رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الخامس والاربعون45 بقلم نجمه براقه

 رواية ابتليت بحبها بقلم نجمه براقه 
 رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الخامس والاربعون45 بقلم نجمه براقه
عيسى
القهر بعينه إن البني ادم يبقى ضعيف، وعاجز عن إنه يقتل اللي أهانه وضربه، وهو شايفه رايح جاي قدامه، بياكل وبيشرب في بيته، وكأنه قاعد في بيت أبوه.

وهو ده اللي كان الأَعور بيعمله قدام عيني، وأنا نايم على الكنبة، جسمي متكسر، ومفاصلي مفهاش مفصل راكب على التاني، ولا عندي القوة اللي تخليني أقوم أقتله وأخلص منه، ومن بروده واستفزازه.

وبعد ما أكل كل الأكل اللي في البيت، رمى جسمه على الكنبة، رفع رجليه على الترابيزة، وكباية الشاي في إيده، تكرع بصوت عالي زي الحيوانات وقال:

– يا عيني على الروقان! كباية شاي إنما إيه... عدالة! الشاي ده أحسن حاجة تحبس بيها بعد الأكل ده كله...

قلت له بتقزز:

– ومش مكسوف على دمك وانت بتاكل في بيتي؟!

قال باندهاش

– أتكِسف إيه يا جدع؟ هو فيه بين الإخوات الكلام ده؟

– إخوات؟!

قلت باشمئزاز، فنزل رجليه، وقال وهو بيشوح بإيديه:

– أيوووة... إخوات! الله!..

_ وهما الاخوات بيتقلبوا على بعض  يا ****

ضحك وقال

_ الحوجة مرة ياابن خالتي، أنا ضربتك علشان أكل العيش مر، وبعالجك وبونسك علشان الضفر عمره ما بيطلع من اللحم. إنت أخويا يا جدع، صلِي على النبي كده ورحرح!

رفعت له إيدي، وكان فيها ضفر خارج من اللحم من كتر الضرب والتعذيب اللي عذبوهولي، وقلت باشمئزاز:

– الضفر طلع من اللحم أهو يا أَعور، وإنت اللي طلعته... اطلع بره علشان مغلطش في اللي جابتك يا ***!

ضحك، وقال وهو بيميل لورا:

– يا راجل، ما يبقاش قلبك أسود! بيطلع تاني...

رفع كف ايده وقال: 

_ شايف الصباع المعوج ده؟ اتهرس في عركة، الضفر اتخلع وخضر تاني زي ما إنت شايف...

دمي شاط من شدة غيظي منه، دورت بعيني حواليا عن حاجة أضربه بيها...
كنت كارهه، وجوده قدامي مكنش بيزودني غير تعب فوق تعب جسمي.

#رقية

فتحت عيني الصبح وبصيت ناحية الكنبة اللي بينام عليها، وارتبت لما ملقتهوش.

– راح فين دلوقتي؟!

قولتها لنفسي، وأنا بشيل الغطا عني علشان أخرج من الأوضة وأدور عليه. 
وقبل ما أنزل من السرير، إيدي لمست حاجة على الجانب التاني منه...

التفت ورايا على الشيء اللي لمسته،
فكانت المفاجأة...
إني لقيته متسطح على ضهره جنبي، وبيدعي النوم، وحاطط دراعه على عينه، وشبح ابتسامة على وشه.

ابتسمت لمشاغبته، وكأني متعودة على حاجة زي دي.
معلّقتش ولا كلمته، وقمت من جنبه.
وفجأة مسك إيدي، حطها تحت خده، ونام عليها.

رجعت قعدت تاني مكاني، وروحت أبصله وأغرق في تفاصيل وشه...
وابتسامته ولعبه الطفولي رغم حجمه اللي محتل نص السرير.

حاولت بعدين أسحب إيدي براحة، لكنه زود تمسكه بيها، وقال:

– اششش، عايز أنام...

سكت، وسيبتله إيدي، ورجعت أتأمل وشه، لغاية ما فتح عينه.
وقتها درت وشي عنه، أخفي ربكتي بعد ما ظبطني متلبسه،
فجاني صوته بهدوء:

– خفت بالليل، فنمت جنبك...

كلمته شغلتني ف التفت ليه وقلت:

– وإيه مخوفك؟

تمسك بايدي اكتر وعدل خده عليها وقال 

– مفيش  بتلكك عادي.

