
رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الثالث والاربعون43 بقلم نجمه براقه
رحمة
كنت في الأوضة رايحة جاية مستنية رد حسن عليا بعد ما بعتله أكتر من عشرين رسالة بسأله:
"انت فين؟
سافرت ولا لأ؟
أوعى تكون قليت باصلك معايا!"
وبعض الرسايل كنت بلعنه فيها بسبب عدم رده، وعدم اهتمامه باللي ممكن أكون فهمته أو حاسة بيه.
زودتها في الرسايل ولكن ده لان من وقت ما قابلته تاني وأنا بتخض من التغيير اللي بيحصل من مرة للتانية.
كتير فرحتي مبتكملش معاه، وبقت نفسيتي بسببه على كف عفريت، وتأخره في الرد عليا بيعملي هواجس وقلق مبينتهيش غير لما يرد.
ومرت الساعات، وأنا على نفس الحالة، لحد ما حسيت نفسي بتضيق وعايزة أشم شوية هوا.
خرجت للجنينة، اتسحب علشان اللي في البيت ميسمعونيش.
تخيلت إني نجحت في التسلل ومحدش شايفني، فكنت مرتاحة وأنا برجع أكتبله مرة تانية،
وملامحي كانت بتنطق بالانفعال اللي حاسة بيه.
وعند وصولي للمقعد، فزعت لما جالي صوت صدام من قدامي بيقولي:
"بتتخانقي مع مين؟"
لما استقرت عيني عليه وعرفت ان هو تنفست الصعداء، وانا حاطة إيدي على صدري اسنده لا يهبط مني بسبب الخضة وقلت:
"خضتني، حرام عليك! قاعد ليه هنا في الوقت المتأخر ده؟"
قال بهدوء:
"ولما عارفة إن الوقت متأخر، ماشية تتسحبي ليه؟"
اربكني سؤاله ف تحمحت وقلت وأنا بحاول أخفي ارتباكي:
"حبيت أشم شوية هوا."
قعدت جنبه وقلت:
"وانت بتشم شوية هوا برضو؟"
"آه."
قالها بهدوء من غير ما يبصلي، ورجع يسكت. كان باين ان في حزن كبير جواه مش قادر يتخطاه.
رقّ قلبي لحاله، وحبيت أهون عليه فقلت:
"انت على طول كده زعلان؟"
رماني بنظرة سريعة وقال:
"هو فين الزعل؟ أنا بس مبحبش أتكلم كتير."
"ولا أنا. مبحبش الرغي، وبكره الناس اللي بتتكلم كتير وبالذات لما أكون متضايقة وحد يكلمني."
بصلي بطرف عينه وقال:
"والله!؟"
"ايووة! ده لما بابا مات، كنت تعبانة ومنهارة، فكان في ستات جم عندي البيت قال يعني ياخدوا بالهم مني، قال!"
تابعت بتذمر:
"وفضلوا يرغوا يرغوا، وكل واحدة تقولها كلمة... يا ربي هتعيشي إزاي؟ هتاكلي منين؟ هتقعدي فين؟
كنت هانفجر في وشهم وأقولهم: إنتوا مالكم؟ اخرجوا بره بجكم القرف!"
ذمّ شفايفه وقال:
"عندك حق... ناس متخلفة"
قلت بقرف:
"قووووي! أنا أهو مستحيل أضايق حد زعلان لو مكنتش ههون عليه، فبقعد ساكتة."
ضحك غصب عنه لسبب اجهله وقال:
"واضح، المهم، بتعرفي تهوّني في الآخر؟"
قلت ضاحكة:
"لأ."
ابتسم وقال:
"المهم إنك بتحاولي، حتى لو بترغي وتدوشي دماغه."
قلت:
"عندك حق..."
سكت لحظات، وبعدين بصيتله باستفهام وقلت:
"تدوشي دماغه؟ قصدك أنا دوشتك؟"
ضحك ضحكة خفيفة وهز دماغه بالنفي، فقلت:
"الحمد لله، خوفت أكون دوشتك. بس على فكرة، الدنيا مش دايمة، مش أي حد يموت نفضل زعلانين عليه.
يعني خلاص، الدنيا هتوقف؟ بتمشي. أنا أهو، أمي وأبويا ماتوا، وزعلت سنين، بس خلاص، رضيت بحكمة ربنا."
تنهد بزهق وقال:
"ربنا رحمهم."
حسيتها زلة لسان وكان يقصد يرحمهم، صفيت نيتي وقلت:
"يا رب."
بصلي باستغراب، ورجع يبص قدامه.
كنت حاسة إنه لسه متضايق، وكنت هكمل، لكن وقفتني رسالة.
عرفت إنها من حسن.
وده اللي لخبطني، بمجرد ما رجع يبصلي ويبص لتليفون.
قلت وأنا بقوم من جنبه من غير ما افتح الشاشة واتاكد اذا كان حسن فعلاً ولا لا
"ده ياسين."
عينيه كانت متعلقة عليا بشكل وترني، فقلت بابتسامة مرتبكة:
"هدخل أكلمه، تصبح على خير."
مردش، وأنا سيبته ودخلت جوه فورًا، قفلت الباب ورديت .
"كل ده علشان تفتكر تكلمني؟ كنت فين كل ده؟"
"خوفتي أكون سافرت؟"
"أيوه، من الصبح عقلي يودي ويجيب. انت فين؟"
"في البيت، ولوحدي. قدرت أقنعهم إني أقعد."
