رواية ساهر الفصل التاسع9بقلم داليا السيد


 رواية ساهر بقلم الفصل التاسع داليا السيد



أنت تصدقني؟
يداه على كتفيها من الخلف جعلتها تفزع ولكنه هتف "هذا أنا آسيا"
كانت الدموع تجري بلا توقف على وجنتيها وهو يلفها له ولم ترفع عيونها وهو يقول "الصحافة؟"
هزت رأسها واستعادت قوتها وهي تكمل "كاترين كانت تنفذ خطتها بنجاح، الصحافة نشرت صورتي وعناوين الجرائد الصفراء انتشرت ولكن خطة كاترين لم تستطيع إنقاذ ميشيل من أن يتم القبض عليه بتهمة التحرش بي ومحاولة الاعتداء علي وحاولت الادعاء أني ذهبت له بنفسي لكن بالطبع مظهري ومقاومتي له والجرح برأسه أثبت عكس ادعاءها، كل هذا وأنا بعالم آخر، أصبت بانهيار عصبي وظللت بالمشفى اسبوعين حتى قرر الأطباء أني استعدت نفسي وقوتي على مواجهة العالم وعزت كاد يقاضي الجرائد فسحبوا مقالاتهم وتم مسح كل ما نزل على الميديا وسجن ميشيل لوقت لا أعرفه وبالطبع ماما أعادتني معها"
ابتعدت من أمامه وهو يتفهم ما عانته فالتفت لها وسألها "وعزت؟"
لم تنظر له وهي تمسح دموعها التي لا تتوقف وقالت "لم أراه"
هتف "ماذا!؟ لا تخبريني أنه صدق ما كان"
هزت رأسها وقالت "هو كان يصدق كاترين بكل شيء وهي لم تكن المرة الأولى، وأنا بالرابعة عشر كاترين دفعت ابن البستاني ليدخل غرفتي وأنا نائمة وجعلت عزت يراه وصدق أني تلك الفتاة وبالطبع كانت فكرته عني رائعة ولم يصدق أني بريئة فرحلت لماما وأقمت معها"
دفع شعره للخلف بيده وقال وهو يدرك الآن لماذا طالبته بالثقة "لذا صدق بالمرة الثانية"
هزت رأسها وهي تعود لمسح الدموع وقالت "ولولا ماما لما تم اتهام ميشيل من الأساس وعرفت فيما بعد أن ميشيل اتفق مع بابا على الزواج مني حتى سمع عزت بنفسه كاترين وهي تحكي لعشيقها ما فعلته بي وقتها انفصل عنها وطلب الطلاق وأتى ليطلب مني السماح وأنا فعلت لأني أردت أب وهو طلب ان نعود إلى هنا خاصة بعد وفاة جدتي وعدنا"
والآن أيضا تفهم كلمات ميشيل من أن عزت منحه كلمته، تحرك تجاها وأحاط وجهها بيداه بحنان وعيونها تحدق به بألم وحزن وقال "لقد انتهى كل شيء آسيا، نحن معا الآن، أنتَ زوجتي ولن أسمح لأحد بأن يمسك مرة أخرى"
ظلت تنظر له وقالت "أنت تثق بي ساهر أليس كذلك؟ ميشيل تحرش بي لكنه لم ينال مراده، أنت تصدقني أليس كذلك؟ أنت لست مثل عزت"
جذبها له وضمها بقوة لصدره وهو يقول بألم من أجلها "بالطبع آسيا، بالطبع أثق بزوجتي وشريكة حياتي وأصدق كل كلمة تنطقين بها"
أغمضت عيونها وشعرت بالراحة رغم أن الأمر لم ينتهي لكن تلك الخطوة كانت الأصعب ولم تتخيل أنها ستتخطاها بأي يوم، لأول مرة تتحدث عن تلك الحادثة ولكن ما زال الكابوس يطاردها ولن تعلم حتى متى ستظل تتألم
والدتها كانت نسخة كبيرة منها، احتضنتها بقوة وسعادة وهي تقول بالإنجليزية "كم افتقدتك ماما وكم أنا سعيدة بوجودك"
