رواية نسمة متمردة الفصل التاسع9 بقلم امل مصطفي


رواية نسمة متمردة الفصل التاسع9 بقلم امل مصطفي

 نزلت نسمة تبحث عن مروان، تحمل في قلبها أسئلة لا تُقال، وحنينًا خافتًا لا تعرف مصدره. وبينما كانت تسير، قابلت أحمد، الذي نظر إليها بدهشة وسأل بلطف:

– رايحة فين؟

أجابته بصوت خافت:

– هشوف مروان.

ابتسم وقال:

– تعالي أوصلك، الوقت اتأخر.

لم تجد مبررًا للرفض، فذهبت معه. وعندما وصلا إلى الشاطئ، أشار لها بيده وهو يرى مروان واقفًا هناك، وجهه  للبحر، وظهره لهما .

– واقف أهو... روحيله. أنا همشي، تعبان وعايز أنام.

تركت أحمد خلفها، ووتقدّمت بخطوات متوترة حتى توقفت خلف مروان دون أن تنبس بكلمة.

شعر بوجودها، لكنّه لم يلتفت. بقي على حاله، ناظرًا إلى الأفق، ثم قال بصوت يحمل ما بين الحزن والإعتراف:

– أنا عمري ما كنت خاين، ولا بحب الخاينين... بس أنا بجرب معاكي إحساس عمري ما عشته قبل كده. لا في المراهقة، ولا حتى مع شاهي اللي كنت فاكر نفسي بحبها.

تنهد بعمق، ثم أكمل:

– غصب عني بشتاقلك، حتى وأنا وسط دوامة الشغل و ضغطه. تفكيري مشغول بيكي، صورتك مش بتفارق خيالي.

بحس بمتعة وأنا بتكلم معاكي... وعايز الكلام ما يخلصش. حاربت المشاعر دي كتير، 
لأنّ مستغربها... إزاي طغت على حبي لشاهي؟

سكت قليلًا، و كأن الذكريات تخنقه، ثم أردف:

– ما تحملتش غيابك يوم واحد.

 رغم إن شاهي كانت بتغيب لأسابيع، كنت أتصل وأسأل، أو هي تتصل لما تحتاج حاجة.
بس إنتي... الوضع معاكي مختلف تمامًا.

 تستمع بصمت، تحترق في داخلها كلما نطق اسم "شاهي". وقفت ساكنة، تنتظر أن يأخذ الحوار منحًى يريح قلبها، أو يكسره تمامًا.

واصل مروان كلامه بصوت مرتجف، يخشى النظر إليها:

– حتى أمي وحنين، أغلى الناس على قلبي، كانوا بيسافروا عند خالتي يوحشوني جدًا... بس إنتي؟
إنتي غير.

– أنا ركبت عربيتي وجيت جري، قلبي بيطير من الفرحة لأني هشوفك.

كنت شبه المراهق، مشغل الأغاني وبغني معاها... عشانك.

ثم رفع صوته قليلًا، فيه مرارة من خذلان:

– وبعد كل ده، بتصدي شوقي ولهفتي ليكي...
قد إيه مؤلم الإحساس بالرفض من إنسان بتتمنى قربه.

ساد الصمت لحظة، ثم قال بنبرة مختنقة:

– أنا دلوقتي بس حسيت بألمك... يوم فرحنا.

– يمكن ربنا زرع حبك جوايا من غير إرادتي، علشان أعيش تجربتك، وأحس بإحساسك... 

تقدّمت نسمة ببطء، و حدّقت في ظهره، قبل أن تنطق أخيرًا بصوت حزين:

– أنا مش قصدي أرفضك، كنت بحاول أفوقك... يمكن ترجع تندم.

– إنت من فترة قريبة كنت رافض وجودي في حياتك، و كأني كابوس عايش فيه.

وفجأة تهتم بيا؟ ده ممكن يكون إعجاب... أو تعوّد... بس مش حب.

صمتت لحظة، ثم أنهت كلماتها كمن يضع حدًّا لمعركة داخلها:

– أنا مقدرش أدخل معاك علاقة وأنا خايفة.
خايفة أصحى على جرح تاني...وقلبي مش هيتحمل.
*****

نظر إليها برجاء نادر علي شخصيته  وصوته يفيض بالصدق والقلق:

– أرجوكي... أعطيني فرصة.
فرصة واحدة بس أثبتلك إن ده حب... حقيقي.

لم ترد مباشرة، بل ظلّت عيناها معلقتين بالأمواج المتلاطمة أمامها. 

