
رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الثاني والاربعون42 بقلم نجمه براقه
ياسين
كل حاجة اتعقدت: تأجيل، اجتماعات، ووقت بيتمط من غير سبب لغاية ما زهقت
ورجعت الأوتيل بعد ساعات طويلة في الاجتماع، وقبل ما ارتاح ولا حتي اخد دش اتصلت بـ"رحمة" أشوفها رجعت البيت ولا لسه.
وبعد ثواني ردت ولاحظت ان صوتها مش طبيعي، باين عليه الزعل لسه مخلصش.
قابلت ده بالبرود وعدم الاكتراث، في النهاية محدش غلطان غيرها، وقلت بجدية:
"روحتي؟"
"أيوه"
"أوكي"
استنيت شوية قبل ما أقفل، يمكن تتكلم أو تعتذر، بس زي ما توقعت، لا اعتذار ولا إحساس بالذنب.
قفلت، واتصلت بـ"حسن" أعرف عملت إيه.
كنت عايز اسأله عن كل حركة وكل كلمة وكل رمشة رمشتها وهي معاه.
ولقيته بيرد عليا بنفس طريقتها..
قلت:
"إيه البوز ده؟ طولت لسانها عليك ولا اية؟"
"متكلمتش معايا وفضلت ساكتة"
"بس كانت لوية خلقتها"
"تلويها ولا تعدلها، خلقتها وهي حرة فيها يا خالي"
"تبقى مكنتش طايقاك، طبعًا، ما انت مش صدام اللي كانت عايزاه يوصلها..
استرسلت بتوعد
" بس هانت، مابقاش كتير"
"على إيه بالظبط؟"
"على الجواز"
"إيه اللي هيحصل بعد الجواز؟"
"كتيييير... أصل قبل غير بعد، بعد كل حاجة هتبقى مسموحة. يا تتعدل وأنسيها طبع أمها، يا تموت في إيدي"
سكت شوية وبعدين قال بتردد:
"هو انت شفت منها حاجة قلقاك؟ ولا حاسس إنها ممكن تعمل زي أمها يا خالي؟"
"شفت امها فيها، واللي زي دول محدش يأمنلهم "
"ولما هو كده، ليه طلبت تتجوزها من الأول ؟"
"عايز تقول إيه؟"
"عايز أقول إن حرام تضيع حياتك مع واحدة أنت شايف إنها متناسبكش علشان عايز تنتقم من أمها الميتة"
"قصدك إني عايز أتجوزها علشان بنت داليا؟ يعني أنا واخدها عند؟"
"ساعات بحس بكده"
"وانا كمان ساعات بحس احساسك ده، بس عايز أقولك حاجة!"
"اتفضل"
"أنا شايف إن رحمة دي مخلوقة عشاني أنا وبس، حتى لو كنت لقيتها متجوزة ومخلفة، كنت هجبر جوزها يطلقها"
" وكل ده ليه؟، علشان اللي امها عملته؟. هي ملهاش ذنب يا خالي دي متعرفش حاجة "
"ولا أنا ليا ذنب في اللي اهلها عملوه فيا... بس مش معنى كده إني واخدها أعذبها، لأ لأ، كل الحكاية يا ابن أختي، إني شايفها عوض عن كل يوم ضاع من عمري بسببهم، ولو خدت بالك، فهي شبه أمها قوي... طولها، وزنها، ضحكتها كل حاجة بتقولي دي مخلوقة عشانك انت"
"طيب ولو جه يوم قالتلك إنها مش عايزة تكمل؟"
"تقول اللي ييجي على بالها... الستات ما يتاخدش بكلامها، وبعدين حتى لو سيبتها، هتروح فين؟ يا إما هترجع الشارع وتتقتل، يا إما تقعد قدامي في بيت جدها... لا يا حسن، هي معندهاش رفاهية الاختيار، تكمل ولا لأ... هي خلاص، مصيرها معايا"
ما علقش على كلامه، كنت شايف إنه مش راضي عن اللي بعمله، فقلت:
"مش عاجبك كلامي ولا إيه؟"
"لأ... مخوفني عليك، جرحك لسه ملمش، واللي يزعل إنك لما فكرت تتجوز، هتتجوز وانت جواك رغبة في الانتقام... مش مهم هتنتقم من مين"
"ومالك بتتكلم كأني هجلدها؟ ما أنا بقولك مش هعذبها... هجبلها الدنيا لغيت عندها، وهي تسلمني نفسها، هي أغلى ولا الدنيا؟"
"يمكن الدنيا اللي هتجبها لها دي ما تفرقش معاها... فكر يا خالي، مش عايزك تندم في يوم إنك اتسرعت"
"صدقني، مافيش حاجة هتحسسني بالندم غير إني أسيبها من إيدي"
#رحمة
بعتله كتير وهو كان بيشوف الرسالة وميردش. اتعصبت، فبدأت أكتب له رسالة أشتمه فيها، لكن وأنا بكتب لقيت منه رسالة بيقولي فيها:
"وانتي عايزاني أكون مبسوط وأنا شايفك سايباني وبتلعبي مع الشحط ده، وإيده تلمسك وتضحكي وتهزري معاه؟"
رجعت حذفت اللي كتبته وبدلته بـ:
لحقت نفسك، كنت بكتبلك رسالة فيها شتايم قااااد كده."
"ولو بعتي مكنتش هرد بردو."
"وليه كل ده؟ انا عملتلك حاجة؟"
"متعمليش غبية."
"انت اللي عايز تزعل لوحدك، مش عارفة إيه اللي عصبك، ده الكابتن."
"والكابتن ده يكون أخوكي في الرضاعة؟ كل شوية يلمسك، وهيهيهيهيهي معاه؟"
"وأنا قلتله يلمسني؟ أنت بتتلكك علشان تزعل، ولا تكون ندمت وبتنسحب؟"
"ندمت إني سيبتك من غير ما أربيكي على الفصل ده."
"طيب ومربتنيش ليه؟"
"عايزة تتربي؟"
رديت بابتسامة:
"أنا متربية، بسألك إيه اللي منعك؟"
"اللي منعني إننا كنا في الطريق وفي ناس شايفانا"
" اتكلم علي قدك، وحتي لو مكنش في ناس مكنتش هتقدر تعملي حاجة، انت شوفت بنفسك كنت مجرية مطروح ورايا ازاي؟"
" اه، علي اساس كنت هقتلك وكدة "
" قولتلك متقدرش "
" واقدر ازاي، انتي شبح، بس حقيقي زعلت إننا نهينا اليوم بزعل. كان نفسي نلف شوية كمان، كان عندي كلام كتير عايز أقوله. يا شيخة، منك لله."