ابتعدت الأم عنها وقالت "ما كنت لأفوت زواجك حبيبتي تعلمين أنه كان أمنيتي الأولى والأخيرة"
احتضنتها مرة أخرى ثم ابتعدت لتواجه ساهر بابتسامة رائعة أدرك من أين أتت بها ابنتها وهي تقول "أكيد أنت ساهر؟"
ابتسم وقال "نعم، سعيد بوجودك"
مدت له يدها وقالت "راشيل، زوجك وسيم آسيا"
تورد وجهها وهو يجذب حقيبة راشيل ويقول "وأنا عرفت من أين اكتسبت آسيا جمالها راشيل"
ضحكت الأم بحنان وقالت "جورج يرسل لكِ تحياته وتهانيه حبيبتي"
قالت بحزن "كم أنا حزينة لأنه لم يأتي معك ماما"
لف نظره لها وقال "جورج؟"
قالت راشيل "زوجي وهو من تولى آسيا منذ صغرها وعلمها كل شيء، كانا يمثلان حزب ضدي"
فتح لراشيل باب سيارته فدخلت وأغلق ووضع الحقيبة بالخلف وهي تدخل بجواره وهو يتحرك بالسيارة فقالت "ستقيمين معي الليلة أليس كذلك؟"
هزت راشيل رأسها وقالت "بشرط ألا التقي بعزت فرؤيته تثير غضبي"
ولكن ذلك لم يحدث فعزت كان بانتظارهم بالفعل وعيونه تبحث عن راشيل التي تقدمت منه بعيون غاضبة وهو يقول "سعيد بوجودك راشيل"
رحبت به ببرود وقالت "مرحبا عزت"
والتفتت لهما وقالت "الزفاف بأي مكان؟"
جلس الجميع فقال ساهر "بقصر العائلة بالإسكندرية سنرحل بالصباح جميعا"
التفتت لابنتها وقالت "وستقيمين هناك؟"
أجابت "لا ماما، ساهر يقيم هنا، والديه فقط هناك"
لم تعترض المرأة وكانت سعيدة بسعادة ابنتها واندهشت لأن ابنتها تترك كل ما يخص الزفاف لحماتها ولكنها كانت تعلم أن آسيا لم تهتم بتلك الأمور من قبل
لم يحاول عزت إفساد العشاء لكنه انفرد براشيل لحظة وساهر يرحل فقال "من الجيد رؤيتك راشيل، الأيام تزيدك جمالا"
لم تتبدل ملامحها وقالت "شكرا عزت، هل تظن أنه يحبها؟"
قال بجدية "لا يهم الحب راشيل فأنا كنت أحبك ولم أحافظ عليكِ، المهم أنني أعرف أنه رجل نزيه وقوي وشجاع وسيحافظ عليها من أي شيء، بزواجه منها ارتاح قلبي تجاها"
لم تفهم راشيل وكادت تسأل عندما عادت آسيا فصمتت 
انفردت هي بوالدتها بغرفتها حيث قالت المرأة وهي ترتدي ملابس النوم "لم أصدق أن هناك رجل جعلك توافقين على الزواج"
جلست بجوار ابنتها على طرف الفراش فقالت آسيا "ساهر كان مختلف ماما، عزت اقترح زواجه مني لحمايتي من ميشيل ولكنه لم يرد خداعي وبعدها طلب مني الزواج لأنه يريد ذلك"
انتبهت راشيل وهتفت "ميشيل؟ وما دخله بك؟"
نهضت مبتعدة وحكت لوالدتها ما كان فتبعتها راشيل التي تفهمت كلمات عزت لها وقالت "ميشيل مجنون آسيا"
هزت رأسها وقالت "أعلم ماما وساهر يعلم ورجال أخيه تحرسني ومع ذلك لا أنكر خوفي"
وقفت راشيل أمامها وبدت انعكاس لابنتها بنفس لون العيون والشعر وقالت "عزت سبب كل ذلك هو وزوجته اللعينة"
ابتعدت وقالت "ولقد ماتت ماما وميشيل الآن من يمسك بالزمام"
سالتها راشيل "كان عليكم تأجيل الزفاف أو إبلاغ الشرطة"