قاومت ظهوري للضحكة، لكن لمعة عيني فضحتني، وقلت:

– طيب، ممكن تسيب إيدي علشان أدخل أتوضى؟

فضل محتفظ بيها تحت خده، من غير ما يرد، فتح عينيه وبصلي من غير رد، نظراته كانت ثابته على عينيا بشكل وترني...

شديت إيدي براحة، وقلت:

– سيب بقى...

تجاهل طلبي وقال بعد صمت قصير:

– الليلة دي منمتش لحظة واحدة...

– ليه؟

– مجنيش نوم... فكرت أصحيكي، بس صعبتي علي وانتي نايمة...

قلت بانشغال 

– في حاجة حصلت وانا نايمة وقلقاك؟

– لا... وحشاني بس...

دقّ قلبي بقوة، واستنيته يكمل، فتابع :

– عمرك حسيتي إن حد واحشك وهو جنبك؟

بادلته النظرات، وتمنيت لو أقدر أقوله إنه هو بيوحشني وهو قدامي...
إنه واحشني في اللحظة دي.. 

تمنيت يفهمني، ويفهم خوفي اللي بجاهد علشان أمحيه، علشان أقدر أقول اللي في قلبي ناحيته...

لكن في النهاية، مقلتش ولا كلمة من اللي حساها، وقلت: 

– هتلحق توحشني إمتى؟ ما إنت معايا في نفس الأوضة...

– ما إنتي كمان معايا في نفس الأوضة، وبرضو بتوحشيني...
طيب، انتي عارفة...

– إيه؟

– مع إنك أقرب حد ليا، وأهو ماسك إيدك...
بس عمري ما حد واحشني زي ما إنتي وحشاني دلوقتي...

كلامه هزني ولكن كان في رهبة وخوف من إني ارد. 
قلت: 

– غريبة! أول مرة أعرف إن في حاجة كده...

–  عارفة وحاسة، بس مش عاوزة تقولي...

خدت إيدي منه، وقلت:

> – وارد، يمكن يكون عندك حق، بس مش غريب،
معظم البنات مش سهل عليهم يقولوا اللي حاسين بيه..

ارتفع من نومته وقال بمكر

– يعني في حاجات حاسة بيها أهو...

تزحزحت عنه وقلت وانا بقوم

– ممكن... ليه لا؟
مبقناش أعداء زي الأول...
أفتكر العِشرة والعيش والملح خلوا في ألفة.
هقوم اتوضى علشان اصلي 

مش قادرة أستوعب إن بعد ما وصلنا لهنا، وواضح قوي إنه فاهمني وفاهم أنا حاسة بإيه...
ومع كده، مصمم يتعبني ويتعب نفسه في موضوع هينتهي بكلمة، ومبادرة منه... مرة واحدة.

#حمزة

وحشاني، وجوايا حاجة بتشدني ليها أكتر من الأول.
ومش مستني تيجي اللحظة اللي تجمعنا سوا،
بس كان اعترافها إنها بتحبني، وإنها عايزاني زي ما أنا عايزها،
هو الوحيد اللي هيرضيني بعد ما طلعت عيني شهور.

حتى لو هنكمل كام شهر كمان وإحنا "أخوات"، المهم تنطق!

ولما سابتني، رجعت بعد دقايق متوضية، وبدأت تدور على الإسدال اللي كان على الأرض ومخفي عن عنيها

قمت من مكاني، مسكته من جنب الكنبة،
رجعت مديته لها،
ومجرد ما مسكته، مسكت إيدها وجذبتها ناحيتي،
قبلت راسها بلطف، فبعدتني عنها وقالت بربكة:

– بتعمل إيه؟ أنا متوضية...

– سووو وات! وإيه يعني؟

– يعني مينفعش تلمسني وأنا متوضية! الوضوء يتنقض.. فهمت ليه سووو وات 

قلت بخبث:

– مين قالك الكلام الفارغ ده؟
أنا سمعت الشيخ بودني، بيقول البوس والأحضان لا ينقضوا الوضوء!

قالت باستهزاء، وهي بتقاوم ضحكتها:

> – يا سلام،  الأحضان والبوس ما ينقضوش الوضوء؟!
أمال إيه اللي ينقضه بقى؟!

