رواية احببتك حتي انطفائي
الفصل الثاني2
بقلم ماسه الحريري
وقفت لمى في مكانها، تتأمل آدم الذي كان يقف أمامها، وجهه شاحب وعيناه تعكسان الارتباك والحزن. كانت تلك اللحظة مثقلة بالصمت، وكأن الزمن قد توقف حولهما. قلبها كان ينبض بسرعة، لكنها شعرت بقلق عميق في داخله، كما لو أن هناك شيئًا ما مفقودًا في هذه اللحظة، شيء كبير كان يهدد كل شيء.
"ماذا تريد أن تقول لي، آدم؟" قالتها بصوت هادئ، لكنها كانت تدرك أن الحديث لن يكون سهلاً. كانت تلك اللحظة التي كانا قد طال انتظارهما لها، لكن كان هناك شيء غريب في الهواء، شعور غامض يعكر صفو القلب.
آدم تنهد بعمق، ثم ابتعد عنها خطوة صغيرة. كانت يده ترتجف قليلاً، كما لو أنه يتردد في كشف شيء يعلمه أنه سيغير كل شيء بينهما. "لمى، هناك أمور كثيرة أخفيتها عنك." بدأ كلامه، وكانت نبرته تحمل شعورًا من الندم العميق. "لكنني الآن لا أستطيع أن أستمر في الكذب."
لمى نظرته، كأنها تحاول أن تقرأ ما وراء تلك الكلمات. "ما الذي تخفيه؟" همست، صوتها يخرج ببطء، وكأن كل كلمة ثقيلة. كان قلبها ينبض بشكل أسرع مع كل لحظة تمر.
أخذ آدم نفسًا عميقًا، ثم أخبرها بحقيقة كانت تخفيها عن الجميع، وربما حتى عن نفسه. "كنت جزءًا من شبكة معقدة. لقد كنت... جزءًا من مافيا فنية كبيرة." أضاف كلماته بحذر، وهو يحدق في عينيها، وكأن تلك الحقيقة ستهدم كل شيء بينهما. "لم أكن أريدك أن تعرفي هذا... لكنني تورطت، ولم أستطع الهروب."
شعرت لمى وكأن الأرض تبتعد تحت قدميها. كانت تفكر في كل شيء، في كل لحظة قضياها معًا، وكانت تدرك أن كل شيء كان مختلفًا عن ما كانت تظنه. "كيف؟ لماذا لم تخبرني؟" كانت كلماتها تخرج بصعوبة، كما لو أنها كانت تحاول أن تلتقط خيوط الحقيقة المتناثرة في قلبها.
آدم ابتلع ريقه بصعوبة، وأخذ خطوة نحوها، محاولًا أن يكون أقرب إليها. "لقد كنت أخشى أن تدمرني. كنت أخشى أن تخسرين ثقتك بي. لكن الحقيقة هي أنني لا أستطيع أن أعيش في هذا الكذب بعد الآن."
لمى شعرت بغصة في قلبها، وعينيها بدأت تمتلئ بالدموع. كانت تحاول أن تسيطر على مشاعرها، لكنها كانت تحترق من الداخل. "أنت كنت تخبرني عن الحب... عن الفن... وعن نفسك، وفي الحقيقة، كنت جزءًا من شيء مظلم؟" قالتها بصوت ضعيف، ولم تستطع منع نفسها من البكاء.
آدم اقترب منها أكثر، وبدا وكأن قلبه يعتصره الألم. "لم أكن أريد لكِ أن تعرفي... لكن الآن لا أستطيع الهروب من الحقيقة. كنت أعمل مع تلك الشبكة لفترة طويلة، وكانت لي أدوار سرية. كان الفن بالنسبة لهم غطاء، والمهمات التي كنت أقوم بها كانت أكثر قتامة من أي شيء تتخيلينه."
لمى كانت تشعر وكأن الأرض تنزلق تحت قدميها. كانت تبحث عن كلمات، لكنها كانت عاجزة عن الكلام. كل شيء في حياتها تحول الآن إلى كابوس. لقد كانت ترى في آدم شيئًا مختلفًا تمامًا عن الصورة التي رسمتها له في قلبها.
"وأنا؟ ماذا عني؟" همست، وكأن الكلمات تخرج منها بصعوبة. "هل كنت تكذب علي طوال الوقت؟"
آدم أغلق عينيه، وأخذ يدها بحذر. "لم يكن الأمر كما يبدو، لمى. أنا كنت أبحث عن نفسي في هذا الكذب. لكنك... أنتِ جعلتني أشعر بشيء آخر. كنتِ الأمل الوحيد لي أن أخرج من هذا العالم المظلم. لكنني تورطت أكثر، والآن لم أعد أستطيع الخروج."
شعرت لمى بالتمزق في قلبها. كان حبها له قد أصبح أكبر من أن تحمله. لكن الحقيقة التي اكتشفتها كانت أكثر من أن تتحملها. "أنت تقول أنك تحبني، لكنك خذلتني بكذبك هذا، آدم." كانت الكلمات تخرج بصوت منخفض، لكنها كانت تعبيرًا عن الألم الذي كان يعتصرها.
آدم شعر بحزن عميق يملأ قلبه. "أنا أسف، لمى. إذا كان بإمكاني أن أعود إلى الوراء وأعيد كل شيء، لفعلت. لكن الآن، كل ما أطلبه منك هو أن تكوني بخير. وأريدك أن تعرفي أنني لا أستطيع أن أعيش بدونك. مهما كانت الظروف، سأظل أحبك."
لمى كانت تقف هناك، تشعر بتناقض عجيب داخلها. كان قلبها يهتف بحب، لكنه كان عقلها يمتلئ بالشكوك والآلام. هل كان من الممكن أن تجد الحب في مكان مليء بالكذب؟ هل كان بإمكانها أن تغفر له؟
وبينما كانت عينيها مليئتين بالدموع، قالت بصوت خافت: "أنت... أعتقد أنني لا أستطيع أن أكون معك الآن، آدم. لا أستطيع أن أثق فيك بعد كل ما اكتشفته."
آدم تراجع خطوة إلى الوراء، وكان الألم في عينيه يكاد يطفح. "أفهمك. لكنني سأظل هنا دائمًا، مهما حدث. ولو كان الحب مجرد ذكرى بيننا، فلتكن هذه الذكرى الأجمل في حياتنا."
لمى ابتعدت عنه، وتركته هناك، في تلك الغرفة التي كانت مليئة بالذكريات، مليئة بالحلم الذي بدأ يتلاشى.
ومع ذلك، كان قلبها يعرف أنه مهما حاولت الهروب، ستظل صورة آدم محفورة في كل زاوية من حياتها. ولم تكن تعرف أن قصتهما لم تنتهِ بعد. بل كانت بداية لشيء أكبر من أن تستوعبه الآن.