نظرت لوالدتها وقالت "بأي تهمة ماما؟ وساهر لن يقبل بالتأجيل ومهما فعلنا فميشيل لا يمكن توقع خطواته وقد ظننته نساني"
أشاحت بيدها وقالت "لا، السجن لم يجعله ينسى، خاصة بعد أن لفق له عزت تلك التهمة ليعيده للسجن مرة أخرى"
لم ترد وهي لا تعرف ما الذي يخفيه لها القدر بالغد
اليوم كان مشرق والغرفة التي منحتها لها هدى كانت واسعة ومشرقة، القصر كله كان جميل ورائع ونور أخذتها بجولة بالحديقة وبعض الأماكن به، لم تطلب أحد للتجميل بل تولت نفسها وراشيل كانت تساعدها حتى انتهت من الفستان البسيط الذي انتقته ومع ذلك بدا رائعا عليها بلا أكمام وارتفع شعرها بكعكة ثبتتها بدبابيس ماسية اشترتها من أجل ذلك، وضعت مساحيق تجميلها الخاصة وارتدت اسورته والتفتت وراشيل تعدل من ذيل الفستان واعتدلت لتواجه ابنتها وهتفت 
"جميلة حبيبتي بل أجمل فتاة رأتها عيوني"
احتضنتها راشيل بسعادة عندما دق الباب فابتعدت وأذنت لترى هدى تبتسم وتقول "هل أدخل؟"
هزت رأسها وتورد وجهها وراشيل تقول "سأذهب لرؤية ساهر"
خرجت راشيل بينما توجهت لها هدى وابتسامتها تليق بجمالها حتى توقفت أمامها وقالت "جميلة حبيبتي، ألف مبروك"
أخفضت وجهها وقالت "شكرا لحضرتك"
ظلت هدى صامتة لحظة حتى قالت "منذ رأيتك بالحفل وتمنيتك لابني"
زاد تورد وجهها وهي ترفع وجهها بينما عادت هدى تكمل "ساهر مختلف تماما عن إخوته آسيا، لم ينال منا الحنان الكافي لذا كنت دائما أتمنى أن يجد الحب الذي لم يناله مع امرأة تستطيع تعويضه كل ما افتقده"
أخفضت وجهها وقالت "ساهر لا يؤمن بالحب"
ابتسمت هدى بحزن وقالت "هو لم يعرفه بعد وأنا واثقة أنك من سيعلمه معنى الحب"
ظلت صامتة وهدى تخفض وجهها لحظة ثم عادت لها وقالت "أعلم أن ساهر قد يكون مندفع ومتهور وربما كان له ماضي سيء لكن أنا واثقة أنه سيكون زوج مخلص ومعطاء وينبض بالحنان خاصة إذا كانت زوجته امرأة عاقلة تعرف كيف تستحوذ على زوجها بعقله وقلبه وهو ما رأيته بكِ آسيا لا تتخلى عن ساهر مهما حدث، عديني حبيبتي ألا تتخلي عنه بأي وقت"
احتارت بكلمات الأم ولكن بالنهاية قالت "لن أفعل، أعدك ألا أتخلى عنه أبدا"
ابتسمت واحتضنتها هدى بقوة وقالت "شكرا لكِ حبيبتي هكذا ارتاح قلبي"
وقفت راشيل عند الباب وأعلنت عن انتظار العروس فابتسمت هدى وربتت على يدها وهي تقول "هيا حبيبتي"
قلبها كان يدق بقوة وهي تتحرك حتى توقفت عند الباب، راشيل أخفضت غطاء الوجه وعندما خرجت كان صوت المدعوين يصل لها وهي تتحرك بين المرأتان حتى وقفت أعلى السلم عندما توقفت الأصوات وبدأت الموسيقى تعلن عن وصول العروسة، رأته يقف بين إخوته وكأنهم حائط صلب لا يتحطم، كان عامر من تحرك من بينهم وصعد لها حتى ابتسم وقال 
"مبارك آسيا"
قالت بهمس "شكرا عامر"
