رواية انت عمري الفصل العشرون20 بقلم امل مصطفي


 رواية انت عمري الفصل العشرون20 بقلم امل مصطفي

كانت دموعها تنساب بلا توقف، وداخل قلبها سؤال يصرخ بألم:
– "قلبي مجروح أوي... للدرجة دي؟! مش طايقني؟ حتى اللي مش بيحبوا بعض بيزوروا عرايسهم، وبيتكلموا معاهم... حتى لو هيتخانقوا!
بابا عزمه كذا مرة، وهو بيرفض وبيحرجه قدام الناس!"

نظرت إليها سلسبيل بحنو، وربتت على يدها بحنان، ثم قالت محاولة التخفيف عنها:
– "خلاص بقى يا حبيبتي... كم يوم وهتكوني معاه في بيته. حاولي على قد ما تقدري تليني قلبه."

هتفت الفتاة بحزن واضح، ونبرة صوتها تفضح ما يعتمل داخلها من خذلان:
– "مش باين عليه عايز يشوفني أصلاً... حاسة إن يوم فرحي هينام في أوضة تانية من كتر ما هو مش طايق يشوف خلقتي!"

---

في صباح اليوم التالي

نزل أدهم وعشق إلى السيارة، واستقرا في مقعديهما، وانطلقت السيارة متجهة نحو الصعيد.
قطعت عشق الصمت بسؤال:
– "هو مراد مش جاي معانا؟"

جذبها أدهم برفق إليه، وقال وهو يحتضن يدها:
– "لا، هيحصلنا بعربيته."

– "ليه مش جاي معانا؟"

ابتسم وأجاب بهدوء:
– "علشان أسافر وإنتِ في حضني، نكون براحتنا... مش شايفة إن مفيش لا سواق ولا حرس المرة دي؟"

نظرت له بحيرة، ثم قالت:
– "فعلاً، كنت هاسألك."

قبّل يدها برقة، وهمس:
– "عايز أعيش معاكي كل حاجة... كل حاجة شفتها قبل كده وما كنتش أتخيل إني أحب أعيشها، زي إني أسوق في طريق طويل، وإنتِ في حضني، وأشغل أغنية هادية."

ابتسمت عشق واقتربت منه أكثر، وقالت بشغف:
– "وأنا كمان عايزة أعيش كل حاجة معاك."

– "تحبي تسمعي إيه؟"

– "أي حاجة على ذوقك."

هز رأسه برفض لطيف:
– "لا، أنا عايز أسمع على ذوقك إنتِ."

ضحكت وقالت:
– "خلاص، المرة دي أنا، والمرة الجاية إنت. موافق؟"

شغّلت أغنية إليسا "في عيونك"، وانطلقت الكلمات تدغدغ مشاعرهما:

في عيونك... أنا ممكن أضيع عمري، وأضيع روحي، وأضيع...
في عيونك... حسيت بأمان، فـ عيونك قلبي أنا غرقان.

---

في الصعيد

كانت روان تقف بلهفة أمام الهاتف، وما إن رد على الاتصال حتى هتفت بعشق:
– "حبيبي، وحشتني جدًا... أخبارك إيه؟"

ابتسم مراد، وصوته يفيض حبًا:
– "بخير يا قلبي، إنتِ عاملة إيه؟"

أجابته بحزن وأسف:
– "أنا كان نفسي أكون جنبك يا مراد، بس غصب عني..."

قاطَعها برقة وهو يهمس:
– "مين قالك إنك مش دايمًا جنبي؟ حتى قبل ما أخطبك، كنت لما أكون تعبان، بأخذ صورتك في حضني وأنام،
ولما أكون متضايق أو فرحان، كنت بحكي لها كل حاجة جوايا. أسراري كلها معاها... حتى دموعي."

أكمل بنبرة صادقة:
– "مش محتاجة تكوني قدامي علشان تكوني معايا... إنتِ جوا قلبي."

كانت تستمع إليه بصمت، ودموعها تسيل بحرارة. في قلبها سؤال لم يُطرح بعد:
هل يوجد حب بهذا الشكل؟
من يكون أعمى عن هذا العشق؟
كيف يعشقها منذ سنين، وهي لم تعلم شيئًا!

هتفت بصوت مختنق بالعاطفة:
– "لو الحادثة دي حصلت ليا علشان أكون ملكك، فأنا مش ندمانة، وبحمد ربنا ليل نهار على وجودك في حياتي.
تعالى بسرعة... لأنك وحشتني جدًا جدًا."

