رواية نسمة متمردة الفصل الثالث والعشرون23بقلم امل مصطفي
صرخت نَسمة برعب:
– حاسب يا مروان!
توقف مروان فجأة عندما وجد سيارة كبيرة تقف أمامه، وينزل منها أربعة رجال ملثمين.
تحدث بلهفة:
– متخافيش يا حبيبتي.
نظر أحمد خلفه، فوجد سيارة فريد تقف، وخلفها سيارة أخرى.
قال مروان وأحمد في نفس الوقت:
– ممنوع واحدة منكم تنزل من العربية، مهما حصل، حتى لو مُتنا قدامكم!
نزل مروان وأحمد بدون ذرة خوف، وكذلك سيف وأيهم، وفريد الذي سحب سلاحه مثل أيهم، وأعطوا ظهورهم لبعض.
تحدث مروان بقوة:
– أنتم مين؟ وعايزين إيه؟
رد أحدهم:
– إحنا جايين ناخد البنت دي، وهو يشاور على نَسمة، وماشيين من غير مشاكل.
اشتعل الغضب بقلب الجميع، بينما صرخ مروان بصوت بثّ بهم الرعب:
– بنت مين اللي تاخدها؟! أنا هاخد روحك إنت ورجالتك!
الوقت لم يعطه فرصة للتحدث، فسحب سلاحه وضربه بالنار، فكانت نقطة الانطلاق، واشتبك الجميع.
********
جذب أحمد أقربهم إليه وضربه بقوة وعنف، وهجم الآخر على مروان الذي صد هجومه بكل الغضب والغيرة داخله.
وأيهم ضرب أقربهم له بقوة، فوقع سلاحه، فألتقطه إيهم وضرب به النار، واستمرت المعركة.
التفت أحمد، فوجد أحدهم يوجه سلاحه لفريد، فأبعده أحمد، ولكن الرصاصة انطلقت واستقرت في ذراع أحمد، فتحول قميصه من الأبيض إلى اللون الأحمر من الدماء.
فتحت نسمه الباب وركضت في اتجاه أخيها، وفجأة توقف كل شيء من صرختها المتألّمة.
نظر لها الجميع برعب، ووجدوا نسمه أمام آحد الملثمين الذي هجم عليها لتتفادي هجومه و تلكمه وقبل أن تتحرك جذبها من حجابها و صفعها .
ما عدا أيهم، كان الأقرب لها و الأسرع، عندما اقترب من ذلك المجرم الذي تجرأ و صفعها، قام أيهم بكسر عنقه بسرعة دون أن يرمش له جفن.
ركضت نسمه على أخيها برعب ولهفة، وقالت: "أنت كويس؟ الرصاصة فين؟"
********
تحدث مروان بغضب وهو يصرخ في وجهها:
«مش قولت لو موتنا ما تفتحيش الباب؟»
أحمد، وهو يضم أخته:
«أنا كويس يا حبيبتي، متخافيش.»
نظر لمروان وقال:
«حصل خير يا مروان.»
اتجه فريد إلى أخته المرعوبة داخل السيارة، ودموعها تسيل بقوة:
«متخافيش يا شهد، تعالي.»
ردت بجزع وامتقع وجهها من الرعب:
«لم تستطع الحركة... أحمد مات، مش كده؟»
عرف فريد مدى عشقها له، وقال لها:
«لا يا قلبي، هو بخير. فداني، والرصاصة جات في كتفه.»
نظرت له بتیه، وكأنها تسأل:
«يعني أحمد مات ولا كويس؟ رد عليا.»
أحمد، وهو يجلس أمامها على إحدى ركبتيه:
«أنا بخير يا حبيبتي، بصي ليا.»
شهد، وهي تتأمل جسده بعينيها لترى مدى إصابته،
ابتسم أحمد بألم:
«أنا كويس قدامك أهو، متخافيش.»
******
عند نادر
توقفت السيارة أمام باب الشاليه، ونزل السائق.
قام بإخراج حقيبة كبيرة من السيارة وتوجه بها إلى باب الشاليه.
قال نادر:
«شكرًا، تعبناك معنا.»
رد السائق باحترام:
«العفو.»
كان نادر يفتح الباب وهو يحدث مار قائلاً:
«أنتِ كنتِ عارفة؟»
ردت لمار بعدم فهم:
«عارفة إيه؟»
استفسر نادر:
«مش أنتِ اللي مجهزة الشنطة دي؟»
قالت مار:
«لا، مش عارفة مين جابها. أنا وماما جايبين حاجات بسيطة.»
كان الباب مزينًا بالورود، وفي الوسط لوحة كتب عليها: "زواج سعيد".
ابتسم نادر، وعلم أن هذا من تخطيط صديقه وأخيه، الذي أنعم الله عليه به على كبر.