"منك لله إنت، انا اللي زعلانة منك. اتفضل صالحني."
"مين يصالح مين؟"
"إنت تصالحني! مين ساب التاني وخلاه يجري؟"
"متستهبليش."
"طيب والله يا حسن، لو ما صالحتني لا يكون عملالك مصيبة... وإنت عارفني."
عمل ضحكني ورد:
"مبعرفش أصالح في الرسايل، ممكن أصالحك لما نتقابل، بس اللي ما يعترضش."
"مش هعترض، المهم تصالحني."
"طيب، عاوزة تتصالحي إزاي؟"
"أي حاجة، إن شاء الله جيلاتي."
"جيلاتي؟"
"لو هتقدر تدفع أكتر من تمن الجيلاتي، ماشي."
"أمممم."
"إيه؟"
"ولا حاجة... إنتي إزيك كده؟"
"الحمد لله، وإنت؟"
# رقية
كل واحد فينا كان قعد في المكان المخصص ليه.
ولأول مرة احس إني بكره الوضع ده، وبكره البعد اللي بينا
كنت بتمنى أملك الجرأة اللي تخليني أطلب منه ينام جنبي على السرير، ويساعدني أكسر الحاجز اللي بينا...
لكن كبريائي وحيائي منعوني حتى ألمح.
اتمددت وشديت اللحاف عليا، وعينيا في السقف، بحاول أمنع نفسي أبصله ف يفهم شعوري في اللحظة دي.
بس محاولاتي ما جابتش نتيجة...
دقايق ورجعت بصيت ناحيته، لقيته صاحي، متوسد كفوفه، وعينه مرقباني وابتسامه خفيفة مزينه وشه
ابتلعت لعابي وتحمحت وأنا بقوم من مكاني وقلت:
" لسه صاحي؟ "
اعتدل ورد بنبرة هادية:
"مش جايلي نوم... وانتي؟"
قلت بلخبطة
"ولا أنا، يمكن من القهوة اللي شربتها. انا اصلي شربت كتير، كتير قوي قوي، ف ف طيرت النوم من عيني، مبحبش القهوة علشان بتسهر.. وانت؟! ..."
ابتسم ، وبعدين اتنقل من مكانه، حط راسه على حجري وقال:
" ولا انا بحبها، بس جات بفايدة، الصداع هيفرتك دماغي... ومحتاجك تدلكهالي.
بعد ما نام مسك ايدي حطها علي دماغه، الغريب... إن حركة زي دي بتخليني أسعد إنسانة في الدنيا.
بتخليني أحس إني بقيت أم لحد أطول وأكبر وأعرض مني.
وبحركات خفيفة، بدأت أدلكله دماغه، وأمسح على شعره بحب.
ولكن ثواني قليلة... وسعادتي اتبدلت لحزن، وخوف ومبقتش علي بعضي .
حاولت أخفي شعوري، وما يبانش بأي شكل،
لغاية لما مسك إيدي وباسها، وراح رايحها على خده...
وقتها دموعي عصتني... ونزلت.
وقبل ما ينتبه لي، قال:
"عارفة يا روكا؟..."
رديت برجفة حاولت أخفيها:
"امم..."
" أنا كبير وطويل، بس لسه بحب أنام النومه دي.
ولحد سنة فاتت، كنت لما ألاقي ماما قاعدة، أروح أعدل رجلها وأنام...
ومش بس ماما، البنات اللي عرفتهم، كنت بستغلهم، أخليهم يلعبولي في شعري،
بس كانوا بيملوا بسرعة... ويقوموني. "
ابتسم وكمل بمكر:
" بس انتي غيرهم. مع إنك بتكرهيني زي ما أنا وانتي عارفين،
بس لمسة إيديكي فيها حب رهيب...
مش عارف لو كنتي بتحبيني كان شكل لمستك هيكون عامل إزاي..."
قالها ورجع باس كفي ورجعه تاني علي خده ومن غير ما احس بنفسي لمسته بحب.
كأن إيدي خانتني، وانتفضت لما خدت بالي...
حتى هو اتفاجئ، رفع وشه لي فورًا وبصلي باندهاش وكانه مش مصدق ان انا عملت كده
ولما شاف دموعي بتلمع في عيني، تبدل اندهاش لقلق.
قعد قدامي وقال
' في إيه يا روكا؟... انتي بتعيطي؟"
هزيت دماغي بالنفي، وأنا خافضة جفوني،
فحسيت بإيده بتلمس وشي، رفعه ليه بلطف ومسح دموعي بلمسة حنينة، وقال:
"إزاي مفيش؟... ده انتي دموعك مبقتش تنشف"
قلت باختناق:
"متضايقة شوية..."
احتضن وشي بين كفوفه، وقال باحتواء:
" ليه بس؟ قوليلي، يمكن أقدر أساعدك..."
مقدرتش أشيل عيني عنه، ولا قدرت أوقف دموعي،
وكل لحظة بتعدي كانت بتفكرني باللي عرفته،
وبتخيل اللي ممكن يحصل لو هو عرف،
أو لو زيدان قدر يعمل اللي ناويه.
وده قلقه اكتر
قال بتوجس:
" روكا... في إيه؟ انتي قلقتيني. "
مسحت دموعي وقلت
" خايفة شوية... "
"خايفة من إيه؟
" اهو خايفة وخلاص."
– بسبب اللي كانوا هيخطفوكي؟
هزيت دماغي بالإيجاب.
تنهد بعمق ومسح دموعي بإيده، وبعدين ضمني لصدره وقال بنبرة حنونة:
" انت كده بتغلطي فيا، طول ما أنا هنا، متخافيش من حاجة...لا هما، ولا بلد يقدروا يقربولك.
تعالي...
قعد جنبي، وعدل رجليه، وأشار على حجره وقال تعالي.