ابتهج وشي، ورفرف قلبي من السعادة كتبتله وقلت:
"يعني مش هتسافر؟"
"هسافر معاكي، بس قولي يا رب أقدر أقنع خالي هو كمان."
"يا رب تقدر يا حسن، يا رب."
"خايفة مقدرش..."
"خايفة أكون لحد تاني غيرك..."
"وأنا كمان، بس ادعيلي، اللي جاي شكله مش هيكون سهل."
"سهل، صعب، أنا معاك، ومش عايزة غيرك."
"طيب ما لو كده، تيجي نتقابل بكرة؟"
"اشمعنا؟"
"وحشاني، وخالي يمكن ييجي، ومش هيكون في فرصة نتقابل."
وجه تاني يوم وقلت لياسين إني عاوزه أخرج، وصدام هو اللي يخرجني.
حسن هو اللي قالي أقول كده.
رفضت في البداية لكن هو اقنعني ان دي الطريقة الوحيدة اللي هيقول ان هو اللي يخرجني وفي نفس الوقت مش هيشك في حاجة.
وبالفعل، حصل زي ما قال، لكن بعد ما ياسين اتعصب عليا واتكلم معايا بنبرة شك، وزي المرة اللي فاتت قاللي:
"حسن هيخرجك، ومش عايز نقاش."
اتنرفزت منه، واتنرفزت من حسن كمان، لأنه هو صاحب الفكرة من الأساس.
وأنا خارجة من البيت، لقيت صدام في الجنينة بيركب العربية.
كملت طريقي لغاية حسن اللي كان واقف مستنيني في نفس المكان.
وقبل ما أركب، لمحت عربية صدام جاية ناحيتنا...
ما بصلناش خالص، كأنه ما شافنيش.
قلت بحيرة وأنا داخلة العربية:
"معقول صدام مخدش باله مني؟"
بصلي بتعجب ممزوج بعدم رضا، وقال:
"وإنتي عايزاه ياخد باله منك ليه إن شاء الله؟"
"بطل رخامة، أنا بس مستغربة إنه عادي عنده يشوفني نازلة من عربيتك من يومين، واهو أنا خارجة معاك تاني، وبرضو عادي! أي حد مكانه هيقول: في إيه؟
رد بهدوء بس فيه تحذير:
"لا، متشغليش بالك... أول حاجة هو مالوش دعوة.
تاني حاجة، لو خد باله إن في بينا حاجة، هتشوفي وشه الحقيقي."
بصيت له بعدم فهم، فقال بنبرة جادة:
"يعني هيستغلها ضدك وضدي، وهيصدق ما يلقيها عشان يبوّظ علاقتنا بخالي."
"والله إنت فاهمه غلط... ده غلبان وطيب."
اتبدلت ملامحه فجأة وقال بحدة:
"تاني غلبان وطيب؟ "
"اه، في إيه مالك؟"
قال بجدية واضحة:
"رحمة، مش عايز جنان. ابعدي عن الواد ده. لا تكلميه، ولا تردي عليه."
"إزاي يعني مكلمهوش ولا أرد عليه وإحنا سوا في نفس البيت؟"
"وإيه يعني؟ اعملي زي مراته التانية، شفتيها بتتعامل معايا إزاي؟ اتعاملي معاه زيها."
"بس إنت بتيجي دقيقتين وتمشي... أنا بقى قاعدة معاه على طول."
مسكت إيده، وقلت :
"والنعمة الشريفة، هو مش وحش.
جرب تقربله وهتعرف بنفسك."
رد بنرفزة:
"يا حبيبتي، ما أنا قربت...
أنا عيشت في بيتهم لغاية ما دخلت الجامعة.
أنا مش بتبلى عليه لما أقولك إنه واطي، متعصبنيش ."
" مش بعصبك، ومتنساش انك قولتلي بلسانك إنه كويس مع الكل إلا إنت، وأنا مصدقاك. وشايفة فعلاً إنه كويس مع الكل، وفي زعل بينكم، فليه إنت بالذات؟"
"معرفش..."
"طيب ما تجرب تسأله؟ مفيش حد هيكره حد من غير سبب."
"إلا هو! بيكرهني من غير سبب، ومش هسأله.
كرهه ولا حبه ميفرقش معايا...
كل اللي أنا عايزه منه، إنه يبعد عني وبس."
هما الاتنين مش وحشين، بس أنا ماكنتش فاهمة سبب الكره اللي بينهم.
والحقيقة إن بعد كلامنا ده، بقى عندي فضول أعرف ...
وكمان نفسي أصلح اللي بينهم.
بس كنت مش متأكدة إذا كنت هقدر فعلًا أعمل كده.
رقية
اتشديت لما رجعت الأوضة لقيت حمزة واقف عند الشباك، عينه ثابتة على الشارع وكأنه بيدور علي حد مش موجودة.
راح خجلي اللي كان مالي قلبي من اللي حصل امبارح، واتبدل بقلق، اسرعت اليه، وأنا متخيلة إن الراجل واقف تحت.
مديت راسي ناحية الشباك وسألته في وجل :
"في حاجة بره؟"
ارتاب من تصرفي ده بص لموضع عيني وبعدين التف ليا بكل جسمه وقال:
"لا... في إيه؟"
رجعت وقفت قدامه وقلت بلخبطة:
"أبدًا... أصلك أول مرة تقف كده، قلقت."