وكأنها تبحث في البحر عن إجابة، عن يقين يطمئن قلبها الذي لم يشفَ بعد. قالت بعد لحظة صمت:

– أنا محتاجة فترة...أتأكد من مشاعرك 

ساعدني أسترد ثقتي في نفسي... الثقة اللي إنت دمّرتها برفضك ليا قبل كده.

اقترب منها خطوة، ونظر في عينيها بنظرة مليئة بالعشق والحنان، نظرة زلزلت كيانها، وأربكت ما ظنّت أنها حسمته.

– أنا معاكي...

لحد ما تتأكدي، ولحد ما تصدقي إني فعلًا شايفك أغلى حاجة في حياتي.

نظرت إليه بعدم تصديق، كأن أذنيها تخونانها بما تسمعه، أو كأن قلبها يتردد في تصديقه خوفًا من الضعف مرة أخرى. لكنّها اختارت الهروب من الموقف، كما اعتادت:

– طيب... مش نأكل؟ يمكن ترتاح شوية.

ابتسم، وسألها باهتمام:

– هتاكلي معايا؟

نظرت إليه، وترددت لحظة، ثم أجابت برقة:

– حاضر...

ثم سألها بخبث محبب:

– وهتنامي جنبي؟

ضحكت بخجل، وأجابت وهي ترفع حاجبيها ممازحة:

– هو كده طمّع!
بس ماشي... مش بحبك زعلان.

ضحك بدوره، ثم اقترب منها بلطف، واحتضن يدها بين يديه كأنما يتشبث بها من الخوف أن تضيع منه مرة أخرى.

عادا معًا إلى المنزل، خطواتهما متقاربة، وصمتهما يحمل آلاف المعاني.

وعندما رأتهما سهير من بعيد، لم تستطع إخفاء فرحتها. كانت تراقبهما بعين الأم، التي لطالما حلمت بأن ترى في ابنها ذاك الوميض... ومضت تهمس لنفسها:

 "نسمه بدأت تأثر فيه...
وده معناه حاجة واحدة...
إن ابني أخيرًا وقع في الحب."
*******
انتهى الجميع من تناول العشاء في أجواء دافئة، يغمرها حديث خافت وابتسامات مجاملة.

استأذن مروان وهو يقف من مكانه متثاقلًا:

– أنا هدخل أنام... تعبان شوية.

ألقى التحية بهدوء:

– تصبحوا على خير جميعًا.

لم ترد "سهير" عليه بالكلام، بل وجهت نظرة خفية إلى "نسمة"، ترافقت مع غمزة ماكرة، أربكت الأخيرة وأشعلت وجنتيها بلون الخجل الوردي.

دخلت نسمة غرفتها، وبينما كانت تحاول التقاط أنفاسها بعد هذا اليوم الطويل، دخل مروان إلى غرفته المقابلة، خلع قميصه دون اكتراث، ثم نادى عليها ممازحًا:

– أنا هاخد شاور... ما تيجي معايا؟

احمرّ وجهها بشدة، شعرت بحرارة تتصاعد في جسدها، اختلط الحرج بالغضب، فصاحت بنبرة خافتة لكنها حازمة:

– آه يا قليل الأدب! أنا هروح أنام مع ماما سهير.

انفجر مروان ضاحكًا، ثم تقدم بخطوات سريعة وجذب يدها بخفة كي يمنعها من الخروج.

– أنتي نسيتي الاتفاق؟ ولا ألبس وأرجع القاهرة حالًا؟

ترددت، ثم نظرت له بتوتر وقالت بنبرة متماسكة:

– خليك... بس من غير قلة أدب.

ابتسم بخبث ممتزج بالسعادة، وقال مستسلمًا:

– خلاص يا باشا... أنا آسف.

دخل الحمام بعد قليل، وخرج وهو يلف خصره بفوطة بيضاء كبيرة. تطلع حوله، ثم قال:

– نسيت أجيب هدوم!

رفعت نسمة بصرها نحوه دون إرادة منها...
لحظة واحدة فقط كانت كافية لتُسقط دفاعاتها.

رأته بعين جديدة، وكأنها تراه لأول مرة:
جسده المتناسق، كتفاه العريضتان، بشرته الندية بعد الماء، وتلك الثقة العابثة في ملامحه... كان في قمة وسامته.

