
رواية انت عمري الفصل العاشر10 بقلم امل مصطفي
محمود في الأول رفض، بس وافق بعد محايلة الكل.
وهو في تالتة كلية، رجع وقال لعمي إنه بيحب واحدة وعايز يتجوزها.
عمي اتعامل مع طلبه كأنه احتلال اليهود لمصر! غضب، واتخانق معاه من الأول، وعاند جدًا قصاده.
ولما لاقاه مصمم، قاله:
ـ "هحرمك من الميراث!"
محمود رد عليه بهدوء:
ـ "عادي، ما تفرقش، هشتغل وأصرف عليها وعلى كليتي."
عمي قاله:
ـ "هتبرى منك! ولا أنت ابني، ولا أعرفك."
ورغم صعوبة ده على عمي، بس كان كل غرضه إن ابنه يخاف على زعله ويرجع لحضنه تاني.
لكن أبوكِ كان متعلق بيها جدًا.
وكلنا قلنا: "سحرتله المصراوية، علشان يوقف في وش أبوه، وهو روحه فيه!"
غاب عن البلد سنة بحالها، وبعدين رجع علشان جدك يتقبل مراته.
عمي رفض، وهدده إنه لو شافها "هيجتّلها" ويخلص من سحرها.
ومن يومها، ماحدش شافه ولا سمع عنه خبر، غير من كام شهر...
مسحت دموعها، فليس من السهل أن تعيد أحداث رفض زوجها لها، وتفضيله لأخرى عليها.
عشق: طب ليه ما طلبتيش الطلاق وشوفتي حياتك؟
الأم: (بحزن) وِإيه عيشتي وحياتي من غيره؟
عشق (وهي تحتضنها بحنان): أنا بنته، ومن ريحته... وياريت تعتبريني بنتك.
أمل مصطفى
ضمتها نعمة بحب أمومي:
ـ "طبعًا، أنا بشوف روحه فيكي."
عشق: يعني ممكن أقولك "ماما نعمة"؟
ـ "أنا اللي بتمنى تقوليها... وعايزة أسمعها منك على طول."
عشق: طيب يا ماما، ممكن أنام في حضنك النهارده؟
ضمتها نعمة بحب:
ـ "طبعًا يا روح ماما."
وناموا بهدوء...
بعد ساعتين، سمعت عشق أزيز تليفونها، قامت بهدوء علشان ما تصحيش نعمة، اللي قلقت فعلًا من حركتها، وتوجهت لباب البلكونة.
ردت بصوت ناعم ورقيق:
ـ "ألو؟"
وصلها صوت تنهيدة حارة، وتلاها صوته:
ـ "وحشتيني يا عشق... وحشتيني لدرجة إني عايز أركب طيارة وأجيلك، آخدك في حضني علشان أهدا وأعرف أنام."
سكت لحظة، وبعدين كمل:
ـ "كام ساعة وهتجنن، مش عارف أعمل إيه... أول مرة أحس بالضعف والعجز ده."
ولما ما ردتش، ناداها:
ـ "عشق؟"
حاولت تسترد نفسها من حالة التيه اللي دخلتها بسبب كلماته المليانة شوق.
هي ما كانتش متوقعة إنه يتذكرها أصلًا.
ـ "آه، آه... أنا سمعاك، بس مش مصدقة إنك بتقول الكلام ده ليا! كأن حلمي أخيرًا اتحقق وبقى واقع."
ـ "حلم إيه؟" (سألها بحب)
تمتمت بتوتر، لأنها ما كانتش ناوية تكشف سرها الكبير:
ـ "بعدين أحكيلك..."
ـ "أنا عارف إنك اندمجتي مع عيلتك ونستيني، لأنك لاقيتي حد يعوضك غيابي." (قالها بحزن)
قالت في سرها: "ألم يعلم حتى الآن مكانته في قلبي؟ هل قصّرت في إظهار مشاعري؟"
بحثت في تليفونها، وهو لسه على الخط، وبعتت له أغنية (نسيت أنساك) لفضل شاكر.
ـ "الأغنية دي تعرفك مشاعري إيه في غيابك."
سمع كلمات الأغنية، وابتسم:
ـ "بجد يا عشق؟ يعني مفيش حد قدر يعوض غيابي؟"
ـ "أبدًا، لو بين مليون شخص، مفيش حد يعوض غيابك يا حبيبي."
