
في المساء كان هناك فتاة جميلة تجلس على الشاطئ تتأمل في امواجه وهي تتخبط ببعضها بحزن و فجأة لاحظت وجود صوت غريب اخذت تستمع له بترقب في حتى اكتشفت مصدره قد كان صوت شاب جالس على شاطئ البحر يضم ركبتيه إلى صدره وهو يبكي بنحيب عالٍ وعندما وصلت اليه... اردفت بحزن على حاله "اهلا انا اسمي حياة مالك زعلان ليه ما تزعلش مفيش حاجة تستاهل زعلك ده كله"
اردف أسر وعبراته تتساقط على وجنتيه "انتِ مش هتفهميني ولا هتحسي بيا لأن محدش هيحس بيا غير الي مر بنفس الي مريت بيه... واكمل بكاءه ولم يهتم بها
حياة.. " خلاص اعتبرني مجرد عابر سبيل واحكيلي يمكن افهمك ولو مفهمتكش همشي وهنساك ولا كأني عرفتك او شوفتك"
شرع أسر في الحديث فقد كان في حاجة شديدة إلى أن يتحدث ويفصح عن آلامه فهو ليس قويا كما يبدو اخذ يتحدث كالمغيب تماماً... "انا اسمي أسر المفروض اني عندي أهل بس عمري ما حسيت انهم اهلي... دايما بيعاملوني وحش مفيش مرة اتعامل حلو مفيش تقدير.. مع ان اخواتي بيتعاملو معاملة حلوة اوي كل طلباتهم مجابة ومفيش مرة حد من اهلي يعاملهم وحش... لدرجة اني اشك انهم مش. اهلي بس ازاي وانا من اول ما وعيت على الدنيا وانا معرفش غيرهم ده حتى كانوا بيعاملوني كأني ملك دلوقتي بقيت بحس اني عبد عندهم، تعرفي انا عندي شركة وبشتغل كمان ومع ذلك محدش بيحس بيا.. حتي انا احياناً ببات بره البيت ومحدش بيحس برضه "
قاطع حديثه شهقة قوية لم يستطع ان يكتمها فقد فاض به الكيل من الحزن والألم.. صمت أسر و ترك العنان لعبراته حتى تتساقط على وجنتيه بكثرة
وفي هذه اللحظة أقسمت حياة ان من يجلس أمامها ليس إلا مجرد طفل طفل يحتاج اماً تحتضنه وتخفف عنه آلامه.. وحتى هذه الفكرة بدأت دموعها تنهمر من مقلتيها وتمنت ان تلتقي بوالديها يوما ما..
لاحظ أسر بكاؤها الشديد لربما يكون بكاؤها هذا اكثر من بكائه فاخذ يخفف عنها قائلا بمزاح " مالك بس يا اختاه وانا الي كنت مفكر نفسي زعلان ده انتي طلعتي ميأوس منك مالك بس فُكي كده"
ابتسمت حياة بين دموعها واردفت" اعمل ايه بس فيك ده انا كنت قاعدة بتفرج على البحر قومت انت بقى نكدت عليا"
أسر :" انا الي نكدت عليكي يا بومة ده انتي ما صدقتي وفتحتي في العياط مبتسكتيش"
ابتسمت حياة بتسلية من موقفه المضحك هذا و اردفت
"الي يشوفك دلوقتي ميشوفكش من شوية كنت عامل ازاي خلينا في المهم... عارف انا حاسة بيك على الاقل عندك اهل انا بقى معنديش اهل خالص
اردف أسر بحزن على حالها" ازاي يعني اهلك ماتو و لا ايه الي حصل؟"
حياة :"لأ مماتوش هو اللي حصل ان "
فلاش باك
كانت فتاة جميلة في السنة السادسة من عمرها تسير مع والديها بفرحة عارمة واردفت ببراءة وهي تتمسك ببنطال والدها "بابي يا بابي انا عايزة اروح الملاهي يا بابا ونركب قطر الرعب"
اجابها والدها و الذي كان يدعى سليم و هو في منتصف العِقد الثاني من عمره " حاضر يا حياتي.. هنروح الملاهي"
