رواية نسمة متمردة الفصل الثالث3بقلم امل مصطفي


رواية نسمة متمردة
 الفصل الثالث3بقلم امل مصطفي


هتفت حنين بطفولة :
– بس أنا زعلانة منك لأنك ما جيتش تلعب معي.

قبلتها نسمه وهي تردف باعتذار:
– خلاص يا حبيبتي، هنلعب النهارده كتير ونعمل أنا وإنتي كيكة البرتقال اللي بتحبيها.

قامت هيام، حاملة واجب الضيافة.

وجدت سهير الفرصة لتعترف لنسمه وتوضح لها موقف مروان:
– ماتزعليش يا حبيبتي من مروان، هو شكاك شوية بحكم وضعه.

ردت نسمه بحزن:
– ابن حضرتك جرّحني، وكلمني بطريقة غير لائقة، وأنا عمر ما حد عمل معايا كده!

اقتربت منها سهير ووضعت يدها على وجه نسمه قائلة:
– عالم المال والأعمال كله غدر وخيانة، أبني ناجح جدًا وله أعداء كثير في السوق. بيكون حذر مع الناس اللي بتقرب مننا خوفًا علينا، وده السبب أنه تعامل معاك بعدوانية. لكن لما يعرفك هتلاقي إنسان تاني، كله حنية وحب.

قالت نسمه:
– ربنا يخليه ليكم.

رجعت هيام وهي تحمل صينية عليها آيس كريم وعصير فريش.

فرحت حنين بالآيس كريم، وأخذت نسمه الآيس كريم، وقالت:
– لحنين، دوقي عمل إيدي وقولي أنا أحسن ولا بتاع المحلات؟

أكلت حنين كأسها كله بسعادة، وقالت:
– جميل يا ناني، بعد كده مش هاكل غير بتاعك.

ضحكت نسمه وقبلتها.

تذوقت سهير الآيس كريم مستمتعة بجماله، وقالت:
– بجد يا نسمه تسلم إيدك، يظهر إن نفسك جميل في الحلو.

ردت هيام بفخر:
– طبعًا، طالعة لباباها.

رمقتها سهير بتعجب، كانت تظن أنها ستقول "مامتها".

نفت هيام:
– لا، أصل خالد متخصص حلويات، هوايته عنده من وهو شاب، وهي طلعت زيه.

وقفت نسمه بتشجيع:
– يلا يا حنين، نعمل الكيكة قبل ما البيت يتزحم علينا.

لم تستوعب حنين معنى الكلمات، فسألتها بحيرة:
– يعني إيه يتزحم؟

أوضحت نسمه:
– يعني قبل ما باقي البيت يرجع، بابا وأخواتي.

سألتها حنين ببراءة:
– أنتي عندك أخوات؟ أنا مش عندي غيري، كنت نفسي في أخوات.

ضمّتها نسمه:
– خلاص، أنا وإنتي أخوات، وهاعطيكي أخواتي كمان.

صفقت حنين بفرحة كبيرة:
– يبقى عندي أخوات كتير!

ضحكت نسمه بمرح:
– آه يا ستي، صبيان وبنات كمان، ولا تزعلي.

وقفت سهير تستعد للدخول معهم، فهي محرومة من تلك الأجواء،
– خدوني معاكم.

اوقفها صوت هيام:
– طيب، تعالي البسي عباية.

دخلوا المطبخ، وأعجبت سهير بنظافة المكان ونظامه ولونه الهادئ.

شغلت نسمه هاتفها على أغنية نانسي "يا بنات"، ووضعت حنين على كرسي بجوارها، وقامت بتحضير مقادير الكيكة بسعادة ومرح.

وضعت نسمه أصابعها في الدقيق، ثم وضعته على وجه حنين وضحكت.

أخذت حنين قبضة الدقيق في يدها ورمته على نسمه.

، وتحول المطبخ لساحة حرب من الدقيق.