ضحكت من بين دموعي وقلت:
" لا، مش عايزة. "
مسك دراعي، ونيمني بالإجبار
وقال:
" اسمعي الكلام... أنا كنت عايز أنيمك في حضني أصلاً، بس قلت إنك ملكيش في الخير. "
ضحكت غصب عني، فابتسم وقال بنبرة أهدى وهو بيمسح على شعري:
" قلتلك قبل كده، إني بحبك لما بتضحكي..."
ميلت بوشي لتحت علشان أخبي ابتسامتي، فكمل:
" ومش بس وانتي بتضحكي انا بحبك في كل حالاتك... انتي مخلوقة علشان تتحبي. "
وليت وشي ليه، واستجمعت شجاعتي وقلت:
" قلتلك قبل كده إنك مبالغ قوي
وابتسم وقال:
" أبالغ في أي حاجة... إلا في وصفك مهما اقول مش هوفي.. "
غلبتني ابتسامتي وقلت
" بردو مُبالغ.. "
" انتي اللي مش عارفة قيمة نفسك.. "
#فيروز
صحيت أصلي الفجر، وبعد ما خلصت، فضلت قاعدة مكاني.
الهدوء حواليا، لكن جوايا كان في دوشة كبيرة…
وكلها عن صدام.
اللي تقريبًا نسي إن في واحده في حياته اسمها فيروز
لا سأل، ولا اتصل، ولا حتى بان عليه إنه واخد باله من غيابي.
الوجع بدأ من صدري ونزل في دموعي، وسابوا أثرهم علي خدي..
مكنتش واخدة بالي إن يسرا كانت شايفاني، لحد ما قالت بنبرة هادية بس حادة:
"زعلانة منه ليه؟"
بصيتلها ، ورديت باستفهام:
" مين؟ "
" هو في غيره.. "
سكت… مكنتش عايزة أتكلم علشان الكلام بيوجع أكتر.
لكن هي ما سكتتش، وكملت:
"أنا حذرتك منه قبل كده، بس مصدقتنيش.
صدام ملهوش عزيز، ولا صاحب…
أمه ممشياه زي اللعبة في ايديها، لا بيعرف يقولها "لأ"، ولا حتى بيكذبها في حاجة تقولها.
وصدقيني، لو قالتله إنك بتخونيه، هيصدق ويكون مصيرك زي مصيري بالظبط
انفدي بجلدك قبل ما تندمي.
بصيتلها، وعيوني مليانة دموع، وبصوت مكسور قلت:
" أنا خايفة من كده… وخايفة أكتر إني أكرهه. "
ردت بثقة:
"هتكرهيه، متستعجليش…
هو مش هيغلب، وهيخليكي تكرهيه وتندمي علي اليوم اللي شوفتيه فيه "
# حسن
بعد ساعات من التفكير في البحث عن سبب أقوله علشان مسافرش، جه تاني يوم وبدأت ماما من أول اليوم تقفل الشنط وتغطي العفش.
وأنا كنت واقف قريب منها بتابع اللي بتعمله وبحاول أستجمع شجاعتي وأتكلم، لكن كان صعب.
كنت عارف إني مجرد ما أنطق، بركان هينفجر في وشي وممكن تقلب بابا عليا وتقوله على رحمة
وأنا في وسط تركيزي معاها ومحاولاتي إني أتكلم، حسيت بإيد بابا بتتحط على كتفي من الخلف، بصيت له وقلت:
"بابا.."
"واقف كده ليه؟"
قلت بلخبطة
"سلامتك حبيبي."
"الله يسلمك، بس برضو مالك؟ شكلك عايز حاجة ومش عارف تقولها لي إزاي."
سكت وبعدين حسمت امري وقررت اقول بدون تمهيدات ملهاش فايدة:
"بابا أنا آسف، بس أنا مش عايز أسافر.."
توقفت ماما عن اللي بتعمله وجت عندي وقالت مستنكرة:
"مين ده اللي مش عايز يسافر؟"
التفت ليها وقلت بحسم:
"أنا يا ماما، مش عايز أسافر وأسيب هنا."
"إنت بتتكلم جد ولا بتهزر؟"
"ودي فيها هزار؟ أنا مش هرتاح لو سافرت، أرجوكم افهموني.."
بصت لبابا وقالت :
"طيب اتكلم إنت، علشان أنا بطلع وحشة."
قال بهدوء:
"من غير عصبية يا جيهان، هنفهم.."
توجه ليا وقال:
"ليه مش عايز تسافر؟ مش اتكلمتوا إنت وأمك وقررتوا اننا نسافر ونقعد هناك؟"
"آه، بس أنا.."
قاطعتني بعصبية:
"إنت إيه وزفت إيه؟ عايز تقعد بعد كل اللي جرا؟ إنت عايز تموتني ناقصة عمره؟!"
قال بابا:
"براحة يا جيهان.."
"متقوليش براحة، الواد مفيش حاجة بوظته غير دلعك فيه؟"
اشرلي بايده عليها وقال
" اهو، طلعت بوظتك..
توجه ليها وقال
" مش نفهم وبعدين نتخانق، اهدي وكملي اللي بتعمليه وانا هفهم ماله "
قالت بعصبية
"متقوليش اهدي، الواد ده عايز يتقرص عليه والا هيضيعنا كلنا بدلعه ."
بصتلي وقالت :
"أنا مقولتش لأبوك الموضوع التاني، بس هقوله لو كان يعجبه يخليك.."
مبقتش قادر أبص له، وتحركت باتجاه الاوضة هرب من المواجهة اللي هي فرضتها عليا ف وقفت في طريقي وقالت
" رايح فين، لازم يعرف ابنه بيفكر في ايه "
وقف بيني وبينها وقال :
"موضوع إيه.."
قالتلي:
"أقول؟"
" طيب ما انتي قولتي، هتقولي اية تاني..
هتف بعصبية
" اسكتوا انت وهي.. "
سكت لثواني ونظراته الحادة بتلاحقني من قبل ما يعرف، توجه ليا وقال
- عملت ايه؟!.. "
وطيت راسي بحرج وانا بلعن غبائي اللي خلاني أغلط وخلاها تعرف سري فتمسكه عليا زلة. ولما اتاخر ردي قالت :
" ما تقوله، البيه بيحب رحمة مرات خاله!.."
بصيت لبابا أشوف رد فعله، وشوفت الصدمة من اللي سمعه، وقبل ما يقول كلمه سبقته وقلت :
"طيب ما تكملي للآخر، قوليله إنها هي نفسها اللي كنت عايز أتجوزها.."