اتسعت ابتسامته براحة، وقد شعر أخيرًا أنها تشاركه الحب ذاته. قال بشوق:
– "وأنتِ كمان يا روحي، وحشتيني."
ثم أضاف ضاحكًا:
– "أدهم رفض أركب معاه، ومشي هو وعشق لوحدهم."

ضحكت روان باندهاش:
– "يعني إنت جاي لوحدك؟"

هز رأسه مبتسمًا وهو يتذكر اتصال أدهم يخبره أنه سيسبقه مع عشق، وأنه سيلحق بهما لاحقًا.
أجاب بمزاح:
– "عايز يكون براحة يا ستي... مش عايز عزول معاه."

ضحكت روان وهي تهتف بدهشة:
– "لا ده أبيه اتغيّر 180 درجة! وحالته بقت صعبة... والله يا عشق طلعت مش سهلة! اللي محدش عرف يعمله في سنين، هي عملته في أيام!"

ابتسم مراد وأردف بإيمان:
– "الحب بيعمل المعجزات... ربنا يهنيهم."
*****
---

تمتمت نعمة بشوق وهي تنظر إلى الباب وكأنها تستدعيها بعينيها:
– "كده يا عشق؟! وحشتيني قوي..."

ردّت غادة  مبتسمة، 
– "والله يا حبيبتي، إنتِ كمان وحشتِها... وبعدين، مش بتكلمك كل يوم؟!"

وفجأة، دوّى صوتها من عند الباب:
– "ماما نعمة!"

ركضت نعمة نحو الباب بلهفة، وعشق  تهتف بسعادة:
– "نعومة! وحشتيني يا قمر... فينك يا ماما؟!"

أسرعت خطواتها، اتجاه  الباب لتجد عشق واقفة تمسك بيد زوجها أدهم، لكنه ما لبث أن ترك يدها عندما رأى الشوق في عيون نعمة.

احتضنتها عشق بحب كبير، ودموع الاشتياق في عيني نعمة وهي تعاتبها:
– "كده يا عشق؟! هان عليكِ ما تجيش كل ده؟! وإنتِ عارفة قد إيه وحشتيني!"

ردّت عشق بعفوية:
– "والله يا ماما، غصب عني... ما كانش ينفع أسيب. أدهم ."

تقدّم أدهم بخطوات هادئة وقال بلطف:
– "آسفين يا ماما نعمة... الغلط المرة دي كان عندي."

صافحته نعمة بحرارة وقالت مطمئنة:
– "لا يا ابني، حاشا لله."

دخلت غادة، وهي تنظر لابنها بعين الأم المشتاقة، ثم احتضنته وسألته:
– "أخبارك يا حبيبي؟"

– "الحمد لله يا أمي، بخير... ما تقلقيش عليا."

وفجأة، سمع أدهم صوتًا من خلفه يمازحه:
– "نورتنا يا عريس!"

التفت أدهم مبتسمًا، فإذا بصديقه يحتضنه قائلًا بمودة:
– "إنت العريس يا باشا!"

خرج الإثنان إلى الحديقة يتبادلان الضحكات، ليردف فهد بخبث:
– "ما شاء الله... شكلك جيت على الجواز، وشك نوّر!"

أجابه أدهم بنبرة شجن:
– "أنا عمري ما كنت أتخيل إني أحب، و أتجوّز، و أعيش السعادة اللي أنا فيها دلوقتي.
وندمان على كل لحظة عدّت وأنا بعيد عنها."

ضحك فهد بقوة، بينما أكمل أدهم بنبرة ساخرة:
– "إيه ده؟! إيه ده؟! أنا بقيت أقول شعر كمان؟!"

انفجر كلاهما بالضحك، ليكمل أدهم ممازحًا:
– "يا خبر... أنت عارف لو كنت شوفتني من خمس شهور، عمرك ما كنت تصدق إن ده نفس الشخص!
الحب بيغيّرك بشكل عجيب... أنت نفسك ما تعرفش نفسك! الدور عليك بقى يا بوص!"

هزّ فهد رأسه نافيًا وهو يقول بثقة:
– "لا، أنا غيرك. أنا اتربيت على إن المشاعر والحب عار على الراجل، لأنها ضعف.
ما ينفعش الراجل يظهر الجانب ده، خصوصًا مع مراته."

ضحك أدهم وقال:
– "كنت زيك... وأصعب كمان! كنت شايف الستات خاينين طماعين، بيدوروا على الفلوس وبس.

