
رواية طغيان الفصل الواحد والاربعون41 بقلم ملك ابراهيم
في الصباح الباكر بداخل المشفى.
خرج الطبيب من غرفة العناية ووقف امام بدرية وتحدث اليها بأسف.
الطبيب: للأسف الحاج عمران تعيشي انتي البقاء لله.
ضربت بدرية على صدرها بصراخ.
-----
بداخل شقة سليم وورد.
رن هاتف سليم برقم والده.
استيقظ ونظر الي ساعة الهاتف واجاب على والده بقلق.
سليم: صباح الخير يا ابويا.
الحاج مرزوق: صباح الخير ياولدي.. عامل ايه سليم ومراتك عامله ايه؟
سليم بقلق: الحمدلله يا ابويا احنا كويس خير قلقتني مش من عادتك تكلمني بدري كده.
الحاج مرزوق بحزن: الحاج عمران عم مراتك.
سليم بقلق: ماله يا ابويا؟
الحاج مرزوق: وصلني خبر موته في المستشفي دلوقتي بيقولوا انه تعب امبارح ونقلوه المستشفى ومات النهارده الصبح.
انتفض سليم فوق الفراش بصدمه: لا حول ولا قوة الا بالله انا لله وانا اليه راجعون.
تذكر سليم مكالمة عمران له وتحدث بحزن: ربنا يرحمه.
الحاج مرزوق: انا قولت اعرفك عشان تيجي انت ومراتك تحضروا العزا.
سليم بتأكيد: طبعا ابويا انا هتكلم مع ورد وهنيجي البلد النهارده ان شاء الله.
اغلق سليم الهاتف ونظر امامه بحزن وتذكر مكالمة عمران وتنهد بحزن: سبحان الله وكأنك كنت حاسس يا حاج عمران وخوفت تقابل ربنا وانت واكل حق اليتيم.
خرج من عرفته ووقف امام باب غرفتها وتحدث بهدوء وهو يطرق على الباب: ورد انتي صاحيه؟
وقفت من فوق الفراش واقتربت من الباب: اه صاحيه.
سليم: طب ممكن تخرجي عايزك.
فتحت الباب ونظرت اليه بقلق: نعم؟
سليم وهو ينظر اليها بحزن: ورد احنا لازم نسافر البلد دلوقتي وقبل ما تعترضي انا هاخدك بيت عمك عمران.
شحب وجهها بصدمة واعتقدت انه سيأخذها الي منزل عمها ويطلقها ويتركها هناك.
ورد بخوف: انت خلاص قررت تطلقني وتسيبني ل عمي يجوزني غصب عني.
ثم بكت: انا اسفه لو زعلتك بس ارجوك بلاش توديني بيت عمي.
نظر اليها سليم بصدمة: ورد اهدي انا مستحيل اسيبك.
نظرت اليه بدهشة: اومال هتاخدني بيت عمي ليه؟
سليم بحزن: لان عمك عمران...
نظرت اليه فضول.
سليم بحزن: البقاء لله ياورد.. عمك عمران توفى النهارده الصبح.
حدقت به بصدمة للحظات حتى استعاب عقلها ما قاله وتحدث بذهول: عمي مات.؟
سليم بحزن: احنا لازم نروح البلد عشان العزا.
تراجعت للخلف وهي تبكي بخوف وصدمة: انا مش عايزة اروح.
اقترب منها سليم: لازم نروح ياورد.. في وصيه عمك وصاني بيها قبل ما يموت ولازم تكوني موجودة هناك عشان تستقبلي عزا عمك.
ورد برفض: انا مش عايزة اي حاجة.
سليم باصرار: لازم نروح يا ورد دي وصية متوفي.
وقفت ورد تنظر اليه وهي تبكي بحزن.
رواية طغيان بقلمي ملك إبراهيم.
في منزل عائلة صفا.
تحدث والد صفا الي زوجته: نادي على صفا عشان تيجي معانا دار حماها لازم تكون موجودة وسط الحريم تاخد العزا.
والدة صفا: بس يا حاج ازاي صفا تروح دارهم وهي غضبانه.
زوجها: قولي ل بنتك تلبس اسود وانتي معاها ولازم تكون موجودة دلوقتي في بيت حماها تاخد العزا.. هي دي الاصول وبعد العزا احنا هنشوف حل مع جوزها.
والدة صفا: اللي تشوفه يا حاج.
----
في منزل عمران البسيوني.
بعد انتهاء مراسم الدفن.
جلست بدرية وسط النساء تبكي وتنوح بصراخ على فراق زوجها.