عضيت على شفتي السفليه، وضيقت عيني، وأنا بميل عليها 
اتّسعت عينيها بصدمة، وبعدت عني، وقالت بتوتر:

– اية قلت الادب دي احترم نفسك!

ضحكت وقلت:

– أنا اتكلمت يا بنتي!

قالت بارتباك:

> – ايوة اتكلمت،  هصلي أحسن...

سابْتني، واستقبلت القبلة ورفعت إيديها وكبّرت للصلاة.

ولكن وقفت، غمضت عينيها، وتنهدت بضيق،
وبعدين نزلت إيديها تاني، وبصتلي، وقالت:

> – أستغفر الله العظيم..ربنا لا تؤاخذنا بما نسينا أو أخطأنا،
ربنا وإليك المصير...
هرجع أجدد الوضوء.

ضحكت غصب عني وفجأة اتحركت من مكانها، زقتني بغيظ
وخرجت وهي بتقلع الإسدال.

وبعد ما قدرت أبطل ضحك، رحت وراها، واستنيتها عند باب الحمام،
ولما طلعت وجيت أتكلم، قالت بتحذير:

> – متوضية!

حطيت إيدي على بقي، ووسّعتلها الطريق،
عقلي كان بيقولي: كمل...
بس حسيت إنه حرام، فسكت. ودخلت خدت دش.
ولما رجعت الأوضة، لقيتها قاعده على طرف السرير  وبتراسل حد على الموبايل 
ولما شافتني، وشها اتشد، بس موقّفتش كتابة.

والحقيقة؟
وجود تليفونها في أي مكان،
وخاصة لو كان معاها هي،
كان بيملاني بالشك، والفضول إني أدور وراها.

قربت منها وسألتها، وأنا بتصنع الهدوء:

– بتكلمي مين دلوقتي؟

بهُدوء، ورتني شاشة التليفون. شفت اسم بسنت
قلت وانا حاسس بالخزي لشكي فيها 

_ مجرد سؤال،  سلمي عليها.. 

_ حاضر 

بسرعة قفلت معاها، وجات عندي، وقالت بود وهدوء عكس اللي كانت فيه قبل دقايق:

– كانت بتطمن، وبتقولي عايزاني أروح لها بكرة بدري...

– مفيش اي مشاكل... ابقى أوديكي.

قولتها، واتجهت ناحية الدولاب،
طلعت لبس، وكنت لسة حاسس بحرج وبخنقة وعدم راحة بسبب البداية دي...

بدأت ألبس، وأنا بتجنب النظر ليها،
فقربت مني، وقالت بهدوء:

– التليفون على طول قدامك، وسايباه من غير باسورد،
لو لسه جواك قلق، تقدر تشوفه في أي وقت...
أنا مش هتضايق.

التفتّ ليها، وقلت :

– سوري يا رقية... أنا عارف إنك مش بتغلطي،
بس غصب عني، بلاقي نفسي...

قاطعتني بهدوء:

– من غير ما تبرر، أنا فاهماك. أي حد مكانك هينشغل.
وعشان كده سايباه هنا، تقدر تشوفه في أي وقت.

– خلصتي صلاة؟

قولتها بابتسامة هادية، بعد ما كلامها ريحني.
أومأت بالإيجاب،
فمسكت إيدها، وبوستها، وقلت:

– انتي عارفة إنك كل يوم بتخليني أحبك أكتر؟
ولا مش هشوف، ولا هدور وراكي...
أنا بحبك يا روكا،
وعارف أخلاقك كويس...

تحركت شفايفها في محاولة إنها تنطق باللي جواها...
استنيتها، وترقبت اللي هتقوله...
كان باين إنها بتجاهد علشان تقولها،
لكن في النهاية قالت بعبس:

– شكرًا...

ضحكت من غلبي، وقلت:

– العفو! ابقي تعالي كل يوم،  بنوزع لحمة،  روحي يا رقية متنقضيش وضوئي هصلي وهدعي عليكي.. 

_ نعم.. 

_ اقصد هدعيلك.... بالهداية.. 

ابتسمت وقالت 

_ ربنا يهدينا جميعاً

رقية

لما فتحت الموبايل لقيت صدام باعتلي، بيسألني إذا في جديد.
كنت برد عليه واقوله إن بعد خطوبة بسنت هطلب منه نسافر.
مكنش قصده يتدخل في خصوصياتي، لكنه سألني:
"وافقتي على الدخلة الاول ؟"

فباختصار جاوبته:

– "متشغلش بالك، اللي أنت عايزه هيحصل."