رن هاتف سهير، فردت وهي تضحك على ضحك حنين:
– ألو؟

أتاه صوت ابنها القلق:
– حضرتك فين يا أمي؟ وبتضحكي كده ليه؟

هتفت من بين ضحكها:
– أنا عند نسمه في بيتها، وبضحك عليها هي وحنين. أصل خلوا المطبخ كله دقيق، وشكل هيام قربت ترميهم هما الإتنين في البحر!

رد مروان بضيق:
– عرفتي مكانها إزاي؟

قالت:
– لما أرجع نتكلم أنا ، هقضي اليوم هنا، . سلام، الوقت.
*******
جاء والد نسمه، وقال:
– السلام عليكم.

ردت نسمه:
– وعليكم السلام يا بابتي، تعال شوف طنط سهير.

دخل خالد الصالون وقال:
– أهلاً وسهلاً مدام سهير، البيت نور.

ردت سهير بسلام:
– أهلاً بحضرتك.

اقتربت حنين تسأل بفضول:
– مين ده يا نسمه؟

رفعتها نسمه بين يديها وهي تعرفها عليه:
– ده بابا يا حنين، جدو خالد.

مدت حنين يدها ببراءة:
– أزيك يا جدوا؟

قال خالد مبتسمًا:
– أزيك يا حبيبتي، نورتي حياتنا.

صفقت حنين بسعادة وهتفت:
– أنا كده عندي اثنين، جدوا .

ضحك خالد وقال:
– ده شرف لي أن يكون عندي حفيدة جميلة زيك.

سألت نسمه:
– أخواتي فين؟

رد خالد:
– على وصول، أنا هشوف هيام وأجي.

وضعت هيام ونسمه الطعام على السفرة، وأصرت سهير على مساعدتهما.

دخل أحمد ومحمد ويوسف، إخوة نسمه.

القوات التحيه علي الحضور الذي رد بنفس الإحترام والمحبه 

قامت نسمه بتعريف إخوتها:
– دي طنط سهير، وده أحمد أخويا مهندس معماري.

قال أحمد:
– أهلاً وسهلاً بحضرتك، شرفتينا.

ردت سهير بابتسامة:
– أهلاً بيك.

تابعت نسمه:
– وده محمد تانيه ثانوي، وده يوسف آخر العنقود تانيه إعدادي.

قالت سهير:
– أهلاً وسهلاً يا شباب، أنا مبسوطة جداً بيكم.

ببراءة طفولية، قالت حنين:
– أنا زعلانة منكم، محدش سلم عليا، ولا سألني على اسمي.

ضحك الجميع على براءتها.

انحنى يوسف أمامها وقال:
– إزاي يا حنون، إحنا منقدرش على زعل القمر ده، وبعدين إحنا كلنا عارفينك
أنت  هنا أشهر من الملكة ديانا.

اتسعت عيناها فرحًا وقالت:
– بجد؟ يعني أنت عارفني؟

حملها يوسف بحب وقال:
– نسمه مش وراها حاجة غيرك، وكل شوية تفرجنا على صورك، و إحنا حبيناكي من قبل ما نشوفك.

صفقت حنين بسعادة وقبلت يوسف من وجنته، وقالت:
– وأنا كمان بحبكم، لأن نسمه بتحبكم.

*****
على المائدة، سألت سهير بفضول :
–نفسك  تكون إيه يا محمد؟

أجاب محمد بثقة:
– إن شاء الله طيار.

ابتسمت بإعجاب جميل ثم وجهه نظرها  إلى يوسف وسألته:
– وأنت يا يوسف؟ 

إن شاء الله هدخل طب.

قالت سهير:
– بس طب صعبه جدا!

رد يوسف بثقه يثير الإعجاب :
– أنا عندي هدف، وده هيخليها سهلة، وكل ما أتعب هدفي يقويني.

رمقتها سهير بنظرة إعجاب، رغم صغر سنه، لكنه يتحدث بثقة و لباقة ملفته .

قالت نسمه بحنان:
– أصل يوسف عايز يكون دكتور قلب.