جلست عفه في ركن بعيد بمفردها تتابع ما يحدث بشماته وترتب افكارها وخطتها الجديدة.
دلفت صفا مع والدتها وعانقتها حماتها بدرية بقوة وهي تبكي.
بدريه: عمك مات يا صفا.. عمران مات وسبنا ملناش حد من بعده.
صفا بكت بحزن وصعب عليها فراقه فهو كان مثل والدها وكان يعاملها بلطف دائما.
تابعت عفه ما يحدث بين بدرية وصفا بسخريه وهمست بخبث: عيطو اوي ولسه اللي هتشوفوه على ايدي.
-----
في المساء.
وصل سليم الي منزل عمران واخذ ورد الي داخل المنزل لتجلس مع النساء ووقف هو يستقبل العزاء بجوار منصور.
دلفت ورد الي منزل عمها وهي تبكي عندما رأت زوجة عمها ترتدي الاسود وتبكي وصفا بجوارها.
اقتربت منهما ورد وهي تبكي ووقفت صفا َعانقتها بقوة وبكت بدرية عندما رأت ورد وتحدثت اليها برجاء: عمك مات يا ورد.. عمك مات وهو واخد حقك.. سامحيه يا بنتي.. سامحيه على كل اللي عمله معاكي هو دلوقتي عند اللي خلقه ولا نافعه مال ولا بنون.
تحدثت ورد ببكاء: انا مسامحه يا مرات عمي الله يرحمه ويغفرله.
عانقتها بدرية بقوة وهي تبكي.
بعد قليل دلفت الحاجة رابحة الي منزل عمران البسيوني لتؤدي واجب العزاء.
اقتربت من بدرية وتحدثت اليها: البقاء لله يا ام منصور.
نظرت اليها ورد بخوف وارتجف جسدها عندما رأتها.
مدت الحاجة رابحة يديها ل ورد وتحدثت اليها بندم: البقاء لله يا بنتي.
استغربت ورد ووقفت تبادلها سلام اليد.
ورد: ونعم بالله.
تحدثت صفا وهي تقف من مكانها لتجلس الحاجة رابحة بجوار ورد: خلي حماتك تقعد جنبك يا ورد.
واتجهت صفا الي المطبخ لتشرف على الخدم.
جلست رابحة بجوار ورد وتحدثت اليها بحزن: عامله ايه يابنتي؟
ورد ببكاء: الحمد لله.
الحاجة رابحة وهي تنظر حولها وترى السيدات يرتدون الاسود ويتوافدون الي منزل عمران لتأدية واجب العزاء، ارتجف جسدها من الخوف رهبة من الموت وان تقابل الله وهي تحمل ذنب ورد وظلمها لها.
-----
بداخل المطبخ وقفت صفا تتحدث الي الخدم وتعطيهم تعليمات تحضير العشاء للضيوف الذين جائو يؤدون واجب العزاء من القرى المجاورة لهم.
وقفت عفه خلفها تتحدث اليها ببرود: ايه اللي رجعك هنا تاني يابنت الاكابر.؟
نظرت اليها صفا باستغراب: انتي ازاي تتكلمي معايا كده!!
عفه ببرود: اتكلم برحتي انا قاعدة في دار جوزي وابو ابني.
نظرت اليها صفا وتحدثت بهدوء: اكيد انا مش هرد عليكي.
تركتها صفا وخرجت من المطبخ. همست عفه بغيظ: ماشي يابنت الاكابر ان مجبتش مناخيرك الأرض مبقاش انا عفه.
عادت صفا وجلست بجوار والدتها وهي تزفر بغضب. تحدثت اليها والدتها بقلق: ايه اللي حصل يا صفا؟
تحدثت صفا بغضب: مفيش يا امي انا تعبت وعايزة امشي من هنا.
والدتها: ابوكي قال انك هتقعدي هنا طول ايام العزا ومش هتخرجي من هنا قبل ما يتكلم مع جوزك ويضع حل معاه.
صفا بغضب: انا مبقتش طايقه منصور خلاص وبعد العزا هطلق منه.
شهقت والدتها بصدمة: اوعي تقولي الكلام ده قدام حد يا صفا مش وقته الكلام ده يا بنتي خلينا نصبر لما ايام العزا تخلص ونشوف ابوكي هيعمل معاه ايه.
-----
بعد مرور ثلاثة أيام.
كان اخر يوم في العزاء وبعد ذهاب الجميع وانتهاء العزاء.