ثم تذكر شيء ونظر لفهد يهتف ساخرا 
فاكر لما وقفت قدامي وقلتلي: إلا دي، إلا دي يا أدهم؟!"

تلعثم فهد للمرة الأولى، وهو يحاول تبرير موقفه:
– "لا، مش قصدي اللي وصلك... أنا قصدي إنها ملهاش ذنب."

ابتسم أدهم باستخفاف وقال بنبرة تحمل شيئًا من السخرية:
– "فهد، أنا شايف حبك في عينيك... ورغم إني مش بحب حد يهين ذكائي، بس بكرة تيجي وتقول: أنا عاشق!"

حاول فهد جاهدًا إثبات براءته، و ادّعى أن كل ما يقوله أدهم أوهام، 

قائلاً:
– "أنا ما شوفتهاش من يوم فرحك... ولا مرة."

اتسعت عينا أدهم بدهشة وسأله:
– "هو مش أنت خطبتها؟! ورجعت كتبت كتابك؟!"

ردّ فهد بتنهيدة:
– "آه... بس ما شوفتهاش. يوم الخطوبة قراينا الفاتحة وهي مش موجودة، كانت في أوضتها.
ويوم كتب الكتاب، ما طلعتش... كنت مع الرجالة تحت، وأمي هي اللي لبستها الشبكة.
ومن يومها ما رحتش هناك، ولا كلمتها."

رمقه أدهم بنظرة ذاهلة وقال بصدق:
– "لا... أنت حالتك صعبة!"

---
---

في المساء، أخذت عشق الفتيات وتوجّهت بهنّ إلى منزل ماسة. لم تحضر الأخيرة كتب الكتاب، وأرادت عشق أن تراها، تبارك لها، وتقدّم لها هديتها بنفسها.

وقفت ماسة ووالدتها في استقبالهُنَّ بابتسامة كبيرة، رغم الحزن الذي حاولتا إخفاءه.

احتضنتها عشق بحرارة، وكأنّ بينهما عشرة عمر. شعرت براحة غريبة في أحضان تلك الفتاة الرقيقة، فهي جزء من حبيبها...

– "ألف ألف مبروك يا عروسة، وآسفة جدًا إني ما عرفتش أحضر كتب كتابك."

هتفت ماسة وهي ما زالت بين ذراعيها:
– "حسك معنا يا حبيبتي... وجودك كان هيفرق كتير، بس الحمد لله على سلامتك."

سألتها عشق، وقد بدت عليها ملامح الحرج:
– "هو ممكن أنا وأنتِ ندخل مكان أوريكِ فيه هديتي؟"

ردّت ماسة بترحيب:
– "طبعًا، تعالي ندخل أوضتي."

حملت عشق الشنط من جوارها، وهي تبتسم وتعتذر من الفتيات، ثم صعدت بصحبة ماسة إلى غرفتها.

هناك، فتحت إحدى الشنط، وأخرجت منها علبة كرتونية كبيرة، فتحتها ببطء، وقالت وهي تبتسم بخفة:
– "ده قميص ليلة الدخلة... أبيض ومعاه روب."

احمرّ وجه ماسة من الخجل، بينما ضحكت عشق بخفة وقالت:
– "ما تفتكريش إني مش مكسوفة، والله أنا مكسوفة برده! بس مش عارفة ليه جاتلي الفكرة دي فجأة."

ثم فتحت علبة أخرى، وأخرجت منها زجاجة عطر وقالت:
– "وده برفان حريمي، بس... مثير جدًا، ما فيش راجل يقدر يقاومه!
أنا اشتريت منه ثلاثة: واحدة ليا، واحدة ليكي، وواحدة لروان.
أتمنى ذوقي يعجبكم."

ثم أخرجت علبة ثالثة، وفتحتها قائلة بحماس:
– "ودي سلسلة ذهب..."

فتحتها أمامها، كانت تحتوي على قلب صغير بداخله صورتان: إحداهما لماسة، والأخرى لفهد.
– "دي صورتك معاها يوم الفرح... خليت الديزاينر يظبطهم ويحطهم مع بعض في القلب ده.
بصي... مش بيفتح غير لما تضغطي عليه من الجنب ده."

أخذت ماسة السلسلة بلهفة، وأعينها تلمع بامتنان:
– "شكرًا جدًا ليكي يا عشق... بجد، أنا مبسوطة جدًا إني عرفتك."