قال:
"كلام إيه ده؟"
"ايوة يا بابا رحمة هي البنت اللي كلمتكم عليها، بس أنا مكنتش أعرف إن هي نفسها بنت داليا، ولا عرفت إنها هي خطيبة خالي غير يوم كتب كتابهم، أنا مبغلطش.."
قالت ماما بعصبية:
"لأ بتغلط، أديك عرفت إنها خطيبة خالك وكتب كتابه عليها وشوية وهيعملوا الفرح، عايز تقعد تاني ليه؟"
"مش علشانها، أنا عايز أقعد هنا علشان مش هعرف أعيش هناك، وعلشان مش ههرب من حاجة."
قال بابا وهو بيحط إيده على كتفي:
"تعال يا حسن، عايزك."
وقفت في طريقنا وقالت:
"انت هتسكت..
" ابعدي يا جيهان، عايز اتكلم معاه لوحدنا.. "
"أبداً، تتكلموا قدامي وافهم ناويين على إيه؟"
"اسكتي يا جيهان، هتكلم معاه وارجعلك... تعال."
دخلنا الأوضة.
وقفني قدامه خجلان ومش متجرّأ أبص له، ولكن بابا طول عمره أكتر تفهّم واحتواء من أمي، مزعقش وقال بهدوء:
"قول يا حسن."
قلت بحرج:
"أقول إيه؟"
"بتفكر في إيه وناوي على إيه؟"
"مش بفكر في حاجة، أنا مش حابب أسيب هنا، مبرتحش غير هنا.."
استرسلت برجاء:
"يا بابا أرجوكم افهموني، أنا مبحبش السفر من قبل ما أشوف رحمة وإنتوا عارفين، ليه مُصرين تعيشوني حياة أنا كارهها؟"
" انا طول عمري سايبك على راحتك بس دلوقتي الوضع اتغير، وتمسكك بالقعاد بعد اللي عرفته ده مش مريحني.
قلت بضجر
" يا بابا..
قاطعني وقال "
" اوعي تكون فاكر اني مخدتش بالي من اهتمامك بيها وعينك اللي متشالتش عنها ونظراتكم لبعض من تحت لتحت لما جت."
انعقد لساني معرفتش أقول حاجة، فربت على كتفي وقال:
"صارحني يا حسن، في بينك وبينها حاجة؟"
مترددتش لحظة إني أنكر، فوراً نفيت وقلت:
"بتقول اية يا بابا، مفيش أي حاجة، ده حتى في الأول مكنّاش أكتر من صحاب، ومحصلش إني قولتلها عايزها ولا هي لمحتلي إن في مشاعر جواها لي."
"حسن!"
"مفيش يا بابا، يعني أنا هخون خالي؟"
" أمال عايز تقعد ليه؟ وبصراحة؟"
سكت أفكر في كلام أقوله، كنت بدور على كدبة، لكن ملقتش، ولقيت إني مهما أقول، بابا مش هيصدقني، فتنهدت وقلت:
"أنا مش هعرف أكدب عليك، بس أنا عايز أفضل علشان أحاول يا بابا، هي متناسبهوش، ده لو اتجوز أمها كان خلف قدها."
"تحاول في إيه بالظبط؟"
"أخليه يسيبها، وأتجوزها أنا."
سكت ف قلت بحرج
" انا عايزها وخايف عليه هو، انا كده بحميه من نفسه.. "
"وإيه نوع المحاولة دي؟ إنت واعي للي بتقوله؟"
"واعي، بس على أي حال، حتي لو مكنتش عايزها، هي متناسبهوش"
"بس إنت كده ماشي في طريق غلط، ونهايته وحشة."
" ده لو عرف اني عايزها بس، وهحاول مبينش لغاية ما الاقي حل، لو ملقتش، همشي.."
هز دماغه وقال بحيرة:
"ودي هتحلها إزاي؟ هتقوله سيبها ده أنا عايزها؟ مش حل.."
" ما انا بقولك مش هبين، علشان خاطري يا بابا خلوني، ولو مقدرتش أعمل حاجة، هسافرلكم ومش هرجع هنا تاني."
"يابني إزاي..."
قلت بالحاح "
"بالله عليك يا بابا، لو يهمك سعادتي خليني، وأنا أوعدك قدرت أو مقدرتش، هسافر وأعيش معاكم هناك.."
تنهد وقال بقلت حيلة :
" هقولك، خليك، وربنا يعديها على خير... بس خلي بالك، بلاش غلط، خليك بعيد عنها هي."
ابتسمت بسعادة حضنته، وقلت "
" ربنا يخليك ليا يا بابا "
طبطب عليا وقال
"خلي بالك من نفسك."
" حاضر..
بعدت عن حضنه وقلت بتخوف:
" بس ماما.. "
" سيبهالي انا "
مش عارف إزاي مشيوا، مش عارف إزاي أصلًا ماما وافقت، كل اللي أعرفه إنه دخل معاها الأوضة وخرجت بعد شوية وبدأت تشيل الغطا اللي على المفارش من تاني، وغيرت هدومها ومشيت من غير ما تبص لي ولا تسلم عليا.
حتى لما وصلتهم المطار، مودعتنيش، ومشيت على طول.
صدام
خرجت من البيت قاصد دمنهور لمقابلة مديحة، ولكن اللي خلاني أغير وجهتي إني من أول خروجي من الفيلا وانا ملاحظ عربية بتمشي ورايا.
مكنتش محتاج أفكر مرتين ولا أحتار علشان أعرف إن دول تبع أمي، ممشياهم ورايا علشان تعرف هعمل إيه.
وبعد لف في الشوارع علشان اتوهم، لقيت نفسي قريب من شقة حمزة.
قررت أكمل طريقي على هناك يمكن تكون هي دي الفرصة اللي اقدر اتكلم فيها مع رقية عن الفكرة اللي وصلتلها وتساعدني ننفذها ونبعده لغاية ما اوصل لحل المشكلة
وعند وصولي لشقة ونزولي من العربية لفت انتباهي راجل شعره ابيض مصفف مع ملابس انيقة شبابية شوية واقف علي بعد مسافة من الشقة، والمريب إن عينه كانت عليها وكأنه بيراقب ولما لاحظ تركيزي معاه خرج تليفونه وبدء يقلب فيه.