فتح الباب، وجد بالونات على شكل طريق، بينها سهم يتجه إلى غرفتهم.
احتضن يدها بيده، وهي مصدومة من نظافة وجمال المكان.
فتح باب الغرفة، وكانت...
**********
وقف أحمد وابتسم لشهد، فقامَت وارتمت في حضنه.
كان أحمد مصدومًا، وأبعد يده عنها قائلاً:
«شهد، ما ينفعش كده، أنا ما حلّلكش يا مجنونة.»
رجع أحمد خطوةً إلى الخلف.
شعرت شهد بالخجل من فعلتها، وقالت:
«أنا آسفة، ما كنتش أقصد.»
نظر له فريد باحترام، لأنه يعلم مدى حبه لأخته، ورغم ذلك لم يستغل اقترابها منه.
قال أحمد بألم:
«حصل خير.»
قال مروان:
«يلا يا جماعة، نروح المستشفى.»
ركب الجميع السيارة، وفي المستشفى قال الطبيب:
«الحمد لله يا جماعة، الرصاصة خرجت، ونظّفنا الجرح وما فيش حاجة تخوف.
ده مسكن شديد، لأن الجرح هيألمك كام يوم، واحتمال تسخن.»
تحدثت نسمه بإصرار:
«أنت هترجع معانا عشان أخد بالي منك.»
ضمها أحمد وهو يرى الخوف في عينيها وقال:
«الموضوع مش يستاهل خوفك ده.»
هتفت بترجِّي:
«عشان خاطري، أنا مش هكون مرتاحة وأنت بعيد.»
قالت مروان :
«خلاص يا أحمد، أنا كده مش هعرف أنام من قلق أختك، أرحمني يا أخي.»
أحمد مستسلم :
«خلاص يا نسمه، هاجي معاكم.»
*********
دخل نادر الغرفة، وجد طاولة عليها شموع وعشاء رومانسي.
قالت لمار بانبهار:
«المكان تحفة يا نادر، أنا ما كنتش أتخيل أشوف مكان زي ده في الواقع. دايمًا بشوفه في التلفزيون وما كنتش بصدق إنه حقيقة.»
شعر نادر بالسعادة لسعادتها، وقال:
«وأنا ما كنتش أتخيل ليلة فرحنا تكون بالجمال والرومانسية دي. ربنا يسعدك يا صاحبي.»
اقترب منها واحتضنها:
«ربنا يقدرني وأسعدك يا عمري، وأعيشك كل اللي كنتي بتحلمي بيه.»
ثم قام بتقبيلها برقة ونعومة أذابتها، وبعد فترة تركها، فلم تستطع رفع عينيها من الخجل.
قال نادر بمرح:
«تعالي نغير ونصلي، عشان عايز أقولك كلام كتير في بقك.»
رفعت عينيها بدهشة، فقال لها مازحًا:
«بتبصي كده ليه؟ قصدي ودانك أنتي سمعك تقيل ولا إيه؟ يلا يلا قدامي.»
ضحكت لمار، وتوجها لفتح الشنطة، وجدوا بداخلها ورقة كبيرة عليها وجه يغمز ومكتوب:
"الليلة ليلتك يا معلم، يارب تشرفنا."
وبها الكثير من الملابس لهم، وجدت لمار إسدالًا، ووجد نادر ملابس بيتية والكثير من قمصان النوم.
سألها نادر:
«مش أنتِ الجايبة الهدوم دي؟»
تمتمت لمار بدهشة:
«لا، أول مرة أشوفها.»
شعر نادر بغيرة شديدة وغيظ، وقال في نفسه:
«ليلِتك سوداء يا أحمد.» ثم قام بالاتصال عليه.
كان أحمد يستعد للنوم بعد أخذ العلاج، عندما ارتفع رنين هاتفه، فابتسم وهو يتحدث:
«عريس الغفلة بيكلمني.»
«الوقت بدل ما يشوف شغله، إيه محتاج حباية زرقاء!»
تخطى نادر المرح، وهتف بغيظ:
«أنت اللي جايب الهدوم دي؟»
رد أحمد ببراءة:
«أه.»
هتف نادر بغضب:
«وأنت إزاي يا بشهندس يا محترم تشتري لمراتي قمصان نوم؟»
رد أحمد ببرود:
«هو فيه واحد يتجوز من غير الحاجات دي؟»
قال نادر:
«أحمـاااد!
أحمد بجدية ::
في إيه يا بني؟ والله أنا ما شوفت أي حاجة من اللي في الشنطة دي.»
أضاف أحمد:
«نسمه وشهد هن نزلوا اشتروا، وأنا جبت هدومك والورقة، وهم حطوها مع حاجتها، بس ده اللي حصل.»
قال نادر بحرج من طريقته:
«آسف يا صاحبي، أنا اتضايقت لما حسيت إنك شوفت الحاجات دي.»