مد يده لها فوضعتها بذراعه وبدأت تتحرك مع الموسيقى ونزلت وعامر لا يتركها حتى وصلت لنهاية السلم وكان عزت ينتظرها، انحنت وقبلت والدها الذي قال "مبارك حبيبتي، اليوم لم تعد الحياة تهمني"
ضغطت على يده وهي تقول "لكن حياتك تهمني بابا فأنا حرمت منك كثيرا"
قال بحنان "كنت أتمنى تعويضك عن كل ما فات حبيبتي، صدقيني أنا أحبك جدا آسيا ولم أتمنى أفضل من رؤية يوم كهذا، ساهر هو الرجل الذي لم أتمنى أفضل منه لكِ"
جذبها له مرة أخرى وقبل جبينها وقال "دعي قلبك يسعد حبيبتي"
لم ترد واعتدلت واقفة لتراه بجوارها وعزت يمنحه يدها وهو يقول "مبارك ساهر"
لم يرد وهو يحدق بها، مد لها الورد الأحمر الذي انتقاه بنفسه لها، هو لا يعلم لماذا انتقى الأحمر ولم يفكر بلون سواه، أمسكت بالورد وقلبها يكاد يقفز من صدرها وربما يريد أن ينضم لصدره، عندما رفع غطاء الوجه عنها رفعت عيونها الفاتنة له وكم بدت له بسيطة جدا وجميلة جدا جدا، جميلة لدرجة أنها سرقته لعالم آخر، وكأنهم وحدهم، اتصال العيون جعلهم يشعرون أنهم بدنيا خاصة بهم وحدهم لا أحد شريكهم، قبل جبينها وهي تغمض عيونها للمسة شفتيه ثم ابتعد وهمس 
"أحسد نفسي على هذا الجمال"
تورد وجهها وصوت الجميع والموسيقى يأخذهم وما زال يمسك بيدها وهي ترى ضي ونور يباركون لها ومن بعدهم ليل وحلا وبالطبع حمزة وجاسم
ضمها له على أنغام الموسيقى وهي ترفع وجهها له وقد تأنق بشكل مذهل أخذ قلبها وجعلها تدرك أنه هو الفاتن حقا وأنها سعيدة الحظ هي الأخرى لأنه زوجها 
قربها منه وقال بصوت طغى على الموسيقى "تلك العيون تأخذني لعالم آخر"
ابتسمت وقالت "أي عالم؟"
ضغط على خصرها وقال "عالم خاص بنا نحن الاثنان فقط كله من حدائق خضراء مثل هذه العيون الفاتنة، هل أنا بالجنة آسيا؟"
كانت سعيدة بشكل جعلها تزداد خوفا ومع ذلك طردت الخوف وقالت "لو كنت أنت بها فأنا أيضا بها ساهر فوجودك معي يمنحني نفس الإحساس"
وضع يده التي تمسك يدها على صدره وقال "هل تشعرين بتلك الدقات؟"
هزت رأسها وقلبها يدق أضعافها فأخفض وجهه لوجهها وقال بصدق "هو يفعل بقربك، يصاب بالجنون عند رؤيتك والجنون أيضا برحيلك"
هل تحلم حقا بما تسمعه؟ قالت بسعادة "لم أظن أننا سنكون زوجين بأي يوم لكن وقت طلبتني للزواج لم أرد سوى ذلك"
ابتسم ورفع يدها لفمه وقبلها وهو يقول "لابد أن نشكر عزت على فكرته هذه لولاه لاستمرينا كالقط والفأر للأبد"
ضحكت كما فعل هو حتى تبدلت الموسيقى لتبديل الدبل من اليمين لليسار والتف إخوته وزوجاتهم حولهم وكم كان الجميع سعداء بزواج ساهر وهو ما رأته بعيونهم جميعا، عزت ظل بعيدا وكذلك رفيق وعاد الرقص للجميع كلا مع زوجه بينما هو وهي انضما لصحبة مختلفة وشردت هي قليلا عندما تذكرت ميشيل لكن ساهر انتبه لها فضغط على يدها وقال 
"لا أسمح لسواي بمشاركتي أفكارك"
عادت لعيونه وقالت "لا أحد يفعل ساهر أنا فقط.."