طالت نظرته ليا، كانت فيها شك وعدم اقتناع باللي قلته.
وبعدها تنهد ورجع يبص للشارع تاني. لعنت غبائي في سري، ولما جمعت شجاعتي قلت:
"معلش لو ضايقتك... أنا بس مش قادرة أتلم على أعصابي من يوم اللي حصل... والشباك مفتوح مش مخليني مطمنة."
بعد عن الشباك وقال في وهن:
"مفهوم... اقفليه علشان تطمني. يمكن لو فضل مفتوح يدخلوا يدبحونا أنا وإنتي."
سابني ومشي ناحية باب الأوضة.
إيدي كانت بتتمد له من غير ما أحس، كأني بلوم نفسي وعايزة أرجعه.
إزاي كنت غبية كده؟ مش عارفة بقول إيه، ولا حاسه بكلامي هيأثر فيه إزاي وانا بدعي ربنا يسترها ويعديها علي خير
لحقت بيه في المطبخ، ولقيا الكاتل محطوط في الكهرباء.
قربت منه وقلت بتردد:
"لما بتوتر مبعرفش بقول إيه. بس أنا... أنا بكون مطمنة وإنت موجود في البيت."
مردش ولا التفتلي، فقربت أكتر وقلت :
"أنا آسفة..."
شال الفيشة من الكهرباء، واتلفت ليا وقال بتنهيدة:
"رقية، كلمني بصراحة... في حاجة بتحصل أنا معرفهاش؟"
قلت بتلعثم:
"حاجة إيه؟ مش فاهمة..."
هربت من نظراته وقلت:
"أنا مش فاهمة إنت تقصد إيه... لو قصدك إني بعمل حاجة من وراك، أو إن سامح كلمني تاني، فـ لأ...
ولو هتفضل قلقان كده، أنا ممكن أريحك مني..."
قلبي كان بينبض بقوة من شدة الاضطراب اللي حاسة بيه، انتفضت لما حط ايده عليا ورجعني ليه.
استجمعت انفاسي بصتوبة وقلت:
" لو انت شاكك .. "
حط ايده علي بوقي سكتني وقال وهو بيهز دماغه بنفي:
"لا... مش سامح ولا غيره."
بعد ايده عني ف قلت
"أمال إيه؟"
قال باضطراب
"في حاجة غريبة بتحصل... وأفكار بتدور في دماغي. مش عارف أنا فاهم غلط ولا حقيقي أنا..."
كان صعب عليه يكمل، لكن أنا كنت فاهمة. كنت حاسة باضطرابه وخنقته، واللي غالبًا وراها أبوه... أو آبهاته الاتنين.
كنت عايزاه يتكلم، يقول اللي جواه، عشان أقدر أقنعه إنه غلطان.
قلت له:
"كمل... إيه اللي بيدور في دماغك؟"
"يمكن لو قلتلك... تفتكريني مجنون. أو يكون تفكيري صح، وتحاولي تطلعيني غلطان وبتوهم."
"أبدًا... هفهمك وهصدقك. ولو صح، مش هطلعك غلطان."
قال بخيبة:
"ممكن... بس أنا مش عايز حد يصدقني. ولو طلع تفكيري صح، مش عايز اللي يأكدلي...
أفضل يكدبوني ويقنعوني إني غلطان."
"أيًّا كان اللي بتفكر فيه... كل حاجة تمام. وإنت قلقان لوحدك."
سند نفسه على الرخامة، وساب إيدي وقال بوهن:
"مفيش حاجة تمام. أنا بمر بأصعب فترة في حياتي.
كل يوم بيعدي بخاف أكتر... وكأني بعيش آخر أيّامي، بالضبط زي ما كنت بحس في الفترة اللي قبل الفرح.
أنا بجد بقيت بكره الاهتمام، بيحسسني إن في حاجة غلط."
دموعي بدأت تتجمع في عيني، وقلبي بيتعصر من الحزن عليه.
بصلي وشاور عليا وقال:
"زي ما توقعت... في حاجة غلط."
"مفيش أي حاجة غلط! أنا بعيط لما ألاقي حد زعلان قدامي... حتى لو كان إنت."
ضحك وقال:
"حتى لو كان أنا..."
"آه... أنا مش بكرهك، بس برضه... محبش حد يكون زعلان قدامي."
مصدقنيش وفهم اني بهون عليه.
كانت عينه بتحكي عن الحزن الدفين والخوف اللي جواه.
ورغم كده، اعتدل في وقفته وتنهد وقال:
"ولا أنا بحب الزعل...
مبحبش أعمل عزا قبل ما الميت يموت، فـ ننسى ونفرفش لحد ما يموت."
وترني كلامه، وخوفني عليه اكتر ف قلت بنرفزة
"هو مين اللي هيموت؟! إنت بتتكلم كده ليه؟!"
حرك إيده على وشي وكأنه بيعجن وقال بمرح مصطنع يخفي خلفه الكآبة اللي هو فيها:
"اتكلم زي ما أنا عايز.
لما أتكلم من بوقك، اعترضي... في دقيق؟"
دفعت ايدي عنه قلت باستغراب:
"دقيق؟"
"آه، دقيق... مخليالي المطبخ من غير دقيق، هعجنك إزاي دلوقتي؟"
ضحكت وسط دموعي وقلت:
"عندك حق... نجيب واحنا راجعين."