شكيت في أمره، بس محاولتش أكلمه. في النهاية، ممكن يكون واقف لأي سبب تاني غير مراقبة الشقة.
دخلت ورنيت الجرس، وأنا بحضر كلام أقوله لو حمزة هو اللي فتحلي واستغرب جيتي عنده.
بعد لحظات، هي اللي فتحت.
أول ما شافتني اتخضت، وبصت وراها بسرعة كأنها بتتأكد إن حمزة مش واقف،
رجعت لي ببصة فيها اصطناع للهدوء وقالت:
"مستر صدام!؟ اتفضل"
قلت بجدية، وأنا كلي حرص إن صوتي يكون واطي علشان ميسمعنيش فيطلع قبل ما أقول اللي عايزه:
"حمزة هنا؟"
رجعت بصت وراها وبعدين رجعتلي وقالت بتوتر
"ايوة.."
بصيت لداخل واطمنت إنه هيشوفني ولا يسمعني ف رجعتلها وقلت :
"ابقي كلميني.."
قالت بتوتر وهي مش بتوقف بص وراها:
"أكلمك في إيه؟"
"إنتي عارفة هتكلميني في إيه.."
"معنديش كلام غير اللي قولته، من فضلك متعمليش مشاكل"
"مش هنتكلم هنا، حمزة هيسمع ويقول في إيه"
تمتمت بكلام غير مفهوم، وبعدين تنهدت وقالت بضيق:
" ماشي، اتفضل"
دخلت، وفي نفس الوقت خرج حمزة من الحمام، ولما شافني اندهش، جه ناحيتي وقال:
"صدام؟!!"
"آه، صدام... مستغرب ليه؟"
قرب المسافة بيني وبينه، حضني وقال:
"ومستغربش إزاي؟ أول مرة تيجي! نورت الدنيا، تعال..."
قعدنا في الصالون ورقية فضلت واقفة مكانها بتفرك في إيديها والقلق ماليها، ويمكن لو هو مكنش مشغول بيا كان لاحظ وشك في حاجة. رمقتها بنظرة جامدة علشان تنتبه وقلت موجه كلامي ليه :
"قلقان ليه، مفيش حاجة، جيت اسلم وماشي."
قال باستغراب:
"واقلق ليه، أيوه دخلتك عليا مش مريحاني، بس مش قلقان."
قام وقال موجه كلامه ليها:
"اعملي عصير، وأنا هدخل أغير اللبس ده وأجي."
"حاضر."
دخل جوه، وهي فضلت مكانها بتتبعه بعنيها لغاية ما دخل وبعدين بصتلي وهمت انها تتكلم. أشرتلها بإيدي ناحية المطبخ وقلت:
"اي حاجة عايزة تقوليها قوليها في التليفون، وخفي توتر هياخد باله، اتفضلي."
تتفست بضيق وسابتني ودخلت المطبخ.
واما عني ف انا مكنتش مرتاح للي بعمله، بس مكنش في طريقة تانية تخليه يسافر ويبعد الفترة الجاية غيرها هي .
وبعد دقيقتين رجع، قعد جنبي، وقال بابتسامة:
" والله العظيم البيت نور ."
"منور بيك يا قونطجي."
" طيب علشان الكلمة دي انت هتتغدا معانا النهارده؟"
"لا لا مش هقدر، خليها مرة تانية."
"خليها مرة تانية ومرة تالتة، بس برضو هنتغدى سوا"
نده عليها وقال متجاهل اعتراضي"
" روكاا، صدام هيتغدى معانا النهارده، عايز أشوف إبداعاتك.."
ردت بصوت مهزوز:
"حاضر."
"يابني قولتلك مش هتغدا اسكت."
بص للمبطخ وبعدين ميل عليا وقال بخفوت :
"طيب عليا الطلاق بالتلاتة لا تتغدا معانا "
"طيب، علي صوتك عشان أصدقك "
حد من نظراته وقال:
"وطي صوتك انت، الشقة باسمها، تطردنا دلوقتي."
ضحكت ضحكة خفيفة، وهو استمر في كلامه وهزاره اللي مش بينتهي.
يمكن معاملة بابا وماما لينا، وتحيز كل واحد فيهم لواحد بس مننا، عمل شرخ في علاقتنا.
لكن عمري ما كرهته، بالعكس، مع إن فرق السن بينا مش كبير، بس كنت دايمًا حاسس إنه ابني، مش أخويا الصغير وبس.
بقيت باصصله وهو بيتكلم ويهزر وابتسامته مش مفارقة وشه، وقلبي بيألمني عليه أكتر من حزني على نفسي.
مكنتش قادر أخفي شعوري اللي بيبان في نظراتي ليه، لغاية ما لاحظ وبهتت ابتسامته، وقال:
"إيه يا بني مالك؟"
قلت بهدوء:
"مالي؟ ما أنا كويس أهو."
"كويس فين بس؟ ده انت شوية وهتعيط."
"أعيط؟"
"أيوة، انت مش شايف منظرك، لسه زعلان؟"
"وأنا إيه يزعلني، ده يدوب موت بنتي قبل ما أشوفها."
مسح على إيدي وقال:
"ملهاش نصيب تيجي، كانت هتموت على أي حال."
"على رأيك."
"متزعلش."
"عادي."
نادى على رقية وقال:
"إيه يا روكا، كل ده بتعملي عصير؟"
جاني صوتها من المطبخ مرتبك:
"جاية أهو."
بصلي وقال:
"مش بتتأخر في العادي."
رديت بابتسامة ظاهرية :
"عاملة إيه معاك؟"
ابتسم وقال:
"زي الفل."
"رضيت عنك ولا لسه إخوات؟"
ضحك وقال:
"إخوات وحياة أبوك، بتنيمني على الكنبة."
كانت ضحكته صافية، بتوصف شعوره بالسعادة اللي حاسس بيها في الوقت ده.
كان دايمًا بيستهزأ من الحزن، يحكيه وهو بيضحك، مبيعملهوش قيمة، فيحس اللي بيكلمه إن الحياة أبسط ومن غير تعقيد.
يمكن علشان المشاكل اللي مر بيها مكانتش بحجم المشكلة دي، واللي لو عرفها، مفتكرش إنه ممكن يرجع تاني زي الأول.