شرودها لم يخفَ عنه. اقترب منها خطوة بخفة، وهمس بنبرة تحمل سخرية ودلال:

– ما إحنا معجبين أهو...
أومال ليه التكبر ده كله؟

استفاقت من شرودها  وابتعدت سريعًا وقد اغتاظت من نفسها أكثر منه. كيف سمحت لمشاعرها أن تظهر بهذه البساطة؟!

دخلت الحمام لتستعيد توازنها، وخرجت بعد فترة قصيرة، ترتدي "هوت شورت" قطنيًا، و توبً أسود مربوطًا من الخلف، تاركة شعرها منسدلًا بحرية. كانت في قمة الجمال، والأنوثة الطاغية.

دخلت "نسمة" الغرفة بهدوء، لتجده ممددًا على السرير بنفس هيئته.

سألته بتردد، محاولة أن تضع حدًا لتلك الحالة الغامضة:

– هو... أنت ناوي تنام كده؟

أجابها بنبرة مرهقة دون أن يفتح عينيه:

– مش بعرف ألبس الهدوم مرتين، بحسها بتخنقني.

ارتبكت قليلًا، لكنها تماسكت وردّت بخجل وهي تحاول أن تبدو طبيعية:

– ما فيش مشكلة... أنا كنت جايبة لك هدوم هنا علشان لما نيجي نزور بابا  يومين.

فتح عينيه وألقى نظرة خاطفة نحوها، وجدها منحنية أمام الخزانة تبحث عن الملابس، بحركات هادئة وعفوية جذبت انتباهه أكثر مما توقعت.

اقترب منها بخطوات بطيئة، متأملًا تفاصيلها بنظرة مختلفة،مرر أنامله علي ظهرها العاري بنعومه 

قفزت نسمه بصراخ تنهره بحده بعدين معاك يا مروان أنا قولت ممنوع اللمس لحد ما نأخد علي بعضنا 

 

نظر إليها بهدوء، ثم قال بنبرة نصف مازحة ونصف جادة:

– طب و لبسك ده؟ مش دعوة مفتوحة للقرب ؟

ضاقت عيناها، وردّت بضيق خفي:

– لا يا مروان... دي هدومي القديمة، اللي كنت بلبسها قبل الجواز. عادية جدًا.

عبس وجهه، وبدا عليه الغضب والغيرة، فقال فجأة:

– وأحمد؟ كان بيشوفك كده؟

نظرت له بتعجّب، ثم أجابت بحسم:

– أحمد أخويا... ولو كنت عريانة يغطيني. ما تفكرش بالطريقة دي.

اقترب منها فجأة، وقد تغيرت ملامحه:

– من النهارده... مفيش حد يشوفك غيري، فاهمة؟

شعرت بخوف من نبرته وهزت رأسها بموافقه 
حاضر  
لعن تهورة في سره عندما راي خوفها 

شعر "مروان" بثقل كلماته، ندم على نبرته الغاضبة، فحاول أن يخفف التوتر:

–  أنا إنسان من دم ولحم . صعب أشوفك كده... وأسكت.
وقفت بحيرة تسأله طب اعمل ايه خلاص البس الاسدال تاني 

جذبها إليه برفض واضح وهو يقول:

– لا طبعًا.

ثم سألها، متأملًا ما ترتديه:

– هو إنتي كنتي بتلبسي كده تحت الإسدال؟

ردّت بهدوء:

– آه... في أوضتي بكون على راحتي.

ابتلع "مروان" ريقه، محاولًا كبت مشاعره، وقال:

– طيب خلاص... خليكي براحتك، وأنا ربنا يصبرني.

أخذ منها الملابس وتوجه إلى الحمام. وبعد وقت قصير، خرج ليسألها وهو يرفع إحدى القطع:

– مين كان شاري الهدوم دي؟

أجابت بتلقائية:

– أنا... ليه؟ مش عجبك ألوانها؟

ابتسم وقال بنبرة خفيفة:

– لا أبدًا... أصل المقاس مظبوط، يظهر إننا واقعين من زمان.

تحركت "نسمة" من أمامه بضيق طفولي، تنفخ الهواء من فمها كما يفعل الأطفال عندما يُكشف أمرهم. توجهت إلى السرير و تمددت، تحاول تجاهل تعليقه.

تمدد "مروان" بجوارها، مستمتعًا بعبثها الطفولي الذي أصبح أقرب لقلبه من أي شيء آخر.

