رواية نسمة متمردة الفصل الثاني عشر12بقلم امل مصطفي
مرت الأيام، وكانت نسمه تتجنب مروان، وكان ذلك يغضبه بشدة.
سأل والدته إذا كانت تعلم ما الذي يحزنها ويجعلها لا تريد التحدث معه. وكلما حاول التقرب منها، كانت تتهرب منه بأي حجة.
لكن سهير، هي أيضًا، لا تعلم ما بها. ولا تريد الضغط عليها، لكن تصرفها كان يدل على أن مروان هو سبب حزنها. وهي ترفض التحدث نهائيًا.
---
عاد مروان إلى المنزل، وعندما دخل غرفته وجد نسمه.
تخرج من غرفة ملابسها مرتدية فستان واسع لونه اخضر مميزا ، ووقفت أمام المرآة تسرح شعرها. تفاجأت بوجوده في هذا الوقت.
توترت عندما رأته في المرآة خلفها، يتأملها بعشق. اقترب منها وهمس لها بعتاب:
– هان عليكِ حبيبك تسيبيه؟ كل ده حضني مش وحشك؟
لم يجد منها ردًا.
اقترب أكثر، وقبلها بشوق، ثم نزل إلى عنقها يطبع عليه قبلات كثيرة بنعومة ولهفة،هاتفا بصوت هامس :
– بتبعدي عني ليه؟ وأنتِ عارفة أن بعدك بيجنني.
فاقت نسمه من عاصفته، وابتعدت عنه بعنف.
هتفت بتحذير:
– لو سمحت، آخر مرة تقرب مني بالشكل ده! أنا هنا عشان حنين وماما سهير بس، غير كده مضطرة أرجع عند أهلي.
ابتعد مروان بغضب، ثم رفع صوته وقال:
– لسه ما تخلقش اللي يتكلم معايا بالطريقة دي. ولا حد يملي عليا شروطه، حتى لو كان أغلى إنسان عندي.
ثم أكمل بضيق:
– ولو قلبي هو اللي يزلني و يضعفني، أخلعه من بين ضلوعي و أفعصه تحت رجلي.
ثم تركها وخرج.
مثل بركان ثائر لا يعلم من اين اتت بكل تلك القسوة حتي تقابل اشتياقه بطريقه بارده غير مباليه
**********
بينما جلست نسمه على الأرض تبكي.
كانت تعلم أنها جرحت رجولته، لكنه لا يعلم شيئًا عن مدى جرحها. لقد كسر شيئًا داخلها لا تستطيع إصلاحه، وهو ثقتها به.
*************
ركب مروان سيارته وظل يسير بها، لا يعرف ما سبب هذا التغيير.
منذ ثلاث أيام، وهو يحاول التقرب منها، لكنه لم يفهم ماذا حدث لكل هذا الجفاء. لقد وجد في قربها النعيم، رغم ماله ونفوذه، لم يشعر بالراحة أو السعادة إلا معها. هي له نسمة الهواء الباردة في الصيف، والشمس الخجولة في برد الشتاء.
***********
لكنها جرحت رجولته وكرامته برفضها له.
كان يريد صفعها حتى تفوق، لكنه فضل تركها في غضبه وأخذ يسير في طريق آخر.
اتصل مروان بسيف وسأله عن مكان تواجده.
– أنا سهران مع فريد في *****.
ذهب مروان وهو في قمة غضبه.
وصل إلى المكان، وجد سيف يجلس وسط مجموعة من الفتيات، كاسيات عاريات.
تحدث مروان دون أن يلقي السلام:
– يلا يا سيف، عايزك.
حاول فريد أن يغير رأي مروان:
– خليك، السهرة لسه في أولها.
لكن مروان رفض، وقال بحدة:
– لا، أنا عايز سيف في موضوع.
اقتربت منه إحدى الفتيات ووضعَت يدها على صدره:
– ممكن تعزمني؟
نفض يدها بعنف، وقال بغضب شديد:
– إنتي إزاي يا حيوان تحطي إيدك عليا كده؟ غوري من وشي! والله يكون آخر يوم في عمرك!
تحركت الفتاة من أمامه بخوف، وتركَت المكان كله.
إلتفت مروان إلى سيف وقال:
– هتيجي معايا ولا أمشي؟
سيف، وهو يرى حالته، قال:
– لا، جاي معاك خلاص.