مكنتش قادر أتحكم في تعابير وشي وأظهر عكس اللي حاسس بيه، ولفت انتباهه مرة تانية، والمرة دي قلق، وحس إن في حاجة مخبيها عليه، فقال:
"يابني مالك، في حاجة حصلت؟"
"حاجة إيه يا موسوس انت، مفيش؟"
"أمال في إيه؟ شكلك مش طبيعي النهارده."
"أبداً، مش مظبط شوية."
"يعني مفيش حاجة مخبيها عليا؟"
ربت علي كتفه وقلت بابتسامة
"متشغلش بالك، مفيش."
فضل مرتاب وعينه بتحكي عدم الراحة اللي حس بيها لغاية ما دخلت رقية علينا وقالت وهي بتحط العصير قدامنا:
"اتفضلوا."
التفت ليها قال:
"تسلم إيدك، اقعدي."
قعدت معانا ف كنت بتجنب النظر ليها، بشكل مبالغ فيه لغاية ما بقا شكلي مثير لشك ورجع حمزة رجع يسألني في إيه، ويلح في السؤال.
ولكن زي العادي، قلت مفيش، ومر الوقت، واتغدينا سوا، وبعدين مشيت، وهو وصلني لغاية العربية.
رقية
وصله ورجع بعد عشر دقايق، ويمكن أكتر، مهموم وزعلان.
دخل الاوضة من غير ما يكلمني.
روحت وراه وانا حاطة ايدي على قلبي وعقلي بيخيلي انه عرف حاجة.
وهناك لقيته قاعد على طرف السرير وبيبص لنفسه في المرايا، كان مركز قوي في شكله وكأنه بيطابقة مع شكل حد تانى.
ودي حاجة قلقتني اكتر ف
وقفت قدامه أخفيها عنه وقلت:
"في حاجة؟"
رفع وشه ليا وقال بضيق:
"الراجل واقف بره."
"راجل مين؟"
" اللي وداني المستشفى."
اهتمامي وخوفي عليه كانوا هما اللي متحكمين فيا في الوقت ده خلوني قعدت جنبه، مسكت إيديه وقلت :
"وإنت قلقان ليه؟ ده راجل مجنون، ممكن نبلغ عنه ونوديه في مصيبة تاخده"
قال بضجر:
"حتى دي مش قادر عليها، الراجل ده هيخلي عقلي يشت، انا مش فاهم عايز مني اية."
شديت علي ايده وقلت:
"ولا يشت ولا حاجة، هو قاصد يلخبطلك حياتك، متدلهوش الفرصة، لما تشوفه متبصلهوش ."
هز دماغه بالموافقة وتنهد بضيق.
كان واضح ان مش انا لوحدي اللي مش مركزه في اللي بيحصل.
وبعد لحظات من شروده انتبه!
وحرك قازحيته ببطء بصلي انا مره وايدي مره وضيق عينيه بخبث وهو بيذم شفتيه..
" اممم.. "٠
شديت ايدي منه وقفت وقلت بتلعثم:
" في ايه؟!، اية معني البصة دي..انا قلقت عليك ف مسكتها.. اقصد ان...
قوس بوقة بثقة ورفع ايديه بتفاخر وقال وهو بيحوم حوليا
" قلقتي عليا؟.. قلقتتتي علياااا، يعني اهمك، واهمك يعني...
فجاة فزعت لما نط قدامي وقالي
" يعني بتحبيني يا هانم،...
مطيت بوقي باشمئزاز ف فردلي ايديه وتابع
" اذاً نتجوز "
وميل عليا علشان يحضني وطيت فوراً وطلعت اجري من الاوضة.
خوفني تحوله المفاجيء ف دخلت الاوضة التانية
قفلت الباب علي نفسي من جوه وسندت بضهري عليه.
قلبي كان بيخبط بقوة.
ف جه عندي خبط وقال وهو بيضحك
" يابنت المجنونة، بهزر افتحي...
" والله ما حد ابن مجنونة وملبوس غيرك..
" بلبوص غيرك، انا بلبوص يا رقية..
مردتش ف جاني صوته هادي بيقولي
" افتحي كنت بهزر، ما انا لو مهزرتش بعد اللي بيحصل فيا من ابن الاية ده هتجنن..
بقيت سمعاه وساكتة ف تابع بضيق
" تصدقي مخنوق وطالبة معايا عياط.. "
فتحت الباب خرجت عنده وقلت
" تعيط بجد..
" مش اعيط عياط، بس متضايق، وبقيت اخاف افكر او اتساب لدماغي، في حاجات كتيره بتدور حوليا لو سبت نفسي لتفكير فيها هتجنن بجد... ولا انتي مش شايفة ده
مكنش عندي كلام اهون عليه بيه ولا عندي الجراة اللي تخليني امسك ايده او احضنه ف قلت
" كلنا كده لو اتسابنا لدماغنا هنتجنن بس انا عندي حل..
" واية هو..
مشيت باتجاه المطبخ وانا بجهزلة مكيدة
" أننا نغير الروتين اللي عايشين فيه ، يعني مثلا بدل ما نعمل كيكة بالدقيق..
قطب حاجبيه بعدم فهم.
فتحت الدرج وخدت منه برطمان الدقيق حطيته علي الرخامة وقلت وانا بفتحه
" نعمل بيه كده
غرفت شويه ورشيتهم عليه وبعدين دفعته عن طريقي قبل ما يستوعب وجريت وقلت وانا بضحك
" واحده بواحدة..
اختفت ضحكتي لما لقيته بيفرك في عينيه ويمد ايده يتحسس الطريق قدامه ويقول
" عيني عميت يا شيخة، ده هزار ده..
عبس وشي ورجعتله وقلت وانا بمسك ايده علشان يوقف واشوف عينه.
وفجاة مسكني من خلف رقبتي وقال وهو بيمسك برطمان الدقيق
" تلعبي علي مين انتي.. "
قلت بصراخ
" ونبي ونبي شعري مش بينضف وبيعجن..
" خليه يعجن، انا عايزه يعجن.. "
رفع البرطمان ودلقه كله فوق دماغي وشدني بالقوة نزل راسي تحت الحنفية وبدء يعجن، شعري كله بقا عجين وبقينا لساعات بنضف فيه..