تحدث سليم الي منصور: منصور انا عايزك في موضوع مهم لما تهدى كده نتكلم لاني لازم ارجع القاهرة بكره انا وورد لان امتحاناتها هتبدأ ومش هينفع نقعد هنا اكتر من كده.
منصور بغضب: لو هتتكلم في ورث مراتك يا دكتور عايزك تبقى عارف انها ملهاش ورث عندي واتنازلت عن ورثها لعمها قبل مايموت.
سليم بدهشة: وانت فكرك ان مراتي محتاجة منك ورث!! انت مش عارف انا ابقى مين ولا ايه يا منصور!!
منصور بقلق من نبرة سليم الحادة: اومال عايزني في ايه يا دكتور ومراتك ملهاش حق عندنا.
سليم بغضب: مراتي هنا عشان الاصول وعزا عمها وانا كنت عايزك عشان وصية الحاج عمران الله يرحمه قبل ما يموت وكنت مستغرب من وصيته بس دلوقتي وبعد كلامك ده عرفت ان الله يرحمه كان عنده حق في اللي عمله.
منصور بدهشة: وصية ايه؟
سليم بغضب: كلم المحامي بتاع الحاج عمران وهو يقولك عليها والصبح هنتجمع كلنا نسمع الوصيه.
وقف منصور بصدمة واخذ هاتفه سريعا يتحدث الي المحامي: ايوا يا استاذ هو ابويا قبل مايموت كتب وصيه؟
المحامي: ايوا يا منصور والصبح هكون عندكم عشان افتح الوصية قدامكم ولازم الحاجة بدرية ومراتك صفا وورد بنت عمك يبقوا موجدين.
بلع منصور ريقه بصدمة: وصفا وورد بنت عمي دخلهم ايه بالوصيه؟
المحامي: بكره هتعرف لما افتح الوصيه قدامكم.. تصبح على خير.
اغلق المحامي الهاتف ونظر منصور امامه بصدمة وهمس بداخله: ياترى وصية ايه دي يا ابويا؟
عاد الي داخل المنزل وكانت والدته تجلس َوبجوارها صفا وورد تجلس بجوارها على الجانب الاخر.
نظر اليهم وتحدث: حد فيكم يعرف بحكاية الوصيه اللي ابويا كتبها قبل ما يموت؟
نظروا اليه بدهشة ونزلت عفه من على الدرج تنظر اليه بصدمة واقتربت منه.
عفه: وصية ايه يا منصور؟
نظر اليها منصور بغضب ثم نظر الي والدته: وصية ايه اللي ابويا كتبها قبل ما يموت يا امي.. ابويا مكنش بيخبي عنك حاجة؟
بدرية بدهشة: انا معرفش حاجة عن اللي انت بتقوله ده يا منصور!
تحدث إلى صفا: وانتي يا صفا؟
رمقته صفا بغضب هو وتلك التي تقف بجواره: معرفش.
تحدثت عفه بقلق: هيكون كتب فيها ايه يعني الوصيه دي!
تحدثت اليها بدرية بغضب:وانتي مالك بينا يابت انتي وقاعده في دارنا ليه لحد دلوقتي.. كانت دخلتك علينا دخلت الشوم.. خدي الواد اللي معاكي ده وغوري من هنا.
نظرت عفه الي منصور وتحدثت اليه: سامع يا منصور امك بتطردني انا وابنك من دارك.
رمقها منصور بغضب: ابني مين؟ انتي فكراني عبيط يابت انتي عشان اصدق ان الواد اللي معاكي ده يبقى ابني!! احنا كشفنا عليكي وعرفنا انك مكنتش حامل وانا كنت صابر عليكي لحد ما ابويا يتصرف معاكي بس خلاص ابويا مبقاش موجود وانتي لازم تغوري من هنا ومش عايز اشوف وشك تاني يا اما هقتلك يا عفه.
تراجعت عفه للخلف بصدمة وهي تحدق به بذهول: اانت بتقول ايه يا منصور.. الواد اللي فوق ده ابنك.
جذبها من ذراعها بقسوة: شغل الرقصات ده مش هيتعمل عليا.. انا مخلفش من واحدة زيك وهتاخدي الواد اللي معاكي ده وتغوري دلوقتي.
ثم ارتفع صوته ينادي الخفر: تعالى انت وهو خدو البت دي والواد اللي معاها وارموهم برا الدار.
ثم دفعها على الارض بشمئزاز وتركها وذهب. صرخت عفه والخفر يمسكون بها: بقى انا تعمل فيا كده يا منصور.. طب ورحمة ابوك اللي موته بقهرته لاكون معرفاك مين عفه.