سألتها عشق بفضول وهي تتأمل عينيها الحزينتين:
– "طيب، ممكن تقوليلي الحزن اللي في عينيكي ده سببه إيه؟"

أجابت ماسة بسرعة وهي تتهرب بنظراتها:
– "أبدًا! حزن إيه؟ في عروسة تكون حزينة قبل الفرح بيومين؟"

– "مالك يا ماسة؟!
وعد، أي كلمة هتقوليها مش هتخرج برا الأوضة دي."

همست ماسة، والدموع تتجمّع في عينيها:
– "فهد مش عايزني... في حد غصب عليه الجوازة دي."

هتفت عشق بابتسامة هادئة:
– "فهد؟ وغصب؟ في جملة واحدة؟! مستحيل!
يبقى أنتِ مش عارفة هتتجوّزي مين."

نفت ماسة بسرعة:
– "لا، عارفة... بس ما فيش واحد يخطب واحدة بمزاجه، ومن يوم ما خطبها ما شافهاش، ولا كلّمها ولا مرة!
يبقى مش بيحبها... ولا طايقها."

جذبتها عشق من يدها لتجلس إلى جوارها، وهمست بهدوء:
– "مين قال كده؟!
أبيه فهد بيحبك... جدًا كمان."

رفعت ماسة عينيها إليها بحزن، وهمست:
الله يجبر بخاطرك،  بيحبني مرة واحدة؟!

أنا عايزاه يشوفني... بس مش يحبني!

هو ما يعرفش إني موجودة أصلاً...
ولا إنه خطبني، ده ما كلّمنيش ولا مرة!"

ابتسمت عشق بهدوء وقالت:
– "بس يا حبيبتي... أنا عرفت إنه بيحبك من أول يوم جِه ياخدني فيه.
شفت نظرته ليكي... ونظرتك ليه.
عارفة إن فيه حاجة كبيرة قوي بين قلوبكم.
بس واحد بشخصيته ووضعه، مش سهل عليه يعترف بحاجة زي دي.
هو هيحارب الإحساس ده لأنه فاهم إن الحب ضعف...
وده دورك.
بطريقتك، وأسلوبك، وصبرك عليه، هيعرف إن الحب مش ضعف...
الحب حياة.
ولو دخلنا فيها، هنتمنى ما نخرجش منها أبدًا!"

ثم غمزت لها بمزاح وقالت:
– "وإيه رأيك؟! البرفان ده يجننه!"

ضحكت ماسة بخفة، ونظرت إليها بامتنان عميق، وكأن كلماتها كانت البلسم لجراح قلبها.

مدّت عشق أناملها لتزيل دموعها، ثم نهضت وهي تقول:
– "مش نرجع للبنات؟"

نهضت ماسة وهي ترد:
– "أيوه..."

مسحت دموعها، وخرجتا من الغرفة.

شغّلوا الأغاني، وضحكوا، ورقصوا، ومرّ الوقت بشكل جميل وظريف.
خرجت ماسة من حزنها، وعاد النور لعينيها...
والفضل كله يعود إلى عشق وحنانها.

---
- بقلم أمل مصطفى

قالت عشق لوالدتها، بنبرة فيها رجاء واهتمام:

– ماما، أنا عايزاكي تعملي حساب الاتنين الحرس اللي معانا، في لحمة وبط لبيوتهم. ولو في فطير أو أي حاجة، نجهزها لهم.

ابتسمت نعمة بحنان وقالت:

– بس كده يا حبيبتي... حاضر، أحسن حاجة علشان تليق بيكي.

احتضنتها عشق وهمست قرب خدها:

– بحب... حبيبتي إنتِ يا ماما.

---

كان الحارسان يجلسان جانبًا يتابعان تجهيزات الزفاف بانتباه. فقد طلب منهما أدهم أن يستمتعا باليومين دون الالتزام بمهمة الحراسة.

قال هاني وهو ينظر إلى صديقه:

– الباشا بتاعنا اتغيّر كتير عن الأول... بقى اجتماعي شوية.

تأمل خالد المكان أمامه، يستنشق الجمال المحيط، ثم قال بإعجاب:

– لازم يتغيّر، معاه ملاك بقلب نقي... لازم يحب الدنيا والحياة كمان. وبعدين هو دايمًا كويس معانا وبيراعي ربنا فينا.

ابتسم هاني:

– أنا مش قصدي كده، بس دايمًا كان مبتسم، ماكانش بيزور حد. حالياً جينا المشوار ده كذا مرة.