اردفت حياة بحب" شكرا يا احلى بابي في الدنيا"
اختلفت ملامحها إلى الشك ثم استرسلت في الحديث "بس هنركب قطر الرعب مش كده ولا ايه"
اردف سليم بابتسامة كبيرة على كلام مدللته الشرقية "طبعا هنركبه يا قلب بابا"
و بالفعل اتجهوا إلى الملاهي بعد ما أنهوا رحلتهم القصيرة و قام سليم بحجز التذاكر لهم و اتجهوا إلى قطار الرعب ولكن في منتصف مسار هذا القطار انقطعت الكهرباء وسمع كلٌ من سليم و سلوان والدة حياة صوت صراخها كانت تصرخ تنادي والديها بخوف
"يا بابي يا مامي الحقوني الحرامي الوحش هيخطفني يا"
لم تكمل حديثها حيث انقطع صوتها عنهم تمام
وبعد ما تم اختطافها تم القبض على الخاطف فقد كان هناك بلاغ قديم بشأن هذه العصابة و كانت الشرطة في انتظار اية فرصة للقبض عليهم و بعدما تم القبض عليهم قامت الشرطة بوضع حياة في إحدى الملاجئ نظرا لأنهم لم يستطيعوا معرفة اية معلومات عنها و عن والديها و بعد دخولها هذا الملجأ بدأت تتعلم و كانت نابغة وذكية جدا وقامت بالحصول على المركز الأول في الثانوية العامة وبعدها خرجت من الملجأ وبدأت تعمل بإحدى متاجر الملابس وانضمت إلى جامعة الهندسة المعمارية
عودة من الفلاش باك
اردفت حياة :"وبس كده يا سيدي وبعدها قررت اني اشتغل في شركة هندسة وبالفعل هروح اقدم بكرة في شركة الحياة"
نظرت اليه و استرسلت بمزاح
"شوفت انا هتجوز صاحب الشركة دي انا واثقة هنعمل زي الروايات يقولي هاتي القهوة اروح اتكعبل واكبها عليه وهو يزعق فيا ويقولي مش تفتحي يا عامية ولما اعيط ياخدني في حضنه و يهديني و يحبني و يتجوزني و كمان الشركة اسمها شركة الحياة و انا اسمي حياة ساعتها هقول انه كان حاسس بيا وانه بيحبني من زمان وعمل شركته على اسمي"
حاول أسر إن يكتم ضَحِكاتِه و لكنه لم يستطع و انفجر في الضحك حتى لمعت عينيه بالدموع.... و أخذت حياة تتأمل ضحكته الجميلة... وعندما انتهى بدأ بالحديث
"حياة انتي بتقرأي روايات مش كده يا حبيبتي... لكن ده في الخيال بس مش حقيقي"
انتبهت حياة إلى حديثه وقالت في نفسها" حبيبته فوقي يا حياة ده انتي لسة عارفاه حالا مستحيل يا حياة مستحيل تحبيه بالسهولة دي"
استرسل أسر حديثه قائلا " بس انا واثق انك هتتقبلي في الشركة يا حياة"
حياة :" وانت عرفت منين بقى يا سي أسر"
أسر :" يعني بنوتة جميلة زيك ورقيقة اكيد المدير هيقبلها علشان جمالها"
حياة :"نعم لو انا لاحظت حاجة كده و لا كده و الله العظيم لهصوت وهقول انه كان بيتحمرش بيا وهعملّه فضيحة بجلاجل في الشركة"
كتم أسر ضحكاته بصعوبة هذه المرة و اجابها " بس انا واثق ثقة عمياء انك هتتقبلي في الشركة في لحظة"
حياة "وليه بقى تكون مين انت علشان تعرف تكونش المدير ولا المدير يا.. يا أسر"
اردف أسر وهو يصطنع البراءة" مين انا لا خالص ده مجرد تخمين مش اكتر وبكرة تشوفي...... ما تقومي نجيب آيس كريم انا بحب اكله في الجو السقعة ده اوي"