*********
في الخارج، سأل مروان بضيق:
– إيه اللي جابك معاه في مكان زي ده؟ إحنا مش خدنا عهد إننا ما ندخلش الأماكن دي تاني!
أجاب سيف باستهزاء:
– أنت عارف ابن عمك غاتيت، وفضل يزن عليا. جيت عشان أرتاح من زنه.
لم يتحدث مروان، وركب سيارته. ركب سيف جواره.
انطلق مروان، واحترم سيف صمته. بعد وقت، وصلوا أمام مكان هادئ.
سأل سيف بقلق:
– مالك يا مروان؟ أول مرة أشوفك غضبان كده!
تحدث مروان بضيق:
– بقالِي ثلاثة أيام بحاول أصالحها، رغم أني مش عارف سبب حزنها، وبرضه رفضت تتكلم معايا. ولما حاولت أحتويها وأخفف عنها، بَعَدت عني بطريقة حسستني إني حقير أوي.
تحدث سيف باستغراب:
– هاتلها خاتم أو أسورة، وهي هتنسي كل حاجة.
رد مروان بخيبة:
– للأسف، الحاجات دي مش بتلفت نظرها.
ضم سيف حاجبيه بتعجب:
– إنت بتتكلم على مين؟
صرخ مروان بعصبية:
– سيف، مش عايز غباء! نسمه طبعًا.
سيف، بعدم تصديق:
– إنت حبتها؟
تنهد مروان بحب، وقال بصوت خافت:
– أنا معرفتش الحب غير معاها. أنا بعشقها، أدمنتها. مش بعرف أنام غير وهي في حضني. و عقابها ليا قاسي قوي، لما سابتني و بتنام مع حنين.
لا يصدق ما يسمعه.
هل مروان عاشق؟ وهل يؤلمه بعد امرأة؟ هو يراه في تلك الحالة لأول مرة.
سأله بصدمه ، للدرجة دي يا صاحبي؟
أكّد عليه بكلماته:
– أكتر من كده، مش عارف مالها إيه غيرها من ناحيتي كنا قربنا من بعض و حسيت أنها بقت ليا ونسيت اللي حصل أول جوازنا .
هتف سيف بهدوء، محاولًا تهدئته:
– قرب منها وحاول معاها مرة و اتنين. هي تستاهل اللي توصلك للحالة دي، تستاهل المحاولة، والتعب.
شوف عملت إيه؟ ضايقها من غير ما تحس. هاتلها وردة، شيكولاتة، رسالة رومانسية.
رد مروان بحزن:
– رفضها ليا جرح رجولتي. إحساس صعب، إنك تتترفض من الإنسان الوحيد اللي بتتمناه.
تحدث صديقه بهدوء، وهو يحاول مساعدته:
– أكيد في حاجة جرحتها منك، أنت مش عارفها. حاول معاها، ومتنساش إنك جرحتها في يوم زي ما هي جرحتك، ورغم كده فضلت معاك.
************
بعد مرور أسبوع،
رجع مروان إلى منزله وهو يحاول إخفاء شوقه ولهفته لها، بينما يظهر البرود الدائم أمام الجميع. كان قلبه يعاني بصمت، لكنه لا يظهر شيئًا من ذلك.
أما هي، فكانت تتحرك كأنها إنسانة آلية، تبتسم في وجه الجميع بينما تتألم من الداخل، تحمل في قلبها الكثير لكنها تخفيه بحذر.
سمع نداء والدته:
– تعال يا حبيبي، أنا عايزاك في موضوع.
جلس أمامها باهتمام، يحاول إخفاء توتره:
– خير يا أمي؟
سهير بهدوء:
– نسمه جالها عريس.
وقف مروان فجأة، غاضبًا، وكأن كلماتها أصابت نقطة حساسه في قلبه:
– نعم؟ بتقولي إيه؟
سهير حاولت أن تسيطر على ضحكتها، وهي تردد بصوت خافت:
– نسمه جالها عريس، سليم ابن السفير خالد.
تحدث مروان بعصبية أكبر، وجهه يعلوه الغضب:
– سي زفت ده؟! أزاي يتجرأ و يبص لمراتي؟! دانا امسحه من الوجود!
تحدثت سهير ببرود:
– محدش يعرف إنها مراتك. هو شافها وهي معايا في النادي، ولما مامته سألت، قولت إنها قريبتنا. زي ما كنت طالب.