سألت سهير:
– كمان محدد التخصص؟ أكيد عندك سبب.

تحدث يوسف بحزن عن تلك الذكرى:
– كان ليا صديق قلبه تعبان دايمًا، يقولي نفسي ألعب زيكم يا يوسف، بس الدكتور منعني من الحركة والمجهود. 

كنت بواسيه، بس ماكنتش حاسس بمعاناته. ولما تعبه زاد، أهله ماكانش معاهم تمن العملية، فضلت أجمع أنا وزميلي فلوس نساعدهم بيها. ولما بابا عرف، جه يدفع الفلوس، كان مات قبل ما يعملها.

أكمل يوسف بحزن، وقد أدمعت عيناه:
– أخدت على نفسي عهد أن أكون دكتور قلب و أعالج الأطفال و أساعد الناس المحتاجة.

قالت سهير بتأثر:
– ياه يا يوسف، أنت جميل جدًا من جواك، وربنا هيكون معاك وتحقق حلمك. وأنا كمان هبني مستشفى كبيرة للقلب، وتكون شريك فيها، ونعمل جزء مجاني بنفس مستوى الاستثماري.

رد يوسف بحماس:
– موافق طبعا، عشان نساعد الناس.

مر يوم جميل، وجو عائلي كانت سهير مفتقداه في حياتها، لأن الشغل أخذ وقت ابنها وزوجها.

قالت سهير لنسمه:
– حبيبتي، إحنا مسافرين بكرة بدري.

ردت نسمه بحزن:
– هشوف حضرتك تاني إمتى؟

قالت سهير:
– أنا وحنين اتعودنا عليك وعلى وجودك في حياتنا، كل مدة هنيجي نشوفك ونتكلم  واتساب.

احتضنت نسمه الجميع بحب وبكت لفراقهم.
رغم أنها أيام معدودة لكن كانت لارواحهم حياة 

*******
بعد شهر، 
كانت تتحدث نسمه بمحاولة :
– يا بنتي، تعالي معانا. إحنا هنمشي الفجر، وفجر اليوم التاني نكون رجعنا.

نغم بخوف:
– لا يا أختي، أنا مش هروح مع أخوكي، ده في حتة ده عصبي ومش بيطيقني.

ضحكت نسمه :
– يا بنتي، أنتي تطولي تمشي مع المز ده؟

أحمد ده جنتل مان، والبنات بتجري وراه،

 وحضرتك  مش عايزة تروحي معاه مشوار.
بكرة تتحايلي عليا عشان تتجوزيه، وأنا مش هوافق.

ضحكت نغم عاليًا:
– لا يا أختي، خليهلك، دنا بخاف منه، وهو عامل زي جون سينا كده. فاكره الشاب اللي كان بيعاكسني؟ دخله المستشفى شهر.

نسمه بذهول:
– أنتِ يا بنت هبلة، ده كان بيتحرش مش بيعاكس.
تصديقي عندك حق، أخويا كان غلطان، كان سابه يحس براحته و ماكنش يتدخل.

 نغم بتوتر من تلك الذكري :
– لا مش قصدي، بس كان ضربه خبطتين وخلاص، مش يكسره كده.

 نسمه بصدق :
– رغم أنه صعب عليا، بس أحمد كان قاصد عشان ما يقدرش يفكر يضايق بنت بعد كده.

أفرضي بنت تانية ملقتش حد  يدافع عنها، تخيلي ممكن يحصلها إيه. ربنا يستر.

 نغم بتفهم :
– خلاص يا حبيبتي، خلي بالك من نفسك، وأنا هكلمك عشان أشوف عملتي إيه

*********
هناك في فرنسا 

تجلس سهير جوار اختها في حديقة المنزل تحدثها بحماس :
– بصي، البنت مافيهاش غلطة، جمال وأدب وأخلاق عالية وتعليم، بس مش عارفة أجيبها له إزاي.

أردفت هند بتفهم:
– بصي، ابنك مش سهل حد يفرض كلمته عليه.