أرسل لها أغنية (أنا اشتقتلك)، وسمعتها عشق وهي بتلف بتليفونها في سعادة كبيرة، وحضنت التليفون بقوة.
يجب عليه توضيح كل شيء، وإخبارها بحقيقة مشاعره... فهو يتظاهر باللامبالاة، لكنه ينصهر من شدة انجرافه نحوها.
ـ "عشق، لما أرجع... عايز أتكلم معاكي كتير."
ابتسمت بحب، كأنه شايفها:
ـ "أنا كمان يا أدهم... عايزة أحكيلك حاجات كتير جدًا، وتعرف حقيقية مشاعري ناحيتك."
ـ "أشوفك على خير."
ـ "وإنت من أهل الخير."
---
عادت عشق لأحضان نعمة، نامت زي الأطفال... بلا هموم.
استيقظت في الصباح، وما لقيتش نعمة جنبها.
قامت، اتوضّت، وصلت فرضها، ونزلت بسعادة تنادي:
ـ "ماما نعمة! يا ماما... إنتي فين؟"
خرجت نعمة من المطبخ، وقلبها بيطير من السعادة.
الجميع بيناديها باللقب ده، لكن لأول مرة تحسه من عشق...
عشق اللي هي قطعة من قلبها، ومن زوجها المرحوم.
ـ "أنا هنا يا قلب أمك... تعالي."
اقتربت منها عشق، وقبلتها:
ـ "صباح الخير يا ماما."
ـ "صباح النور يا قلب ماما."
ـ "ليه يا ماما نزلتي من غير ما تصحيني؟"
ـ "قلت أسيبك ترتاحي... وضحكت، لأنك طولتي في السهر امبارح."
ـ "هو حضرتك كنتي صاحية؟" (قالتها بإحراج)
ضحكت على خجلها، وردّت:
ـ "ربنا يسعدك يا حبيبتي."
ـ "طيب يا ماما، شوفي محتاجة أساعدك في إيه؟"
ـ "روحي صبّحي على جدك."
---
توجهت إلى غرفة جدها، طرقت الباب، فأذن لها بالدخول. دخلت بابتسامة وقالت: "صباح الخير يا جدي".
رد الجد بفرحة كبيرة، إذ لم تزرْه منذ سنوات طويلة: "صباح الورد والياسمين على قمر عائلة المنشاوي". اقتربت منه، وانحنت لتقبّل يده، فضَمّها إلى حضنه بحب وحنان قائلاً: "نورتي بيتك وأهلك، ورجعتي لجدك روحه".
قالت: "منور بيك يا جدي، أنت وعمامي. ما تتخيلش أنا فرحانة قد إيه بوجودي بينكم. الأهل والعزوة حاجة جميلة جدًا، حرمت منها سنين طويلة، بس الحمد لله ربنا عوضني أخيرًا".
مدّت يدها تساعده على الخروج، فقال ضاحكًا: "هو أنتِ فاكرة جدك خلاص عجز؟ لا والله، أنا بقيت شباب بشوفتك".
أضاف: "بس ده ما يمنعش أني أمسك القمر بيدي".
ابتسمت له وهي تهتف: "ربنا يعطيك الصحة والعافية يا جدي".
توجهت للخارج، فوجدت الجميع يتابع خروجهما بعيون مخدّرة من صوته الذي ارتفع بالضحك لأول مرة منذ وفاة ابنه، الذي كان دائمًا سبب ضحكته. كان قويًا، حادًا، صارمًا مع الجميع، إلا مع ابنه محمود؛ كان يتغير ليصبح لينًا، حنونًا.
وكان الكل يتعجب من شخصيته تلك التي لا تظهر لغيره. لذلك، كل من أراد شيئًا يطلبه من محمود، لعلمهم بتأثيره على والده.
جلس الجد على طاولة الطعام، يتبعه الجميع باحترام.
قالت عشق: "صباح الخير".
رد الجميع: "صباح النور".
وجهت سؤالها لابنة عمها: "ها يا خلود، مستعدة نبدأ النهاردة؟".
أجابت خلود: "موافقة طبعًا، خليني أرتاح من عذاب المادة دي".
قالت عشق: "خلاص، بعد الفطار جهزي نفسك إنتِ وياسمين".