ثم تابعت بصوت هادئ، محاولة الضغط على مروان أكثر:
– وبعدين يا حبيبي، أنا غلط لما خليتك ترتبط بيها وأنت قلبك ملك لواحدة تانية.
وأنا اهو بصحح غلطي. البنت أنطفت، و علي طول شارده، بتبتسم، أه بس حساها حزينة من جوه.
ثم ضغطت أكثر على جرحه:
– سيبها لنصيبها وعيش أنت حياتك.
وعلى فكرة، جالها أكتر من عريس، البنت بتملك جمال أخاذ مافيش حد بيشوفها إلا لما ينبهر بيها
بس أنا شايفه إنه أكتر واحد مناسب ليها.
مروان، رد بقسوة و تهكم :
– و البرنسيسه رأيها إيه؟
سهير، بحذر وذكاء، أجابت:
– لا، أنا مكلمتهاش في حاجة. حبيت أعرفك الأول.
وقف مروان مرة أخرى، غاضبًا، ونظر إليها بعينين متعصبتين:
– خلاص يا ماما، بعد كده تخرج بدبلتها
والكل يعرف إنها مرات مروان. وأنا مش هطلق، يكون في علمك، حتى لو هي طلبت كده. بعد إذنك.
سهير، وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة انتصار، همست لنفسها بصوت منخفض:
– ومين عايز طلاق يا قلب أمك؟ أنا وراك لحد ما تعرف قيمتها وتحافظ عليها. صبرك عليّا التقيل جاي وراء أنا بعت اجبلك أيهم اللي هيعيشك علي الجمر
**********
عند أحمد،
كان يقف مع نادر وسط العمال، يعملون بجد تحت أشعة الشمس الحارقة.
نادر، وهو يلاحظ وجه أحمد الذي تحول إلى جمرة من النار بسبب الشمس وبشرته البيضاء، قال بتعجب:
– أنت وشك أحمر كده ليه؟ من الشمس؟
أحمد، وقد شعر بالحرارة الشديدة على وجهه، رد:
– طيب، روح أغسل وشك. أصل كده يلتهب.
توجه أحمد سريعًا نحو طرمبة الماء في الموقع، خلع قميصه وغسل وجهه وشعره بالماء البارد. بلل ذراعيه أيضًا حتى يخفف من حرارة جسده.
بينما كان أحمد منشغلًا في غسل وجهه، سمع فجأة صرير أحد العمال، فركض بسرعة ليرى ما يحدث. وعندما وصل إلى مصدر الصوت، وجد شابًا يتدلى من الدور الثالث، وكان يبدو في حالة خطر شديد.
******
تسلق أحمد الحبل المتدلي بحركة سريعة، وكان جسده ينقض بين الحبال و كأنما كان يقذف نفسه نحو هدفه. حتى وصل إلى العامل، أمسك به بقوة، ثم بدأ في النزول به ببطء، وهو يسأله بلهفة:
أحمد: "أيه الحاصل ده؟ ممكن أفهم؟"
رد العامل بصوت متعب وقلق:
: "حبل السأله اتقطع...
احمد بضيق
مش تخلوا بالكم، الحاجات دي عايزة متابعة يومية. دي أرواح ناس مش لعبة."
شكر الجميع أحمد على اهتمامه السريع، وفي تلك اللحظة،
حضرت مدام شاهنده، سيدة من الطبقة المخملية، كانت تتابع الموقف من بعيد.
كانت ترتدي هوت شورت جينز وتوب كب، وعلى عينيها نظارات شمسية،
بينما كانت حذاؤها بكعب عالٍ.
خلفها كان الحرس، يتبعونها بهدوء، لكن نظراتها كانت مشغولة بشيء آخر.
تمرر عيونها على وجه أحمد، الوسيم، جسده الرياضي، وشعره المبلل الذي يلمع من حر الشمس.
بشرته كانت وردية من شدة الحر، مما جعلها تشعر بإعجاب شديد تجاهه.
شاهنده: "هاي!"
أحمد رفع عينيه إليها، و أجاب بشكل مهذب:
: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته."
خلعت شاهنده نظاراتها الشمسية، وبدأت تتأمله دون حياء، بينما كان أحمد يُخفض عينيه عن نظرها، مستغفرًا في سره.