ومع كل المعجنة بمعناها الحرفي بس كنت سعيدة حتي لو كانت سعادة ناقصة بسبب كلام صدام وعز
حازم
في وسط قلقي من اللي ممكن يعمله حمزة ردا على محاولتي لخطف مراته، كنت محتار في أمر الراجل ده ومش فاهم إيه حكايته.
هو فهمني إنه عايز ينتقم منه، بس الحقيقة إنه كان بيوقعني علشان يعرف نيتي تجاهه، ولما عرف، أنقذ مراته مننا.
وكمان انتبهت لإنه بقاله أكتر من سنة ماشي وراه، ومحاولش يضره ولا مرة، ف مين ده؟ وليه بيعمل كده؟
هو ده اللي بقى شاغلني، وهمي بس إني أعرفه.
كلمت مروان اللي متمدد على الكنبة جنبي، فرد عليا وقال:
"إيه؟"
"محدش كلمك خالص؟"
اعتدل وقال بحيرة:
"قولتلك لأ، وهو ده اللي أنا مش فاهمه، يكون ماعرفتناش ياض؟."
"ماعرفتناش إزاي؟ ماهي شافتنا في الفرح، وأكيد حكالها عننا."
"يبقى ماجابتش سيرة. أمال سايبينا ليه؟"
شردت بتفكيري أفكر في كلامه. فعلاً، مدام سايبينا يبقى ماقالتش...
بس ماقالتش ليه؟
ده كان سبب تاني شاغلني، واللي وصلت له إن في حاجة بتحصل بخصوص الراجل ده، وهي تعرفها.
رجعت كلمته وقلت:
"طيب، ما تجرب تتصل بـ ياسر وتشوف هيقولك إيه؟"
"وافرض طلع عارف؟"
"وإذا عارف، مكالمتك هتغير إيه؟ كلمه وشوف."
#ياسر
بقاله شوية غايب، وفجأة اتصل بيا في الوقت اللي أنا كنت بكلم بسنت بخصوص خروجنا علشان نشتري الفستان.
تجاهلت اتصاله وكملت مع بسنت، وطلبت منها نروح لوحدنا، لكن رفضت وقالت:
"بابا وماما مش هيوافقوا."
اجابتها بتذمر:
"وأنا هخطفك؟ أنا عايز نخرج شوية مع بعض لوحدنا."
"مبقاش كتير وهنخرج براحتنا، ولو لازم، أنا ممكن أقول لرقية تيجي معايا، واهي أهون من الباقيين."
"يكون أحسن، خليها هي تيجي، وناخد حمزة بالمرة، يمكن مشوار زي ده يفرق معاهم شوية."
"وأنا شايفة كده، بس عارف؟..."
"إيه؟"
"مش حاسة إني هقدر أخبي تعاطفي معاه..."
"ومين سمعك؟ أنا كمان معرفتش أخبي، وهو خد باله، بس إنتي ممكن تنشغلي بيا شوية، وكده هتتلهي عنه."
"هو ده اللي أنا هعمله. يلا، هروح أكلم رقية وأطلب منها تيجي الصبح."
#رقية
بعد ما نهينا تنضيف شعري من العجين بقيت ادور على فرصة اكلم صدام ولكن هو ماكنش بيسيبني لحظة.
ماشي ورايا في كل حتة، زي طفل صغير بيتعلق برجل أمه، ورغم إني كنت محتاجة لحظة هدوء بعيد عنه، لكن كنت حابة قربه...
حابة إنه عايز يكون جنبي طول الوقت، وإن وجودي معاه مريح ليه بالشكل ده.
ولما يأست من فكرة إن الفرصة هتيجي، صرفت نظر عن المكالمة، ودخلت المطبخ وطبعًا، دخل ورايا...
ضحكت من جوايا، وابتسامة صغيرة لمعت على وشي، لفيت له وقلت له:
"رجليك ماوجعتكش وإنت ماشي ورايا من أوضة لأوضة؟"
بصلي بعينين مليانين حنين وهدوء، وقال:
"بحب أكون معاكي..."
جُملته البسيطة دي لمست قلبي.
ومحاولتش أهرب من نظراته، كنت سامعة خفقات قلبي جوا صدري، ولساني بيحاول يترجم اللي حاساه، لكن كالعادة اتعقدت الحروف في حنجرتي وصعب عليا نطقها...
قرب أكتر، وقف قدامي،، ونظراته مازالت معلقة بعيني، وقال:
" مش مصدقاني..
" انت مقولتش حاجة علشان اكدبك ولا اصدقك.. "
" بقول كتير يا روكا، محدش بيقول غيري، مش عارف إزاي قدرتِ تخليني كده، وأنا اللي ما كنتش بضعف ولا بلين لحد قبلك."
وقفت ساكتة شوية وكلي بنجذبله ولقيت لساني بيرد :
"أنا اللي مش..."
لكن صوت رنة التليفون قاطعني، ورجعني فجأة للواقع...
مسك ايدي قبل ما اتحرك، وقال بلهفة:
"انسيه وكملي... كنتي هتقولي إيه؟"
قلت بتوتر:
"هشوف مين بيتصل..."
رد بإصرار:
"بعدين... قولي اللي كنتي هتقولي."
فضل مستني...
لكن أنا كنت خلاص تهت، تفكيري مشوش، ومشاعري متلخبطة...
سحبت إيدي منه بهدوء وقلت:
"بعدين..."
اتغير وشه، عبس، وقال:
"بعدين؟! طيب، ردي... علشان عايز نلعب."
ابتسمت بإجهاد:
"ماشي."
بعد ما نهيت المكالمة، وقبل ما ألحق أرتب أفكاري، لقيته ورايا.
بعدت و قلت له بارتباك:
"بسنت عايزاني أروح معاها بُكرة نجيب الفستان..."
مااهتمش، قرب مني خطوة وقال:
"نلعب؟"
نظراته كانت بتتكلم لوحدها، مش محتاجة ترجمة.
قلبي دق بسرعة، توتر وضعف، ورغبة مش مفهومة، كلهم اتجمعوا مرة واحدة.
همست:
"نلعب."
ابتسم وقال:
"هسأل، ولو مجاوبتيش... تنفذي الحكم."
"ماشي، قول."