ولما دخل عليا حمزة، وشوفت الشك في عنيه، خرجت من الشات بسرعة وحذفته، وبعدين دخلت كتبت لبسنت وورتهوله، علشان أطمنه وأشيل من قلبه أي حاجة ممكن تزعجه.

وبعد كلامنا سوا، حسيت إني بحبه أكتر من الأول.
بقيت أستغرب إزاي ماكنتش قادرة أحبه كل الوقت اللي فات.. 

صدام 

كنت بكتب لرقية، ولما شفت عمي جاي ناحيتي، قفلت التليفون  علشان ميشوفش حاجة ولا يشك.
بس الظاهر إن تصرفي ده هو اللي شككه فيا، أو يمكن هو أصلًا عايز يشك، وكل تصرف بيشوفه زي ما هوا عايز يشوفه.

قعد جنبي وقال:

– وقفت كتابة ليه؟

قلت بلامبالاه لشك اللي في نبرته

– خلصت.

– وكنت بتكلم مين بقى؟

– فيروز.

ذم شفايفه وقال بتعجب مصطنع:

– آه فيروز... وهي فين؟ ما شوفتهاش من أول ما جيت.

– عند يسرا في الشقة التانية.

– فكرتني تصدق! عايز أعرف اللي حصل.

– في إيه بالضبط؟

– مش فاهم بتكلم عن إيه؟

قلت بضيق:

– فاهم، بس مش حابب أتكلم في حاجة.

حد من نظرته وقال 

– بس الموضوع ميخصكش لوحدك، دي فضيحة حصلت في البيت، وتخص حسن اللي أنا مربيه، فمن حقي أعرف.

قلت باستهزاء:

– وحسن اللي حضرتك مربيه محكلكش؟

قال بحدة:

– اتكلم بطريقة أحسن من كده، لما أسألك عن حاجة تجاوب، مش ترد بسؤال!

– أوكي، أنا دخلت الأوضة لقيت حسن ويسرا على سريري. أهو أديك عرفت. هتروح تحاسبه ولا هتدافع عنه زي كل مرة؟

– بس حسن بيقول إنه ماكنش حاسس بنفسه.

– مفيش مشكلة،  هو قال ماكنش حاسس بحاجة، وأنا بقول لقيتهم سوا. الباقي بقى يتوقف على حضرتك... تصدقني أو تصدقه.

قولتها بضجر وقمت، وقف قصادي وقال بتحذير:

– وقف عندك، أنا لسه مخلصتش كلامي.

– بس أنا خلصت، ومعنديش كلام تاني.

تحركت من مكاني متجاهل نظراته الحادة وغضبه اللي ملوش مبرر.

بس أنا كمان ماكنتش أقل غضبًا منه، واللي منعني إني أزود في الكلام هو احترامي ليه، ولأني متعودتش أعمل غير كده.

لكن قبل ما أبعد، حصل اللي أكدله شكه.
مرات عمي جت عندنا، وفي إيدها التليفون، وقالتلي:

– هي فيروز سافرت لأمها إمتى؟

– أمها؟

– أيوه، "مديحة" متصلة تسأل مالها، بتقول جاتلها الفجر وزعلانة.

الكلام وقع عليا كالصاعقة.
إزاي راحت من غير ما تقولي؟ ولوحدها؟ وكمان في نص الليل؟!
فزعتني فكرة إنها كان ممكن يحصلها حاجة... زي اللي حصل قبل كده ومكنتش لحقتها.. 

بصيت لعمي تلقائي، وكأني بدور على رد فعله لما يعرف إني حتى مش عارف هي فين، وأنا لسه بقوله إني بكلمها!

لقيته جاي ناحيتي، وبيقول:

– مش هي دي اللي كنت بتكلمها؟!

صرفت عيني عنه، وسيبته ومشيت ناحية العربية من غير ما أرد على مناداته، ولا على عصبيته.

طلعت من البيت وأنا بتصل بيها، لكنها كانت بتقفل.
فسيبت التليفون، ومشيت على طول في طريقي لبيت أمها في دمنهور. 
كنت بغلي من جوه، وبتوعدها بالعقاب على اللي عملته.