قال زين: "إيه رأيك يا شوشو أفسّحك النهارده في البلد؟".
قالت عشق: "بجد؟".
رد زين: "بجد طبعًا".
صفقت بيديها تحت صدمة الجميع من تصرفها، وقالت: "وأنا موافقة". لكن ملامحها تغيرت بتفكير.
تحدث فهد بسؤال: "مالك يا عشق؟ شكلك اتغير، ليه؟ في حاجة؟".
هتفت بحيرة: "مش عارفة، أدهم يوافق ولا لا".
دخلت قمر في الحوار تعطيها فكرة: "مش هو عارف إنك موجودة، وجدك يعطيكي الإذن؟ عادي، مش مهم تبليغه".
شهقت عشق بتعجب من حديث ابنة عمها عن الأمر كأنه هين، وهتفت برفض: "إزاي يا قمر؟ ده جوزي، وكل خطوة أخطيها من غير إذنه ذنب. تخيلي بقى بلدكم دي كام خطوة؟ ضحكت، ده أنا هروح جهنم حدف".
نظر لها الجميع باحترام.
قال زين بلهفة: "طب لو رفض، مش هنخرج؟".
قالت عشق: "للأسف، تبقى ضاعت الفسحة".
كانت نعمة تريد التحدث، ولكن قاطعها رنين هاتف عشق، التي تأملت هاتفها بحب عندما رأت اسم زوجها.
اعتذرت من جدها للخروج حتى ترد على أدهم، تحركت بسرعة إلى الخارج، وفتحت الخط بلهفة: "صباح الخير يا حبيبي".
هتف بوله: "صباح النور يا قلب حبيبك، وحشتيني. قولت أكلمك قبل ما أروح الشركة وأتلبخ في زحمة الشغل. صاحيتك؟".
قالت: "لا، أنا صاحيه بدري. أنت كويس؟ حاسة في حاجة!".
يشعر بغربة غريبة دونها، رغم أن وجودها في حياته لم يتعد الثلاثة شهور. كيف يحدث ذلك؟ فكرة عدم رؤيتها تسحب أنفاسه وتلقي به في بحر الشوق.
قال: "عمري ما أكون كويس وأنتِ بعيدة عن حضني. آه، كنا بنام كل واحد في غرفة، بس وجودك معايا في نفس المكان مريح جدًا ليا. إيه رأيك أجي أخدك النهارده؟ ده لو مش حابة تفضلي".
قالت: "وأنت كمان يا أدهم، وحشتني جدًا، رغم إنك ما فرقتنيش. أرجوك يا أدهم، بلاش تشرب قهوة قبل الفطار، علشان خاطري. أفطر واشرب عصير، وخلي القهوة لما توصل المكتب".
تحدث بحب: "خايفة عليا؟".
قالت: "مافيش عندي أغلى منك أخاف عليه".
قال: "آه يا عشق، لو كنتي قدامي الوقت".
قالت: "كنت هتعمل إيه؟".
قال: "كنت خدتك في حضني وما سبتكش غير وأنتِ مراتي".
خجلت ولم ترد.
قال: "مش بتردي ليه؟ مش أنتي اللي بتدوبيني بكلامك العسل ده؟ بذمتك، أعمل إيه لما أشوف الدلع والدلال والحنية دي كلها؟".
قالت: "وأنا عملت إيه بس؟".
قال: "كلامك، خوفك عليا، جنني. بيخليني أندم لأني ما قابلتكش قبل كده، وندمان على عمري اللي ضاع من غير وجودك. بتجنن من المشاعر اللي بجربها لأول مرة معاكي، أنتي بس. نفسي أحبسك في غرفتي، ما أخرجكش منها أبدًا، بس هانت، كلها أسبوع".
قالت بخجل: "أدهم، بلاش الكلام ده، عشانك بتكسفني".
قال: "قولي لي أعمل إيه بس؟ أنا عمري ما كنت أتخيل أني أقول الكلام ده لواحدة أبدًا".
قالت بهروب: "ينفع أخرج أتمشى في البلد شوية؟ مع زين ابن عمي".
قال أدهم بغيرة: "نعم؟ وليه مش حد من عمامك؟ وليه مش واحدة من بنات عمامك؟".