القلق الذي رآه بعيونها جعله يفهم وهو يقول "رجال جاسم تؤمن المكان جيدا آسيا وتحيط بكِ فلا داعي للقلق لن يمسك أحد بسوء"
ظلت تنظر له وتستمد من كلماته القوة ومن قربه الأمان فهزت رأسها ولم ترد، موائد العشاء كانت بقاعة الطعام الكبيرة جدا وعندما انضمت لمائدة إخوته كانت سعيدة ووالدها مع رفيق وهدى وراشيل أما ضي فكانت مع صديقاتها وكذلك نور
فجأة انطفأت الأنوار فبحثت عن يده التي قبضت على يدها وهتف "اهدي حبيبتي، جاسم ماذا حدث؟"
كشافات الهواتف أضاءت المكان ولكن سرعان ما عاد النور وقد انتشرت رجال مختلفة بملابس رسمية وأجساد عملاقة وجاسم يتحرك وسطهم وهي ترى رجلان يقفان خلفها يحيطان بها بينما انطلقت صرخة مدوية من مكان آخر جعلت الجميع يلتفت لمكان الصرخة حيث كانت راشيل هي من صرخ وانطلقت صرخات أخرى تؤازرها وتجمدت هي مكانها ونهض الجميع من حولها وساد هرج ومرج ولم تقوى على النهوض لمعرفة ماذا يحدث واختفى الرجلان اللذان كانا خلفها ولكن صوت همس بجوارها 
"هو وعدني بك وأخلف وعده وهذا عقابه"
التفتت بفزع لترى ميشيل يبتسم وهو كان يتنكر بشكل مختلف لكنها تعرف صوته جيدا وتميز حتى أنفاسه وهو يبتعد وهي ما زالت جامدة لا تقوى على النهوض وقد انفض الجميع من حولها وعندما كاد يختفي استوعبت ما يحدث فصرخت باسم ساهر بقوة جعلته يهرع لها وهو يرى رجلا يختفي بباب جانبي ورآها وهي تحدق بالباب وما زالت تصرخ باسم ساهر الذي اندفع خلف الرجل وبالطبع أدرك أنه ميشيل 
ما أن خرج من باب القاعة حتى لمحه يصطدم بخادم ويسقط ما يحمله على الأرض فلم يتوقف وهو يزيد من سرعته والرجل يهرع لخارج القصر ولكن ساهر كان قد وصل للباب وقفز ليسقط على جسد الرجل ويتدحرج الاثنان على السلم حتى وصلا للأرض وساهر لا يتركه وقد احتفظ بنفسه فوقه ولم تكن الأضواء كافية ليرى وجهه وساهر يلكمه بقوة لكن الرجل كان قوي هو الآخر ولكم ساهر بوجهه مرة وأخرى حتى تراجع ساهر وكاد الرجل يفلت ونهض ولكن ساهر ضربه بساقه بقوة أسقطه مرة أخرى وعندما هجم ساهر عليه شعر بألم بجانبه وزاد الألم والرجل يجذب السكين خارج جنب ساهر الذي تراجع والدماء تندفع على يده والرجل ينهض بسرعة ليفر ولكن ساهر لم يستسلم للألم وهو يقبض على ذراع ميشيل ليعيده أمامه والآخر يدفع يده بالسكين مرة أخرى تجاه ساهر ولكنه استوعب الأمر تلك المرة وأمسك يده بقوة ليوقفه واقتربا ويداهم الاثنان متماسكان ويدفعان بعضهما البعض بقوة وميشيل ينظر لساهر بقوة وهتف بالإنجليزية
"هل تستحق أن تموت من أجلها؟"
دفعه ساهر للخلف بقوة وهتف بغضب "أمر لا يخصك، لن تفر بما فعلت"
صده ميشيل وهو يحاول دفع السكين تجاهه وقال "هو كان يستحق الموت ولو أردت قتلها لفعلت ولكني أريدها وموتها لن يمنحني المتعة التي استمتعت بها من قبل"
ارتفع الغضب لعنان السماء داخله وغلت الدماء بعروقه فدفع رأسه بقوة لترتطم بجبين ميشيل الذي فقد اتزانه من قوة الضربة وخفت قبضته فلوى ساهر معصمه لتسقط السكين بيد ساهر ودفعها بلا تردد بكتف ميشيل الذي تراجع وهو يجذب السكين من كتفه والدماء تسيل منه وهو يقول بغضب "سأستعيد ما يخصني وللمرة الثانية الأمر ليس بيننا ساهر فاخرج منها"