"راجعين منين؟"
مسحت دموعي وقلت:
"نسيت بسنت..."
"آه... صح! كنت نسيتها فعلًا.
يلا، اجهزي... هوصلك."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روحنا سوا، وطول الطريق كنت ملاحظة إنه بيبص للشارع كإنه بيدور على حد بعينه.
افتكر إن الراجل نجح يلغبط دماغه تمامًا، وخلاه متوقع يشوفه في أي وقت وأي مكان... زي العفريت اللي بيظهر ويختفي فجأة.
ولما وصلنا بيت بابا، استقبلتنا بسنت، وشوفت الشفقة في نظرتها ليه وهي بتقوله:
– عامل إيه يا حمزة؟
بصلي كأنه بيأكدلي كلامه، وبعدها ابتسم بتظاهر وقال:
– الحمد لله... ألف مبروك يا عروسة.
قالت بنفس نبرة الشفقة:
– الله يبارك فيك، تعالوا اتفضلوا، بابا جوه.
حاولت أرميها بنظرة حادة عشان تاخد بالها من طريقتها في الكلام، بس من كتر شفقتها عليه، ما خدتش بالها مني.
دخلنا وقعدنا، وكملت كلامها معاه بنفس الطريقة.
كان قاعد بيطرقع صوابعه، ومع كل كلمة بتقولها، يرجع يبصلي ويبتسم بتظاهر.
شكله وجعني... تمنيت آخده ونمشي ونبعد عن كل الناس اللي ممكن تزود جواه الاحساس ده.
بس ازاي وانا كنت هزود شكه، فقرصت إيدها في الخفا عشان تسكت، لكنها كشفتني لما تأوهت بصوت مسموع.
خد باله، وبصلي وقال:
– بتسكتيها ليه؟ سيبيها، عادي... ما تشغليش بالك.
بإحراج قالت:
– آسفة لو بضايقكم... داخلة أعمل شاي.
قالتها ودخلت على طول. افتكر إنها زعلت أو يمكن ما فهمتنيش، وتخيلت إني قرصتها لسبب تاني.
بعد ما دخلت، قالي:
– بتسكتيها ليه؟ هي ما قالتش حاجة غلط، بتتكلم زي الباقيين.
قلت بجدية
– أنا بسكتها عشان بترغي كتير... معرفش الباقيين بيكلموك إزاي.
في اللحظة دي، خرج بابا وماما وجم عندنا، وقالت ماما بترحاب:
– حمد لله على السلامة يا ابني، نورت الدنيا.
ابتسم وقال:
– متشكر، حضرتك عاملة إيه؟
– الحمد لله يا حبيبي، بخير طول ما إنتوا بخير.
التفت لبابا اللي واقف جنبه، وبيحاول يتصنع عدم الاهتمام، كإنه هيقل من قدره لو رحب بيه زي أي ضيف، وقال:
– إزيك يا عمي؟
تحمحم وهو بيقعد، وقال من غير ما يمدله إيده:
– الحمد لله... اقعد واقف ليه؟
قعد، فوجه بابا كلامه ليا:
– عاملة إيه يا رقية؟
– الحمد لله يا بابا... حضرتك عامل إيه؟
– هكون عامل إيه وأنا بتقرطس!
استغربنا كلمته دي ف سبقتني ماما وقالت:
– ياااخويا على كلامك! الراجل يقول علينا إيه؟
حمزة ابتسم وقال:
– خد راحتك، قول اللي إنت عايزه.
بصله بطرف عينه، وبعدين بصلي وقال متجاهل كلامه:
– شوفتي أختك؟ عايزاكي إنتي بس اللي تروحي معاها! بتستغفلني البِت... وأمك تقوللي خليها ياخويا، عيال الأيام دي كلهم كده! عيال إيه وقلّة قيمة إيه يا ولية!
ضحك حمزة وقال:
– تستغفلك إيه بس يا عمي! وهي تقدر تعمل حاجة ورقية معاها؟
بعد ما خلّص جملته، بصلي بطرف عين، وكان متوقع إني أتنرفز بسبب الكلمة، بس العكس حصل... كنت مبسوطة إنه بيهزر وبيضحك وخرج شوية من حزنه.
ابتسمت، وقلت وأنا بقوم:
– أهو قالك... متخافش، معاها راجل! أي حركة، أي بسمة، أي كلمة، هقطعلك رقبتها وأجبها لك في الشنطة.
لمعت عيونه وهو بيبصلي، وارتبكت من نظراته، فصرفت عيني عنه فورًا.
بابا قال:
– بردو ما تروحوش لوحدكم
وتابع وهو بيأشّر على حمزة:
– لو لازم، خدوا...اا.. خدوا جوزك ده معاكم، أهو يقولوا معاهم راجل، مش رايحين لوحدكم مع راجل غريب.
#بسنت
فضلت واقفة في المطبخ متضايقة جدًا، وقلبي مولع نار، وبيني وبين نفسي بحلف إني ما هكلمه تاني، ولا حتى هسلم عليه.
دقايق وعدت، ودخلت عليا، شدتني من دراعي وقالت بنبرة توبيخ:
– انتي إيه؟ مبتحسيش؟
رديت بجفا:
– لأ، بحس. وأسفة إني غلطت وكلمت جوزك.