قالت: "هو اللي عرض عليا، لكن لو أنت مش موافق، خلاص، مش مهم. لما ترجع بالسلامة، أخرج معك".
قال أدهم بحيرة، فالكلامها يطيب خاطره دائمًا: "خلاص يا حبيبتي، أخرجي وتفسحي براحتك، بس خدي حد من بنات عمك، ولما ترجعي احكيلي عملتي إيه، روحتي فين".
ردت بسعادة: "طبعًا، كل حاجة أبلغها لك بالتفصيل الممل".
قال: "خلاص يا روحي، خلي بالك من نفسك، وأنا هكلمك بالليل".
تحول صوتها من فرحة لشغف: "أدهم، عيون أدهم، أنت هتيجي إمتى؟ أنت وحشتني قوي".
قال: "أنتي وحشتيني أكتر والله. ولولا السعادة اللي كانت بعيونك، ولولا خوفي على زعلك وكسر فرحتك بأهلك، كان مستحيل أمشي من غيرك. بس ما حبيتش أضيع فرحتك بعد حرمانك منهم كل السنين دي".
أغلق معها الخط وهو يتنهد ويطلب من الله الصبر على الكام يوم الفاضلين.
ركب سيارته وقام بالاتصال عليه فيديو. فتح الخط وقابله وجه مراد المبتسم وهو يهتف بمرح:
---
أخبارك يا عريس؟ عامل إيه؟
ضحك أدهم بفرحة وهو يهتف بمرح:
ـ أحسن منك طبعًا.
غمز مراد بشقاوة:
ـ إيه ده؟ بقينا نهزر ونفسنا مفتوحة! يا رب أوعدنا.
ـ مش كان الأصول أنا اللي أتجوز أول؟ حرام عليك... أنا بحب على نفسي من سنين، ولسه عايزني أستنى كمان شهرين!
قال أدهم بعناد كالأطفال:
ـ مليش فيه، إنت سايب الشغل على دماغي من ٣ شهور. تيجي تستلم وأنا أرتاح شوية، وبعد ما أقضي شهر العسل.
رد مراد بغلب:
ـ على أساس إنك كنت بتفسح، مش كده؟ دول كانوا أصعب وأسوأ أيام عمري!
---
يعلم جيدًا أنها لم تكن سهلة على مراد، رؤيتها تتألم بتلك الطريقة كانت تفتك به.
هو يعلم كم يعشقها، يعذر حالته، ويحسده على قوّته في الوقت نفسه.
فهو يعرف العشق منذ فترة بسيطة، ورغم ذلك لا يتحمل أن يراها تتألم، ولو مجرد خدش بسيط.
كيف لشخص في قوته أن يكون بهذا الضعف أمام ألم من يحب؟
كيف يتحول ذئب شرس بنظرة من عينيها إلى حمل وديع؟
حاول الخروج من عاصفة مشاعره وهو يستعيد مرحه:
ـ لو مش عاجبك قراري... نلغي الجوازة خالص!
رد مراد بسرعة:
ـ لا، عاجبني يا باشا! هو أنا أقدر أقول حاجة بعد كلام معاليك؟! ده رقبتي في إيدك!
ضحك أدهم:
ـ أيوه كده، اتعدل أحسن! إنت عارف قلبي، هاا... الفستان وصلك؟
ـ آه، أنا استلمت إمبارح. قدامنا أسبوع ونكون عندكم.
ـ كل اللي أنا طلبته جهز.
هتف مراد بحب:
ـ أنا وروان ومامتك جبنا كل حاجة، ما تتخيلش فرحتهم بالخبر ده! كان عندهم أهم من إن روان تمشي.
هتف أدهم بحنان:
ـ ربنا يخليكم ليا وما يحرمنيش منكم أبدًا.
---
دخلت ووجهها يبشر بالسعادة، وجدَتهم في انتظار ردّها.
ـ عملتي إيه؟
وقفت وهي تهتف بمرح:
ـ وافق طبعًا! إنت بتشك في قدراتي؟
لم يتوقع محمد موافقته، لقد سخر من زين وكان يستعد لمضايقته.
وعندما سمع كلام عشق، هتف بتعجب:
ـ يظهر إن تأثيرها قوي!