رد خالد بتنبيه حذر:

– طيب خلاص، أحسن يسمع ويفهم غلط... ونخسر لقمة عيشنا.

هز هاني رأسه موافقًا:

– عندك حق. أنا عن نفسي مش أتمنى أسيب الشغل عنده أبدًا. قليل لما تلاقي رجل أعمال في مكانته بنظافته وأخلاقه دي. على الأقل عارفين إن الفلوس اللي بتدخل بيوتنا مش حرام، وهي مش ناقصة بهدلة.

---

وقف أدهم أمام فهد، يحاول أن ينتزعه من دوامة تفكيره:

– يا عم، هات عروستك وتعالى، مش خسران حاجة.

هزّ فهد رأسه رافضًا:

– لا، أنا بمشي على عاداتنا. مش هشوفها غير بعد الفرح في شقتنا.

تأفف أدهم بضيق:

– اعتبره فرحين... واحد هناك مع مراد، والتاني هنا.

لم يكن فهد يريد رؤيتها قبل الزفاف، كان خائفًا من أن تضعف مشاعره أمام الناس، وهو الذي حاول دائمًا أن يكون قاسيًا، لا يُظهر نقطة ضعف.

قال بحزم:

– يا أدهم، افهم... ماينفعش أمشي وأسيب الناس وأنا كبيرهم. لازم أكون في وسطهم.

شجعه أدهم:

– ده يوم في العمر يا فهد، هتندم! وبعدين أعمامك وجدّك موجودين.

وحين لم يجد منه استجابة، قال مستسلمًا:

– خلاص، براحتك. أنا هاروح مع أختي ومراد وأرجعلك.

---

ركب الجميع سياراتهم وتوجّهوا إلى المكان. جلست عشق بجوار أدهم، وخلفهم قمر وياسمين، وخلفهما زين وخلود، وأمامهم مراد وروان.

انطلق الجميع بسرعة، كأنهم في سباق مرح. كانت الفتيات يشرن لبعضهن البعض وهنّ يضحكن بمرح، حتى وصلوا إلى المكان المنشود، ترافقهم كاميرا مُثبتة على سيارة أخرى تُصور تحرّكاتهم.

نزل مراد من السيارة مرتديًا بدلة 

ارتفع صوت "الدي جي"، وبدأ يرقص ويلتقط العديد من الصور للجميع. ثم ارتدى جلبابًا فوق بدلته، وظل يرقص مع زين المجنون، الذي ترك أخيه ليستمتع مع مراد بالأجواء.

وبعد ساعة من المرح، جلس مراد على كرسي بجوار فهد، بينما جلست روان قرب ماسه وسط النساء.

---
بقلم أمل مصطفى

بعد انتهاء الفرح، أمسك مراد يد روان وهو لا يصدق أنها أصبحت ملكه... له وحده.

ودّعتها عشق وغادة بعد كثير من الدموع والعناق.

ضمّ أدهم شقيقه مراد بقوة وحب، وهمس بجوار أذنه:

– حافظ على أمانتي.

ردّ مراد وهو يشدد من احتضانه:

– إنت عارف... أنا أفديها بحياتي.

أومأ أدهم بثقة:

– أنا واثق من كده، بس لازم أأكد عليك... ترجعوا بألف سلامة.

ثم وقف أمام أخته، وضمّها قائلًا:

– حُطي مراد جوّه عيونك، مش هتلاقي حد في الكون ده كله يحبك قده.

ونظر إليهما معًا:

– خلي بالكم من بعض.

تحرّك هاني بسيارة مراد، وخالد بسيارة أدهم، ترافقه عشق وغادة، التي أصرت أن تذهب معهم حتى المطار.

---

في غرفة فهد...

ظلت ماسه جالسة على الفراش وقتًا طويلًا في انتظاره. مشاعرها متأرجحة بين الخجل والتوتر، لا تعلم متى سيطلّ عليها ويدخل الغرفة.

قلبها يؤلمها من هذا التأخير؛ هي في الغرفة منذ ما يقارب الساعة، ولم يأتِ حتى الآن!

"معقول يسيبني في يوم زي ده؟ وينام في مكان تاني؟!"
مجرد الفكرة فتّت قلبها لأشلاء.

