رواية جاسم الفصل الثاني عشر12 بقلم داليا السيد


رواية جاسم بقلم داليا السيد

الفصل الثاني عشر
حفل زفاف 
ذهبت مع علي حيث أشار لها ولم تسأله عن أي شيء، فقط قلبها كان يؤلمها وهي تفكر بكيف سيكون؟ هل بخير كما يقول ذلك الرجل أم لا؟ 
طوال الطريق لم تتحدث ولا علي إلا مرة واحدة أخبرها ما تقوله للشرطة ثم صمت حتى وصلوا المشفى، الشرطة كانت موجودة بالفعل فتحرك الضابط تجاها ونظر لعلي الذي قال 
"مدام مايا زوجة جاسم"
حدق بها الضابط وقال "مدام أين كنتِ وقت الحادث؟"
أجاب علي على الفور "بزيارة لصديقة لها" 
نظر الضابط له وقال "لا تتحدث من فضلك، مدام هل تعرفين شيء عن مروان الشبراوي؟" 
تدخل علي مرة أخرى وقال "لا، المدام لا دخل لها بأي شيء، تلك محاولة سرقة واضحة يا فندم، ألم تجدوا بسيارته الأموال؟"
تعصب الضابط وقال "أخبرتك ألا تتحدث"
هتفت بلا صبر "أريد رؤية زوجي" 
دفعها علي برفق للغرفة وتحركت للداخل فلم ترى سوى جسده على الفراش بلا حركة، محلول معلق بذراعه وهو مغمض العيون، لأول مرة تراه ساكنا بلا حركة أو نشاط، هي لم تراه حتى نائما مرة واحدة والآن تراه هكذا؟ ضعيف ومصاب؟ 
خطواتها كانت متعثرة لكن يد علي ساعدتها على الاتزان وهي لم تهتم حتى جلست أمام فراشه وقد بدا وجهه شاحبا وضمادات حول صدره 
ظلت جامدة لا تتحرك فقط دموع تتساقط بلا توقف فانحنى علي وقال "مدام الضابط سيعود مرة أخرى، تذكري ما أخبرتك به" 
لم تنظر له وهو تراجع خارجا وهي جامدة بمكانها لا تتحدث ولا تتحرك فقط تنظر له ودموع تسكن عيونها حتى نطقت "أخبرتني أنك ستعود" 
رفعت يدها ليده ورأت الدبلة التي وضعتها بإصبعه، أمسكت يده فبدت كبيرة جدا بالنسبة ليدها الصغيرة وانحنت ولمست ظهر يده بشفتيها وقالت بدموع "أنا لا أستحق حياتك" 
أدارت يده وقبلت راحتها ووضعت وجهها عليها وهمست "أخبرتك أني بحاجة لك" 
سمعته يقول "وأنا موجود ولن أتنازل عن العشاء" 
بسرعة رفعت وجهها وهي تكذب أذنها، لتراه ينظر لها فضحكت من بين الدموع وهو ابتسم من بين التعب، ظلت يدها بيده وهي تقول 
"أنت بخير؟"
هز رأسه وقال "بالتأكيد، لولا الطبيب وعلي لأتيت من أجلك" 
قالت "هل مات؟"
أغمض عيونه لحظة ثم فتحها وقال "نعم، لم أكن لأتركه إلا ميت" 
أغمضت عيونها بألم وقالت "أنا آسفة أنا السبب فيما أصابك" 
دق الباب وانفتح لترى عامر يدخل وملامحه تدل على الغضب، تراجعت وهو يتقدم ويقول "هل جننت كي لا تخبرني بما حدث؟"
نهضت واقفة أمام غضب عامر وقال هو "لم أشأ إقلاق أحد، أنا بخير، كيف عرفت؟" 
حدق عامر به وقال "لا شيء يخفى عليّ جاسم خاصة ما يخص إخوتي، هل أنتِ بخير مايا؟"
مسحت دموعها وقالت "نعم الحمد لله والفضل لله ثم له" 
عاد لأخيه وهتف به "الخبر سينتشر كالصاروخ، سرقة وقتل ولرجل معروف مثلك، أنا أعلم أنك كنت تنتظره، كنت أفضل أن تخبرني أنت" 
