
رواية ليلة القمر الأزرق الفصل الرابع4 بقلم دعاء سعيد
كانت نورين تزداد حيرتها فى كل ما رأت وسمعت من وقت أن استفاقت من نومها العميق الممتد لوقت غير معلوم لها ....
حيرتها فى.....
_ نسيناها كل ماسبق من عمرها وتذكرها فقط لإسم كل من حولها يدعونها بإسم غيره.....
_وتلك القلعة التى يخيم عليها الظلام ليل نهار ...
_وذلك الطعام الذى له نفس المذاق ....
_وعدم شعورها بألفة تجاه اى من أفراد العائلة التى تنتمي لها......
_وإصرار الملك ع تغطية وجهها خارج القلعة
وع الرغم من تلك الحيرة المتزايدة إلا انها قررت أن تتعايش مع كل مارأت وسمعت....
قررت أن تبحث ع سعادتها رغم اى شئ يواجهها....
فغيرت ملابسها فى غرفتها بعدما عادت من جولتها ...
وقبل أن تملى عليها وصيفتها ما تقوم به كسابق الأمر منذ ان استفاقت ...
ابلغتها هى انها تريد أن تلتقى وتجلس مع بناتها....
وبالفعل خرجت الوصيفة من الغرفة بعد أن ظهر عليها بعض التوتر من طلب نورين ...
ذهبت لابلاغ الفتايات برغبة والدتهن فى الجلوس معهن ....
ولم يمر الا وقت قصير حتى سمعت نورين طرقات ع باب حجرتها ....فاذنت للفتايات بالدخول ....
قابلتهن والابتسامة ع وجهها واذنت لهن بالجلوس ع الاريكة التى بالغرفة وطلبت من وصيفتها الانصراف .....
نظرت نورين للفتايات وكأنها تتاملهن...
فهن يشبهن إلى حد كبير صورة الملكة ناريز المعلقة ع الحائط وانعكاس صورة نورين بالمرآة.....
ولكن لماذا يرتدين نفس الثياب ولهن نفس التسريحة ...
بدأت نورين حديثها معهن ....
(((ازيكم حبيباتي....انا سعيدة جدا لإجتمعنا دلوقتى ....
معلش سامحوني مرضى أثر ع تذكرى لبعض الأشياء....
ممكن تذكرونى باسمائكم واعماركم...؟؟؟)))
ما إن أتمت نورين كلماتها حتى أسرعت الصغيرة بالرد وقد بدا عليها الفرح ....
(((انا نادين عندى سبع سنين ....)))
اتبعتها الوسطى قائلة...
(((وانا نورسين وعندى تسع سنين ...)))
اما الفتاة الكبرى فلم يكن يظهر عليها الفرح بل ع العكس كانت تبدو غير سعيدة برؤية نورين والحديث معها ...ولكنها اضطرت أن تجيبها مثل أختيها حتى لايبدو عليها الأمر....
فردت الكبرى قائلة...
(((اما انا فاسمى نارين وعمرى أربعة عشر عام ، يامولاتى ناريز......))))
تعجبت نورين من كلمات الفتاة الكبرى والتى كان يبدو عليها عدم المحبة والألفة ع الرغم من انها الابنة الكبرى التى من المتوقع أن تكون الأقرب لقلب أمها وان تكون صديقتها....
هذه الكلمات وطريقتها زادت شك نورين فى كونها ناريز....
أخذن نورين تحدث الفتايات بود فتسألهن عن هوايتهن وكيف يقضين أوقاتهن بالقلعة .....وماذا يتعلمن هنا !!!..وغيرها من الأسئلة الودودة ....
وبعد حديث طويل دار بينهن.....
سمعن طرقات ع الباب...فقد حضر الملك سلمان للاطمئنان ع الفتايات بعدما علم انهن مع نورين وكذلك لتبديل ثيابه استعدادا لمجلسه اليومى مع كبار رجال القلعة لمناقشة أمور القلعة والأراضي المحيطة التابعة لها والتى تحرسها وتهيمن عليها .....
فما ان دخل الغرفة حتى سأل الفتايات عن احوالهن...ومثل نورين رأى السعادة فى وجه الفتاتين الصغرى والوسطى...اما الكبرى فقد كانت تنظر له بشئ من الامتعاض .....
وبعد أن تحدث معهن ..طلب منهن الانصراف للاستعداد للعشاء بعد مجلسه ....
فخرجت الفتايات الثلاثة وما أن أغلق الباب والتفت الملك إلى نورين ....ليتحدث اليها ...سمعا طرقات ثانيا ع الباب ...
ففتح الملك الباب ..ليجد الصغيرة نادين تقف أمامه وتطلب الدخول ...فسمح لها ...
فما ان دخلت حتى نظرت إلى نورين مبتسمة قائلة....
(((نفسى تحضنينى يا أمى .......)))
فما ان أتمت جملتها حتى وجدت نفسها فى حضن نورين التى حملتها من شدة الحضن....
فما ان فرغت من حضن نورين ....
حتى التفتت إلى أبيها قائلة...
(((وحضرتك يامولايا...بقالك مدة مطنش اميرتك من ساعة مارجعت لك ملكتك...)))
فابتسم لها وحملها فوق كتفه واخذ يدور بها فى الغرفة وأصوات ضحكاتها تتعالى....
ونورين تنظر لهما وحيرتها تتزايد ....
كيف هذا الملك القوى غليظ الصوت والذى لم تراه يبتسم منذ أن استفاقت حتى وهو يقبل يدها كلما التقاها امام الناس...كيف تحول الى طفل يلعب مع طفلته
بهذا الكم من اللطف والبراءة!!!! .........
خرجت الفتاة من الغرفة بعد أن أنزلها والدها
وقبّل جبينها...
ونورين مازالت تنظر له فى حيرة جعلتها شاردة الذهن...ولكنها انتبهت ع صوته الأجش وهو يتحدث إليها...
(((الملكة مش ناوية تساعد زوجها فى تبديل ثيابة......؟؟؟؟))))
اضطربت نورين من غلظة صوته الذى كان منذ دقائق هادئ كالنسيم وهو يتحدث إلى صغيرته...
وفجأة تحول إلى عاصفة عنيفة وهو يحدثها ....
اقتربت نورين وهى تشعر بالخوف منه ....اقتربت لتساعده ...فأخذت تساعده فى خلع ازاره وحزامه الا انه فجأة ...صاح فيها...
(((كفاية كده يا مولاتي....الظاهر انك نسيتى ازاى بخلع ثيابى ..انا هخلعها بنفسى دون مساعدتك ....)))
وبالفعل قام بتبديل ثيابه بمفرده ...
ثم أخبرها انه ذاهب إلى مجلسه اليومى ....
فما ان انصرف ...حتى سارعت نورين بتبديل ثيابها وأخذت الشال الذى كانت تغطى به وجهها ...وخرجت متسللة فى طرقات القلعة دون أن يراها احد ...خرجت باحثة عن مرآة غير التى بغرفتها لتنظر بها ...
إلا انها لم تجد اى مرآة أخرى بالقلعة ....
ظلت نورين تسير فى الممرات حتى بلغت باب القلعة دون ان تجد اى مرآة أخرى....
ففتحت الباب ونظرت للخارج وهمت بالركض خارج القلعة بعد أن وضعت الشال ع وجهها............