كنت فاكر إني هقدر، أو إن غضبي منها هيساعدني أعمل كده...
بس لما وصلت، وشوفتها، وشوفت دموعها، وفهمت سبب تصرفها،
كل غضبي تبخر في لحظة.

فيروز 

ما بطلتش سؤالات وتخبيط على الباب، لحد ما سمعت جرس البيت بيضرب...
وقتها بس توقف عن اللي بتعمله وراحت تفتح.
وبعد لحظات سمعتها بتزعق وبتقول:

– عملتوا إيه في بنتي؟!

قلبي خبط بين ضلوعي لما فهمت انها بتكلم صدام. 
قمت من مكاني حطيت ودني علي الباب علشان أسمع بيقولوا اية
لكن مفيش غير صوتها وهي بتزعق... وفجأة!

باب أوضتي خبط، وجالي صوته وهو بيقول:

– فيروز... افتحي!

اتملت عيني بالدموع، وصوتي اختنق، فكرر تاني:

– فيروز، بقولك افتحي...

قلت ببكاء:

– جاي ليه؟

– جاي علشانك... افتحي، هنتكلم.

فتحتله، وشفته قدامي... كان متعصبة ولكن عصبيته دي بدات بالتلاشي قدامي واحده واحده...
حاول يتكلم 
ولكن ماما كانت وراه بتزعق ومش مدياله فرصة،
ف زفر بضيق  ودخل وقفل الباب 

بعدت عنه وقلت :

– إيه جابك؟

– إيه جابك إنتي؟وازاي سافرتي من غير ما تقوليلي؟

– كده... أنا عايزة أطّلق. طلقني.

سكت
رجعت أكرر كلامي باصرار:

– بقولك طلقني! أنا مش عايزة أعيش معاك تاني.

سكت وبعدين قال بصوت مختنق:

– وأنا مش عايز حد غيرك. كنتي فاكرة إني مش عايزك وببعد بمزاجي؟ ومش فاهمة إني محتاج بس تمديلي إيدك...
يا خسارة يا فيروز كنت بقول انك الوحيدة اللي هتفهميني، حتى لو ما اتكلمتش.
راح فين كلامك عن إحساسك بيا؟ وعن إنك متقدريش تبعدي عني؟
ولا كله ده كلام لى الفاضى

وطيت راسي وبكيت، حسيت قلبي بيتعصر من الألم.
كنت عايزة أتكلم، أقوله إني كنت خايفة،
إني بس كنت محتاجة يطمني، بس صوتي اختنق،
ما عرفتش أنطق ولا كلمة سليمة.

فجأة، من غير ما يقول كلمة تانية، قرب مني وضمني لحضنه.

وقال: 

_ عمري ما اقدر استغنى عنك، انا بس مكنتش في حال يسمحلي اتكلم او افهمك حاجة 

خبيت نفسي بين ايديه وقلت ببكاء:

– أنا كمان... مبعدتش بمزاجي.
أنا خوفت!، كنت خايفة تعمل في زيها... وزعلت من نفسي علشان ملحقتهاش.

ربت على ضهري وقال بنبرة غريبة

– مقدر خوفك...
بس اتطمني، اللي خلاني أعمل كده في يسرا... عمره ما هيقدر يخدعني تاني.

#مديحة

بعد أكتر من نص ساعة وهما جوه، قافلين على نفسهم،
خرجوا... إيديهم في إيدين بعض،
ومافيش أي ملامح زعل على وش فيروز،
وكأن سحرها وبدل حالها من حال لحال!

تعلقت عينه عليّ ثواني،
وبعدين رفع إيدها باسها وقال ببسمة هادية:

– قهوتك وحشتني... ممكن تعمليلي فنجان؟

أومأت بالإيجاب وسابتنا ودخلت المطبخ.
ف قلت 

– ونبي مهزأة زي أمها... وخفيفة!

تجاهل كلامي، وعيونه كانت بتلاحق فيروز.
وبعد ما اطمن إنها دخلت، قرب مني وقال:

– عايز أتكلم معاكي 

– كلام إيه اللي بيني وبينك يا ابن كاميليا؟

–  تعالي في البلكونة، مش عايز فيروز تسمعنا.