– كلمتي إيه وقرف إيه؟! نظراتك وصوتك كانوا بيصرخوا بالشفقة عليه
كشيت وبعبوس قلت:
– يا نهار إسود، والله ما كان قصدي، غصب عني... اصله صعبان عليا.
– ما يصعبش عليكي. هو تعبان لوحده ، باين مش إحنا بس اللي مشفقين عليه .
– حاضر، هاخد بالي... أنا آسفة، والمصحف ما أقصد.
تنهدت وقالت بضيق:
– أنا شكلي كده هقع في مشكلة جديدة.
– مشكلة إيه يا عملي الإسود؟
– صدام.
– ماله؟
– جه البيت، وقالي من ورا حمزة إنه لازم يكلمني ضروري... حاسة إنه هيرجع يسألني عن الكلام اللي سمعه.
– طيب ما تقوليله.
– اقول إيه؟ انتي مجنونة؟!
– آه، تقوليله علشان يعرف إن أمه حرباية وفاجرة.
– وبعد ما يعرف؟ والكلام يوصل لحمزة؟ هاكون استفدت إيه؟! لا مستحيل .
– ما يمكن ما يقولش!
– ويمكن يقول! لا، مش ممكن أتكلم... مش هقدر.
– خايفة عليه أوي كده؟
– ده أنا عايشة في رعب، ومش قادرة أخبي اللي جوايا وهو قدامي... لغاية ما هفضح الدنيا وهيعرف كل حاجة!
– ما افتكرتيش اللي عمله فيكي؟! ولا قلقتي وقولتي مش هخلف من راجل ابن حرام؟!
هتفت بعصبية:
– بسنت!!!
– في إيه يا بنتي؟ بتكلم عادي!
– متتكلميش! أوعي أسمع الكلمة دي تاني! مليش دعوة بأي حاجة عرفتها..
واضافت بحزن:
– ده أنا بقيت بحمد ربنا إنه عمل كده، وانجبرت أتجوزه. كان هيفوتني حاجات كتير حلوة.
ربت على كتفها وقلت بهدوء:
– ربنا يخليهولك، متزعليش... أنا ما قصدتش حاجة وحشة.
انسابت دموعها على خدها وقالت بصوت مخنوق:
– وأنا خايفة... والمشكلة إني مش قادرة أجمد قلبي وأقوله إني بحبه!
– ولحد إمتى يا رقية؟! يا بنتي الوقت بيعدي، خليكي عارفة إن لو لا قدر الله عرف قبل ما تعترفيله، انسي إن اعترافك هيبقاله قيمة معاه...
#صدام
كنت سايق العربية وبحاول أتوه اللي ماشيين ورايا، بس الغريب إنهم كانوا بيلحقوني كإنها قالتلهم: "مش مهم يشوفكم ولا لأ، المهم تفضلوا وراه."
في اللحظة دي، جالي اتصال من رقم غير مسجل.
رديت وقلت:
– مين؟
محدش رد، فكررت:
– مين؟
جاني صوت رقية، واطي وخايف كأن في حد جنبها ممكن يسمعها:
– أنا... رقية.
وقفت العربية وقلت:
– كويس إنك اتصلتي، كنت هتصرف واكلمك انا.
ردت بجفاف:
– عايز إيه؟
– عايز أعرف عرفتي منين إن بابا كان عايز يقتل حمزة؟ وبصراحة، مفيش داعي للف والدوران.
– أنا مقولتش إنه هيقتله... أنا قولتلك إن حمزة كان فاكر كده.
– بس هو فعلًا كان ناوي يقتله، دفع لواحد وجه الفيلا علشان يخلص عليه. يعني أنا دلوقتي بقيت عارف. فاحكيلي عرفتي منين واية اللي تعرفيه؟
– بقولك هو اللي قاللي، قاللي إنه كان متخيل إن باباه عايز يقتله وبس.
– طيب ولما أنا أكدتلك، متفاجئتيش ليه؟
– أتفاجيء ليه؟ أنا اللي المفروض أسألك هو كان ناوي يقتله ليه؟ وإزاي أنت ساكت؟!
– يقتله ليه؟! ما أظنش إنك محتاجة تسألي، يمكن تعرفي أكتر مني... وساكت؟ علشان مش عايز حمزة يعرف.
ولا أنتي ميهمكش يعرف ولا لأ؟
سكتت.
فقلت:
– أنا بقول إنك يهمك، وخايفة عليه... علشان كده ساكتة ومش عايزة تقولي اللي تعرفيه.
بس ولا يهمك، انا عندي مليون طريقة أكتشف بيهم الحقيقة...
أنا دلوقتي عايز منك خدمة تانية.
سكتت ثواني، وبعدين قالت:
– هي إيه؟
– أنا عارف إن جوازكم على الورق وبس.
وعارف إنك مش قادرة تحوليه لحقيقي، بس برضو عارف إن حمزة بيحبك ومتمسك بيكي.
– والمطلوب؟
– تسافروا شهر عسل.
مش عايزه يرجع، ولا يعرف أي حاجة عننا، غير لما أنا أكون عرفت الحقيقة كلها وحليت المشكلة، وهو هنا مضمنش ممكن يحصل اية .
سكتت.
فقلت:
– رقية، إنتي سمعاني؟
– سمعاك...
– لازم تعرفي إن حاجة زي دي لو عرفها، هتبوظله حياته.
وانتي بإيدك تقدري تحميه.
معاكي يومين تردي عليا، تقوليلي جاهزة للسفر ولا لأ.