هو لو ساكت، ده خوفً عليكي، وأنتي عارفة كده كويس.

بس ممكن تدخلي له من نقطة حبه وخوفه على حنين، 
إن حنين اتعلّقت بيها وعايزة تكون معاها دايمًا، وأنتي خايفة لو اتجوزت و مبقتش تسأل، حنين ممكن تتعب و يجلها اكتئاب.
أنتي عارفة حنين إيه بالنسباله.

سهير بحيرة:
– مش عارفة والله.
البنت من النوع الرومانسي، و خايفة أظلمها، هي ما تستاهلش.

– بيحب الزفتة شاهي، رغم إنه بيحاول ما يظهّرش ده قدامي .

هند بنصح:
– طيب ليه بقى تعب القلب ده؟ سيبيه ياخد اللي عايزها.

سهير بضيق:
– أنا عايزة واحدة تحافظ عليه، وتكون أم لأولاده، مش كل همها السفر والموضة، وكل يومين في بلد شكل.

هند بتعجب:
– يا حبيبتي، كلنا كده، بنسافر و بنلبس و بنروح نوادي!

سهير بنفي:
– آه، بس بنحب رجالتنا، مش فلوسهم، و بنربي ولادنا بحب، مش بنرميهم للدادات.

هند:
– خلاص، عليكي أنتي وحنين استعطافه.

*********

وقف أحمد أمام صرح ضخم، نظرت نسمه بإعجاب إلى هذا المبنى الشامخ، دليل شدة ثراء أصحابه.

– هو ده المكان يا أحمد؟

أحمد:
– آه يا حبيبتي، ادعيلي. لو اتقبلت هنا، هتكون أهم خطوة في مستقبلي المهني، و هتوفر عليّا تعب سنين.

نسمه بحب:
– ربنا يوفقك، وبعدين هما يطولوا! أنت امتياز أربع سنين، والأول على دفعتك.

– بصي، الشركات الكبيرة دي هي اللي بتحدد، مش الكلية. يعني مجتهد اترفد من عندهم، يبلّ شهادته ويشرب ميتها!

اسمهم اللي بيتحط في السي في بتاعك مهم جدًا، و بيفتحلك كل الأبواب.

نزل أحمد بوسامته و طَلّته الرجولية، أخذ يد نسمه، ودخل إلى الريسبشن، وسأل عن مكان المقابلة.

– الدور التالت.

نسمه:
– أنا هستناك هنا.

أحمد:
– خليكي معايا فوق عشان أكون مطمئن.

نسمه:
– لا يا حبيبي، مش عايزة أسببلك مشاكل و إحنا مش عارفين النظام.

أنا هكلم طنط سهير، لو موجودة، وأنت لسه قدامك بدري. هخليها تقابلني هي وحنين.

أحمد:
– أنا كده مش هبقى مطمئن.

– عيب يا بشمهندس، ده أنا تربيتك وبعرف أدافع عن نفسي... وحياة دروس الكنغ فو!
يلا، ربنا معاك، وبينا تليفونات.

بقلم أمل مصطفى

*******
هناك في مكتب مروان 

تحدث سيف بتشجيع 
 يلا يا مروان، المهندسين كلهم بره علشان الإعلان.

مروان برفض اعمل إنت الـ"إنترفيو" المرة دي 

– ليه يا مروان؟ أنت على طول اللي بتقابلهم.

–  معلش، أنا مش فاضي. ومصدع 

شوف أكفأ أربع مهندسين علشان القرية الجديدة.
– تحدث بموافقه 
 ماشي... ده شكله يوم صعب، أسيبك بقى علشان ألحق أخلص.

*********

في مقر الشركة

صعد أحمد السلم لأنه لا يحب استخدام الأسانسير. فوجئ بعدد كبير من الشباب والبنات ينتظرون أمام قاعة المقابلات.

تحدث لنفسه بدهشة:
– "جيت بدري، ألاقي كل ده موجود؟ أومال لو كنت اتأخرت!"

