منها... أم لتركه لها في ذروة مشاعرهما؟ 

تعليقات



<>