وأنا هجهزلكم كل حاجة، من غير ما حد يعرف سافرتوا فين.
وهبعتلكم مصاريف تكفيكم سنة قدام.
سكتت تاني.
فقلت:
– مستني اتصالك.
قالت بهدوء:
– استنى...
– إيه؟
– خطوبة أختي كمان تلات أيام... بعد ما تخلص، هنسافر.
– المهم مش السفر، المهم سبب السفر.
أنا لما طلبت منه يسافر، شك فيا.
ولو إنتي طلبتي منه كده من غير سبب، هيشك فيكي أكتر.
رجعت لسكاتها.
فقلت:
– لما تقرري، كلميني... سلام.
قفلت السكة.
مكنتش متأكد إنها هتنفذ، لكن كان عندي أمل إنها تعمل كده من خوفها عليه.
رقية
بعد ما قفلت المكالمة، بعدت ودنها عن التليفون وقالت :
– معاه حق يا رقية... انتي لازم تكملي جوازتكم، حتي لو مكنش في مشكلة
شردت بتفكيري وسافرت للحظة اللي ممكن ده يحصل فيها.
مكنش في كره... ولا حواجز... بس الخوف.
الخوف اللي بيجي لأي واحدة بتعدي علي أول خطوة حقيقية في الجواز.
خدت نفس وبصيت لبسنت، وقلت:
– خايفة... مش قادرة أعمل كده، وهو سايبلي الحرية. إزاي أقول له إني عايزاه؟
ابتسمت وقالت لي بثقة:
– طالما بتحبيه، مش هيكون صعب عليكي. اسمعي مني... لما تروحوا، جهزي سهرة هادية، شموع، وأغاني هادية... وهو هيفهم لوحده.
– بردو صعب... كده هيعرف.
– ما يعرف! هو غريب عنك؟ ده جوزك! فاهمة يعني إيه جوزك؟ يعني كل حاجة مسموح بيها. متضيعيش وقت... لو بجد خايفة عليه.
قلت بتوتر:
– هحاول...
– يختاااااي هطق منك! يا بت اسمعي!.
لما تروحي البيت، البسي حاجة شفتشي تبين من البدع كلشي، واتمرقعي قدامه وهيهيهيهي، وسيبي الباقي عليه! وبإذن الله، هنباركلكم على العيل تاني يوم!
ضحكت وغصب عني ضربتها على بطنها بغيظ وقلت:
– اتكتمي يخربيت سفالتك! طيب والله بابا كان عنده حق لما قال بتقرطسيه!
***
روحنا المحل أنا وهو وبسنت وياسر.
ولما نزلنا، قربت مني وهمست في ودني:
– بقولك إيه يا طرقينا... أنا وختشيبي هنختار لوحدنا. انتي لفي في المحل واعملي هبلة، وخديه عند قسم قمصان النوم واللانجيري.
قرصت إيدها وقلت بغيظ:
– اتلمي يا جزمة!
– آااي غبية! امشي متجيش معانا... حمزة! خد مراتك، أنا وياسر هنختار لوحدنا، محدش يتدخل في اختياراتنا.
ضحك ياسر وقال:
– وده رأيي برضو.
حمزة ابتسم ابتسامة خفيفة، مجاملة ليهم، وسابهم يمشوا.
أنا قربت منه وأنا حاسة بكسوف بيقرص في القلب بسبب كلام بسنت... والأفكار اللي سابتهالي.
قلت له وأنا بحاول أخبي توتري:
– بت بايخة، بابا قالي متسيبيهاش، واهي بتبعدني عشان تاخد راحتها.
بص لهم وقال بهدوء:
– بيحبوا بعض ومبسوطين لوحدهم.
بصيت معاه لنفس الاتجاه... لكن كان في غيرهم.
ناس تانية... ماسكين إيدين بعض، بيضحكوا من قلبهم، ملامحهم مرتاحة.
الحقيقة
أنا حسيت بالنقص... مش لأني أقل، لكن لأني ما جربتش الشعور ده قبل كده.
عمري ما اتعلقت بإيد حد... ولا اتسندت على ضهر حد.
وبقيت بتمنى إني أعوض كل لحظة فاتتني معاه.
بصيت له تاني، وحاولت أتخيل اللي ممكن يحصل،
بس حتى التخيل كان بيخوفني.
ومع كده، حاولت أطرد الخوف، فقلت:
– عايزة أدخل أتفرج...
– ما قالتلك نبعد عنهم.
– هنشوف أي حاجة تانية..
ابتسم ابتسامة هادية:
– أوكي، يلا.
مد إيده، وشبك صوابعه في صوابعي، ومشي سابقني بخطوة.
كانت مسكت ايده دافيه وكلها احتواء.
أول مرة أحس إن إيدي دي في مكانها الطبيعي...
وتمنيت تفضل كده علي طول يمكن أقدر...
يمكن الخوف يختفي واتشجع للي جاي
#يسرا
طول الوقت قاعدة زعلانة والحزن ماليها، بتحاول تداري دموعها اللي بتنزل غصب عنها قدامي.
وكل ده لأنه ما سألش، ولا حتى اتصل بيها مرة من يوم ما جت.
أنا ماكنتش حاسة بالشفقة عليها،
بالعكس…
كنت عايزاه يزيد في بعده عنها، لحد ما تبعد هي كمان، وتسيبه، وتسيب له الدنيا كلها.
