رواية في المصيدة الفصل الاول1بقلم شيماء


رواية في المصيدة الفصل الاول1بقلم شيماء


الفصل الأول: اسمي معجزة

في لحظات في الحياة بتمرّ عادي...
ولحظات تفضل تتمنى تعيشها تاني، لحظة بلحظة.

أنا عُدي.
أيوه، اسمي يمكن غريب شوية، بس أنا كمان مش أي حد.
أنا بنت في التاسعة والعشرين من العمر. بحب الحياة، وبحب أضحك، وأعمل صداقات في كل مكان.
خريجة سياحة وفنادق، وبشتغل في فندق معروف، ومالي دايمًا بصمتي الخاصة في أي مكان أدخله.

لكن... المشكلة؟
إن جدي، في لحظة فلسفية جدًا، قرر يسميني "عُدي"… على اسم نِيّته في الصبر والانتصار.
والنتيجة؟ كل اللي يقابلني بيفكّرني ولد... ودي بداية حكايات كتير جدًا.

اليوم ده كان مميز.
الفندق ممتليء عن آخره، ضيوف من كل الجنسيات، صوت خطوات وابتسامات وترحيب. وأنا، كالعادة، كنت في أحسن حالاتي.
ابتسامة مرسومة، لباقة، وردود سريعة. كنت بحس إني في مكاني الصح... على مسرح كبير، وأنا البطلة!

رنّ تليفوني فجأة.
رديت بسرعة، بنغمة متحمسة:

– "ألو؟ أيوه يا طَنط ابتسام!"
– "قابلني إمتى ابن الحلال؟"

ضحكت وأنا ببص حواليّا…
لأني ماكنتش أعرف إن السؤال البسيط ده... هيبدأ يوم مش شبه أي يوم،
ولا حتى شبه أي "ابن حلال"
رديت بسرعة وأنا بحاول أخفّي توتري بصوتي:

– "أيوه يا طنط ابتسام، طيب اسمه إيه؟ ولا شكله إيه؟"

ضحكت ضحكتها اللي دايمًا فيها ألف سر، وقالت:

– "لأ ده مفاجأة... اسمه؟ مفاجأة. شغله؟ مفاجأة. كل حاجة فيه مفاجأة!"

رفعت حاجبيّ وأنا ببص في المراية قدامي:

– "يعني ممكن ألبس وأجهز، وأطلع ألاقي نفسي قابلت كائن فضائي؟"

ردت ضاحكة:

– "لا يا حبيبتي، ابن ناس ومحترم أوي... وبعدين هو اللي هييجي يشوفك في الفندق، اعتبريها زيارة مهنية!"

قلبت عيني وأنا أرد:

– "آه طبعًا، مهنية جدًا... يعني جوازة صالونات بنكهة خمس نجوم!"

وأنهت المكالمة بعد كام توصية من النوع التقليدي: "خليكي مؤدبة – ابتسمي – متتكلميش كتير – ما تعمليش نفسك جدعة".

تنهدت وأنا بحط التليفون في جيبي، ولساني بيتمتم:

– "يعني حتى اسمه مش عايزين يقولوه... شكله إيه ده؟ مفاجأة؟ ربنا يستر بقى."

ماكنتش أعرف إن فعلاً... ربنا كان بيخبّيلي حاجة،
مش بس مفاجأة.

كان بيخبّيلي مصيدة😂😂
شعرت بحماسة غريبة بتجري في جسمي...
مش عارفة هو القلق؟ الفضول؟ ولا مجرد فكرة إن في حد جاي مخصوص عشاني؟ض
بس أكيد مش عادي.

وفجأة، افتكرت صوت "لبنى" صاحبتي، وهي واقفة قدامي من يومين، وعاملة نفسها مرشدة اجتماعية:

– "عدي، بصّي بقى... السبع وصايا!"

رفعت حاجبي باستغراب:

– "سبع إيه يا ماما؟ إحنا في المدرسة؟"

ردّت وهي بتعدّ على صوابعها:

– "واحد: خليكي مؤدبة.
اتنين: متهزريش مع أي حد.
تلاتة: متبانش إنك جدعة زيادة عن اللزوم.
أربعة: متضحكيش ضحكتك اللي بتقلب المكان.
خمسة: اتكلمي بهدوء، بنعومة كده.
ستة: بصّي في الأرض!
سبعة: ومتقلبّيش القعدة لتحقيق جنائي."

ضحكت ساعتها وقلت لها:

– "لبنى، دي جوازة ولا جلسة استجواب في النيابة؟"

لكن دلوقتي، وأنا واقفة قدام المراية، بظبّط طرحة شعري، حسيت إني فعلًا داخلة على جلسة...
مش بس استجواب،
ده ممكن يكون حُكم مؤبد.

بس برضه، كنت متحمسة.
فيه حاجة جوايا بتقول إن اليوم ده مش هيعدي عادي،
وإن اللي جاي... مليان مفاجآت.

دخل شخص طويل القامة، عريض الكتفين، بخطوات واثقة كأنه داخل يفتّش المكان مش يطلب قهوة.
كان لابس بدلة شيك بس بسيطة، مفيهاش بهرجة، ومع ذلك كل العيون اتشدت ليه أول ما دخل اللوبي.

عيناي وقعت عليه لا إراديًا...
كان فيه شيء مميز في حضوره. مش وسامته – رغم إنه وسيم –
لكن... طريقته، نظرته، هدوءه اللي فيه نوع من الهيمنة.

جريت بعيني على شكله بسرعة:
بشرته القمحية، دقنه الخفيفة، ونظرة عين... سريعة، حادة، كأنها بتقيّم كل تفصيلة.

قرب من مكتب الاستقبال، وقبل ما يوصل عندي، سمعت واحد من الزملاء بيتمتم:

– "أهو جه الضابط!"

ضابط؟
لحظة واحدة... ضابط؟
يعني ده ابن الحلال اللي طنط ابتسام بتقول عليه؟
ماقالتش إنه ضابط!
يعني مش بس مفاجأة... دي مصيدة!

قبل ما ألحق أقول أي حاجة، وقف قدامي مباشرة، وبصلي بتركيز غريب، ثم فجأة سألني:

– "إنتَ اســ... إنتِ عُدي؟"

لحظة صمت.
هو فعلاً قال "إنتَ"؟

رفعت حاجبي، وبصيت له بتحدي:

– "أيوه، أنا عُدي. ليه؟ كنت فاكرني ولد؟"

ضحك... ضحك جامد، لدرجة إنه مسك جنبه من الضحك، وقال بصوت واضح:

– "والله... والله افتكرتك ولد!
يعني لما أدور على عروسة... يطلع اسمها عُدي؟ دي نكتة تقيلة أوي والله."

وهو بيضحك، حسيت كأنه سكب على وجهي مية ساقعة...
مش عشان اسمي، لأ،
عشان سخريته.
قدام الناس... قدام الزملاء... قدامي أنا.

بس ساعتها، عرفت حاجة واحدة:
النهارده مش هيعدي بهدوء.
وأنا... مش هسكتله.


                 الفصل الثاني من هنا

تعليقات