رواية ولم تهدأ العاصفة بعد الفصل الاول1بقلم دعاء سعيد
كانت أصوات العاصفة شديدة مرعبة لدرجة تقشعر منها الأبدان بحيث لايستطيع اى شخص مغادرة منزله إلى أي مكان مهما كان السبب.......وانقطعت الكهرباء عن كل أنحاء البلدة وساد الظلام الحالك كل الأجواء ....
جلست حنان فى منزلها الصغير ع أطراف البلدة تطالع رواية الخطايا السبع بعد أن أشعلت المدفأة لتدفئة منزلها واضاءت شمعة صغيرة لتتصفح الكتاب ع نورها .....
وفجأة ازدادت أصوات العاصفة التى فتحت نافذة المنزل بقوة .....فنهضت مفزوعة لتغلق النافذة قبل أن يبلل المطر المنزل .....وهنا رأت شخص غريب يقف فى حديقة منزلها ويقترب من باب المنزل ........
وفجأة سمعت طرقاته ع الباب مما أثار فى قلبها الخوف والقلق واخذت تتساءل فى نفسها ...
(((ياترى مين هيجى دلوقتى فى الجو ده ....وعايز ايه منى ؟؟؟؟!!! واشمعنى بيتى اللى لجأ له فى العاصفة دى؟؟؟))))
اخذت تتساءل فى نفسها والرعب يملئ قلبها ....
خاصةً انها تعيش وحدها .....
استمر الطرق دقائق معدودة ثم توقف .... .
فنظرت من النافذة خِلسة لترى هذا الشخص الغريب قد توقف عن الطرق ع الباب وجلس ع سلم منزلها محاولا أن يحتمى من المطر الشديد ......
كانت حنان تتنفس بسرعة ودقات قلبها متسارعة وهى تراقبه .....وع الرغم من ذلك الخوف والقلق المسيطر عليها ....أشفقت ع حاله وقررت بعد تفكير أن تفتح له باب منزلها لتعرف سبب مجيئه وإن كان بإمكانها أن تساعده.......
وبالفعل اتجهت إلى باب المنزل بعدما أغلقت النافذة بإحكام .....وفتحت الباب بحذر وهى تقف خلفه وتنظر فقط من فتحة ضيقة ....وأخذت تنادى بصوت خافت ع الضيف الغريب.....الذى جلس أمام الباب مديرا ظهره له...
(((مين اللى بيخبط ..؟؟؟)))
و ما إن سمع الغريب صوت حنان . .حتى انتفض واقفاً واقترب من الباب ليتحدث معها .....
طالعت حنان هيئة الغريب لتجده ....
رجل أربعيني ابيض الوجه يرتدى معطفا أسود طويل يصل إلى ركبتيه مبلل بالمطر ويرتدى قبعة تغطى معظم شعره الأسود...اما ملامح وجهه ..فله حواجب كثيفة وعينين لونهما فاتح نظراتها يبدو عليها الحدة والارهاق وليس له شنب أو ذقن....
وقف الغريب أمامها يستأذنها فى الدخول للإحتماء بمنزلها لانه يريد الحديث معها قليلا ......
تعجبت حنان من جرأته فى الطلب فهى تقيم بمفردها وهو رجل غريب لاتعرفه كيف تسمح له بالترجل داخل منزلها ...وقبل أن تهم برفض طلبه ....
اذا برياح قوية تسقط بعضاً من الأسقف الخشبية التى تغطى جزءا من حديقة منزلها ......
فإذا بحنان تجد نفسها تجتذب الرجل بسرعة من معطفه لتدخله منزلها وتغلق الباب مسرعة دون أن تفكر خوفاً أن يصيبهُ مكروه من قوة سقوط الأسقف والتى أحدثت صوتا مُدوياً اثر ارتطامها بالأرض........
وما أن دخل إلى منزلها حتى اخذ ينظر فى أرجاء المنزل والذى بدا عليه البرودة رغم دفء الجو بسبب المدفأة..
كان المنزل يبدو عليه الزمن ..اثاثه قديم إلا إنه عتيق ...
لمح الرجل طاولة طعام حولها كراسي خشبيه فاستأذن فى الجلوس ....
كانت حنان مازالت لم تستوعب ماقامت به من جذب الغريب لداخل منزلها ...وانتبهت لصوت استئذانه فى الجلوس..فلم تجد أمامها إلا أن تومئ برأسها بالموافقة وتشير بيديها له أن يتفضل بالجلوس...
تحرك الرجل وجذب كرسى ليجلس عليه وخلع قبعته ووضعها ع الطاولة....
لاحظت حنان أن الرجل يعرج ع رجله اليسرى وهو يتجه للجلوس...
نظرت له حنان وسألته...
(((تحب تشرب حاجة دافية...؟؟؟!!!)))
اجابها الغريب ...
(((أكون شاكر فضلك ياهانم...)))
تعجبت حنان من رده ودخلت إلى المطبخ وهى لاتدرى كيف ستتركه بمفرده بالردهة وتدخل بمفردها المطبخ لإعداد مشروب دافئ ..لكنها اضطرت للدخول لإعداد اى مشروب دافئ ودقات قلبها مازالت متسارعة وخصوصاً ان مثل هذه العاصفة كانت تحمل بين طياتها ذكرى مؤلمة لها ......أسرعت حنان لتسخين كوبين من الحساء
الذى كانت اعددته سابقا لنفسها فى الغداء....
وعندما عادت إلى الردهة لم تجد الغريب فى مكانه ..فشعرت بالخوف خاصة أن الضوء كان خافتاً...فوضعت الحساء ع الطاولة مسرعةً ..والتفتت لتجده يقف خلفها ينظر لصورة معلقة ع الحائط....فما ان انتبه لمجيئها حتى عاد يجلس مكانه ويشكرها....
جذبت حنان الكرسى المقابل وجلست أمامه لاتدرى ماذا تقول.....فأجابته
(((لاشكر ع واجب......)))
نظر الرجل إلى حنان بتأمل وهى تحاول أن تشيح بوجهها عن نظره خجلا......
كانت حنان بيضاء البشرة ضيقة العينين وكثيفة الحاجبين ملامحها تبدو جادة لحد كبير ووجهها لايبتسم إلا قليلا ....متوسطة القامة ...متناسقة الجسم .
ابتسم الرجل وبدأ حديثه قائلا ...
((( انا بعتذر لحضرتك ياهانم ع مجيئى فى الوقت ده ...بس لو عرفتى السبب ممكن تلتمسي لى عذر....)))
كانت حنان تستمع اليه ومازال القلق يملئ قلبها مع أصوات العاصفة خارج المنزل والتى كانت فى تزايد مستمر ......
((((طيب ياريت حضرتك تقولى ع السبب لانى بجد مش فاهمة ازاى حد يخبط ع حد ميعرفوش فى الوقت ده وفى الظروف دى.....؟؟!!)))
اجابها الغريب والابتسامة تعلو وجهه....
((ومين قالك انى معرفكيش ياهانم ....!!!)))
ثم مد يده فى جيب معطفه واخرج لها ورقة صغيرة قديمة تكاد تكون مهترءة واعطاها لها ....
فما إن أمسكت بالورقة وفتحتها وقرأت مابها ...
حتى اتسعت عينيها ونظرت إلى الغريب فى ذهول وحيرة.................