كنت بتمنى يتحرم من أكتر حاجة بيحبها… زي ما حرمني من بنتي قبل حتى ما أشوفها.
الموضوع بعيد عنها،
مافيش أي مشكلة بيني وبينها هي…
أنا مشكلتي معاه هو… وبس.
وبعد وقت من التفكير، وأنا بدور على كلام اقوله اكسر جوها اي أمل في رجوعه، كلام يخليها تشك حتى في وجود قلب ليه يحبها بيه قلت:
– متتعشميش… لو ما اتصلتيش، مش هيتصل.
هو كده حبه زي حب طفل للعبة جديدة… اختلفت عن اللي قبليها، خد غرضه منها، وقدمت ف رماها.
وطت راسها، وانسابت دموعها بغزارة، فكملت:
–بكرة تتعودي انا كنت زيك في الأول…كان مهتم، مش عايز يسيبني، بيقولي كلام حب، وبيغرقني في الغزل.
ولما خد غايته، وقدمت … سابني.
كان بيقعد قدامي، يخليني أستعطف منه اهتمام…
كلمة حلوة، أو حتى لمسة.
هو كده… عمره ما هيتغير.
هزت دماغها وقالت ببكاء:
– عندك حق…
أنا اللي كنت عبيطة، فاكرة إنه حبني، وإنه مش هيقدر يستغنى عني.
وحتى لو أنا بعدت… هو هييجي، ومش هيسيبني.
قلت ببرود:
– ولسه…
دي البداية، واللي جاي هيوجعك أكتر.
كنت شايفة كل كلمة بقولها بتعمل فيها إيه…
كانت بتخليها تفقد الأمل فيه، تموته جواها،
وكان بينطفي أي توهج للحب جوه قلبها.
#عيسى
مبقتش حاسس باي حاجة في جسمى …
الدنيا بتلف بيا، والأجواء حواليا ضبابية،
وبيعدي في دماغي مشاهد من حياتي… مشاهد عشتها،
بس مش واضحة، كأنها متكسرة أو مطموسة.
معرفش مر وقت قد إيه،
ولا إذا كانوا لسه بيضربوني ولا لأ،
ولا حتى عارف أنا عايش ولا ميت.
لحد ما فتحت عيني.
لقيت نفسي نايم على الأرض…
ودي كانت أول مرة من وقت ما ربطوني في الكرسي،
وكمان الأعور قاعد جنبي.
مررت بصري في المكان، لحد ما وقع على صدام اللي كان واقف بعيد عينه عليا ومستنيني افوق وبعدين طلب من الأعور يمشي هو واللي معاه،
ومشيوا وسابونا لوحدنا، مش مرتاح وعقلي بيقولي هيكمل عليك لوحده
ولكن جه قعد جنبي، ساكت…
وشه جامد، خالي من أي تعبير لا كلمني ولا حتي لمسني
قلت بصوت متعب، خافت،
يكاد يكون غير مسموع:
– جاي تشوفني… مت ولا لسه؟
رد بهدوء:
– قالولي إنك مت… جيت أتاكد بنفسي.
بس لقيتك لسه عايش للاسف
– وللاسف ليه احنا فيها خليهم يكملوا؟
– انت عارفني يا بحيري، أنا ضد مبدأ القتل…
بس عارف؟
دي أكتر حاجة مزعلاني…ليه مقتلش اللي يستاهل القتل زيك كان
– وضد ليه؟
ما انت قتلت ابنك في بطن أمه…مبقاش ليك مبدأ يا زعيم.
قال بهدؤء وكأن الكلمة مفارقتش معاه:
– على قولك…
قام، وقال:
– بس بردو مش هقتلك، مع انك كارهني يا بحيري، واخدني عدوك،
بس او فكرت شوية صغيرين …هتلاقي إن أنا اللي من حقي أكرهك... ولو قتلتك، مش هيكون عليا لوم.
بس أنا هطلع أحسن منك…وهرحمك من الضرب.
تقدر تمشي.
مشي، وسابني وانا مش عارف أكرهه،
ولا أقول عنده حق.
انا ليه معادية اصلا، علشان يسرا اللي مبصتليش وبصتله هو..
وبعد ثواني، جه الأعور واللي معاه،
ساعدوني أقف وقالولي هنخرجك،
ومجرد ما سابوني وقعت تاني... والدنيا ضلمت. ماحستش بحاجة،
غير وإني راجع تاني لنفس الشقة،
اللي هو جابهالي أول ما اشتغلت معاه،
والأعور جنبي… ولوحده.
بصيت له، وقلت بتعب:
– مين عرفكم العنوان؟
– الزعيم.
صدام
بعد ما وصلتهم الشقة، رجعت في طريقي للفيلا،
ولفت نظري نفس العربية ماشية ورايا،
ما سابتنيش لحظة…بس مهمنيش وسواء كملوا مراقبة أو لا،
أنا كنت هروح… يعني هروح.
رجعت الفيلا وقت المغرب،
وعند أول الشارع شفت عربية حسن واقفة
وهو كان قاعد جواها، ورحمة كانت معاه.
ولوهلة، خُيل لي إن إيده عليها ومقرب منها،
بس قبل ما ألحق أركز، شفتها بتخرج من العربية.
استبعدت فورًا الأوهام اللي في دماغي لان وبرغم كل حاجة كلنا عارفين ان حسن مش ممكن يزعل خاله بكلمة مش الا يحط ايده على مراته.