دخلنا البلكونة وقفت قصاده، طبقت إيديا، وقلت بامتعاض:

– عايز إيه يا ابن كاميليا؟

– عايز أعرف إيه اللي حصل يوم ما بابا وقع؟
وإيه اللي كان بينكم؟

شهقت بصوت عالي:

– نعم!! إيه اللي كان بينا؟ إنت هتلبسني تهمة؟!

بص ناحية المطبخ، وبعد ما اطمن إنها مش جاية،
رجعلي وقال بخفوت:

– وطي صوتك، أنا مقصدش اللي فهمتيه...
أنا بس عايز أعرف ليه كنتوا زعلانين.

– ليه؟

– عايز أعرف...

– وهستفاد إيه لما أقولك؟

– هتستفادي إني هصدقك إنك ما مزقتوش من فوق!

قلت باستهزاء:

– يا حبيبي، وإيه اللي هستفاده برضو لما تصدقني؟
ده انت شرابة خُرد... شوخشيخة في إيد أمك!

كتم غيظه وقال بتنهيدة:

– مديحة، قولي إيه اللي حصل يوم الحادثة؟
وليه كنتي زعلانة من بابا؟

– لا كنت زعلانة منه، ولا يهمني.
أنا كنت عايزاه يسترجل بس، بدل ما أمك مسيطرة عليه.

– وكنتي عايزاه يسترجل إزاي؟
ادخلي في الموضوع على طول،
أنا كنت جايلك مخصوص حتى لو فيروز مجتش قبلي،
واطمني... أنا مبقتش شوخشيخة في إيدها.

قالها بتأثر... شكله عرف حاجة عنها.
وده خلاني مبسوطة شوية،
وقررت أحكي... بس بشرط:

– ماشي، هقولك... بس لو قولتلي إزاي شوفت داليا وهي بتهرب؟

– إنتي ليه مش مصدقة إنها هربت؟
ما إنتي كنتي عارفة إنها بتحب شاكر،
وهو بنفسه طلب منك توصليلها رسالة علشان يهربوا!

– حصل...
بس داليا زعقتلي وهددتني لو فتحت السيرة دي تاني قدامها،
مكانتش موافقة تهرب، كانت خايفة على أبوها وأمها وياسين،
فـ إزاي هربت؟

– هقولك إزاي... بس تحكيلي إيه اللي حصل.

– ماشي... هقولك.

بصلي بانصات، فـ قلت:

– إنت عارف إني كنت شغالة في بيت فياض من وأنا صغيرة؟...

– عارف...

_ انا كنت شايفه وسامعه كل حاجة بتحصل في البيت.
أمك لما اتجوزت أبوك كانت كرهاه كره العمى ومكنتش راضية بيه يقربلها.
وسمعتها أكتر من مرة بتتكلم في التليفون الأرضي قبل ما يكون في موبيلات.
كنت ساعات بتجسس وأسمع من السماعة التانية، وسمعتها وهي بتقول إنها بتكرهه وإنهم حرموها من اللي بتحبه عشان الفلوس... كان أبوها تقريبًا حبس واحد كانت بتحبه، ده اللي فهمته.

بس برضو مقدرتش تمنع نفسها عن أبوك كتير ورضيت بيه، وخلفوك.
وبعد كام سنة أمك اتغيرت، بقت تهتم بشكلها وتتزوق.
وكان بيجيلها اتصالات من أرقام أول مرة أشوفها، وهي مرة واحدة بس اللي سمعتها بتتكلم مع رقم من الأرقام دي.

قال بترقب:

– سمعتي إيه؟

– سمعتها بتقول إنها هتسيب البيت وهتطلق من زيدان ويتجوزوا.
أنا بقى فهمت الفولة، وعرفت إنها بتكلم حبيبها ده.
ولإنها كانت ولية قادرة، وأنا يتيمة مليش حد يحميني منها، بلعت جزمة في بقي وسكت.
وهي مشيت وغابت شهور عن البيت... كان أبوها وأمها ماتوا، ومحدش عارف هي قاعدة فين.

بس كانت تغيب وتتصل بأبوك، وتقوله طلقني ومش عاوزه منك حاجة... دي قالتله كمان متنازلة عنك انت ليه!"