مسك إيدي المرتجفة، قربها منه، وبصلي في عيني وقال:
"يعني إيه سيني سيفيروم بتركي؟"
كان بيبصلي بترقب لنطق الإجابة، بس أنا مكنتش متأكدة...
افتكرت لما قالها قبل كده، وتخيلت إنها تعني بحبك...
حسيت بحرارة بتتسرب في جسمي، وترددت، لكن اخترت أجاوب...
كنت محتاجة أقول اللي في قلبي حتى لو بشكل غير مباشر.
بصيت له، وقلت بصوت متهدج:
"بـ... بحبك."
سألني، وعينيه بتدور عن الاجابه :
"معنى الكلمة... ولا؟"
سحبت إيدي، ورديت بتلعثم:
"معنى الكلمة..."
ابتسم بخبث وقال:
"غلط... هتنفذي الحكم."
عبست:
"غلط ليه؟"
"هو كده... مش بحبك."
"ماشي، احكم."
قلبي كان بيخبط من الخوف، وكنت واقفة قدامه بحاول أتماسك.
عارفة إن طلبه مش هيكون بسيط، وفعلاً شاف الخوف اللي في عيني...
حس برجفة إيديا اللي مش بتسكن، أخد نفس عميق، و كان هينطق...ولكن
غير الفكرة ده اللي فهمته من تعابير وشه
ابتسم وقال
" اي حاجة..
أشر على خده. وقال
" ها..
فهمت، وسحبت إيدي بسرعة، وقلت:
"لا..."
مسك إيدي، جذبني ليه، حاوط خصري، وقرب وقال:
"ده الحكم... لا تبوسيني، لأما انا اللي ابوس وساعتها مش هتكون في الخد."
قرب أكتر...
درت وشي، وقلت بصوت مبحوح:
"ماشي، هنفذ... بس سيبني."
رد بنبرة هادئة:
"نفذي الأول..."
قلبي بيخبط في صدري، جسمي بيسخن من التوتر...
قربت...
ولما لمست خده ببوسة خفيفة، لقيته بيلف وشه، وشفايفه لمستني...
زقيته عني بسرعة، وقلت بارتباك شديد:
"إيه الاستهبال ده؟!"
ضحك وقال:
"سوري... بالغلط."
" انت بتستعبط، مش هلعب اللعبة دي تاني..
دخلت أوضتي، وأنا بقاوم ظهور ابتسامتي لربما يفهم اني راضية عن تصرفه الوقح ده.
قفلت الباب من جوه و وقفت قدام المرايا اتحسس اثر لمسته ورحت احدث نفسي
" يلعن ابو شكلك..
رجعت ابتسامتي تجدد وبصيت لانعكاسي في المرايا وقلت
" والله العظيم وقح
حمزة
بعد ما خرجت من الاوضة
سحبت نفسها ناحية السرير بسرعة، كأنها بتهرب...
مش مني، لا مش مني... من مشاعرها، أو يمكن من لحظة كانت مستنياها بس معندهاش الجرأة تبدي رغبتها فيها .
وأنا فضلت قاعد على الكنبة، قلبي بيتخبط فـ ضلوعي.
عيني مش راضية تبعد عنها وكل ثانية بتعدي، عقلي بيزن عليا:
قوم، روحلها... حاول، يمكن المرة دي متمنعش، يمكن بتحبك أكتر ما بتخاف.
وفي النهاية قررت وقومت...
كنت خلاص رايح ناحيتها ويا أما توافق بمزاجها يا أما تفضل تدعي الإعتراض وفي النهاية مش هيحصل غير اللي يرضينا احنا الاتنين
بس مجرد ما خطيت خطوة واحده صوت رسالة قطع اللحظة.
تنهدت بزهق وهمست:
– فصلان أهلكم على المسا... مين البارد ابن الباردة ده؟
مسكت التليفون وفتحته، لقيت صدام بيكلمني وبيقولي:
" صاحي ولا نايم؟
تحوّل تذمري لقلق، صدام اول مره يكلمني في وقت زي ده، هو مبيكلمنيش أصلاً
رديت فورًا
"صاحي، في إيه؟"
" طمن عليك.. "
" تطمن عليا؟ "
"أيوه يا بني، في إيه؟"
" مفيش، بس أول مرة تكلمني في وقت زي ده علشان تطمن عليا،
دي أول مرة تطمن عليا اساساً يا صدام "
" ما انا لقيت نفسي مش مظبط، قلت أكلمك وأطمن عليك بالمرة "
"وإيه اللي مش مظبطك؟"
" مخنوق، وطهقان.. عارف؟ أنا لو منك، كنت خدت بعضي وسافرت قضيت أسبوعين في أي مكان بره. "
كلامه ما دخلش عقلي
حسيته متحضر من قبل ما يكلمني وكأنه بيديني الفكرة علشان انا اللي اسافر ماهو قالهالي مرتين قبل كده "
قلت:
" دي نصيحة... ولا نفسك تروح ومش لاقي حجة؟ "
" بقولك لو ظروفي زي ظروفك،
الوقت ده أنسب وقت الواحد يسافر فيه ويعيش حياته...
ما كنتش مرتاح،
واضح أوي إنه عايزني أسافر... بس ليه؟
مكنتش فاهم،
كنت حاسس إن في حاجة مش مظبوطة،
والموضوع مش صدام لوحده.
واللي أكد إحساسي ده،
إنه وأنا لسه بكلمه، لقيت ياسر باعتلي:
"صاحي يعني؟"
" بكلم صدام... إنت صاحي ليه؟"
" بتكلم مع بسنت، شوفتك فاتح، قلت أكلمك. طمني، إيه الأخبار؟ "
" تمام... وإنت؟ "
" حلو... امال رقية فين وسيباك "
"رقية نايمة..."
"لسه برضو؟"
" لسه إيه؟ "
" لسه إخوات؟ "
" مش بالظبط، حصل تطورات . "
" طيب... ما ده كويس قوي، إيه رأيك تاخدها وتسافروا يمكن يحصل تطورات أكتر...
" نسافر فين؟
" أي حتة، إن شاء الله حتى إيطاليا!
وراكم إيه؟ اسمع مني، خدها وعيشوا حياتكم،
مين هيدور عليك إنت يعني؟ "
"على قولك، مين هيدور عليا...
بس في إيه؟ إنت مش أول حد يطلب مني أسافر...
هو أنا مضايقكم قوي كده