نفت عشق:
ـ أبدًا والله، ده أنا مسكينة! هو أدهم بيعمل حاجة مش عايزها؟
هتف محمد موضحًا:
ـ علشان كده بقول تأثيرك قوي عليه، لأن اللي سمعناه عنه القوة والجبروت، وكل السوق بيخاف منه وبيعمل له حساب.
هتفت حميدة بتعجب:
ـ للدرجة دي؟
تولّى مروان الرد:
ـ أكتر... الإنسان اللي كان هنا حاجة تانية خالص غير اللي عرفناه عنه لما كنا بندوَّر على عشق.
اعترضت عشق برفض:
ـ أبدًا، ده مافيش في حنية أدهم عليّ أنا وماما وروان.
رد فهد بهدوء:
ـ إحنا مش قصدنا إنه وحش، الطبيعي إنه يكون حنين مع أهل بيته.
لكن السوق محتاج القوة علشان يثبت نفسه ويفضل واقف على رجليه.
واللي يغفل لحظة... يقع ويداس! عالم الأعمال مافيش فيه رحمة، زي الغابة بالضبط: البقاء للأقوى.
بس أنا مش بحب الحياة دي.
قال فهد:
ـ دورنا نحميكم ونبعدكم عن الحياة دي.
زين:
ـ خلاص يا عشق، ساعتين وأعدي عليكي... تكوني جاهزة.
أوقفته بتوضيح:
ـ استنى بس، هو ليه شرط؟ حد من البنات ييجي معايا، لأن ماينفعش أمشي معاك لوحدي.
---
في مكان جديد، داخل أحد المنازل الفخمة المبنية على الطراز الحديث...
وقف يتحدث بقسوة وحقد، تفوح من كلماته سموم كأفعى سامّة تبخّ سمها في كل مكان:
ـ أخيرًا جه الوقت عشان آخد فيه حق ابني!
تحدث ابنه بعدم تصديق:
ـ مازال بيفكر في الانتقام من أجل ابنه الغلط بعد السنين دي؟
حق إيه يا بوي؟ ابنك كان غلطان! التاني كان بيدافع عن شرف بنت غلبانة!
صرخ فيه، وهو يعتبره عارًا عليه وعلى العائلة؛ لأنه رفض أخذ ثأر أخيه:
ـ اسكت يا ولد! جبر يلمّك! كيف تتكلم على أخوك كده؟
يا ريت كان عايش وجتلوك إنت! على الأقل كنت لاقيت راجل ياخد بتارك، مش زيك!
تحدث إبراهيم بعدم رضا:
ـ يا بوي، إنت مش عايز تقول الحق ليه؟
لو كان ده حصل مع أختي أو بنتي، ماكنتش اشتكيت زي ما عملوا، أنا كنت جتلتُه بإيدي!
كيف نرضاها لبنات الناس، حتى لو كانوا غلابة؟
رمقه والده بنظرة اشمئزاز ونفور:
ـ طول عمرك جبان، علشان كده مافيش حد هياخد حق أخوك مصطفى غير سالم!
هتف إبراهيم بخوف:
ـ لا يا بوي! حرام عليك! سالم لسه صغير، كفاية اللي راح بسبب دلعك لمصطفى!
ليه عايزنا كلنا ندفع ثمن دلعك وس...اخته؟!
إحنا مش جدّ عيلة المنشاوي!
ليه تفتح بحور دم يروح قصادها ناس مالهاش ذنب؟
ـ ابنك مات يا بوي... وغسل عاره!
ده لو فهد علِم، يخلص على عيلتنا كلها قصاد بنت عمّه!
وإنت خبرة... زين قلبه ميت، ومابيعملش حساب لحد!
هتف الأب الحاقد بعناد:
ـ والله لو العيلة كلها تتقتل، قصاد إني أقتل بنت محمود، وأحرق قلوبهم، وآخد تار ولدي، ما يهمني! وأعملها!
رغم إن مش هتبرد ناري زي قتل محمود نفسه... بس حظّه إنه اختفى وغار في داهية، قبل ما أفشّ غليلي فيه!
ونظر لابنه وهو يكمل:
ـ أنا بعتبرك ميت أنت كمان!
تابع إبراهيم خروجه وهو يستغفر ربه:
ـ استر يا رب من الجاي، ونجّي بنتي وأخويا من شرّه!
ولا أحد يعلم أسوأ مصير تم تجهيزه للانتقام من تلك الملاك... دون وجه حق