أدرك ما سببه فقال "حسنا عامر لم أجيد التفكير هل تهدأ؟ حقا أنا بخير والأمر انتهى، لقد مات ورحل الخطر" 
بالتبعية وصل ساهر ثم حمزة وعلي وامتلأت الغرفة عليها وهي لم تبتعد من جواره بل شاركها الجميع بالحديث حتى دخل الطبيب والضابط وبعدها أعلن الطبيب عن وقت الراحة فأشار لها عامر فخرجت معهم
توقفت أمام عامر الذي قال "هل أنتِ بحاجة لشيء، أي شيء؟"
ابتسمت وقالت بجدية "أنا بخير، حقا بخير لا تقلق" 
ظل يحدق بها ثم قال "تابعيني بالأخبار مايا ولا تهتمي برغبته بإخفاء الأمر" 
هزت رأسها فهدأ وتبادل معها أرقام الهاتف ثم انصرف، عادت للداخل والطبيب يتابع الجرح وظلت واقفة حتى انتهى وبدا الألم بعيونه ولكنه كان صامت والطبيب يقول 
"الجرح بخير لكن الرصاصة كانت عميقة لذا الجرح أيضا عميق وبحاجة للراحة، يمكنك الخروج غدا لو ستلتزم بالتعليمات" 
هز رأسه فالتفت لها الطبيب وقال "لا مجهود مدام يومان على الأقل بعد خروجه" 
هزت رأسها فخرج الطبيب وتبعته الممرضة وعادت هي له وقالت "مؤلم" 
فتح عيونه وقال "ماذا أراد عامر؟"
قالت "متابعته بالأخبار ليطمئن عليك"
عاد ليغمض عيونه وشعرت بأنفاسه تنتظم فعرفت أنه نام
قاسم زارها بالطبع وكان سعيد بانتهاء الأمر وبالخارج قال "ستبقين معه؟"
هزت رأسها وقالت "نعم لقد اتفقنا قاسم، أنا وهو سنكمل ذلك الزواج فلا تقلق، كاد يموت بسببي فهل تظن أني سأتركه؟"
هز رأسه وقال "لا، لم أظن أي شيء موقفكم غير واضح لذا لا يمكن توقع أي نتائج" 
لم ترد ورحل قاسم وهو يخبرها بوجوده في حال احتاجت له ولكنها كانت تعلم أنها لن تحتاج سوى قلب ذلك الرجل لأنه خطف قلبها ولم يعد بإمكانها تركه
عادت له وانتهى اليوم التالي وعلي يعيدهم للبيت وساعده بدخول الفراش وقد بدا التعب على ملامحه، انتهى علي منه ولم يبقى كثيرا وهو يرحل وهي تركته نائما ونزلت لتعد له طعام 
لم تتركه طوال الليل ظلت نائمة على المقعد بجوار فراشه، بالصباح ساعدته على الاغتسال وبدل التي شيرت بصعوبة وتناول الطعام والعصائر وزيارة إخوته وعلي 
باليوم الثالث كانت تعد الإفطار عندما سمعته يقول "وكأني لم أرى البيت منذ عام" 
التفتت له بذهول وهي تهتف "أنت تمزح؟ ماذا تفعل هنا؟" 
نظر لها وبدا أفضل من الأيام السابقة وقال "أنتظر الإفطار؟" 
ابتسم فابتسمت هي الأخرى ولم تجد كلمات وهي تكمل الإفطار ووضعته أمامه فقال "من الأطباق المميزة لدي" 
كانت سعيدة ووضعت له العصير ولكنه لم يتناوله وتناولت هي طعامها ثم نظرت له وقالت "أنت بحاجة للراحة"
لم ينظر لها وقال "وأنا بالفعل براحة وأتناول طعامي المفضل وزوجتي تدللني جيدا" 
ظلت تنظر له دون رد فرفع وجهه لها فقالت "أنا مدينة لك، مدينة لك بالكثير"
تابع الطعام حتى انتهى وتراجع بالمقعد وقال "هل أنتِ كذلك؟" 
وعقد ذراعيه أمامه وهو يواجها فتراجعت بالمقعد وقالت "ألست كذلك؟ كم مرة أنقذت حياتي وكدت تموت بسببي، جاسم أنا.."