في الأسفل، كان فهد يجلس أمام فرسه، محتارًا، لا يعلم ما به... ولمَ تلبّسته هذه الحالة؟
لماذا لا يشعر بالفرح كأي رجل في وضعه؟
اليوم... يومه، الذي ينتظره الكثير من الرجال بلهفة، بينما هو يشعر وكأن هذا اليوم... قبض روحه.

"كيف أُسلم كياني لامرأة؟ كيف أسيطر على تلك المشاعر التي تحارب للخروج إلى الحياة؟"

وقف فجأة، وأخذ قراره.
"هي مالهاش ذنب في اللي بيحصلي... لو مش عايزها من البداية، كنت رفضت، ومحدش غصبني."

مرر يده على ظهر فرسه، ثم ترك المكان متجهًا إلى غرفته.

---

سمعت ماسه باب الغرفة يُفتح ويُغلق. شعرت برجفة خفيفة تسري في جسدها.
"يا ترى هيكلمني إزاي؟ هيعاملني بلطف؟ ولا بجفاء؟ هيكون لين؟ ولا قاسي؟"

سمعت خطواته تقترب منها.

دخل فهد الغرفة وهو لا يعرف كيف يتعامل معها.
يُحارب مشاعره تجاهها... شيء غريب يسكنه، يمنعه من الفرار، رغم أنه في الخارج منذ فترة، يحاول الدخول.

وجدها تجلس تحت "الخيمة"، بثبات عجيب.
"إزاي قدرت تقعد كل ده بالشكل ده؟"

اقترب منها، ورفع عنها الخيمة، فظهرت له... وجهها أحمر من التوتر، تفرك يديها بتوتر.

وضع شيئًا بجوارها، ثم جلس أمامها:

– مبروك.

تمتمت بصوت خجول:

– الله يبارك فيك.

قال مباشرة:

– ممكن أتكلم معاكي وتجاوبيني بصراحة؟

هزت رأسها.

– إنتِ حد غصبك على الجواز مني؟

قالت برفض:

– لا، بابا عمره ما غصبني على حاجة.

ابتسم:

– بداية مبشرة... طيب، كويس. إنتِ كنتِ بتدرسي... كان في بينك وبين أي شاب علاقة؟

رفعت عيونها بدهشة:

– يعني إيه؟

توتر من نظرتها... أول مرة يراها بهذا القرب. كم هي رائعة!
سيطر على نفسه وقال بتوضيح:

– يعني... حبّيتي؟ أو كنتِ بتحبي حد من زمايلك؟

نطقت بسرعة وتهور:

– أنا عمري ما حبيت حد غيرك!

شهقت بعدها، عندما رأت نظرته المصدومة، ووضعت يديها على فمها بخجل، تلعن نفسها وتهورها:

– الله يخرب بيتك... هتفضحيني؟ اتلمي يا بنت المجانين!

ابتسم على تصرفها الطفولي، ثم اعتدل وقال:

– مش هتغيري هدومك؟

وقفت سريعًا:

– طبعًا هغيّر.

رآها تجلس على الأرض أمامه، تخلع حذاءه. أمسك يدها، فارتعشت قلوبهما:

– بتعملي إيه؟

قالت بحب:

– بخلع حذاءك.

وقف وهو يجذبها معه ليوقفها:

– إنتي مرات فهد المنشاوي... يعني ما تنحنيش قدام أي إنسان، فاهمة؟

ردّت بحب:

– بس إنت مش أي حد... إنت جوزي، وده عادي.

تحدث برفض:

– حتى لو أنا! إنتي أكبر من إنك تقلعيلي حذائي. إنتي ماسه فهد المنشاوي... عارفة يعني إيه؟

سرحت بهيام في هذا الاسم... لم تكن تعلم أن اسمها له قيمة، إلا بعد اقترانه باسمه.
"ماسه فهد المنشاوي"... ياله من إحساس جميل!

أفاقت على صوته وهو يكمل:

– مكانتك عالية قوي... أوعي تقللي من شأنك، مهما كانت الظروف.

شعرت بالراحة والأمان من تلك البداية. تذكّرت كلمات والدها:
"فهد راجل بمعنى الكلمة... وبيحترم أهل بيته جدًا."

ابتسمت له بخجل:

– الموضوع ده ما يقللش مني... لأني بعمله بحب ورضى، مش غصب.

كرّر فهد الكلمة في نفسه:

– حب...

توترت من حالته وشروده، فرفعت فستانها، وقالت بخجل وهي تهرب:

– بعد إذنك... هاروح أغير.

ثم أخذت ملابسها ودخلت الحمام. 


تعليقات



<>