حياة.. "الله لقيت حد زيي انا كمان بحب اكله في السقعة اوي شكلنا هنطلع شبه بعض اوي يا اسورة "
اردف أسر بدهشة.. " اسورة ايه بكرة تعرفي انا مين و الكلمة دي متتنطقش تاني فاهمة يا بت انتي"
استرسل في الحديث و هو يرفع احد حاجبيه
" انا اسمي أسر لو قولتي كده تاني هعلقك من شعرك الحلو ده فاهمة "
حياة.." حاضر يا استاذ أسر عيوني"
ذهب أسر لإحضار قطعتي مثلجات وبعد أن اشتراهما ذهب إلى حياة واردف. "حياة الايس كريم اهو اتفضلي احلى واحدة لأحلى حياة في الدنيا"
حياة :" قولي يا أسر ايه الي مخليك شايف ان دول مش اهلك"
اردف أسر بحزن "هحكيلك"
فلاش باك
رجل و زوجته يجلسان في منتصف ساحة كبيرة مزينة بطريقة رائعة وترتفع أصوات الموسيقى و الطبول انهما
سعد و ميرا في حفل زفافهما
اردفت ميرا بملل "سعد انا مليت انا عايزة اقوم ارقص واعبر عن فرحتي"
اجابها سعد بغيرة :"ليه أن شاء الله متجوزة ايد مقشة يعني و لا ايه فهميني عشان اتقمص الدور انا قولتلك يوم ما خطبتك رقص ومرقعة لأ.. وانتِ وافقتي مش ذنبي"
ازاحت ميرا وجهها عنه بحزن و قائلة " حاضر يا سعد انا هسكت ومش هنطق خالص عشان تبقى مرتاح "
شعر سعد بالضيق لحزنها فانتصب من مقعده وذهب إلى منظم الموسيقى وطلب منه تشغيل.. اغنية
" من اول دقيقة "
و بعد أن قام المنظم بتشغيلها اتجه سعد إلى ميرا بحركة بطيئة و عندما أصبح أمامها ركع على ركبتيه ومد يده إليها بحركة رومانسية قائلا" ممكن ارقص الرقصة دي معاكي يا مولاتي"
اردفت ميرا وعبراتها تترقرق في اعيُنها من الفرحة..."اكيد طبعا موافقة"
استقام سعد و اخذ ميرا وذهبا إلى ساحة الرقص شرعا في الرقص ا سويا كان سعد واضعا يديه على خصرها اما هي فكانت ممسكة بكتفيه بكلتا يديها و اخذا يتراقصان على انغام الموسيقى بنعومة
و بعد أن انتهت الأغنية امسك سعد يدها و وقف في منتصف القاعة وامسك بمكبر الصوت قائلا
:"طيب يا جماعة شكرا على حضوركم المشرّف ده اعتبروا المكان مكانكم و هرجع انا و مراتي بيتنا مش عايزين حاجة ؟ ايه لأ مش عايزين طيب مع السلامة بقى"
أعطى مكبر الصوت إلى المنظم واردف" يلا بينا يا قلبي نروح شقتنا علشان الفرح ده بقى ممل اوي بيتنا أولى بينا"
اتجها إلى السيارة المزينة بطريقة احترافية و انطلق السائق بهما و كان وراءهم جمع ضخم من السيارات تتحرك حركة جميلة ومنظمة و قد تم الترتيب لها مسبقا
و كانت ميرا مندهشة من الجمع الهائل الذي يسير خلفهم من السيارت فنظرت إلى سعد محدثة اياه :"واو ايه كل العربيات دي يا سعد وحركتهم دي حلوة اوي"
سعد :" انا عملت كل ده علشانك يا اميرتي"
و قبل ان يكمل حديثه صدمته حركة مفاجئة من سائق السيارة والذي اردف بذعر :"سعد بيه انا مش عارف اتحكم في العربية و في عربية نقل كبيرة قدامنا و لو وقفت العربيات الي ورانا هتخبط فينا اعمل ايه يا بيه"
يتبع