وجعه الكلام، بس وجعه ده ما وجعنيش عليه... كان يستاهل، لأنه زيها.
وكملت من غير أي شفقة عليه:

– بس أبوك كان واخدها عِند ورفض يطلقها، وبعد شهور رجعت لوحدها.
ومن أول رجوعها وهي بتدوخ وترجع وتعبانة، وبعد أيام، مكملتش شهر وقالت إنها حامل...

ظهرت دموعه،
وأشارلي أكمل، فقلت:

– بس أبوك مصدقهاش. قالها إن اللي في بطنك ده مش ابني. قامت تزعق، وقالتله: "بتخويني؟"
وكانت هتقلب عليه الدنيا...ف قالها إنه هيعمل تحليل.. ولو طلع مش ابنه... هيقتلها. 
هي طبعًا رفضت تروح معاه، وهي حامل.
ومعرفش إيه اللي حصل بعد كده...
بس هو رضي...
لكن محبش أخوك ده.
مكانش يطبطب عليه حتى! وكأنه مش حاسس ناحيته بالأبوه
وهو ده اللي أنا كنت بقول لأبوك عليه،
لأنه كان فاكر إن مفيش حد سمع الكلام ده.

خانته دمعه من عينه وسقطت على خده غصب عنه
وابتلعت غصته في حلقه  وقال:

– ويوم الحادثة... إيه اللي حصل؟ 

– زي ما قولتلكم في الأول، دخلت لقيته واقع، بس كان لسة صاحي  وبيطلب مني ألحقه.

– وماما كانت فين؟

– كانت فوق.

– لما دخلتي كانت فوق؟

– لا... الحق يتقال، مشوفتهاش غير بعد شوية،
لما صرخت وجت تجري عليه. 
ومعرفش...
مش هقولك هي اللي وقعته،
مكنش بينهم مشاكل عشان تعمل كده... شوف، بقولك اية، مع إني بكرهها بس مقولش غير الحق...
واللي عيني ووداني شافوه وسمعوه.
ويااارب تطلع هي اللي وقعته وتروح في مصيبة وانت تتربا.

قال بجمود: 

– اسمه إيه اللي كانت بتحبه؟

– معرفش... مســمـعـتـهــاش قالت اسمه قبل كده.
وأديني قولتلك كل حاجة... قولي بقى...
داليا هربت إزاي؟

سكت شوية يبصلي بنظرات مش مفهومة...
وبعدين مشي من قدامي، ونادى على فيروز.

روحت وراه، وقلت:

– انت قولتلي هتقولي...

مردش عليا،
ورجع ينادى على فيروز. طلعت بصينية القهوة، خدها منها، حطها على الترابيزة،
ومسك إيدها... ومشي.
من غير ما يرد عليها...
ولا عليا.

#فيروز

شدني من إيدي ومشي، بقيت أسأله:
– في إيه؟
وهو ما بيردش.

لغاية ما وصلنا الفيلا، ولسه ساكت، ما نطقش بكلمة.
سابني في الردهة بالدور الأرضي، وطلع بخطوات ثابتة وسريعة لفوق ناحية أوضة أمه.
سمعت صوت الباب بيندفع بقوة وهو بينادي بأسمها. 
كان صوته بيرج البيت والغضب ماليه لسبب انا مقدرتش افهمه. 
ورجع بعد شوية ونادى على سحر. طلعت سحر جري من جوه وقالت بخوف

– نعم يا أستاذ صدام؟

– أمي فين؟

– معرفش، مرجعتش من امبارح...

غلف الوجوم وشه في اللحظة دي وكأنه مش عارف يعمل اية ولا يقول اية. 
وبعدها سابنا ودخل الأوضة.
روحت وراه، لقيت الحزن يحيط بيه زي ما بيحيط راسه بين إيديه اثناء جلوسه على حافة السرير. 

قعدت جنبه، مسحت على ضهره بحنية وفضلت ساكتة، لغاية ما رفع وشه، وشوفت الدموع مغرقة عينيه.

قال بوهن :

– كل حياتي طلعت كدبة... أنا أكبر مغفل في العالم كله

مسكت وشه بين إيديا، مسحت دموعه وقلت:

– إنت مفيش زيك، وكل حاجة مزعلاك ليها حل

بعد إيديا عنه، وقال بوجوم:

– مفيش زيي في الغباء يا فيروز. كل يوم بيمر بيأكدلي، لو عايزة تمشي... امشي.
اللي جاي مش هيعجبك.