شاهنده بسؤال غامض:
"أيه الحاصل هنا؟"
أحمد أجاب بسرعة:
"غلطه غير مقصوده، بس مرت على خير."
شاهنده نظرت له بحيرة، ثم قالت:
"أنت المهندس الجديد، صح؟"
أشار أحمد إلى أحد العمال لكي يعطيه قميصه المبلل، وقال:
أحمد: "أه، أنا هكمل المشروع."
شاهنده: "أيه الحاصل للمهندس التاني؟"
أحمد: "عنده حالة وفاة، واضطر يسافر. في أي خدمة أقدر أقدمها لحضرتك؟"
ظلّت شاهنده تنظر له بنظرات غامضة، كانت نظرات لا يفهمها سوى الرجال.
لكن أحمد لم يهتم بذلك، كان يفكر في شيء آخر.
شاهنده: "أنا باجي هنا كل مدة، بس يظهر إني هحب المكان ده جدًا."
أحمد أجاب ببرود وبأسلوب عملي:
"تشرفي في أي وقت."
*********
دخلت نسمه وحنين إلى المنزل، وكانت حنين تنادي بصوتها الطفولي:
- "ماما تيته! ماما تيته! إحنا جعانين!"
ضحكت سهير بسخرية:
- "دوشة كل يوم! مش هنخلص. إحنا جعانين؟ طب خدوا شاور على ما الدادة تخلص!"
توجهت نسمه نحوها بدلال، وقالت:
- "بقي كده يا مامي، زهقتي مننا؟ أنا مخصماكي!"
وأضافت حنين بحماس:
- "وأنا كمان يا تيته!"
ضحكت سهير بحنان وهي تضمهم إليها، وقالت:
- "أه منكم! عملتم عليا حزب."
كان قلبه، الجالس في الركن، يتراقص مع نغمة صوتها العذب، دون أن يراها.
ثم أشارت سهير إلى خلفهم:
- "سلموا على أيهم، ابن أختي."
إلتفتت نسمه بخجل، وقالت:
- "آسفة، معرفش إن معاك ضيوف."
أجابت سهير وهي تبتسم:
- "ده ابني التاني، مش غريب."
ركضت حنين نحوه، وهي تصيح:
- "يويو! وحشتني!"
حملها أيهم وهو يقبلها وقال لها:
- "يا بنتي! حرام عليكي! كل الجسم ده يتقاله... يويو!!"
بغضب طفولي قالت حنين:
- "أنا بحب أدلعك!"
أجابها أيهم بسخرية:
- "دلعيني بأي حاجة، ماعادا الاسم ده!"
ثم التفتت نسمه إلى أيهم وقالت بلهجة رقيقة:
- "حمدالله على سلامتك يا أستاذ أيهم."
رد أيهم في نفسه:
- "الله يخرب بيتك يا مروان، قدرت تقاوم دي إزاي؟ أنا كده هشك فيك!"
وكزته سهير في جنبه ليُفاق، فقال وهو ينظر لها بصدمه:
- "الله يسلمك! إيه ده؟ هو أنتي حقيقية؟"
شعرت نسمه بالخجل، ولم تستطع الرد، بينما ضحكت سهير بمرح وقالت:
- "الولد ده دايمًا متهور."
ثم تحدثت سهير بغضب، موجهة حديثها إلى ابنها:
- "أتلم! لو مروان سمعك، أنت عارف غضبه هيكون إزاي."
قال أيهم بفزع:
- "لا، كله إلا غضب مروان! ده الكل كان بيخاف مني ويعملي حساب، وأنا بترعب منه! أصل أيده تقيلة أوي... الله يخرب بيت غبائه!"
ضحكت نسمه على طريقة حديثه عن حبيبها، الذي يغضب منها مثل الأطفال.
ثم قالت نسمه:
- "بعد إذنك يا ماما، هطلع أنا وحنين."
أجابت سهير:
- "طيب يا حبيبتي، هخلي الدادة تحضر الأكل."
ثم التفتت سهير إلى أيهم بغضب بعد صعود نسمه إلى غرفتها، وقالت له:
- "أنا جيباك عشان تشعلل غيرته، ولا تشقط البنت منه!"
رد أيهم بهيام:
- "غصب عني يا سوسو، البنت حاجة صعبة... طلقه."