ترددت "نسمة" قبل أن تسأله، وكأنها على وشك فقدان صبرها:

– هو يعني... لو شوفت أي واحدة لابسة كده... تثيرك؟

التفت إليها بوجهه، و أجاب بجدية:

– لا طبعًا. أنا مش من الرجالة اللي تحركهم نزواتهم...
أنا اللي بيحرّكني...

وأشار إلى صدره:

– ده.

نظرت إليه "نسمة" بتردد، و همست:

– حتى... "شاهي"؟

تغيرت ملامحه للحزن، وقد رأى الشك والخوف في عينيها، فأدرك أنه السبب فيما وصلت إليه من قلق. تحدث بلطف وهو ينظر إليها بصدق:

– تصدقيني؟

– أكيد.

– ولا حتى "شاهي"... عمري ما حسيت معاها الإحساس ده.

ولا مرة قدرت تحرّك مشاعري زيّك، رغم إنها كانت بتلبس كده بره البيت.

أضاف وهو يتنهد:

– كنت بستغرب نفسي لما كنت أشوف واحد من صحابي خاطب أو بيحب، و ملهوف دايمًا على حبيبته،
و بيحصل بينهم مواقف... يعني بوسة، حضن...

– وأنا؟ لا.

فكرت إن عندي برود في المشاعر.

صمت لحظة، ثم تابع:

– بس الوقت... اتأكدت إن صاحبة المشاعر دي، كانت لسه ما وصلتش.

اقترب منها بلطف وقال:

– يلا عشان ننام.

جذبها إلى حضنه، استقرت بين ضلوعه، كأنها وجدت وطنها، وسكنت في غيمتها الوردية، تحلق بعيدًا عن الواقع.

وبعد وقت طويل، تنهد "مروان"، وتحدث إلى نفسه بصوت خافت:

– إيه اللي عملته في نفسي ده؟

حاضن جمرة نار... ومش عايز أتحرق!
يظهر إنها ليلة... مافيهاش نوم نهائي.
**********
فرصة العمر

بعد مرور يومين في الشركة، كان "مروان" جالسًا في مكتبه، وإلى جانبه "سيف"، يتبادلان بعض الأوراق عندما ضغط على زر الاتصال الداخلي وقال للسكرتيرة:

– خلي "أحمد" و"نادر" ييجوا.

لم تمضِ دقائق حتى خُبط الباب، ودلف "أحمد" و"نادر" إلى الداخل، وعلامات الترقب مرسومة على وجهيهما.

قال "أحمد" باحترام:

– حضرتك طلبتنا؟

أشار لهم "مروان" نحو المقاعد:

– اتفضلوا اقعدوا...
أنا قررت إنكم أنتم الاتنين، "أحمد" و"نادر"، هتكونوا المهندسين التنفيذيين لمشروع قرية مدام "شاهندة".

نظر "نادر" و"أحمد" إلى بعضهما بدهشة وفرح. كانت تلك أول خطوة حقيقية في طريق مجدهما المهني. هتف "نادر" بحماسة:

– ده شرف لينا يا باشمهندس!

وأكمل "أحمد" بابتسامة واثقة:

– ونتمنى نكون عند حسن ظنك... ونشرفك.

أومأ "مروان" برأسه وقال بنبرة جدية:

– أنا متأكد من إتقانكم وإخلاصكم في الشغل، وده السبب إني رشحتكم.
بس أهم حاجة عندي هي الدقة في التنفيذ، المشروع ده مهم جدًا لسمعة الشركة... ودي عميلة كبيرة.

رد "أحمد" بثقة:

– مش عايز حضرتك تقلق خالص، واعتبر المشروع اتنفذ على أكمل وجه.

وفي تلك اللحظة، تحدث "سيف" لأول مرة منذ دخولهما المكتب، بصوته الهادئ الواثق:

– ده طبيعي... إحنا واثقين فيهم.

ثم أضاف:

– جهزوا نفسكم، هتسافروا كمان أسبوع.

*********
بعد انتهاء يوم العمل، التفت "أحمد" إلى "نادر" وسأله وهو يستعد للمغادرة:

– متعرفش ميكانيكي كويس؟ يبص على العربية ويظبطها قبل ما نسافر.

رد "نادر" بثقة:

– آه، فيه كذا واحد... هشوف نروح لمين. ماشي؟

قاد "أحمد" السيارة بينما كان "نادر" يوجهه:

– خش من الشارع ده...

نظر إليه "أحمد" بنظرة ساخرة وقال:

– وبعدين؟ شكلك هتوهنا!

ضحك "نادر" وهو يلوّح بيده:

– لا يا راجل! أنا من البلد دي، حافظها زي كف إيدي.