تذكرت عفه عندما رأت عمران البسيوني عائد الي المنزل في المساء وركضت هي الي غرفة منصور وكانت تعلم ان عمران يقف امام الباب ويستمع الي حديثهما وحاولت بكل الطرق جعل منصور يقول كل ماتريد ان يسمعه والده.
وقفت صفا تتابع ما فعله منصور ب عفه وتأكدت انه كان على علاقة ب عفه حقا.
بكت وركضت الي غرفتها وركضت ورد خلفها.
------
صباح اليوم التالي.
تجمعوا داخل الدوار.
بدرية وصفا وورد وكان منصور وسليم ومحامي عمران.
فتح المحامي الوصية وبدأ في قرأتها امامهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
انا عمران البسيوني.. انا كتبت الوصيه دي َانا في كامل وعي والأستاذ المحامي شاهد عليها.
انا رجعت ل ورد بنت اخويا حقها في ورث ابوها وعايزك تسامحيني يا ورد.. انا ظلمتك يا بنتي وقسيت عليكي والطمع عمى عيني وفي اخر لحظة فوقت وخوفت اقابل ربنا وانا واكل حق اليتيم.
وانتي يا صفا يابنت الأصول انا ظلمتك لما جوزتك منصور ابني.. انتي تستحقي زين الرجال بنت الأصول.
وانت يا منصور يالي كسرت ضهر ابوك.. عمرك ما كنت سند ولا ضهر حتى لنفسك بس انا اللي غلطت في تربيتك وكنت عارف بكل عمايلك وساكت وفي الاخر حصدت اللي زرعته فيك.
وانتي يا بدرية كنتي ست اصيله عشتي معايا عمرك كله على الحلوة والمره.
انا كتبت ل ورد بنت اخويا حقها في ورث ابوها وكتبت ل صفا وبناتها وابنها اللي جاي ورثهم.. ايوه يا صفا انا قلبي بيقولي انك خلاص هتجيبي الواد اللي نفسنا فيه وانتي يا بدريه متخافيش انا كتبتلك حقك.
"عمران البسيوني"
وقف منصور بصدمة يهتف: طب وانا حقي فين؟
تحدث المحامي بثقة: حقك راح لعيالك وتقدر تشغل الأرض بس متقدرش تبيعها دي وصية الحاج الله يرحمه.
منصور بصدمة: يعني انا هشتغل عند عيالي!
تحدث المحامي: دي وصية الحاج الله يرحمه والست ورد هتستلم ورثها دلوقتي وهي حره فيه.
وقف منصور بغضب: الوصيه دي مش حقيقيه وابويا مستحيل يعمل كده.. دي لعبه منكم عشان تسرقوني.
تركهم منصور وخرج من المنزل بغضب.
اعطي المحامي ورد اوراق ورثها: اتفضلي ياست ورد دا حقك وانتي حره في أرضك.
نظرت ورد الي الاوراق وتحدثت ببكاء: انا مش عايزة اي حاجة.
المحامى: دا حقك والوصيه انك تستلميه.
وانتي ياست صفا دي أوراق أرض عيالك.
اخذت صفا الأوراق وذهب المحامي وتركهم وسليم ذهب خلفه.
نظرت صفا الي الاوراق وتحدثت ببكاء: بالوصية دي الحاج الله يرحمه بيجبرني اعيش عمري كله مع منصور وهو مغصوب عليا.
تحدثت اليها بدرية بحزن: دي دارك ودار عيالك يا صفا ومنصور هيرجع لعقله وهيعرف قيمتك صدقيني.
صفا بحزن: انا مكنتش عايزة منصور يعيش معايا وهو مجبور.
بدرية بحزن: متقوليش كده يابتي منصور لو لف الدنيا مش هيلاقي زيك يابنت الأصول.
وقفت ورد وهي تمسك باوراق ورثها وخرجت خلف سليم ووقفت في انتظاره وهو يتحدث الي المحامي حتى ذهب المحامي وعاد اليها سليم ينظر اليها بابتسامة حزينه قائلا: مبروك ورثك ياورد رجعلك.
نظرت اليه بحزن وهي تضم الأوراق الي صدرها. رفع يديه وامسك بذراعيها وقبل أعلى رأسها قبله عميقه وكأنه يودعها ثم ابتعد عنها وتحدث بحزن: و حريتك كمان هترجعلك..خلاص مفيش حد هيغصبك على حاجة وهتعيشي الحياة اللي نفسك فيها من غير خوف.. انتي طالق يا ورد...