سهير قالت في استغراب:
- "أتلم يا بني! دي مرات أخوك! وبعدين أنت تعرف الأجمل منها؟"
رد أيهم بجدية:
- "لا يا سوسو، الحجاب ما خلاها ماتتسواش بحد."
سهير ضربت كفًا على كف في حالة من الاستنكار، وقالت:
- "لادانتا... أتجننت رسمي!"
**********
زادت ضربات قلبه عندما سمع صوت ضحكتها المميزة، تلك الضحكة التي تسحره وتجعله ينسى كل ما حوله، كأنها تأخذه إلى عالم آخر بعيد عن الواقع.
دلف مروان إلى الداخل، لكن قلبه قفز في صدره عندما وجدها تتحدث بسعادة مع أيهم.
- "لا، حقيقي! أنت ملكش حل، أنا هموت من كتر الضحك!"
شعر مروان بغيرته تتآكله من الداخل.
فهو يعلم جيدًا أن ابن خالته أيهم يملك مفاتيح قلب المرأة.
لديه خبرة كبيرة في جذب النساء، وعندما يلتقي بإحداهن لأول مرة، يستطيع أن يقرأ خفايا مشاعرها بسهولة، ويعرف تمامًا كيف يثير اهتمامها.
شعرت نسمه بوجوده خلفها. رفعت عيونها قليلًا، وجدته ينظر إليها بعمق شديد. هزت رأسها برفق، وحاولت أن تُخفي مشاعرها.
خفضت عيونها بسرعة كي لا تضعف أمامه. لأنها، على الرغم من كل شيء، تشتاق إليه منذ آخر محادثة بينهما.
خطا مروان خطواته القوية والثابتة نحوهم، قائلاً بلهجة رسمية:
- "حمد الله على سلامتك."
قام أيهم باحتضانه بحماس:
- "وحشتني يا وحش!"
رد مروان بابتسامة ضيقة، بينما كان أيهم يتحدث باشتياق:
- "وأنت أكتر. أخبار خالتي إيه؟"
تحركت عيون مروان نحو نسمه، وكان يشعل قلبه الغيرة
بينما ينظر أيهم إليه.
- "كلنا تمام."
ثم سأله مروان بتوتر:
- "غريب، ليه ماعرفتنيش؟ كنت جيتلك المطار."
ضحك أيهم بمرح:
- "حبيت أعملها لك مفاجأة." ثم أكمل بنبرة خبيثة:
- "ظاهر إنك ماكنتش عايزني أشوف الملاك ده. حاجة صعبة، ربنا يكون في عونك، براءتها تقتل."
شعرت نسمه بغضب من كلمات أيهم، بينما كان مروان يشعر بأن دماءه تغلي من الداخل. لكنه تحامل على نفسه، ولم يظهر غضبه أمام أمه.
سأله مروان، وهو يحاول ضبط أعصابه:
- "الزيارة هتستمر قد إيه؟"
اتسعت عيون أيهم بدهشة، فهو يسأله هذا السؤال لأول مرة:
- "أنت لحقت تزهق مني؟ أسبوعين، قابلين للزيادة."
وقفت نسمه، وقالت بنعومة:
- "بعد إذنكم، حنين وراها هوم ورك."
تابعها مروان بنظراته حتى مرت جواره. ثم رفع أنامله بهدوء، و حركها برقة على يدها.
تلك اللمسة كفيلة بأن ترد الروح إليه، وتروي شوقه الذي كان يعذب قلبه
أما هي، فقد شعرت بإنتفاضة قلبها، بل كأن كيانها كله يهتز. نظرت إليه بعشق، وعينيها تلمعان كما لو كانت على وشك أن ترتمي في أحضانه. لكنها توقفت في اللحظة الأخيرة، تذكرت يد شاهي التي كانت فوق يده. شعرت بغضب مفاجئ، وقلبها يعج بالغيرة التي لا يمكنها إخفاؤها.
حدث نفسه بصدمه: "للدرجة دي مشتاق لها؟ مجرد لمسة صغيرة لإيدها... تسعدني زي المراهق اللي بيعيش لحظات مسروقة مع حبيبته؟"
تحدثت هي، وهي تصعد إلى الدرج:
- "ياااه، يا مروان... لو تعرف أنا تعبانه قد إيه. مش عارفة أحدد مشاعرك ليا... حب ولا إعجاب؟ يارب ريح قلبي، و رسيه على بر."