هجم ساهر عليه مرة أخرى ولكن ميشيل أسرع ليفر خارج القصر وساهر يسرع خلفه ولكن ليس بنفس قوته وما أن خرج من القصر حتى رأى السيارة السوداء تأكل الطريق بصرير مرتفع لتبتعد ويأكلها ظلام الليل
ترنح للحظة وهو يلهث والألم يشتد والدماء لا تتوقف، تماسك وهو يرتد عائدا وهو يضع يده على جرحه وبالطبع انتشر الرجال لكن متأخرين وما أن عاد للداخل حتى سمع صرختها القوية وهي تنادي "بابا"
صرخت باسم ساهر وهو يهرع خلف ميشيل ونهضت لتتبعه عندما أعادتها صرخات أخرى لترى تجمع إخوة ساهر على مائدة رفيق وعزت فشعرت بانقباضه بقلبها وهي تحاول أن تفهم، راشيل سقطت جالسة على مقعد قريب وانهارت بالبكاء
هدى احتضنت ابنتيها مبتعدين عن المائدة ورفيق يقف بجوار زوجته ورجال الحراسة تجري هنا وهناك، كل المدعوين رحلوا، أجبرت ساقيها على الحركة وعيونها تجمدت على المكان الوحيد الذي لا تراه من خلف الرجال، مقعد عزت، لم تجد أي أفكار بعقلها عما يحدث وهي تصل لهم ولمست ظهر عامر الذي التفت لها ليتراجع دون أن يفسح لها وهتف 
"آسيا انتظري"
لكنها لم تكن تنظر له ولا تسمعه وهي ترى مقعد والدها ولكن قماش أبيض يغطيه بل يغطي جسده، لماذا؟ ما الذي يحدث هنا؟ دفعت عامر وتحركت بلا توقف ولا تردد وجذبت القماش ليصدمها ما رأته..
رأس عزت مائل للخلف وقد قطع أحدهم، بل ميشيل، قطع عنق والدها والدماء لوثت كل ملابسه 
رفعت يداها الاثنان على فمها وهي لا تصدق ما تراه، يد أمسكتها من الخلف لتبعدها ولكنها نفضتها وهي تلقي نفسها على جسد عزت وتهتف "بابا، بابا ماذا بك؟ بابا أنت تسمعني أليس كذلك؟ بابا لن تموت الآن، أنا تركت العالم من أجلك وأنت تتركني؟ كيف تخونني هكذا؟ لا، بابا لا، لا تذهب أنا ما زلت أريدك، بابا أجب"
كانت يداها قد تلطخت بالدماء ووجهها بالدموع وعندما لم يرد أدركت أنه رحل فصرخت بقوة "بابا"
هي الصرخة التي سمعها ساهر عند دخوله القاعة فأدرك ما حدث، كان يترنح وهو يتحرك تجاهها وفرق إخوته الذين لم يلاحظوا جرحه بعد وهو يمسكها بيداه ويحاول إبعادها عن جسد عزت وهي راكعة أمامه ورأسها مدفون بأحضانه الملطخة بالدماء ويد ساهر تجذبها وهو يهتف "آسيا كفى، آسيا، حبيبتي كفى"
جذبها لترتد بين ذراعيه وأوقفها بصعوبة وهو يهتف بتعب "آسيا اهدئي"
كان وجهها قد تلطخ بالدماء والدموع وهي تضع يداها على صدره وتصرخ بلا وعي "لقد مات ساهر، بابا مات، مات بعد أن وعدني أن يعوضني، لم يفعل ساهر، أخبره أن يعود، أخبره أرجوك"
وانهارت بالبكاء فجذبها له وهي تبكي بقوة وفجأة ترنح جسده ولم يمكنه التماسك والدوار يلفه فانتبه إخوته له ولكنها تراجعت ويده ما زالت تمسكها وعيونه تحدق بها فهتفت بفزع 
"ساهر، ساهر ماذا بك؟"
رأت الدماء على قميصه خلف جاكته وبدا جسده ينهار وهي تسقط معه على الأرض وتحيطه بذراعيها وتصرخ باسمه وهو قال بصعوبة من الدوار 
"أنا .. بخير.. اهد.. اهدئي"
وأغمض عيونه وصرخت هي بألم وفزع "ساهر، لا"

                 الفصل العاشر من هنا
تعليقات