نظرت له بعض الفتيات بإعجاب شديد. فهو شاب بعيون خضراء وشعر يميل إلى الأصفر، يمتلك جسدًا رياضيًّا، ويرتدي قميصًا أخضر و بنطلونًا أسود، ويضع على ذراعه بليزر أسود أنيق.

لم يجد مكانًا للجلوس، لاحظ بعض الشباب يستندون على الحائط، وقف جوارهم.

– أحمد (بابتسامة): هو أنتم هنا من إمتى؟

– الشاب المجاور (مبتسمًا): من الساعة 6 الصبح.

–  ياه! الشركة بتفتح 8 والمقابلة الساعة 9، ليه جاي بدري كده؟

– الشاب: الشركات الكبيرة دي حلم كل شاب متخرج. فلازم نيجي بدري و نستنى. أنا عن نفسي مستعد أقعد أسبوع جنب بوابتهم!

ابتسم أحمد وقال:
– ربنا يوفقك.

– سأله الشاب عن أسمه و تعارفوا بهدوء 
ومد يد كلا منهم للسلام 
أنا احمد وأنا نادر 
رد الأثنين علي بعضهم في نفس الوقت تشرفنا 

******
في ريسبشن الشركه 

قامت نسمه بإجراء اتصال عبر واتساب 
 وما إن سُمِع صوت سهير حتى هتفت بسعادة:

– "إزيك يا سوسو؟ وحشتيني!"

ردت سهير بلهجة حنونة:

– سهير: "إنتي أكتر يا قلبي... عاملة إيه؟ إزي ماما وبابا؟"

– نسمه: "الحمد لله، كلنا بخير. فين حنين؟"

– سهير: "نايمة... إحنا دلوقتي في فرنسا عند أختي."

أردفت نسمه بنبرة شوق:

–  "أنا كنت في القاهرة وقلت أعدي أشوفك إنتي وحنين، وحشتني جدًا."

صمتت سهير لحظة، ثم مازحتها:

– سهير: "حنين بس؟"

ضحكت نسمه بخفة:

– نسمه: "وحضرتك طبعًا!"

ابتسمت سهير وقالت:

– سهير: "بتعملي إيه في القاهرة؟"

– : "أحمد عنده مقابلة شغل هنا."

–  "ربنا يوفقه يا رب. آسفة جدًا، كان نفسي أشوفك."

أضافت بعد تنهيدة:

– سهير: "قدّمنا ونرجع 
وأول ما نرجع هاجي لكم. وحشتيني جدًا، وحنين .. هتتجنن و تجي تزوركم، خصوصًا علشان يوسف."

ضحكت نسمه، وقالت مداعبة:

– : "تصدقي؟ هو كمان مش مبطل يسأل عليها، وكل شوية عايز يشوف صورها!"

– سهير مشاغبة  "من الوقت؟ طيب يصبروا شوية."

– "مش كده برضه؟"

ضحكتا معًا،  .
*****
عندما رن هاتف مروان بالنغمه المتخصصه لوالدته ترك ما بيده ورفعه 
 سريعًا وردّ بصوت يحمل شوقًا ظاهر :

– "ألو... إزيك يا أمي؟ وحشتيني، وحنين وحشتني أوي."

جاءه صوت سهير حزينًا، يخترق قلبه:

– "حنين مش بخير يا مروان، بقالها كام يوم رافضة الأكل، و بتعيط طول الوقت... عايزة نِسمه."

عقد حاجبيه، ثم ردّ بعصبية:

–  "وبعدين في الموضوع ده؟ مش هنخلص منه بقى!"

–  "يا حبيبي، البنت متعلقة بيها، أعمل إيه؟! و ديّناها لدكتور هنا، قال إنها حالة نفسية، ولازم نعرف سببها... البنت صغيرة، وجسمها ضعيف."

زفر مروان بقوة وقال بانفعال:

–  "طيب وبعدين يا أمي؟ أروح أجيب نسمه غصب عنها وأحبسها في الفيلا؟!"