استمروا في الطريق حتى توقف "أحمد" أمام ورشة ميكانيكي سيارات صغيرة، لكنها بدت منظمة ونظيفة.

ترجل الاثنان من السيارة، وتقدم "أحمد" من الميكانيكي الذي كان منشغلًا تحت إحدى العربات، وناداه:

– لو سمحت، عايزك تبصلي على العربية دي...
لو فيها أي حاجة محتاجة تتظبط، ما تتأخرش.

أومأ الميكانيكي برأسه، ثم نهض وهو يمسح يديه بقطعة قماش، مستعدًا للعمل.
*******

جلس أحمد ونادر على مقهى بلدي في انتظار السمكري، وبعد ربع ساعة رن عليه الهاتف.
ذهب أحمد للسمكري وقال له:
– بص يا أستاذ، الحاجات دي عايزها من المحل اللي في آخر الشارع.

توجه أحمد لنادر قائلاً:
– أنا هروح المحل اللي في آخر الشارع، أجيب الحاجات دي وأرجع.

قال نادر:
– طب خدني معاك.

رفض أحمد:
– لا، خليك هنا، دول خطوتين وراجع.

عاد أحمد بعد وقت قليل  وجد الشارع ممتلئًا بالناس والنساء تصرخ.

سأل أحمد السمكري:
– هو فيه إيه؟

 الجدع اللي معاك  القي احمد ما بيده قبل أن يكمل 
وتوجه بسرعه للتجمع 

وجد اثنين يضربانه، ووجهه ينزف دماء، الإثنان الآخران في انتظار دورهم.

سمع صوت أحمد الغاضب:
– بتعملوا إيه يا ولاد؟

توقفوا عن الضرب، وقال أحد الأربعة:
– وأنت مالك يا حليتها! يظهر  إنك عايز تتروق زي الواد ده. الحارة لمّت يا جدعان.

تحدث أحمد بغضب وقوة:
– مين ده اللي يتروق يا دانتا؟ أمك داعية عليك ليلة القدر!

ثم هجم عليهم.

أتى أحدهم يوجه كلمة لأحمد، لكنه صدها، و لكمه أحمد بقوة، نزف على إثرها أنفه، وصرخ من الألم.

تقدم الآخر وهو يفتح مطوة، هاجم بها أحمد، الذي ضربها بقدمه وقفز بحركة من حركات الكونغ فو التي يتقنها بحرفية، وضرب الإثنين في نفس الوقت،

 أحدهما بقدمه والآخر بيده.

وفي لحظة، كان الجميع على الأرض، منهم من فقد الوعي، ومنهم من يتألم من قوة الضربة التي كانت تعرف أين تؤثر.

وقف الجميع ينظر لهم بشماتة، لأنهم يبلطجوا  على الآخرين بسوء أخلاقهم.

مد أحمد يده لنادر لمساعدته على الوقوف،

 وتحدث بغضب:
– أسيبك ربع ساعة أجي ألاقيك عامل مشكلة!

قال نادر وهو يتألم:
– ده شكل واحد بتاع مشاكل، دانا اتروقت!

ضحك أحمد برجولة:
– وليك نفس تهزر؟ ده وشك بقي شوارع!

أجلس أحمد نادر على كرسي، وطلب من صبي القهوة ماءً لغسل وجهه.

رفع نادر عينيه المتورمتين إلى أحمد الذي كان ينظف وجهه من الدماء، وهتف مبتسمًا:
– إيه ده؟ أنا مصاحب بورسلي، أنت ضربتهم بسرعة!

 أحمد:
– أنا بلعب كونغ فو من وأنا طفل، ولحد النهاردة ما فيش يوم بيعدي من غير تمارين. إيه حصل لكل ده؟

أجاب نادر:
– لاقيتهم بيضايقوا بنت، ومحدش من الناس اتدخل، قلت لواحد منهم: ميصحش كده، أعتبرها أختك، راح شتمني، رديت عليه الشتمة.

جه يضربني، صديته و خبطه خبطه بس، وعينك ما تشوف إلا النور.

نزلوا فيه ضرب، بس الحمد لله أنت جيت قبل ما أموت. وتعب الحج يروح في بلاش.

ضحك أحمد بقوة:
– الله يخرب بيتك، هتموتني ناقص عمر!

وقف نادر فجأة عندما رأى شيئًا خلف أحمد.


                  الفصل العاشر من هنا


تعليقات



<>