*********
دخلت نسمه غرفة أخيها في الصباح، ووجدت حرارته مرتفعة.
جلست بجواره تعمل له كمادات وحقنة خافضة للحرارة.
دخل مروان، فوجدها جالسة، وقال:
«إيه يا نسمه؟»
ردت:
«كانت حرارته عالية، بس الحمد لله أعطيته علاجه والحرارة نزلت الصبح.»
مروان، وهو يقبلها:
«طيب، أنا رايح الشركة وهكلمك أطمن عليه.»
قالت له نسمه:
«ماشي يا حبيبي، تروح وترجع بالسلامة.»
*********
تحدث مروان بغضب وصوت مرتفع:
« لأزم أعرف من بعتهم.»
رد إبراهيم باحترام:
تمام يا باشا.»
قال مروان:
«تمام دقائق وأكون .»
دخل سيف وسأل مروان:
«ما لك يا مروان؟ رايح فين ؟»
جمع مروان أشيائه وقال:
«لازم أعرف مين دول ، ومين تجرأ وبص لمرأتي وعايز يخطفها .»
رد سيف:
«أنا جاي معاك.»
قال مروان:
«لا، خليك ،أنا مش هتأخر.»
وصل مروان وقابل رجال إبراهيم، فقالوا:
«عملنا معاهم كل حاجه وبرده مش عارفين مين بعتهم .»
شعر مروان بالغضب، وجذب اقربهم انهال عليه بالكمات يخرج فيه غضبه وغيرته التي تشتعل عندما يتخيل ماذا يحدث لها لو تمكنوا من خطفها .
قال مروان:
«لو متكلمتش عقابك عندي هيكون اصعب من الموت .»
رد الرجل بخوف:
والله يا باشا احنا بنتواصل مع العميل عن طريق النت بناخد الصور ونحدد مكان يتحط فيه الفلوس
ونحدد ميعاد نكلمهم فيه لو العمليه تمت ولو متصلناش يبقي فشلت والعميل بيتلف كل طرق التواصل علشان ميتمش كشفه
وقف مروان في حالة هياج لعدم وصوله للمجرم الحقيقي ومعني ذلك أن حياتها مازلت في خطر
-********
في اليوم التالي، قالت نسمه بقلق:
«أنا همشي، إزاي يا مروان؟»
رد مروان بحنان:
«معلش يا حبيبتي، أنا مش هكون مطمئن غير كده. فلو سمحتي، ريحيني.»
قالت نسمه:
«يا حبيبي، كله نصيب. لو ربنا أراد خطفي، دول مش هيمنعوا.»
ضمها بقوة وقال:
«أنا مش ممكن أسمح لحد يآذيكي. ممكن أسيب شغلي وأوصلك كل مكان أنتي عايزاه.»
رفعت نسمه يدها لتلمس وجهه، وهي ترى قلقه وخوفه عليها، وقالت:
«خلاص، عشان خاطرك أنا موافقة، رغم إنها حاجة تخنق.»
قبل يدها التي تحركت على وجهه بنعومة، مما أثاره.
قال مروان:
«لو ماكنش ورايا اجتماع مهم، كنت قطعتك دلوقتي يا سوسو، بس بقيلك عمر.»
ضحكت نسمه وقد فهمت قصده، واقتربت منه أكثر.
قبلته بجانب شفتيه وغمزت بطريقة مثيرة، وقبل أن تتحرك وتبتعد، جذبها إلى صدره بقوة.
قال لها:
«أنتي اللي بدأتي.»
قام بإلتهامها بلهفة وسعادة.
حاولت نسمه إبعاده وقالت:
«مروان، أنت عندك ميتنج مهم، خليك لما ترجع.»
تمادى مروان في تقبيلها ويده تتحرك على جسدها بإغراء ومتعة، وقال:
«كنتي لازم تقولي لنفسك كده قبل ما تثيريني.»
هتفت نسمه من بين ضحكها:
«والله ما قصدت، أنا كنت بدلع عليك بس.»
رفعها مروان بين يديه وقال:
« دلعك ، ده اللي بيجنني يا قلبي.»
*********
مرت الأيام، وتحسن أحمد، ونادر غارق في العسل، وأيهم يتخبط في مشاعره، وشهد تنتظر يوم ارتباطها بفارغ الصبر.
كانت نسمه تتحدث عبر الهاتف:
«لا يا بابا، حضرتك هتركب الفجر، توصل على الظهر، ترتاح ساعة وبعد كده نتغدى ونروح من عندي، وإلا مروان هيزعل. خلاص يا حبيبي، هستناكم، سلام.»
تابعت مكالمتها بابتسامة، وبعد الانتهاء هتف مروان :
«حبيبي، أنت يا مسيطر.»