وضاعت منها الكلمات وهي ما زالت تشعر بالذنب فأخفضت عيونها ولم تكمل، نهض وتحرك تجاها وأحاط ذراعيها بيداه فنهضت أمامه ورفعت وجهها له بدموع ساكنة بعيونها ولكنه قال 
"لقد انتهينا منه مايا، مروان مات وانتهى ولا أريد التحدث بذلك الأمر مرة أخرى، انسي، فقط انسي كل ذلك ولنبدأ معا حياة جديدة" 
ظلت تنظر له وقالت "أنا حياتي بدأت منذ عرفتك وشعرت معك بالأمان" 
ابتسم من كلماتها ومرر يده على وجهها وقال "لماذا كل كلماتك الجميلة تخرج بالمطبخ؟ هل هي عادة؟"
لحظة وانفجر الاثنان بالضحك من كلماته حتى توقفا وكلاهم ينظر للآخر فقال "لقد أخبرت هدى بأمر زواجنا وهي تصر على إقامة حفل زفاف كبير بنهاية الاسبوع بالقصر لذا عليكِ بالاستعداد له وكل ما يحتاج" 
تراجعت بذهول وهتفت "لا، حفل زفاف؟ ولكننا متزوجون بالفعل"
داعب أنفها وقال "عقد قران فقط أم نسيتِ؟" 
أخفضت وجهها فرفعه بيده وقال "لن أنال شيء قبل حفل الزفاف وبعده نطير لتركيا أو أثينا كما تشائين ما رأيك؟"
ضحكت بسعادة وقالت "أنا لا أصدق، لنفعل ما تشاء فأنا أوافق على كل شيء ولكن لم لا نذهب الاثنين؟ تركيا وأثينا؟ لم أشاهد أيا منهم" 
أبعد وجهه وقال بدعابة "بالأول قلتِ كما أشاء والآن الاثنين، هل كل النساء متقلبات هكذا؟"
ضحكت وضربته على صدره فتألم فشهقت وهتفت "آسفة، نسيت" 
أمسك يدها وجذبها لفمه، قبلها فعادت ملامحها تلين وقلبها يدق وهو يقول "سنذهب لأي مكان تريديه حتى ولو كان حول العالم" 
ضحكت بسعادة وضحكتها جعلته أكثر سعادة، رفع يده لوجنتها ثم جذب وجهها له وطالب بقبلتها التي افتقدها وهي كانت سعيدة وهي تمنحه إياها بل وأرادت منحه كل ما يريد ولن تمانع أبدا ولكنه هو من يوقف كل شيء للزفاف وهي لن تمانع.. 
تعرفت على ليل وحلا بالأيام التالية وأولاد عامر كانوا رائعين، ليل ساعدتها بشراء كل ما تحتاجه أي عروس وكانت سعيدة معها جدا، فستان الزفاف انتقته معها وكان جميل ومميز ونالت مكان مميز أيضا للتجميل بالإسكندرية حجزته من على النت
قبل الزفاف بيومين كانت قد جمعت كل ما اشترته وقد كان من ماله فقد رفض مال قاسم وأجابها بأنها الآن زوجته ولن تكون مسؤولة سوى منه وعاشت تلك الأيام الجميلة تعد لحفل الزفاف وتعد له كأي فتاة تتمنى تلك الليلة

تعليقات



<>