وكملت طريقي من غير ما أبصله.
وصلت الفيلا قبل رحمة نزلت من العربية،
ووقفت أستناها… كنت عايز أسألها عن سبب التأخير ده كله.
ولما وصلتني،
قالت ببهجة وحيوية:
– إزيك؟
– تمام، لسه راجعة؟
– آه.
– اتأخرتي؟
– آه، ما أنا روحت الجيم ولفيت شوية في المحلات.
– أهااا، بس شكلك مبسوطة؟
ابتسمت وقالت:
– شوية، أنا بحب الجيم ولما بروح بكون مبسوطة
- حلو.. امبسطي.
قولتها ومشيت خطوات، ففاجئتني كلمتها وهي بتقولي:
- على فكره يا صدام، حسن بيقول إنك...
مكملتش، ولكن شغلتني كلمتها. كنت عايز أعرف إيه جاب سيرتي بينهم، فرجعت بصتلها وقلت:
- إني إيه؟
فركت إيديها وقالت بتردد وهي بتقرب مني:
- بيقول إنك شخص كويس مع الكل، والكل بيحبك، بس مش عارف ليه بتكرهه هو بذات..
قلت بتعجب
- هو قالك كده بنفسه؟
- آه، كنا بنتكلم وسألته عن اللي حصل قبل كده، فقاللي...
تابعت بتردد:
- أضايقك لو سألتك ليه بتكرهه؟ هو نفسه بيقول إنك مش وحش، وحلو مع الكل، فـ ليه هو بذات؟
- غريبة، أول مرة أعرف إنه مهتم باللي ممكن اكون بكنه ليه. زائد إني ولا مرة سمعت إنه قال كويس مع الكل دي..
- ما أنا بقولك، سألته وهو قالي بالحرف إنك كويس مع الكل إلا معاه هو.. ولما سألته عن السبب، قالي ميعرفش. بس أنا عارفة إن مفيش حد بيكره حد من غير سبب... كلامي صح؟
هزيت كتافي بحيرة مصطنعة...
_ ممكن، بس هو فاهم غلط، أنا مبكرهوش ولا بحبه، أنا بس مليش في الهزار والضحك ولا جو الصداقة، يمكن فهم طبعي ده إنه كره ليه."
سكتت، كان في حاجة في دماغها ولكن مَقالتهاش، وبعدين قالت:
"ماشي، بس على فكره أنا لما عرفتكم انتوا الاتنين مشوفتش فيكم حد يتكره، حسن كمان جدع، واسأل عليه ياسين، هو أكتر واحد عارفه."
قلت بتهكم:
"طبعاً، عمي أكتر واحد عارفه، وأكتر واحد بيحبه، عمي مبيحبش إلا هو، واهو سايبك تخرجي معاه، ولما يشوفني بكلمك بيزعل..
كاميليا
سيبت البيت ورحت لعز في الشقة بعد ما أعصابي باظت من البيت واللي بيجرى فيه.
وبعد وقت، وإحنا مع بعض على السرير، سايبة نفسي ليه من غير أي تجاوب، زي الجماد،
مل وسابني ودخل الحمام.
لبست الروب وخرجت لعند البار.
مليت الكاس وبدأت أشرب مرة ورا التانية من غير توقف،
لجل إني أنسى اللي أنا فيه، وامحي الخوف من اللي جاي،
الخوف اللي منغص عليا عيشتي زي المسجون اللي مستني تنفيذ حكم الإعدام.
فلقيت عز جنبي بياخد الكاس مني وبيقولي:
– كفاية شُرب.
– خايفة أوي يا عز، ولادي بيضيعوا مني، وأنا مش عارفة أعمل إيه...
– مفيش حاجة هتضيع، ولادك كبروا وهيفهموا...
قلت بتقزز من هدوءه وعدم الامبالاة اللي دايمًا بيكلمني بيها:
– كبروا وهيفهموا فعلًا، بس هيفهموا إني خلفت ولد من واحد غير جوزي! وابنك هيعرف إنه ابن حرام. إحنا هنا مش في أمريكا، افهم بسرعة!
ورحمة اللي جابوك، علشان أنا على آخري.
تنهد بزهق وقال:
– فاميليا، بلاش عكننة، وانسي كل حاجة... الوقت ده ليا أنا.
– نص برودك يارب! أنا مش عارفة إزاي أعصابك في تلاجة كده...
تابعت بحيرة
_اه بس لو أعرف صدام عرف إزاي.
سكت، وسكوته شككني فيه، فبصيت له وقلت:
– تفتكر عرف إزاي؟
علق عينيه علي الكاس وقال
– مش عارف...
الشك دخل قلبي من ناحيته أكتر، قلت:
– أنت ملكش دعوة يا عز؟
قال بدهشة:
– ليا دعوة بإيه؟ وانتي تظني إني أروح لابنك وأقوله إن أبوه كان عايز يقتل حمزة؟ إيه اللي هستفاده؟
– يمكن حبيته يساعدك تاخد ابنك...
قال ببرود:
وانتي شايفة إنه هيساعدني فعلاً يا كاميليا؟
قلت بتحذير:
عارف يا عز ما يكون ليك يد في اللي بيحصل ده، وديني وما أعبد...
قال ببرود:
فاميليتي، ريلاكس يا حبيبي... أنا بحبك، ومعملش حاجة تضرك، وانتي عرفاني... ارجعي اشربي