وقفت تمثل الغرور، وقالت:
«طبعا أنت بتشك في إمكانياتي.»
رد مروان:
«لا طبعا يا قلبي، أنا أكتر واحد واثق في إمكانياتك. أنتِ سر باتع و تأثيرك باين على الكل.»
رفعت إحدى حاجبيها، وردت بسخرية:
«حاسس بسخرية في كلامك.»
قال مروان:
«لا، وحياة الغاليين، وأنا أكبر مثال، أنتِ أسرتيني.»
سألت نسمه:
«ليه دايمًا تقول كده؟»
اقترب منها و أحتضنها قائلاً:
«لأنها الحقيقة. أنتِ ملكتيني، جسدًا وروحًا وعقلًا، بكون مسلوب الإرادة قدامك. مروان رجل الأعمال االقوية اللي الكل بيخاف منه و بيعمله حساب، معاكِ بيكون واحد تاني، أنا معرفوش. غريب عليا بس بحب ضعفه معاك.»
*********
استعد الجميع للذهاب إلى فيلا حمزة، عم مروان.
كان أحمد يشعر و كأن قلبه يخرج من شدة سعادته. ارتدى بدلة رمادية أظهرت وسامته بشدة، وحمل بين يديه بوكيه ورد وعلبة شيكولاتة فاخرة.
رافقه والده ووالدته، ومروان، و نسمه، وسهير، ووجدي.
كان في استقبالهم حمزة، وفريد، ووالدة شهد، حياة.
رغم رفض حياة لهذا الارتباط غير المتكافئ من وجه نظرها، إلا أنها أعجبت بوسامته الشديدة وطريقة لبسه التي تدل على ذوق رفيع.
جلس الجميع في الصالون، وأتت شهد مع إحدى الخادمات لتقديم واجب الضيافة، وهي لا ترفع عينيها من الخجل.
كانت هيام أول من تحدثت، وقامت باحتضان شهد:
«ما شاء الله يا حبيبي، ذوقك حلو أوي.»
جلست شهد بجوار نسمه، و مسكت يدها تخفف من توترها.
قال خالد مخاطبًا حمزة:
«إحنا جايين النهارده ويشرفنا نطلب إيدي كريمتكم شهد لإبني أحمد.»
رد حمزة:
«الشرف لينا، ابنك ما شاء الله راجل يشرف أي بيت، وأنا أعطيه بنتي وأنا مغمض.»
وقال فريد:
«ويشرفنا أنه يكون واحد من علينا.»
قال أحمد:
«الشرف لي أنا، وشهد هتكون جوا قلبي وعيوني.»
نظرت حياة إلى حمزة بضيق، فهي قد بدأت لعبتها.
تحدث أحمد بأدب:
«كل طلباتكم أوامر، شهد عندي جوهرة غالية، ومافيش حاجة تغلي عليها.»
قالت حياة:
«مبدئيًا كده، أنا عايزة خاتم سوليتير زي بنت خالتها، وطقم ألماس.»
شعرت والدة أحمد ووالده بالضيق من طريقة حياة، لكنه ترك الرد لإبنه.
قال أحمد:
«بصي حضرتك، أنا لو بإيدي هجبلها كل حاجة نفسها فيها، بس أنا ماليش دعوة ببنت خالتها ولا بنت عمها. هي هتعيش على قد ظروفي. مش معناه إني مش هجيب شبكة، لأ، هجيب و هجيب حاجة كويسة كمان، بس برضه على قد إمكانياتي.»
ردت حياة:
«طيب، و القاعه أنا هعملها في ***، وعشان ما تقولش إمكانياتي إحنا هنشاركك فيها.»
رد أحمد بغضب:
«لا حضرتك، أنا راجل و ماسمحش لأهل مراتي يصرفوا عليا جنيه. أنا مش معدم، الحمدلله ظروفي كويسة ومش محتاج مساعدة من حد.»
كان هذا الكلام أمام ضيق الجميع.
حياة، محاوِلة استفزازه لتنهي هذا الارتباط، لكنه فهم ذلك ولم يعطها تلك الفرصة.
طيب والفيلا عايزها قريبه من هنا
قال أحمد بهدوء وزفر:
«أولًا، أنا مش هجيب فيلا. ثانيًا، أنا عندي شقتي في بيت والدي. أنا كبير العيلة، ومش هتجوز بعيد عن أهلي، و وجودي هنا مؤقت.»
نظر الجميع إليه بفخر، و خصوصًا حمزة، فقد لمس فيه قوة الشخصية والرجولة، وأنه لم يرضخ لزوجته المتعصبة.
قالت حياة:
«يعني إيه؟»
رد أحمد:
«أنا موجود هنا لحد ما أعمل اسمي، وبعد كده هرجع أعيش في بلدي و أفتح مكتبي الخاص.»