ردّت سهير بهدوء لكنها بدت مترددة:

– "لا... بس خالتك لفتت نظري لحاجة ممكن تكون حل."

– مروان: "إيه هو؟"

ساد الصمت للحظة، ثم قالت متوترة:

–  "بس يمكن ترفض... خالتك بتقول تتجوزها."

صُدم مروان، وارتفع صوته بغضب:

–  "نعم؟! مين اللي يتجوزها؟! مستحيل طبعًا... أنا مش هتجوز غير شاهي!"

انهارت سهير بالبكاء، صوتها خرج مخنوقًا بالحزن:

–  "أنا عارفة... بس غصب عني، أنا خايفة على حفيدتي، خايفة تروح مني زي أمها. أنا مش هتحمل ده يا مروان..."

لم يتحمل مروان سماع صوت بكائها  . 
حاول تهدئتها، قلبه مثقل بالأفكار:

– "اهدي يا أمي، عشان قلبك. أنا هلاقي لها حل... بس هاتي حنين وتعالي، أنا عايز أطمن عليها."

وما إن أنهى المكالمة، حتى ألقى بالهاتف على المكتب بعنف، ثم زاح كل ما أمامه في نوبة غضب، ليعمّ الصمت الغرفة بعد العاصفة التي بدأت بداخله.

***********

بينما كانت نسمة منشغلة في الحديث عبر هاتفها المحمول، اصطدمت فجأة بأحدهم دون قصد. رفعت عينيها سريعًا وقالت باعتذار خجول:

– "آسفة... ما كنتش و اخدة بالي."

نظر إليها الشاب بدهشة وإعجاب لم يحاول إخفاءه، ثم رد بابتسامة لطيفة:

– "مافيش مشكلة... أنا اللي المفروض أعتذر، دي الأصول."

هزّت نسمة رأسها نافية، وأردفت بتواضع:

– "لا أبدًا، أنا كنت بتكلم في الفون وده غلط مني. آسفة مرة تانية... عن إذنك."

همّت بالابتعاد، لكنه استوقفها بصوته:

– "أنتِ... شغالة هنا؟"

نظرت إليه بسرعة ثم أجابت ببساطة:

– "لأ، أنا مع أخويا... عنده مقابلة عمل،."

ظل الشاب واقفًا، ينظر إليها بدهشة و انبهار، ثم تمتم بصوت خافت، كأنه يحدّث نفسه:

– "إيه ده؟! أنا قلبي كان هيقف... الجمال والرقي ده! دي أكيد مش من كوكب الأرض..."

*******

في مكتب أنيق يتوسطه مكتب ضخم وأوراق متناثرة فوقه، دخل أحمد بخطوات واثقة، ثم ألقى التحية بصوت هادئ:

– "السلام عليكم."

لم يرفع سيف عينيه عن الملف المفتوح أمامه، واكتفى بالرد دون أن ينظر إليه:

– "وعليكم السلام... أنت أحمد خالد الحسيني؟"

أجاب أحمد بثقة:

– "أيوه يا فندم، أنا هو."

رفع سيف رأسه أخيرًا ونظر إليه نظرة سريعة قبل أن يعود إلى الملف وقال:

– "طيب، تفضل اقعد... بصراحة، الـCV بتاعك حاجة مشرفة. أربع سنين امتياز، ثلاث لغات، و كورسات كمبيوتر، لكن لأزم تعرف إن الشغل عندنا محتاج مجهود وتعب أكتر من الكلية بمراحل."

أومأ أحمد بإيجابية وقال بحماس:

– "أكيد يا فندم، وإن شاء الله أكون عند حسن ظن حضرتك."

ابتسم سيف ابتسامة صغيرة وقال:

– "استنى منّا اتصال قريب، وإن شاء الله تكون من ضمن الفريق."

نهض أحمد من مكانه ومد يده مصافحًا:

– "ده شرف ليا، و شكرًا على وقت حضرتك."



تعليقات



<>