– مش مهم يعجبني... المهم أكون معاك

#كاميليا

الراجل كلمني، وقالي إن صدام سافر دمنهور، فهمت فوراً إنه سافر لمديحة.

من زمان وهي بتلمّح إني عملت عملة، بس ولا مرة قالتها بصراحة، ومكنتش عارفة هي ممكن تكون عارفة أو سمعت إيه علشان تتكلم معايا بالشكل ده...

رجعت البيت، وسألت عنه، قالولي في الأوضة مع مراته. 
اندفعت ت
على هناك خبطت عليهم الباب بقوة، فتحتلي فيروز توجهت بعيني لداخل، لقيته واقف بيبصلي بنظرات جامدة فيها مزيج من الاستحقار والكره

دخلت وطلبت منها تخرج بره، لكن فضلت واقفة ما بتتحركش.
رمقتها بحدة وقلت 

_ قلت برا.. 

وطت دماغها ومشيت وانا رجعتله طالعته بحده وقلت 

– إيه وداك دمنهور؟

مردش بكلمه، في الوقت اللي نظراته ليّ متغيرتش،  
وترني وخوفني، فهزيت دراعه وقلت بغضب:

– اتكلم! إيه وداك دمنهور؟

بعد ايدي عنه وقال بجمود:

– فيروز راحت من غير ما تقولي... رحت أجيبها.

– وباصصلي كده ليه؟ لتكون مديحة قالتلك عني حاجة؟ يمكن طلعتني أنا اللي حدفت أبوك من فوق!

هز دماغه بنفي، وقال بهوان:

– تؤ، ما قالتش غير إنها ما وقعتهوش، هو وقع لوحده... وإنك انتي بتتبلي عليها عشان تمشيها من البيت.

هدؤئه كان غريب... ويخوف.
كنت حاسه إن ورا هدوءه ده نية بيحاول يخفيها عني علشان موقفش في طريقه. 

رعبني، ويمكن لو ماكنش ابني وواحد تاني سببلي الخوف ده... كنت قتلته من زمان 
لكن ماكنتش هسيبه أبدًا يضيعني.
لازم يهدى... ويبطل اللي بيعمله حتى لو هجبره يفضل في البيت وميتعاملش مع حد زي الاول 

#حسن

بما إني لوحدي في البيت، فكنت واخد راحتي في اللبس.
لابس بنطلون برمودا وبس. 
والفوضى حوليا في كل مكان؛ من ألوان، وأقلام، وكبايات، وأطباق، وتسالي، وأغاني على التلفزيون.

وسط كل ده، كنت قاعد برسم صورة ليا أنا ورحمة.
ومركّز جدًا عشان أظبطها وأخليها تشبهنا بالملي.
وبالفعل بعد ساعات من التركيز والمسح وتعديل النسب والتظليل بقت صورة مننا وخاصة هى اللي كنت مهتم برسمتها اكتر من نفسي 

في الوقت ده... الجرس ضرب وخرجني من تركيزي.
استغربت! مين ممكن ييجي؟
أنا مليش أصحاب بييجوا، ولا حد من العيلة كمان.

سيبت الإسكيتش على الكنبة، وروحت أفتح...
وكانت الفزعة لما لقيت خالي قدامي!
جسمي كله اتلبش، ورجعت فورًا وقلت بلخبطة:

– خالي! اتفضل... تعال... البيت متكركب... تعال.

مسكت الإسكيتش وعدد من الألوان، وجريت بيهم على جوه، حطيتهم على السرير بشكل فوضوي، عشان ألحق أرجع له بسرعة.

وعند وصولي لباب أوضتي، قابلني... وعينيه بتجول في الداخل وكأنه بيدور على السبب اللي وترني كده قدامه

ازدردت لعابي بصعوبة، وقلت وانا بمسك دراعه علشان نرجع :

–  تعال هنقعد في الصالون؟

بعد ايدي عنه وقال :

– اية اللي بيحصل هنا...

وقفت في طريقه وقلت بارتباك شديد:

– إيه اللي بيحصل، مفيش ...؟

 لا فيه  ،  وسع

 بعدني عن طريقه، ودخل وانا تبعته بعيني وانا حاسس ان دمي تجمد في عروقي... 
خلاص هيشوف الرسمة وهيعرف كل حاجة 
تعليقات



<>